رواية وهام بها عشقا الفصل الثاني 2 بقلم رانيا الخولي
رواية وهام بها عشقا الفصل الثاني 2 بقلم رانيا الخولي
رواية وهام بها عشقا البارت الثاني
رواية وهام بها عشقا الجزء الثاني
رواية وهام بها عشقا الحلقة الثانية
انتفض قلبه بخوف وهو يسرع بالذهاب إليها وعقله يرفض تصديق أن تكون هي
فإذا كانت حقًا هي، فأين كانت؟
ومن فعل بها ذلك؟
لم يترك مكان إلا وبحث عنها فيه
ظل يتسأل والخوف يفعم قلبه
يتمنى أن تكون هي إذا كانت على قيد الحياة، وإن فارقتها يكفي أن يملي عينيه منها قبل ذهابها إلى الآخرة.
ظل على تلك الحالة حتى وصل إلى وجهته وأوقف السيارة وترجل منها مسرعًا إلى ذلك المكان فوجد بعضًا من رجاله محاوطًا إياها
فأزاحهم من أمامه ودنى منها يرفع الغطاء عن وجهها بروية وقلبه ينبض بعنف حتى اجزم ان الجميع قد سمعها
ارتعشت يده عندما ظهرت أمامه خصلاتها والتي تؤكد بأنها حلم فيغمض عينيه بألم لا يستطيع التكملة لكنه تحلى بالشجاعة ليكمل رفع الغطاء بريبة فيتنفس بأريحية وهو يغمض عينيه ويتمتم بكلمات غير مفهومة، فرغم أن الوحل لم يظهر ملامحها جيدًا إلا إنه أيقن بأنها ليست حلم.
نعم ليست هي فإن أخطأ نظره فلن يخطأ قلبه
نظر إلى رجاله يسألهم
_ مين دي؟
أجاب أحدهم
_ منعرفش يابيه احنا اتفاجئنا بيها واحنا چايبين العمال
نظر إلى مكان أصابتها فوجدها في الكتف الأيمن
دنى منها اكثر ليميل عليها ويضع يده على عنقها يتحسس نبضها ليجده ينبض بضعف فقال بأمر
_ خدوها للبيت الكبير بسرعة وشيعوا للدكتور عادل من غير ما حد يعرف لحد ما نشوف حكايتها ايه؟
لا يعرف لما شعر بالضيق عندما قاموا الرجال بحملها ووضعوها في السيارة، شعور غريب بداخله يحسه على منعهم من ذلك ويحملها هو لكن قضي الأمر
وانطلقوا بها إلى المنزل الكبير وذهب هو خلفهم وهو يتساءل من هي؟ وماذا تفعل بأرضه؟
وصلوا إلى المنزل وترجلوا من السيارة ليحملها أحدهم إلى داخل الملحق ويضعها على الفراش
دخل مهران خلفهم ونظر إلى هيئتها التي غلفها الطين من كل جانب وتحدث بأمر
_ ابعتوا لسامية وأم حسين ياچوا ينضفوها قبل الدكتور ما ياچي
انهى حديثه وخرج من الغرفة مندهشًا من أمرها
او بمعنى آخر أمره هو معها.
ما قصتها؟ ومن فعل بها ذلك؟
ولما ظهرت في ذلك الوقت وكأنه أختير بعناية
❈-❈-❈
أستيقظت ليلى صباحًا وهى تشعر بدوار حاد
فتحت عينيها بتثاقل لتجد أمجد يستلقي بجوارها يغط في النوم
تذكرت ما حدث بينهم أمس وكيف كان شديد القسوة معها جعلها تسقط مغشيًا عليها
هي تعذره وتعلم جيدًا أنها تمادت في التقصير معه لكن هو يعلم من قبل أن مهنتها حقًا متعبة وهي لن تستطيع التأخر عن واجبها
وكأنه شعر باستيقاظها إذا فتح عينيه ليقع نظره على محياها الذي يعشقه فتبسم بعشق وهو يقول
_ صباح الورد
رغم اندهاشها من تقلبه إلا إنها كعادتها معه تطوي صفحت أمس في الصباح الذي يليه
وابتسمت هي أيضًا لتتناسى كعادتها كل شئ بابتسامة واحدة منه وردت بحب
_ صباح النور.
تحسس وجنتيها وهو يسألها بلهجة دافئة
_ عامله ايه دلوقت؟
أومأت له بروية
_ الحمد لله احسن.
غمغم باعتذار وهو يبعد خصلتها ويضعها خلف أذنها
_ أنا اسف إن كنت زعلتك، بس صدقيني كان غصب عني و …..
قاطعته ليلى بأن وضعت يدها على فمه وقالت هي باعتذار
_ انا اللي بعتذر منك مش انت.
تنهدت بتعب وتابعت
_صدقني ياأمجد بيبقى غصب عني وبحاول على اد ماقدر اني اوفق بين بيتي وشغلي بس حقيقي غصب عني
أومأ لها بتفاهم فيكفي تلك الفرحة التي ستعم بيتهم الآن فسألها بمكر
_ بس غريبة مسألتيش أيه اللي حصل امبارح؟
قطبت جبينها بعدم فهم وتحدثت بريبة
_ عادي ياحبيبي ده كان ارهاق مش أكثر
تناول هاتفه من فوق المنضدة بجواره ثم فتحه وتقدم منها أكثر كي ترى بعينيها النتيجة
لحظات لم تستوعب فيها ما تراه بعينيها فتنظر إليه بخشية بأن تكون خاصة لشخص آخر ليومأ لها مؤكدًا
_ لما تعبتي امبارح دكتور عصام بعت دكتورة زميلتك وسحبت عينه وبعتتها المعمل، وعايزاكي تعدي عليها عشان تطمن اكتر.
كانت تنظر إليه بسعادة غامرة لم تختبرها يومًا
سعادة من نوع آخر بمذاق آخر وكأن الدنيا أصبحت بين يديها
كانت نظراتها تسأله وتطلب منه أن يؤكد لها وقد كان لها ما أراردت إذا أكد لها بعينيه التي تحتويها بحب جعلها تعاود إلى حضنه مرة أخرى وهي تقول بسعادة
_ مبروك ياحبيبي.
ضحك أمجد بسعادة مماثلة
_ الله يبارك فيكي ياقلبي
ابعدها عنه قليلًا كي يقول بثبوت
_ تعالي بقى نعرف بابا لأن الخبر ده هيفرحه اوي
أومأت له بسعادة لكن قالت بتردد
_ طيب ما نستنى نتأكد الأول من الدكتورة؟
_ هو ايه اللي ممكن يأكد لنا أكتر من التحليل.
نهضت من جواره وهي تقول بفرحة
_ خلاص هغير هدومي ونروح نفرحه معنا
❈-❈-❈
وقف أمام الغرفة ينتظر خروج الطبيب الذي بعث إليه بسرية تامة حتى لا يعرف أحد بالأمر
فما حدث أمر غريب لم يحدث من قبل في البلدة
عليها ان يتحرى و يعرف من هذه وما قصتها
خرج الطبيب بعد لحظات بوجه عابث فتقدم منه مهران يسأله بثبات
_ خير؟
هز الطبيب رأسه بنفي
_ مش خير أبدًا البنت لازم تروح المستشفى حالًا
زفر مهران بضيق وتحدث برفض
_ مينفعش وانا قلتلك الكلام ده قبل ما تاچي.
نظر الطبيب خلفه مشيرًا إليها
_ البنت لو استمرت هنا هتموت
نزفت كتير ومحتاجة نقل دم وامكنيات كتير مش متاحة هنا.
نظر مهران إليها من فتحت الباب وهي مستلقية على الفراش بسكون تام ثم تحدث بجدية
_ قلتلك مينفعش تخرچ بره المكان ده، ممكن اللي عملوا فيها أكدة يشوفوها ويكرروها تاني، عايز تنقذ حياتها ولا تسيبهلهم يخلصوا عليها تاني، هنا مهما كان آمان
وإن كان على الدم أو أي حاچة تحتاچها هتكون موچودة في ظرف دقايق.
هز الطبيب رأسه بيأس منه ثم دلف للداخل وأخذ عينة من دمـ.ـها ودون الأشياء التي يريدها وخرج إليه
_ العينه دي هتروح المعمل حالًا عشان نعرف نوع الفصيلة واللي على أساسها هنحتاج الدم
والورقة دي فيها كل الحاجات اللي مطلوبة؛ ده إن قدرت تجيبها
اخذ مهران الورقة بهدوء ونادى على أحد رجاله الذي أسرع إليه وهو يقول بطواعية
_ نعم چنابك
أعطاه الورقة وهو يقول بأمر
_ الحاچات اللي مكتوبة في الورقة دي تكون قدامي في ظرف دقايق والعينه دي تروح بيها المعمل
نظر إلى الطبيب وسأله
_ بتاخد وقت كتير؟
نفى قائلًا
_ لأ النتيجة بتظر في خلال دقيقة بس ده لو انا موجود مع الدكتور….
قاطع مهران حديثه
_ خبر الدكتور انها تخص مهران الهوارى.
أومأ الرجل
_ دقايق يابيه وهكون عندك.
اسرع الرجل بالخروج وعاد الطبيب إليها كي يفعل ما بوسعه لتطهير الجرح ووقف النزيف حتى عودتهم
جلس مهران على المقعد ليجري اتصالًا بأحد رجاله كي يتحرى عن الأمر في القرى المجاورة
عاد الرجل بكل الاشياء التي طلبها الطبيب مما جعله يندهش من وصولهم إليه بتلك السرعة لكن لا يهم الاهم من كل ذلك هو إنقاذ تلك الفتاة
نظر إلى نتيجة التحليل ليزم فمه بضيق فسأله مهران
_ خير إن شاء الله.
_ للأسف نوع الفصيلة دي صعب أوي تلاقيه.
عقد حاجبيه متسائلًا
_ ليه؟
رد الطبيب بضجر
_ فصيلتها o- يعني مش هتقدر تستقبل من أي فصيلة تانية إلا بنفس النوع.
حاول مهران التحكم في إنفعاله وقال بثبوت
_ أنا نفس الفصيلة اتفضل خد الكمية اللي محتاچها.
اندهش الطبيب حتى انه شك في الأمر بسبب اهتمامه بها فقال برفض
_ مينفعش لازم انت كمان تعمل تحليل عشان اتأكد إنك معندكش أي مشاكل.
زفر مهران بضجر من ذلك الطبيب الذي جعله يفكر في قتلـ.ـله والخلاص منه فقال بمصابرة
_ متقلقش اني زين والحمد لله.
هز كتفيه باستسلام
_ خلاص اتفضل معايا
دلف مهران الغرفة ليقع نظره عليها بعد أن قاموا بتنظيفها لتظهر تلك الملامح الهادئة التي تشبه كثيرًا ملامح والدته
دق قلبه بعنف وهو يدقق النظر أكثر في ملامحها وذلك الوجه الملائكي الذي يخطف الأنفاس.
استلقى بطواعية كما أمره الطبيب ومازالت نظراته مصوبةً عليها تلك العينين التي رغم أغلاقها إلا إنها تحمل سحرًا غريبًا يجذب من يراها، أبعد نظره عنها بصعوبة ونظر لسقف الغرفة وهو ويفكر في حلم
هل هي أيضًا وجدت من ينقذها ويعتني بها؟
عاد بنظره إليها
هل أيضًا وجدت من يخبئها ويحميها كما يفعل هو؟
أم لم يكن القدر منصفًا لها تلك المرة أيضًا وتركها لموتٍ أزهق روحه هو.
حلم التي تركته يقاسي عذاب الروح؛ والتي تحمله إثمًا لم يعد يستطيع حمله
اعتذر وجثى أمام قبرها يطلب منها العفو لكن ما من مجيب
وكيف تجيب من عاشت تحت سطوته وتجبره عليها
ولم تسلم منه يومًا
وقد كان الموت أرحم لها منه
انتهى الطبيب وطلب منه الخروج كي يقوم بدوره فيجلس هو في الخارج ينتظر من ستعيد إليه الروح بعودتها
ستخف من وطئت ذلك الحمل الذي اثقل كاهله وجعله ينزوي بعيدًا عن من حوله يعاني وحدة قاتـ.ـله لم يعد يستطيع تحملها
❈-❈-❈
على مائدة الافطار جلس الجميع يترأسهم عمران
الذي لاحظ الوجوم على وجه سارة
فسألها بهدوء
_ مالك يابنتي مسهمه أكده ليه؟
نظر إلى جاسر وتابع
_ ولا الولد ده مضايقك؟
نظر إليها جاسر وتحدث بغيظ
_ عاجبك كدة تسمعينا الكلام على الصبح؟
ضحكت سارة مما اثار غيظه منها أكثر وغمغم متوعدًا
_ حظك أني هفضل برة طول النهار بس لما أرجعلك.
تحدث جمال بحنو
_ محدش يقدر يزعلها وهي خابره اكدة زين.
نظرت إليهم بامتنان ولمحاولتهم إرضائها كي لا تشعر بشئ مما يدور بداخلهم تجاه أبيها
فقالت بامتنان
_ عارفه ياعمي.
تطرقت في المزاح وهي تنظر إلى جاسر بغيظ
_ بس في ناس كدة بتتوعد من تحت لتحت.
مدت قدمها كي تضغط على قدمه أسفل الطاولة بحدة جعلته يكتم انفاسه لكن عينيه توعدت بالكثير
فقالت جليلة وهي تنظر لجاسر بحب
_ جاسر مفيش منيه في الدنيا كلها بس انتو اللي بتاچو عليه.
سعد جاسر باطراءها له وقال بغزل مرح لجليلة
_ والنبي انت اللي مفيش منيك في البيت ده ياحاچة جليلة.
وكز سارة بذراعه وهو يقول بحنق
_ سامعة الكلام؟
نظرت إليه شزرًا وهمت بالحديث لكنها سمعت صوت طفلتها تبكي فنهضت من مقعدها كي تذهب إليها لكن وسيلة منعتها
_ خليكي انتي كملي فطارك وانا هچيبها انا خلصت الحمد لله.
اومأت سارة وعادت تتناول إفطارها وما إن خرجت وسيلة بالطفلة حتى أسرع إليها حازم ومعتز لاستقبالها
تحدث جمال بسعادة
_ نسيت اقولكم مصطفى ربنا رزقه بمالك، مراته ولدت امبارح بالليل.
أشرق وجه سارة بسعادة غامرة وقالت ببهجة
_ ايه ده بجد؟ يعني انا بقيت عمتو؟
نظر جاسر إلى فرحتها وقال
_ اللي خلاكي بقيتي أم مش هيخليكي عمتو.
تقدمت منهم وسيلة بعد أن تركت الصغيرة مع أعمامها وقالت بحبور
_ وانا عندي فرحة زيها.
انتبه الجميع إليها لتتابع هي
_ ليلى لسه مكلماني من شوية وبتقول انها حامل.
انشرحت صدورهم بفرحة عارمة لتلك الأخبار السعيدة وقالت سارة بسرور
_ يعني انا هبقى عمته وخالتو كمان
صحح لها جاسر
_ تقصدي مرات خالو مش عمته.
غمغمت بحنق
_ ايه مرات خالو دي، خالتو احسن.
أراد حازم اشعال غيظها أكثر وقال بمكر
_ والله انا شايف ان مرات خالو افضل من يقولك ياطنط.
اتسعت عينيها بصدمة كبيرة ونظرت إلى حازم لتقول بحنق
_ أنا طنط؟! ماشي ياحازم.
عادت إلى مقعدها لتقول بتوعد
_ كنت ناوية اكلم عمو وجدو النهاردة وأقنعهم انك تكتب كتابك على زينة الاسبوع الجاي بس خلاص جبته لنفسك
حمحم حازم بإحراج وقال بابتسامة ماكرة وهو يدنو منها ليجلس بجوارها
_ لأ طبعًا لا عاش ولا كان اللي يقول عليك طنط ياقمر انت، تصدقي بالله اللي يشوفك يقول عليكي أختي الصغيرة.
نظر إلى سيلا وتابع بمغزى
_ صح يا سيلا.
ضحك الجميع على مزاحهم الذي لم يكفوا عنه فتحدث جاسر بجدية
_ ايه رأيك ياجدي نزود فرحتنا ونكلم جدي عاصم على كتب الكتاب؟
أيد حازم بشدة
_ ياريت والله لأن البنت دي علمتني الادب مش راضية تكلمني في التليفون حتى، بتقول نصبر لما نكتب الكتاب الأول
أيد جاسر تصرفها
_ أحسن خليها تعلمك الأدب.
نهض عمران من مقعده وتحدث بتفاهم
_ اللي تشفوه، واني هكلم عاصم النهاردة ونحددوا الميعاد
اصبحت الفرحة اضعاف وأضعاف ولم يعلموا شيئًا عن ذلك المجهول الذي يخبئه لهم القدر.
❈-❈-❈
خرج الطبيب بعد وقت طويل وهو يشعر بالارهاق
وقد ظل مهران قابعًا على المقعد في صالة الملحق ينتظر خروجة وما أن رآه حتى نهض وتقدم منه ليسأله بثبات
_ خير يادكتور
تنهد الطبيب بتعب وتحدث بثبات
_ الحمد لله العملية نجحت طلعت الرصاصة والحالة مستقرة
انا علقتلها محاليل وهسيب الممرضة معاها
ولو فيه أي حاجة اتصل عليا فورًا.
_ يعني مفيش أي خطورة عليها؟
نفى الطبيب والذي ظهر عليه الإرهاق حقًا
_ الرصاصة كانت سطحية ومتركتش ضرر بس المشكلة كانت في الدم اللي فقدته والحمد لله قدرنا نعوضه.
شكره مهران وأمر أحد رجاله بتوصيله للمشفى وصعد هو إلى غرفته..
عاد إلى تلك الغرفة وعادت معه ذكريات من الماضي لا ترحم
سار بخطوات داخلها وكل خطوة لها ألف ذكرى أليمة معه، ولم يخطو داخلها خطوة واحدة نحو السعادة
السعادة؟!
تساءل مستفسرًا
عن اي سعادة يتحدث؟
هو لم يختبر السعادة يومًا ولهذا لم يسعى وراءها مطلقًا
منذ نشأته وهو يعاني من قسوة حارقة متعللين بقول
” لكي تصبح رجلًا”
نعم أصبح رجلًا لكن رجلًا بلا قلب
وقف أمام النافذة التي شهدت على عذاب والدته في حديقة المنزل يتذكر آخر مرةٍ عندما جاء أخيها كي ينقذها من براثينهم لكن كان للقدر رأيٌ أخر
إذ سقطوا في محيط الغدر الذي كان هدفه الإيقاع بهم
وقد كان له ما أراد.
لم تتحمل والدته القسوة التي عذبوا بها أخيها وهم يقومونا بتقيده في تلك الشجرة العتيقة بجوار نافذته وقاموا بجلده دون شفقة أو رحمة
مازال يسمع صوت أنينه وهو يحاول بصعوبة بالغة كتمها كي لا يرى نظرات التشفي في عين والده.
أما والدته فقامت بوداعه لتتركه في غيابت الجب وترحل هي بلا عودة
رحلت وتركته لمن سقاه القسوة حتى جعلها جزء لا يتجزء من حياته
قضى على براءته وصنع منه مثالًا للبغض والأنانية وأول من طالتها قسوته هي تلك البريئة التي عانت كما عان هو
لكن هي وجدت من زرع النقاء بداخلها وتمحي بحنانها قسوتهم الغادرة
أما هو فلم يجد سوى ذلك الجد الذي ضغط عليه كي يصنع منه سالم آخر
فانتهى كل شئ وأصبح وحيدًا لا يبالي بشئٍ سوى أن تسامحه وتغفر له ما بدر منه بحقها..
❈-❈-❈
فرحة عارمة ملئت قلب صابر عندما أخبره أمجد بحمل زوجته، لم يصدق أذنه للحظات كما لم يصدق حتى الآن بأن إبنه الذي فقد فيه الأمل يومًا
تزوج وسيصبح أبًا
نظر إلى ليلى بامتنان فهي سبب رئيسي لتلك السعادة التي افعمت قلبهم وقال بسعادة
_ ألف مبروك ياليلى يتربى في عزكم إن شاء الله
ردت ليلى بابتسامة عريضة
_ وفي عزك ياعمي إن شاء الله
جلسوا جميعًا بفرحة ملئت قلوبهم وتحدث صابر ببهجة
_ بالمناسبة السعيدة دي انا هطلع اعمل عمره، انا كنت ناوي الموضوع ده من فترة بس كنت مستني اطمن عليكم.
أومأ أمجد بتفاهم
_ إن شاء الله مع إني عايز اطلع معاك بس نخليها بعدين ونطلع كلنا مع بعض.
اومأ صابر
_ إن شاء الله أهم حاجة تاخد بالك منها كويس ومن أكلها، وخصوصاً أن شكلها اتعودت على أكل المستشفى وعايزاني أكون زيها.
ضيقت ليلى عينيها بشك وسألته
_ كلامك مش مريحني شكلك كدة كنت بتاكل حاجات غير اللي بسمحلك بيها؟
ضحك صابر وقال بخبث
_ ياريت بس أم سيد مش مطوعاني
دنت ام سيد لتضع المشروبات على الطاولة وغمغمت بغيظ
_ قوليلو ياست ليلى لإني سمعته من فترة بيكلم كريم بيه صاحبه وبيتفقوا على أكلة تقيلة في الحسين.
شهقت ليلى بعدم استيعاب وسألته
_ أكل تقيل وفي الشارع كمان ياعمي؟
نظر إليها صابر متوعدًا لها ثم تحدث بنفي
_ انتي هتصدقي الست الخرفانة دي، احنا كنا رايحين نحضر حلقة ذكر.
ساله أمجد بشك
_ حلقة ذكر ولا حلة كوارث
_ هي فين المعدة اللي تتحمل بس ياابني، هي ام سيد اللي سمعت غلط.
هزت ام سيد كتفيها بحيرة متمتمة
_ يمكن.
ثم عادت إلى المطبخ.
نظرت إليه ليلى بتحذير
_ عمي الكولسترول الفترة اللي فاتت دي نزل بأعجوبة ياريت تلتزم بالتعليمات اللي قلتلك عليها.
ضرب صابر بيده على ساقه وغمغم بخفوت لأمجد
_ كان لازم دكتورة يعني؟
_ النصيب ياحاج.
❈-❈-❈
في المساء
عاد مهران من ذكرياته القاسية على طرق الباب وصوت الخادمة التي تقف مرتعدة
_ الحق يامهران بيه.
تقدم مهران من الباب ليفتحه وصاح بها
_ في ايه يامخبولة انتي.
أجابت سامية بخوف وهي تحاول تنظيم انفاسها
_ أصل الممرضة بتقول إن البنت تعبت أوي ولازمن الدكتور ياچي يشوفها.
ازفر بضيق ثم أشار لها بالانصراف.
شعر بالقلق وأخرج هاتفة كي يتصل على الطبيب يخبره بما سمعه ثم نزل للأسفل
دلف الغرفة ليجد تلك الفتاة يتشنج جسدها بشكل عجيب حتى إن الممرضة لا تستطيع التحكم في حركت جسدها
الموضوع حقًا يدعوا للقلق
تقدم منها وهو يسألها بحدة
_ ايه اللي حُصل؟
نظرت الممرضة له بقلق شديد وقالت بخوف
_ ساعدني الأول نتحكم في حركتها دي لحد جسمها ما يهدى.
بتردد دام للحظات تقدم منها ومد يده إليها يحاول التحكم في رجفتها لكن ازداد قلقه عندما شعر بمدى حرارة جسدها مما جعله ينظر إلى الممرضة ويتمتم بحدة
_ حرارتها عالية اوي إزاي تسيبيها أكدة.
أجابت بخوف
_ ادتها خافض للحرارة بس مفيش فايدة والتشنج ده أكيد بسببها.
هدئت رجفتها واستسلم جسدها بارتخاء تام حتى ظن للحظات أنها فارقت الحياة
نظر إلى الممرضة بتوجس فطمئنته بهدوء
_ متقلقش الحمد لله عدت على خير.
ارتد للوراء كي يترك الممرضة تقوم بعملها واكتفى هو بالنظر لتلك المجهولة التي اقتحمت قلعته
ذلك الوجه الهادئ الذي يجعل من يراه يبث داخله راحة وسكينة لم يشعر بمثلها من قبل
لكن ماذا يخفي خلفه؟
ومن فعل بها ذلك؟
متى يستطيع الحصول على كل تلك الأسئلة؟
دلف الطبيب الغرفة وسأل الممرضة عن حالتها فشرحت له ما حدث
خرج مهران كي يترك الطبيب يقوم بما عليه فعله وجلس هو في الخارج
يتساءل هل هناك من يبحث عنها بقلب ملتاع كما بحث هو عن حلم؟
هل ما يفعله يعد خطأ كبير في حق قلبٍ يتلوى ندمًا كما يتلوى هو حتى الآن؟
أخرجه من شروده صوت الباب وخروج الطبيب
لينهض متسائلًا
_ ايه الأخبار؟
تقدم منه الطبيب وهو يعدل من وضع نظارته الطبية
_ للأسف الجرح ملتهب لأن التعقيم هنا مش زي المستشفى وبالتالي هايخد معانا وقت لحد ما يخف
أنا حاليًا عملت اللي باستطاعتي والباقي على ربنا.
خرج الطبيب من المنزل ليزفر مهران بتعب من تلك المعضلة التي سقطت فوق رأسه.
❈-❈-❈
في المساء عاد جاسر إلى غرفته في وقت متآخر ليتفاجئ بالغرفة مضاءة باضواء خافتة
وتلك التي امتلكت قلبه على حين غرة فيقع صريع هواها تتقدم منه وبكل خطوة تخطوها نحوه يدب رنينها في قلبه
ولما لا وهي نوره وشمسه وطريقه الذي لم يضلله يومًا
وكلما تقدمت منه كلما أقترب منه الهلاك حتى شعر بضربات قلبه تدب بعنف عشقًا لمعشوقته
ماذا ستفعل به أكثر من ذلك
تلك القصيرة التي تردي الخف العالي دائمًا كي تكون بمستواه فيدب رنينه في قلبه الحياة
توهجت عينيه الفضية بولعٍ وهي تجوب على ملامحها التي أصبحت قريبة منه
عينيها التي تصيبه بسهامها دون رأفةً به وهو لم يشكوا بل يطالب دائمًا بالمزيد والمزيد من تلك المشاعر التي تأخذهم إلى عالم لا يدخله سوى العشاق
رفعت وجهها إليه لتنظر داخل عينيه الفضية وتقول بخفوت ساحر
_ كل سنة وانت كل حياتي.
وضعت يدها على صدره تتحسس نبضات قلبه التي تنبض بعنف اسفل يديها حتى أجزم بأنها ستصيبه يومًا بسكتة قلبية
انفاسه التي تلفح وجهها الذي توهج بعشقٍ وهي ترى مدى تأثيرها عليه
وعينيه التي تجوب ملامحها الندية بعشقٍ أذاب احمال الدنيا عن كاهله
وخاصةً عندما اردفت بوله
_ حبيت المرة دي نكون لوحدنا ومن غير ماأعرف حد عشان اكون أنا أول واحدة تعيش معاها أولى لحظات السنة الجديدة
هام عشقه بها وقد أحاطها بذراعيه ليقربها اكثر إليه مأخوذًا بسحر تلك اللحظة التي كتبت بحروف عشقه الذي لم يرحمه يومًا
واستطاع أخيرًا إيجاد صوته ليتمتم بخفوت
_ بس أنتي كل سنة مرت فـ حياتي كنتي معايا فيها،
كنت بحس بروحك معايا
كنت عارف إنك موجودة بس بدور عليكي ومش لاقيكي.
رفع إبهامه ليتحسي وجنتها الناعمة وتابع غزلة
_سارة أحلامي كلها مكنتش بتخلى منك
صحيح ملامحك كانت مش واضحة بس كنتي انتي اللي فيها محدش غيرك
رفع يديه لتعانق وجهها الذي يعشقه وتابع همسه
_ عشان كدة اول ما شفتك قلبي دق بعنف وكأنه بيقولي هي دي اللي كنت بحلم بيها
نظر إلى عينيها التي تشبه بصفاءها لون القهوة واردف بوله
_ تهت في عينيكي اللي كلها حزن ومن غير ما اعرف سببه اقسمت جوايا إني همحي النظرة وهملى مكانها بالسعادة
صحيح موفتش بيها بس بحاول على اد مقدر اسعدك واعوضك عن أي لحظة….
وضعت أناملها على فاهه تمنعه من مواصلة حديثه الذي لا ينتمي للحقيقة بصلة
وكيف ذلك وهي اختبرت الحب على يديه هو وحده
_ انت عوضتني عن كل ثانية مرت عليا وانت بعيد عني مش بس جرح اتجرحته وانت بعيد
وضعت يدها على خده لتتابع بعشق جارف
_ انت عوضتني عن كل الدنيا كلها
لدرجة إني مبقتش بشوف ولا بهتم بغيرك
حاوطت عنقه بذراعيها لتريح رأسها على صدره الحاني وتابعت بعشق جارف
_احيانًا بحس إن الدنيا دي مفيهاش غيري انا وانت، حتى بنتنا بتكون خارجها
عينيه ديمًا رافضه تشوف غيرك
ضحكت بخفوت ارهقه وهي تبعد وجهها عنه قليلًا لتنظر إليه لتراه مازال مأخوذًا بسحرها
_ انا كتير أوي بنادي حازم ومعتز باسمك
بخاف اعملها مرة مع جدو
ضحك جاسر معها وتابع هو بصوته الرخيم وأنامله تتلاعب بخصلاتها
_ انا بقى اكتر بكتيـــر، حياتي كلها متركزة عليكي وعلى بنتنا وإني اعمل اللي يسعدكم ويخليكم مبسوطين.
اخذت يده بمرح وجذبته إلى تلك الطاولة الصغيرة التي وضعت عليها (( قطعة الجاتو ))
بشمعة مضاءة وقالت بمرح
_ يلا اتمنى أمنية وطفي الشمعة
جذبها أمامه ليحتضنها من الخلف ويستند بذقنه على كتفها ويغمغم بوله
_ امنيتي انك تفضلي في حضني على طول في كل سنة اطفيها فيها
يلا طفيها معايا
انطفئت الشموع لكن نور عشقهم أضاء الدنيا من حولهم
ووالتزمت افواههم الصمت لتتحدث القلوب بما لم يستطيع اللسان التفوه به
قربها إليها ليقبلها وبيثها شوقه، ألمه عشقه الذي عذبه وزهد المنوم منه لشهور طويلة
بثها بحبه سنفونية عشقٍ لا يعرف الرحمة وهي كانت تتشبث به كالغريق ولمَ لا وهو زوجها حبيبها الذي آسر قلبها ببراعة عاشق
ثم أخذها لجنته التي لا يقبل بداخلها بديلاً..
❈-❈-❈
كانت تهرول بأقصى سرعتها والذئاب التي تعدو خلفها ترهبها بشدة
تبحث عن مأوى يحميها لكن لا فائدة، تخطت حاجز لا تعرف عنه شيئًا سوى أنها صادفته في ركضها
لم تعد تستطيع المواصلة عندما شعرت بالانهاك لتسقط مستسلمةً لمصيرها
لكن ما صدمها أنها رآت الذئاب واقفة خارج الحاجز وكأنها دلفت منطقة محرمة على الجميع
تنفست الصعداء عندما ظنت لوهلة أنها دلفت منطقة أمانة لتتفاجئ أثناء نهوضها للمواصلة بذئب آخر يبدو اكثر شراسة عن من يسعوا خلفها..
نهضت بصعوبة وعين الذئب تنظر إليها بحدة أفزعتها، تحركت أقدامه لتدنوا منها فترتد هي بخوف للخلف، وكلما ابتعدت عنه كلما اقتربت من الذئاب الأخرى، من تركتهم خلفها ينتظر رجوعها ومن سقطت في حاجزة يدنوا منها، فأين الخلاص..
فتحت عينيها بخوف لتجد نفسها في مكان غريب لا تعرف كيف اتت إليه …..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وهام بها عشقا)