روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي عشر 11 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي عشر 11 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الحادي عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الحادي عشر

رواية أترصد عشقك الحلقة الحادية عشر 11 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الحلقة الحادية عشر

هو صاحب المكر والخديعة

وهي شيطانه العظيمة

صاحب معسول الكلام .. وهى سمه فى العسل

عيناه دافئتان لدرجة الخواء

وذراعيه حاميتين لدرجة انه يرشقك بسهام غادرة

قلبه نابض بحرارة لدرجة تصبح الأرض بورا .

أومضة خاطفة ، والعقل في وقف زمني عن الوقت الحالي ، هناك عقول تسبح للماضي بغية تذكر أوقات لا يقدر على استعادتها ، أحبة فرقتهم الزمن ، تجمع عائلي تم تفرقتهم لأشلاء في كل بقعة في العالم ، ذكريات كثيرة كـ بداية النجاح الذاتي ، نيل الدرجات العلمية ، أو بداية الحصول على الوظيفة أو الترقية ..

سعادات مختلفة وكل منها لها بهجة وركن خاص في الذاكرة ، نقرر فتحها حينما نشعر بضيق الدنيا من حولنا ، أو يشاهد عالمه الذي حققه ينهار من حوله

تكون الذكريات جرعة يتناولها السقيم كي يظل صامدا ليظل حيا ، يقف كمحارب ممسكا بسيفه بذراعه الأخرى بعد أن بترت الأولى .

عقلها سبح لذكريات قديمة وهي تتذكر فارس أحلام مراهقتها التي لم تعيشها يومًا .. رجل جذابًا وهالة خطيرة منبعثة منه وعيناه لا تخطئ الهدف .. كل يوم كان يلتقيها .. كل يوم فى نفس الوقت من الصباح ، ونفس مشروبه ، قدر على سلب عقلها وراحة فؤادها .. تمتمت بغرابة شديدة وهي تغوص في عينيه العميقتين بشعلة نارية

– انت مين

وهمسه العميق ينعش فؤادها ويطرب انوثتها المشتاقة لذلك الجزء من المشاعر

– امانك ، حاميكي .. عايزك تثقي فيا

ومضة أخرى ومكان مختلف .. أشخاص مختلفون من حولها ، لكن هو كما هو بنفس النظرة من عينيه ، تهمس بشرود مخيف

– انت خلتنى احبك للدرجة دي ازاي

ابتسم بجاذبية شديدة ، وعيناها تتسع بانبهار شديد لكلماته التي كانت بلسم لجروحها

– من اول نظرة خطفتي قلبي وبحاول اوصلك حبي اللى جوايا

أغمضت جفنيها بإرهاق واضح و ومضة أخيرة كانت القشة التى قصمت ظهرها..

– تعالي نتجوز

قالها بتلهف شديد ويداه تضغط على كفيها ، توترت ملامحها والصدمة تجلت على ملامحها لتهمس بارتباك

– بالسرعة دي ؟! .. احنا لسه متعرفناش على بعض

ضغط على يديها وهو يغمغم بخشونة

– وليه كل ده نستني نقضي شهور نتعرف ، انا بحبك وانتي بتحبيني اي اللي هتخافي منه

بللت طرف شفتيها والتعجل بدأ يخفيها بدلا من إسعادها ، هى لا تعلم عنه الكثير وأولها خلافه مع عائلته وسبب شجارهم .. غمغمت بعقلانية

– طيب ناخد خطوبة وابلغ اختي

رفع يدها وقبل باطنها بدفء ..اقشعر جسدها من أثر خشونة لحيته على جلدها ليهمس

– اختك عمرها ما هتعارض على سعادة اختها

اشرقت ملامح وجهها وعيناها تومض بعشق جارف لتتراجع قائلة

– طب وعيلتك

زفر ساخطًا بضيق

– قولتلك انا مقاطعهم

اقتربت منه قائلة بلهفة شديدة

– ليه ؟ ، صدقني مفيش سبب يستاهل انك تقاطع اهلك ايا كان

لاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة ، وانقبضت معالم وجهه للجمود ليقول

– صدقيني اوقات الأهل بتبقي نقمة على حياتك

غامت عيناها بحزن شديد ، أتخبره أنه محظوظ انه يمتلك عائلة وهي لا .. بل سلبت منها تلك السعادة ، انفجرت تهمس بتوجع

– انا للاسف اتحرمت من أهلي ، بابا سابني لوحدي انا وماما نواجه المجتمع والحياة هنا ، انا وماما مقدرناش نتحمل أجرة الشقة واطردنا من البيت ، بنتنقل من ملجأ لملجأ وماما اشتغلت فى الكنيسة عشان تقدر تجبلنا فلوس

اقترب منها وهو يضمها الى عناقه لترفع كلتا ذراعيها وتلفها حول عنقه وهي تهمس بعذاب

– العالم كان صعب اووي عليا .. بس ماما كان عندها قوة .. قوة قدرت تخلينا نعدي المحنة دي

رفعت عيناها وهي تتأمل ملامح وجهه …ليس وسيم لكن تلك الرجولة الطاغية تعشقها .. مررت يدها على وجنته لتكمل هامسة

– حتي العربي ، اصرت اني اتعلمه قالتلي انه هينفعك و يفيدك في يوم .. وطلعت انت

انفرجت ابتسامة واسعة من شفتيه وهو يميل مقبلا جبهتها ليتمتم

– عايزك تعرفي حاجه واحدة

غمغمت بنعومة ورأسها تدفنه فى تجويف عنقه ، تشم عطره الرجولي بانتشاء

– ايه

لف خصلة من شعرها وهو يتمتم قائلاً

– اني بحبك جدا ، صدقيني الحاجة الوحيدة اللي ليها اهمية هي وجودك معايا

صمت للحظات قليلة وهي تتطلع إلى عينيه لتهمس بجرأة

– انا موافقة

ثم انتهت الومضة الأخيرة .

تقدمت آسيا بكل جرأة وهي تفتح باب غرفة مكتبه ، احساس بالفخر والنشوة تملأها وهي تخط قدميها لمؤسسة المالكي ، تعبر خطوط حدودهم بجرأة شديدة لتراه واقفا أمامها كالطود .. جسده أكثر ضخامة وعيناه أكثر برية ، لكن يعجبها .. نسبة انثوية تجعلها تعشق تلك الخشونة منه لتراه يتفحصها بمهل شديد ثم غمغم بجمود

– صدقيني مستغربتش انك تكوني انتي

انفجرت ضاحكة بجنون وهي تغمز له ماكرة

– بس ايه رايك فى المفاجاة ، اعجبك مش كدا

انقبضت معالم وجه لؤي ، لا يصدق عودتها للحياة مرة أخرى .. عيناها مغلفة بقسوة وبرود جليدي .. ثيابها خليعة بالمعنى الحرفي .. فستان لايعلم أين بدايته ولا نهايته ، خرقة صفراء فقط تغطي مفاتن انوثتها والباقي جلد .. جسد مكشوف تترك العيون النهمة تستبيح وتنهش جسدها البض بفجور

مال شفتيه بابتسامة قاسية ليقول

-آسيا اللى اعرفها مش هي اللي قدامي

تظاهرت بالبؤس وهي تهز راسها مصطنعة الحزن قائلة قبل أن تهجم عليه بشراسة

– يا حرام ، انت هتقتل القتيل وتمشي في جنازته يا لؤي

لقد جعلته مغفل أحمق، بل مغفل كبير

بداية تخدع الجميع بخبر موت مزيف حتى لا تترصدها العيون ، و تلعب معه لعبة الغميضة .. غمغم بسخرية

– طلعت مغفل

اقتربت بتمهل منه وهو يراقب خطواتها المتمايلة ، استمع الي همسها المغوي

– يا حرام

رفع عيناه من المنطقة السخية جدا لصدرها ليقول بتجهم

– ويا تري ايه اللي فكرك بيا تاني

رأت تلك الشعلة في عينيه ، النفور والرفض الذي يتلألأ حدقتيه ، كرهه لثوبها .. وإن يكن لا يهم .. تظاهرت بالنظر نحو أظافرها المطلية بالأسود لتقول

– ابدًا … بالصدفة لقيتك اتخطبت وهتكمل حياتك عادي ولا كأن حاجه حصلت

عبس لؤي وهو يشم رائحة لا تعجبه .. صاح ببرود شديد

– اللي حصل زمان بينا انتي اللي هدمتيه

رفعت اصبع السبابة وهي تهزها نافية قبل أن تتوجه نحو المقعد وتجلس عليه باريحيه رافعة ساق فوق الأخرى

– لا لا يا هركليز ، اطلاقا .. انت اللى استغفلتني .. بس وماله نلعب معاك ومع الباشا

زفر ساخطا ولاعنا اياها .. هل تغويه وتستدرجه إلى شباكها ، تقدم عرضا رخيصا مغريا له .. صاح محذرا بقسوة

– ملكيش دعوة بعيلتي ، افرمك يا آسيا

تابعت بتهديد أكثر قوة وشراسة

– وانا هقتلك لو مسيت شعرة منى

استقامت من مقعدها وهي تتقدم منه تمد يدها تلمس عضلات صدره بجراءة .. همست باغواء و عيناها الناعستان تستدرجه

– جسمك بقي أضخم وبقيت شرس واووو ، حاجه تجنن

يدها الأخرى تتجرأ لتلمسه بأكثر جرأة وهو يقف امامها بجمود ، لثواني صمت وجسده يستجيب لندائها المُلح ، تلعب على أوتار جسده متلمسة ذراعيه وصدره وتعبث في مؤخره عنقه .. كاد أن ينفجر فى وجهها إلا أنه بخشونة شديدة وملامح قد من حجر تمسك كفيها بقسوة جعلها تأن بوجع خافت ، مال نحو اذنيها هامسا

– عايزة ايه باللي بتهدديه بيا

تأن بتوجع زائف وهي تتلوى بجسدها كالافعى حول الفريسة ، اعتصر قبضتها بقوة غاشمة جعلها تشهق تلك المرة بتوجع .. زفرت آسيا بحنق .. يده أصبحت ثقيلة ذلك الهيركليز ، صاحت بخبث ونبرة ذات مغزى

– يا بيبي شوية صور قديمة مش معقول هترعبك كدا ، الا اذا الباشا صحته مش زي زمان .. الزمن هده بردو

– اخرسي

قبض علي ذقنها بخشونة وهو يكاد يحطم عظام وجهها ، الشرر المستعر من عينيه جعلها تنظر إليه بأنفه وجمود .. لا تخشي نيرانه ولا قسوته المغلفة .. كثرة الآلام ولدت لديها لا مبالاة وعدم الشعور ، تمتمت بصعوبة شديدة

-بقيت مدافع لعيلتك ، مع انى لو رجعت لورا مكنتش طايق تسمع سيرتهم

ترك ذقنها وهو يدفع جسدها بعيدا عنه ، ارتدت عدة خطوات قبل أن تحافظ على توازنها .. زفرت بعمق وعظام وجهها تئن الما .. إلا أن الضعف لم تسمح بعبوره إلى مشاعرها الثائرة ، صاحت مهددة

– ابعد عن خطيبتك ، سيبها

رفع حاجبه بسخرية وهو يتمتم باستخفاف

– وإلا

غمغمت ببرود شديد

– هتعرف تاريخك القذر زيك انت وعيلتك

نظرة مظلمة مخيفة كانت كفيلة بإرعابها ، رعشة سرت في جسدها إلا أن حافظت على رباطة جأشها وهو يقول بنبرة خطيرة

– لؤي المالكي مبيتهددش

رفعت راسها بشموخ شديد وهي تتحدى قسوته الخشنة لتقول بهمس ناعم قاتل

– آسيا عزام بتهددك وفى مكان قوتك ، انت ادرى الناس انا ممكن اعمل ايه

اشار نحو الباب وهو يصيح بقسوة

– برا

صاحت بمشاكسة وهي تقترب منه تضع بطاقة عنوانها داخل جيب سترته

– بقيت وقح يا لؤي ، لازم اربيك يا هركليز عشان تعرف ترد على الستات بطريقة احسن من كدا

رفع حاجبه وهو يراها تعدل من سترته ثم استدارت مغادرة وعيناه حدقت بعبوس نحو خلخال ساقيها … خلخال على هيئة ثعبان ذهبي ملتف حول ساقيها ، رفع عينيه نحو وقوفها المغري عند الباب لتطبع قبلة فى الهواء وهي تغمز بمكر وأغلقت الباب خلفها بهدوء .. هدوء منذر على قدوم عاصفة ستقلب موازين أرضه رأسه على عقب .

*****

فى الفندق ،،

ينقر بأنامله على طاولة المكتب ، منتظرا برتقاليته للظهور .. فمنذ ليلة أمس وهروبها منه .. هل تهرب منه حقا ؟! أم تخبره لا وقت للعبث معي ؟!

ومنذ متى هو يهتم برغبات الآخرين ، يراها طالبة منه المساعدة

عيناها منذ رآها اللحظة الأولى سوداويين

لكن مع التدقيق ، لون حدقتها بنيتين

ومع ضوء الشمس تصبح كهرمانيتين

ضيق حاجبيه وهو يمرر يده الأخرى على لحيته المهذبة ، لما هي معقدة لتلك الدرجة ؟!

تذكره بمسائل اللوغاريتمات المعقدة أيام دراسته ، أم هو يقعدها ليدفع بنفسه في تيارها !!

وما المثير بها لتلك الدرجة ؟! … توقفت أصابعه على النقر وهو يلعن من بين خلجات عقله .. ينهر عقله على ذلك السؤال الغبي .. من المفترض أن يسأل ما هو الغير المثير بها لينفر منها ؟!

أجواء البلاد العربية الحارة باتت تزعجه ، كز على أسنانه وهو يتذكر ليلة أمس التي قضاها في التطلع لملامحها الفاتنة بدلا من الاهتمام بمشروعه ، يتردد اسمه الهامس منها كملمس ناعم يدغدغ خشونة كفيه ، ينتظر المرة الثالثة التي سيمسك بها كفها حتى يطلق وقتها العنان لجموحه الثائر حرا لغزوها .. سينتزع منها كل لمحة أرقته .. كل لفتة قيدته .. لدرجة لو طال يتسلل لها بين أوردتها كمرض مسموم .

انتبه من شروده على صوت جيهان التي أصدرت تضجرا من صمتها لتمتم

– أخبرني هل أبدو مريعة ؟

لطالما يكره تلك البدايات من الاسئلة ، أسئلة ذات معنى عادى لكن محتواها متفجر ، يكاد يزعزع أي علاقة ، التفتت إليها بابتسامة ساحرة ليتمتم

– بل فاتنة جميلتي ، يعجبني إشراقك في الصباح

ضيقت جيهان عيناها ، لتضم شفتيها بامتعاض .. الإجابة لم تسرها اطلاقا ، لاحظت ليلة أمس تحديقه السافر بشقيقتها ، بل الجميع لاحظ واختار الصمت واللامبالاة كما شقيقتها التي لم تصدر أي انزعاج بل التفتت إلى عملها بكل جدية ورسمية شديدة ، كانت قليلة الكلام رغم أسئلته التي يلقيها في ملعبها بل بمهارة شديدة تهرب من أسئلته لتهتم بالزفاف المرتقب ، وضعت علامة (اكس ) للصفة الأولى به لتقول بنبرة ماكرة

– أنت معسول الكلام

هز سرمد رأسه وقال بصراحة

– أبدا ، أنا رجل أجيد تقدير الجمال الذي أمامي

فقط لو ينزع النظارة من عينيه ، جزت على اسنانها الرجل يخفي باب التوغل لمشاعره وصدق كلامه ، كيف ستصدقه وهو يخفي عيناه الماكرتين كما لسانه ، مررت يدها على خصلات شعرها لتقول

– إذا أنت وأسر أصدقاء ؟

ارخي بجسده على المقعد وهو يلتفت إلى جيهان شقيقة البرتقالية علم ذلك مساء أمس منذ ان استدرج نجوى مساعدة البرتقالية لتعطيه معلومات كافية عنها وللأسف لم يحظي بمعلومات عملها ومساعدة شقيقتها في ذلك الزفاف .. ظنها ستصبح حليفته .. لكن الماكرة العربية يبدو أن لها قرون استشعاريه للترصد من الخطر لتعطيه معلومات لا تسمن ولا تغني من جوع ، جمالها المبهر الخاطف للعيان لا ينكره ، بالنهاية هو رجل يقدر الجمال .. يعطي لكل امرأة العناية التي تستحقها ، غمغم بمشاكسة

– تعلمين ، تلك البداية الفضولية لفتح خزائن الرجل لتعريته

هزت جيهان رأسها نافية وقالت بأريحية شديدة

– أبدا .. فضولية نعم .. لكن لست لدرجة الوقاحة ، إن رغبت بعدم التحدث ليست مشكلة

صمت سرمد وعيناه تحدق فى كوبه الحراري ليعود النظر نحو الباب المغلق ، فقط لو أطلق وحوشه الحبيسة العنان لجذبها تلك البرتقالية من شعرها وجرها إلى غرفة المكتب .. أو يجذبها إلى غرفته ثم ….

ترك لمخيلته العنان التفكير بجموح شديد ، إلا أنه سرعان ما لعنها في سره وهو يعتدل بحدة .. قبض بقوة على يده وهو يهب من مجلسه بحدة .. الحرارة بدأت تسير في أوردته .. كجمرات مشتعلة ، نظر نحو مكيف الهواء الذي لا يصيبه بلسعات باردة تهدأ من جحيمه الخاص … أغمض جفنيه لثواني ثم عاد يجلس على كرسيه بهدوء

رفعت جيهان حاجبها بتعجب لحاله ذلك المجنون الذي كان يبتسم بعبث قبل أن تتجهم ملامحه ثم انتفض من مقعده كما لو أن عقرب لدغه .. يدور جيئة وذهابا حتى وقف أمام المكيف ثم عاد إلى مكانه كما لو لم يحدث شئ .. وضعت علامة ( اكس ) الثانية ، الرجل لن يكون من معايير شادية أبدا .. انتبهت على سؤاله العابث

– إذا أنت والأشقر على علاقة أو حدثت مشاجرة بينكما فأصبحتم متباعدين

مالت برأسها وهى تبتسم بمكر شديد ، توهجت بندقية عيناها لتغمغم

– تستطيع إيجاد عدة أساليب أخرى لاستدراجي

يلعب لعبة خطيرة معها ، تلك الابتسامة الناعمة والعينان الناعستان ونبرتها المغناجة يعلمهم جيدا ، ابتسم بتحفظ شديد وهو يقول بلا مبالاة

– للأسف أنا رجل صريح يا فاتنة ، صراحتي لا تعجب الكثير لكن ستعجبها رغما عن أنفها

ازداد لمعة عيناها وهى تهمس بنعومة شديدة .. تستميله لفخها

– من ؟

مرر يده على خصلات شعره الكثيفة ليبتسم بخفة قائلا بغموض

– التي تكره صراحتي

انتفضت جيهان من مقعدها ، تشعر بازدواجية حديثه .. بل ازدواجية شخصيته ، صاحت بحنق

– انت رجل

قاطعها قائلا بملل

– واثق .. ناجح .. مغرور .. نرجسي وبلا بلا بلا ، يحق لي ذلك بعد أن وصولي للنجاح

علمت أن طريقة المهاجمة لا تجدي نفعا ، بدلا من استفزازه ستحاول أن تجد صفات جيدة رغم عدم تأكدها من عدم وجود الخصال به ، اقتربت منه لتجلس فى مواجهته ، غمغمت بثرثرة لطيفة

– لكن سرمد كلمة عربية ، كيف ؟

استسلم إلى تيارها الناعم بإرادته وهو يقول بهدوء

– ألم أخبرك قبلا … لي أصول عربية ، لكن انا تربيت وترعرعت في إيطاليا وبعد أن بلغت سن الرشد واكتشفت موهبتي لحب الصور التحقت بمعهد حتى أضع بصمة خاصة بي

بدت الدهشة ترتسم ملامحها ، هبطت عيناها لوجهه وجسده .. كيف لم تعلم ذلك الأمر .. سرعان ما تبدلت ملامحها لابتسامة بلهاء وهى تسأله بمكر

– ايطالي أم عربي ؟

بمرح شديد رد على فضولها

– ايطالي

انطفأت الوهج في عينيها إلا إن تعمد ينطق بتلكؤ شديد

– يوجد تشابهات كثيرة بين الإيطاليين والمصريين يا فاتنة

همت بالرد عليه ، إلا أن عاصفة برتقالية قررت التخلي عن صمتها والانزواء بعيدا لتهب في وجهه

– ابدا .. أنتم مجرد نسخة باهتة شاحبة الملامح من الأصل

انفجرت جيهان ضاحكة وهي تغمز له بمكر

– ضربة في منتصف الجبهة

استقامت من مجلسها معتذرة وهى تغادر الغرفة ، لتبقى البرتقالية وحيدة .. كنعجة ثمينة في الوادي الخاص به .. تفحصها بتمهل شديد لكن الخصلات الحرة تم تقييدها في كعكة بشعة ، ما الذي تفعله تلك المغفلة ؟! .. هبطت عيناه نحو بلوزتها الحريرية الزرقاء ثم إلى تنورتها البيضاء التي ضمت جسدها بحب .. اتسعت ابتسامته .. تعلم كيف ترضيه تلك البرتقالية جيدا ، ود أن يلتقط صورا في ذاكرة صديقه إلا إن ابتسامته الماكرة جعل شادية تتأفف بشديد وهى تجلس على مقعدها ملقية بالأوراق على الطاولة ، صاحت ببرود شديد

– وما الذي يتميز به رجالكم عنا ؟

وصلته رسالتها الخفية ، ما زالت الابتسامة العابثة مزينة ثغره وهو يتأمل وجهها النضر الخالي من مساحيق التجميل ، قال ببرود مستفز

– ولما الرجال تحديدا ؟ أنا تحدثت بشكل عام

هزت رأسها يائسة ، الله يعلم كيف ستتحمل ذلك الإيطالي لفترة أطول .. تحاول أن تجلد ذاتها قائلة فقط أيام وسيسافر إلى الأقصر وأسوان … عسى فقط أن يصاب بضربة شمس يمنعه من إتمام الزفاف ويأتي بمساعد بدلا عنه ، فتحت عقد عملهم .. تحاول أن تجد ثغرة تضغط بها عليه .. لكن لا شيء .. كل شيء من طرف المتعاقدين صريحة وواضحة ، هي لها السلطة الأعلى داخل قاعة الزفاف فقط وما خارجه فهو من شأنه .

من الجمود للحنق ثم الضيق ، تقضم شفتها السفلى بحدة وقلمها يطرق بإيقاعات حادة .. تكاد تكون قاتلة وهي تنظر نحو الأوراق التي استنتج انها ورقة عقدهم ، غمغم بمشاكسة

– انتى تخافين

رفعت رأسها بحدة لتتكرر كلمته بريبة

– أخاف ؟!

هز رأسه موافقا وهو يقول بثقة شديدة لا تعلم مصدرها

– نعم .. تخافين الوقوع في حب رجل نرجسي ، بارد المشاعر ، شاحب البشرة عكسك يا سمراء

اتسعت عيناها هلعا وهي تستقيم من مكانها ، تحاول أن تجد كلمة تفيق ذلك المختل ، شعرت به يحاول الوصول لها لتنتفض بجسدها رافضة بنفور شديد وهو يتمتم بنفس نبرته الواثقة

– لكن اجزم لك ما بداخلي براكين لم اقدر على إخمادها منذ رؤيتك يا …

لمعت عيناها بغضب شديد وهي تقترب منه لتصفع وجنته .. تنفست بهدر وما زال صدى الصفعة يدوى فى غرفتها ، صاحت بنفور شديد وملامحها تتحول للاشمئزاز

– سافل .. منحط

الغضب استفحل طبقته الباردة ، لم يصفعه احد .. بل لم يتجرأ أن يفعلها وتأتى تلك البرتقالية تكسر قيودا ، امسك معصمها بحدة وقوة جعلها تطلق تأوه خفيض ، اعتصر رسغها ليشعر بمحاولاتها الفاشلة للفكاك منه .. دفع جسدها للخلف ليحصرها بجسده ومن الخلف بالطاولة ، انتزع نظارته والقاها على الطاولة بدون اكتراث ليغمغم بخشونة ولهجة خطيرة

– ان مدت يدك مرة اخري علىّ اقسم لك انى سأكسرها

سكنت شادية وهي ترى الفتيل المشتعل فى عينيه السوداويين ، أسدلت أهدابها باستحياء شديد وهي تشعر بسهوم قاتلة من عينيه تكاد تعريها ، عينيه مميتة ، إلا إن الانتفاضة في جسدها جعلها تكز على أسنانها بغيظ لتمتم

– لا تهددني ابدا

اقترب اكثر وهو يحاول ان يشم عبيرها الذي لم يلتقطه حتى الآن ،غمغم بخشونة

– مشاكسة

حذرته من التمادي أكثر بعينيها ويدها الأخرى على وشك الاستعداد لصفعه مرة أخري ، صاحت ببرود شديد

– هل انتهيت الآن ،أريد تغيير العقد الذي بيننا

راقب محاولاتها البائسة للتحرر منه ، تكاد تتلوى لتفك اثر يدها منه ، غمغم بنبرة عملية لا تتناسب وضعه المشتعل

– مبدئيا العقد مع مساعدتي الخاصة ، رغم تحجيمك لي والذي رفضته وما زلت رافض له لكن أستطيع التغاضي عنه بسبب ….

انفجرت هادرة في وجهه والشرر يتراقص في حدقتيها

– ابتعد عن اختي ، فهمت .. أساليبك تلك لا تمارسها على فتياتي هنا .. لا أهدد هباءً .. الزم حدودك

مال ليقترب من رأسها هامسا

– أتغارين يا جميلة ؟

– افندم !!!

لا تصدق لما يصر أنها معجبة به ، ما الدليل الذي يملكه كي يقر شيء غير موجود بالصحة ، تشعر بالتهديد .. بل بالخطر منه ، شعور طبيعي للغاية .. هو يخترق حدودها الحمراء برعونة شديدة ، بدأت تشعر بالهوان يصيبها في جسدها ونظرات عينيه تعريها بخجل مؤسف لها ، تلونت وجنتيها بالحمرة وهي تسمع همسه الخافت

– اشعر بتذبذبات جسدك حتى لو على بعد مسافة بعيدة شعرت بك منذ دخلت الغرفة ولم تصدري صوتا كي تراقبيني مع شقيقتك ، عينيك المغويتين ترمقني بسهام نارية وتتغضن ملامح وجهك للضيق أو خيبة ربما

رفعت عيناها ببهوت شديد ، الثقة الخطيرة المنبعثة من عينيه لا تريدها ، ابدا .. لوت شفتيها لتهمس بسخرية

– أحب أن تبني أحلام وسقف أمنيات مرتفعة حقا ، أنا لا اكترث بك ..تريد العبث خارج الفندق لا دخل لي بك ، عملي وفتياتي خط أحمر

اهه خفيضة أطلقتها حينما قسي على رسغها بخشونة شديدة غير مكترثا برقة وهشاشة عظامها ، صاح بتمرد

– وضعت القوانين ليتم اختراقها

زمجر بغضب شديد وهو ينفس عن غضبه بضغطه عنيفة لرسغها ، نعومة جلدها يغريه .. يغريه لدرجة يدفعه عقله للجنون ، نظر نحو خاتم خطبتها متطلبا من وحوشه الصبر .. لن يقترب من امرأة مرتبطة .. سيسعي على فسخ خطبتها اولا ثم سيطلق العنان لوحوشه وإخراج وحوشها الصغيرة معه ، احس بتهاون جسدها وعيناها التى تتسع بجحوظ مخيف .. مخيف لدرجة أن رأت أفكاره العابثة ، تضرج وجهها بالحمرة الشديدة ليبتسم وهو يسترسل هامس

– سأغازل من أريد ، لا شأن لك بى سوي بعملي .. لا يوجد فى العقد شرط يمنعني من تقدير جمال النساء

تمتمت بحدة طفيفة ورجفة جسدها يصله عبر يدها الاسيرة له

– سنفسح العقد

أنامله داعبت نبض رسغها للمرة الثالثة ، أفلتت يدها بخشونة منه وهي تبتعد بمقدار انشات عن الموجة الحارة التى ضربتها ، استمعت يتمتم ببرود شديد

– الزفاف مهم بالنسبة لك ، اعلم هذا .. منظمة اخري كانت ستتعاقد معي لكن آسر اخبرني ان صاحبة الخصلات الحمراء تغيرت ، أصبت بالإحباط حقا وفى مخيلتي وجود امرأة … باردة عملية لكن لا بأس بك سأضطر للمتابعة

استشعرت سخريته منها ومن أنوثتها .. الرجل قاب قوسين أو أدني على وشك التهامها دون القدرة هي على التفوه بشيء ، ثم رسائل عينيه الوقحتين .. لقد قرأتها لا تعلم كيف .. لكنها استشعرت خطرا محقق منه ، زفرت ساخطة

– انت زودتها اوي

صاح بتساؤل فضولي شديد وعيناه ترتكزان على ساقيها بنهم

– لما لا ترتدين تنانير قصيرة

هبطت عيناها تدريجيا نحو تنورتها التى تغطيها حتى أسفل ركبتيها لترتفع عيناها نحوه ، لتجده ينظر الى ساقيها بعبوس شديد … أجلت حلقها وهى ترد بحدة

– وما دخل لك بي

ارتفع عيناه من ساقيها نحو تنورتها المهلكة ثم خصرها النحيف ليصل نحو عيناها قائلا بمغازلة

– تبدين اجمل بها

زفرت ساخطة بشدة وهي نحو عينيه الوقحتين ، نبضات قلبها تتسارع بجنون مخيف تحت وطء نظراته ، وكأنها مستحبة لري عطشها الواضح .. تمتمت بهمس

– خلصت من عاصي تظهر انت

عاصي كان يلعب على أوتار أعصابها ، يدفعها لفقدان سيطرتها .. لكن ذلك !!!

يلعب على أوتار أنوثتها .. يتمسك بقيود جسدها المستسلم له بخزي شديد ،

الـ …. ، لا تعلم أي شتيمة تفي بحقه ، جريء لدرجة غير مهتم بأنها امرأة مرتبطة بغيره .. خيالاته الجامحة ستؤرقه فقط فى أحلامه لأنها لن تتحقق ، مررت يدها على عنقها تمسده بتعب واضح ، انتبهت على صوته المتسلي

– حسنا ، اذا كنتى تخشين منى لتلك الدرجة كونى بدلا منها

تلونت وجنتيها ووجها تجهم بحنق لتصيح

– افندم

تابع ثرثرته الهادئة وهو يقترب من الطاولة ليهبط بمستوى عيناه نحو عينيها قائلا

– خلال السفر تكوني في صحبتي كي تمنعيني من النظر للجمال وشقيقتك

رفرفت عيناها ببهوت شديد تحت ابتسامته الماكرة ، لوت شفتيها قائلة بحنق

– لست متفرغة .. يوجد عمل ساشرف عليه هنا حين عودتكم من الرحلة

انفرجت عن شفتيه ابتسامة ليقول بنبرة عابثة

– احظي بعض المرح يا فتاة ، ازيلى ذلك العبوس ، إلا إذا فريقك غير كفؤ لينفذوا طلباتك

لم تستجيب لتحديه لتهمس بجمود وهي تثبت له كفاءة فريق عملها

– انت لا تعلم ما هى الاختبارات التى يخضوعونها للموافقة عليهم والانضمام لفريقي

لمعت عيناه بإعجاب شديد أخافها ، أربك فرائصها المرتعدة لتسمعه يغمغم

– أسبوع لن يؤثر

همت بالرد عليه الا أن احدهم فتح الباب على عجاله ، لم يبتعد عنها مقدار انش ليدير بوجهه نحو جيهان القائلة بحماس

– سرمد ، هيا بنا العروس منتظرة بشوق للذهاب الى الاهرامات

هز رأسه موافقا وهو يلتفت نحو البرتقالية ذات الوجنتين الحمراويين ليميل هامسا فى أذنها بنبرة أجشة

– فكري يا جميلة ، تذكري سأسترد تلك الصفعة غاليا منك

ارتعد بدنها والزفرة الحارة الخارجة من شفتيه ضربت عنقها استجابت لها ، ارتدت مبتعدة عدة خطوات وهي تعطيه ظهرها .. تخبي ما يعتري على وجهها أو مشاعر فاضحة لعينيه ، كزت على أسنانها بغيظ وهي تشعر بقدميه تتجهان صوب الباب ، تتبعته بعينيها لتجفل من لحظة إمساكه بها ، رفع نظارته وهو يغمز لها بعينيه قبل أن يغادر لتطلق شادية زفيرا ساخطا وعقلها لا يسعفها التفكير سوى أنه فقط أيام وسيغادر وينتهي افتتانه بما هو لم يصادفه قبلا .. سخرت من كلماتها الحمقاء ، الرجل لن يغادر حتى يحقق مأربه منها .. لكن هي له بالمرصاد .

****

ساقيها يسابقان الريح .. تخشي أن تقابل جدها أو عمتها .. لا تجد أحد يتحدث معها وتبث شكواها ، لا وجود لصديقة حقيقة تحفظ أسرارها رغم كثرة معارفها لكن جميعهن سطحيات لدرجة مستفزة .. أكثر سطحية منها وبعقول فارغة ، وحالمات مثلها .. يحلمن بعريس وسيم من عائلة تفوقهم ثراء لكنها حلمت برجل يخطف دقات قلبها ..يأسرها حرفيا ، عيناها تبحث بتلهف عنه عينيه ، عيناها تحفظ ملامحه التي نقشت على جدران قلبها

تكون هي ملكته المتوجة ، أميرته المدللة ، وزوجته الكئيبة ، والحبيبة الغيورة ، ويكون هو رجلها الأوحد .. آمانها وحاميها الأوحد ، يهب لها حبه لحد التخمة ، ينعش أنوثتها بغيرته من عيون الرجال عليها ، ترى اهتماما صادقا من عينيه .. بهتت فجأة وتوقفت ساقيها عند آخر درج

لما لم تجد هذا في لؤي ؟!! .. لما لم يقدر أن يغترف بعضا من مشاعره لها ؟ ، غامت عيناها بالحزن وهي تنفض سبات الوهن لتتحرك خارجة من القصر إلا أن صوت جميلة أوقفها للحظات

– وجد

جففت دمعتها المتساقطة ولم تلتفت إلى المنادى إلا أن صوت عمتها الملح بشدة أوقفها

– وجد ، أنا بنادي عليكي

عضت على شفتيها ليست بجاحدة حتى لا تنسى اهتمام عمتها بها ،دارت على عقبيها لتلفت إلى عمتها قائلة بنفاذ صبر وهي تنظر إلى الساعة المزينة معصمها

– خير

اتسعت عينا جميلة بصدمة من وقاحة ابنتها الجديدة عليها ،

– رايحة فين

راجعت عن هجومها وهى تحاول التحكم فى غضبها الجريح ، تمتمت ببرود أعصاب

– النادي ، وبعدين هعدي على الشغل اشوف ايه اللى ناقص

اقتربت جميلة وهى تضع يدها على ذراع ابنتها التي ربتها ، إلا إن ما قتلها تمنع وجد وهى تتظاهر برفع يدها لتعدل تصفيفة شعرها ، طعنة وألم يكاد يقتلها وهي تهمس

– وجد ، عايزاكي متضايقيش مني

هزت وجد رأسها وقالت بفتور شديد

– متقلقيش يا مماه مش مضايقة

صمتت جميلة للحظات ، لا تعلم كيف هي على وشك التصريح بشيء مثل هذا الوقع على أذني صغيرتها ، لكن ها هي الآن تجنى ما زرعته .. لا أحلامها تحققت ولا أحلام ابنتها تحققت … الفتاة تكاد تصبح نسخة مصغرة منها بطريقة مفجعة

قلبها المتلهف يخشي عليها أن تجرها أمواج الغضب والخذلان لسنوات حتى تتساقط الوردة المتفتحة عبير أخاذ على الأرض وتدهسها أقدام المارة بقسوة شديدة ، غمغمت بنبرة خفيضة وعيناها تراقب تعابير وجه وجد الجامدة

– شادية هتظهر فى كذا مناسبة معانا خصوصا انها هتبقي

بنبرة فاترة قاطعتها وجد قائلة

– مراته

دمعت عينا جميلة بأسف شديد ، وألم جعل جحود وجد الظاهري يستسلم ، لكن امتنعت .. ليس الآن ، يجب أن تشعر ما أجرمته فى حقها .. غمغمت جميلة بنبرة معذبة

– انا اسفه

ارتفعت عينا وجد لتقول بنبرة باردة

– محققتيش حلمك للاسف ، لا الاول ولا التاني

هزت رأسها بتلهف شديد ، وهى تلاحظ الاستجابة في عيني ابنتها … لتقول بتسارع

– معتصم مش موافق على الجواز ، باين عليه انه

قاطعتها وجد صارخة فى وجهها

– تاني .. امل تانى

اقتربت منها وهى تصيح بانفعال شديد ، احمر وجهها من الانفعال وهى تنظر بقسوة لجميلة

– المرة الجاية هتعملي فيا ايه

تراجعت جميلة متقهقرة من الهجوم المباغت ، تمتمت اسمها بتعطف

– وجد

علا صوتها بانهيار شديد

– ببساطة انا تعبت ، فاهمة ..تعبت .. من كل محاولة بتنتهي بالفشل

همت جميلة بمقاطعتها

– لكن

صاحت بنبرة قاطعة وهى تتوجه نحو خارج المنزل بأقصى سرعة لديها

– انا ماشية

همت جميلة بملاحقتها إلا أن نداء غالب أوقفها عن زيادة جحود قلب وجرح قلب الآخر

– جميلة

التفتت نحو والدها الذي حظت به بالدنيا لتمتم برهبة

– نعم

صاح غالب بحدة

– متلعبيش فى عقل البنت ، انا ساكت من الاول عشان قولت يمكن لؤي يغير قراره .. لكن دلوقتي هو ارتبط بواحدة سيبي البنت تهدي

قاطعته جميلة وهى تهم لتخبره عن مدى كره معتصم للارتباط

– بس

رفع يده قاطعا ليصيح بصرامة شديدة

– من غير بس .. مش عايز افقدها زى ما فقدتك ، وجد مش من نصيب لؤي .. لؤي لو كان مايل ليها من الأول كان خطبها

عضت جميلة على شفتيها وعينيها المغرورقتين بالدموع تحكي قصص عن الآلام لتمتم

– حظها قليل

اخفض غالب عينيه وهو يغمغم بصوت جامد

– او يمكن مش نصيبها مع لؤي ، انا هنام ساعتين قبل ما انزل الشركة

أومأت جميلة برأسها وقلبها يتمني بكل توسل أن يسعد قلب ابنتها .. تستحق وجد من يسعى لنيل قلبها ، رغم قصتهما المتشابهة لكن تتمنى أن يتغير مسار قصة وجد .

…….

رمت حقيبتها داخل سيارتها لتصعد سيارتها ، صاحت بعصبية شديدة وهى تصرخ باهتياج

– تيجي تدمر حياتي وتقولي عايزة مصلحتك

أطلقت صرخة مدوية وهي تضرب على المقود بضعف شديد

– ليه بتعملي فيا كده يا مماه ، ليه

رفعت يدها لتدير محرك سيارتها لكن المفتاح لم تجده ، نظرت إلى جانبها لتتسع عيناها جحوظها من بعثرة محتوياتها على مقعدها ثم أرضا .. بحثت داخل حقيبتها ولكنها لم تجده .. هبطت برأسها نحو الأرض لتضع يدها على الأرض بحثا عن المفتاح .. ابتسمت بظفر وهي تأخذه لكن أعاق طريقها وجود ورقة .. عبست وهي تلتقط الورقة ايضا .. وضعت المفتاح وبدأت بإدارة المفتاح لتشغليها .. وقعت عيناها على الورقة ، اتسعت عيناها وهى تتذكر صاحب تلك البطاقة ، صاحب العينين الخضراوين والجسد العضلي الذي احتضنته .. تلونت وجنتيها بحرج من تلك الذكرى ، لتقع عيناها على المكان الذي يعتبر على مقربة منها ، أومضة خاطفة عن حديثه

-لما تشوفي مشاكل الناس ، هتعرفي ان مشكلتك هينة لدرجة تحترمي نفسك من أفكار ممكن تيجي على بالك

عضت على شفتيها وهى تضع الورقة فى حقيبتها لتغير وجهتها من النادى نحو المكان … بعد نصف ساعة وصلت الى المبني لترتفع عيناها نحو الميتم الحديث .. ليست كـ المياتم المهجورة فى الافلام … اتسعت عيناها ببهوت وهى تري ترحيب الحارس ليفتح البوابة الحديدة دون السؤال حتى ، شهقت وهى ترى جمع من الصبية يرمون علي بعضهم الالوان .. تابعت بطريقها وعيناها توجهت نحو بضعة فتيات جالسات على الدرج يلونون على لوحة بيضاء ، أوقفت سيارتها وهى تهبط من سيارتها وهى تتعجب من عدم وجود مشرف ينهر الأطفال من تفرقهم بدلا من مكوثهم في مكان واحد ، صعدت الدرج لتنتبه نحو صوت امرأة

– مساء الخير يا هانم ، تحبي اخدم حضرتك بحاجة

هل هي في ميتم أم منزل الالعاب ، أم فى برنامج مقالب ، هل يعقل ما تسمعه عن المياتم التي يتم بيع الاطفال وايذائهم لدرجة مؤلمة وبيع اعضائهم .. غمغمت بارتباك

– مكتب المدير

هزت المرأة وقالت بملامح بشوشة

– الوقت ده مش هتكون فى مكتبها هتلاقيها فى الجنينة اللي من ورا

هزت رأسها وشكرتها بخفوت

– شكرا

ابتسمت المرأة بلطف شديد أصبح يرعبها

– العفو

نقرات كعب حذائها على الأرض يصدر صوتا مزعجا ، عيناها تتأمل بشغف وتيه شديد نحو مجموعة من الأطفال الجالسون على الأرض يلعبون بحرية شديدة وانطلاق حيوي بعث لقلبها ابتسامة ، هى متلهفة للقاء صاحبة تلك المؤسسة .. إن وجدت حقا اهتمام المرأة للأطفال ستخصص مبلغ من أرباح متجرها لتلك المؤسسة ، تخشب قدميها من صوت فتاة تصيح بذعر

– ابعدي عنها دي عيانة

صوت بكاء فتاة صغير صدر وهى تصيح ببكاء

– انا مش عيانة

صاحت الاولي بقسوة شديدة

– انتى كدابة ، انتي عيانة .. اللى فى وشك ده مرض

شهقت وجد من تجمهر الفتيات على الفتاة الضعيفة ، بدون حماية مثل التى فى مواجهتها ، تهز الفتاة رأسها نافية لتقول ببكاء

– مش عيانة ، هو قالى انا مش عيانة

التفت الفتاة تبدو أكبر عمرا من الصغيرة لتقول بقسوة

– امشي .. عشان متبقيش زيها

اقتربت وجد بلهفة نحو الصغيرة التى تبكي بقهر جعل وجد تحن عليها لتهبط بجذعها لتنبته الفتاة من وجود أحدهم ، رفعت عينيها لتنظر بتوجس اليها وهمت بالابتعاد عنها الا ان وجد همست بلهفة

– قربي متخافيش

لثواني نظرت الفتاة بتوجس والدموع تسقط من عينيها لتقترب منها قائلة

– انا .. انا مش عيانة ، قالي ان انا جميلة

مررت وجد اناملها على جديلة الفتاة لتهمس بعذوبة

– انتى جميلة يا حبيبتي

مسحت الفتاة دموعها سريعا وهى تنظر بشغف وفضول نحو المرأة التي تهتم بها لتمتم بطفولية محببة

– بجد ، انتي مش خايفة مني زيهم

مالت وجد تقبل كلا وجنتيها ثم قالت بنبرة ناعمة

– ابدا .. انتى جميلة عنهم ، عندك حاجه نادرة عكسهم ، وده اللي مخليهم متغاظين منك

رفعت الفتاة رأسها نحو زاوية معينة خمنت وجد أنهن الفتيات الشريرات ، لتهبط عينا الفتاة قائلة بتساؤل

– بجد

هزت رأسها موافقا وهي تسمح دموعها العالقة فى أهدابها ، تمدها بثقة وحماية ولو مؤقتة

– طبعا

ابتسمت الفتاة بعذوبة شديدة لتهمس

– هو الوحيد اللي كان بيقولي اني جميلة .. شايفني حلوة حتي وانا كدا

تساءلت بفضول شديد وهى تراها تكرر شخصا بعينه

– مين ده ؟

اجابت الفتاة بلهفة شديدة وهي تصدر عبوس طفولي

– الدكتور .. بقاله فترة مجاش ومضايقة منه

تخشب جسد وجد حينما استمعت الى صوت تعلمه جيدا ، وكيف تنساه وهو من قادها الى هنا

– جيت اهو ، يا تري الاميرة هتعمل ايه للحارس الغلبان

سارعت الفتاة بالقفز في أحضانه بقوة وهو يفتح ذراعيه لها ، اعتدلت وجد وهى تنظر نحوه ببهوت شديد .. كيف طبيب ؟ .. ألم يكن حارسا خاصا ؟! .. رأت عطفه وحنانه نحو الفتاة وهى تضحك بانطلاق شديد ابهرها بقوة ، وتمنت من تجد ويزيل حزنها من قلبها ، انتبهت الى صوت الفتاة

– هحكم عليك اممم ، هحكم عليك انك تيجي هنا كل يوم

مال مقبلا جبهتها قائلا بنبرة حلوة

– الأميرة تطلب وانا انفذ

لم تمتلك وجد سوى الابتسام ، غمغمت الفتاة بحزن

-وحشتني اوي يا دكتور

ربت عاصي على ظهرها وقال

– مش قولنا الأميرة متعيطش ، تحارب بقوة قدام الأعداء

رفعت وجد رأسها مجفلة ، هل رآها؟ ..ما هذا السؤال الغبي بالطبع رآها .. استمعت الي صوتها المتحشرج

– بيقولوا عني عيانة عشان عندي بهاق وهعديهم

مال عاصي نحوها وهو يقبل كلا جفنيها وغمغم بنبرة عاطفية أبوية

– وانا قولتلك ايه

ابتسمت بنعومة شديدة وهى تهمس بحلاوة

– انه بيجي بس للحلوين ، وانه مش هيعديهم

قبل كلا وجنتيها وهو يخرج من بنطاله مصاصة بنكهة الفراولة جعل الفتاة تقفز من مكانها وهى تقبل وجنته

– شاطرة يا تسبيح

همست وجد وعيناها تدمع بعاطفة مؤثرة

– اسمها تسبيح

هزت تسبيح رأسها وقالت بانطلاق

– ايوا ، بابا اللي سمهولى

سرعان ما تحول تفتح وجهها إلى حزن جعل عاصي يتمتم بقوة

– ها قولنا ايه

ازدرت الفتاة حلقها وهي تمتم بنبرة متحشرجة

– ربنا يرحمه هو وماما

اقتربت وجد بلهفة من الصغيرة وهى تهبط بجذعها لتهمس برقة شديدة

– عيطي يا تسبيح

أجهشت الفتاة بالبكاء لترفع عينيها بلوم نحو عاصي الذى امتعضت ملامحه بيأس شديد ، ربتت على ظهرها لتهمس بهدوء الى الفتاة

– تعرفي ماما وبابا ماتوا

توقفت الفتاة عن البكاء لترفع رأسها هامسة

– حتي انتي

اومأت برأسها ودموعها تسيل على وجنتيها لتهمس

– كنت زعلانة انهم مشيوا وسابوني لوحدي ، بس جيه جدو غالب

مسحت الفتاة دموع وجد بكفيها الصغيرين لتهمس بتساؤل

-بس مين جدو غالب ؟

ابتسمت وجد ببهجة وهى تهمس

– جدو غالب ده اللي خلاني اعيش معاه

ابتسمت الفتاة لثواني سرعان ما همست بألم

– بس انا معنديش جدو عشان اعيش معاه

كانت على وشك السقوط فى نوبة بكاء أخرى إلا أن عاصي تخلي عن صمته وهو يقول

– وانا روحت فين

اشرقت ملامح تسبيح لتصفق بكلتا يديها قائلة

– انا عندي دكتور عاصي و ميس روفيدا

تمتمت وجد بعدم فهم

– ميس روفيدا !!

هزت تسبيح رأسها قائلة

– الماما بتاعتنا كلنا

ليأتي صوت عاصي الهادئ

– مديرة الملجأ

ابتسمت وجد وهى تهمس للصغيرة

– شوفتي ربنا بعتلنا ناس حلوة ازاي

هزت الفتاة رأسها مرارا ، لتصمت قليلا هامسة

– انتي اسمك ايه ؟

تمتمت بنعومة

– وجد

تساءلت بعدم فهم وهى تشعر بعدم معرفتها بمعنى اسم المرأة التى امامها

– يعني ايه وجد

ابتسمت ضاحكة وهي تقول بنعومة

– يعني قلب .. اسمي معناه قلب

هزت الفتاة رأسها وهي تقفز من مكانها برشاقة

– حلو الاسم ، عجبني .. هسمي عروستى الجديدة وجد

استقامت وجد وهى تمرر يدها على تنورتها القصيرة تنفض عنها أى أتربة .. امتعضت ملامح عاصي للضيق ألم تجد تنورة أقصر منها حتى ترتديها ، اشاح بوجهه بعيدا عنها لثواني قبل أن يلتفت اليها ، ثبتته بنظرة منها ليرفع حاجبه قائلا بتساؤل

– بتبصيلي كده ليه

غمغمت بنبرة حرجة

– مقولتش انك دكتور انا افتكرت بس انك بتشتغل

قاطعها بهدوء

– بودي جارد ، غريبة مع انك لما شوفتيني اول مرة مفتكرتنيش

تلون وجهها من الحرج لتهمس بارتباك وهي تشعر بعينيه المتفحصة لها

– كنت مش غريب عليا .. بس بعد فتره جمعت

صاح عاصي بضيق شديد لم يقدر على إخفائه متخيلا انحنائها في الشارع لأي سبب بتنورتها تلك ، في البداية صمت ولم يملك سوي أن يشيح بوجهه مبتعدا عن النظر لكن لا يعلم ما الذى دفعه لتنبيهها

– على كدا انتى بتوطي جسمك كدا كتير ، لو بتعملي كدا ياريت تخلي بالك بعد كدا ومتوطيش فى الشارع كتير

تفاجأت من هجومه المباغت عليها ، وارتبكت لثواني وهى لم تلاحظ أن تنورتها قصيرة لدرجة أن يبدي ملاحظة .. وتساءلت سرا ما سيقول إن رآها بثوب التنس والتنورة التي يراها قصيرة يوجد أقصر منها ؟ ، انتبهت على صوته الآمر

– تعالى

كادت أن تثور في وجهه إلا أنه سبقها بالمغادرة وهو يتوجه نحو الباب الداخلي للمبني ، لحقته بفضول شديد ودافع غريب لكنه طفق يتشعب سائر جسدها ..

عبير عطرها الناعم شمه قبل أن يحس بحرارة جسدها بجواره ، غمغم قائلا بهدوء

– الملجأ لما اتعمل ، مدام روفيدا كنت من فترة بشتغل معاها بودي جارد كانت أول مرة تنزل مصر بعد سنين من الغربة ، هربت من اعمامها عشان الورث ومهمتي اني اتكلف بحمايتها

انتبهت وجد بكل حواسها له ، وهي تستمع قصة تشابه قصة الأفلام همست بفضول

– وبعدين

ابتسم عاصي وهو يرى عينيها اللامعتين بفضول ، يؤسفه من إحباط خيالها الجامح ليتمتم

– الهروب تعبها وفى الاخر اتفقت توصل لحل الاطراف كلها تتراضي عنها ، اتنازلت عن الشركة ليهم

حل العبوس على وجهها لتمتم بضيق

– بالسهولة دي

هز عاصي رأسه وهو يتابع حديثه قائلا

– ابعد اهتمامات مدام روفيدا هو الشغل والشركة ، اعمامها هما اللي مهتمين بالشركة وعارفين السوق ماشي ازاي

لا يعلم ما الذى يقوده ثرثرتها معه ، المرأة التي أمامه هشة .. هشة للغاية ، تشبه أميرات ذلك الميتم الصغيرات ، أجلسها على مقعد ما ليجلس بجوارها وهو يقول

– الفلوس اللي معاها كانت مقررة تبيع نصها للجمعيات الخيرية بس انا اديتها اقتراح تعمل بنفسها ملجأ خصوصا انها بتحب الاطفال

ابتسمت وجد بنعومة وعيناها تدور فى انحاء المكان ، المكان مبهج ومريح للنفس ، الالوان هادئة محببة للعين ، ترى الأرضيات النظيفة ، إذا ما زالت الدنيا بخير رغم مساوئها .. كم تحسد روفيدا الآن ، فهي وجدت سعادتها وهى ..!!

– ونفذته وكانت سعيدة جدا وهى بتشوف مشروعها بينجح ، وانها قدرت ترسم ابتسامة طفل

انتبهت على صوت عاصي الذي تنحنح بحرج

– اتكلمت كتير صح

هزت رأسها نافية ووجنتيها يخضبان بحرج

– لا ابدا

ابتسم عاصي وهو يغمغم بنبرة خشنة

– سعيد انك جيتي هنا

تخضبت وجنتيها بالحمرة لتهمس بارتباك

– مكنش ورايا حاجه ، قولت اجي واشوف

صمتت وجد وهى تدعى النظر فى الارجاء كى لا تتقابل عيناها مع صاحب العينين الخضراوين ، التزم هو الآخر الصمت وهو يتأمل ملامحها الناعمة ، خصلات شعرها الغجرية الداكنة الهابطة باسترخاء شديد وتمهل مهلك له ، بشرة ذراعيها المكشوفة جعلت حاجبيه تنعقدان بانزعاج ، انتبه على صوت روفيدا وهى تقول بتلهف

– عاصي .. اخيرا جيت

استقام من مجلسه ليقترب من روفيدا التى صاحت بضجر

– الحقني يا عاصي شوفلي حل مع الشركة دي ، بقالي اسبوعين بقولهم يرشوا الجنينة عشان الحشرات ، لحد دلوقتى بيماطلوا معايا

عقدت وجد حاجبيها بضيق لعدم اتاحة الرؤية للمدعوة بروفيدا بسبب ضخامة جسد عاصي ، استقامت من مجلسها وهى تميل برأسها لرؤيتها … وهالتها الصدمة الثانية

المرأة ليست عجوز … بل شابة !! .. هل شابة ؟؟! .. من الممكن أنها في منتصف الثلاثينات ، وملامح اوربية خالصة ، تجهمت ملامحها للضيق وهي تستمع إلي حنقها

– واخدين فلوس ليه لطاما مش هيشتغلوا

غمغم عاصي بهدوء وهو يتطلب منها الصبر

– أهدي .. هتصرف انا ، متقلقيش

اشرقت ملامحها الفاتنة لتثرثر قائلة

– ياريت يا عاصي ، عايزة ادخل التنس حتي لو ملعب صغير بس بعد كدا لقيت المساحة هتصغر من الجنينة ، هشوف صاحب الارض اللى جنبي لو هيقدر يبيع حته من أرضه واضمها ليا .. مين دى

صاحت فجأة هلعة وهي تشعر برأس إمرأة خلف جسد عاصي ، وضعت يدها على صدرها تهدأ من نبضات قلبها الهادرة ، التفت عاصي وهو ينظر الى ملامحها العابسة والعدائية نحو روفيدا بالتحديد ، انفرجت عن شفتيه ابتسامة وهو يميل برأسه معرفا كلا المرأتين

– اعرفك انسه وجد .. مدام روفيدا

صافحتها روفيدا ببشاشة شديدة لتقول

– اهلا اتشرفت بيكي ، نورتي الدار

ابتسمت وجد بنعومة شديدة ، لتمتم بخجل ولوهلة شعرت بحماقتها وحماقة ما شعرت به

– وانا اكتر

سحبتها من ذراعها قائلة وهى تستأذن من عاصي الذى وضع كلا كفيه فى جيب بنطاله

– تعالي اعرفك بالمكان اكتر ، صدقيني هيعجبك وصدقيني بحب الافكار

ابتسمت وجد بتحفظ وهي تشعر انها تجر جرا مبتعدة عن الشخص الوحيد الذى تعلمه فى هذا المكان ، التفتت برأسها تنظر باستجداء الى عاصي الذى هز رأسه وابتسامة مشجعة جعلها تزم شفتيها وهى تعيد التفات رأسها ، اتسعت ابتسامته وداخله يقينا الأيام القادمة .. ستكون مزيدا من الصخب والضوضاء !!!

****

فى الأستديو ،،

عقلها مشوش منذ الليلة السابقة ، مجئ المدعوة آسيا قلب موازين حياتها

المرأة مجنونة .. بل مختلة ، لكن شجاعة .. قوية ، مسحة من القسوة غلف وجهها مع جمالها الوحشي جعلها مرعبة ، مرعبة لكن مرغوبة

قابلة للاشتهاء من قبل الرجال …

عيناها زائغتان وهي تنظر نحو العدسات اللعينة والاومضة التي تشعر أنها ستخطف بصرها يوما ، حركاتها عملية باردة دون الحيوية .. الثقة مهزوزة ، الشموخ منكسر بعض الشئ .. لكنها مناضلة في النهاية

تحارب للوصول … وأين نهاية الطريق ؟

لا تعلم .. لكنها مستمرة في السير

حبيبها الذي لن تقدر على انتزاعه من قلبها .. فهو القاطن الوحيد داخل ضلوعها .. تشعب وتوغل أسفل مسام جلدها ، كيف ستقدر خلال أيام تقدر على نسيان تلك المشاعر التي غرستها غرسا … تخشب جسدها وهى تفكر

هل أصبحت مهمة لنضال لدرجة عدم قدرته على طردها من مملكته الجحيمية ؟! ، أم يبقيها في حياته لغرض ما ؟! ، رمشت بعينيها عدة مرات والأضواء الساطعة تشوش تفكيرها المريض … الأمر أشبه بدائرة مغلقة تلف وتدور ولا تنتهي من سيرها ولا تهدي إلى طريق خارج مسار تلك الدائرة ؟!!

– كات

صاح صوت ناجي وهو يزفر بحنق يمرر يده على خصلات شعره ، ملامح التجهم والحنق يعتري وجهه … تقدم من فرح التى ترمش أهدابها وعيناها تتسعان بريبة من قدوم ذلك المتوحش الخارج من قفصه

– ايه ده يا فرح

مررت يدها على خصلات شعرها وهى تمتم بجمود وداخلها يكاد يرتجف من فرط الارتباك والخجل من تعرضها للتقريع أمام العديد من الأشخاص داخل موقع التصوير

– ايه يا مستر

خرج ناجي عن سيطرته وهو يصرخ في وجهها

– فين اللي بقولك عليه .. مش شايف انك بتشتغلي ، لو مش قادرة تنفذيه ياريت تتفضلي من هنا ومتضيعيش وقتي

لمعت عيناها بالدموع ، وجسدها يختض بعنف تحت أثر صوته الهادر ، عضت على شفتها السفلى وهي تهمس باعتذار

– اسفه

حرك ناجي يده بعصبية ، كيف يفهمها انه لا يوجد وقت للتدريب أكثر .. يجب عليه الانتهاء من ذلك الإعلان وعرضه على الشاشات بدلا من الإعلان السابق الذي سبب بسمعة سيئة لمنتج الشركة ، الأيام التي طلبها من الشركة قليلة لكن يجب أن يكون دقيقا تلك المرة .. ولا يكرر خطأه السابق … صاح بزمجرة خشنة

– اسفك ده بعد كده هتدفعي عليه كتير ، احنا هنا مش جايين للعلب ، لو مش قد المسؤولية ياريت نبقي عندنا الشجاعة ونقول

تحكمت فرح في أعصابها كي لا تنفجر صارخة في وجهه ، أو البكاء علانية أمام الجميع ، تذكرت نصيحة جيهان وهي تأخذ انفاسا وتزفرها على مهل .. استغرقها الأمر عدة لحظات لترفع رأسها نحو ناجي قائلة بجمود

– مفيش حاجه مستاهلة لكل ده ، اديني عشر دقايق

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي ناجي ليغمغم بقسوة

– فرح ، انتي مجرد كومبارس فى العالم ده

رفعت أحد حاجبيها لتقترب منه وهي تهمس بحدة طفيفة

– حتى الكومبارس ليهم دور فى الحياة مش كدا ولا ايه ، سواء ليهم تأثير ظاهر أو خفي لكن ليهم تأثير فى الحياة وعلى الناس

اختنقت أنفاسها وهي تمرر يدها على خصلات شعرها ، تزفر بعمق وهي تسمع تعليق ناجي اللامبالي

– الناس مش بتدي اهتمام للكومبارس ، كل اهتمامهم للبطل والبطلة

تلك مشكلة الجميع .. الجميع فقط يبحثون عن الكمالية في جميع الأشياء ، الكمالية في الأشياء والصفات ، يبحثون عن الشخصيات اللامعة ويسعون لمعرفة تفاصيلها دون الاهتمام بالشخصيات التي تساهم في تحديد وتغير مسار الشخصية اللامعة لـ مائة وثمانون درجة !!

تمتمت فرح بسخرية

– لأن الناس عندهم ضعف البصر ، أو انتوا اللي مدتهمش أهمية ليهم وعكس ده على الناس ، تفتكر لو اهتموا الصناع بالكومبارسات كان هيبقوا كومبارسات

رفع ناجي احدى حاجبيه ، لا يعلم لما يشعر أنه على حافة السقوط في درك !!

المرأة لا تتحدث عن العمل مثله ، عيناه جابت تفاصيل ملامحها المتألمة والمتعبة ليقول

– مش عايز فلسفة دلوقتي ، لو ملقتش اللي عايزة منك العقد هيتفسخ

هزت فرح رأسها يائسة ، الرجال جميعهم متشابهون بالنهاية .. لا يهم أن المرأة متعبة و مستنزفة .. فالنهاية هي لم تشتكي ، تمتمت ببعض الحنق

– لو دي كلماتك المحفزة صدقني وصلت

مرر ناجي عيناه عليها للحظات قبل أن يتمتم بعملية شديدة

– اتمنى

ابتعد للحظات وهو يتطلب من المصور إعادة التصوير والقي بعض التعليمات لفني الإضاءة .. ثم ببرود شديد ألقي بعض التعاليم لفرح المنصتة باهتمام شديد ، ارهفت أذناه السمع لجلبة تحدث خارج موقعه ، صاح فجأة بحدة نحو حارس الموقع

– ايه الدوشة دي ، محمد شوف فيه ايه ومش عايز إزعاج

هم المدعو محمد بالتحرك إلا ان صاحب الجلبة تقدم نحو ناجي قائلا بسخرية

– للاسف افتكرت انك مجرد كائن ملتصق للناس بس واضح ان ليك صوت

ارتفع رأس فرح بحدة لتجفل من وجوده في مكان عملها ، أخر ما توقعته أن يكون هنا … صاح ناجي بجمود

– ايه اللي جاب الأستاذ هنا ، طلعوه برا .. مفيش اي حد بيدخل هنا

ارتفع حاجب نضال بسخرية وتحدى ليسحب كرسيا ويجلس عليه ببرود شديد قائلا

– وريني هتطلعني ازاي ، انا جاي اشوف مراتي اللي رافعة راسي

لوت فرح شفتيها بحنق وهي تهز رأسها بيأس ، سيظل فظا وساخرا … تمتمت منادية اسمه بحنق

– نضال

القي غمزة عابثة نحوها لتضرج وجنتيها بالحمرة وهي تلعنه من عقلها ، لن يكف عن إفساد المتنفس الوحيد للابتعاد عنه … يجلس علي الكرسي وكأنه المتحكم والمتمسك بمقاليد المكان ، رفع نضال رأسه وهو يقول بسخرية

– ايه محتوى الاعلان

زفرت فرح ساخطة وهي تجيب ببرود

-منتج للبشرة

هز نضال رأسه وتمتم قائلا بعبث

– وماله ، ابهريني

عيناه مرت على فستانها الأحمر ببرود شديد ، لما تبدو فاتنة في جميع الألوان ؟!! .. امتعضت ملامحه بحدة ليضم قبضة يديه وهو يمنع من حدوث شيء يجعله على وشك فقدان سيطرته ، خيم عليه ظل حجبه عن رؤيتها .. ارتفعت عيناه نحو صاحب الظل ليري ناجي نظراته تقتل بالمعني الحرفي ، اقترب منه بشرر ليميل برأسه إلى مستواه قائلا بتهديد صريح

– اسمع بقي ، انا في ثواني اقدر اطلعك وانت بذات نفسك متقدرش تعمل حاجة ، لان الشركة دي شركتي ، ادخل اللي عايزة واطلع اللي عايزة

ارتفعت شفته العليا بسخرية ليتمتم

– صلاحيتك الكبيرة للشركة ملهاش عندي اي اهمية ، بعدين ده كل شوية تدريبات اصل انا بحب اشجع مراتي حقيقي

استقام من مقعده وهو يزيح جسد ناجي عن مرمى بصره ، ليقول بمشاكسة نحو التي تكاد تفقد أعصابها

– طالعة تجنني

تعمدت فرح الاطالة إلى أظافرها لتمتم ببرود

– ده العادي بتاعي

هز ناجي رأسه وهو يجد لا فائدة ترجي من إبعاد نضال عنه ، فاليوم مجرد تدريب ولن يقدر على إخراجه ويوجد العديد من العارضات اتين للرؤية فقط .. صاح بحدة

– هنعيد من تاني .. فرح نفذي اللي بقولك عليه

وجه آخر أمره نحو فرح التي هزت رأسها قائلة

– حاضر

جلس علي مقعده وهو يتمتم بعملية جافة

– هناخد ال shoot 1

عينا نضال تتركز على فرح الواقفة بثقة أمام العديد من العدسات الضخمة ، ترسم ابتسامة مستفزة مقيتة للغاية لا يعلم كيف تعلمتها ، زفر بحدة والاضاءات من حوله تنطفئ ، ارتفعت عيناه نحو المكان المعتم نسبيا لينتبه نحو الضوء الساطع الموجه نحوها هي ..

وهي .. نسخة اخرى لا يعلم عنها

تحركاتها الرشيقة والمتقنة .. انسجامها التام أمام العدسات وكأنها لم تزعجها منذ قليل !!

كظم غيظه .. على الرغم من ان يرغب بصفع ناجي على تعنيفها أمام الجميع ، لكن ستوجد فرصة سيخرج بها جميع كبته لذلك اللزج ، عيناها تبتسمان بثقة وقوة خطيرة

ونعومة متأصلة بذاتها جعلها مبهرة لدرجة ترك وعيده جانبا ومراقبة تلك الزهرة المتفتحة بإشراق

انفرجت عن شفتيه ابتسامة ، ليست بسيئة للغاية رغم بعض الملاحظات لاهتزاز جسدها الغير ملحوظ .. يعلم انها متوترة .. لكن تتجلد بصبر وشكيمة عجيبة في ذاتها ، طاقتها لا تنفذ وتلك الاشياء التي يحبها فيها .. غمغم بهمس

– تجنن

استمع الى صوت اللزج وهو يوقف التصوير … لتزفر فرح بعمق وهي تتخلص من تعبها لتعض على شفتيها السفلي تنتظر ملاحظات ناجي الهادئة وعيناها ترمق بين الفينة والأخرى نظرات نضال الغامضة نحوهما ، عبست وهي تسأله بعينيها عن وجود خطب ما .. الا انها كالعادة لم تحصل على الاجابة ، استأذنت سريعا من ناجي لتقترب من نضال وهي تلهث من فرط الشغل المبذول قائلة

– ايه رأيك

مال شفتي نضال وهو يغمغم ببرود

– مش بطال

رفعت أحد حاجبيها لتقترب منه ملتمسه سترته بنعومة ، مررت يدها على ذقنه الخشنة من أثر لحيته لتميل نحو اذنه هامسة

– مش بطال ، تقصد اني قدرت اخطف انفاسك ، عارف عنيك للأسف بتفضحك

ارتفع احدي حاجبي نضال وذهبية عينيه تتوهج بخطر مثير وصمت دون الرد ، ليشعر بقبلة على خده وهي تقول بتعجل

– استنى ساعتين عشان هخلص وبعدين نرجع البيت

الدفء الذي سيطر على حواسه حل .. لتخلف من بعد دفئها صقيع بارد أثلج أطرافه ، عيناه تتابعها بشغف شديد وهو يراقب تفاصيلها الصغيرة ، ولم تفت عليه زوج من العيون تحدق بها بأهتمام جعل وجهه يتجهم ولسانه يحافظ عليه بصعوبة ، وقبضه يديه يحفظها داخل جيب سرواله كي لا يفتك به ، وقت الحساب ليس الآن لكنه قريب .. قريب جدا !!

……….

بعد فترة من الوقت ،،

يقود سيارته وهي بجواره تعبث في هاتفها بصمت شديد ، دون الالتفات اليه .. خبط بعنف على المقود ، لا يعلم ما يريده حاليا

أشياء غريبة تندفع في أوردته … بل منذ فترة وهو ينكرها ويتعامل علي انها غير موجودة .. ما الذي به الآن ؟!

لما يحاول أن يستجدي اهتمامها ، كزوج متطلب ولحوح لاستجابة امرأته لتدليله والسعي التام لارضاءه !! ..

سب بعنف بين خلجات عقله ، يهدأ من طبعه الناري كي يمر الليلة على خير ، رغم حبه لمشاجرة فرح … المشاجرات بها نكهة فلفل حار لكن يعلم متى يضيف طعم العسل في نكهته ، صاح اسمها بخشونة

– فرح

رفعت فرح عيناها فجأة هامسة بعفوية

– نعم

عبس نضال وهو ينظر نحو الطريق المزدحم ليتطرق الى احدى الطرق المختصرة ليغمغم

– ناجي ده ايه نوعه

صمتت فرح لثواني وهي تضيق عينيها لتسأله بحدة

– عايز توصل لإيه بسؤالك

نظرات تلك الرجل لا تريحه بأي طريقة ، لا تريحه نظرات أي رجل على امرأته ، هو رجل شرقي بالنهاية ، اعترف اخيرا وهو يشعر بأحمال ثقيلة انزاحت عن صدره .. هو يغار .. بقوة وضراوة

بخشونة لدرجة أن يؤذيها

دفاعاته قاسية ومؤلمة … يعلم لكن هو الاخر يريد الخلاص من تلك الدوامة .. غمغم بعبوس شديد

– واحد زي ناجي اللي شوفتيه مرتين … يا تري صدفة ولا مترتب من عنده

اتسعت عينا فرح بحدة وهي تفلت حزام امانها بجنون لتنفجر هادرة في وجهه

– مترتب ؟! نضال اقسم بالله لو لمحت اي حاجه من قذراتك دي لانزل وامشي ومش هتعرف طريقى

واقرن فعلها بإمساك عتلة الباب لتفتحها لتجد الباب مغلق ، لوي نضال شفتيه بسخرية .. كم يود أن يخبرها أفلام الأبيض والأسود ابعد عن وجودها في الحقيقة ، تابع قيادة سيارته وهو يصفر ببرود ليسمع صراخها الحاد

– افتح الباب

تظاهر بالهلع وهو يتمتم بسخرية لاذعة

– انتي مجنونة ، عايزة تلبسيني جناية واتحبس

تأففت فرح صارخة بكل جنون لتصيح

– هو ده اللي همك من كل ده

ودون تردد هجمت عليه لتمسك بالمقود … اتسعت عينا نضال بجنون والسيارة تنحرف عن طريقها .. حاول السيطرة على مقود القيادة إلا أن تلك المجنونة تحاول القائهم للتهلكة ، صاح بخشونة شديدة وعيناه علي الطريق خشية أن يمر سيارة

– سيبى ايدك يا مجنونة

هزت فرح رأسها يائسة وهي تنحرف بسيارتها للجانب الايمن مما أدى لإعاقة مرور سيارة

– مش سايبه ، اصل انت واحد قذر وتفكيرك قذر زيك وانا استحالة اقعد مع واحد مريض زيك

زفر نضال بسخط شديد قبل ان يمسك يدي فرح بخشونة شديدة جعلها تتطلق تأوه مؤلم وبيده الاخرى على المقود يركن سيارته ويضغط على المكابح ليلتفت نحو فرح صارخا في وجهها بجنون وعيناه داكنة بشراسة

– ما انا مريض ومجنون ايه الجديد ، ولا دي بقي زنقة اي ست عشان تطلع الراجل غلطان ، مضربتش علي ايدك عشان تكملي حياتك معايا صح ولا لأ

انفجرت فرح شاهقة ببكاء عنيف ، يديها تؤلمها بقوة .. بالكاد تخلصت من الكدمات في عنقها لتأتي علامات على يديها الان ، تحشرج صوتها قائلة

– انت مريض

زفر نضال ساخطا وهو يصيح بانفجار

يخرج كبته الداخلي ، سخطه ويعلن عن مشاعر أصبحت تتكالب عليه بكل قسوة

– انا تعبان

وماذا عن عذابها هي ؟ ، ازدادت وتيرة بكاءها لتهمس بعذاب

– وانا تعبت

ضمت قبضتها لتضربه بكل قوة على صدره .. تحاول أن تستأثر منه ، لتصيح بصراخ

– حس بيا يا نضال ارجوك ، مش هقدر

تحمل ضرباتها برحب صدر ، ليقترب منها هامسا بسخرية

– انا حالة ميؤوسة منها ، ايه رايك توديني اقرب مستشفي

رفعت رأسها بحدة لتهمس بخشونة

– ما توديني انا قربت اتجنن منك

ابتسم نضال .. من بين خطورة الموقف لم يملك سوى الابتسام ليهمس بهدوء وهو يمسك قبضة يديها يمنعها من ضربه حينما استشعر بقسوة ضرباتها على صدره

– فرح

زمت فرح شفتيها وهي تخفض عينيها تمنع عنه حتى لقاء الاعين ، ثواني لحظية ثم انهار العالم من حولها من همسه الأجش الحار

– انا عايزك فى حياتي

في الفندق ،،

أغلقت جيهان حقيبة سفرها ، بعد أن أنهت من ترتيبات أمتعة سفرها ، رفعت عيناها نحو شقيقتها التي تزرع الارض جيئة وذهابا توترا .. عيناها بين الفينة والأخرى تنظر نحو الهاتف ، هل بدأ الخطيب بعدم رده على مكالمتها منذ الآن ، هزت رأسها وهي تقول

– مش يلا بينا ولا ايه

زمت شادية شفتيها بحنق ، وقلبها يختض بعنف من تذكر ملامسات ذلك القذر ليديها .. احتقن وجنتيها بحمرة قانية وهي تتذكر النظرة في عينيه ، عينيه راغبتين بقسوة وحاجة ملحة لها ، للحظة تمنت وجودها في جدران والدها ، حتي لو اضطرت ان يعود عاصي ويمارس سلطته المستفزة لكن هذا أفضل من وجود سرمد

عاصي بالنهاية لم يتخطي قط بنظرة ولا حديث جرئ كالاخر ، تتصل عبثا بلؤي تحاول أن تتلمس منه قسوة وعاطفة تثلجها من النيران المحترقة في صدرها ، همست بفقدان سيطرة لترمي هاتفها جانبا

– مش بيرد عليا

تمتمت شقيقتها ساخرة

– مين جون سينا

انفجرت شادية صارخة بحدة

– هنبدأ التريقة بقي ، لمي لسانك شوية

زفرت جيهان يائسة وهي تقترب من شادية تمسك ذراعها لتسحبها بقوة وهي تجلسها على الأريكة قائلة

– ممكن تبقى صريحة معايا

رفعت شادية عيناها بتيه الى عينا شقيقتها الناضجتين ، رغم صغر سنها ، تمتمت جيهان بهدوء

– ليه سبتي عاصي

عقدت شادية حاجبيها وهي تحاول أن تتذكر إن جمعتها علاقة مع عاصي ، لكن لا شئ .. مجرد شجارات حيوية عاشتها معه .. قالت باستنكار

– انا سيبت عاصي !! . كلامك ولا كأن فيه علاقة بينا

رفعت جيهان حاجبيها لتقول بحدة

– والشحنات اللى بنشوفها بينكم ، يعني انا وفريال غلطانين ، اعترفي انك عبيطة عشان سبيته

ابتسمت شادية بهدوء لتقر بإرهاق

– أنا وعاصي للاسف مكناش مع بعض ولا هنكون ، عاصي بعيد ومختلف عني بدرجة واضحة .. في النهاية هو راجل شرقي عايزة واحدة من غير غلطه

اغرورقت عيناها بالدموع وهي تضع يديها علي خصلات شعرها الحرة ، عضت على طرف شفتها السفلى .. كم تندم على ارتباطها بمعاذ .. رغم حذر والدها معه وقلقه منه لكنها غبية .. كانا مختلفان لدرجة انهما نقيضان من كل شئ

قاطعتها جيهان محتجة

– بس

همست شادية بصوت خاوي

– بعد ما انفصلت من معاذ .. بعدت عن الرجالة تحديدا ، وانتي عارفة ايه السبب ، لما تلاقي بعد فترة حد بيقتحم حياتك وخصوصا راجل اكيد هضعف

عبست جيهان وهي تمتم بعدم فهم ، هل شقيقتها مائلة له أم لا ؟!

– يعني عايزاه

هزت رأسها نافية فورا وهي تصيح بنفي قاطع

– لا لا ، عاصي يستحق واحدة احسن منى بكتير .. اعتقد هبقي جنب بابا لفترة طويلة

اقتربت جيهان وهي تحتضن شقيقتها بخشونة لتهمس بمشاكسة محاولة لطرد تلك الغمامة التعيسة

– انت ناسيه معجبينك فى الثانوية والجامعة ، ده انتي كنتي جبارة وانتي بترفضيهم واحد ورا التاني

بعينين خاويتين تمتمت ساخرة

– وحاليا معنديش اللي عايزينه مني زمان

اقتربت جيهان تقبل كلا وجنتيها بخشونة جعل شادية تتأوه بوجع ، وتزيحها عنها لتسمع تعليق شقيقتها المرح

– هيجيلك اللي يربيني ويربيك فاكرة

ابتسمت شادية وهي تهز رأسها يائسة لتهمس

– راقبي الفاظك يا جيهان

لوت جيهان شفتيها حانقة

– تقريبا حظنا قليل .. بس اللي عايزينا هياخد قلوبنا وروحنا ، مش مجرد جسم وشكل حلو يحطه فى قصر للفرجة

هزت شادية رأسها موافقة لتمسح بيدها على نسيج بنطالها الواسع لتهمس

– ألفاظك تقيلة بس للاسف صح ، انا اخترت لؤي عشان عكس معاذ

اتسعت عينا جيهان بجنون لتصرخ بهدر

– متجبيش سيرة ابن ال*** ده

لوت شادية شفتيها بنزق لتمتم ببرود ، وذكراه لا تعبث بها سوي البرودة فقط

– ألفاظك بقت سوقية

اقتربت منها بفضول لتهمس

– ماله بقي لؤي واللي خلاكي ترضي عنه

عقدت شادية مقارنة بين خطيبها الحالي والسابق لتهمس

– حساه تقيل مش مندفع زيه .. ، و كمان سنه كبير وناضج ، هيقدر يحتويني ، مش عايزة حب تاني … انا اخدت ايه من الاول غير الالم

زفرت جيهان بحنق لتهمس

– انتي حبيتي ايه فى ال**** ده ، انتي مجنونة ده انا اول ما شوفته قلبي اتقبض بابتسامة الصفرا

لم ترد شادية بل تابعت بنظراتها نحو الفراغ تسمع صراخ جيهان الحانق

– مش قادرة انسى لما جاب خطيبته وبيعرض عليكي تعملي فرحهم ، الجزمة هو ومراته

صاحت شادية بحدة

– جيهان

صمت هنيهة لتسترسل بهدوء

– ابعدي عن وسيم ، لطاما مش لاقيه استجابة لقلبه ابعدي .. انت تستحقي الاحسن

مالت جيهان برأسها ، ياليت الأمر بيدها .. يا ليت .. همست بقلة حيلة

– ياريت .. كل مرة بقول استحق احسن منه ، بس هو الوحيد اللي فاهمني وعارف تصرفاتي .. غيره كان طفش

هزت شادية رأسها لتهمس بعقلانية

– ادي فرصة للي حواليكي

هزت جيهان رأسها وهي تقول بسخرية

– واضح ان حظنا وحش فى الرجالة ، خطيبك مش بيرد عليكي .. تفتكري ليكون بيخونك مع عشيقته

تلك المرة لم تتحمل شادية سوي الصراخ بكل جنون في وجه شقيقتها

– جيهااان

تصاعد رنين كلا الهاتفين لتقترب جيهان من هاتفها وهي تنظر نحو المتصل بتعجب لتمتم

– بابا بيتصل

تمتمت شقيقتها وهي ترد على الهاتف

– ولؤي بيرن

اتسعت ابتسامة جيهان وهي تستقبل مكالمة ابيها بهمس ناعم

– ايوا يا روحي

اختفي المرح من وجهها لتعقد حاجبيها بتعجب ، غمغمت بقلق

– بابا اهدي انا مش فاهمة فيه ايه

زفرت حانقة وهي تغلق المكالمة ، تعلم وسيم من حرض والدها عليها ، من غيره مفسد المتعة ، انتبهت على صوت شقيقتها

– ماله بابا

قلبت عينيها بملل شديد لتسحب حقيبتها قائلة

– متعصب مني جامد ، بس متقلقيش هعرف اتصرف

ثم نظرت بتعجب نحو ملامح وجه شقيقتها الواجمة نحو هاتفها لتتسائل بتعجب

– والبيه اتصل ليه

غمغمت ببرود شديد

– بيقول فيه حفلة شراكة جديدة عملها مع شركة محتاجني احضر

رفعت عينا جيهان وقالت بتعجب

– والسفر

تمتمت شادية بلا مبالاة

– جيهان انتي اللي هتسافري انا هضبط القاعة والدعوات ، اتفسحي واتبسطي

اقتربت جيهان تقبل وجنتي شادية لتهمس بمشاكسة

– بحبك على فكره ، الوحيدة اللي بتدلعني

ودعتها مغادرة علي اللقاء بعد ساعتين على أقل تقدير ، ابتسمت شادية بهدوء حتى غادرت شقيقتها .. رفعت شادية عيناها نحو هاتفها .. ما الذي تغير به ؟!!

ما الذي يخبئه لها كما هي تخبئ ، وأيهما أشد ألما ؟!

عينا وسيم تتابع بخشية لثورة معتصم بخشية ، منذ اتصاله منذ نصف ساعة وطلبه العاجل لمقابلته وهو لا يستبشر خيرا .. لا يصدق أنه علم بأمر تلك الصورة الغبية التى نشرتها ثم حذرها بلهجة صارمة أما ان تحذف الصورة او سيقوم باختراق صفحتها .. يعلم صفحات المؤثرين على التواصل الاجتماعي تكون محمية وان تم اختراقه ستكون لدقائق قادر على حذف تلك الصورة اللعينة ، وحذفتها واستبدلت بصور مع ذلك صاحب النظارات ، معظم حالات تطبيق ” انستجرام ” عن دردشة مرحة تمقته ، تمتم وسيم بحرج

– يا عمي أرجوك اهدي انت عارف جيهان بتقرر قبل ما اتفكر

صاح معتصم منفجرا بحدة وهو يخبط بقبضة يده على سطح الطاولة

– والبيه كان فين لما بتاخد قرارات مجنونة

اقترب وسيم بخشية من معتصم الذى كاد ان يتعثر ويقع لولا ذراعي وسيم الذي أسنده إلا أن معتصم أفلته بقوة جعل وسيم بعدها يستسلم ويبعد يديه ليقول

– يا عمي أرجوك عشان صحتك

مرر معتصم يده على وجهه ، لا يصدق ان من امره للمحافظة على ابنته يطعنه بغدر ، كيف سمحت جيهان حتي بنشر تلك الصورة التى تقطع بها الرقاب .. لكن العيب عليه بالنهاية ، هو من سمح لها العيش بحرية وانطلاق جموحها لكن لم يتصور الأمر سيتعدي تلك الخطوط ، زفر مدمدما بسخط

– انا مش عارف اجيبها منك ولا منها ولا من ابن عمك

غمغم وسيم بتعجب ولا يعلم سر وجود ابن عمه فى حديثه

– ماله لؤي

زفر معتصم وصاح بسخط

– مش مستريحله .. فيه حاجة مخبيها عننا .. انا متأكد من دا ، بس مصيره هيقع تحت ايديا

ثم رفع إصبعه وانفجر يقول بحدة

– وانت .. مش انت شجعت جيهان وخليتها تتجنن ، احصد بقي اللي زرعته

اخفض وسيم نظراته أرضا … الرجل يعتبره بمثابة والد له، بسبب علاقة الجيرة التى تربطهما قديما ، غمغم وسيم حرجا

– يا عمي

قاطعه معتصم وهو يغمغم بسخرية

– متقلقش يا عمي من جيهان دي فى مسؤوليتي ، انا هعرف احميها ، انا هعرف احجم من تمردها ، انا معرفش ايه واديك اهو منزلة الصورة ومخلية اللي ما يشتري يتفرج وسمعتي هتروح بسببك ، يقولوا عليا ايه معرفش اربي بناتي

ثم سرعان ما اقترب من وسيم بهياج وهو يمسك من ياقه قميصه لينفجر فى وجهه هادرًا

– وانت .. مش هي مسؤوليتك ، اتجرأت وتلمسها ازاي

غامت عينا وسيم وهو يهمس حرجا وأذنيه تحتقن من الارتباك

– انا اسف اني مكنتش قد الثقة اللي ادتهاني

دفعه معتصم بقوة حتى ارتد وسيم عدة خطوات علي اثرها ، مرر معتصم يده على صدره ليهمس بحنق

– هو ده اللي انت فالح فيه ، تعتذر .. مع الاعتذار سهل … لا يا وسيم انت بنفسك هتصلح الغلط ده

يشعر لأول مرة بالنفور والتقزز لما فعله ، يدرك حجم خطأه الجسيم تحت نظرات الأب الحانقة ، غمغم بصلابة

– انا مستعد اعمل اللي انت عايزة

ارتسم ابتسامة ساخرة على شفتي معتصم ليقترب بكل غل من وسيم وهو يصفعه بقوة على خده .. طنين في أذنيه يدوي بصخب وأثر الصفعة تركت علامة لن تمحى بسهولة .. اخفض وسيم عيناه ارضا وهو يضم قبضة يديه بقوة .. الرجل بمثابة والده وهو اخطأ بحق ابنته ، استمع الى نبرة معتصم المحتقرة

– للاسف كنت فاكرك راجل وطلعت عيل

اخشوشن صوت معتصم وهو يجلس على المقعد

– يا خسارة ثقتي فيك .. يا خسارة

رفع وسيم رأسه وهو يرى معتصم المعروف عنه بحيويته وابتسامته التى لا تفارق وجهه .. الرجل أصبح عجوز وكأن يحمل دهرا فوق عمره

بانت تقاسيم وجهه المجهدة ورأسه المنكس بإنكسار ليهمس بخجل من نفسه

– انا اسف .. مبقدرش اكون مع جيهان وانا في كامل تركيزي

اشاح بيده بلا مبالاة وهو يغمغم بسخط

– هه ، لا وجاي تعترفلي دلوقتي ، فاكر انت عشان شيلت الصورة وخبيت عني الموضوع ده مش هيوصلي

اقترب وسيم بلهفة منه وهو يميل بجذعه ليصل الى مستواه .. قال بتلهف شديد

– انا مستعد لاي عقاب ، لو طلبت مني امشي من هنا ومرجعش مش هتردد

ود معتصم أن يصفعه للمرة الثانية ، ذلك الغبي يريد أن يلوذ بالفرار .. قال بنبرة خاوية

– عيلة المالكي دايما مبتقدرش تواجه ، ضعيفة انها تشيل المسؤولية ، واثبتلي النهادرة بجبنك انك تمشي متستحقش أى حاجه مني للأسف

اقتحمت جيهان غرفة مكتب والدها وهي تقترب منه بتوتر وخشية

– بابا خير .. مالك

مال شفتي معتصم بسخرية وهو يرفع صورة من على المكتب ليقول بهدوء مريب

– افهم يا انسه يا محترمة ايه ده

عبست جيهان للحظات وهي ترى صورة الخطبة ، ألم تحذفها ؟! .. وحذفت الصور من مواقع التواصل الاجتماعي ؟!! ، تجهم وجهها وهي تنظر الى وسيم لتمتم

– زي ما انت شايف ، كنت بتصور مع معجبين هو جيه فجأة و باسني وحضني

استقام معتصم من مقعده بحدة لينفجر صارخا فى وجهها بعنف

– لا والله ، فاكراني عيل صغير عشان اصدق كلامك

عقدت ساعديها على صدرها وهي لا تلتفت الى نداءات وسيم المحذرة بعينيه

– انا قولتلك اللي حصل وسايبه حرية ليك سواء صدقت أو لأ

قبض معتصم على الصورة بعنف وهو يقترب منها متساءلا

– وايه سبب بقي الانسة المحترمة تنزلها ؟

غصة مؤلمة جاهدت فى إزاحتها لتهمس بجفاء

– كنت بعاقبه .. عشان منعني من اني الغي سفريتي السنوية

اتسعت عينا وسيم بجنون نحو لا مبالاة تلك المجنونة ، ستموت على يديه ، حاول أن يتم معالجة الأمر بسرعة الا ان معتصم حدجه بنظرة مميتة وهو يلتفت الى ابنته قائلا

– والسمعة يا انسة

مطت جيهان شفتيها بلا مبالاة وهي تعبث في خصلة من شعرها

– بابا الناس بتتكلم سواء عملت حاجه أو معملتش

زمجر معتصم بشراسة شديدة ، ضم أنامله بقوة في قبضته ليتمتم

– اطلعي فوق

صاحت بمجادلة وهي تقول ببرود

– ورايا ارتباطات يا بابا وسفر

رمي معتصم الصورة ارضًا لينفجر فى وجهها صارخًا

– مفيش طلوع برا البيت ، اطلعي برا يا اما احلف بالله العظيم لاسحب منك كل حاجه ورجلك متطلعش برا البيت

رفعت جيهان عينيها نحو وسيم، ترمقه بإستنكار وسخرية لتقول

– ويا تري البيه جيه زي العيل يشتكي من تصرفاتي

غمغم معتصم بنفاذ صبر وهو يكظم غضبه كي لا يتجرأ على فعل شئ سيندم عليه لاحقًا

– جيهااان كلمة تانية وصدقيني متلوميش نفسك

وضعت ذراعيها على خصرها قائلة بهجوم

– لطاما هو عند الجرأة اوي كدا يشتكي ، ما تقوله بقي يا وسيم على وعدك ليا اللي منفذتهوش ، ولا انت فالح زي الشاطر بس تشتكي

استدار معتصم نحو وسيم ليقول بنبرة لا جدال لها

– اطلع برا

أظهر وسيم قلقه ورعبه علي المجنونة ليهم بالجدال إلا أن صراخ معتصم الحاد جعله يحفظ المتبقي من كرامته ويغادر

– برااا حالا

التفتت جيهان ترمقه بسهام نارية حتى اغلق الباب خلفه ، رفعت جيهان صوتها وهي تقول بجدال

– بردو بتسمعله يا بابا .. ااااااه

صاحت متألمة بقوة حينما شعرت بصفعة قوية تحط على خدها ..تطرفت الدموع من عينيها بقهر ورفعت رأسها تنظر الى والدها بعدم تصديق

لأول مرة يصفعها .. لم يفعلها يوما وهي صغيرة !! .. هطلت الدموع من عينيها وهي تهمس بألم

– ضربتني

بدأ التجهم يسيطر على ملامح الأب رغم رقته الهشة التي يخفيها من وراء حجاب ، ليقول

– العيب مش فيكي انت ، العيب فيا انا ، لما الناس تشوف واحدة مش محترمة بيقولوا العيب على اللي ربوها مش عليها هي

لاحظت جيهان والدها يلتقط انفاسه بصعوبة ، سارعت بالتقرب منه بخشية وهي باكية

– بابا .. ارجوك اهدئي

تتشبث به بقوة و احتياج شديد لتهمس بألم

– اضربني تاني لو هترتاح

رفعت عيناها وهي تقبل جبهته برقة ، تستميل عاطفته ليصفح عنها لتسمعه يقول بجمود

– وعدك بأيه ؟

رفعت عيناها وهي تعبس بعدم فهم ليكرر سؤاله بإلحاح

– وعدك ايه؟

لاحت ذكرى قديمة .. قديمة للغاية ، حينما كانت فى التاسعة من عمرها وهو في بداية تكوين ملامحه الرجولية لتهمس بعفوية شديد وعيناها تلمعان بحنين

– انه لما يكبر هيخليني اعيش معاه، عشان مهربش منك بليل ونروح السباق .. نتفسح فى اى حته بدون مواعيد ، اركب الموتسيكل ونتسابق لحد الفجر ونسافر كل حتة فى العالم

هز معتصم رأسه بتفهم وهو يبتعد عن جيهان ليفتح باب مكتبه ، وجد وسيم الذي هب قائما وسارع بالاقتراب منه ليقول بجمود

– تعالى

دخل وسيم الحجرة وهو ينظر الى وجه جيهان الباكي ، تألم قلبه لرؤية الأحمرار على خدها همس بقلق وهو يقترب منها

– جيهان انتي كويسة

ابعدت جيهان وجهها بعيدة عنه لتقول بجفاء

– ابعد عن وشي ، علاقتي بيك منتهية

زفر معتصم بإعياء شديد ليقول

– وسيم

اقترب وسيم من عمه طائعا

– نعم يا عمي

صاح معتصم بخشونة شديدة وهو يربت على كتف وسيم

– جيه وقت انك تنفذ وعدك لبنتي

نظر وسيم نحوه بتيه شديد وعدم استيعاب ، ليرفع بصره نحو جيهان التى كانت تهز برأسها نافية بقوة وشراسة إلا أن الأب قال بحدة

– وعد انك تتجوزها

اتسعت عينا وسيم بجنون .. أى وعد بالزواج وعده بها .. هل قلبت الأمور لصالحها ، تلك الرعناء يقسم انه سـ … ، بتر عن وعيده وهو يتذكر ذكرى قديمة .. باهتة للغاية لكن عبقها ما زال موجودًا

الصغيرة كانت تبكي بين ذراعيه طالبة من الحماية كون والدها رفض الذهاب معه إلى السباق ، متى كان عمره وقتها ؟! فى فورة مراهقته وشبابه وعدها .. وعدها أنها حينما تكبر ستعيش معه ، رفع عيناه نحو جيهان المتجهمة الوجه ليعود ببصره نحو معتصم قائلا بارتباك

– عمي .. انا اسف .. انا

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *