روايات

رواية ماذا بعد الفصل الرابع 4 بقلم ولاء عمر

رواية ماذا بعد الفصل الرابع 4 بقلم ولاء عمر

رواية ماذا بعد البارت الرابع

رواية ماذا بعد الجزء الرابع

ماذا بعد
ماذا بعد

رواية ماذا بعد الحلقة الرابعة

سهرنا كلنا بمناسبة إنها ليلة الوقفة وكام ساعة وتشتغل التكبيرات، كل واحد فينا جهز جلابيته وكإننا عيال صغيرة فرحانة ببهجة العيد ، بس دا كان أمر من عم عابد وهو بيقولنا ” أحيو شعائر الله”، واننا المفروض نفرح بالعيد ونظهر فرحتنا بيه.
– يا علي فين البرفان بتاعي اللي جبته امبارح ؟
– خدت نصفه في ازازة وباقيها تحت.
– يا عم الحاج انتو سايبين اوضكم تحت وجايين تستولوا على حاجتي إكمي غلبان؟
– والله طيب والتي شيرت اللي لابسه والشراب دول بتوع مين؟
– بتوعك يا غالي.
علاقتي مع علي تشبه لعلاقة ناقر ونقير، لبسنا ونزلنا جري إحنا الاتنين، عم عابد كان واقف وبيدي كل واحد فيهم العيدية بتاعته، اداهم لحد ما جهه دوري، مد إيده ليا بالعيدية وهو مبتسم:- خد بقى عديتك كل سنة وأنت طيب.
– وأنت طيب بس شكرًا.
– مفيش حاجة اسمها كدا، أنت زيك زيهم، إيه هنقولها كتير؟
إيدي وخدتها، جوايا صوت طفل صغير فرحان بعدية أبوه اداهاله، فرحان باللبس الجديد ومتحمس لصلاة العيد.
روحنا صلينا في جو كله بهجة، صوت تكبيرات العيد طالع من المساجد والأطفال اللي بتجري في كل ناحية، وإحنا الشلة اللي بقيت منها بنتصور صورة جماعية.
روحنا فطرنا و والدة عبدالله برضوا طلعت العيدية، حاولت أرفض ولكن هي كمان أصرِت أخدها، ست حنينة بمعنى الكلمة، اتمنيت كتير إن والدتي كانت تبقى حنينة معايا زي هي حنينة على الكل.
الليل ليل، خلاص حجزت التذكرة، سلمت عليهم وروحت المحطة، ما أخدتش معايا غير شنطة باك على ضهري فيها حاجات بسيطة، مش عارف ليه، مش عارف ليه قلبي مطاوعنيش إني أخد كل حاجة.
دلوقتي أنا طالع الشقة، بس وقفت لحظة بحاول أجمع نفسي قبل ما أطلع، بصيت على الشارع والعمارة، دا مكان قضيت فيه عُمّر، طلعت وخبطت، فتحت لي أمي وحضنتني.
– أنت وحشتنا أوي يا ابني، ليه تغيب الغيبة دي كلها عننا؟
– وأنتِ كمان واحشاني، كنت بدور على شغل علشان أثبت لكم إني مش فاشل.
– وعملت إيه؟
– اشتغلت في ورشة صيانة عربيات.
– ورشة؟!!
– آه ورشة يا أمي.
رد فعلها كان صدمة وإنها بِعدِت عني، هاه دا أنا حتي ملحقتش احضنها، طلع أبويا على صوتنا، إتفاجئ لما لاقاني قدامه .
– حمدالله على سلامتك يا بيه.
– الله يسلمك يا بابا، أنا كنت جاي أعيد عليكم وأرجع الشغل تاني.
– وياترى البيه اشتغل إيه ؟
– ميكانيكي.
– والله!! طيب حاسب كدا لتكون ريحتك شحم ولا حاجة، دا أنا قولت الواد هج وطفش، قولت هيلاقي شغل عِدل مثلاً، هيرفع رأسي زي باقي أخواته.
– يعني أعمل إيه وأنا كل السِكَك متقفلة في وش
– والله!! طيب حاسب كدا لتكون ريحتك شحم ولا حاجة، دا أنا قولت الواد هج وطفش، قولت هيلاقي شغل عِدل مثلاً، هيرفع رأسي زي باقي أخواته.
– يعني أعمل إيه وأنا كل السِكَك متقفلة في وشي ؟ أنت أصلاً حضرتك كنت مستبيع، ومكنتش عاوزني جنبك.
رد عليا بقسوة وبصوت عالي:- أيوا فعلاً، هعوز جنبي واحد قاشل؟ واحد يوم ما قرر يشتغل راح أشتغل في ورشة، أخواتك أحسن منك، حتى ابن عمك أحسن منك، كلهم في وظايف عالية وأنا أجي اقولهم معلش أصل ابني شغال في ورشة.
رديت عليه بقهر وأنا مش عايز أكتم كلمة جوايا تاني:- أنا طول عمري بحاول أرضي حضرتك، بحاول أنجح بس أنت مش بتشوف غير نجاح أخواتي، فارق معاك منظرك قدام الناس؟ طيب وأنا ؟ أنا فين من كل دا؟ أنت ليه مش باصص على إنه بأخد لقمة بالحلال، ليه حضرتك مش عايز تفهم إنك دورت لحد ما تعبت، فرميت حمولي على الله ، بكرا وبعده ربنا هيكرمني، ويجبر بخاطري، ويا عالم يمكن أبقى أحسن منهم كلهم، بس وقتها هبقى أنا اللي بنيت نفسي.
– أحترم أبوك يا ولد.
– أحترم أبوك أحترم أمك انتوا على عيني وعلى رأسي، بس أنا تعبت،بعدها تقولي أحترم كل الناس علشان يتداس عليك بالجزمة زيك زي المداس، متدافعش عن حقك وخليك ضعيف. أقولك يا أمي، أنا ماشي، علشان واضح كدا إن ملييش مكان وسط الحسب والنسب بتاعكم.
نزلت وأنا مهزوم، نزل بروح راجل عجوز خزله عياله ورموه في الشارع، رفعت رأسي للسما وأنا من جوايا بدعي إن ربنا يعوضني.
– يا ابني مش هتقوم تروح الشغل؟
– لاء يا عم عابد، أنا آسف لحضرتك مش هقدر.
– بقالك أسبوع مش راضي تطلع من اوضتك غير للمسجد وبعدها تروح على طول حتى قُعَاد معانا بطلت.
– أنا آسف لو مِتَقل عليكم.
– أنت بقيت مننا خلاص، يعني بلاش الكلام اللي يزعلني منك دا، وبعدين تعالالي.
قربت منه بعد ما شاور لي، خدني تحت باطه وحضني، مقدرتش أتماسك، عيطت وأنا مخزول وكسور، إنسان خزلته الحياة وعايش مستني العوض من ربنا.
– إهدىٰ يا ابني ما تعيطش.
– كسروني تاني يا عم عابد، كنت مستنيهم يفرحوا، طيب هو طماع؟
يعني أنا فعلاً طماع وغلطت علشان مستنيهم يحنوا عليا؟ مستنيهم يفرحولي، مستني أحسن منهم إني أستحق، إني استاهل يتفرح بيا وليا زي أخواتي.
طبطب عليا وهو بيقول :- لا تدري لعل الله يُحدِثُ بعد ذلك أمرا، هي الدنيا إيه غير وقعات وهزايم وانتصارات ، وبعدين دي اختبارات من ربنا، طب أقولك حاجة، أنت ربنا بيحبك وقوي كمان.
رديت عليه وأنا مش فاهم:- ليه؟
– علشان ربنا لما بيحب عبد بيبتلبه، وبيختبره، وربنا بيبتلي الإنسان فيما يُحِب، يعني لو مثلاً أنت نفسك في كلية وربنا أراد لك كلية تاني، أنت هتزعل وتتقهر، بس أنت مش عارف الحكمة دلوقتي ، بس صدقني وقت ما تعرفها هتفرح وهتحمده وتشكره، افتكر إن ” لا يكلف الله نفسًا إلا وِسعها”.
في القرآن الكريم، قال الله تعالى في سورة البقرة: “وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” (البقرة: 155)
وفي الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له” (رواه مسلم).
فالابتلاءات جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان، والصبر والشكر فيها يؤديان إلى رضا الله وزيادة في الثواب. كما يُقول المصري: “الصبر عند الضيق، والشكر عند الرخاء، يا رب يكون لنا قلوب صابرة وألسنة شاكرة”.
خلص كلامه من هنا وأنا حسيت وكإن في راحة احتلت قلبي، وكإني حسيت إن الكلام طبطب عليا وجهه بعده عم عابد وطبطب علي ضهري .
– المهم أنا صالح ابني جدع وبمية راجل، ووقت ما يُقع بتبقى استراحة محارب، وهيرجع أقوى وأحسن وأفضل من الأول، علشان هو عارف إن الضربة اللي ماتمومتش تقوي.
حضنته وأنا حاسس ومتأكد إن ربنا عوضني بعمي عابد وأولاده.
– شكراً، شكراً يا عم عابد.
عدا شهر، قدرت أشد حيلي فيه وأرجع أقف على رجلي وأبقى أقوى وأقوى، وكل دا بفضل ربنا ثم وجود عيلة عم عابد.
– آه يا بشمهندس أنا الواد صالح دا ممتاز، أنت عارف حضرتك دا واخد شهادات كتير من أماكن كورسات معتمدة، وممتاز في اللغة، دا بيقدر يتكلم تلات لغات.
– طيب يا عم عابد تقدر تخليه ييجي بكرا الصبح إن شاء الله يقدم وأنا واثق إنه طالما من طرفك يبقى حاجة تشرف، عرفه إنه هيتعين على طول ولو قدر يثبت كفاءته هيقدر إنه يترقى أسرع.
سمعت الحوار دا كان بين واحد باين عليه إنه حد مهم مع عم عابد وابتسامتي وسعت وبقت ضحكة، إنك تتذكر بالخير ويتشاف تعبك ومجهودك ويتشكر فيك دا إحساس حلو.
جهه عم عابد وقالي وبعدين راح مكمل كلامه:- مش قولتلك إن ما ضاقت إلا وفرجت، عرفت يا ابني؟ روح ربنا يكرمك ويوقع في وشك ولاد الحلال.
روحت نمت اليوم دا وأنا فرحان بكرم ربنا وبدعي إن ربنا يكرمني بكرا.
– بسم الله ماشاء الله اللهم بارك، إيه الهيبة دي تستحق تبقى رئيس مجلس الإدارة صدقني، معرفش أنا قولتها ليه بس حاسس في يوم من الأيام هتستاهل المكانة دي وأكتر.
كمل عبدالله وقال:- بس إيه ياض البدلة هتأكلل منك حتة، متقسمة ولا كإنها متفصلة ليك مش لسة جايبينها امبارح .
مكنتش عارف هروح بإيه لحد ما قرروا عبدالله وعلي وشهاب إننا ننزل إحنا الأربعة ويروحوا معايا علشان أجيب حاجة للانترفيو ولبس تاني.
مسكت الملف اللي فيه الـ CV بتاعي وأنا متوتر، بص ليا عم عابد:- ربنا يكرمك ويفتح لك أبواب الخير.
إتكلمت مرات عمي وهي بتدعي لي هي كمان:- يارب ييسر لك الأمر ويسهله، من يوم ما دخلت بيتنا وبقيت مننا وأنت حقيقي وجودك بيننا خير، بقيت في معزة ولادي.
موضوع إنك جزء من عيلة، فرد مهم بينهم، بيفرحوا لفرحك ويحزنوا لحزنك إحساس حسيته فعلاً وأنا معاهم.
روحت وقدمت وشاء ربنا إني فعلاً أتقبل.
– يا عبدالله، يا عم عابد أنا ربنا كرمني واتقبلت.
– يا حبيبي ألف مليون مبارك، واثق إنك هترفع رأسنا، ربنا يكرمك يا صالح.
عدا شهر والتاني وأنا ربنا بيكرمني وبنجح وبثبت نفسي في المكان، طلعت شاطر!! وناجح ولما بتحط في مكان بعرف أنجح، أنا مطلعتش زي ما قالوا، أنا خلفت توقعاتهم ونجحت.
بعد سبع سنين.
-يلا يا تبارك خلصي وشوفي سيليا وسليم.
طلعت من الاوضة وهي في ايدها سليا لابسة فستان رقيق بلون فستانها وسليم لابس لبس شبه لبسي، ربنا عوضني، والدنيا ضحكتلي، وبقى عم عابد وعيلته عيلتي.
– حبايب قلب بابا، يلا على عند جدو عابد.
– طيب وأمهم.
– دي بنت الأصول الجدعة اللي وقفت معايا، ضلعي اللي بيكملني والكتف اللي بسند عليه لما أتعب من الدنيا.
– برضوا مش هتروح لهم يا صالح ؟
– قفلي على الموضوع دا لو سمحتي يا تبارك علشان منتخانقش.
سبتها ونزلت استناها أنا والأولاد في العربية لحد ما تنزل، نزلت ومشينا على عند عم عابد علشان هنتجمع كلنا، وصلنا وكان ومازال وهيفضل بيت عم عابد ادفى بيت من ناحية القلب ممكن تدخله، جو أسري وترابط وحب.
– وبس يا عم اترقيت وبقيت رئيس مجلس الإدارة يا عم عابد زي ما قولتلي من سبع سنين.
– أفتح الباب يا صالح.
قومت فتحت الباب ولقيتهم في وشي، لقيت أمي وأبويا واقفين قدامي وفي عنيهم نظرات ندم.
– حقك عليا يا ابني.
– حضرتك إيه اللي عرفك طريقي وفكرك بيا مرة واحدة؟
– إيه مش من حقي اطمن على ابني؟
– غريبة ابنك دا اللي من كام سنة خوفت تحضنه لأحسن حضرتك تبقى ريحتك شحم ولا حاجة!!
شكلي كان مختلف، بقيت واحد لبسه بقى عبارة عن بِدل، ومعايا عربية وشقة حلوة، وبيت دافي اسمه تبارك وجزئين زي الألماس اسمهم سيليا وسليم.
– وحشتني يا صالح.
– متأكدة يا أمي؟ يعني مش علشان بس دلوقتي بقيت في نظركم ابنكم الناجح اللي مسؤول عن المستشفى اللي الدكتور شغال فيها؟
– معاملتك باردة معانا ليه؟
– مين قال كدا اتفضلوا نورتوا.
عملت فيها عبيـ.ـط، بس لقائهم كان بارد، وموجع، مشيوا بعد ما ودعوني، كان وداع بارد، جات تبارك من ورا وهي بتطبطب على كتفي:
– متزعلش.
– ولا كإن حصل حاجة يلا نكمل يومنا.
– يلا نروح ونيجي بكرا.
– لاء هنقضي اليوم وبالليل نسهر إحنا والولاد.
جات مرات عمي بعد ما مشيوا وهي ماسكة في ايدها طبق كبير وبتحط الأكل:- عملت لك البتنجان المحشي وتبارك كانت معايا بقى وعملت الفراخ هي والبنات.
– يا سليم سيب عابد ابن عمك يا ابني، خليك متربي وانصرني بدال ما كل مرة نمشي وأنت ضارب ابن عمك.
ضحك عم عابد وهو بيقول:- العمر عدا وكبرتوا واتجوزتوا وبقى معاكم عيال.
ضحكت وأنا بقوله:- العمر بيجري بقى يا عم.
قضينا يومنا وروحنا.
– بابا أقولك حاجة؟
– قول يا سليم.
– أنا جبت درجة مش حلوة في امتحان الدرس وخايف تزعل أو تزعق .
قعدت على ركبتي وأنا بملس على شعره وبقوله بكل هدوء:- أنا يا حبيبي آه عايزك تبقى ناجح واشوفك مفرحني ورافع رأسي بس أنا عارف إنك شاطر والمرة الجاية هتجيب درجة حلوة.
– يعني أنت مش زعلان مني علشان سيليا جابت أعلى مني؟
– ابني شطور وأنا فرحان بيه طالما هو بيحاول وعايز ينجح.
قعدنا بالليل إحنا الأربعة في الصالة وإحنا بنتكلم وبنسمع الكارتون اللي مفروض عليا.
– وبس بقى يا بابا روحت قولت لها يلا نروح نصلي علشان بابا وماما قالولنا إن أهم حاجة الصلاة وبعدين الحصة.
– شطورة حبيبة بابا .
بصيت ليهم وأنا مبسوط إني بحاول أطلع أطفال أسوياء، بحاول ما أفرقش مابينهم، بصيت بعدها على تبارك اللي وقفت جنبي وكانت معايا ووقتها ابتسمت إبتسامة ارتسمت على وشي ، وضحكة كان بيرن صداها في قلبي.
– مالك يا صالح روحت فين؟
– بفتكر كلام عم عابد لما قالي إن ربنا كريم، طلع بحر كرمه غويط، كرمه غرقني من كل ناحية، فالحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه.
” أن يقع في طريقك المليء بالاشواك ضمادات لتُداوي جروحك، أشخاص بمثابتة عائلة، وآخرون بمثابة السكن ، أن يعَوضك الله عن كل لحظة بكيت بها حزنًا بأضعافها فرحًا،هذا هو النصيب الجميل في تلك الحياة”.

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ماذا بعد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *