Uncategorized
رواية أنا والمجنونة الفصل العشرون 20 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
رواية أنا والمجنونة الفصل العشرون 20 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
![]() |
رواية أنا والمجنونة الفصل العشرون 20 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم |
رواية أنا والمجنونة الفصل العشرون 20 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
دخلتها مسرعة بقلب خائف ، شاعرةً بالعجز .
وأغلقت الباب خلفها مستندةً إليه بقلب مرتجف ، شاعرةً بالإختناق ؛ وهرعت ناحية فراشها قائلة بصوت مرتجف : نعيمة …… نعيمة ……. أوام ما نمتي ….. جومي آني خا……. بترت باقي عبارتها في حلقها وابتلعتها داخل فمهما ؛ عندما اصطدمت بصدر قوي قائلة لنفسها بهلع : يا مصيبتك السودة يا مهجة ؛ اتشاهدي على روحك ….. !!!
أغمضت عينيها بقوة وهي تشعر بصرخات قلبها التي تئن من الخوف والهلع الآن وهي تشعر بأنفاسه القوية على وجهها .
فشعرت بالدوار ينتابها بسبب صدمتها ولم تستطع النطق ؛ غير أنها استندت إليه بقوة على صدره مع أنفاسها المتقطعة .
تنهد جلال متمالكاً لأعصابه هو الآخر فقد تفاجىء بها ودخولها هكذا وهي مرعوبة من الظلام قائلاً لها ببرود : إيه اللي جايبك إهنه في اوضتي متأخر إكده .
جف حلقها وارتعد جسدها بين ذراعيه والذي أحاط خصرها بهما .
فقالت لنفسها بشكل مضحك ؛ هوه ما صدق مسك فيه ولا أنا اللي ما صدقت ؛ فهمست بتحشرج قائلة له : آني آسفه ….. يا سعات الباشا الحليوة ؛ أصل كنت أحسبها إوضة نعيمة .
تتهد بضيق من عبارتها قائلاً لها بجدية : وإيه اللي يجيبك إوضة نعيمة دلوك والوجت الساعة واحده .
ارتبكت قائلة له بتوتر : أصل ….. أصل خفت لما الكهرباء فصلت فجأة يا بيه ؛ فعلشان إكده جريت عليها علشان تونسني ؛ وانت خابر زين إني بخاف من الضلمة
مط جلال شفتيه بغموض قائلاً لها : وإنتي يعني دلوك حاسه بالأمان .
لم تعرف بأي شيء تجيبه إنها الآن بالفعل تشعر بذلك لكنها لا تستطيع أن تبوح بما في قلبها .
قطب جلال حاجبيه مندهشاً ؛ عندما وجدها صامته على غير عادتها ؛ فقال لها : طب تعالي نامي إهنه طالما خايفة .
خشيت من ردة فعله عندما يراها بالفستان فقالت له بلهفة : خلاص هروح أنادي لنعيمه تونسني .
شعر جلال بالغيظ قائلاً لها بحنق : مههجة فوجي ؛ شكلك إتجنيتي في عجلك ؛ إيه اللي تنادي على نعيمة دي .
ترددت قائلة بخوف : أصل …. أصل …. جذبها من ذراعها بقسوة ؛ فشعر بثيابٍ غريية تحت قبضته ؛ مقاطعاً لها بقوله بحده : إيه اللي انتي لابساه دلوك يا مهجة .
لم ترد أو تجيبه خشيةً منه ؛ فارتجف قلبها ؛ فمد يده الأخر تتحسس ثيابها في الظلام ؛ أغمضت عينيها بهلع وهو يتحسس الفستان قائلة لنفسها : يا وجعتك المطينة بطين يا مهجة .
فهتف بها بغضب عندما عرف قماشه تحت يده قائلاً بحده : فستان دلوك يا مهجة .
ما أن استمع ياسين إلى قرار والدته حتى ، جن جنونه قائلاً بانفعال : ماما إيه الكلام الغريب اللي بسمعه منك ده ….. إزاي بتطرديني من بيتي ومن إوضتي كمان علشان واحده لا تعرفي عنها حاجه ولا تعرفي هيه بنت مين حتى .
اقتربت منه قائلة بغضب : ياسين إطلع شقتك علشان إنت زودتها النهاردة ، وإياك أشوف وشك هنا تاني وإوعاك تفكر تقول كلمة أو حرف واحد زيادة وكفاية أوي لغاية كده .
ضم ياسين قبضته بغضب وود لو جذبها من شعرها وألقى بها خارج المبنى كله .
شعرت نوال بأن بيدٍ قاسية أمسكت بقلبها واعتصرته بقوة ، فانهمرت دموعها أكثر وأكثر من نظراته وعباراته المهينة لها ، مما زادها إصراراً على ترك المنزل قائلة لها : كفاية أوي كده يا خالتي أنا همشي ومتعمليش كده علشاني أرجوكي .
حدقت بها بحزم قائلة لها بإصرار : نوال …. وإياك أسمعك بتقولي كده تاني ، وإنتي زيك زي مها بنتي واللي مرضهوش على بنتي مرضهوش علشانك بردو .
رماهم بنظرات عدائية ، شاعراً بالسخط بداخله ثم تركهم مغادراً المكان ، فنادت والدته على ابنتها قائلة لها : مها تعاليلي بسرعة ، سارعت إليها قائلة : نعم يا ماما …. فقالت لها بجدية : طلعي لبس أخوكي من الدولاب وطلعيه له في شقته بسرعة في الشنطة بتاعته
أسرعت مها تلبي رغبات والدتها ، ثم التفتت إلى نوال قائلة بحنان : خلاص يا بنتي كفاية دموع بقى ، دموعك غالية عندي أوي يا نوال وبعتذر على كلام ياسين ليكي ، هوه عصبي صحيح بس قلبه أبيض ومتخافيش طول منا معاكي .
شعرت نوال بالأمان الآن وهي تستمع إلى كلماتها تلك قائلة لها : بس أنا فعلاً مستهلش كل اللي بتعمليه علشاني ، ومكنتش عايزاكي تطرديه بردو علشاني ، فقالت لها مبتسمة : يا بنتي إوعي تقولي كده ، ده إنتي بنتي التانية يا نوال ، وإوعي كلامه يأثر فيكي وهوه أكيد لما هيعرف قيمتك هيعتذرلك عن كل اللي قاله بنفسه كمان .
ابتسمت ابتسامه باهته قائلة لها بحزن : مظنش يا خالتي …. مظنش …. فقالت لها : يابنتي إوعي تضعفي أبداً كده مهما يضايقك ، هوه بس تلاقيه غيران منك لما لقاني بدافع عنك ، صدقيني أنا فاهماه كويس .
فقالت لها بحزن : يمكن يا خالتي …. يمكن …. فقالت لها بحنان : يالا حبيبتي قومي معايا إغسلي وشك ، ووضبي لبسك في الدولاب وإرتاحي ، مها عملت كل اللي قولتلها عليه .
أدخلتها إلى غرفته ، تأملتها بترقب ووضعت حقيبتها في الأرض ، وإلتفتت إلى أم ياسين قائلة بخجل : أنا مش عارفه أوفيكي حقك إزاي يا خالتي أم ياسين ربنا ما يحرمني منك أبداً .
احتضنتها أم ياسين بعطف وحب قائلة لها : يا حبيبتي مفيش داعي لكل ده ، إنتي غالية عليه أوي يا نوال ، بس أهم حاجه سيبك من كلام ياسين وخليكي معايا أنا ، ومش هسيبك ولا هتخلى عنك أبداً مهما عمل .
قبلتها نوال في وجنتيها قائلة بحب : حاضر يا خالتي مش هسمع إلا كلامك وبس .
فقالت لها مشجعة : صح كده …. إسمعي الكلام ومفيش حاجه بعد كده إسمها خالتي دي ، إنتي بنتي زي مها تمام ، يعني تقوليلي يا ماما من دلوقتي .
ابتسمت بخجل قائلة لها : حاضر يا ماما ….. وأحلى ماما كمان ، فربتت أم ياسين على وجنتها قائلة لها بسعادة : وده أحسن لقب أخدته من بنتي حبيبتي نوال ….. يالا بقى إغسلي وشك وغيري لبسك وإرتاحي النهاردة وبلاش تفتحي المحل .
هزت نوال رأسها بطاعة قائلة لها : ماشي كلامك .
وجد ياسين كل أغراضه قد تم نقلها إلى منزله في الطابق الثالث ، مما زاده إنفعالاً وسخطاً عليها .
فقال لنفسه : ماشي يا اللي اسمك نوال إن ما وريتك وهتشوفي أنا هعمل فيكي إيه .
كل هذا تتذكره نوال وهي في حجرة ياسين ، في الليل متمددة على الفراش وقد مرعليها يومان تمكث فيها عندهم ، شاعرةً بالأمان الآن أكثر من زي قبل والكل يعاملها بلطف ، حتى زوج أم ياسين ، ما عدا ياسين لم تراه إلى الآن ، ومن ذلك اليوم .
في المساء دلف الجميع إلى غرفهم بعد العشاء ، ودخلت هي أيضاً متذكرة ، كل ما مر بها خلال اليومين الذين مروا عليها .
أخرجها من شرودها هذا صوت طرقات ثابتة على الباب ، فحدقت بساعتها باستغراب فقالت لنفسها : يا ترى مين اللي جاي يخبط في وقت زي ده عليه ، دي الساعة ١٢ .
هبت من مكانها بتردد قائلة بصوت مرتجف : مين اللي بيخبط …!!! فقال لها بغضب : إفتحي أنا ياسين …
دخل يحيي إلى غرفة مريم في الصباح ليفحصها قائلاً لها بجدية : عامله إيه دلوك ؟ فقالت له بهدوء : أحسن من الأول الحمد لله ، تجاهل يحيي نظراتها المترجية ، وأتم فحصه لها .
قائلاً بجمود : تمام …. حالتك إكده إستقرت عن الأول شوية ، وممكن نكتبلك كمان على خروج من المستشفى .
هزت رأسها سريعاً قائلة له : منيش عايزة أخرج بحالتي دي دلوك ، تنفس بعمق ولم يرد عليها مفكراً ، إنما فقط شعر بالضيق والغضب بداخله .
همست له قائلة بعينين ذابلتين : أرجوك يا دكتور يحيي مش هينفع أروح لابوي وأمي إكده ، ده حسين يموتني فيها .
انفجر بها بصياح يكتمه بداخله منذ أن رآها أول مرة قائلاً لها : كان لازم تفكري زين جبل ما تعملي عملتك السودة وتشوفي عواجب عمايلك بعد إكده .
أغمضت عينيها بألم تذرف الدموع بغزارة قائلة له برجاء : يعني معنى كلامك إكده إنك مش مصدجني صوح في اللي حكيته وعرفته لدلوك .
أشاح بذراعه لها قائلاً بحدة : مخبرش ومش عايز أعرف آني مصدجك ولا لأ ، آني دلوك عايزك كام يوم وتروحي لبيت أهلك .
زاد نحيبها عندما استمعت إليه ولم تستطع الرد عليه ، فهي تعذره بالرغم من قسوته معها ، فقالت له برجاء : بس آني مظلومة يا دكتور يحيي ، حرام عليك مش إنت وأبوي وأخوي عليّ .
لم يرد عليها إنما تركها وكاد أن يغادر الغرفة ، فهمست قائلة برجاء : دكتور يحيي ، مش عايز تسمع باجي الحكاية .
توقف يحيي وإلتفت إليها غاضباً وقال لها بجمود : مش دلوك مش فاضي مشغول ، ورايا حالات تانية غيرك .
غادر الغرفة وتركها تعاني الألم الداخلي قائلة لنفسها : آني اللي استاهل ، بس إنتي بتظلمني زييهم دلوك ، ثم أجهشت بالبكاء المتواصل .
استيقظت مهجة في الصباح وهي تتثاءب ، بتكاسل مغمضة العينين تقول بخفوت : إيه يا مهجه الحلم الحلو ده ، بجى الباشا الحليوة كان نايم جنبي وحضني يا لهوي بالي ، آني مش مصدجة .
فتحت عينيها ببطء وهي تبتسم ، لكن سرعان ما ذهبت ابتسامتها نحو أدراج الرياح ، إذ وجدت من يتفحصها بأعين غامضة وهي نائمة بالفراش تتثاءب .
فقد كان جلال يمشط شعره أمام المرآه ويرتدي ثياباً أنيقة ، فتلفتت حولها ، فوجدتها أنها ليست غرفتها وإنما هي غرفته .
لقد نسيت خوفها الذي أدى بها إلى الوصول إلى هنا ، احمر وجهها من نظراته لها ، فحدقت بثيابها … فوجدت نفسها تنام بمنامةً رقيقة فجذبت الغطاء على جسدها .
تجاهل جلال كل هذا وتنهد قائلاً بجدية : آني خارج رايح شغلي ومنيش عايز أرجع ، ألاجيكي عاملة مصيبة من مصايبك فاهمة .
لم تستطع الرد إنما فقط ، حدقت به مشدوهة وهي تهز رأسها بالموافقة قائلة لنفسها : قول يارب يا عمدة هوه آني أجدر أعيش من غير ما أعملك مصايب مش مصيبة واحدة .
غادر جلال المنزل وهبت من فراشها بسرعة وهي تنادي قائلة : نعيمة …. نعيمة …. هرولت إليها خادمتها تقول : جهزيلي الفطار وفنجان جهوة فقالت لها قائلة : حاضر يا ستي .
حدقت بالغرفة حولها فوجدتها أصغر قليلاً من غرفتها وأثاثها أنيق ، يتماشى مع التحف والأنتيكات الموجوده بها وأيضاً الستائر التي تحيطها عند الشرفة تتماشى مع لونها .
وقفت معجبة من المنظر ولفت نظرها أسلحة منوعة معلقةً على الحائط فابتعدت عنها متذكرة ، أنواع الأسلحة التي تدربت عليها ، على يد زوجها في القاهرة .
تنهدت قائلة لنفسها : كانت أيام وكأنها من زمان أوي يا مهجة ، بس إمتى هيحس بيكي العمدة .
دلفت إلى الحمام وبعد قليل غادرته محدقةً بالغرفة قائلة لنفسها : آني اللي أنضفها دلوقتي وأخرج بسرعة قبل ما ييجي .
جاءتها الخادمة تقول لها : الفطار جاهز يا ست هانم ، فقالت لها : طب ثواني وجايه .
حدقت بالغرفة فرأت له صوره معلقة بالغرفة قائلة لنفسها مبتسمة : هفطر وأجيلك يا عمدة .
أثناء تناولها للإفطار قالت لنعيمة : نعيمة عايزاكي متطبخيش النهاردة للبيه .
استغربت نعيمة قائلة لها : أومال هعمل إيه يا ستي فقالت لها : آني اللي هطبخ له النهاردة .
فقالت لها مبتسمة : ماشي يا ستي موافجة ، بس آني هبجى أساعدك لو إحتجتي أي حاجه .
هزت رأسها بالموافقة وهي تبتسم قائلة ، إتفجنا يا نعيمة .
كان جلال في عمله عندما إتصل به شريف قائلاً له بمزاح : أهلاً بالعمدة وبعريسنا كمان ….. أجابه بجمود قائلاً : إزيك يا شريف ….. فيه أخبار جديدة ولا إيه .
تنهد وهو يضحك قائلاً له : دايماً كده بتقرأ أفكاري ، فقال له بسخرية : أومال أبجى عمدة ورائد إزاي .
فقال له باهتمام : النهاردة كنت في القسم ووصلني أخبار إن حوده اللي كلمتك عنه قبل كده جاب فيديو لمهجة مراتك وهيه بتركب معاك العربية يوم ما لاقيتها وأخدتها .
اتسعت عينيه بغضب قائلاً باهتمام : وده جابه منين ، فقال له : عن طريق كاميرت مراقبة كانت قريبه من المكان .
ضم قبضته غاضباً وكاد أن يكسر هاتفه وهو في يده قائلاً بانفعال : الفيديو ده لازم يختفي وبسرعة وتشوف كاميرت المراجبة دي فين وتصادرها في أسرع وجت مفهوم .
فقال له : منا قلت لازم يبقى عندك خبر قبل ما اتصرف من نفسي واعمل زي ما قلت ، فقال له بغضب : اتصرف بسرعة يا شريف وابجى بلغني عملت إيه ، آني مش مستعد أخسر مهمتي علشانه .
فقال له : حاضر هتصرف بسرعة وهبلغك .
زفر جلال بضيق غاضب قائلاً لنفسه بحده : وبعدهالك يا مهجة في مصايبك اللي مبتخلصشي دي .
مر عليه الوقت شارداً ، دلف إليه مجدي قائلاً له : مصطفى محرم عايز يقابل حضرتك ، تنهد قائلاً له بجدية : خليه يدخل يا مجدي
دخلت مهجة إلى المطبخ تصنع الطعام لجلال وهي تقول لنفسها : إطبخي يا مهجة بإيدك ولما نشوف رأيه إيه في أكلي ولا يا خوفي يضربني بالأكل في وشي ، تبقى مصيبة .
وصل جلال إلى المنزل شاعراً بالضيق ، شارداً في عبارات شريف وفي مقابلته لمصطفى محرم .
فقد أعتذر له عما بدر من عادل ، ثم اتفق معه على ميعاد آخر سيقابله به مصطفى ، فوافق جلال ذلك .
لقد جاءه يسعى إليه مثلما يخطط دائماً ، لكي يقوم بتوطيد العلاقة بينهما حتى يثق به مثلما يريد جلال .
استقبلته والدته تقول : إزيك يا ولدي ، يعني جيت بدري النهاردة ، ابتسم بهدوء قائلاً لها : مفيش يا أماي لجيت نفسي محتاج آجي فجيت ، ابتسمت له قائلة : ربنا معاك يا ولدي .
غادرها وصعد إلى منزله بالأعلى ، فتحت له نعيمة المنزل فقال لها بتساؤل : فين الست مهجة ، فقالت له مبتسمة : في المطبخ يا جناب العمدة بتحضر الغدا .
قطب جبينه باستغراب قائلاً لها : إعمليلي فنجان جهوة يا نعيمة بسرعة ، فقالت له : حاضر يا بيه .
دخلت نعيمة إلى المطبخ وأبلغتها بوجود جلال ، استغربت قائلة لها : جه دلوك يا نعيمة ، فقالت لها : أيوة يا ستي .
فقالت لها : طب كملي مكاني الغدا يا نعيمة لغاية ما أشوف البيه ، ابتعدت عنها مغادرة المطبخ .
دخل جلال إلى غرفته وجد شيئاً ، غريباً بها فقد وجد تغييراً كبيراً بها فقد تغير نظامها ، إلى الأجمل ، فابتسم لنفسه ، لكن هذه الابتسامة ما لبثت أن تلاشت ، عندما تذكر كلمات شريف له بالهاتف ، فشعر بازدياد الغضب بداخله .
فناداها قائلاً بصوت ساخط : مهههجة ، أسرعت مهجة له عندما استمعت لصوته الخشن يناديها ، فلقد كانت تستعد لمقابلته من قبل أن يناديها .
طرقت الباب عليه ، فالتفت إليها قائلاً : إدخلي ……. واجفلي الباب وراكي ، كانت تبتسم له لكن ابتسامتها اختفت مع النظر إلى وجهه الجامد ، وفعلت مثلما طلب منها .
اقترب منها قائلاً لها بجمود : جوليلي الحجيجة يا إما هخلي يومك أسود النهاردة إمعاي .
ابتلعت ريقها بصعوبة وشحب وجهها قائلة له بعدم استيعاب : حجيجة إيه يا بيه آني عملت مصيبه جديدة وآني مخبرش .
أمسكها من ذراعها بقوة ، مقترباً منها أكثر ، حتى شعرت بأنفاسه على وجهها ، قائلاً لها بغضب : حجيجة علاقتك باللي إسمه حوده ده ، لازم تجوليلي إنطجي .
تطلعت إليه بذعر قائلة له بتوتر : آني مليش أي علاجه بيه واصل ، فصاح بها قائلاً بانفعال : أومال ليه لغاية دلوك بيدور عليكي ومش ساكت ، ولا نسيكي ارتجف قلبها بقوة وأشاحت ببصرها بعيداً عنه غير مصدقه ما تسمعه قائلة له بصوت خافت : آني جولتلك جبل إكده إنه بيحبني ….. قاطعها بضغط يده بشده على ذراعها قائلاً لها بصوت هادر : وانتي بتحبيه مش إكده ، تأوهت بشدة قائلة له بألم ولهفة : لا يا بيه عمري ما حبيته ولا هحبه في يوم من الأيام ، وجلبي إتجفل على إكده .
كانت تود أن تطمئنه وتبلغه بأن قلبها قد أصبح ملكه هو ، لقد أصبح حياتها على الرغم من معاملته الجافة لها ، كانت تود أن ترتمي بين ذراعيه لتبلغه بمشاعرها كامله ، لكنها لم تستطع خوفاً من ردة فعله التي ستصدر منه .
حملق بها جلال بأعين غاضبة قائلاً بسخط : أومال ليه لدلوك بيدور عليكي …. هتفت به مسرعة بقولها بفزع : منيش خابرة …. منيش خابرة ….. غير إللي جولته يا بيه .
جز على أسنانه بانفعال قائلاً لها : إسمعي زين كل اللي هجوله دلوك هزت رأسها بالموافقة دون أن تنطق ببنت شفه
قرب وجهه من وجهها ، متفرساً في ملامحها مردفاً بقوله غاضباً : إوعاكي تفكري إني مستعد أخسر مهمتي علشان واحده علشانك ، ولا علشان واحد تافة زييه ، لأ فوجي آني الرائد والعمدة جلال المنياوي ، إللي عمره ما خسر عملية ولا مهمة جام بيها واصل جبل إكده .
هرب الدم من وجنتيها هامسة بهلع : خابرة يا بيه ….. خابرة ، أزاحها بقسوة على الفراش قائلاً لها : من دلوك مفيش جُعاد ولا نوم غير إهنه وإمعاي في إوضتي فاهمة .
اتسعت عينيها بذعر قائلةً له بصدمة : حاضر يا بيه …. حاضر ، تنهد غاضباً مستطرداً بقوله : ومفيش نزول لتحت إلا لما أجول آني ليكي إنزلي .
هزت رأسها بصمت ، حدق بها متابعاً قوله لها بسخط : ويا ويلك مني إذا خالفتيني يا اللي إسمك مهجة إنتي .
لمعت مهجة بعينيها الدموع ، وخشيت من منظره ، فسارعت إلى إخفاء وجهها في الفراش حتى لا يراها ضعيفة أمامه .
غادر جلال الغرفة مدركاً أنه يقسو عليها بسبب أفعالها الهوجاء ولن يتنازل عن نجاح مهمته من أجلها ، ومن أجل شاباً تافهاً لوكان أمامه الآن لكان حبسه إلى أن ينتهي من مهمته .
عندما إستمعت إلى صوت إغلاق باب الغرفة ، تركت العنان لدموعها الغزيرة قائلة لنفسها بضعف : إنت هتكسب مهمتك وأني هخسر قلبي يا جلال ، نفسي مرة تحس بيه وبعينيه اللي بتخبرك بكل اللي جوايا في كل مرة تبصلك ، لكن إنت هتفضل كده قلبك حجر وقاسي زي الحجر الصوان .
دخل مكتبه وأتت نعيمة بفنجان القهوة له قائلة : الغدا بجى جاهز يا سعات البيه ، فقال لها بضيق : منيش هاكل دلوك ، لما أحتاج هجولك .
هزت رأسها قائلة له باحترام : ماشي يا بيه تؤمر بأي حاجه تانية هز رأسه نافياً بصمت ، وقف جلال شارداً في أفكار شتى ، متطلعاً من النافذة إلى الخارج .
بأفكار متزاحمة بين عقله وقلبه الذي يبعده كثيراً عن تفكيره لكن هذه الفترة لا يتركه قلبه بسلام .
تذكرت مهجة ليلة أمس وهي ترتعد بين ذراعيه ، في الظلام وشعورها بأنفاسه وضربات قلبه المنتظمة التي كانت تستمع إليها عندما وجدت نفسها تستمع إليها وهي تضع رأسها بتلقائية منها على صدره .
على خلاف دقات قلبها التي تصرخ من قربه وعلى الرغم من ذلك فهو بعيداً عنها ، فقالت لنفسها : جلال أنا بحبك أوي وأنت أول حب دخل قلبي وحسيته ، وعمري ما هنساك بعد ما تطلقني وهتفضل بقلبي الموجوع من فراقك ، كان عندي أمل إنك هتحس بيه ؛ لكن لأ كل مرة بتبعد عني أكتر وأكتر .
ثم هتفت ساخطة بقولها : منك لله يا حوده إنت ورايا ورايا ، هوه أنا ملكة جمال علشان تدور عليه لدلوقتي يا أخويا إيه النخوة الزيادة عن اللزوم دي اللي نازله عليك فجأة .
حلو أوي إللي وصلتله لدلوقتي يا مصطفى بيه ، نطق بهذه العبارة رضوان وهو جالساً برفقة هذا الأخير .
فقال له : منا لازم أكسبه لصفنا علشان الشغل المتعطل ده من زمان ، التجار مش هيصبروا علينا لدوقتي وبالذات الأيام دي .
فقال له رضوان : فعلاً ده لسه واحد منهم باعت بيشوف إيه المشكلة للتعطيل ده كله .
عاد في مقعده إلى الوراء قائلاً له بغموض : هانت يا رضوان ….. هانت …. وقريب أوي هنتفق على شحنة السلاح الجديدة ، بس الصبر.
جلس جلال يتناول طعام الغداء بمفرده ، فقال لنعيمة : نادي للست هانم تيجي تاكل .
فقالت له بتردد : مردتش تاكل يا بيه ، جالتلي مليش نفس ، أخذ جلال نفساً عميقاً وقال لها : طب إدخلي إنتي إوضتك دلوك .
انصرفت نعيمة من أمامه ، ثم هبّ هو واقفاً متجهاً إلى غرفته ، فتح عليها الباب ، وجدها تجلس على الفراش والحزن يخيم على محياها الباهت .
اقترب منها بخطواتٍ ثابتة قائلاً لها بصرامة : جومي كُلي امعاي ، حدقت به بخوف ثم هزت رأسها رافضة ، انحنى ناحية وجهها قائلاً بحنق : مهجة إن مجمتيش دلوك علشان تاكلي ، هتتحرمي من الوكل اليوم كله .
اتسعت عينيها غاضبة قائلة بجرأة مضحكة : هوه إنت جايبني إهنه علشان تعذبني وتحرمني كمان من الوكل ، اللي ببجى سعيدة وآني باكله وبطلع فيه كل ضيجي منك .
حاول إمساك أعصابه أمام حديثها وتجاهله قائلاً لها بغضب مكتوم : أني جولتها كلمة وشوفي هنفذها ولا لا .
هبت من أمامه تهرول ناحية الباب تسبقه ناحية المائدة ، فهز رأسه بضيق من تصرفاتها الحمقاء وتبعها خارجاً من الغرفة .
جلست مهجة تتناول طعامها تحت بصره المذهول فها هي تأكل بشراهة ، كأنها لم تأكل منذ زمن بعيد .
دون أن تنتبه لعينيه الحادتين التي تتابعها بصدمة ، بعد أن قاربت على الشبع إلتفتت إليه ووجدته يحدق بها .
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له بحذر : ما تاكل يا بيه ….. ما بتاكلش ليه تنهد بضيق قائلاً لها بحدة : آكل إيه …. ها .
أشارت له بيدها ناحية الطعام قائلة : كُل الوكل اللي جدامك ….. حدق لما تشير إليه قائلاً لها بسخرية غاضبة : ما أنتي أكلتيه يا مهجة ، إنتي مش واخده بالك ولا إيــه .
صمتت وهي تحدق بباقي الطعام القليل المتبقي في الأطباق ، قائلة له بسرعة : آني آسفه يا عمدة ما أخدتش بالي ، أصل آني اللي طبخت الأكل وعجبني وكنت جعانة جوي جوي .
فقال لها بضيق : ولما إنتي إكده مكنتيش راضية تاكلي ليه .
فقالت بارتباك مضحك : آني فعلاً كانت نفسي مسدودة ، بس إنت يا باشا فتحتهالي .
كظم غيظه من كلماتها ولم يجيبها وتجاهلها ، فهبت مسرعة وهرولت ناحية المطبخ ، تأفف جلال من كثرة أفعالها الحمقاء وهب من مكانه .
لكن مهجة وضعت أمامه طعام جديد قائلة برجاء : آني جبت غيره أهوه إتفضل كُل .
رمقها بحنق قائلاً لها بجمود : منيش واكل خلاص شبعت ، فاقتربت منه وهي تطلع إليه قائلة له بحذر : لازم تاكل علشان محسش بتأنيب الضمير ، وخصوصاً إني طبخاه بيدي .
تطلع إليها بضيق ونفاذ صبر ثم جلس مكانه دون أن يرد عليها ويجيبها ، أغمضت عينيها مع تنهيدة خفيفة ، من شعورها بالتوتر من عدم قبوله ورفضه لطعامها ولكنها ارتاحت عندما وجدته مقبلاً على الطعام .
تناولت نوال غداءها في المتجر ، شاردة فيما يحدث معها هذه الأيام ، وجدت فتاة مقبلةً عليها إلى داخل المتجر ، طويلة القامة ، منظرها يوحي بعمر يتراوح ما بين الخامسة والعشرون والسابعة والعشرون ترتدي ثياباً أنيقة ، محجبة حجاباً صغيراً على شعرها ، تتهادى بخطوات ثابته تقول لنوال باستعلاء : من فضلك يا شاطرة عايزة بيت الأستاذ ياسين .
انتاب نوال حالة من السخط الداخلية من هي هذه الفتاة التي تحدثها بهذه الطريقة ، المستفذه لها ولمشاعرها فأجابتها ببرود قائلة : معرفش ….. فأجابتها الفتاة بضيق وكبر قائلة : إزاي متعرفهوش وده الشارع اللي فيه بيته .
شعرت نوال بالغضب من ياسين قائلة لها : طالما كده يبقى دوري عليه بنفسك ما دمتي متأكده .
حدقت بها الفتاة بكبر وغيظ قائلة لها : صحيح واحده بياعة ؛ متعرفيش تتكلمي بذوق مع الناس إللي محترمة واللي أحسن منك .
في هذه اللحظة شعرت نوال بأن هناك موجة داخلية من الغضب بداخلها وستنفجر في وجهها في هذه اللحظة وستطفو على السطح ، قائلة لها : بقى أنا قليلة ذوق طيب إن ما وريتك يا حلوة .
وأسرعت تهرول ناحية المكنسة ، عائدةً بها إليها وكادت أن تهم بضربها لولا هروب الفتاة من أمامها مسرعة فقالت نوال بسخط : على الله أشوفك هنا تاني وأنا أوريكي قلة القيمة مش الذوق .
هبط ياسين من أعلى الدرج وهو في أبهى صورة لديه ، متوقفاً أمام منزله بجانب سيارته الجديدة الذي اشتراها بعد عودته من السفر .
أقبلت ناحيته فتاة تقول له بغضب : بقى أنا يا ياسين يتعمل فيه كده ، قطب حاجبيه قائلاً باهتمام : فيه إيه يا حبيبتي مين اللي زعلك ، فقالت له بحنق : دخلت محل بسأل فيه على بيتك ، لقيت بنت قليلة الذوق ترد عليه ردود مش كويسة وتبهدلني وتقولي متعرفش بيتك ، ضيق ياسين عينيه مفكراً وقال لها باهتمام : وفين المحل ده ، أشارت بيدها ناحية المتجر قائلة له بضيق : إللي هناك ده ، هز رأسه بجمود قائلاً بشرود : طب إركبي يا نهى وأنا هبقى أتصرف بعدين .
فقالت له بغيظ : إمتى يعني يا يا سين ، فقال لها بنفاذ صبر : وبعدين يا نهى كده هنتأخر ، بقولك إركبي وأنا هتصرف وأوعدك مش هسكت .
ركبت بجواره تشعر بالتذمر والغضب ، لكن ياسين يتوعدها بداخله قائلاً لنفسه : ماشي يا نوال إنتي زودتيها أوي وأنا مش هسكت .
في المساء دخلت مهجة إلى غرفتها ، قائلة لنفسها بضيق : بقى كده يا باشا تاكل ولا تقوليش الأكل لا حلو ولا وحش ، ياساتر إمتى بقى الميه وحداشر دول يروحوا من وشك وتبتسم ليه ولو مرة واحد ولا آني مستهلش منك غير كده يا عمدة .
جلست متذكرة كلماته وأوامره لها بأن تترك غرفتها وتذهب للإقامة معه في غرفته ، ارتجف قلبها وهي تتذكر ذلك .
وجدت نعيمة تطرق الباب عليها قائلة لها : عايزة أي حاجه مني تاني يا ستي جبل ما أنام ، هزت رأسها قائلة لها : لأ يا نعيمة روحي نامي إنتي تصبحي على خير ، استبدلت ثيابها ثم وقفت من على الفراش مترددة أتذهب إليه أم لا .
رفعت بصرها صوب باب غرفتها وهو يفتح عليها ، دون أن يطرق عليها الباب قائلاً لها بجمود : إيه اللي جابك إهنه ، إنتي ناسية أوامري ، بلعت ريقها بصعوبة قائلة له بارتباك : منيش ناسياها واصل ، وآني كنت لسه هاجي .
فقال لها بضيق : دجيجة وألائيكي ورايا ، فقالت له بسرعة : حاضر يا جناب العمدة .
دلفت وراءه الغرفة دون أن تغلق الباب ، حدجها باللامبالاة ثم اتجه ثم أغلق وراءها الباب .
أغمضت عينيها من الخوف عندما فعل ذلك ، حاولت أن تبدو هادئة أمامه ، وقف أمامها قائلاً ببرود : نامي يالا … فقالت له بتلقائية : أنام فين على الأرض .
ضم قبضته بغيظ قائلاً لها : آه شكل الغباء والجنان بتاعك هيشتغل من تاني مش إكده .
فهرولت مسرعة تعتلي الفراش بطريقة مضحكة وتجذب الغطاء عليها لتحتمي به ، تنفس بعمق يحاول ضبط أعصابه ، نام بجوارها قائلاً بحدة : نامي واطمني منيش هاكلك .
ارتعش قلبها عندما تمدد بجسده بجوارها غير مصدقه أنها تنام بجواره .
أولاها ظهره كأنها لا تعنيه في شيء ، فهمست لنفسها قائلة بغيظ : أهو نام ومن أولها عطاكي ضهره ياختي ، بقى يرضيك يا عمده لا لا ، كفاياك يا عمده لا لا .
انتبهت لنفسها قائلة : انتي هتغني إنتي كمان … نامي ياختي …. نامي والصباح رباح .
وفي قبيل الفجر استيقظ جلال على قدمين واحده فوق خصره والقدم الأخرى تدفعه بعيداً عنها من ظهره .
في صباح اليوم التالي نزل والد ياسين إلى عمله ونزلت مها إلى مدرستها ولم يتبقى غير والدة ياسين التي كانت تعد طعام الغداء في المطبخ ، وكانت نوال في الغرفة ترتدي ثيابها ، استعداداً منها للنزول هي الأخرى لعملها في المتجر .
انتهت من إرتداء ثيابها وأبلغت أم ياسين بانصرافها ، قبل أن تفتح باب المنزل ، لتجد عينين كالجمر ، تحدقان بها .
وقع قلب نوال بين قدميها وشحب وجهها قائلة له بصوت مرتجف : ياسين …..!!!
يتبع..
لقراءة الفصل الحادي والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي