روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثامن 8 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثامن 8 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية البارت الثامن

رواية أوهام الحب الوردية الجزء الثامن

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الثامنة

انتفض رامز ونهض من مكانه وهو يصيح بفزع ممسكا بالهاتف بصعوبة شديدة نتجت عن الصدمة التي تعرض لها بعدما أتاه هذا الاتصال:
-“هو إيه ده اللي اتحرق؟! إزاي وإمتى الكلام ده حصل؟!”
نظرت له داليا التي كانت تلاعب ابنها باستغراب وحاولت أن تستفسر منه عما حدث ولكنه لم يمنحها أي إجابة بل خرج بسرعة من المنزل دون أن يرد عليها.
وصل رامز إلى مخزنه الذي صار ركامًا وأحاط رأسه بكفيه دليلا على حسرته، فقد خسر البضاعة التي اشتراها بأموال طائلة في لمح البصر.
وقع بصره على جثث الحراس الذين لقوا مصرعهم في هذا الحادث المؤلم وهم يؤدون عملهم بمنتهى الأمانة.
قام المسعفون بنقل الجثث إلى سيارة الإسعاف، وحضرت قوات الشرطة وقامت بمعاينة موضع الحادث، ثم توجه أحد الضباط نحو رامز وسأله بنبرة جادة:
-“واضح جدا أن الحريق كان بفعل فاعل لأن فيه أثار بنزين والسؤال ليك يا أستاذ رامز، أنت ليك أعداء شاكك أن ممكن يكون ليهم يد في اللي حصل؟”
هز رامز رأسه بنفي وهو يشعر بحيرة لا يمكن وصفها؛ لأنه ليس لديه أعداء من الممكن أن يسعى أحدهم للقيام بهذا العمل الإجرامي من أجل تدميره.

 

استنكر رامز ما حدث لمخزنه وأخذ يتساءل بينه وبين نفسه عن هوية هذا المجرم الذي لم يكتفِ فقط بحرق المخزن بل تسبب أيضا في مصرع الحراس وهم لا دخل لهم إطلاقا في أي خلافات قد تكون موجودةً بينه وبين أحد المنافسين.
حرر رامز محضرًا بالواقعة وتمنى أن تعثر الشرطة على الفاعل الذي تسبب في تدمير حياته بتلك الطريقة البشعة.
عاد رامز إلى منزله في صباح اليوم التالي واستقبلته داليا بالتوبيخ والتقريع؛ لأنه قضى ليلته خارج المنزل ولم يكلف نفسه مشقة إخبارها بالمكان الذي كان موجودًا به.
صرخ رامز في وجه زوجته بعصبية أرعبتها وجعلتها تتراجع للخلف عدة خطوات:
-“ما تخرسي بقى، هو فيه إيه، من ساعة ما دخلت البيت وأنتِ عاملة زي الراديو مش راضية تفصلي وترحميني!!”
استكمل رامز توبيخ زوجته بقوله:
-“أنا مش عارف هلاحقها منك ولا من المصيبة اللي نزلت فوق دماغي إمبارح!!”
شعرت داليا بالقلق وهتفت بتساؤل وهي تقترب منه بحذر:
-“مصيبة إيه يا رامز؟! أنت لما خرجت إمبارح قدامي حاولت أسألك وأعرف منك إيه اللي حصل بس أنت مشيت من غير ما ترد عليا”.
جلس رامز وغطى وجهه بكفيه وهو يصيح بحسرة فقد انقلبت حياته رأسا على عقب وصارت جحيما بعدما بدأ يخطو أولى خطواته في طريق النجاح:
-“شقى عمري راح يا داليا، المخزن اللي كان فيه كل البضاعة اللي استوردتها اتحرق إمبارح وكل حاجة راحت في الحريقة”.
تابع رامز بمرارة وهو بالكاد يسيطر على الدموع التي تسعى للهطول من مقلتيه:
-“أنا مش عارف أعمل إيه يا داليا، فلوسي كلها راحت في غمضة عين ومش بس كده ده كمان أنا مش هقدر أسدد قيمة القرض اللي أخدته من البنك عشان أقدر أكمل فلوس البضاعة”.
لطمت داليا خديها وأخذت تضرب فخذيها وهي تصرخ بذهول:
-“يا نهار أسود ومنيل بستين نيلة، طيب وإحنا هنعمل إيه دلوقتي وهنعيش إزاي بعد ما خلاص فلوسك راحت وكمان بقيت مديون للبنك؟!”

 

هز رامز رأسه قائلا بقلة حيلة:
-“معرفش يا داليا، أنا مش قادر أفكر ومش عارف هتصرف إزاي عشان أقدر أخرج من المصيبة دي”.
تساءلت داليا وهي تشعر بغضب كبير؛ لأن زوجها صار فقيرًا معدمًا بعدما كاد يصير رجل أعمال فاحش الثراء:
-“طيب وإيه اللي خلى المخزن يتحرق؟! أكيد ده حصل بسبب إهمال الحراس المتخلفين اللي أنت وظفتهم”.
نفى رامز هذا الاتهام عن حراسه وأكد على حرصهم وأمانتهم وعدم إهمالهم بنبرة حزينة لأنهم خسروا حياتهم بطريقة بشعة لمجرد أنهم كانوا يؤدون عملهم:
-“مفيش ولا واحد من الحراس قصر في أداء مهمته بل على العكس دول دفعوا حياتهم مقابل لإخلاصهم ووفائهم”.
انحدرت دموع رامز الحبيسة أمام عيني زوجته التي انفرجت شفتاها بذهول:
-“كل الحراس ماتوا إمبارح في الحريقة اللي البوليس أكد أنها بفعل فاعل، كلهم راحوا وسابوا وراهم أولاد يتامى هيتبهدلوا من بعدهم بسبب شخص مجرم وحقير كان هدفه أنه يأذيني رغم أن أنا مليش أي أعداء في السوق”.
صاحت داليا بصرامة فهي لا يهمها أمر الحراس الذين فقدوا حياتهم أكثر من مستوى معيشتها الذي سيتردى بسبب الكارثة التي تعرض لها زوجها:
-“سيبك دلوقتي من موضوع الحراس وقولي هتعمل إيه في موضوع القرض اللي عليك وفي شركتك اللي يعتبر فلست؟!”
تنهد رامز قائلا بأسف وهو يزيل الدموع التي انحدرت من عينيه في لحظة ضعف تمكنت منه بسبب قسوة الكارثة التي لحقت به:
-“مفيش قدامي غير حل واحد هيساعد أني أسدد فلوس القرض لحد ما ربنا يقدرني وأقدر أقف على رجلي وبعدها هشوف موضوع الشركة”.
رفعت داليا حاجبيها هاتفة باستغراب:
-“وإيه هو الحل اللي أنت شايف أنه هيحل المشكلة دي؟”
اتسعت عينا داليا باستنكار بعدما بدأ رامز يتحدث ويشرح لها الطريقة التي ستساعده في تسديد جميع الديون التي تلاحقه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

عادت سمية من المستشفى إلى منزلها حتى تنال قسطا من الراحة وتوجهت نحو المصعد ولكنها وجدته معطلا فاضطرت إلى استخدام الدرج حتى تصل إلى شقتها.
أثناء صعودها إلى الشقة التقت بكريم الذي كان ينظر لها بنظرات أثارت بداخلها شعورا بالريبة ولكنها لم تتمكن من فك شفرات تلك النظرات بسبب شعور الحزن الذي سيطر عليها لما جرى مع أخيها.
-“حمد الله على السلامة يا مرات أخويا، ممكن أعرف أنتِ كنتِ فين من إمبارح؟”
رمقته سمية بازدراء وهتفت باستخفاف:
-“وأنت مالك أصلا بيا؟ هو كان فيه حد عينك وصي عليا؟! أنت ملكش حكم عليا ومفيش ليك أي صلاحية تخليك توقفني كده في نص السلم وتسألني عن المكان اللي كنت موجودة فيه”.
سمعت سمية صوت حماتها التي صاحت بصرامة:
-“كريم له كل الحق في أنه يسألك كنتِ فين لأنه أخو جوزك ولازم يكون رقيب عليكِ عشان نضمن أنك مش تحاولي تستغلي غياب مراد في أنك تمشي على حل شعرك”.
شعرت سمية بالإهانة عندما سمعت كلمات حماتها التي جرحتها وأقسمت أنها ستخبر مرادا بكل شيء وسوف تجعله يترك شقة شقيقه وينتقل برفقتها إلى مكان آخر بعيد عن عائلته.
كزت سمية على أسنانها وصاحت بغضب فهي لن تسمح لأي شخص مهما كان وضعه أن يقوم بإهانتها والتشكيك في أخلاقها:

 

-“أنا مش محتاجة يكون ابنك رقيب عليا لأن الحمد لله أمي ربيتني وعلمتني الصح من الغلط وكمان فهمتني أن مش هينفع أغلط في واحدة كبيرة في السن وخاصة لو كانت أم جوزي ولولا كده كنت قسما بالله مسحت بكرامتك بلاط السلم كله”.
كادت سمية تسترسل في الرد على حماتها المتغطرسة ولكنها تمالكت أعصابها وقررت أن تنتظر حتى يعود مراد من سفره فهي واثقة أنه سوف يضع حدا لأفعال ميرڤت.
أجابت سمية بضيق على سؤالهما وهي تتخطي كل من كريم وميرڤت:
-“أنا كنت في المستشفى عند أخويا اللي اتعرض لحادثة وكان هيروح مني لولا ستر ربنا وأنتم مفيش حد منكم فكر يكلف نفسه ويجي يطمن عليه بما أنكم نسايبه”.
وصلت سمية إلى شقتها وتركت العنان لدموعها بعدما أغلقت الباب على نفسها فقد شعرت في تلك اللحظة بأنها وحيدة وليس لها أي سند، فزوجها غائب، وشقيقها مصاب، ولا ينقصه أن يحتمل هموما إضافية فوق همومه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ابتسم عزام بعدما نجح في تسديد كرة الجولف في المكان المناسب لها وتمتم بتفاخر وهو ينظر إلى مساعده:
-“أهم حاجة يا مهاب عشان تقدر تحقق اللي في دماغك هو أنك تركز على الهدف وتحط خطة مناسبة قبل ما تضرب الكورة ولو مش عملت كده فتأكد أنك هتفشل ومش هتقدر تاخد اللي أنت عايزه”.
أومأ مهاب قائلا باحترام شديد أثار إعجاب عزام:
-“أنا هفضل دايما قدام معاليك تلميذ بيتعلم وبيستفيد من خبرة حضرتك”.
نظر له عزام وهتف بجدية بعدما ترك عصا الجولف من يده:

 

-“أنت أكتر واحد مخلص في رجالتي يا مهاب وده السبب اللي بيخليني مش بعتمد غير عليك في المهمات الصعبة”.
أطرق مهاب رأسه وأكد حديث رئيسه بقوله:
-“أنا خدامك يا باشا، شوف أنت عايزني أعمل إيه وأنا رقبتي سدادة، وزي ما أنت عارف أنا مش بسيب ورايا أي أثر”.
ابتسم عزام وربت على كتف مهاب قائلا بفخر؛ لأنه تمكن من تربية ابن عدوه اللدود وجعله ذراعه الأيمن الذي يطيعه ويفعل كل ما يأمره به دون أن يدري أنه يخدم الرجل الذي قتل والديه بدم بارد:
-“كلامك مظبوط يا مهاب وعشان كده أنا عايزك تخلص على أشرف الليلة دي لأن طول ما هو عايش هيشكل خطر علينا وده لأن لو البوليس أو رامز شكوا فيه وضغطوا عليه ممكن ساعتها يعترف علينا ويقول أن إحنا المسؤولين عن حرق المخزن وموت الحراس”.
أومأ مهاب بإيجاب مبينا اقتناعه بوجهة نظر عزام بشأن أشرف الذي من الممكن أن يتسبب في فضح أمرهما في حال تعرض لضغط واستجواب شديدين:
-“تمام يا باشا، أنا مش عايزك تحمل هم، اطمن خالص واعتبر الموضوع ده خلصان من دلوقتي، بكرة الصبح هتسمع خبر أشرف”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أخذ محمد يتذكر الحديث الذي دار بالأمس بين زوجته وشقيقتها وهو ينظر إلى هانيا التي تجلس أمامه وتعبث في هاتفها.
في هذه اللحظة ندم محمد أشد الندم لأنه تزوج بهانيا وانخدع بجمالها وأسلوبها الرقيق في الحديث ولم يركز على معرفة طريقة تفكيرها وهل هي تحبه مثلما أحبها أم أنها تزوجت به فقط حتى تغتر به أمام أصدقائها.
اكتفى محمد بالنظر إلى زوجته فقط دون أن يتحدث معها أو حتى يعاتبها؛ لأنه يعلم جيدا أنه أخطأ عندما تزوجها وعليه أن يحتمل نتيجة خطأه.

 

تظاهر محمد بالنوم عندما دلف وسام إلى الغرفة وأطرق أذنيه عندما سمع صوت وسام وهو يقول:
-“محمد عامل إيه دلوقتي؟”
قلبت هانيا عينيها قائلة:
-“أخد المسكن ونام بعد ما رفض يغطي كتفه ودراعه”.
صاح وسام أمام هانيا محاولا إقحام حديثه في رأسها المتصلب فهي مصرة على تخريب علاقتها بمحمد والبداية كانت عندما حاولت إجباره على ارتداء ملابس ثقيلة حتى لا تشاهد التشوهات التي نتجت عن الحادث دون مراعاة لحرارة الجو المرتفعة كما أنها لم تفكر في أن تلك الملابس سوف تزيد من ألم زوجها الذي لا يزال يحتاج إلى المسكنات حتى يحظى بقسط مريح من النوم:
-“جوزك بيحبك يا هانيا وأنتِ لازم تقفي جنبه في محنته وتكوني سند ليه وتخففي عنه مش تزودي همه، اعقلي يا حبيبتي وبلاش جنان لأن صدقيني محدش هيندم ولا هيدفع نتيجة تصرفاتك غيرك أنتِ وبس”.
هتفت هانيا باستياء والغضب يعمي عينيها من وقوف وسام في صف محمد وكأنه شقيقه وليس شقيقها:
-“وأنا ذنبي إيه أشوف المنظر ده قدامي طول النهار؟! أنا فاضلي شوية وهرجع من كتر القرف اللي حاسة بيه”.
وجد وسام نفسه يهتف فجأة بقوة دون أن يستطيع السيطرة على نفسه أكثر من ذلك:
-“قسما بالله العلي العظيم لو كنت متجوز واحدة زيك كده لكنت طلقتها بالتلاتة، أنتِ النهاردة أثبتِّ فعلا أنك بني آدمة عديمة الإحساس”.
لم يتصور وسام ولو للحظة واحدة أن محمدًا قد استمع إلى حديثه وقرر أن ينهي زواجه من هانيا في أقرب فرصة ممكنة بعدما أثبتت له مدى نذالتها وأنها لا تستحق التضحية التي قدمها من أجلها بعدما اكتشف علتها التي لا يستطيع أي رجل غيره التعايش معها بسهولة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

دلفت أمنية إلى المنزل وكادت تدخل إلى غرفتها ولكنها توقفت بعدما نادت عليها والدتها وأخبرتها أنها تريد أن تتحدث معها في موضوع مهم.
جلست أمنية أمام والدتها التي تنهدت لتتحدث بجدية:
-“بصي يا أمنية، أنا مش راضية نهائي عن الموقف اللي أنتِ عملتيه في المستشفى مع داليا وعيلتها ده غير أنك تجاهلتيهم في السبوع ورفضتِ تسلمي عليهم للمرة التانية ودي تبقى اسمها قلة ذوق وأنا مش ربيتك على كده”.
أغمضت أمنية عينيها و هي تصيح بانفعال:
-“اقفلي يا ماما لو سمحتِ الموضوع ده ومتتكلميش معايا فيه مرة تانية، أنا خلاص علاقتي بداليا انتهت من اليوم اللي قربت فيه من رامز وسرقته من خطيبته وأنا مستحيل أتعامل معاها بشكل طبيعي زي ما أي واحدة بتتعامل مع مرات أخوها”.
فغرت إلهام شفتيها و هي تهمس بتأنيب:
-“ماشي يا حبيبتي، بلاش تتعاملي معاها بس على الأقل لما تشوفي أهلها تسلمي عليهم مش كل مرة تعملي نفسك مش شايفاهم لأن كده عيب يا حبيبتي”.
ازداد انعقاد حاجبي إلهام قبل أن تقول بخفوت:
-“والموضوع ده اتكرر منك أكتر من مرة وعشان كده أنا قررت أتكلم معاكِ وأنبهك للنقطة دي”.
زفرت أمنية بضيق وقررت في قرارة نفسها أنها لن تستمع إلى نصيحة والدتها فهي لن تسامح داليا أبدا مهما حدث.
في هذه اللحظة دق جرس الباب فتوجهت أمنية حتى تفتح الباب واتسعت عيناها عندما وجدت أمامها رامزًا في حالة مزرية، فعيناه تحبسان بداخلهما الكثير من الدموع، كما أن علامات القهر ظاهرة بوضوح على وجهه.

 

أفسحت أمنية الطريق لشقيقها بسرعة حتى يدخل إلى الشقة فقد هالها الحزن والقهر المرتسمان على وجهه واللذان يدلان على أنه تعرض لصدمة قاسية لا يزال واقعا تحت تأثيرها.
-“مالك يا رامز، فيك إيه؟!”
تساءلت أمنية وهي تتبع أخاها للداخل ولكنه لم يجبها بل جلس أمام والدته ملتزما الصمت غير قادر على الحديث من قسوة الصدمات التي تعرض لها طوال اليوم.
كررت أمنية سؤالها منتظرة الحصول على جواب يفسر لها سبب هذا الحزن العميق الذي ينعكس على ملامح شقيقها، وبالفعل تحدث رامز بعد مرور دقائق من الحيرة ونظرات القلق المتبادلة بين كل من إلهام وابنتها:
-“المخزن اللي خزنت فيه البضاعة اتحرق كله وبسبب اللي حصل ده أنا خسرت كل حاجة”.
رفعت إلهام وجهها فجأة وهي تصرخ عاليا ضاربة صدرها معبرة بتلك الحركة العفوية عن الصدمة التي تملكت منها بمجرد سماعها لهذا الخبر الفظيع الذي كاد يُشِل حركة لسانها:
-“المخزن اتحرق إزاي يا رامز؟! بالله عليك تفهمني إيه اللي حصل بالظبط؟”
أخبرها رامز بكل ما حدث بداية من سماعه لخبر الحريق الذي نشب في المخزن ومعرفته أن الأمر لم يكن حادثا عرضيا وإنما كان جريمة تم التدبير لها بواسطة شخص مجرم نُزعت الرحمة من قلبه.
أغمضت إلهام عينيها هاتفة بتضرع وهي تذرف بعض الدموع مشاركة لابنها في حزنه:
-“لطفك يا رب، اللهم لا اعتراض على قضائك، حسبي الله ونعم الوكيل في اللي عمل كده في ابني”.
ربتت أمنية على كتفه هاتفة بأسف فهي تعلم جيدا أن شقيقها كان على وشك تحقيق حلمه وأنه لن يتمكن من تعويض تلك الخسارة التي لحقت به:
-“ربنا يكون في عونك أنت ومراتك يا رامز، بجد أنا مش قادرة أستوعب أن المخزن اتحرق والحراس اتقتلوا”.
أغمض رامز عينيه وأجهش في نوبة بكاء جعلت عيني والدته تتسعان بشدة لأن هذه هي المرة الأولى التي ترى بها ابنها يبكي بهذه الطريقة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

لاحظت جميلة شحوب وجه ابنتها والدموع الحبيسة داخل مقلتيها والتي كانت تعتقد في البداية أنها نتيجة للحزن على ما حدث لمحمد ولكن عندما دققت النظر وجدت نظرات ابنتها مليئة بالقهر.
هزت جميلة كتف سمية برفق وهي تتساءل بصوت خافت وتمنت ألا يصدق إحساسها بشأن السبب الذي جعل ابنتها تلتزم الصمت ولا ترغب في الحديث عما يجري معها:
-“مالك يا حبيبتي فيكِ إيه؟! شكلك مش عاجبني خالص من ساعة ما روحتي شقتك ورجعتِ منها، هو فيه حد ضايقك من أهل جوزك؟”
شعرت سمية وكأن والدتها قد تمكنت من قراءة أفكارها وعلمت بالاتهام الفظيع الذي وُجِّه لها على لسان كل من كريم ووالدته.
أشاحت سمية بوجهها وهتفت بهدوء ظنت من خلاله أنها ستخدع والدتها:
-“مفيش أي حاجة يا ماما أنا كويسة، كل الحكاية أن صعبان عليا أخويا واللي جراله”.
هزت جميلة رأسها غير واثقة من صحة حديث سمية، ولكنها لم تضغط عليها وتركتها بمفردها حتى تهدأ قليلا فهي تعلم أنها سوف تأتي إليها وتفصح لها عن كل ما يضايقها، وإذا ثبت أنه يوجد دخل لعائلة زوج ابنتها بهذا الحزن المرتسم على وجهها فهي سوف تجعلهم يندمون على هذا الأمر.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

عاد أشرف إلى منزله بعدما تم استجوابه في المديرية وتوجيه بعض الأسئلة له من بينها السؤال الذي تم توجيهه لرامز وهو إذا كان يشك في شخص معين من الممكن أن يكون هو المتسبب في هذا الحريق.
كانت إجابة أشرف هي عدم شكه في أي أحد ثم انصرف بعدما وقَّع على أقواله.
ابتسم أشرف براحة عندما دلف إلى الشقة وأضاء الأنوار ثم جلس على الأريكة يبتسم بسعادة؛ لأنه حصل على كثير من الأموال التي ستجعله رجلا غنيا يحصل على كل ما يريده وحينها سوف يتخلص من سطوة والد زوجته الذي يقوم بابتزازه بإيصالات الأمانة التي وقَّع عليها حتى يقترض منه مبلغًا من المال كان في أمس الحاجة له.
تفاجأ أشرف فجأة بشخص يكمم فمه ويقيد حركته وقبل أن يحاول تحرير نفسه شعر بنصل حاد ينحر عنقه بقسوة.
أخذت عينا أشرف تدور في كل مكان حوله وهو يشعر بألم شديد واستقرت نظراته الأخيرة قبل مفارقته للحياة على وجه مهاب الذي كان ينظر نحوه بابتسامة شامتة.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *