رواية كارمن الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم ملك ابراهيم
رواية كارمن الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم ملك ابراهيم
رواية كارمن البارت الثالث والعشرون
رواية كارمن الجزء الثالث والعشرون
رواية كارمن الحلقة الثالثة والعشرون
صمت قليلا واضاف بداخله:
– بس ده ميمنعش اني لازم اربيها من الاول وجديد.
غادر رشيد منزل الهواري ومعه زوجته في طريقهم للعودة الي القاهرة.
****
في المساء.
استضافت سهير بداخل منزلها عدد من رجال الأعمال وسيدات المجتمع في حفل صغير اقامته بمنزلها لكي تستطيع عقد بعض الصفقات معهم ويقبلون المساهمه معها في انشاء مشروع خاص بها بعد ان اقتربت الأموال التي حصلت عليها مقابل ورثها بارض الهواري على النفاذ.
جلست امامهم جميعا تتحدث بكل فخر عن الارض التي تملكها بصعيد مصر ويمكنها بيعها لإنشاء المشروع الخاص بها لكنها لا تفضل بيعها في الوقت الحالي حتى يرتفع سعر الارض اكثر.
عرض عليها احد رجال الاعمال المساهمه معها في هذا المشروع الذي تريد انشاءه. حاولت سهير إخفاء سعادتها وهي تستمع الي عرضه.
استمعت الخادمة الي صوت جرس الباب وذهبت لكي تفتح الباب.
دخل رجل لم تراه الخادمة من قبل وتحدث اليها:
– مدام سهير موجودة؟
نظر الي المنزل من الداخل وابتسم ساخرًا عندما رآى كل هذا الثراء التي تعيش به سهير من جديد، استمع الي أصوات كثيرة تأتي من الداخل. لم يعطي فرصة للخادمة للرد عليها وتقدم الي داخل المنزل وهو ينظر حوله ويبتسم بسخرية.
حاولت الخادمة منعه من الدخول لكنه تقدم الي الداخل حيث تجلس سهير مع ضيوفها غير مبالي لأحد.
انتفضت سهير من مكانها عندما رأته امامها، نظر اليها والي المنزل وتحدث ساخرًا:
– مصدقتش لما قالولي انك رجعتي ومعاكي كل الفلوس دي!
اقتربت منه سهير وهي ترمقه بغضب وتهمس له بصوت منخفض خوفً من ان يستمع اليها ضيوفها:
– انت ايه اللي جابك هنا؟ مش انا كنت خلصت منك وانتهينا.
غمز لها بطرف عينيه واردف:
– اللي بينا عمره ما ينتهي كده يا سوسو.
رمقته بشمئزاز ثم نظرت خلفها الي الضيوف بتوتر وتحدثت اليهم:
– انا بعتذر جدا منكم..
ثم نظرت اليه قائلة له بهمس:
– تعالى معايا نتكلم جوه.
اخذته معها الي احدى الغرف، نظر الضيوف الي بعضهم وتحدثت احدي السيدات اليهم بهمس:
– دا تقريبا جوزها الاخير اللي اتجوزته قبل ما تسافر.
نظر احد رجال الاعمال الي صديقه الذي عرض علي سهير المشاركه معها بمشروعها:
– انت اتجننت!!..انت عايز تشارك سهير سالم.. دي نصابه والبلد كلها عرفاها!
نظر اليه الاخر بمكر قائلا:
– وانت فاكر ان انا هشاركها فعلا.. انا كنت عايز اعرف بس ايه حكاية الفلوس اللي ظهرت معاها فجأة وفين الأرض اللي هي بتملكها دي يمكن نعرف نطلع منها بمصلحة.
تحدثت احدى السيدات:
– مفيش حد بيعرف يطلع من سهير بمصلحة.
تحدث رجل اخر:
– انا من رأيي كفايه كده وخلونا نمشي.
وافقه الجميع وقاموا لكي يذهبوا.
بداخل الغرفة التي تقف بها سهير امام هذا المتطفل الذي دلف الي منزلها دون استأذان، تحدثت اليه بصوت منخفض وهي غاضبه:
– انت ازاي تيجي هنا لحد بيتي وكمان من غير استأذان! ؟
اجاب عليها ببرود:
– هو في حد بيستأذن برضه قبل ما يدخل بيت مراته!
هتفت بغضب وهي تحذره بيديها:
– مراتك اللي انت سرقتها! وبعدين احنا اطلقنا من زمان خلاص.. بقولك ايه.. انت تبعد عن طريقي ومش عايزة اشوفك قدامي مرة تانيه والا هسجنك.
ابتسم ساخرًا وهو يمسك بيديها التي تشير اليه بتحذير واردف بمكر:
– براحة بس عشان ايدك الرقيقه دي متتكسرش.. انتي ناسيه ان انا اللي اقدر اسجنك!
نظرت اليه بتوتر وابتلعت ريقها بصعوبه، دفع يديها بعيداً عنه واضاف ساخرًا:
– خليكي حلوة كده يا سهير وبلاش نهدد بعض لانك اول واحدة هتتسجني انتي وبنتك لو حد عرف اللي انا اعرفه.
ابتلعت ريقها وتحدثت بتوتر:
– انت عايز ايه بالظبط؟
نظر حوله واردف بطمع:
– عايز نصيبي من العز اللي انتي عايشه فيه ده.
ضحكت ساخرة:
– عز ايه!.. دا كان زمان قبل ما انت تسرق كل فلوسي.
نظر حوله وتحدث بطمع:
– يعني ايه؟ اومال كل العز ده منين وازاي!؟
اجابة عليه بغضب:
– دا شئ ميخصكش.. ياريت ترجع مكان ما كنت وتنساني خالص.
ابتسم بسخرية قائلا:
– عايزاني انسى ايه بالظبط! انسى الراجل اللي بنتك قتلته وانا دفنته بإيدي ولا انسى اللي انتي عملتيه في جوز بنتك!؟
حملقت به بصدمة ثم ركضت سريعا الي باب الغرفة وفتحته وتأكدت من عدم استماع احد لحديثهما ثم اغلقت الباب مرة اخري وعادت اليه تتحدث اليه بصوت منخفض:
– انت اتجننت! انت عارف لو حد سمع كلامك ده هيحصل فينا ايه؟
ضحك ساخرًا:
– انا مفيش اثبات عليا.. انتي وبنتك اللي هتروحوا في ستين داهية لو انا قولت اللي اعرفه.
رمقته بغضب وتحدثت اليه بنبرة حادة:
– قول من الاخر انت عايز ايه وخلصني؟
جلس فوق احد المقاعد براحة ثم تحدث ببرود وهو يضع قدم فوق الاخري:
– انا محتاج فلوس.
اقتربت منه وتحدثت بغضب:
– وانا هجبلك فلوس منين؟ متتخدعش في كل اللي انت شايفه ده! الشقه دي ايجار وانا معيش حتى ادفع ايجارها الشهر الجاي!
ابتسم بسخرية قائلا:
– وبنتك.. برضه معهاش تدفع تمن سكوتي؟
نظرت اليه وفكرت بداخلها، لا تعلم ماذا حدث مع كارمن وزواجها من رشيد وفراج، صمتت قليلاً ثم تحدثت اليه بغضب:
– سبني كام يوم كده افكر واقدر اجهزلك مبلغ تاخده وبعدها مش عايزة اشوفك تاني.
ابتسم ببرود ثم وقف من مكانه قائلا لها:
– طب مفيش اي حاجة امشي بيها حالي دلوقتي.. الحكاية مقشفرة معايا على الاخر.
تحدثت اليه بصوت غاضب منخفض:
– قولتلك مش معايا اي فلوس دلوقتي.
حدق بها بصمت ثم نزع العُقد الذي ترتديه بعنقها في حركة سريعه، صرخت سهير وهي تضع يديها فوق عنقها بصدمه، ابتسم ببرود وهو ينظر الي العُقد قائلا:
– اهو امشي نفسي بيه لحد ما تجهزيلي مبلغ معتبر.
رمقته بغضب وهو يبتعد عنها ويخرج من الغرفة، لحقت به سريعا حتى لا يقترب من ضيوفها ويتحدث معهم. صدمت عندما رآت الخادمة تنظف وترتب بعد ذهاب الضيوف، اقتربت منها وتحدثت بصدمة:
– الضيوف راحوا فين؟!
اجابة الخادمة باحترام:
– مشيو يا هانم من شوية.
ضحك الاخر بسخرية قائلا لها:
– معلش يا سوسو.. خيرها في غيرها.
رمقته بغضب وهو يخرج من منزلها، وقفت تنظر حولها بغضب ولا تفكر في حل الان غير كارمن وارثها في الارض.
****
وصل رشيد ومعه كارمن امام البرج السكني الذي يمتلك به شقته التي تزوج بها كارمن منذ اربعة اعوام.
صعدت معه كارمن وهي خائفه منه وتتساءل بداخلها ماذا سيفعل بها بعد ان يغلق عليهما باب الشقه بمفردهما.
تقدم رشيد الي داخل الشقه وهو يحمل حقيبتها ويتذكر عندما اتى بها منذ اربعة اعوام بعد زواجهما وكان يحمل حقيبتها بنفس الطريقه.
دلفت كارمن الي الشقه وهي تنظر حولها بخوف وتوتر، اضاء رشيد الانوار واغلق باب الشقه عليهما بالداخل باستخدام المفتاح.
نظرت اليه كارمن بصدمة وارتجف جسدها بخوف قائلة بفزع:
– انت بتقفل الباب بالمفتاح ليه يا رشيد؟!
ابتعدت عنه خطوات الي الخلف وهي تنظر اليه بهلع وتضيف:
– انت هتموتني بجد ولا ايه؟
استغرب كثيرا من حديثها وخوفها الشديد منه وحاول الاقتراب منها قائلا:
– انتي شايفه ان اللي عملتيه فيا يستاهل اني اموتك؟
بكت بخوف واجابة عليه وهي تبتعد عنه وجسدها يرتجف بقوة:
– كان غصب عني والله يا رشيد.. انا اسفه.
جن جنونه وهو يهتف بها صارخًا:
– انتي بتجننيني بكلمة اسفه دي! نفسي تنطقي وتقولي انتي اسفه علي ايه؟ انتي ليه عملتي فيا كده؟!
بكت بخوف عندما اقتربت من الحائط ولا يمكنها الرجوع الي الخلف والابتعاد عنه اكثر. اقترب منها وهو يضيف:
– اتكلمي يا كارمن.. انتي كنتي فين طول الاربع سنين اللي فاتوا؟ ايه اللي حصل معاكي؟ قولي اي حاجة وانا هسمعك للاخر.. عرفيني انتي ليه عملتي فيا كده؟ في حد خوفك؟ حد هددك بحاجة وانتي خايفه تقوليلي؟!
هزت رأسها بخوف وهي تبكي واجابة بهلع:
– انا معملتش حاجه.. صدقني والله انا مليش دعوه بكل اللي حصل.
اقترب منها اكثر وامسك بذراعيها بقوة قائلا:
– طب مين اللي عمل فيا كده وانتي ليه اختفيتي وروحتي فين؟ وليه روحتي تزوري سعد بشار؟ انتي تعرفيه منين؟ هو اللي خوفك وهددك تعملي فيا كده؟
كانت تبكي بخوف وهلع وهو يمسك بذراعيها ويضغط عليها بقوة ويريد معرفة الحقيقه. لم تتحمل ضغطه عليها وسقطت بين يديه فاقدة الوعي من شدة الخوف والتوتر. خفق قلبه من شدة الخوف عليها وحملها سريعا الي غرفة النوم ووضعها فوق الفراش وهو يربت علي وجنتيها بقلق وينطق اسمها بلهفة وهي لا تستجيب له.
اخذ هاتفه سريعا وتحدث الي طبيب العائلة وطلب منه سرعة الحضور الي شقته. ثم اغلق الهاتف وجلس بجوارها وهي فاقدة الوعي ثم عانقها بقوة وهمس اليها بندم علي ما فعله من ضغطه عليها:
– انا اسف.
****
بعد ساعة كان الطبيب بداخل الغرفة يقوم بالكشف علي كارمن ورشيد يقف بجواره وينظر اليها بحزن.
اعطاها الطبيب حقنه وانتظر بعض الوقت حتى تستعيد وعيها. سأله الطبيب ماذا حدث معها حتى تفقد الوعي؟ تأملها رشيد بحزن واجاب عليه:
– كان في مشكلة بينا واتعصبت عليها شويه وفجأة لقيتها وقعت بين ايديا.
تحدث الطبيب وهو يحاول مساعدتها علي استعادت الوعي:
– هي دايما بيغمى عليها كده ولا دي اول مرة؟
اجاب رشيد:
– لا مش اول مرة.. هي دايما بتفقد القدرة علي الحركة كل ما بتتعرض لأي خوف او توتر وللسبب ده انا كنت ناوي اعرضها على دكتور نفسي بكره ان شاء الله.
أومأ الطبيب برأسه بتفهم وتابع تحرك رموش عيناها وهي تستعيد الوعي ببطئ، تابعها رشيد بلهفة، تحدث اليها الطبيب بهدوء لكي يجذب انتباهها اليه وتعود الي الوعي:
– مدام كارمن.. سمعاني؟
فتحت عيناها ببطئ وهي تستجيب اليه وتعود الي الوعي، اقترب منها رشيد وتحدث اليها بلهفة:
– كارمن .. حبيبتي انتي كويسه؟
نظرت اليه ثم نظرت الي الطبيب وهمست بصوت منخفض:
– انا فين؟
تحدث اليها الطبيب:
– مدام كارمن قوليلي انتي حاسه بإيه دلوقتي؟
نظرت اليه واجابة بصوت منخفض:
– مش حاسه بأي حاجة.
حدق بها الطبيب بدهشة قائلا:
– يعني ايه مش حاسه بأي حاجة؟
تابع رشيد الحديث بينهما بقلق وخوف عليها، اجابة علي الطبيب بتعب:
– مش حاسه بأي حاجة.. مش حاسه بجسمي كله.
حدق بها الطبيب بصدمة وتحدث:
– طب ممكن ترفعي ايدك كده!
اغمضت عيناها وفتحتها وهي تجيب عليه بتعب:
– مش قادرة.. حاسه ان ايدي تقيله اوي وكل جسمي مش حاسه بيه.
نظر اليها رشيد بصدمة ثم تبادلت النظرات بينه وبين الطبيب بدهشة. اخذه الطبيب وخرج من الغرفة ليتحدث معه بعيدا عنها:
– لازم دكتور متخصص يشوفها ضروري.. انا هرشحلك دكتور كويس جدا وقدر يعالج حالات كتير مشابها.. بس اهم شئ بلاش تضغط عليها او تزعلها في اي حاجة لحد ما الدكتور يشوفها.
تحدث رشيد بقلق:
– انا ممكن اسفرها تتعالج خارج مصر لو هيكون هناك افضل لها؟
اجاب الطبيب:
– الدكتور اللي هيتابع معاها هو اللي هيقول ايه الافضل لها متقلقش.
أومأ رشيد برأسه بالايجاب وشكر الطبيب. ذهب الطبيب ووقف رشيد ينظر امامه بحزن، تنهد بتعب وهو ينظر الي غرفة النوم، قلبه يخفق بقوة من شدة الخوف عليها.. تذكر ما قالته قبل ان تفقد الوعي، من المؤكد ان هناك شئ يخيفها كثيرا ولا يمكنها اخباره به!
كانت نائمة فوق الفراش تفكر بخوف بعد ذهاب الطبيب، تتمنى الموت لكي ترتاح من كل هذا العذاب الذي تعيش به. دموعها تنسال على وجنتيها بصمت.
دلف الغرفة وهو ينظر اليها، اقترب منها وجلس بجوارها فوق الفراش. ابتعدت بوجهها بعيداً عنه حتى لا يرى دموعها. رفع يديه الي وجهها وجفف دموعها بيديه وتحدث اليها بحنان:
– انا اسف.. المفروض مكنتش اضغط عليكي كده.
بكت اكثر وهي تستمع الي كلماته الحنونه. اقترب منها اكثر وقبل أعلى رأسها بحب قائلا:
– بحبك.
ثم استند برأسه فوق مقدمة رأسها واضاف:
– عايزك تعرفي اني مصدقتش لحظة واحدة انك ممكن تخونيني وتكوني السبب في كل اللي حصلي.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كارمن)