Uncategorized
رواية أشلاء الفصل العاشر 10 بقلم علي اليوسفي
رواية أشلاء الفصل العاشر 10 بقلم علي اليوسفي
رواية أشلاء الفصل العاشر 10 بقلم علي اليوسفي |
رواية أشلاء الفصل العاشر 10 بقلم علي اليوسفي
كان يوسف قد زرع جاسوساً له في المشفى لينقل إليه اخبار عليا هناك، أخبره الرجل أنّ براء قد عيّن رجلين ليحرسا الغرفة ويمنعا أياً كان من الدخول إليها، وكذلك جلب لها ممرضة خاصة بها لا تخرج من الغرفة أبدا ولا تختلط بأحد.
كان يجوب الحديقة ذهاباً وإياباً وهو يفكر في طريقة لتخليصها مما هي فيه عندما رنّ هاتفه، تطلع إلى الشاشة ليجد جاسوسه يتصل به اجاب بنبرة هادئة: أخبرني ما لديك بسرعة؟
نقل إليه الرجل ماحدث من دخول براء إلى عليا بعد استفاقتها، ثم دخلت بعد قليل في نوبة قلبية عنيفة كادت تخسر حياتها على آثرها لولا تدخل الأطباء، كذلك أخبره بخروج براء من عندها كالمجنون .
حدّق يوسف في نقطة في الفراغ بعدما أغلق هاتفه، ضيّق عينيه وهو يفكر ،الاحتمال الأكبر لما حدث أن يكون براء قد تعرّف إليها، إذاً اقتربت لحظة انكشاف الحقائق.
رفع رأسه بكبرياء وابتسامة شيطانية عرفت طريقها إلى ثغره وهو يهمس بشرّ: إذاً حان الوقت لاستخدام نفوذي.
زادت ابتسامته شراسة وهو يضيف: أولا سأخرج عليا مما هي فيه، ومن ثمّ سأتخلص منك ،للأبد.
………………………………………………………..
– دلف براء إلى منزلهم وأغلق الباب بقوة ، خرجت والدته زينب لترى حاله المُشعث، عيناه حمراوان أنفاسه لاهثة وكأن غضب الكون تجمع فيه،صرخ بصوت جهوري أرعبها: أين والدي؟؟؟
ألجمتها الصدمة من منظره، فصرخ من جديد وهو يعيد تكرار سؤاله، انتفضت لتقول له بصوت مرتجف: في غرفته!!!
اتجه إلى الغرفة مهرولاً وقفت زينب تُشيعه بعينيها، خشيت أن يُلحِق مكروهاً ما بوالده دون أن يعي من شدة غضبه،فتبعته فورا.
فتح غرفة والده بدون استئذان، كان الدكتور محمد عادل يقرأ القرآن الكريم، صدّق وأغلق المصحف ثم وضعه بكلِّ هدوء بجواره على السرير ،ثمّ نظر إلى ابنه الذي مايزال واقفاً عند الباب ،وهو يرمقُ والده بنظرات نارية .
استغرب والده من هيئته المُزرية، فسأله بلهفة الوالد: مابك براء؟؟ لمَ حالك هكذا؟؟؟
ضغط براء على فكّه حتى كاد يتهشّم ، نفر عِرقٌ بارز من جانب رأسه ،وكانت زينب ماتزال واقفة تشاهد بحذر.
اندفع براء فجأة نحو والده، فتح دُرْج الطاولة المجاورة لوالده ليخرج قلما ودفتراً صغيراً تحتفظ بهما زينب لكتابه الحاجات الضرورية للمنزل، أخرجهما ثم بدأ يرسم شيئاً ما على الدفتر، تبادل محمد عادل وزوجته زينب النظرات المستغربة، ثم أعاد نظره إلى ابنه الذي رفع أمامه ورقة ليصرخ به: بمَ يُذكركَ هذا؟؟؟
اتسعت عيناه بشدة وهو يرى مارسم ابنه، علامة مميزة عبارة عن ثلاث دوائر مُرتبه عمودياً ومتفاوتة بالحجم، أعاد نظره إلى براء هامساً: مالذي ذكّركَ بهذه العلامة بُني؟؟
– صرخ براء مرة أخرى بصوت عالي: سألتك بمَ تُذكرك هذه العلامة؟؟؟ أجبني؟؟؟
ازدرد ريقه بصعوبة وهو يتأمل حال ابنه الثائر، ليهمس بصوت خفيض: مادُمتَ تذكرت هذه العلامة فإذاً تذكرتَ صاحبتها، أليس كذلك؟؟؟
– صاح براء مجدداً : لم أنسها يوماً لأتذكرها، ولكن سؤالي هل تتذكرها أنت؟؟؟
لم يجب ،بل بقي يرمق ابنه بنظرات دمجت مابين الأسى والرجاء، بادله براء بأخرى غاضبة قاسية،وأنفاس لاهثة متسارعه ، اقتربت زينب بحذر ،لتهمس وهي تحاول تهدأة براء، فوضعت يدها على ظهره: اهدأ عزيزي، هذا لن ينفع….
– قطعت كلماتها وعادت إلى الخلف عندما انتصب براء واقفاً فجأةً ليرمي الطاولة الخشبية بكل محتوياتها على الارض وهو يصرخ بألم: سألتك فأجبني، بمَ ذكّرتك هذه العلامة ؟؟؟
وقف أمام والده وصدره يعلو ويهبط بسرعه من فرط الغضب، ابتلع أباه ريقه بصعوبة ليتمتم بخفوت وهو يطالع وجه ابنه بآسىً : يذكرني بمن دمرت أحلامنا.
ارتخت أساريره قليلا، ليرتسم الأسى على قسماته و بان الألم في سوداوتاه ليهمس بضعف وهو يهز برأسه إيجابا : نعم، هذا صحيح .
جثى براء على ركبتيه أمام سرير والده، منكساً رأسه للأسفل واضعاً قبضتيه المكورتين على ركبتيه، مسح والده على رأسه بعطف، مما جعل براء يجهش بالبكاء بقوة وهو يرتمي في أحضان والده، ليبكي كالأطفال.
ازدردت زينب ريقها بخوف،وهي ترى حال براء وكأنه عاد إلى نقطه الصفر، عاد كما قابلته للمرة الأولى قبل ثمانية عشر عاماً.!!!
أغلقت الباب خلفها تاركةً إياه مع والده الذي بكى لبكائه، وكأنه يلوم نفسه على ذنبٍ لم يقترفه.
……………………………………………….
نفرت دمعه خائنة من عيني براء، ليفتحهما فجأة فقال وهو يطالع السقف : لقد حاولت ان أنساها وأنسى ماحصل كثيراً، أقسم أنني فعلت لكنني لم أستطع.
طالعه جواد بحزن صادق، بينما نفخ براء بضيق وهو يشعر بجبلٍ يجثم على صدره،أغمض عيناه مجددا لينتفض واقفا في اللحظة التالية، وهو يقول لجواد: يكفي هذا لليوم، أشعر بأنني متعب للغاية.
ابتسم جواد ليجاريه وهو يقف معه، ربت على كتفه قائلاً: لاتضغط على نفسك براء، دع ذكرياتك تخرج بسلاسة، بابي مفتوح أمامك دائماً متى أردت أن تتكلم تعال.
هز براء رأسه متفهما، ثم استدار ليخرج من المنزل يتبعه جواد، فتح الباب ليلتقي ب (ليليا) وهي تكاد تقرع الجرس، فُزعت عندما فُتِحَ الباب فجأة فعادت إلى الخلف خطوة واحدة ،وضعت يدها على صدرها لتهدأ قبل أن تردف بلوم: براء!! لقد أرعبتني.
ابتسم براء بخفه وهو يردّ عليها بمشاغبة افتقدها الجميع: وانت ماذا تفعلين امام باب منزلنا؟؟؟ أكنتي ستقرعين الجرس وتهربي كعادتك عندما كنتِ صغيرة؟؟؟
زمّت فمها وعقدت حاجبيها بامتعاض طفلة ،فأردفت بتهكم: لا أيها الظريف، كنت آتيةً إلى خالتي زينب.
كانا يتكلمان متناسياً كلاهما جواد ،والذي وقف كالمغيب بفمٍ مفتوح وهو يطالع وجه ليليا المستدير ، شعرها الأسود الطويل والعيون الدعجاء واسعة المقلتين شديدة السواد، كان جمالها عربياً خالصاً.
تنحّى براء ليسمح لها بالدخول ،لكنها عقدت حاجبيها من هذا الغريب الذي تراه واقفاً ليسدّ عليها المدخل ، نظرت إلى براء الذي وضع يده على كتف جواد لينتبه له الأخير، أردف الأول معرفاً إياهما ببعض: ليليا هذا جواد شقيقي ،هل تذكرته؟؟ .
ابتسمت ليليان باقتضاب وحركت رأسها بالإيجاب، بينما تابع براء موجهاً حديثه إلى جواد: وهذه ليليا ياجواد، ابنة السيد رضوان الذي كان يسكن الطابق الرابع قديماً، لا بدّ أنك تذكرتها؟؟
لم يجب جواد بل كان سارحاً في ملكوتٍ آخر، يتأمل تلك الملاك الواقفه أمامه وهل يوجد ملاكٌ يسير على الأرض؟؟
رفعت ليليا حاجبيها باستغراب من شرود جواد، وانتبه براء أيضا فوضع يده على كتف جواد مجدداً لينتبه إليه ، فقال بتلعثم: اا،انا آسف.
ثم مدَّ يده نحو ليليا وهو يرحب بها بابتسامة متسعه: اهلا بكِ ليليا، أنا أذكركِ بالطبع.
بادلته ليليا بابتسامة مقتضبة، ثم تحرك ليفسح لها مجالاً للدخول ،وظل هو واقف في مكانه يتأملها بشغفٍ جديدٍ عليه.
لاحظه براء فابتسم بخفه وقد قرأ في عيني شقيقه بذرة غرامٍ عُذري.
………………………………………………..
زمّت شادية فمها بتفكير ، ثم وضعت كوب الشاي على الطاولة أمامها بعدما لاحظت صمت ليلى المُطول كأنها تُعايش تلك الأحداث من جديد، ضيّقت عينيها بلؤم لتسأل ليلى بغتةً: إذاً الضابط لم يسمح لكِ بالدخول إلى مربيتك؟؟
تنهدت ليلى وهي تجيب بتلقائية: لا ،لم يسمح لي ولم يخبرني عن السبب ….
اتسعت حدقتاها بصدمة عندما استوعبت كيف أخطأت أمامها نظرت إليها وهي تزدرد ريقها بارتباك عندما لاحظت ابتسامةً منتصرة تلوح على شفتي شادية، فأردفت: إنها قصتكِ أنتي، أليس كذلك؟؟؟
طالعتها ليلى بوجل وهي تحرّك شفتيها تحاول الحديث لكن لا جدوى فصوتها اختفى ، أطرقت أرضاً وهي تغمض عيناها لتسأل شادية بضعف: كيف علمتي أنها قصتي؟؟
اتسعت ابتسامة شادية أكثر وهي تشبك يديها ببعض ،ثم أجابت بنبرة واثقة: لقد عرفتُ أنها قصتك منذ الوهلة الأولى ، عزيزتي لقد أخبرتك أنني طبيبةٌ نفسيّة،أي أنني أُجيدُ قراءة حركات الجسد.
نظرت إليها ليلى بعدم فهم ،فأضافت: نعم ،لقد علمتُ من خلال حركات جسدك، هلعكِ عندما رأيتني أقرأ الأوراق اول مرة ، ارتجافة جسدك ونظراتك الخائفة، وأخيرا عندما طلبتُ إليكِ أن تقرأي لي الرواية.
دمعت عينا ليلى فحاولت أن تأخذ نفساً عميقاً قبل أن ندخل في نوبة بكائها المعتاد، بينما تابعت شادية: حينما طلبتُ إليك أن تقرأيها لي شعرتُ بترددكِ، وضعتي الأوراق في حجركِ وزادت سرعة أنفاسك، ارتجف جسدكِ وكأنكِ على وشكِ قراءة حكم إعدامك.
سكتت شادية تراقب حركات ليلى، التي أخذت نفسا عميقا و زفرته عدة مرات كأنها تمنع نفسها عن البكاء، بدت كمن يتبعُ آليةً لذلك لتخمّن أنها ربما لجأت إلى طبيبٍ ما قبلاً، فسألتها: هل زُرتِ طبيباً نفسيّاً من قبل؟؟
حرّكت رأسها بالإيجاب لتضيف بهمس خافت: نعم، وقد نصحتني أن أكتب قصتي .
ابتسمت شادية ثم أردفت بمرح وهي تمدّ يدها لتخرجها من حالة الكآبة التي سيطرت عليها : حسنا ً إذاً
لنتعارف من جديد ، شادية عزيز، اسكن في المنزل المقابل.
ابتسمت الأخرى بدموع لتمدّ يدها وتعرفها على نفسها هذه المرة: أميرة، أميرة الفايد.
زادت ابتسامتها وهي تشعر أنها قامت بإنجازٍ ما عندما دفعتها للتخلي عن اسمها المستعار وتنطق باسمها الحقيقي بصوتٍ عالٍ ،أحسّت أنها على الطريق الصحيح لشفاء أميرة من آلامها الواضحه في عينيها، تعلم أنها تمرّ بأزمة ثقة، ربما لهذا هي تختفي خلف أسماء وهمية، أو ربما يوجد سببٌ آخر مجهولٌ لها.
– وكذلك أميرة شعرت بالغبطة لتمكّنها من تخطي عقبة نطق اسمها كأنها تنطق بكلمة بذيئة، أخيراً شعرت بقليلٍ من الارتياح يجتاح خلاياها، ربما يساعدها هذا على تخطي تلك الكوابيس التي مافتأت تنغص عليها منامها.
…………………………………………………….. ………..
كانت ليليا فتاة اجتماعية جداً، فبعد مغادرة براء انخرطت بسرعة في الحديث مع جواد الذي كان يقضي أكثر الحديث يستمع لها ويطالعها بنظرات غير مفهومة، ويشعر بأحاسيس غير معروفة وجديدة بالنسبة اليه.
منذ دخول ليليا إلى المنزل، قدّمت لها زينب بعض الشاي والكعك، جلست لتحادثها قليلاً قبل أن تستأذن لتدخل إلى زوجها مُتعلّلة بالاطمئنان عليه،لتترك جواد وليليا وحدهما يتذكران بعض المواقف من طفولتها، حيث كانت فتاة شقية للغاية.
ضحك جواد بصوت مسموع وهو يذكرها بموقفٍ ما حصل منذ زمنٍ بعيد: أتذكرين عندما كنتِ تلعبين بالدراجة أمام المبنى وكسرتي حوض الأزهار الموضوع أمام الباب الرئيسي؟؟
اتسعت عيناها بدهشة وهو يذكرها بأحد مواقفها المُحرجة، فهتفت بضحك: نعم أذكر هذا، يومها اتّهمتُ أبن صاحب الدكان بأنه من كسره!!.
أبتسم جواد وهو يُعقبُ على حديثها: نعم ،وقد نال ذلك الصبيُّ المسكين يومها جزاءً مؤلماً لذنبٍ لم يقترفه، وبعدها وشيتُ بكِ إلى والدك .
غطت وجهها بيديها بحرجٍ لتهز رأسها للجانبين وهي تتمتم: أرجوك لاتُذكرني،فقد عاقبني بشدة ذلك اليوم ، لقد كنتُ كاذبة في ذلك الوقت.
مدّ يده ليمسك يديها ويحرّر وجهها الملائكي ليقول بنبرة ذات مغزى: لا ،فقط كنتي شقيةً جداً ،لدرجة أن جميع من في المبنى كان سيتركه من أجلك أنتي.
رفعت رأسها ليتأمل جمال عينيها عن قرب، شرد في تلك العيون الحور كأنه ينظرُ إلى عيني المها، رفرفت بأهدابها وهي تشعر بإحساس جديد يجتاحها عندما لامس يديها، ربما هي اجتماعية لكن لم يلمس أحدهم يدها من قبل سوى براء عندما كان يساعدها في دروسها.
تنحنحت وهي تسحب يديها من بين يديه وتخفض رأسها بحرج ، انتبه جواد أنه شرد في عينيها وربما سبّب لها الحرج أيضا، فحمحم مُجلياً صوته ليسألها بارتباكٍ طفيف: إذاً ،لقد أخبرتني أمي أنك تعيشين في منزل عمك حالياً؟!
حركت رأسها موافقة وهي تضيف: أحيانا أذهب إلى هناك، وأحيانا أخرى ابقى في منزلي.
استقامت من مكانها وهي تعتذر بأدب: لقد تأخر الوقت، يجب أن أصعد إلى منزلي،.
ثم مشت نحو الباب وهو خلفها، صعدت الدرج تُشيعها نظراته حتى اختفت.
يتبع..
لقراءة الفصل الحادي عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية العشق الطاهر للكاتبة نسمة مالك