Uncategorized

رواية أشلاء الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم علي اليوسفي

 رواية أشلاء الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم علي اليوسفي

رواية أشلاء الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم علي اليوسفي

رواية أشلاء الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم علي اليوسفي

لم تنشف دمعتها منذ غادرتها، كيف لها أن تكون قاسيةً عليها هكذا؟؟؟ كيف لها أن ترحل دون أن تستمع لجانبها من القصة؟؟ اكتفت فقط بسماع والدها ثم حكمت عليها بالإبتعاد عنها، هي روحها وهي نفسها ،فبعد رحيلها ومقتل يوسف لم يعد لها وطراً في هذه الحياة.
غادرت نسمة المستشفى بسبب اتصالٍ طارئ من والدتها، أوصلها نعيم الذي كان يقف وحيداً على باب غرفة عليا، ولم يهتمّا كثيراً لتركها فعلى جميع الأحوال سيتم نقلها إلى سجن النساء بعد ساعاتٍ قليلة، وقد علمَ جميع من في المستشفى بالخبر  فلم يعد هناك إمكانية لهروبها. 
دلفت إليها إحدى الممرضات ، لاحظت عليا ارتباكها وهي تقرأ التقرير اليومي لها فخمنت أنها جديدةٌ في مهنة التمريض ، خطر ببالها خاطرٌ مهم فنادت عليها قبل أن تنهي القراءة:  ياابنتي أريد أن أطلب منكِ طلباً صغيراً.
اقتربت سلمى منها بابتسامة بشوش هاتفةً : نعم ياخالة اخبربني؟؟
ازدردت ريقها بوجل وهي تمسح دمعاتها لتسألها: هل لي أن أطلب إليكِ أن تحضري لي  شطيرة خبز مدهونةً بزبدة الفول السوداني ؟؟؟
بدى طلبها غريباً جداً خاصةً لسيدةٍ في وضعها، لاحظت عليا ترددها فتمتمت لتشجعها: أرجوك يابنتي، فكما تعلمين سيتمّ نقلي إلى السجن بعد ساعات،وهناك لن أحصل عليها بالسهل. 
همست سلمى تسألها بشكّ: ولمَ تريدينها أساساً؟؟
ابتسمت بخفة وهي تخبرها بنبرة حاولت جعلها صادقةً قدر الإمكان: إنني أحبها وقد منعها الضابط المسؤول عني، ليس لشيئ فقط ليُمعنَ في إذلالي. 
ثم امتدت يدها نحو المظروف الورقي لترفعه أمام عينيها مُلقيةً بآخر أوراقها: وهذا المال كله لكِ إن جلبتها لي، أرجوك. 
فغر فاه سلمى وزاغت أنظارها بطمع عندما رأت المظروف ،حاولت أن تختطفه من بين يديها إلا أن عليا كانت أسرع فأبعدته عنها قائلةً بجدية: احضري لي طلبي أولاً.
ابتسمت سلمى باقتضاب وهي تحرك رأسها بإيجاب، ثم خرجت  من الغرفة مُسرعةً، تاركةً عليا خلفها تشرد لتتذكر يوم مقتل عمار. 
Flash Back. 
…………….     …….
ماإن تأكدت من أن آمال قد غطت في النوم،حتى خرجت مُسرعةً من منزلها الذي لم يكن يحتوي على أي كاميرات مراقبة، كان يوسف بانتظارها بعيداً عن المنزل بعدة أمتار  ،بعد أن تبعهما مذ خرجتا من القصر. 
دلفت إلى السيارة وهي تلهث بخفة، ثم قاد يوسف السيارة متجهاً إلى قصر عمار، التفّ من الجانب الآخر حيث الباب الحديدي الصغير ، همس لها وهو يوقف السيارة : أنتِ متأكدةٌ أن لا كاميرات ستلتقط دخولنا، أليس كذلك؟؟وهل تأكدتي من فتح الباب؟؟
أشارت له بالإيجاب هامسةً بدورها: نعم أنا متأكدة ،لقد فتحته صباحاً ثمّ وضعت فوقه بعض الحشائش اليابسة لئلا يراه أحد. 
هز رأسه ثم امتدت يده إلى صندوق السيارة ليخرج مسدسه فوضعت عليا يدها عليه قائلةً: لا، فلنستخدم مسدس عمار  لتبدو أنها محاولة انتحار.
قطب جبينه باستغراب ليقول: وهل تعلمين مكان مسدسه عليا؟؟
أشارت له بالإيجاب دون حديث، ثم ترجل كلاهما من السيارة، دلفا إلى المنزل من البوابة الصغيرة بهدوء ودون أن يصدرا أية أصوات، كانت الأضواء مٌطفأةً وجميع سكان القصر قد خلدوا إلى النوم.
خطت عليا بتمهل يتبعها يوسف، سارا عبر الممرّ الذي يفصل المطبخ عن صالة الإستقبال حيث لم يكن فيه كاميرات مراقبة،  حتى وصلت إلى غرفة عمار. 
تيبست مكانها وقد بدأت تشعر بالخوف مما هي مُقدمةٌ عليه، وضع يوسف يده على كتفها ليحثها على الحركة،  فتحت الباب بهدوء مُعتقدين بأنهما سيجدانه نائماً،لكنهما تفاجأا بوجوده مُستيقظاً ،مايزال مُرتدياً ملابسه الرسمية جالساً على كرسي من خشب الزان المتين، ويضع كلتا يديه على مسندي الكرسي كأنه كان بانتظارهما. 
رفع رأسه نحوهما بكبرياء، ثم ابتسم ببساطه هامساً: لقد كنتُ بانتظاركما. 
تسارعت أنفاسها بهلع وهي تحدق فيه ، إلا أن يوسف تحرك ليمشي نحوه، بينما كان عمار مركزا نظره على عليا ،ثم تحدث : ادخلي عليا واغلقي الباب خلفك، فلا أضمن أن يستيقظ أحدهم فيراكِ.
ماباله يتحدث بهذه الأريحية؟؟؟ وكمن قرأ أفكارها أضاف ساخراً: ليس وكأنك ستقتليني، أليس كذلك؟؟
وقف يوسف أمامه يتفحص تعابيره بدقه، فالتفت عمار نحوه عندما سأله بشك: أكنتَ تعلمُ بأن عليا ستقوم بقتلك؟؟ والليلة بالذات؟؟
تنفس بعمق وهو يدير رأسه ناحيتها متحدثاً: نعم ،لقد علمت أنها ستقوم بقتلي.
ثم التفت نحوه مجددا ليضيف: بمساعدتك أنت. 
ضيق عينيه وقبل أن يتحدث أردف عمار : أجل، فأنا أعلم انكما قد تعاضدتما معاً ضدي واعلم السبب أيضا ، ولاآبه بهذا كثيرا صدقني.
سكت لثانية ثم أشار نحو خزانة ثيابه المفتوحه متابعاً بجدية : مسدسي هناك ومعه كاتم الصوت، اجلبهما وأنهي الأمر بسرعة. 
راوده الشك في جديته، لكنه اتجه صوب الخزانة ليتأكد  فوجد المسدس بالفعل مع كاتم الصوت، لم يفكر مرتين فثأره لوالده الحقيقي يجب أن يتحقق والليلة، امتدت يده ليخرج من جيبه قفازاتٍ جلدية سوداء،  ارتداها مسرعاً ثم حمل المسدس ،واتجه نحو عمار يحدثه بتمهل  وهو يوصل الكاتم مع المسدس: إذاً ،فأنت تعلم أننا هنا لنثأر لوالدي ،صحيح؟؟
أجابه عمار ببرود: نعم أعلم، وأودّ لو تعلما أنني آسفٌ على قتلي لسليم. 
ثم أدار رأسه نحوها هامساً برقة لم تلقْ به ومازالت هي على وقفتها: وأودّ لو تعلمي عليا ،بأنني نادمٌ على كلّ دمعةٍ ذرفتها عيناكِ بسببي، سامحيني أرجوك. 
ابتسم يوسف معقباً باستهزاء: الاعتذار للميت لن يعيده للحياة،عمار باشا. 
ثم أردف بجدية: أين الحقيبة؟؟
رفع عمار رأسه مخبراً إياه بتحدٍّ: لن أخبرك طبعا، وانا أعلم أنك اختطفت سيمون منذ الأمس لكن صدقني لن يخبرك بمكانها ، وأنصحك أن تسرع ليتسنى لك الهرب قبل أن تعود أميرة مع صديقاتها من الخارج. 
نعم فعلا هو محقّ بجزئيته الأخيرة،  لابأس سيبحث عن الحقيبة بتروٍّ وعلى مهل بعد أن يتخلص منه.
استدار يوسف ناحية عليا ماداً يده بالمسدس نحوها آمراً: هيا عليا، يجب أن نقتله ونرحل بسرعه. 
نظرت إليه تطالعه وكأنها لم تفهم مقصده، زفر بضيق وقد لمح التردد يعتري ملامحها، ليقول وهو يصرُّ على أسنانه بغضب: هيا عليا ،لاوقت لدينا. 
همست له بخفوت وقد تحررت عبراتها: لن أستطيع. 
توقع أن تجبُنَ عمته عن التنفيذ، لذا لم يتردد وهو يتقدم ليضع المسدس على جبين عمار ويضغط عليه هامساً بغل: توسلني لئلا أقتلك. 
ابتسم عمار ببساطه وكأنه يحادث شخصاً آخر، فهمس مجيباً: لستُ أنا من يتوسل ،أيها الكوبرا. 
ضيق عينيه وقد بدا متفاجئا،  أبعد المسدس عن رأسه ليسأله: كيف علمتَ أنني الكوبرا؟؟
تنهد بخفة ليخبره: حقاً لاتعلم؟؟ أولستَ أنتَ من غوى سيمون وحاول مراراً إقناعه بخيانتي؟؟ وكذلك قمت بضمه إلى مجموعتك لتضمن ولاءه لك؟؟؟
لقد أراني سيمون الوشم وأخبرني بكل شئ، سيمون كلبي الوفي ولن يغدر بي أبداً.
قال آخر كلماته بثقةٍ منقطعة النظير، تدفقت مشاعرٌ حانقةً لتغزو أوردة يوسف ،يشعر أنه مهما ظنّ نفسه متقدماً على عمار سيظلّ سابقاً إياه بخطوة، رفع المسدس وقبل أن تلحظ عليا أي شئ أطلق رصاصته فاخترقت رأس عمار لتنثر دماؤه على الحائط خلفه. 
انتفضت عليا على منظر الدماء ،اتسعت عيناها وتسارعت أنفاسها بفزع، ركضت لتجثو على ركبتيها أمام جسده الذي غادرته الحياة، تأملته بعينين دامعتين ثم دفنت رأسها في أحضانه لتبكي حزناً عليه، رغم كلّ مافعله بها قديماً لكنه مايزال يحتفظ بمكانته ملكاً على قلبها. 
زفر يوسف بضيق وهو يرى مشاعرها المُبتذلة من وجهة نظره، فمدّ يده ليرفعها عنه إجباراً، ثم صاح بها من بين أسنانه المُتلاحمة: يكفي عليا،  تبكين عليه هو؟؟ أنسيتي مافعله بك وبوالدي؟؟ 
ارتجفت شفتيها وهي تسمع توبيخه فلم تجبه، انحنى ليضع المسدس في كف عمار وأغلق أصابعه عليه ،أبتعد عنه ساحباً عليا خلفه خارجاً من الغرفة، لكنها تجمدت أمام الباب وهي تطالع منظر عمار ، وقف يوسف أمامها متحدثاً بتبرير: لقد مات وقُضي الأمر، يجب أن أُعيدكِ الآن إلى منزل تلك السيدة لتنامي فيه.
حركت رأسها بالإيجاب وهي تمسح دموعها ثم أضاف بتحذير جاد: إياكي أن تدعي أحداً يشكّ بكِ عليا، أسمعتني؟؟ وإلا تدمرت خططنا جميعها. 
نظرت إليه وهي تشير له بالموافقة، ألقت نظرة أخيرة على جسد عمار ثم تنفست بعمق، تبعت يوسف ليخرجا من القصر كما دخلا  دون أن يشعر بهما أحد،ثم عادت إلى منزل آمال وهي تقنع نفسها بأنها ثأرت لنفسها وأخيها… وأيضاً ابنتها. 
…………………………………………………………………
عادت إلى واقعها مع دخول الممرضة سلمى إليها وهي تحمل في يدها كيساً صغيراً ، لهثت بخفة وهي تشرح لها: لقد ذهبتُ إلى محلٍ قريب من المشفى لأحضر لك زبدة الفول السوداني، فلم أجدها في مطبخ المستشفى. وقد دفعتُ مبلغاً……
لم تنتبه عليا إلى باقي ثرثرتها حين تناولت منها الكيس لهفة، رأت قطعةً من الخبز المحمص مدهونة بالزبدة التي طلبتها، ابتسمت بخفة ثم رفعت المظروف لتعطيه لسلمى قاطعةً عليها حديثها غير المُجدي لتقول بسرعة: شكراً لك، هذا المال لك خذيه كله. 
التمعت عينا سلمى بطمع وهي ترى رزمة كبيرة من المال ،سال لعابها بجشع ثم سمعت عليا تضيف بتحذير : اخرجي الآن لكن عديني ألا تُحدثي أحداً بالأمر، وإلا ستكون العاقبة وخيمةً عليكِ.
أشارت لها بالإيجاب وابتسامة عريضة تشق ثغرها، أخفت المال في جيب سترتها البيضاء الطويلة وخرجت من الغرفة، لم تسأل نفسها أهناك من قد يُنفق مبلغاً كبيراً كهذا لأجل الحصول على وجبةٍ صغيرة من زبدة الفول السوداني، فبمجرد أن رأت المال لم يعد لأي شئ أهميةٌ في نظرها. 
……………………………
راقبتها عليا حتى خرجت،  تناولت الخبزة لتخرجها من الكيس بلهفة ، بدأت تتناولها بشراهة وهي تذرف عبراتٍ متتالية، ظلت تبكي حتى أنهت نصف الخبزة، ثم بدأت أعراض حساسيتها المفرطة ضد المكسرات  تظهر تباعاً.
باغتها الدوار فجأةً ،ازدادت سرعة نبضاتها بشكلٍ مفرط ، انقبضت مجاري الهواء لديها وتضخم عنقها بشكلٍ مخيف  مما جعل تنفسها يصبح أكثر صعوبةً ،
وفي النهاية حصل معها صدمة حادة بسبب هبوط مفاجئ في الضغط، ماهي إلا ثوانٍ حتى فاضت روحها، وهي ماتزال تشهق بعبراتها .
………………………………………………………………….
جالسةٌ في صالة المطار بانتظار النداء لتصعد إلى طيارتها ،وسيلةُ هروبها من هنا ، صدح صوت المذياع أخيراً ينادي إلى ركاب الطائرة المتوجهة إلى كندا، زفرت بخفة ثم استقامت من مكانها، توجهت نحو الركن المخصص لتنجز أوراقها تصحبها حقيبة ملابس صغيرة وضبتها على عجل، إضافةً إلى أوراقها الضرورية. 
توقفت سيارة سمير أمام المطار، ليفتح براء بابه حتى قبل أن تستقرَّ مكانها، ترجل سمير مسرعاً ليسند رفيقه الطائش الذي أصرّ على أن يأتي هو بنفسه إلى المطار ليحادث أميرة ويمنعها عن الرحيل، لقد نهره وعارضه بدايةً ورفض أن يسمح له بمغادرة المستشفى، لكن مشاعره الصادقة التي رآها في عينيه أرغمته على القبول .
قد ينهار صديقه لو غادرت دون أن يردعها، لذى استقلّ سيارته وطار به إلى، وها هو الآن يمشي بجانب صديقه ليدلف داخلاً ، كان براء يمشي بصعوبة بالغة ومازال جسده منهكاً بسبب السم ،لكن ألم قلبه طغى على كل ألم آخر.
جال بعينيه في صالة الانتظار الكبيرة، ثم رفع أنظاره نحو شاشة العرض الكبيرة ليقرأ موعد الرحلة القادمة، لهث وهو ينادي سمير الواقف خلفه: ستغادر إلى كندا. 
لم ينتظر أكثر، بل اندفع إلى ممرّ الخروج إلى الطائرة ،اعترضه عناصر أمن المطار، ثم مالبث أن سمحوا له بالمرور عندما عرض سمير عليهم بطاقته الأمنية، ترك صديقه خلفه ليقنع أمن المطار بأنهم  في مهمةٍ رسمية ،ثم واصل مسيره ليدلف إلى الممر الطويل ،شاهدها هناك ،حاملةً حقيبتها الصغيرة وتسير وحيدةً في الممر، هتف يناديها بأنفاس متلاحقة: أميرة!!
تجمدت قدماها عندما سمعت صوته، تلقائياً اغرورقت عيناها بالدموع وهي تجبر قدميها على التحرك،لتخطو خطوتان قبل أن يناديها مجدداً بنبرةٍ معذبة، أغمضت عيناها بجزع ياآلهي، إنه يبكي!!!
سقطت عبراتها وهي تشعر به يتحرك خلفها ليصل إليها، لكن خطواته كانت بطيئة بسبب تعب جسده. 
ظلت واقفةً مكانها وهي تشجع نفسها،هيا أميرة، لامفرّ من المواجهة، أخبريه بأنك راحلةٌ لأجله فاجتماعكما سوياً لهو بمثابة معجزةٍ لن تحصل، أقنعيه بأنه لن يستطيع أن يحيا وأنت أمامه لتذكريه بما اقترف والديك في حق عائلته، حتى لو أنه تناسى ذلك،فوجود والده المقعد سيذكركما بالأمر دائماً.
……………………………….
شعرت به خلفها ،تنفست بعمق وهي تحضر دفاعاتها التي انهارت بمجرد أن استدارت لتقابل وجهه المُجهد، وعيناه اللتان تناجيانها بكل مايعتري قلبه من مشاعر صادقة بألا ترحل. 
همس لها وهو يلهث ويسند نفسه ليبقى واقفا بالإجبار: أميرة، لاترحلي. 
ارتجفت شفتاها دون أن تنطق بحرف فحنجرتها لم تطاوعها، لكن لا مناص من ذلك.
ياآلهي كم هذا صعب، أخفضت عينيها لتنظر إلى يدها التي تعبث بالحقيبة مرددةً: لا أستطيع براء،  لاتصعب علي الأمر أكثر. 
سكتت لتتمالك أنفاسها الهاربة ثم تابعت بهمس :  أرجوك، فحياتي أشبه ببركة رمالٍ متحركة، إن خطوت فيها ستغرق لا محالة. 
هتف يقاطعها بنبرةٍ اخترقت قلبها لتدميه: لماذا أميرة؟؟ أنا أحبك. 
ازدردت ريقها هامسةً بكذب وماتزال ناظرةً للأسفل : لمصلحة كلينا، صدقني. 
شعر بعذابها هي الأخرى، لقد علم منذ البداية أنها رقيقة كأجنحة الفراشة، ستبتعد عنه لظنها بأنها تؤذيه، تمالك نفسه ليردد بنبرة مُلتاعه: هل ستعودين إليّ ذات يومٍ لتكوني لي؟؟؟
أغمضت عينيها لتذرف دمعةً سقطت رغماً عنها،لم تستطع أن تجيبه فلم ترغب بأن تكذب عليه، مُقتنعةً بكامل وعيها بأن الفراق أفضل لهما على حدٍّ سواء،سينساها وستنسى، وسيمضي كلاً منهما في طريقه ليبقى ذكرى جميلة للآخر. 
هكذا ظنت، أو هذا ماكانت تأمله حقيقةً..
شعر بترددها وعلم ما يجول في خاطرها، فابتعد عنها خطوتين ليهمس لها: اذهبي أميرة، لكن تذكري بأنني أحببتكِ بكلِّ جوارحي، ،ارحلي حبيبتي مادام هذا يريحك. 
شدّدت على أجفانها تعتصرها بقسوة،،ثم استدارت لتركض متابعةً طريقها دون أن تنظر إليه وقد علا صوت شهقاتها المقهورة. 
…………………………….
راقبها براء حتى اختفت، ثم استدار عائداً بخذلانه إلى صديقه الذي كان ينتظره عند بداية الممر، طالعه سمير بتساؤل لم تنطقه شفاهه، فابتسم له بخفة وهو يتحدث ببساطة: أتعلم أن مُربي طيور الحمام يسمح لها بأن تطير طوال النهار خارجاً دون أن يقلق، أتعلم لماذا؟؟
قطب سمير جبينه دون أن يفهم مغزى حديثه ،تنفس براء بعمق وهو يربت على كتفه هامساً : لإنه يعلم أنها ستعود إليه في نهاية المطاف. 
شعر بأوجاعه تزداد فاستند عليه قائلاً بضعف: أخرجني من هنا صديقي، لقد تعبتُ.
خرج من المطار وهو يستند على سمير بعجز، حتى وصل إلى السيارة ،فتح الباب وقبل أن يستقرّ داخلها شاهد الطائرة وهي تقلع، وقف يشيعها بعينيه كأنه يودعها للمرة الأخيرة. 
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية العشق الطاهر للكاتبة نسمة مالك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *