Uncategorized

رواية البوص الفصل الخامس 5 بقلم يمنى عبد المنعم

 رواية البوص الفصل الخامس 5 بقلم يمنى عبد المنعم

رواية البوص الفصل الخامس 5 بقلم يمنى عبد المنعم

رواية البوص الفصل الخامس 5 بقلم يمنى عبد المنعم

 القسوة
أخرجها من شرودها الكثير هذا آخر شخص تتمنى رؤيته في ذلك التوقيت المجحف بها…. حتى شعرت بأن باب الغرفة كاد ينكسر في يده…. وهو يُفتح الباب دون أن يطرق عليه.
وقف أمامها كالمارد يتأملها بعينين قاسيتين يريدان تحذيرها من عدم إنصاتها لأوامره… صائحاً بها بغلظة: ممكن أعرف الأكل ده متاكلش ليه.
بُهت وجهها بشدة وهرب الدم من وجنتيها…. تتأملانه بصدمةٍ قوية عصفت بها في مهب الريح… فقد وعت لنفسها وما ترتديه… وشعرها المنسدل على كتفيها… كأنها بمفردها دون أن يراقبها أحدهم.
تطلعت إليه بقلبٍ ينتفض بقوة… ثم نهضت من الفراش مسرعة بجوار الخزانة… تقف بجوارها تختبأ منه ومن تفحصه لها بهذه الطريقة المزعجة.
ضيق سليم عينيه بتفكيرعميق قائلاً بغموض غاضب: واضح كده إننا هنتعب أوي مع بعض…. وأنا إن زعلت فزعلي وحش أوي وإنتِ مش أده.
ارتعد جسدها أكثر من هذا التهديد الصريح لها…. هاتفة بنفسها بهلع: اتفضلي وشوفي نتيجة تهورك بالهروب من أخوكِ…. ده أبيه عاصي عصبيته جنبه ولا حاجه خالص…
رفع البوص أحد حاجبيه مشيراً لها ببرود بالأقتراب وتناول الطعام…. وعيونه تتوعدها بالكثير من التحذير والوعيد.
تجمدت ملك في مكانها للحظات حاولت فيها تشجيع نفسها على الإنصات إليه وإلا ستعاقب من جديد على ما تفعله الآن.
اقتربت منه بخطى بطيئة، مترددة ولم تستطع مواجهته طويلاً… مطرقةً برأسها أرضاً من شدة ذعرها منه.
تأفف من أفعالها تلك… هادراً بها بنبرة منفعلة: في خمس دقايق كل الأكل ده يبقى خلصان مفهوم.
أومأت برأسها بسرعة…ثم اتجهت بخطواتها الثقيلة صوب الطعام لتناوله تحت وطأة نظراته المتأملة لها كأنه يتأهب لأي خطأ تقترفه من جانبها. 
زفر سليم في ضيق وعينيه مصوبةً عليها بثبات رغم شدة انفعاله… متمعناً في الثياب التي ترتديها قائلاً بمكر: واضح كده إنك مش بتحبي تضيعي وقت كتير وتاخدي على المكان بسرعة.
ارتبكت ملك من كلماته المملوءة بالدهاء والعبث… فسقطت منها قطعة الخبز التي كادت أن تضعها بفمها بتوتر كبير.
ضحك باستهزاء من هيئتها هذه اللحظة… فتأملت للحظاتٍ قليلة محياه متعجبة فبالرغم من قسوته هذه اللحظة إلا إنه ضحك من فعلتها ولم يغضب…. كأنه يلعب بها كالدمية في يده.
ازدردت لعابها بصعوبة بالغة… ثم عادت لتأخذ قطعة خبز أخرى مجبرةٍ على ذلك…. فقد زاد شعورها بالجوع وكادت أن تلتهم جميع الطعام لولا بصره الذي يتابعها عن قرب، والذي لن يتنازل عن تأملها وبهذه الطريقة الجريئة التي لم تعتاد عليها من قبل.
تراجع البوص جالساً فوق الأريكة خلفه واضعاً قدم فوق الأخرى بكبرياء…. يراقبها بعينين غامضتين.
تنهد قائلاً بصرامة: عايزك تعرفي حاجه إنك مش هتخرجي من هنا غير لما أعرف مين اللي وراكِ وبعتك ليه وساعتها لا هرحمك ولا هرحمه فاهمة.
شعرت بالطعام يقف في حلقها من جديد ومن قسوة هذا الملقب بالبوص… أسرعت بإمساك كوب المياه بسرعة، ارتشفته وابتلعت بقايا كسارة الخبز التي مازالت عالقة بفمها… عندها شعرت بأن رغبتها باستكماله انتهت بداخلها.
صعدت فريدة راكضة إلى حجرتها تنعزل عن الجميع بعد أن تسببت في حبسها بغرفتها من جديد…. وعادت إلى لوم نفسها على أنها جرأت وفعلت شيئاً زاد من غضبه وقسوته عليها.
ضم عاصي قبضتيه مستنداً إليهما بجبهته مفكراً ماذا عليه أن يفعل مع صغيرته الذي وجدها تكبر أمامه وسرعان ما ستعصيه…. ثم تنهد متذكراً ملك شقيقته الوحيدة التي فرت هاربة ولم يعثر عليها بعد.
قائلاً لنفسه بضيق: الله يسامحك يا ملك…. يا ترى انتِ فين دلوقتي… يا ترى عايشه إزاي، بتاكلي، بتشربي.
ليه تعملي في أخوكِ كده.. ليه فمتي حفاظي وخوفي عليكِ انها قسوة وبس…ليها مفهمتهاش انها شدة حرص زيادة عليكِ.
زفر بحدة مطلقاً ما بداخله من غضب مكبوت متذكراً وجه صغيرته من جديد التي بدأت تترعرع أمامه يوماً بعد يوم…. وكلما كبرت هكذا هي بنظره ستظل طفلته المدللة الذي رعاها منذ أن توفى والديها.
نهض من مكانه ممسكاً بهاتفه بضيق… قام بالأتصال على أحد الأشخاص الذي يعمل لديه في مكتبه الهندسي قائلاً بلهجة آمره: عايزك في موضوع مهم أوي ولازم تنتبه لكل كلمة هقولها مفهوم.
أجابه الرجل قائلاً: اتفضل حضرتك يا بشمهندس أنا سمعك، روى عاصي كل شيء عن اختفاء شقيقته قائلاً بحدة: لازم تهتم للموضوع ده كويس أوي… بس أهم حاجه مش عايز حد يعرف…. من اللي عندك في الشغل.
أجابه بسرعة قائلاً باهتمام: حاضر يا بشمهندس ما تقلقش… أي خدمة تانية زفر عاصي قائلاً بهدوء مفتعل: لا شكراً وأي خبر توصله لازم تبلغني بيه ضروري.
خرج عاصي من مكتبه إلى خارج المنزل تاركاً إياه لا يعرف كيف سيتصرف وبأي مكان يبحث في مشوار البحث عن شقيقته.
جلست فريدة تستذكر دروسها بدون تركيز… قائلة لنفسها بلوم: يارتني ما ساعدتك يا ملك… أنا آسفه يا عاصي…. سامحني غصب عني، هيه كده كده كانت ناوية على الهرب من زمان سواء أنا ساعتها أو لأ.
وضعت أناملها برفق على جبهتها تتحسسها بشرود مردفة لنفسها: لازم يا فريدة تتحملي كل عصبيته الفترة الجاية غصب عنك ماهو مش بعد رعايته ليكِ كل السنين دي كلها… تتخلى عنه كده بالسهولة دي.
هزت رأسها بسرعة بالنفي متابعة بقلق: استحاله انا عمري ما هتخلى عنه أبداً مهما حصل…. عاصي انت متعرفش أد إيه انا محتاجاك أوي في حياتي أكتر من الأول.
أسندت بذقنها على ظهر كفها… عائدة بذاكرتها إلى الوراء عندما كانت بصحبة إحدى زميلاتها بالجامعة ونفس كليتها تحدق بساعتها من وقتٍ لآخر قائلة بتعجب: يعني الدكتور أشرف لسه مجاش… أول مرة يتأخر كده.
قطبت منى جبينها قائلة بتعجب: وأنا بردو أول مرة ألاحظ انه اتأخر أوي كده ده فاتت على محضرته نص ساعة ولسه مجاش.
وقبل أن تجيبها فريدة… أتى نفس الصوت البغيض الذي تكرهه من خلفهما قائلاً بسماجة: شكل كده الدكتور اتأخر ومش جاي إيه رأيك يا فريدة نروح الكافتريا سوا.
امتعض وجه كلا منهمها وهما يحدقان ببعضهما البعض وهبت كليهما من مكانهما للإنصراف بعيداً عنه.
تابع الشاب قوله بعدم اكثراث لما يفعلونه الآن قائلاً بخبث: شكل كده جيت في وقت مش مناسب ولا إيه.
زفرت منى بضيق قائلة بحدة: إنت مفيش فايدة فيك أبداً مية مرة قلتلك خليك في حالك أحسن… بدل ما اشتكيك للعميد.
ضحك مستهزءاً بها، وبصره على فريدة التي تود الهرب من أمامه قائلاً لها باستخفاف: طب جربي كده وانتِ تلاقي نفسكم مفصولين انتم الأتنين.
تنهدت فريدة بضيق وجذبت منى من يدها قائلة بصوتٍ خفيض: يالا يا منى خلينا نمشي من هنا أحسن وبلاش مشاكل معاه طالما الدكتور مش جاي.
اعترض عمر طريقهما قبل أن يغادروا المكان قائلاً بدهاء: طب ما طالما عارفين كده كويس، ما تيجي زي ما قلتلك يا فريدة.
كادت أن تجيبه منى بحدة لولا أن ضغطت فريدة على كفها وهي تسحبها معها عائدة إلى خارج القاعة مرةً أخرى…. شعر عمر بالسخط بداخله قائلاً لهما بحدة ساخرة:- شكل كده الأخ اللي بيوصلك بعربيته كل يوم مسيطر على الآخر.
لم تعيره أي اهتمام عندما نطق بذلك، رغم أنها خشية من كثرة المشاكل معه فهذه ليست المرة الأولى الذي ينغص عليها يومها الجامعي.
لذلك أسرعت فريدة بجذب منى من يدها إلى خارج القاعة قائلة بتوتر: سيبك منه يا منى ده واحد فاشل ومش عارف هوه بيقول إيه.
زفرت بحدة قائلة بغضب: ما تقولي للبشمهندس عاصي وخليكِ تخلصي من زنه اللي مش خالص ده.
هزت رأسها بالإعتراض سريعاً قائلة بتوتر: استحالة يا منى أبيه يعرف حاجه زي كده ده لو لمحه بس مرة واحده ممكن يموتني فيها ده غير المشاكل اللي هيقع فيها بسببي.
رمقتها بغضب قائلة بسخط: يابنتي يعني ينفع كده ده من ساعة الدراسة ما بدأت وهوه لازق لينا بغرة… ده غير دمه التقيل هوه والشلة بتاعته اللي ملموم عليها.
شردت فريده قائلة بخفوت: مش عارفه يا منى اتصرف ازاي بس لوأبيه عرف أي حاجه عنه هيتقلب قلبه سوده انتِ متعرفهوش كويس.
هزت رأسها بنفاذ صبر قائلة بضيق: طب تعالي نقعد في الكافاتيريا شوية لغاية ما المحاضرة التانية تبدأ.
مر باقي اليوم عادياً إلا عندما قام عاصي بالأتصال على فريدة قائلاً لها بهدوء: جهزي نفسك خمس دقايق وهكون عندك.
وقبل أن تجيبه كان قد أغلق الهاتف في وجهها… زفرت بارتياح لانتهاء اليوم الجامعي ، ووقفت بانتظاره بالخارج أمام الباب الرئيسي للجامعة… كما تفعل دائماً وخصوصاً بعد أن تركتها منى ومشيت منذ نصف ساعة.
اثناء وقوفها هكذا أتى ذلك الشخص الذي يقوم بالتثاقل عليها قائلاً لها بسماجة: ما تيجي أوصلك بعربيتي وأعزمك بالمرة في أي مكان يعجبك.
امتعض وجهها بشدة وابتعدت عنه قبل أن يأتي ابن عمها… ويراها بهذا الشكل يتحدث إليها… لكن عمر لم يتركها أبداً لحال سبيلها… إذ اقترب منها أكثر بخطواتٍ سريعة قائلاً بمكر: مش عارف عجبك فيه إيه ده حتى شكله معقد ومش مناسب ليكِ خالص.
هنا لم تعد تحتمل كلماته المهينة لعاصي أكثر من ذلك قائلة بانفعال: وانت مالك يا بارد… على الأقل أرجل منك… وعمرك ما هتكون زيه أبداً.
شعر عمر بالغضب من كلماتها هذه وقرر أن يلقنها درساً قوياً على جرؤتها هذه معه في الكلام.
قائلاً لها بعصبية وتهديد: أنا بقى هوريكي مين فينا أرجل من التاني…. وبسرعة قام بجذبها من معصمها يريد سحبها عنوةً إلى عربته الذي هم بالقرب منها.
بوغتت فريدة لفعلته الوقحة وحاولت باستماته جذب معصمها من قبضته…. وكادت أن تصرخ كي تستعين بأي شخص من الواقفين عند باب الجامعة للحراسة…. لكن قبل أن تصيح باستغاثتها.
تقدم آخر شخص تود رؤيته الآن قابضاً بكفه بقوة ثم ضربه بعنف في جانب وجنته جعله مترنحاً إلى الوراء…. محرراً معصم فريدة مجبراً… والتي صدمت وهرب الدم من وجنتيها التي شحبتا كثيراً وهي ترى ذلك الشباك الذي حدث بسببها.
لم يتركه عاصي إنما جذبه من مقدمة ثيابه بقوة ضارباً إياه مرةً أخرى بقبضته القوية قائلاً بغلظة وتهديد:- انت عارف ما أشوفك تتعرض ليها تاني مرة…. لهسوي وشك ده بالأسفلت فاهم يا حيوان.
ثم ركله في بطنه مرتين دون أن يسمح له بالتحدث فقد شوهه وجهه كثيراً فصرخ عمر يستغيث دون فائدة.
والدم يسيل من جانب شفتيه…. ساقطاً بالأرض كاد أن يغشى عليه من قسوة ما لاقاه من عاصي.
ثم إلتفت إلى فريدة وعينيه تشتعل من النار التي تغلي بداخله قائلاً بخشونة: وانتِ قدامي بسرعة من هنا قبل ما أطربقها على نافوخك.
انتفض قلبها بمزيج من الفزع والترقب دون أن تستطع الدفاع عن نفسها، وهي تريد الهرب منه فهو سيجن منذ أن رأى ما حدث وهذا جعله يشعر بالغضب المجنون.
ظلوا طوال الطريق الصمت مرافقهم الوحيد…وعندما وصلت العربه أمام البيت… كادت أن تفر هاربه لولا أنه وضع يده على معصمها متشبثاً بها بشدة.
قائلاً بغموض غاضب: على فين كده يابنت عمي قبل ما أصفي حسابي معاكِ.
عاد فتحي إلى سهر مرةً أخرى تراجعت خطوتين عندما هم بالدخول إليها داخل الحجرة، ابتسم بمكر عندما فعلت ذلك ثم تجاهلها كأنها لم تكن أمامه.
مما زاد من حنقها فأخذت يديها تتشنج بغيظ ولولا خشيتها منه لكانت تصرفت برعونة مثلما تفعل دائماً.
لكنه أخذ عقلها يعمل على التفكير في ورطتها معه قائلة بتردد: أنا…أنا عايزة أكلم سليم في التليفون.
زفر بحدة قائلاً بنفاذ صبر: معنديش أوامر بكده، حدجته بسخط عارم قائلة بضيق: يعني إيه هفضل محبوسة معاك كده.
نهض من مقعده فجأة ممسكاً بفكيها قائلاً بخشونة: لما تبقي تتعالجي من الزفت اللي كنتِ بتشربيه يبقى يكلمك.
صرخة برعب من إمساكه لها هكذا بعنف، حتى شعرت بأن قلبها سيتوقف عن التنفس؟، قائلة بصوتٍ مختنق: خلاص يا فتحي ابعد عني هموت.
جحظت عيناه بانفعال تام قائلاً بغلظة قاسية: ياريت يمكن كلنا نرتاح منك ومن همك.
انهمرت دموعها عندما أهانها بهذه الطريقة البشعة قائلة بوجع: عارفه انك مش طايقني زيه بالظبط، علشان كده بهرب منكم ومش هبطل أهرب.
لطمها بغتةً باليد الأخرى على وجهها… أودت بها إلى سقوطها أرضاً بقوة فتعالت صيحاتها من الألم ورغم ذلك لم يرحمها فتحي بل حملها من مقدمة ثوبها… مقرباً إياها من صدره بقوة حتى شعرت بأنفاسه الغاضبه تلفح وجهها.
صارخاً بها بتهديد: انتِ عارفه ما تجيبي سيرة الهرب دي على لسانك لأكون أن مقطعك حتت بإيدي مش بإيد البوص فاهمة.
انسالت عبراتها الحزينة من عيونها رغماً عنها قائلة بضعف: بكرهك يا فتحي بكرهك…. وبكره نفسي وبكره سليم وبكره اليوم اللي شفتكوا فيه.
دفعها وراءها على الفراش بكل قوته قائلاً بصوت قاسي: عارف كل ده مش جديد، واعملي كل اللي انتِ عايزاه، بس هتلاقيني واقفلك بالمرصاد يا سهر.
خبأت سهر وجهها بالوسادة تبكي من هذا العذاب الذي تحياه هذه الأيام…. فهدر بها فتحي: اخرسي بقى انتِ السبب في كل اللي انتِ فيه لدلوقتي…. لغاية ما بقت سمعتك سبقاكِ.
أغمضت عيونها بألم من أثرإهانته لها هاتفة به بضعف: كفاية بقى حرام عليك، أنا تعبت… تعبت منك ومنه امشي اطلع بره… بره، مش عايزة أشوفك تاني ولا عايزة أشوف أي حد.
حاول فتحى أن لا يتهور عليها مرةً أخرى وضم قبضتيه إلى جانبيه ثم تركها ودخل إلى المرحاض صافقاً الباب خلفه بعنف… حتى أنها فُزعت من نفسها قائلة لنفسها بوهن: بكرهك يا فتحي انت وسليم… امتى اتخلص منكم الأتنين.
وقف فتحي يحدق بنفسه طويلاً بالمرآة…. ثم فتح ماء الصنبور ومد كفيه وتناول بعض الماء وقام بغسل وجهه ثم وضع رأسه تحت مياه الصنبور.
عله يفيق مما يعيشه الآن، رفع وجهه مرةً أخرى إلى المرآة هامساً لنفسه بحدة وتهديد: إن ما علمتك الأدب يا سهر، ما يبقاش أنا فتحي الدهشان….
ثم صمت قليلاً وواصل همسه لنفسه بسخط: أنا صحيح شغال عند البوص، وبنفذ كل تعليماته ليا لكن إذا مكنش هيتصرف معاكِ كده أنا كنت هعمل أكتر كمان بس أنا بصبر نفسي عليكِ الفترة دي لغاية ما تفوقي لنفسك. 
خرج البوص خارج الفيلا الذي يقطن بها… وجد سائقه بانتظاره، عندما لمحه آتياً صوبه.
أسرع الرجل بفتح باب سيارته الفخمة ورجاله وراؤه بسيارة أخرى، تناول البوص هاتفه قائلاً لأحد رجاله بجمود: عايزك تزيد من عدد الحراسة على باب الفيلا اليومين دول وحواليها كمان…. ولما أرجع ألاقي كل كلامي اتنفذ وبس فاهم.
أعطى تعليماته للرجل سريعاً ثم أغلق هاتفه متأملاً ببصره زجاج النافذه الداكن اللون….. إلى الخارج شارداً بعيداً بفكره.
تذكر هذه المشكلة الجديدة التي وقعت بطريقه قائلاً بغلظة: يا ويلك يا أدهم انت وعمار لو انتم اللي ورا البنت دي… مش هتعرفوا راسكم من رجليكم… ده غير هدمر كل الشركات اللي بتملوكها ماهوه محدش يتحداني أبداً.
قاطع تفكيره هذا رنين هاتفه المتواصل… كان ابراهيم مدير أعماله وذراعه الأيمن في كل أعماله قائلاً بضيق: أيوه يا ابراهيم في جديد…!!!
تردد ابراهيم للحظات قائلاً بقلق: عرفت بالصدفة من شوية… إن أدهم الصاوي كان عند عمار بالشركة ولسه ماشي.
جحظت عيني البوص بسخط غاضب قائلاً له بحدة وتهديد: بقى كده شكلهم لسه ميعرفوش مين هوه سليم الأنصاري.
وقفت ملك تشعر بالسخط بداخلها من هذا السجن الذي أشعرها بالغضب… فلم يسبق أن اهانها أحداً بهذا الشكل البشع.
قائلة لنفسها بشرود: قليل لو سابك البوص يا ملك وعينيه دي مش مرتحالها أبداً وهوه بيبصلك بمنظرك ده… النهاردة.
تأملت نفسها بالمرآه وجدت وجهها باهت اللون من أثر ما تعيشه…زفرت بسخط تحاول معرفةً أين تقطن بالضبط.
اقتربت من النافذة تحاول فتحها لكنهامغلقة بإحكام كأنها أعُدت خصيصاً لها… قبل مجيئها إلى هنا.
وقفت تحدق بالنافذه بحيرةً عظيمة قائلة بصوتٍ خفيض: يا ترى هفضل لكده لغاية امتى… وآه لو عرف اني بتكلم عادي هتبقى وقعتي سودة معاه…. أخرتها كده تقعي في إيد واحد زي رجالة المافيا مش مجرد عصابة وبس.
حاولت فريدة جذب مرفقها من قبضة عاصي لكنها لم تستطع قائلة برجاء: سيب ايدي يا أبيه بتوجعني.
رمقها بنظراتٍ نارية قائلاً بتهديد:هوه انتِ لسه شوفتي وجع قدامي على جوه…. سمح لها بالترجل من السيارة  قبلها وهو بعدها.
أزاحها بقسوة إلى داخل غرفة مكتبه مغلقاً الباب خلفه بقوة…. اتسعت عيونها بهلع شديد وهي ترمقه من طرف خفي.
قائلة بفزع: غصب عني يا أبيه عاصي… غصب عني أرجوك صدقني أنا مظلومة.
تفوهت بهذه الكلمات الموجعة التي تنبعث من داخل قلبها… باكية بألم وشفتيها ترتجف من شدة هلعها من نظراته القاسية كالشهب النارية تريد حرقها وبشراسة لم تراها من قبل.
تدافع بها عن نفسها أمامه…. هوت بغتةً صفعةً قوية على وجنتها اليسرى… أخرست ما تبقى من باقي كلماتها على لسانها.
قابضاً بعدها بغلظةً قوية على شعرها… حتى صرخت من كثرة الألم التي أحست به كأنها ستموت بالحال من أثر ما تعانيه بسببه الآن.
ثم جذبها بقبضته الأخرى ناحية وجهه يجابهها بأنفاسه العنيفة أمام وجهها هي الأخرى، وتعبيرات تقاسيم ملامحه لا تنبىء بالخير… بل على العكس تماماً.
قائلاً بنبرة كالفحيح الغاضب: عارفه يا فريدة إن لمحتك بس تاني مرة واقفة معاه أو حتى بيبصلك من بعيد…. لأكون مخلص عليكِ وعليه… إنتِ فاهمة.
شهقت بألم وعبراتها تنهمر وقررت أن تدافع عن نفسها سريعاً قائلة له ببكاء: أنا مش بقف معاه يا أبيه صدقني والله مظلومة… ده هوه اللي شافني واقفة وجه اتكلم معايا.
تحجرت عيناه على محياها الباكي ثم ضغط بعنف أشد على شعرها، فتعالت صياحتها تستغيث بمربيتها دون فائدة… 
ضيق عيونه بتفكير قاتل قائلاً لها بعصبية: معنى كده انه مش أول مرة ييجي يكلمك ولا إيه… انطقي وقوليلي الحقيقة كلها بدل ما هخلص عليكِ دلوقتي.
تأفف الفيشاوي والد عمار بغضب قائلاً: قلتلك مية مرة بلاش البوص مش بيرحم أي حد يقف في طريقة.
شبك يديه بحيرة متردده قائلاً بتوتر: يا بابا منا قلتلك قبل كده نفسي أعوض الخسارة اللي خسرناها قبل كده.
نهض من مكانه ساخطاً عليه ثم أجابه بحنق: تقوم تخسرنا أرواحنا انت مش كده… في داهية التعويض مش عايزه..
زفر عمار بشرود هاتفاً بتردد: يابابا افهمني التعويض المرادي هيعوض الملايين اللي خسرناها.
احمر وجه والده بغضب قائلاً بانفعال: يابني إفهم بقولك في داهية التعويض انت مبتفهمش… لما يوصل الموضوع للأرواح مش عايزه…. سليم الأنصاري مش أي حد ده واخد السوق كله لحسابه تقوم انت بقى بنباهتك دي كلها تتحداه وتقف قصاده ساعتها مش هيستكفى بروحك.
اصفر وجه عمار بذعر ووضع يده على رقبته باضطراب قائلاً بتردد: منا مش لوحدي ومعايا أدهم الصاوي.
جحظت عيناه بسخرية غاضبة قائلاً: وكمان أدهم الصاوي معاك ده يبقى طبلت على دماغك ودماغي… انت مش عارف ان البوص يطيق العمى ولا يطيقوش… وساعتها بسبب غبائك ده هنروح كلنا في داهية أول ما يعرف انك متحد معاه ضده….
ثم صمت فجأةً بقلق متابعاً حديثه بصدمة عارمة: ده إذا مكنش عرف من ساعتها أصلاً.
اتسعت عينا عمار بخوف قائلاً بفزع: معقول يكون لحق يعرف… قاطعه بضحكةً مستهزئة قائلاً بتهكم: طبعاً أكيد… رجالته في كل مكان وأعداؤه كتير أوي… ومش قادرين عليه وبيأمن نفسه كويس أوي.
تهاوى عمار على المقعد خلفه بهلع قائلاً بذعر: طب أعمل إيه دلوقتي…. زفر الأب بقوة قائلاً: دلوقتي تطلع بسرعة من مكتبي وتتنازل عن المناقصة للبوص… وتبعد عن أدهم الصاوي لأنه هيغرقك معاه ويخلع هوه فاهم.
دخل أحد رجال أدهم الصاوي عليه في غرفة مكتبه، مسرعاً وقبل أن يقوم بتوبيخه لدخوله عليه هكذا دون إستئذان… باغته بأنفاس لاهثه قائلاً بصوتٍ متقطع : مصيبة يا أدهم باشا مصيبة…
عاد البوص في المساء إلى الفيلا فكانت باستقباله انتصار خادمته…..قائلة بحذر: هتاكل يا بيه.
زفر بضيق قائلاً لها: ساعة كده يا انتصار وجهزي الأكل…. تنهد وهو يتذكر تلك الفتاة الذي يقوم بسجنها إلى أن تعترف بكل ما بداخلها.
قرر بداخله شيء ما فنظر بغموض إلى باب حجرتها ثم أمسك بهاتفها الذي كان معها ليلة سقوطها في طريقه، في قبضته قائلاً لنفسه بتوعد: ولسه يا ما هتشوفي مني  يا ملوكه.
مع مرور بعض الوقت خرج سليم من غرفته ثم توقف أمام باب غرفة ملك ثم أخرج مفتاحه من جيب بنطاله وقام بفتح الباب عليها، شعرت ملك بأن هناك من يفتح عليها باب الغرفة.
تهاوى قلبها بين قدميها بهلع فتراجعت بخطواتها بعفوية إلى الوراء قائلة لنفسها برعب: أكيد هوه مفيش غيره.
فُتح باب الحجرة ببطء أخافها أكثر ثم ظهر هو بقامته الطويلة، ونظراته الحادة تجعلها تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها… محدقاً إليها بعبث ماكر.
ثم اقترب منها بإسلوبٍ دب الرعب في أوصالها قائلاً بغموض شديد: شوفتي بتوحشيني بسرعة إزاي يا ملوكه….!!!
انطلق رنين هاتف فتحي المتواصل فرمقه بضيق، وحانت منه إلتفاته إلى التي تجلس بعيداً عنه في فراشها قائلاً باهتمام: أيوه يا بوص سامعك كويس.
صمت ينصت إليه جيداً قائلاً بغموض: حاضر يا بوص بكره بالليل إن شاء الله هكون عندك أنا و….. ثم ابتسم بشراسة مخيفة.
يتبع..
لقراءة الفصل السادس : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية المؤامرة للكاتبة منة محسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *