روايات

رواية حب بين نارين الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين البارت الثاني والعشرون

رواية حب بين نارين الجزء الثاني والعشرون

حب بين نارين
حب بين نارين

رواية حب بين نارين الحلقة الثانية والعشرون

كان التوتر سيد الموقف ازدادت دقات قلبه خوفًا عليها بعد مكالمة رامي التي أتت في غير وقتها ماذا يفعل الآن وهو بمفرده في عُـرض البحر كيف يتصرف ، أخذ عقله يفكر في حلٍ ما عندما قطع عليه أفكاره صوت صراخها من الأسفل هتف مراد بقلق بالغ :
_ لميس !
ثم هرع إلى الأسفل سريعًا وهو يقفز متخطيًا درجات السلم وقلبه يكاد يهوي أرضًا من الزعر ، وجدها تجلس على الأرض وهي تمسك بقدمها وتقطب حاجبيها وهي تضمهم إلى بعض وارتسمت على ملامحها علامات الألـم الشديد ، أخذت تبكي بشدة وهي تمسك بقدمها.
وصل مراد إليها ورأى حالة الإضطراب التي اجتاحت المكان كأن إعصار هب هُـنا فأدى إلى تدمير المكان من حولهم ، فكان هناك العديد من الصُحون والأطباق المُـتحطمة في كل مكان بالإضافة إلى قطع الزجاج التي تناثرت من حولهم كحباتِ الألماس .
اقترب مراد بقلق وخوف وهو يراها تمسك بقدمها بألم شديد بينما هـُناك قطعة زجاج ليست بصغيرة قد دخلت في باطن قدمها من الأسفل والدمـاء من حولها وهي تبكي بشدة ، جلس على ركبتيه ووضع رجلها على قدميه ونظر إليها وهتف بقلق شديد :
_ لميس إيه إللي حصل؟
أجابته بصوت جاهدت لإخراجه من جوفها فخرج مُـتقطـعًا مصحوبًا بشهقاتها وانتفاضتها وهي تقول:
_كنـت بـلم الأطـباق علـشان احـطها في الحـوض بس اتخـبطت فـي الـرف بـتاع الاطـباق الإزاز ، ووقعت كلها ،وأنا برجـع لـورى دوسـت عـلى إزازة منهم و .
صمتت ثم تابعت بألم :
_دخلت واحدة منهم في رجلي ، آه مش قادرة يا مراد !
نظر لها مراد بقلق:
_مش وقته خالص يا لميس .
صمت قليلًا ثم تابع وهو يمسك قدمها بحنان :
_ودلوقت اتنفسي بعمق واكتمي نفسك لازم اشيل الازازة دي !
أومأت لميس بدموع ، فأشار مراد إليها أن تنفذ ما قاله ثم قال بتوتر:
_ هعد لتلاته وهسحبها ماشي !
_ ما..شي !
أنهت حديثها وكتمت أنفاسها ، فقام مراد بالعد إلى ثلاثه وعندما وصل إلى الرقم ثلاثه قام بإخراج الزجاجة من باطن قدمها ، وقام باحتضانها بقوة فخرجت صرختها المكتومة في صدره صرخت بشدة ، فلف مراد ذراعيها حولها واحتواها بين يديه تشبثت لميس به بقوة وهي تبكي بشدة ، همس مراد بجانب أذنها:
_ لميس أرجوكِ متغيبيش عن الوعي دلوقت بالله عليكِ لازم نمشي من هنا !
بدأ يجتاحها دوار طفيف فحاولت أن تجلي صوتها وقالت بتعب شديد:
_ مـ…ـاشي !
نهض مراد وهو يحملها بين يديه والدمـاء تسيل من أسفل قدمها بغزارة اتجه بها إلى غرفتها وأحضر قطعة قماش بيضاء كانت أمامه وقام بلفها حول قدمها ليمنع النـزيف لبعض الوقت ثم نهض وأحضر لها قناع للوجه وهتف وهو يحاول أن يجلي كلماته حتى تستوعبها :
_ لميس إسمعيني إحنا هننزل البحر دلوقت لازم .
هزت لميس رأسها بنفي وهي تبكي ، فأمسك مراد بوجهها بحنو وقال :
_ معلش بس لازم رجالة المافيا عندهم مرور هنا أكيد والدك قايلهم عليا أنتِ فهماني ومش لازم يعرفوا إنك لسه عايشه لازم ننزل دلوقت متقلقيش هتكوني بخير مش هسيبك أنا معاكِ إحنا هنكون ضمن الباخرة بردو متخافيش هي فيها أوضة سفليه فيها حمام سباحه داخلي بيوصل للبحر ومتغطي بقفل إلكتروني زي صندوق إزاز كده فيه مايه ، لو حبينا نغطس يعني ونشوف القاع من تحت والأسماك المهم هنقعد فيه لغاية ما يعدوا يالا يا قلبي بسرعه !
كانت شبه واعية لما يقوله حتى أنها لم تنتبه على تلك الكلمة التي خرجت من فمه بتلقائية ، طال صمتها فانحنى مراد وحملها بين يديه وانزل القناع على وجهها واتجها إلى أسفل الباخرة من الأسفل ثم ضغط مراد على زر الفتح فظهرت البوابة وهي تفتح إلكترونيا ، وأخذت المياة تتدفق وهي تملئ الصندوق حتى لامست أقدامه في حين كانت لميس متعلقه به ولا ترى شيئًا .
أمسك مراد بالريموت المتحكم في تلك البوابه الإلكترونيه وأخذ نفسًا عميقًا ، ثم قفز بها إلى الماء شهقت لميس بقوة عندما غامرتهما المياة وتعلقت به أكثر في حين كان مراد يمسكها بيده جيدًا ، وهو يضع يده حول ظهرها يقربها إلى صدره وباليد الأخرى كان يمسك الجهاز ثم قام بإغلاق البوابة عليهم وسحبها معه إلى القاع وهو يكتم أنفاسه بينما هي ترمي بثقل جسدها عليه يداها حول رقبته وقدمها اغرورقت بالدماء التي امتزجت مع المياة.
رفع مراد رأسها ونظر في عينيها يحثها على التماسك حتى ينتهي هذا الوضع ، كانت تنظر له بتعب شديد فهمت نظرته واسندت رأسها على صدره وأغلقت عينيها تجد صعوبة في التنفس وهذا الشيء كاتمٌ على أنفاسها.
شعر مراد بها فأمسك بها جيدًا ورفع رأسها ونزع ذاك الذي يحجب وجهها عنه ، هي مريضة ربو والأماكن الضيقة تصيبها بالإختناق وهذا القناع ليس به أكسجين للأسف فلم يملك إلا نزعه عن وجهها بما أنه لا فائدة منه ، وأمسك بوجهها بين يديه ونظر لها بعيون تُـغلفها الدموع وأسند رأسه على جبينها بينما هي كانت مغمضة العينين ، لم تتحمل أكثر فقدت وعيها ، ظل مسندًا رأسه على خاصتها وهو يحدثها بداخل قلبه وتمنى لو يصلها صوته الراجي أن تتماسك من أجله :
_لميس لميس سمعاني ، خليك معايا متسبنيش هنعدي ده كله ، مع بعض مش هسيبك خليك متمسكة بيا ، أوعدك هدي لعلاقتنا فرصة هحاول علشانك ، أنا لو لفيت العالم كله مش هلاقي زيك في أي وجوه هشوفها ، أنتِ مفيش منك وأنا عايزك أكتر من أي وقت أنتِ حبيبتي وعشقي ، أنتِ ناري وشغفي.
داعب بإصبعيه جانبي صدغها وهو مازال يستند بجبهته على خاصتها يكمل همسه من أعناق قلبه :
_ أنتِ المستحيل بعينه ، بس أنا مُـصمم ،أوصلك إوعي تتخلي عني ،خليك معايا ، لميس أنا بحبك ، والله العظيم بحبك ، بتمنى صوتي يوصل لقلبك خليك معايا متسبنيش لوحدي متسبيش مراد مراد يموت بدونك ، أنا عارف إنه صعب بس علشانك هحاول وأنتِ هتساعديني يا لميس !
فتحت لميس عينيها فجأة وهتفت بحب شديد لم تهتم بأن الأكسجين الذي كانت تحبسه قد خرج أو أنها ابتلعت بعض المياه ، وقالت بشفاه مُرتعشه وبهمس لا يسمع أخذت تحرك شفاهها ببطء شديد ولكن معنى حروفها قد وصل عنده فَـطوّقها مراد بذراعيه وهو ينظر بعينيها بتعمق يحثها على التماسك أكثر وبألا تتحدث ثم اتجه بها إلى القمة قرب البوابة الإلكترونية ولميس متمسكة به وهي تبتسم لكي تعلمه أن نداء قلبه لها قد سمعته .
__________________________
كانوا ينظرون من حولهم بملل شديد ثم هتف أحدهم وهو ينظر إلى ساعة يده بملل:
_مقربناش يا عم !
رفع الآخر رأسه من على مقود القيادة وقال بتهكم:
_ قربنا أهو !
تمتم الآخر بضيق شديد:
_كله منها الحية دي لو أقدر أخلص عليها بايدي !
ضحك صاحبه بصخب وهو يقول :
_يبقى بتحلم إنت متعرفش سمر عند الزعيم إيه اسكت اسكت وخلينا نوصل البضاعة دي ونخلص إنت متعرفش عملت إيه في سعد ورجالته بيقولولي ضربـ ـتهم اتفرج يا سيدي واحده ست عماله تلطش فينا أسكت خلينا ساكتين !
ألقى عُـقب سيجارته في البحر وهو يقول:
_تمام أوي هييجي يوم واخنـ ـقها بإيدي بس الصبر !
تابع الآخر قيادة بصمت ولم يعقب فهتف الآخر بضجر :
_زود السرعه شوي هو كان محرك أبوك متنجز !
رد عليه بسخط:
_طيب !
ثم عم الصمت حتى هتف أحدهم وهو يرى شيئًا :
_بُـصوا يا رجالة سفينة من بتوع الأغنية تيجوا نُطُب عليهم !
انزعج الآخر وهتف بضجر:
_ ممكن تتنيل تسوق وإنت ساكت خلينا نخلص ولا إنت عايز شوشرة يعني !
مط الآخر شفاهه بسخرية وقال :
_ تلاقي واحد شاقطله واحده ومقضينها تعالوا بس هنقلب رزقنا على السريع كده كده رويز الغبي ده هيستنى لأنه هو إللي عايزنا!
هتف أحد الرجال بغضب شديد:
_بقولك إيه اسكت بقى وافرض الزفت رويز كلم إللي ماتتسمى سمر وقتها نعمل إيه ؟ معلش أصل بندلع وشوفنا مركب عشاق فحبينا نغلس عليهم مش كده !
رفع إحدى حاجبيه وتمتم بسخط :
_ فعلا عيال مش وش نعمة طب عِند فيكم بقى أنا هدخل وإللي هاخده من هناك هيكون ليا ثم إني جعان وعايز أدخل الحمام.
ضحك أحدهم بقوة وقد كان يلتزم الصمت يستمع لحديثهم بلامبالاة وهو ينفس دُخـان سيجارته ، نظروا له باستغراب ،فرفع يديه ثم قال وهو يمسك نفسه من الضحك عندما رأى وجوههم المحدقة به في ذهول واستغرابٍ :
_اهدوا أصله كلامه ضحكني معلش بقى قُـدامك الوسع ده كله وتقولي حمام ، شكله منهم وبيتكسف .
انفجر الرجال ضحكا بعد أن أنهى الآخر حديثه فهتف الآخر بغضب من سخريتهم منه وقال :
_بس أنت وهو اخرسوا دول أجانب وميعرفوناش ولا هيفهمونا صح وهندخل بربطة المعلم وإلا بقى وروني شطارتكم وسوقوا انتوا بقى لو عرفتوا !
تمتم أحدهم بضجر:
_ خلاص هروح أنا معاك خلينا نخلص هنجيب شوية أكل على السريع وأنت تقضي حاجتك ونخلص ! في الانجاز كده سامع !
انفرجت أساريره وهتف بمرح وهو يوجه المركب ناحية الباخرة ثم قال:
_ بينا يا صاحبي يالا مش هتندم صدقني !
أنهى حديثه ثم صعد على الباخرة ومعه رفيقه الذي إعتلت علامات الضيق على وجهه ، في حين نظر الآخر في أنحاء الباخرة وهو يهتف بهدوء وإعجاب :
_ أكابر أكابر يعني ما شاء الله إيه العز ده كله ؟
هتف صديقه بضيق :
_ بقولك إيه انجز يالا إنت هتقف تتأمل في السفينه اخلص يالا.
صمت قليلًا ثم أردف باستغراب :
_ إيه الهدوء ده؟ !
مط الآخر شفتيه بضيق ورمقه باشمئزاز ثم قال:
_ وش فقر .
ثم تابع بنظرة ذات مغزى :
_ماطبيعي يكون هُس هُس كده .
ثم غمز له وتابع قائلا :
_أوعى هنزل تحت يالا ولا لو مش عايز خليك !
أنهى حديثه ثم أتجه إلى درجات السلم دون أن يهتم بسماع رد الآخر ، لم يملك صديقه إلا أن يتبعه وهو يزفر بحنق ، هبط الدرج سريعًا ثم قال بضجر :
_ها خلـ…..
ابتلع باقي حروفه وهو يرى هذه الفوضى التي تعم المكان وصديقه الذي يجلس مذعورًا من شيءٍ ما
ثم تنحنح وقال بتوتر :
_يا نهار أسود إيه ده ؟
رفع الآخر رأسه وأشار إلى شيءٍ ما خلفه ، فالتفت الآخر لما يشير إليه وفتح عينيه بصدمة ثم هتف بغضب شديد:
_قوم الله يحرقك ده دم شكل في هجوم حصل هنا يالا نمشي بسرعه !
نهض الآخر وهو يبتلع ريقه بتوتر شديد ثم قال:
_ يا خسارة سبقونا واخدوا الحلو كله !
جذبه صديقه وهو يصيح بغضب شديد:
_إنت اتجننت زمان الشرطة على وصول دول ولاد أغنيه إنت مش شايف المكان عامل إزاي ده الازاز مالي الدنيا والدم ده كله ؟
تحدث الآخر باستغراب :
_بس أمال فين الجـ…
قاطعه الآخر وهو يجذبه نحو السطح ثم أردف بتهكم :
_ ودي محتاجه سؤال اكيد رموا جثـ ـثهم في البحر يالا بينا من هنا !
أنهى حديثه ثم اتجها إلى سطح الباخرة ومنه إلى سفينتهم وأمرهم بالتحرك سريعًا بدون أي سؤال .
______________________
كان مراد يضع يده على فمها ويده الأخرى ممسكة بها جيدًا ، ثم بهدوءٍ ضغط على زر فتح البوابة الإلكترونية بعد أن شعر أن المكان هادئ وليس هناك حركة بالأعلى كما أن لميس لن تصمد أكثر من ذلك ، ثم صعد بها إلى الأعلى أخرجها أولاً ثم خرج بعدها وأغلق البوابة وارتمى بجوارها بتعب وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة .
في حين أخذت لميس تسعل بشدة ، نهض مراد واقترب منها ثم فتح بعض ازار الدِرس الذي ترتديه ونزع الخمار عنها ليسمح للهواء بالوصول إلى رئتيها
ثم مد يده وأبعد خصلات شعرها عن عينيها وأسند رأسه على جبينها وتمتم بنبرة هادئه وهو يقول :
_ الحمدلله عدت على خير !
ثم ابتعد عنها فاعتدلت لميس في جلستها وعم صمتٌ قاتـل ثم انفجر كلاهما في الضحك ، وبعد وقت قصير تمتمت لميس بضحكات متقطعة بسبب أنفاسها اللاهثة لبعض الهواء :
_ مش قادرة ولا مرة في حياتي جربت شيء زي ده إيه الاكشن ده !
شاركها مراد في الضحك بقوة ثم تمالك نفسه وهدأ قليلًا ، ثم تابعت لميس بحنان وعيون شغوفة:
_ تعرف إن ضحكتك دي أجمل حاجه في الدنيا !
صمتت فجأةً ووضعت يدها على فمها بصدمه مما تفوهت به وامتقع وجهها بحمرة خجل قانية وهتفت بتلعثم دل على ارتباكها:
_ هقوم أغير… آه هغير .
كادت تنهض فأمسك مراد بيدها ومنعها من الذهاب التفتت له ونظرت إليه باستفهام ، تنحنح مراد ثم حدثها بما عنده :
_ لميس أنتِ إيه رأيك في علاقتنا دي ؟
تفاجأت لميس من سؤاله المباغت وتوترت كثيرًا وابتلعت ريقها عدة مرات قبل أن تتنحنح وتجييه مستفسرة أكثر:
_ رأيي إزاي مش فاهمه ؟
فهم مراد أنها فهمت قصده ولكنها تراوغ وتتهرب من الإجابة فسؤاله واضح ومع ذلك أخذ يوضح لها أكثر
وهو يمعن النظر في عينيها :
_ يعني شايفه مستقبل ليها ولا أنتِ رأيك إيه؟
_ها هي اتفرضت عليا وعليك وأنت كنت مجبور يعني وانا مكنش ليا راي من الاول علشان يكون ليا راي دلوقت وأصلا بعد كله ما يخلص وتنتقم والحق يرجع لصحابه .
ابتلعت ريقها وأردفت بدموع طغت على عينيها ولكنها منعتها أن تنزل ولكنها بدت واضحة لمراد كثيرًا:
_يعني كل واحد هيرجع لحياته و ..
قاطعها مراد سريعًا وهو يقول:
_ طيب وإحنا فين من ده كله ؟
نظرت إليه بخجل وقالت بتوتر شديد:
_ إحنا .. إحنا إيه ؟ مفيش إحنا إنت طريقك غير طريقي صعب ..
_بس أنتِ بتحبيني ؟
فتحت لميس عينيها بصدمة وشعرت بالخجل الشديد والتوتر قد غزى سائر جسدها وهزت رأسها بنفي ، فقال مراد وعينيه تنظران لها:
_متحاوليش تنكري أنا عارف !
أردفت لميس بنبرة ضعيفة وقد اغرورقت عينيها بالدموع ولم تعد قدماها قادرتان على حملها بالإضافة إلى باطن قدمها الذي ينـ ـزف بغزارة :
_مراد لو سمحت سيب إيدي أنا بردانه عن إذنك !
_مش قبل ما تجاوبي على سؤالي الأول!
كانت تنظر له بخجل شديد وهي ترى الإصرار على وجهه ليتلقى منها إجابة عن سؤاله مرت ثانية وثانيتين ولم تعد قادرة على الكتمان فوجدت نفسها تصيح بتعب :
_ إنت عايز إيه ها؟ عايزني أسمعك إيه ؟عايزني أقولك إيه ها؟، أقولك إني بعشقك مش بس بحبك ، بحبك وأنا عارفه إنك بتكرهني وبتكره تشوفني قدامك وبتكره كل حاجه تربطني بيك ،بعشقك وأنت مش شايفني ولا حاسس بالنار اللي بتقيد في قلبي كل مرة ابصلك فيها أو تمسك فيها أيدي نار بتحرقني نار بقت بعشق قربها رغم كويتها لروحي رغم الجروح والحروق اللي بتدمي قلبي بسببها حبك نار بتحرقني نار بتحرقني.
بكت بشدة وتهاوت أرضًا وهو مازال يمسك بيدها ،ثم تابعت بحزن شديد وهي تبكي فتخرج كلماتها بصعوبة ونبرة خافته ضعيفه وهي ترتجف :
_ أقولك إنك حلم بعيد مستحيل أوصله ، أقولك إني مش هقدر أنسيك وجـ ـعك لأني أنا نفسي وجع ليك ، إنت مفكرني مش فاهمه إن وأنت بتنطق إسمي صورة أختك هي إللي بتيجي على بالك ، ها قولي ، إنت شايف أختك فيا ، زي زمان فاكر عمرك ما حسيت بيا ، ولا شوفتني ، إنت بس شايف أختك أختك وبس أما لميس .
ضحكت بسخرية ، ثم أغلقت جفونها وتمتمت بمرارةٍ :
_لميس إللي حبتك وإللي اتعلقت بيك ملهاش وجود في قلبك ، وميحقش ليها تطلب يكون ليها وجود أصلا ، بأي حق هقولك بادلني وحبني زي ما بحبك بأي حق هطلب منك تحبني أو أقولك إستمر معايا ومتسبنيش ، ها قولي قولي ساكت ليه ؟ انطق أنا جوايا نار من يوم ما خطفتني وأنا في حاجه جوايا اتحركت من ناحيتك بس كنت بكدب نفسي .
ارتعشت شفتيها وهي تهمس بمرارة تتذوق طعم الدموع في فمها :
_وأقول ده هبل بس لأ كنت بتعلق بيك يوم عن يوم لحد فاكر أول محاولة عملتها علشان أهرب منك وشوفتك لأول مرة من غير القناع وقتها قلبي كان بيدق بطريقة قويه كان طاغي على خوفي لتفوق في أي لحظة وتمسكني ولما سمعتك بتهمس بإسمي .
صمتت قليلًا ثم تابعت بحزن شديد :
_وياريته كان إسمي حتى ، وبعد كده لما سمعتك بتصرخ بإسم أختك ، وخرجت علشان أشوفك كان قلبي وجعني عليك أوي مع إنك في نظري واحد خاطفني وعايز يأذيني ولما طلعت علشان أشوفك وقتها شديتني وحضنتني بقوة مشاعر مُتداخلة سيطرت عليا واربكتني وإنت ضممني ليك بعدها همسك ليا بنبرة ضعيفة وأنت بتقولي وأنت ماسك وشي وبتقول بدموع” لميس أنا تعبان متسبنيش “.
وضعت يدها الحرة على موضع قلبها بحزن وهي تكمل بينما مراد يلتزم الصمت :
_ وقتها حسيت بحاجه غريبة وكأني أعرفك كأني عشت الحاجه دي قبل كده ومشاعري اتحركت من ناحيتك كنت بعَنِف نفسي إن ده حرام وإن إللي بعمله ده غلط ومينفعش إزاي أحب واحد خاطفني إيه الهبل إللي أنا فيه ده؟ بس مقدرتش أمنع نفسي إني مفكرش فيك وجملتك دي فضلت في بالي مراحتش خالص ولما عرفت إنت مين وقتها استوعبت الجملة إللي قولتها ليا .
صمتت تبتلع ريقها وأردفت بدموع :
_كنت دايما تقولها ليا وأنا صغيرة ومش فاهماك فاكر كنت دايما تقولي “متسبنيش يا لميس” ، أنا بتعذب بسببك ، عارفه إنه صعب صعب عليك تحمي بنت الراجل إللي دمر حياتك وحياة كل عيلتك أو إنك تربط نفسك ببنته ده شيء فوق طاقتك أنا عارفه ، ومش مستنيه منك أي حاجه ، بس سيبني في حالي سيبني ارمم روحي .
جذبت يدها من يده وأخذت تركض إلى غرفتها متجاهلة ألم قدمها ونزيـ ـفها وأغلقت الباب خلفها واجهشت في البكاء بشدة.
كان يستمع لحديثها بصمت تام وقلبه يتأكله من الحزن عليها على انهيارها هكذا على حياته على حبه المستحيل ، على كل شيء حصل ومازال يحصل .
رفع مراد رأسه ونظر للسماء يناجي ربه بحزن :
_يارب أنا عارف إنه صعب بس أنا بحبها مش عايز اسيبها لأ مش متخيل حياتي من غيرها .
صمت قليلًا ثم أردف وهو ينظر للغرفه التي حجبتها عنه وتابع بحزن شديد :
_في الأول كنت شايفك أختي يا لميس ، بس ده اتغير من زمان من وقت ما فوقتيني من غيبوبتي وأنا شايفك غيرها حبيتك أنتِ والله حبيتك أنا مش شايف غيرك آه أختي مش هقدر أنساها عمري بس أنا دلوقت مش شايفها فيكِ لا لا يا لميس أنا شايف بنت جميلة نقية متدينه ومثقفة وعلى دين وخلق شايفك زوجة صالحة .
أطلق زفيرًا حارًا من جوفه وهو يكمل بأعين باكيه :
_أنا غصبًا عني لقتني بحبك معرفش ليه وإزاي؟ واشمعنى أنتِ من بين كل الناس ، بس حاولي تتمسكي بيا مهما يحصل متتخليش عني حتى لو طُرقنا مختلفه وصعبه ، حاولي بس وأنا هحاول !
_________________________
كانت لاتزال تجلس خلف باب الغرفة وهي تبكي بشدة قلبها ينـ ـزف بغزارة ظنت أنها سترتاح بعد أن تبوح بما لديها ، ولكن حدث عكس ما كانت ترجوه ،
ضمت ركبتيها إلى صدرها ووضعت يديها حول نفسها كأنها تحتضنها وتجاهلت نـ ـزيف قدمها فنـ ـزيف قلبها ألمه أصعب بكثير ، وأغلقت عينيها بقوة وهي تتذكر كيف كانا يجلسان منذ بضع ساعات في جلسة صفوٍ وهدوء هو يقرأ بصوته العذب وهي تستمع له بإصغاءٍ تام .
كانت لحظات من السعادة ، ولكن للأسف كانت مؤقتة ، كان عليها ألا تتعمق في مشاعرها كان عليها ألا تنجرف أكثر نحو تلك الهُوة كان عليها ألا تسرح بخيالها بعيدًا لأن الواقع أليم ولن تحتمله لذا لم يكن عليها أن تحلم من البداية .
صرخ قلبها بهياج وهو يصمت ذلك العقل ، كفى إنها لا تملك التحكم في مشاعرها سلطان القلوب ملك لله وحده ، ليس لها ذنب ، ما المشكلة إن أحبته ، ما المشكلة في أن تحلم ، لربما صار الحلم حقيقه ، من يدري لعلى الله يحدث بعد ذلك أمرًا ، القادر على نزع حبه من قلبها هو الله ، لذا كُـفَ عن سخافتك تلك
.
صمت العقل يستمع إلى حديثه بتهكم بينما أخذ القلب ينادي عليها ، لميس عيشي حياتك وانتظريه لا تيأسي هو بحاجه إليكِ أكثر من أي وقت مضى لا تتركي يده عزيزتي معكِ أنتِ سيتخطى أحزانه ، أنا واثق من هذا ، لا تيأسي ، دعي لحُـبك العنان أمهليه بعض الوقت وانتظري حتى تلتئم جروحه وكوني عونًا له ، ستواجهكِ عقبات كثيرة لا تتعثري بها انهضي وتابعي من أجله هو يستحق ، حتى لو اضطررت إلى تغيير إسمك وعائلتك لا تترددي فقط تمسكي به !
بعد مدة سمعت لميس صوت طرق على باب الغرفة لم تجب عليه فهتف مراد بقلق :
_لميس أنتِ نمتي؟ لو سمعاني افتحي الباب !
وضعت يدها على وجهها وأخذت تمسح دموعها بسرعة ثم أجلت صوتها ونهضت من خلف الباب وفتحت له وهي بالكاد تقف على قدميها ، رفع مراد صندوق صغير يقول بتوتر :
_أنا جبتلك المعقمات دي علشان رجلك !
كاد يدخل فقالت لميس بجمود وهي تتحاشى النظر في عينيه لا تدري أكان ذلك خجلًا أم هروبًـا من اعترافها له :
_ طيب هات المعقمات وأنا هعملها بنفسي !
_بس …
ابتسمت لميس بتعب مردفةً بسخرية:
_ من ايمتى اللي بيجرحونا هما اللي بيطيبوا جروحنا ، مفيش داعي تتعب نفسك أنا هعملها .
فتح مراد فمه بنية الحديث فلم تمهله فرصة وأغلقت الباب ، واتجهت إلى الفراش جلست وبدأت في تعقيم قدمها ولفها بالشاش الأبيض ، ثم ضحكت بسخرية ، كانت قدمها اليسرى مصابة منذ أسبوع والآن قدمها اليمنى يالحظك العاثر .
________________________
أتجه مراد إلى غرفته وألقى بنفسه على سريره وأغمض جفونه بإرهاق شديد عقله بات مشوشًا لم يعد يفهم ما يحصل معه البته ألم يكن يريد الإبتعاد ، ماذا أصابه الآن اتنزعج لأنها تخلق حدودًا بينكما ؟ حقا حدود وهل كانت علاقتكما وطيدة حتى تخلق الآن حدود بينكما .
_ اللهم هوّن على قلبي وارحنـي !
_________________________
كان يجلس ينظر إليها فقط بينما هي تلعب بخصلات شعرها ببرود ..ثم هتفت بإنزعاج
_مالك بتبص لي كده ليه؟
اتكأ سيف على الجدار خلفه يردف بشرود :
_بفتكر أول يوم شوفتك فيه ياه يا سمر اتغيرتي أوي !
_سيبك من الموضوع ده وقولي الأغبيه وصلوا لـرويز ولا لسه !
_ أها اعتقد وصلوا بقولك إيه أنا خارج عندي مشوار مهم غطي عليا !
ابتسمت بتهكم وأومأت رأسها بلا مبالاة ، تنهد سيف ثم خرج من الغرفة ، في حين غابت هي في أفكارها بعد حديث سيف هذا ، ونهضت مُنـتصبة واتجهت إلى المرأة وأخذت تتعرف على نفسها في المرأة ، رأت امرأة أخرى قوية ملامحها باردة تتسم بالجمود .
ابتسمت بسخرية تتعرف على نفسها الفكرة مجنونه هكذا رأتها من وجهتها أن يقف المرء ويتعرف على نفسه ، شيءٌ مـضحك يبعث على الضحك بشدة ، تمتمت سمر بحزن :
_سيف معاه حق اتغيرتي أوي يا سمر بس يا ترى للأحسن ولا للٔاسوء !
شردت وهي تتذكر أول يوم لها بهذا العالم
عودة إلى الوراء
_شكراً يا كوتش كده تمام أوي
قالت المدربه بابتسامة وهي تربت على كتفها :
_ يا سمر أنتِ كده اتعلمتي كل حاجه عن الفنون القتاليه بس قوتك دي خليها في الخير ومتنسيش هدفك إيه؟
_عارفه يا كوتش أنا اتعلمت أساسا عشان أحقق هدفي ده بجانب كليتي محاميه شاطره وكمان مدربه محترفه زي مدربتي كده وكمان هعلم البنات إزاي يدافعوا عن نفسهم كويس وميسمحوش لحد يقرب منهم !
_تمام ربنا يوفقك يا رب ، يلا الوقت هيسرقنا إحنا خلصنا كده كل التدريبات بتاع اليوم وأنتِ ما شاء الله عليك ممتازة وبقيتي أشطر مني أنا شخصياً !
ضحكت سمر بخفه :
_سرقت المهنه يعني وهاخد زبابينك بقا !
_طب يلا يا حراميه من هنا على سكنك وخدي بالك من نفسك كويس وابقي كلميني لما توصلي !
أومأت برأسها ثم خرجت من النادي واتجهت إلى سيارتها وما كادت تصعد حتى شعرت بأحدهم يغرز شيء ما في عنقها لم تستوعب ما حدث بل لم يعطي لها الفرصة حتى تفهم ما حدث وقام بتخديرها ثم حملها واتجه إلى سيارته .
بعد مرور بعض الوقت استيقظت وهي تشعر بألم في أعلى عنقها تزامن ذلك مع فتح باب الغرفة فانتصبت في جلستها وهتفت بغضب شديد:
_انتوا مين؟
تمتم بتهكم:
_ مش شغُلك تعرفي أنتِ هتبقي في ضيافتنا فترة لحد ما المطلوب يوصلنا !!
ضيقت سمر عينيها باستغراب وقالت بضيق :
_مطلوب إيه ده إللي هيوصلكم ؟ إنت مين وجبتني هنا ليه اخلص؟
تحدث ببرود وهو يسحب مقعدًا جلس عليه بالعكس حيث يستند بذراعيه على مسنده :
_ أهدي كده ووفري الانفعال ده دلوقت وقوتك يا حلوة !
أنهى حديثه ثم غادر وأغلق الباب خلفه ، في الخارج أخرج هاتفه وضغط على بعض الأرقام وانتظر الرد :
_حصل يا عز بيه وهي في الحفظ والصون !
_ تمام خليها عندك لغايه اما اجيب المطلوب من أبوها آه ومتنساش اتصل عليه وقوله !
_ أوامرك يا باشا
قال عز بضيق :
_ إنت قولت للزعيم حاجه؟
_لا قولتله أن عز بيه عايزني في حاجه خاصه بيه هو !
_طيب تمام !
أغلق معه واتجه إلى غرفتها فتح الباب وعندما دخل صعق بما رأى لم تكن موجودة بالغرفة ، وقبل أن يستوعب أي شيء باغتته بضربة قوية على رأسه من الخلف اوقعته أرضًا.
_ وسـ … علي اشكالكم مليتوا البلد !!
ثم جذبته من قدمه واسندته على المقعد ووقفت أمامه تنتظر أن يستيقظ ، وما إن رأته يفتح عينيه أردفت سمر بسخرية :
_ صحي النوم يلا انطق أنت مين وجبتني هنا ليه بدل ما أدفنك في أرضك !
تمتم بضيق :
_مش هقول حاجه واللي عندك اعمليه !!
_طيب طلبتوها ونلتوها !
أنهت حديثها ثم قامت بفك الحبل عن جسده وأغلقت الباب بالمفتاح الذي أخذته منه عند إغمائه ، كان ينظر إليها باستغراب أهي مجنونه لقد فكت وثاقه وأغلقت الباب لما لم تهرب إذن وانتظرته حتى يستيقظ ؟؟
_أنا قدامك أهو إعمل بقا إللي نفسك فيه !
تمتم بخبث وهو يقول:
_ دي دعوة صريحه يعني .
ثم صمت قليلًا وأردف بمكر :
_وأنا مش برفض النعمه !
وما كاد يمد يده عليها حتى أمسكتـها وقامت بثنيها خلف ظهره وأخذت تضغط عليه بقوة حتى كادت تكسـ ـر ذراعه ، تمتم بضيق:
_ أنتِ بتعملي إيه ؟سيبي إيدي هتكسريها !
_ وهو ده المطلوب .
ثم تابعت وهي تضغط على يده أكثر :
_ اخلص قول أنت مين وجبتني هنا ليه؟
تمتم بضيق:
_هقول بس سيبي دراعي طيب !
هتفت سمر بضيق وهي تضغط أكثر :
_اخلص انطق يالا:!
تمتم بألم:
_عز بيه الحديدي !
باستغراب أردفت سمر :
_ عمو عز مش ده إللي بابا شغال معاه .
صمتت قليلًا تفكر ثم هتفت بغضب :
_ماله انطق !
تمتم بضيق :
_ هو إللي أمرنا نخطفك ، عشان ابوك خانه هو ده إللي أقدر أقولك عليه !
شردت هي في حديثه وهي لا تصدق أيعقل ولكن قبل أن تهتف بكلمة ، فوجئت به يباغتها ويقلب الوضع وقام بإمساك يديها بقبضتيه ثم ألقاها أرضًا وجثى عليها وتمتم بغضب شديد:
_ تفكريني ضعيف أنا بلعب معاكِ يا قطه أصلك عجبتيني بصراحه !
حاولت سمر النهوض ودفعه عنها حتى تمكنت من إبعاده واتجهت إلى الباب لتفتحه فوجئت بمن فتح الباب بقوة وظهر رجل كبير السن وملامحه تتسم بالجمود ورمق ذاك المجثي أرضًا بنظرة حادة ثم تمتم بغضب شديد :
_سيف البنات فين ؟
_ أنا آسف يا زعيم بس عز بيه كلفني بمهمه تاني وأنا نسيت …
أتجه الزعيم نحوه وقام بصفعه على وجهه بغضب:
_إنت تنفذ أوامري أنا فاهم !
أخفض سيف رأسه ونظر للأرض ، فانتبه الأخير على سمر ثم هتف بغضب شديد:
_مين دي سايب مهمتك وقاعد تتسلي !
_ يازعيم دي إللي عز بيه كلفني إني أخطفها !
اقترب الزعيم من سمر التي تحدق في عينيه بدون خوف ، رفع يده وكاد يصفعها بقوة ، ففاجأته وهي تمسك بيده قبل أن تصل إلى وجهها .
_ أنتِ إزاي تتجرئي وتمسكي إيدي كده وإزاي ترفعي عينك في عيني بالطريقه دي إيه مفكرة نفسك مين ؟
_ميهمنيش إنت مين أصلاً ولا بتشتغل إيه وزعيم على نفسك !!
كان سيف يقف وهو مفغر الفاه من قوتها وكلامها وأخذ يحدث نفسه ما هذه الفتاة؟ :
_مش معقول البنت دي إزاي قدرت ترفع عينيها في عين الزعيم كده وتمسك ايده بكل بساطه وتكلمه بالطريقه دي .
صمت قليلًا ثم أردف بسخرية :
_خلاص بقت في عداد الامـوات الزعيم أكيد مش هيسكت !
فجأةً أخذ الزعيم يصيح بغضب وهو ينادي على رجاله وأمرهم بتلقينـها درسًا قاسـ ـيًا ثم نظر نحوها بخبث شديد وهو يقول :
_ اتعشوا يا أولاد وجبة دسمة !
ظهر شابان ضُـخام البنية ، كانت سمر تنظر لهم بكل برود هي اعتادت على تقوية قلبها مهما حدث أغمضت عينيها واستحضرت كل دروسها في الكاراتيه وهيئة نفسها جيدًا لن تسمح لهم بأن يطولوا شعرة منها ، وبدأ أول شاب منهم يقترب منها ، فاستجمعت قوتها وأخذت تضربـ ـه بقوة حتى طرحته أرضًا .
كان الزعيم يراقب مايحدث بأعين كالصقر وهو معجب بقوتها تلك ، ثم أشار إلى الآخر أن يقترب منها من الخلف لكي يتمكن من تثبيتها لصديقه ، فهمت سمر نظرته تلك وقبل أن يقترب منها الآخر التفتت له وأعطته روسية في رأسه فوقع على صديقه في أحضان بعضهم على الأرض ، ابتسم الزعيم بخبث وقد راقه شرستها وقوتها تلك .
نهض الشابان مرة أخرى وبعد معركة طاحنـ ـة يقعان على الأرض تحت دهشة الزعيم وسيف الذي حدق فيها لا يستوعب ما حدث توا ، في حين أخذ الزعيم يصفق لها بحرارة ثم بصـ ـق على رجاله ، واقترب منها فوجدها في وضع الهجوم فرفع يديه كعلامة للاستسلام ثم هتف ببرود :
_ برافو عليك أنتِ عجبتيني أوي وهشغلك معايا إيه رأيك مهو يا كده يا إما هقتـ ـلك دلوقت واخلص منك وابوك الحلو هيحصلك هو ماما قولتي إيه؟
_ لا مش هشتغل في القرف ده لأ !
_وانتِ عارفه أنتِ هتشتغلي إيه معايا ؟
أردفت سمر بسخرية شديدة:
_ مش هتكون بتبيع سبح يعني في السيدة ؟ باين علي وشكم العكر شغلكم ايه هو !
قال الزعيم بغضب وهو يكز على أسنانه:
_أنا صابر عليك فاحترمي نفسك فاهمه ومش عشان ضربتيلك شابين هبل لسه مش عارفين يشوفوا شغلهم كويس تفكري نفسك قويه أنا لو جبتلك عشرة دلوقت هيقطـ ـعوك ويكـ ـسروك يا قطه مش هيخلوا فيك روح ! .
ثم وجه حديثه إلى سيف :
_خلي بالك منها أوعى تهرب !
_أوامرك يا زعيم .
ثم نظر إليها فبادلته نظرته بحدة ، فتراجع سيف للخلف وقال بسخرية :
_هو مين إللي يخلي باله من مين دي هتاكلني بعنيها .
صمت قليلًا ثم أردف بنبرة مُـضحكة :
_ده باينه هيبقى مرار طافح .
_ كويس إنك عارف !
_طيب يا ست المرأة الحديدية أنتِ اتهببي نامي بقا !
_ برة يا حيــوان !
_طيب متزعقيش هخرج أنا اصلا خايف لحسن تاكليني وأنا نايم أو تعملي فيا حاجه وتضيعيني وأنا مُـز كده وحلو
تمتمت سمر بسخريه :
_طيب يلا يا قطه بقا عايزة أنام !
جعد سيف جبينه باستغراب:
_هو مين فين المخطوف ده أنا حاسس إن أنتِ إللي خطفاني !
_بقولك يلا عايزة أنام إيه مسمعتش؟!
أفاقت من شرودها على دخول سيف الغرفة وهو يقول :
_الشحنة وصلت و ويزر بيبعتلك تحياته!
_ ها بتقول حاجه !
_في إيه يا سمر مش على بعضك كده ؟!
قالت سمر بضيق:
_ لا مفيش متاخدش في بالك !
________________________
كانت تنتظره منذ ساعة وها قد تأخر فاض بها الكيل ونهضت لكي تذهب فَجأها صوته يهتف بجمود:
_اعزوريني إتأخرت عليك !
تمتمت فيروز بهدوء:
_ولا يهمك نعم عايز إيه؟
قال أمجد بتوتر وهو ينظر إليها :
_طيب إقعدي الأول !
جلست فيروز على مضض ثم تابعت :
_اتفضل قول إللي عندك !
شبك أمجد اصابع يديه ببعضهما و بلا أي مقدمات قال :
_لميس فين ؟
رفعت إحدى حاجبيها ونظرت له باستغراب ثم قالت بدموع :
_ لميس ..
قال أمجد بقلق:
_ أنا مصدقتش إللي قاله والدي ده ميدخلش الدماغ عايز أعرف منك مكان أختي !
قالت فيروز بدموع:
_ أمجد بس بقى كفايه بتحرق أعصابي إللي باظت حرام عليك بقى متفكرنيش !
_ ليه قولتي إن أبويا هو السبب في إللي حصل لأختي؟!
_ وإنت هتصدقني علشان أقولك !
أرجع أمجد ظهره على مؤخرة المقعد يقول بهدوء :
_أنا كبير وأقدر أعرف إذا كان إللي بتقوليه صح أو غلط ومش صغير قُـدامك ياريت تتفهمي ده كويس أنا مش الطفل إللي سبتيه وهربتي على تركيا !
_عندك حق كبرت أوي لدرجة مش قادر حتى تحطلي عزر أو تسمع مني يا خوفي لتكون زيه ، عايز تعرف الحقيقه وفي نفس الوقت مش هتصدق يبقى عارف مين إللي هيقولك جدتك عارفها ولا نسيتها روح عندها واسألها .
أنهت حديثها ثم نهضت وحملت حقيبتها ثم قالت قبل أن ترحل :
_بالمناسبة أبوك شغال في المافيا !
توسعت عيني أمجد بصدمه :
_ نعم !
هزت فيروز رأسها بيأس ، وتركته وذهبت أخرجت هاتفها واتصلت على العم أحمد :
_ قولتله زي ما انت قولتلي بالظبط حطيته على أول الطريق لو سافر لماما يبقى أعتبر إنه مصدقني !
_أنا كان ممكن أقنعه يا فيروز بسهولة بسبب الفيديو إللي معايا ، بس ده أمانه في رقبتي وأعراض ناس وأنا مقدرش أنا حتى مش هوديه المحكمة ، مقدرش أعمل كده علشان مراد ميعرفش بيه تخيلي لو حاجه زي دي وصلتله يبقى مراد انتهى وأنا مش ممكن اعمل كده سامحيني !
ابتسمت فيروز بتفهم:
_ فاهمه يا عمي أنا بردو مش موافقه إن أمجد يشوفه وعلى العموم خليه يتعب ويدور على الحقيقه بنفسه وزي ما بيقول مبقاش صغير !
_ طيب يا فيروز سلام دلوقت في اتصال مهم أبقى اكلمك بعدين !
أغلق معها وأعاد الإتصال بالرقم مرة أخرى :
_ها يا حسام وصلت لحاجه ؟
_آه وصلت البنت دي كانت في أولى كلية حقوق وفيه شهادة ليها هناك وأنا شوفت في سجل الوفيات ملهاش شهادة فيها وده يدينا مُـبشر إنها لسه عايشه كمان في صديق ليا هسأله عليها وهطلب منه يساعدنا وإن شاء الله أبشرك بأخبار حلوه !
_________________________
كان ينظر لها بحزن شديد بينما هي توليه ظهرها وتمسك بالمصحف تقرأ به ، تابع مراد قيادة الباخرة للعودة ، بعد أن أخبره رامي بأنهم قد رحلوا وغادروا تركيا ، وأصبح الآن في إمكانهم التنقل بأريحية ، كانت الرحلة صامته كل منهم في عالمه الخاص به .
بعد اعتراف لميس له بما يكنـه قلبها له من مشاعر الحب ، لم ترفع عينيها في عينيه وجعلت حديثها معه في أضيق الحدود وإذا دعت الحاجة إليه ،كان مراد يتألم من تجاهلها له وتهربها منه بهذه الطريقة ، إلا أنه من داخله يعلم أنها تفعل الصواب ، للأسف يبدو أنها فقدت الأمل سريعًا معقول ، هل يأست من المحاولة ، سخر من داخله وهو يقول ، وهل حاولت حتى تيأس …؟ .
هتف مراد بهدوء عندما اقتربوا من الميناء :
_وصلنا !
أومأت لميس برأسها بدون كلام واتجهت خارج الباخرة ، كأنها كانت حبيسة ولم تصدق عينيها أن فُتح لها الباب فأردف مراد بضيق:
_طيب استنيني على الأقل يعني !
لم تسمعه وأخذت تسير ببطء شديد وهي تتعمد عدم الضغط على قدمها اليمنى وما إن اقتربت من حافة النزول ، إزدرقت ريقها بتوتر ، وشعرت بالدوار يجتاحها وترنحت في وقفتها ، رآها مراد وهز رأسه بيأس من عنادها ، وقبل أن يقترب مراد منها .
فوجئت لميس بمن يمد لها يده كي يساعدها على العبور .
نظر مراد بصدمة و …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية حب بين نارين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *