Uncategorized
رواية بيت العجايب الفصل السابع عشر 17 بقلم سهام العدل
رواية بيت العجايب الفصل السابع عشر 17 بقلم سهام العدل
رواية بيت العجايب الفصل السابع عشر 17 بقلم سهام العدل |
رواية بيت العجايب الفصل السابع عشر 17 بقلم سهام العدل
◾ أشرقت الشمس ووُلِدَ معها حياة جديدة قررت فيها وسيلة أن تبتعد عن منزل شهد كل مكان فيه على عذاب روحها بسبب عشق سنوات طويلة حبست نفسها أسيرة له… قررت أن تنسى بعدما فشلت في التناسي… قررت أن تقسى على قلبها كي ينساه وإلى الأبد… ولكن ليس كل مايتمناه المرء يناله…. ودعت أمها وجدها وصمم أخوها مرافقتها حتى القاهرة… خرجا سوياً من بوابة المنزل وإذا به يجلس في سيارته متكئاً على تارة القيادة… ملامحه يكسوها الإرهاق والتعب…رأته وسيلة ولكنها لم تصدق عينيها… ظنت أنه خياله الذي لم يفارقها لا نومة ولا يقظة ولكن تبدل ملامح وجه وائل عندما رآه هو الذي أكد لها أنه هو… فتح باب السيارة ونزل منها وسار باتجاههما… شعرت وسيلة بارتفاع دقات قلبها ستخرجه من محله وانتابت أطرافها البرودة الشديدة… وظهر على وجهها التوتر… تخيلت للحظة أنها أصبحت بالقوة التي تجعلها هادئة طبيعية أمامه… ولكن للأسف الشديد مازالت عندما تراه تفقد قواها وتوازنها الداخلي… شعر بها وائل فمسك يدها يبث عن طريقها الطمأنينة لها وكأنه يخبرها أنه السند والظهر القوي لها… شد وائل يدها آمراً إياها بالذهاب : ياللا ياوسيلة هنتأخر.
-ابتلعت وسيلة ريقها بصعوبة وقررت تجاهله ماضية مع وائل ولكن أوقفها نداء مروان الذي اقترب منهم : وسيلة… استنى لو سمحتى.
-توقف وائل يكتم غضبه ثم التفت إليه وترك يدها ووقف أمام وسيلة وكأنه يخبره أن الكلام معه: نعم… عايز إيه يامروان.
-مروان بصوت هادىء : عايزة اتكلم مع وسيلة ياوائل.
-وائل بهدوء مصطنع : مبقاش فيه كلام يامروان… ووسيلة ابعد عنها.
-مروان بنبرة حزينة: إزاي ياوائل… أنا محتاج اتكلم معاها… (ووجه كلامه لوسيلة) لو سمحتى ياوسيلة… أنا…
-قاطعه وائل بانفعال : كلامك معايا أنا يامروان… ولا أقولك إحنا معتش بينا كلام يتقال… وأمسك يد أخته مرة أخرى والتفت مغادراً.
-اقترب مروان وأمسك يدها الأخرى… بلغ توترها أقصاه من لمسة يديه ولكنها التفت له بقلب مكسور وعيني متألمتين… وزاد ألمها شحوب وجهه والهالات المتجمعة حول عينيه الحمراوتين نتيجة قلة النوم… ووزنه الذي نَقُص في فترة قصيرة…امتلأت عينيها بالدموع ولاحظ وائل أن وسيلة توقفت فالتفت وجد مروان يمسك يدها مستوقفا لها… فجذبها وائل خلفه وألقى بالحقيبة التي يحملها واقترب من مروان وأمسكه من ياقة قميصه منفعلاً : لو لمستها تاني هموتك يامروان.
-مروان بعصبية : عيب ياوائل… احترم نفسك أنا أخوك الكبير…
-وائل بعصبية أشد : أنا ميشرفنيش واحد زيك يبقى أخويا… أنا اللي يدوس على كرامة أختي أدوس على رقبته ولولا خاطر جدي كنت عرفت إزاي أأدبك على اللي عملته يامروان.
-وسيلة بعيون دامعة وهي تشد وائل وتبعد يداه عنه : أرجوك ياوائل كفاية كده… لو سمحت يامروان امشي دلوقتي… كفاية لحد كده.
-مروان وهو ينظر بتحسر لعينيها : أرجوكي ياوسيلة عايز اتكلم معاكي.
-وسيلة وهي تبتلع دموعها : بعدين يامروان بعدين… ثم نظرت لوائل : عشان خاطري ياوائل ياللا نمشي.
-تنهد وائل ونظر له بغل واضح ثم أمسك يدها مرة أخرى وسحبها… نظرت له وسيلة نظرة أخيرة نظرة عتاب ولوم كانت تشبع عينيها منه لائمة عليه مافعله وحرمه من قربها حتى كما كانت قبل أن يتزوجها… لم تعلم هي أن نظرتها هذه أصابت قلبه وبشدة… شعر وكأنها سهم اخترق قلبه الذي تاهت عنه الراحة.
◾ جلس مروان في سيارته ينظر إلى البيت عن بعد ويتأمله… كان دائماً ناقماً على اجتماع العائلة الأسبوعي واضطراره أن يتفرغ عدة ساعات من يوم الجمعة لقضائه مع العائلة كما كان يجبره والديه… ولكنه الآن يأخذه الحنين إلى هذه الضوضاء كما كان يسميها دائماً… اشتاق لمزاح شباب العائلة وضحكات البنات عليه… همسات النساء وهمهمات الرجال… حتى صمت جده ونظرة عينيه… مشتاق… شعر باليتم والوحدة بعد طرده من هذا المنزل… حقاً لانعرف قيمة الأشياء إلا بعد فقدها… حتى وسيلة لم يعلم سبب تعلقه بها لهذا الحد بعد انفصاله عنها… تذكر نظرتها وعينيها الدامعتين… فخانته دمعتي شعر بهما على خده… مسحهما وأدار السيارة وانطلق حيث كان يسكن هو ووسيلة…لعله ينعم بدفئها الذي كان يغمر المكان.
◾ اتصلت عليه عدة مرات وجدت هاتفه مغلق شعرت بالقلق عليه… نظرت في هاتفها لتعلم كم الساعة… وجدت أنه من المفروض حضوره للمستشفى منذ ساعات… ذهبت إلى غرفته في المستشفي وفتحت الباب ودخلت ولكنها لم تجده، بل وجدت بلال نائماً على الأريكة الجلدية الموجودة على مقربة من المكتب وعاقداً يديه فوق جبينه… عندما رأته زفرت بقوة… تريد أن تسأله عن مروان ولكنها لاتريد الإحتكاك به وفي النهاية قررت أن تسأله … استدارت لتغادر فاستوقفها صوته : أي خدمة يادكتورة سارة… قالت بتذمر دون أن تلتفت : كنت جاية أسأل على مروان.
-بلال وهو يعتدل جالساً : غريبة!
-التفت له ببعض الانفعال: هو إيه اللي غريبة؟
-نظر لها بلال يتأمل عينيها الزرقاوتين اللتان طالما وقع أسير جمالهما… ثم نفض ذلك من رأسه لائماً نفسه فهي الآن أصبحت زوجة لغيره… رد عليها بهدوء: يعني الدكتور مروان جوزك ومتعرفيش أنه اعتذر ومش جاي النهاردة.
-عقدت سارة يديها على صدرها ونظرت له باستنكار ثم قالت : ميخصكش في حاجة… بعد إذنك.
-نهض ووقف امامها قائلاً بتحسر: متغيرتيش ياسارة.
-سارة :تبقى مش واخد بالك… أنا دلوقتي بقيت أقوى.
-بلال : عمر القسوة ماكانت قوة.
-سارة بتأكيد : القسوة مع اللي يستاهلوها بس… والتفتت مغادرة الغرفة.
◾ تجلس بجوار النافذة الزجاجية حزينة تنظر إلى الحديقة … اليوم الجمعة ولكنها جمعة حزينة كغيرها من الأيام السابقة لها… اشتاقت لجمعة العائلة… ذلك اليوم الذي كانت تتمناه طوال الأسبوع ليتفرغ الجميع ويجتمعوا حول المائدة الدافئة حيث حواراتهم الجميلة ونكاتهم الممتعة… ولكن منذ أن مرضت وحدث ماحدث بين وسيلة ومروان ولم يجتمعوا… البيت يبدوا هادئاً من الخارج ولكن بداخله نيران الكسرة والحزن تنهش في الجميع… اختنقت منذ أن أتت من المستشفى ولم تخرج خارج شقتهم… قررت أن تهبط إلى الحديقة لتستنشق هواءًا نقياً عله يرطب داخلها قليلاً.
◾ هبطت واتخذت مجلساً بجوار شجرة تحبها في الحديقة وتذكرها بطفولتها الجميلة ولم تعلم أن هناك عينان خضراوتين تراقباها من أعلى… هو الآخر خرج الشرفة يستنشق بعض الهواء… بدلا من الهواء الخانق الناتج عن التشاحن الذي أصبح دائماً بين والديه بجانب حالة آثار التي يرثي لها… وفجأة وجدها تسير ببطء في الحديقة… جحظ عينيه ليتأكد أنها وبالفعل هي… دقات قلبه تراقصت لرؤيتها… شعر أن أخيراً البيت سيعود له ضيائه الذي فقده… منذ أن مرضت وانتقلت إلى المستشفى والمصائب توالت بعدها وكأن السعادة والبهجة في طلتها… ظل ينظر لها بحب يتأمل كل حركة وخطوة تخطوها حتى جلست ثم التقط لها صورة مُقربة وهي شاردة واحتفظ بها في هاتفه… وبعد لحظات كان يسير باتجاهها في الحديقة حتى وصل إليها : ممكن أقعد…
-ميان بترحيب : طبعاً تعالي اتفضل.
-أدهم متسائلاً : صحتك عاملة ايه؟
-ميان عاتبة: كويسة الحمد لله وانت يعني جيت اطمنت؟؟ … من يوم ماخرجت من المستشفى وانت ولا سألت.
-أدهم : بالعكس انا بسأل عليكي معاذ بإستمرار وطمني عليكي.
-ميان بخجل : وأنت مبتجيش ليه؟
-أدهم بلوم : إنتي السبب؟
-ميان متفاجئة : أنا!!!… ليه؟
-أدهم مؤكداً : أيوة أنتي… قافلة في وشي كل الأبواب… جربي وافتحي باب واحد وانتي هتلاقيني ناطط لك كل يوم.
-ميان بخجل : أنا مشتتة ياأدهم وتعبانة نفسياَ.
-أدهم بحنان : أنا عايز أبقى جمبك عشان نلم التشتت ده… عايز أكون عكازك اللي بتتسندي عليه ياميان… بس اعطيني الفرصة دي.
-ميان بتردد : بس… بس ظروف البيت هنا متسمحش بحاجة.
-أدهم بحماس : البيت هنا محتاج فرحة والله ياميان.
-ميان بوجه يكسوه الحمرة : خلاص كلم بابا واللي يشوفه أنا موافقة عليه.
-هز أدهم رأسه بعد تصديق ثم نظر إليها وقال : اللي سمعته ده صح؟
-ميان بابتسامة خجلة : أيوة.
-وقف أدهم ثم سجد لله شاكرا ونهض قائلا: اللهم لك الحمد… أحمدك وأشكر فضلك يارب.
-ميان : بس ليا طلب؟
-أدهم : أنتي تؤمري بس وأنا أنفذ.
-ميان : عايزة عمو أحمد يقنع بابا وجدي إن مروان يرجع وسطنا.
-أدهم وقد آتته الفكرة : إحنا هنجيب اللي يقدر عليهم كلهم.
◾ انتهت فريال من أداء فريضة العشاء وجلست تدعو الله بعينين دامعتين… أن يزيل الهم والحزن عن المنزل… وعن قلبها الموجوع من حال عائلتها بجانب زوجها الذي لم يعد إليها منذ أشهر ويكتفي بالإطمئنان عليها دقائق عن طريق الهاتف… إحساس بشع أن يشاركها إمرأة أخرى في زوجها بعد أن تقدم بها العمر… تعلم أن حقه أن يكون أباً وحقه أيضاً أن تقبل لأنها مارأت منه طوال حياتهما سوياً سوي البر والمودة ولكن منذ أن تزوج وتغير به الحال نادراً مايأتي يراها ويطمئن عليها… تنام كل ليلة ودمعتها تسبقها على وسادتها من شدة نار غيرتها التي تحرقها… بُعده عنها وإحساسها بالوحدة يقتلها… لم يعلم أحد أنها في هذا السن من عمرها تريده أكثر من قبل… ورغم حزنها الدفين ولكن بداخلها بعض السعادة لأنه سيصبح أباً… دائماً ماتمنت ودعت الله أن يرزقه بطفل منها ولكنه أراد أن يرزقه به من غيرها بعد أن أصبحت غير صالحة للانجاب بعد أن تقدم بها العمر… نهضت تمسح دموعها من على سجادة صلاتها وإذا بالباب يُفتح… ويدخل بطلته اللي تشرح صدرها مهما صدر منه… بدأ بـ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
-فريال بهدوء : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته… عاش من شافك ياحاج.
-فرج بنظرة حانية: وحشتيني يافريال.
– فريال بعتاب: وعشان كده رجعت على طول… دا أنا بقالي شهرين مشوفتكش.
-فرج بأسف : عارف ياحاجة اني مقصر معاكي بس أنتي عارفة إن… إن نوسة حامل وكنت مضطر أفضل جمبها.
-فريال بهدوء يخفى وجعها الذي يمتلىء به صدرها : ربنا يقومها بالسلامة… اجهز لك لقمة.
-فرج يعلم جيداً ماتخفيه ويلتمس لها العذر… كانت ومازالت له نعم الزوجة ونعم الرفيقة… لم يجد منها سوءًا قط… ولكنه دائماً ماتمنى أن يكون أب… عشق فريال وهي ابنة العشرين وكانت في زيارة مع والديها في قرية أبيها… وتقدم لخطبتها ووافق أبيها… وعندما طلب منه المهدى أنه يريد ان تعيش ابنته معه في المدينة… وافق رغم رفض أهله… كان كل مايريده أن يحظي بجوارها مدى الحياة… وكان وصار… ولم ينقص حبها في قلبه أبدآ… يعلم أنها مجروحة وتخفي ذلك… ولكن أنانيته في أن يكون أباً جعلته يرضخ لتصميم أهله… وعندما تزوج كان غرضه الوحيد أن يُرزق بابن… واستجاب الله له وحملت زوجته الثانية… ورغم فرحته بهذا كانت عيون فريال الحزينة تطارده… وهذا ماجعله يأتي لينعم بقربها عدة أيام لعله يهدأ من عذاب ضميره….
-قاطعت شروده : فرج… فرج
-فرج:هاااا
-فريال: اجهزلك عشا.
-ربت على كتفيها بحنان : اعملي يابنت الأصول خلينا نتعشى سوا.
◾ في مكتب معاذ…طرقت الباب ودخلت…
-جيهان بإبتسامة : صباح الخير يا حضرت المدير.
-نهض معاذ مبتسماً: أهلا… أهلا بحضرت السكرتيرة… إيه النشاط ده.
-جيهان بحماس : دا أنا مصدقت ماما وافقت بعد ماقولت لجدي يقنعها ومنمتش من الفرحة… وقومت جيت من بدري.
-معاذ بمزاح : بس إيه الإصرار ده… كل ده عشان تنولي شرف إنك تكوني سكرتيرة معاذ باشا المهدى؟
-جيهان وهي تنظر له بحب : وأنت بتقول فيها.
-معاذ بجدية : بس أهم حاجة دراستك ياجيهان.
-جيهان بتأكيد : متقلقش من كده… بس قولي بجد… هي ميان وافقت على الجواز من أدهم؟
-معاذ بمزاح : أيوة أخيراً… بس الواد أدهم ده لئيم… عاوز يتجوزها عشان يراعي كِليته.
-ضحكت جيهان ثم قالت : بس جميل حبه لها وتضحيته عشانها وكل ده يُتوج بجوازهم حاجة في منتهى الروعة.
-معاذ بحنان : عقبالك ياجي جي… الدور عليكي.
-جيهان وهي تنظر لعينيه الفيروزتين : عقبالنا ان شاء الله.
-معاذ : أنا مش مستعجل… اجوزكم كلكم الأول.
-جيهان بتأكيد : وأنا كمان مستنياك ومش مستعجلة.
-معاذ بتعجب : مستنياني… ليه!!!
-جيهان بتأكيد وهي تشير له : مانا هتجوزك أنت.
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية أنتِ لي للكاتبة سمية عامر