روايات

رواية أترصد عشقك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت السادس والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء السادس والعشرون

رواية أترصد عشقك الحلقة السادسة والعشرون

يصاب الشخص بحالة فقدان السيطرة في حالتين

حالة الغدر

وحالة الموت

حالة الغدر تكون العينان جاحظتان والقلب يأن بألم ، والعقل يطالب بالثأر

حالة الموت فيتلاشي الشعور تدريجيا ، حتي تبقي كجثة هامدة تدفعك الرياح دون جهة معينة .

عينيه شرستين ، متقدتين بشرر وهو يراها ، تلك السمراء التي ظنها في قبضة يده تسربت منه رويدا رويدا حتي خيوطها تقطعت

لا يوجد لديها وقت له ، لكن لديها وقت لغيره ، تتأنق لغيره ، وتغويه برقتها وحلاوتها وعذوبة روحها

فريسة مغرية جدا لصيادون ماهرون ، وتفاخر هو أمام عشيرته حينما سقطت في مصيدته ، الآن … تذهب لغيره ، اشمأزت ملامحه وهو يرى ذلك الذي بجوارها بداية من ملابسه البعيدة كل البعد عنه حتى طريقة حديثه وجسده ، كلها متناقضة له

هل حرصت علي أن تجد رجلا مختلف عنه مائة وثمانون درجة ؟!! … ما زال في الزاوية ينظر إليها بوجوم شديد وهو يراها تقف من مجلسها وتتخذ ركنا لمسافة امنة وترد عليه

استلذ من رؤية شحوب وجهها جراء ما قاله ، إلا أن الانتصار لم يدم طويلا حينما رآها تلتفت إلى محدثها ثم عادت تتحدث بحدة

– معاذ ، شغل التهديد ده كان زمان ، صدقني مفيش حاجه تقدر تهزني مهما عملت

قهقه باستمتاع وعينيه تلمعان بنيران الرغبة المتأججة في صدره ، مازالت كما هي .. رغم نحافة جسدها وهذا يراه بوضوح شديد من خلال خصرها الدقيق ومنحنيات جسدها التي لم تعد مبهرة كالسابق رغم ثيابها الفضفاضة ، لكن لا مشكلة .. سيعيد تغذيتها بطريقته لتعود تلك المرأة التي علمها سابقا

تنهد زافرا بارتياح غامر،عيناه تتابعان باستمتاع شديد الي وقفتها المتوترة وزفراتها الحانقة التي تصله عبر الأثير

– عارفة يا حبي ، لولا اني عارف ان عقلك وقلبك اول ما امتلكته ، مكنتش سبتك معاه ، لاني عارف .. جزء لا يتجزأ منك

شرست عيناها لتجيبه بحرقة

– بتحلم يا معاذ ، صدقني قلبي وعقلي ملكي ، ولو افتكرتك في يوم فصدقني بلعنك فيه

قلب عيناه بملل شديد ، وهو يستقيم من مقعده متجها خارج المقهى قائلا

– خلصتي ، عشان انا بغير عليكى .. ياريت تبعدي عن الكائن ده

نطق آخر جملته بتقزز شديد ، مما جعل شادية ترفع حاجبيها بدهشة لتنظر يمينا ويسارا تبحث عنه ، ذلك القذر الذي ستنبش وجهه .. هي لم تثأر بعد ، ومقابلته اخذتها على حين غرة .. دبت بـ كعب قدميها على الأرض المصقولة وهي تندفع قائلة بصوت حانق

– واجهني لو تقدر

فتح باب سيارته والقي نظرة اخيرة علي المقهي ، لترتسم علي شفتيه ابتسامة ماكرة ليقول

– بلاش تتحديني ، اعتقد اونكل معتصم مش هيفرح اووي لو زرته النهاردة في مكتبه ومعتقدش لو حاولت ارجع الماية لمجاريها إنه يرفضني

اختنقت انفاسها ، همت بالرد عليه الا انه الحقير دائما ما ينهى هو حديثه بالنهاية .. هكذا هو دائما يبدأ الحديث وينهيه ، جزت على أسنانها تكاد تحطم ضروس اسنانها .. تكبح دموعها وانهيارها الوشيك !!

غبية ، ضعيفة ، لقمة سائغة بين الجميع ، شحب وجهها تدريجيا وهي تعيد اخر جملته ، هل سيذهب الي والدها .. هزت رأسها نافية، إلا والدها لن يسامحها ابدا ان علم أنها خبأت عليه عودته

مررت أناملها على خصلات شعرها المرتبة لترفع عينيها تنظر عبر الزجاج المطل علي النيل ، شردت للحظات قبل أن يقشعر جسدها من نبرة خشنة

– شادياااه

لما يناديها بتلك الطريقة ؟ عضت على طرف شفتها قبل ان تلتفت اليه هامسة بتعب

– نعم

اشاحت عينيها عن مرمى بصره وهو يسألها بنبرة بدت قلقة أم هي تتخيل

– هل توجد مشكلة ؟

سبقته عدة خطوات نحو طاولتهما ، ومزاجها  الرائق تعكر ، سحبت حقيبتها وهي ترفع عينيها قائلة

– هل نستطيع الخروج من هنا ؟

اطبق سرمد شفتيه صامتا للحظات ، ولثانية اقترب منها كاسرا حدود اتفاقهم ليقول بنبرة مهتمة وعينيه تلتهم ملامح وجهها الذي أصبح شاحبا كالموتى

– ماذا حدث ؟

اخافه وهي تستطيع تجاهل آلمها ، ليجز على أسنانه وتصطك ضروسه وهو يسمعها تسبقه خطوات مغادرة بوقاحة

– هل يمكننا ان لا نتحدث عن هذا

أخرج وريقات من المال ووضعها على الطاولة ثم سحب حقيبته وهو يتقدمها صائحا بحدة

– ما بك ؟ ، يخيفني ذلك الشحوب في وجهك

واجهته وهي تقف أمامه على بعد خطوات بعد مغادرتها للمطعم ، عينيها تبحث يمينا ويسارا عن شبح صورة ذلك المنغص لحياتها لتهمس بألم

– لما يحدث معي هكذا دائما ، انظر لي ، انا لا استطيع ان احيا بهدوء وحرية كما السابق ،الجميع يضغطون علي وانت اولهم

دمعة سقطت دون شعور منها ووجهها يحكي ألف قصة عذاب تعانيها بمفردها ، ليتقدم منها رافعا يديه لملامسة وجنتها .. غمره احساس الحماية والمؤازرة ثم عناقها ، عناقها لحد تنسي جميع آلامها

– شاديااه

شهقت بعذاب لتجهش في البكاء هامسة

– ثم لما تنادي اسمي هكذا ، لما تتعمد ان تنادي اسمي هكذا

احست بيده التي علي وشك لمسها لترتد خطوتين للخلف وعيناها تنظران اليه بذعر شديد جعل حاجبيه يرتفعان بدهشة ، تبدلها مخيف لدرجة تصيبه بالصدمة وهو يراها تتحول من الضعف والهوان الي الشراسة والقوة لتصرخ في وجهه

– الامر انني تعبت وسئمت ، ولا اريد رابط الصداقة المزعومة تلك ، اعلم ما تحاول الوصول اليه

اقترب منها راغبا في افاقتها من هذيانها الخاص ، وخلايا عقله تقتات منه وتنهشه ، راغبا في معرفة ذلك المتصل الذي بدل حالة الأنثى الناعمة التي كانت بجواره تتبادل معه الأحاديث ، ما ان هم بوضع يده على ذراعها ابعدت يدها نفورها قائلة بغضب

– لا تلمسني

زفر بحنق وهو يمرر يده علي خصلات شعره الثائرة ، ليقول بنبرة متفكهة

– هل تلك إحدى نوبات غضبك ؟ ام هذا يعود لإحدى نوبات النساء الشهرية

جحظت عيناها وشل جسدها لثواني ، ذلك الوقح الحقير ، صرخت في وجهه بعدائية واضحة

– يا وقح .. انت .. انت عديم التربية

هز راسه بدون معنى وهو يعترف قائلا ببرود

– هذا صحيح ، امي تقول هذا دائما ، ولا اجد الحرج في هذا

ثم ما عاد يقترب منها وهي تعود للخلف ، هل سيلعبان تلك اللعبة في قارعة الطريق ؟!! ، التمعت التسلية في عينيه وهو يرى زحف الاحمرار الى وجنتيها ليقول بعبث

– هل هذه إحدى نوبات الغضب الشهرية يقتضي على معرفتها كي اتجنب الاحتكاك بك مستقبلا والحرص على تهدئتك ، لانني صدقا يا برتقالية … لا أتهاون في أي شئ .. أي شئ يمر بعقلك الجامح

توقف قدميها عن الهروب وأجبرت على شد قامتها تتحدى ذلك الكائن العضلي ، الملئ بالشحنات السلبية لها ولضعفها المقيت ، رفعت سبابتها محذرة بعينيها ، تذكره بـ اتفاقهما الذي يحاول اختراقه

– لا تبدأ حتى في محاولة لتخطي الحدود

وهل يعبأ هو بالحدود التي صنعتها داخل جدران غرفتها في القلعة الحصينة ، التي لم تكن حصينة بما يكفي له ، ليقترب منها بتحدي ضاربا بكل شئ في عرض الحائط

– الحدود أنت من صنعتيها ، وانا لست سوى محارب يقف على أعتاب باب غرفتك يراك تنعزلين عني أنا

حتى هو .. مثله كمثل جميع جنسه ، ما اتفاقهم المزعوم سوى دافع لعين للاقتراب من الانثى المستعصية ، نظرت باضطراب الي عينيه الذئبيتين وتشوش عقلها بين الماضي والحاضر

عينين عسليتين تلونت بالأسود القاتم ، مشبعة بالرغبة الخالصة وهي ترى هذا في عينيه الان ، نفس تلك الرغبة

ذلك الجوع المقيت

الجوع الذي تعلم انه لن ينتهي بالشبع ، بل سيطالب دائما كما الاخر ، همست بألم وهي تدرك الحقيقة

– لقد اتفقنا سرمد ، لا تجاوز في الحدود

هل تعيد فتح ذلك الاتفاق اللعين بينهما مرة اخري ، اندفع نحوها ممسكا بكلتا مرفقيها يهزها بعنف جعل جسدها يرتجف بعنف اثر يديه ليهدر في وجهها بعنف

– اتفاقنا اللعين هذا ، كان بسبب لمسي لك الذي يسبب لك التلوث كما ذكرتي سابقا .. تنكمشين مني من مجرد عناق برئ

تعلم ان حاولت حتي باصدار نفور من لمسته ستزداد اصابعه قسوة علي بشرة جلدها التي لاقت علامات علي معصميها وذراعها كما المرات السابقة ، لكن النفور الداخلي وعينيها تصلان اليه بوضوح شديد

رفعت كلتا حاجبيها لبرهة من الوقت قبل أن تشرس ملامحها مهسهسة بجنون

– عناق برئ ؟ .. اتسمع نفسك وانت تقول عناق برئ  ، انت حرفيا كنت علي وشك فعل أفظع من هذا .. انا لا اريد تكرار تجربة ان يشتهيني رجلا بإسم الحب مرة اخرى

 تهدجت انفاسها وبدأت تحاول إعادة سيطرتها عبثًا

لكن كيف .. كيف وهو يصر بإلحاح مستفز أن يتجرأ علي ما هي ليست بقادرة على تقديمه له

وماذا تقدم ؟ .. حب مزعوم ،تلبية رغباته الذكورية ؟؟!

– من هذا

رفعت رأسها اليه لا تصدق انها اباحت بالكثير امامه ، رجل مثله لن يمر أي كلمة تخرج منها مرور الكرام ، تملصت منه بحدة الا انه مال مقتربا منها وعينيه السوداوين تكاد تبلعها

– من هذا الذي تجرأت عينيه على رفع بصره اليك

سلب انفاسها ، ودقات قلبها وهي تحدق في عينيه ، في أعماقها شراسة ، جذوة مشتعلة من الغضب ، فغرت فاها بصدمة شلت أطرافها وهي ترى المشاعر المتجلية في عينيه

ذلك التملك والغضب حتى طريقة قربها الخطير منه ، غير عابئا بالجميع ، أسدلت أهدابها لتهمس بسخرية

– تتحدث وكأننا مرتبطين

قاطعها بخشونة وهو يجذب ذقنها لتعود النظر إليه

– ولما لا

وضعت كلتا يديها على صدره الصلب ،تهاونت ولم تستطع على إزاحته مقدار انشا ، لعنت ضعفها وقلة حيلتها لتحاول السيطرة على تلك الرجفة في يديها لترفع رأسها اليه هامسة

– ارتباط لفترة قصيرة حتى مغادرتك لبلادك ، اتعلم هذا عرض مغري لكنني اكتفيت منكم جميعا ، انا المغفلة لأنني صدقت انك تريد انشاء تحاور عقلاني بيننا لكنك لا تنفك الا وتندفع بغريزتك المقززة تلك

اتسعت عيناه دهشة من تحول تلك القطة الوديعة امامه الى لبوة شرسة تناطحه ، ابتعد مرغما عنها وهو يراها توشك علي فقدان سيطرتها ، إلا أن ذلك لم يمنعه من النطق بسخرية

– إلى أي حد تشتهين عقابي شاديااه

احتقنت أوداجها لتطالعه بتقزز ، كرهه ، جعلت عيناه ترشقانها بسهام الحرق

– اخرس

علا صوتها وهي تصيح بانفجار

– لا اريد رؤية وجهك مرة أخرى فهمت ، ولا تحاول حتى التجرؤ والاقتراب مني ، لقد انتهي كل شئ

اقترب بعبث شديد غير مكترثا بنظرات الفضوليين كالعادة دون الإقدام على التدخل قائلا بثقة مفرطة

– لم ينتهي شئ شاديااه ، بل كله بدأ حينما قررتي المحاربة ، محاربتي انا

طالعته باشمئزاز جعل رصيد عقابها يتضاعف إلا أنها لم تكترث له ، شمخت برأسها وهي تتحرك نحو سيارتها الحمراء الثمينة الا أنها شهقت بذعر حينما وجدت جسده الضخم يعرقل وصولها إلى سيارتها

رفعت رأسها بغضب تصب لعناتها عليه الا ان خطوته المتهورة ألجم لسانها عن التحدث حينما امسك بذراعها بقوة لتصطدم بجسده ، وضعت حقيبتها حاجز بينهما إلا أن الارتطام الجسدي جعلها تزداد نفورا منه وهي سريعا تسلخ بجسدها عنه لتنفجر فيه هادرة

– ابتعد سرمد ، لقد .. لقد تحدثنا مسبقا عن اقترابك لما لا تفهم انني أنفر منك بل واتقزز من ملامستك لي ، كيف تلمس امرأة غريبة عنك بكل اريحية هكذا دون ان يصيبك شعور بالقرف لما فعلته ، تتمنى لو أن يدك قطعت وان جسدك يحترق علك تنسي ما اقترفته ، لكن كيف تشعر .. وانت تفتخر بسلسالـك هذا اسما دون أي فعل يدل حقا على عروبيتك بعيدا عن ديانتك التي لا دخل لي بها ، لانني ايضا لست انا السابقة

وجدته يهم بالتحدث الا انها اشارت بنفي قاطع من عينيها الخاويتين ، ترشقه بنظرات الخيبة التي جعلته يلعن تهوره المعروف دائما

–  انتهينا سرمد .. انتهينا

وقع تلك الكلمة لا يعجبه ابدا

منذ متى بدأت حكايتهما لتنتهي

لم يحظي بفرصة واحدة حتى للتقرب كما تمنى ، للتعرف عليها ومعرفتها كما يرغب ، لتتشبع من تفاصيل وجهها المليح كما يموت شوقا ، انتبه على صوت محرك السيارة ليشعها بنظراته

نظرات عينيه تحمل تحدي جديد وثقة مفرطة أن تلك المشاجرة اللطيفة ، ما هي سوى زوبعة فنجان!!

زمت شادية شفتيها وهي ترى نظرات ذلك المتحذلق الايطالي ، لتنصب تركيزها على الطريق وهي تغادر سيارتها بصمت وصخب عقلي يناقض تماما ذلك الصمت المقدس الذي تمارسه !!

يدها سريعا ارتفعت لتمسح الدموع التي اعتادت عليها ، لتزفر بسام ، لافائدة ترجى منها

دائما خانعة ، ضعيفة القلب والشخصية أمام الرجال ، وليست أي فئة

الفئة المنحطة من الرجال تنجذبين اليهم دائما ، أحرقتها النار سابقا .. لكن يبدو لا فائدة ترجى منها للغوص في ذلك المنحدر مرة اخرى؟!

*****

الدقائق تمر بملل شديد

وعقارب الساعة تتحداها على اصدار صوت تذمر حتى

الجميع من حولها في تلك المشفى اما تكسو تعابير وجهه القلق والفزع والخوف ، وهي لا تشعر سوى بالتبلد ، عيناها الزرقاوان تحدقان نحو تلك المنهارة في البكاء

لوت شفتيها بنزق شديد وهي لا تصدق ان تلك الفتاة التي من المفترض أنها تخطت حاجز العشرون ما زالت مفتقرة للأنوثة ، عيناها مشطتها من منابت رأسها حتى أسفل قدميها ، هل تلك الفتاة سيزوجها بالهركليز خاصتا

قطعا لا … ان تجرأ احد الان وآفاق ذلك العجوز الخرف من الاغماء وطلبه لزواجها ستقتله وستقتل تلك الحرباء المفتقرة للانوثة ، لمعت عيناها بخبث شديد ونشوة تتفجر في خلاياها الخاملة

التفكير بجنون يحفز خلايا عقلها للتفكير .. ثم التنفيذ ، من يصدق ان العجوز من أول مقابلة يخر ساقطا

ماذا سيحدث له لما ستفعله مستقبلا ؟! ، زادت ابتسامتها اتساعا ليتجهم وجهها ويحله العبوس وهي تتذكر وعدها الغبي لذلك الرجل العضلي أمامها يرمقها بنظرات نارية قاتلة

لو كانت النظرات تقتل لأسقطتها مضرجة بدمائها ، رفعت حاجبها بتحدي ساخر ليشيح بوجهه بعيدا عنها ، يحوقل ويستعيذ قبل أن تمد يده لبطشها

لم يستطيع أن ينفرد بها لعقاب تلك السليطة اللسان ، ترى كيف ستحافظ علي وعدا قطعته بلسانها وهي لم تستمر لساعات أذت جده ، وأساس عائلة المالكي

اغمض جفنيه وهو لثواني وهو لا يصدق ما مر قبل ساعة ، ثم صراخ وجد الذي اهتزت له ارجاء المنزل المصقول ما زال يطن في اذنه

ثم تلك الشيطانة جالسة بكل برودة أعصاب تملكها ، وابتسامتها المستفزة تلك إن لم تزيلها سيزيله هو بنفسه حتى لا تستطيع على الابتسام مرة اخري ….

اخفضت وجد رأسها وهي تبكي

الضياع

التشتت

اليتم ، اختبار ذلك الشعور مرة اخري جعل قلبها ينقبض بقوة ألمت ، تحاول السيطرة علي ارتجافة يديها وجسدها دون فائدة ، وهي لا تعلم كيف أصبحت الآن في تلك المشفى منهارة على أقرب مقعد .. لجأت للصراخ وتلك هي حيلتها الوحيدة

لا تعلم كيف أتتها القوة حينما كانت على ارض مكتب جدها لتستقيم من جلستها متوجهه نحو عربة الاسعاف ، تتشبث بكف جدها وهو الشخص الوحيد المتبقي لها من حياتها

عضدها ، وصخرتها ، أمانها ، هو ببساطة كان لها خير والد حينما حرمت من طعم الام والاب

أغمضت جفنيها وهي تعض على شفتها السفلى ، الدموع لا تتوقف

والألم ينبض بقوة

والجسد ما عاد يتحمل

ما أن وضعت قدميها على أرضية المشفى اتصلت به

لا تعلم كيف فعلتها ، من بين الجميع بعد جدها لجئت اليه ، حاولت عبثا التذكر ماذا قالت له

لكن لا شئ تتذكره ، لا شئ سوى أنها بين جملة والأخرى كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة ثم أغلقت المكالمة بعد ان استمعت الى صوت ابن عمها أنه في غرفة العمليات ..

ارتفع رأسها على نداء لاسمها

– وجد طمنيني

تمنت أن يكون هو ، صاحب العينين الخضراوين الا أن لسوء حظها لم يكن ، سالت الدموع من عينيها وهي تفتح فاها ليخرج صوتها متحشرجا من البكاء

– مش عارفة يا وسيم ، كنت بفوقه مش عايز يصحى وانا خايفة يسبني

لم تنتبه إلى إصابة وجهه ولا بالتي لحقته من خلفه ، كانت في صومعة بمفردها ، تعاني الألم بمفردها

انكمش جسدها حينما شعرت بذراع وسيم تلف جذعها العلوي ليميل هامسا بصوت دافئ

– اهدي يا حبيبتي ، اهدي

حاولت كبح دموعها ، حاولت الا انها اخرجت شهقة مؤلمة تحاول باقصي قدر تسحب هواء ثم تنفجر بانهيار

– مكنتش عارفة اعمل ايه يا وسيم ، معرفتش اتصرف

نظرت جيهان بأسف شديد وهي تشعر بالعجز عن تقديم المساعدة ، الا ان ذلك التقارب بينهما جعل نار الغيرة تشتعل في وقت غير مناسب ، لكن اللعنة .. منذ متي هي لم تشتعل بنيران الغيرة بمفردها ، اشاحت وجهها للجهة الاخري وهي تسمع نبراته المطمئنة

– اهدي ارجوكي اهدي ، متقلقيش هيبقي كويس

انتفض جسدها حينما نادي اسمها ، لترفع رأسها بحدة ممتعضة الوجه إلا أن غيرتها الغبية انطفأت حينما رأت نظرة الألم في عينيه الباردتين

عينيه الزرقاوين التي توقعت انهما عبارة عن قطعتين من ثلج ، فغرت شفتيها قبل ان تبلل طرف شفتها السفلي حينما همس بصوت متوسل

– خليكي معاها

هزت رأسها موافقة لتتخذ المقعد المجاور لها ، مربتة على ظهرها دون النطق بحرف … زفر وسيم بألم وكدمات وجهها بسبب ذلك ال**** جعله يشعر بالخدر في وجهه ، رأي ابن عمه مع الطبيب حاول ان يستشف من ملامح ابن عمه اخبار جده ، الا ان تصلب ملامح وجهه استرعى القلق ، اقترب منهما وحينما اقترب استأذن الطبيب مغاردا … تساءل وسيم بلهفة

– الدكتور قال ايه

ضم لؤي يديه في جيب بنطاله وهو يزفر براحة ليتمتم

– كان هيدخل في ازمة قلبية حادة ، بس ربنا ستر

اتسعت عينا وسيم هلعا ، وهو يستمع إلى صوت لؤي المسيطر الجامد

– هيلتزم بالأدوية ، ويحاول يبعد عن الضغط وهيبقى كويس

لم يكد وسيم يستوعب الصدمة التي هبطت علي رأسه ، منذ متى جده الصلب القوي يتعرض لشئ يسبب له ارتفاع الضغط الا ان كان جلل ؟!!

انتبه إلى صوت انثوي ساخر يصدر من خلفهما

 – المرة الجاية فكرني ابقي اوديه العناية

ادار وسيم رأسه لتقع عينيه على فتنة في الارض بقدمين ، امرأة ملامحها وجهها الاغواء

ونظرات عينيه تدعو للخطيئة ، ادار وجهه الى ابن عمه الخشن الذي صاح هادرا بحدة لأول مرة يشهدها من ابن عمه

– اخرسي خالص ، حسابك لما نبقى لوحدنا

رمش وسيم اهدابه عدة مرات ، هل تلك الاصابة اصابته بهلاوس سمعية وبصرية أم هو يتخيل بعد ، الا ان الفتنة مازالت في جلستها المسترخية وابن عمه الجامد ، الصلب بدي فاقدا للسيطرة بالقرب من المرأة

لكن من تلك المرأة التي استطاعت أن تفعل ما عجز الجميع عن فعله ؟ ، تنحنح بحرج

– مين الانسة دي

ابتسمت اسيا بجفاء شديد وهي تضع ساقا فوق الأخرى لتجيبه ببساطة

– تقصد المدام بتاعته

فغر وسيم شفته بصدمة وهو ينظر اليهما ، غير مصدقا ان ابنه عمه يتزوج من امرأة كتلك ليغمغم

– مدام!!

زفر لؤي بحدة وهو يجيبه بوجوم

– بنت عم ادهم

رفعت آسيا اناملها الطويلة تحيه ببرود شديد وابتسامة ماكرة ، وزرقة عينيها تلمعان بوهج شرس جعله ينظر إلى ابن عمه قائلا

– انت مش قولت انها ماتت

اخذت آسيا الرد بالنيابة عن هركليز الذي بدا فاقدا للسيطرة ليقول

– كنت ميتة ، بس حسيت ان الموت مش مريحني قولت لما اصحي

خرجت من شفتيه ابتسامة ميتة ليتمتم إلى ابن عمه

– لا وبتهزر كمان

لم يكترث لؤي للرد عليه ، غمغم ببرود

– انا كلمت جميلة هانم ، علشان مفيش داعي تيجي ، هو هيقضي ليلته هنا وبكرا الصبح يرجع البيت

هز وسيم رأسه متفهما ليربت علي عضد ابن عمه قائلا بابتسامة ساخرة

– ربنا يسترها معاك واضح كده ان فيه حرب قادمة

هزت اسيا رأسها مؤكدة علي حديثه ليهز وسيم رأسه غير مستوعبا للحظة أن تلك ابنة عمه ، ملامح العداء والكره لا يمكن اخفاءه من تقاسيم وجهها المليح

ليسمع الي صوت لؤي المقتضب

– خاف علي نفسك بقي

رفع وسيم رأسه نحو ابن عمه متسائلا

– انت ايه اللي خلاك تجيبها

زفر لؤي بحدة ، ماذا يجيبه أنه وثق بشيطانته إلا أنها اخلت بوعدها

ومنذ متى الشياطين تفي بوعدها ؟!!! ، لولا انها يخشي علي عمته لحبسها في جدران القصر الذي سيكون سجنها الوحيد لباقي من عمرها القادم

– مقدرش احط البنزين جنب النار

عبس وجهه للحظات وتجهم حينما رأي الكدمات المتفرقة علي وجه وسيم والدماء الذي جف علي انفه ليسأله بعبوس

– ايه اللي حصل في وشك

انفرج عن شفتي وسيم ابتسامة ساخرة ليجيبه

– انت لسه فاكر ، كنت بتمرن في الجيم  بس بخشونة شوية

هز لؤي رأسه وهو لا يصدق مزاح ذلك الغبي في ذلك الوقت … تنهد وسيم بارتياح ليعود ببصره نحو وجد المنهارة بالبكاء ليتقدم نحوها وهو يهبط بجذعه أمامها هامسا بصوت اجش

– وجد .. وجد

رفعت وجد وجهها وهو يرى ملامح وجهها التي اشرقت ثم ما عادت تنظر اليه بخيبة ، عقد حاجبيه وهو يحدق في تقاسيم وجهها ثم الي دموعها ليزلها برقة شديدة وهو يرى تلك الصغيرة رغم تخطيها حاجز العشرين إلا أنها صغيرة جدا

وسهلة للعطب

همس بهدوء شديد وعينيه ترتفع إلى جيهان التي تنظر اليهما بملامح غير مقروءة وجامدة الا ان تلك الشعلة النارية في عينيها يراها مهما حاولت ان تخفيها لم تفت عليه

– هو كويس دلوقتي

اطلقت شهقتها الأولي للحياة وهي تحدق اليه بعدم تصديق هامسة

– انت بتتكلم جد يا وسيم ، مش بتضحك عليا

ابتسم بحنان شديد وهو يضم كلتا وجنتيها براحة يديه قائلا

– والله كويس ، اهدي بس انتي

ضربت جيهان بكلتا يديها على فخذيها لتمتم بحنق

– يا صبر ايوب يا رب

كشر وسيم عن أنيابه قائلا بحدة

– عندك كلمة عدلة قوليها ، مفيش مسمعش صوتك

رفعت جيهان حاجبها بشرر لتهمس

– والله لولا الظروف دي يا وسيم كنت عرفتك مقامك

استقامت من مجلسها وقد ضاق بها ذرعا ، اليوم تري جانبين لم تراهما قبلا من وسيم ، الجانب المتهور وفاقد السيطرة ، وجانب آخر مائع تود أ تلقيه في أقرب مكب نفايات … استمعت الي همسته الدافئة ويداه التي تتمسك بوجنتيها ، لتنظر اليه بحنق

– شوية وهتشوفيه يا وجد ، بلاش عياط ارجوكي

لقد اكتفت من تلك النحنحة المائعة لتصيح بحدة

– رايحة اجيب حاجه اشربها

همس وسيم بصوت أمر وعيناه تحدقان في صغيرة العائلة التي تتوسل الحماية من نظرة عينيها

– جيبلها ماية معاكي

كادت السبة تخرج من شفتيها إلا أن ابتلعت الشتيمة حينما نظر إليها تلك النظرة القاتلة

ذلك التوسل المشبوب بعاطفة اضعفتها

سبته وهي تسمعه يهمس بصوت دافئ

– من فضلك يا جيهان

استدارت بحدة مغادرة ، ترغي وتزبد … تلعن استسلامها الذي دائما يلاقي صدد لنجاحاته … توقفت عن السير وهي تدقق النظر إلى شخص ما بعينه لم تراه منذ مدة طويلة

نظرت إلى العكاز الذي يستند عليه ثم الي ذراعه المغطاة بجبيرة لتمتم بصدمة

– عاصي

اقتربت منه بغية الاستفسار عن حالته والاطمئنان عليه ، إلا أن تخطاها متوجها نحو الردهة التي قطعتها منذ قليل ، عبس وجهها ونظرت اليه بفضول … قادها فضول للحاق به وهي تراه يقف فجأة مما جعلها ترفع بصرها نحو ما جعل وقفته تتخشب لتلك الدرجة … وجدت ان لا يوجد احد سوي وسيم الذي يضم صغيرة العائلة لعناقه، عادت عيناها تستفسر ان فهمت ما طرأ علي عقلها لتجده يضغط أصابعه بعنف على عكازه قبل أن يستدير على عقبيه مغادرا ، وكالعادة لم يلمحها ، معقود الحاجبين ، مكفهر الوجه لترفع ببصرها نحو وسيم وتلك تضمه بقوة لتعود ببصرها نحو الآخر المغادر بعجل لتهمس بشقاوة

– ده واضح ان احنا هنتقابل كتير الفترة الجاية

*****

ترجل نزار من سيارته ويلحقه غسان شقيقه الذي ما أن سمع خبر سقوطها مغشيا عليها في منزلها من فريال حتي ترك جميع أعماله وتوجه نحو المشفى الاستثمارية ، اقترب من موظفة الاستقبال ليسألها بعنف وحدة جعلت موظفة الاستقبال ترفع رأسها بتعجب .. الا ان غسان تدارك الامر وهو يتخذ الأسلوب الناعم لجر الانثى ، رغم وجه الموظفة الجدي الا انها زفرت بحدة وهي تنظر عبر حاسوبها ثم ترفع رأسها تخبرهما ببرود عن الطابق القابعة به ..

هرول متوجها نحو المصعد الا انه بعد مرات عديدة ضاغطا على زر الاستدعاء لم يفتح ، تأفف بحنق وهو يسمع الي نبرات اخيه المطمئنة ، إلا أنه ليس مطمئنا

ليس بعد … ليس هي ولم اعتزلت الجميع وقررت أن تختبئ وتضع نفسها في صومعة خاصة ، إلا انها هذا لم يمنعه لقرع باب منزلها .. مرة تقابله فريال زوجة شقيقها ، ومن ثم وقاص شقيقها الذي كره مجيئه اليومي وأخبره حينما تستعد لمقابلته ورؤيته سيتصل به

وهو ولغبائه وافق ، لم يستطيع أن يفرض نفسه في منزل الرجل بدي غير مرحب به لزيارته البائسة التي تنتهي بالفشل ، لكنه لن ينكر مساعدات فريال التي تطمئنه وتعطيه املا هي تقتله في مهده …

استقل درجات السلم وكل خطوة يحاول مسابقة الزمن ، تعالى نبضات قلبه وهدف واحد هو الذي يضعه بين ناظريه ، التقط انفاسه المتأججة حينما وصل للطابق المنشود ليتقدم نحو الردهة متسائلا ممرضة بجزع عنها ، اشارت الممرضة نحو غرفتها ليسارع وقلبه من يقوده نحوها وما أن رأى بعض الوجوه القريبة لعائلتها تسائل بقلب مرتجف

– امانة طمنوني رهف منيحة فيها شي

رفع نضال رأسه بملل وهو يرمي كيس الثلج الذي جلبته له اسرار منذ دقائق لتسود عينيه قتامة وهو يستقيم من مجلسه قائلا بحدة

– وانت جالك عين يا حيوان تسأل عنها

لم ينتبه للعداء في صوته بل عينيه معلقة علي الباب الذي تقبع محبوبته ، اتسعت عيناه ذهولا حينما اطبق عليه نضال ممسكا اياه من ياقة قميصه ليصدر صوت انثوي حانق

– نضال ارفع ايدك عنه

جز نضال علي اسنانه صارخا بحدة وهو يحاول المحافظة علي امساك قبضتي يديه في ياقة عنقه كي لا يلكمه ، اللعنة على الحب ، هل هذا ما يصل إليه الحب بعد كل تلك التضحيات ؟!!!

انفجر نضال صارخا بحدة منفجرا في وجهه

– اسيبه !! ، هي دي الامانة اللي تحافظ عليها ، ده انت مش عارف تحافظ عليها وهي لسه في بيت اخوها ، اومال لما تبقى مراتك هتعمل ايه

زفر نزار متنهدا وهو يحاول تهدئة اخيها الا ان الصوت الأنثوي يقترب منهما لتصيح بحنق في وجه نضال

– سيبه يا نضال

ارتسمت ابتسامة قاسية على شفتي نضال ليصيح بحنق

– مش سايبه ، وانا اصلا بتلكك عشان افسخ .. امشي من هنا ومفيش عندنا بنات للجواز

التمع الشرر في عيني نزار ليزيح بحدة يدا نضال عن ياقة قميصه ليقترب منه صائحا بتهديد شرس

– ليك ياعيني رهف مرتي ومافي حدا بالدنيا كلها بيقدر يبعدني عنها فهمااان

رفع نضال حاجبيه بسخرية ليشد قامته قائلا ببرود

– وانا بمنعك هنا ، هتعمل ايه يا حيلتها

جز نزار علي اسنانه محاولا المحافظة على سيطرة اعصابه ، ليهسهس بحدة

– لك لو مانك اخوها ومقدر حالتك كنت فرجيتك

وهل جاء ذلك الشامي ليعلمه في أرضه ؟!! ، رمقه نضال بسخرية وهو يتعمد الاهانة والتحقير من شأنه

– كنت ايه بقي يا حيلتها

ربت نضال بكلتا يديه باشمئزاز على منكبي نزار الذي يضم قبضة يديه بعنف كي لا يقوم بشئ لا يحمد عقابه حاليا ، صدر صوت خشن من خلف نزار

– لك شيل ايدك عنه

شامي اخر الان ، قلب نضال عينيه بملل ليرفع نظراته نحو الذي يشبه ذلك الشامي ليقول بسخرية موجها حديثه لذلك الذي يصطك ضروسه بعنف

– ايه ده ، جبتلك حارس .. فاكر اني مثلا هكش منه ومش هقدر عليك

هزت اسرار رأسها بيأس ، وضعت جسدها حائلا بينهما لتهمس بنفاذ صبر

– نضال كفاية كده ارجوك ، بلاش شغل الدراع ده

تفاجأ بصوت ممرضة التي صاحت بصوت حازم

– الصوت يا اساتذة ، احنا هنا مش في مول .. احنا هنا في مستشفي محترمة وانتو بتزعجوا المرضي

رمقها نضال بسخرية باطنة ، وهو يتعمد التحقير بعينيه نحو هيئة المرأة التي بنظرة عينيه الخبرتين تجاوزت منتصف الثلاثين ليجيبها بفظاظة

– روحي يا شاطرة شوفي شغلك مش نقصاكي هي

اتسعت عينا الممرضة بحدة لتزم شفتيها بحدة الا ان اسرار سارعت بتهدئة الأوضاع هامسة

– انا اسفه ، هو قلقان علي اخته

رشقته الممرضة بنظرات محتقرة هي الأخرى مما جعل عينا نضال تتسع بتفاجئ مسلي وهو يغمز بعبث بأحدي عينيه جعل الممرضة تشيح بوجهها سريعا لتنظر نحو المرأة لتقول بصوت حازم

– صدقيني لو تطاول عليا ، كنت جبتله الامن يطلعوه برا

انفجر نضال صائحا في وجهها بعصبية

– انتي بتكلميني انا يا انسه ، مين ده اللي تطلعيه برا

برزت العروق في عنقه لتنظر الممرضة اليه بتحدي ، قابلت المجانين وحتما هو ليس بواحد بعيد عنهم إلا أنه في هندام مهندم ، الا ان الكدمات في وجهه وتصرفاته يجعلها تعلم أن الرجل مجنون .. مجنون من الدرجة الأولى ، همت بالرد عليه ثم اتخاذ الإجراءات إلا أنها تراجعت ما ان ظهر وقاص الغانم ، الرجل الذي يملك المستشفى بالقرية وكل ما بها ، خفضت نظراتها وهي تتوجه نحو عملها ليصيح وقاص نداءه الأجش

– نضاااال

ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي نضال واقترب من أخيه قائلا بتحذير نحو نزار

– حامي العيلة طلع ، وانت عالله اشوفك قريب منها

هزت اسرار رأسها بيأس ثم عادت بعينيها تعتذر نحو الرجلين ، اقترب نضال من وقاص الذي خرج من غرفة رهف وتبعه الطبيب ليسأل باهتمام وعينيه تفيض قلقا

– مالها

هز وقاص رأسه ليغمغم بصوت مسيطر

– جالها اغماء من عدم الأكل ، علقوا المحلول وطمني انه مفيش داعي للقلق

اتسعت عينا نضال ثم ما عاد ليعبس قائلا بحدة

– وانت سايبها كل الفترة دي مبتأكلهاش

عاد يذكره بالماضي ، يعيد فتح الجروح التي لم تبرأ بعد

– وانت لما كنت مكاني معملتش حاجه ليه

اطبق نضال شفتيه ناكسا رأسه ارضا ، تظاهر الجميع بالنسيان لن يجعلهم ينسوا

أجاب اخيه بفظاظة

– لان انا مليش مكان وسطكم وقتها  ، كنت الشخص المنبوذ بينكم،عايزيني اقرب منها عشان تكش مني اكتر

ما زال يجنح بنفسه عنهم ، هز وقاص رأسه قبل أن يصيح بنبرة حازمة

– رهف اختك زي ما هي اختي ، اتصرف انت يا اخوها

رفع نضال عينيه مندهشا وهو يتطلع نحو اخيه بعدم تصديق ، يعطيه البطاقة الخضراء للاقتراب من الصغيرة كما رغب أن يحميها منذ ذلك اليوم ، اليوم الذي لأول مرة عانق رهف قبل أن تمر في سلاسل بدت لا نهائية للعلاج

بقدر عظم جرمته وشعوره بالقرف من نفسه ذلك اليوم ، إلا أن جزء عنيد اخبره .. يجب أن يتعلم المرء بأصعب الطرق الدروس كي لا يتجرأ للتفكير مرة أخرى

توجه نحو غرفة رهف لترتسم ابتسامة هادئة على شفتي وقاص ، مد يده نحو هاتفه عازما الاتصال بفريال التي طلب منها الجلوس في المنزل رغم رفضها ليستمع إلى صوت اسرار اليائس

– انت بتعمل ايه يا وقاص

اجابها بهدوء شديد

– نضال محتاج يحس بأهميته في العيلة ، وأنه منا

القت نظرة نحو الرجلين اللذان يتبادلان الحديث ، لتعيد النظر الى وقاص قائلة بيأس

– ده بيتخانق مع دبان وشه

هز رأسه بلا مبالاة قائلا

– انا هطمن فريال ، زمانها قلقانة وانتي اقعدي استريحي وهخلي حد يكشف عليكي

هزت رأسها وقد اسعدتها مبادرته بالاهتمام لتهمس

– انا كويسة بس تعب المشوار من العاصمة لحد القرية

عنيدة كما الاخرى ، امسك ذراعها ليوجهها نحو الكرسي لتجلس عليه علي مضض وهو يقول بصوت امر

– خليكي هنا ، وانا هشوف حد يهتم بيكي

القي غسان نظرة نحو الرجل الذي منذ قليل يهدد شقيقه ليقول بنبرة ساخطة

-مبين انو مو طايئك يازلمة

نظر نزار نحو الباب الذي اغلقه نضال خلفه لتتسع عيناه وهو يقول بنبرة حادة

– طيب بعد هيك ، انا رح افوت

لحقه غسان وهو يحاول ان يعيد التعقل بشقيقه متمتما

– يا مجنون

إلا أن الشقيق فتح باب الغرفة وأغلقه خلفه مما جعل غسان يتطلع نحو الباب بيأس شديد ليتخذ ركنا ليستند بجسده عليه ، منتظرا الإشارة للتدخل ان اقتضى الامر !!!

استقام نضال من مقعده بحدة وهو ينفجر في وجهه هادرا بجنون

– انا مش قولتلك متقربش منها

رفعت رهف رأسها بضعف لتمد يدها تلمس كفه لشقيقها هامسه

-نضال متقلقش

هدأت ملامح وجهه العدائية ليقترب منها هامسا بقلق

– بس

ارتسمت ابتسامة واهنة وهي تمتم

– متقلقش ، هبقى كويسة

زفر نضال بحدة ليميل مقبلا جبهتها لتمد رهف متمسكة كفه بقوة متطلبه حمايته جعل نزار يزفر بحدة .. رفع نضال عينيه لينظر بعداء شديد قائلا

– شايف .. مترين .. مترين مسافة بينك وبينها ، ارجع الاقيك محافظ علي الحدود دي

استدار نضال راحلا غير ناسيا أن يرشقه بنظرات حارقة ليهز نزار رأسه يائسا قبل ان يقترب منها متأملا تقاطيع وجهها المليح

والشوق اضناه

وعينيه تتعلق دون ثانية للافلات من النظر لعيني محبوبته التي هجربته ببساطة

يعاتبها ببساطة

ثم يسألها بعينيه ألم تشتاقين كما اشتقت

فغرت رهف شفتيها الا انها أطبقت شفتيها بعجز ورفض لترتسم ابتسامة مؤلمة علي شفتي نزار وهو يتمتم

– طيب قولي كيف حسنتي تعملي فيني هيك وتوجعيني بهالطريقة

أغمضت جفنيها ورصيد عذابه يضاف فوق عذابها ، لتحاول السيطرة علي حالتها الهائمة لتغمغم وهي مشيحة وجهها عنه

– نزار ..اعتقد انه مفيش داعي انك تيجي هنا ، احنا انفصلنا

جلس على المقعد المجاور لها ليهمس بصوت دافئ

– طيب احكيلي واجهيني رهفف

لما يعذبها بتلك الطريقة

بطريقته الناعمة ، الدافئة وهي توقعت هجرا وغضبا منه هو الاخر ، الا انه يعلم ان تلك الطريقة لربما زادت من عنادها واصرت علي رفع شجار وانفصال لمدة اطول ، شهقت بعنف حينما امسك ذقنها لتنظر الي عينيه المتألمتين كحال قلبها

– مافكرتك خويفة هالقد يارهف ،لي عم تعذبينا نحن الاثنين يارهف ليييييش قليلي كرمال الله فهميني لي عم تعملي فينا هيك

شهقت بألم لتجهش في البكاء وهي تهمس بقسوة

– لان انا وحشة ، انت ليه هنا .. هااا .. ليه هنا بعد كل اللي قولته

ارتسم شبح ابتسامة على شفتيه ليهمس

– لانو كلااامك كله عبعضه مافات على مخي رهف

اجلت حلقها وهي تحاول عبثا التحاشي عن مقابلة عينيه لتهمس ببرود

– صدقني دي الحقيقة يا نزار ، وارجوك سبني

زفر نزار بحدة ، ليرفع عيناه نحو السقف محوقلا ليعيد نظره اليها قائلا بحدة

– ليكي رهف انا سكتت هالفترة يلي فاتت منشان ترجعي تحكيلي كل شي بس انت طبعا خفتي وقطعتي كل شي بيناتنا من حالك لك  مكالماتي ما رضيتي تردي عليها ،ولما اجيت لعندك وقاص حكالي اعطيكي شوية وقت ،بس والله معد فيني اتحمل قدري مشاعري يااارهف حسي فيني كرمالو لله

أزاحت يده عن ذقنها لتغيم عيناها سوادا كحال عقلها و كوابيسها لتمتم

– عندك طاقة غضب وقلة الحيلة وخيال بس ، اما انا اللي عشت التجربة يا نزار .. خسرت فيها حاجات كتير واولهم انا ، عارف بحاول بصعوبة ازاي اواجه الناس ونظراتهم اللي ملحقاني

مال نزار ليجلس على المقعد وهو يسألها اخر سؤال تتوقعه أن يسأله في ذلك الموقف

– بتحبيني رهف؟؟

اتسعت عيناها جحوظا وهي ترمقه بنظرات مبهمة لتمتم رهف بحدة

– نزار

أصر علي رفضها قائلا

– ردي عليي بتحبيييني

اخفضت رهف عينيها نحو يديها لتزفر وهي تجيبه بحدة

– انت عارف اني بحبك يا نزار

تهدجت انفاسها وتوردت وجنتيها جراء ما قالته الا ان نبرته الحادة الغاضبة صعقتها

– لا انت كزااابة انت مابتحبيني

رأي الصدمة في عينيها

ثم الذهول .. لتدارك وهي تحاول ان تزيل تلك التهمة المجحفة في حقها ، ليقترب منها قائلا بخشونة

– اي ليش عم تطلعي فيني هيك انت ماحبيتيني رهف ،اسمعيني رهف الحب ثقة متبادلة واحترام وتفاهم بس ….بس انت مو شايفتيني قد ثقتك هي …طيب طالما انا مو أد هالثقةهي ، ليش وااافقتي عليي رهف لييييييش

نظرت اليه وهي تتطلع الي تعابير الغضب والالم المحفور في وجهه ، رق قلبها وهي ترى ذلك السواد أسفل عينيه ، هل عاني كما عانت هي ؟

همت بالرد عليه واخباره انها تثق به ، بل انه الوحيد الذي دفعها للاستمرار في حياتها البائسة واعطاها لونا ، الا انه صاح مقاطعا لأي حديث من جهتها

– ليكي رهف الزواج مو كله ايام وردية، الزواج اخد وعطا يعني متل مو حقك تلاقي حضن ودفا واحتواء انا من حقي لاقي هالشي ،حقي اتشارك انا وياك كل لحظات حياتنا المرة قبل الحلوة هيك لازم تكون حياتنا رهف مو نعيش بس المشاعر واللحظات الحلوة  ونزت  الباقي

تلون احمرار الحرج في وجهها لتهمس معارضة

– نزار انت عارف اني مقصدش

قاطعها نزار بنبرة يكاد بها يفقد سيطرته معها

– مابأصدك مو ؟؟؟مابقصدك رهف… لك انت اجيتي دبحتيني بكلامك بكل قسوة ،بتعرفي بشو حسيت وقتها ؟؟؟حسيتي شو صار فيني وقت شفت حالك… لك كان جاي عبالي اقتلك وبنفس الوقت احضنك، حسيييتي بشعوري وقتها حسييتي ؟؟؟

قسوة كلماته .. جعلها تفيق من بؤسها الوحيد وتري جانب ما عاناه ذلك الرجل الذي اذته وكل ما فعله انه احبها

احبها بصدق ، سالت الدموع من عينيها لتشهق بذعر حينما أمسك عضدها بفقدان سيطرة

– اصحي لحالك رهف ،في غيرك مروا بيلي مريتي فيه بس ما لقوا حدا جنبن وكانت نهايتن ماساوية ،بس انت عيلتك وقفو جنبك يارهف واحمدي الله انو ماقتلوكي منشان مايخلصو من عارك متل مابحكو بعض الناس

رفعت راسها بحدة حينما ضغط علي جرحها النازف ، لتتجهم ملامحها وهي تجيبه بألم

– عيلة .. انت تقصد بابا وماما اللي معرفش حاجه عنهم ، واحدة ما صدقت جيه الاخ الكبير رمتني ليه وكأني عبئ عليها ، والاب اللي كان  بينقلني من كل مصحة والتانية خوفا على اسمه بعد عملة بنته ، مش كلنا بنلاقي دفا العيلة يا نزار ،مفيش حد كامل

ترك يده من عضدها ليتطلع إليها وهو يحدق في كلتا عينيها الدامعتين ، هم بازالة الدموع من عينيها الا انه تفاجئ بفتح الباب وصوت اخيها الخشن يصيح ببرود

– الزيارة انتهت

ألقي نظرة نحو رهف التي انكمشت حول نفسها لينظر الى اخيها قائلا ببرود

-رااجعلك لانو ماخلصت حكيي لسا

اجابه نضال بنبرة مستفزة

– ده  في أحلامك

ولجعل نضال يكاد يحترق غضبا ، تجاهله .. تلك الفئة من الناس لتنتصر عليهم يجب أن تتخذ التجاهل سلاح … ليس ضعفا بل قوة

فالرد على السفيه الصمت ، اقترب من شقيقه غسان الذي يغلي غضبا ليسمعه يتمتم حانقا

– جاي عبالي اخنق وريح هالدني منو

اقترب مربتا على ظهر شقيقه قائلا بهدوء

– غسان اهدى كرمالو لله مو ناقصني مشاكل

انفجر غسان بهدر وهو يحدق في شقيقه بعدم تصديق

– لك مو شايفو لهالجحش كيف يحكي شروي غروي ،انت بس اتركني عليه لهالواطي الحقير

صاح نزار بنفاذ صبر

-غسااااان

كل وعيده يصبه في تلك اللعينة التي افسدت حياة شقيقه وقلبتها رأسا على عقب

سترى تلك بيسان ، ستري ما هو بقادر على فعله ، لن تفلت من عقابه ابدا

والأيام بينهما خير دليل !!!.

*****

حدق معتصم ابنائه بقليل من الضجر ، الصمت يأكلهم وكأن على رؤوسهم الطير .. ألقي نظرة ساخرة نحو ابنه وزوجته اللذان يأكلان بصمت لينظر نحو ابنتيه الجالستان في مقابلتهما

الأولي تعبث الطعام بشوكتها والاخري تأكل بصمت ، بدد الصمت صوت القطة التي اقتربت من شادية لتميل شادية بجسدها تترك طبقها معتذرة لثواني .. عاد يحدق في ابنته الأخرى التي تتناول الطعام بصمت عكس عادتها ليهز رأسه بيأس من تقلباتها ليتمتم بصوت خشن نحو ابنه وزوجته

– ويا تري ناوين تقعدوا لحد امتي

تلون وجه مارية الحرج لتنظر نحو ماهر الذي تمتم بهدوء

– واضح ان احنا مطولين شويتين

عاد معتصم بنظراته ليري شادية أتت بطعام القطة ووضعت الطبق بجوار كرسيها ليغمغم ببرود

– ما تقعدوا هنا ، ايه لازمتها تسافروا هناك

تنحنحت جيهان قائلة

– متنساش برضو يا بابا ان ماهر شغله مش هنا

زفر معتصم بحدة ليقول

– وايه الفرق بين شغل هنا وهناك ، على الأقل هنا هكون مطمن عنه

ثم عاد ينظر بشرر نحو مارية ليصيح قائلا

– وبعدين انا مش حذرتك ابني ميبعدش عني

ارتعبت مارية من تبدل ملامح وجه حماها ليقول ماهر بجدية

– بابا ، صدقني مارية لحت عليا كتير ننزل بس الشغل هو اللي مانعني اني انزل

رفع معتصم حاجبا خطيرا ليتمتم

– بتدافع عن مراتك

وضعت مارية شوكتها جانبا ثم التفت الي حماها قائلة بصدق

-لا والله يا اونكل ، حقيقي شغله كان مانع ننزل في اقرب وقت

نكست رأسها وهي تمتم بهمس خافت

– حتي اسيا مش عارفة اوصلها

شعرت بيد زوجها توضع علي مرفقها ، لترفع رأسها والقلق ينهشها

– اختي يا اونكل ، قالتلي في آخر مرة انها هتكون هنا … بس بتصل بيها كتير مبتردش ، حتى بحاول ادور عليها في اي اوتيل كنت قاعدة فيه مش لاقيه

هزت جيهان رأسها بيأس ، لتمتم ببرود وعينيها تنظر نحو شادية

– يمكن مش عايزة حد يوصلها ، ولا انتي ايه رأيك

توقفت شادية عن العبث بشوكتها لترفع رأسها مجفلة حينما حطت الانظار عليها لتهمس قائلة

– معرفش

ثم استقامت من مجلسها معتذرة بهمس خافت

– بعد اذنكم شبعت

تبعتها القطة سريعا وهي تسير خلفها لتنظر بعبوس إلى والدها قائلة بتساؤل

– مالها

وهو الذي ظن انها تعلم ما تخفيه ابنته ، اشاح بيده قائلا بجفاء

– معرفش ، من اول ما جت وهي مصدرة الوش الخشب ده

علا رنين هاتف جيهان ، دون حاجة لمعرفة اسم المتصل استأذنتهم قائلة بحرج

– عن اذنكم

نظر معتصم الي ابنته الأخرى التي توجهت خارج المنزل ليعود بصره نحو المتبقي منهم ، صاح بفظاظة

– ها ، حد منكم عايز يقوم هو كمان

هزت مارية راسها بحرج نافية

-لا يا اونكل

وضعت جيهان في فمها علكة لتضمغها وهي تمسح يديها بمنديل معطر دائما تحتفظ به في بنطالها .. توجهت بأقصي سرعة لتفتح بوابة منزلهم وقلبها يخفق بجنون لرؤية ملامح وجهه

بعد عودتهم من المشفى انزوي هو في منزله دون كلمة ، اقتربت منه وهي تري ملامح وجهه المكدوم قائلة

– وسيم ، طمني حاسس بايه دلوقتي

رفع يديه مانعا اقتراب جسدها منه قائلا بحدة

– بلاش الشغل ده يا جيهان

تراجعت خطوة وهي تنظر الي عابسة الوجه ، ثم ما لبثت أن انفجرت في وجهه قائلة

– يعني انت شايف اني خوفي عليك كدب مثلا ، تصدق وتؤمن بالله انا اصلا غلطانة اني عبرتك

زمت شفتيها بحنق واستدارت مغادرة تاركة ذلك البارد ، الجلف يعاني بمفرده .. شهقت بذعر حينما احست بأصابع قاسية تلف حول عضدها وتديرها لتقع بصرها عليه

سكن جسدها وسكنت ملامحها وبقي هو يحترق من أجل تلك اللمسة منها

عينيه تتأمل ملامح وجهها وعشقه الخفي لها لم يستطع أن يداره أكثر من هذا الحد ، زحفت الحمرة في وجنتيها وهو يتمتم بصوت أجش

– لطاما انتي بتغيري اوي كدا ، ليه بتعذبينا

اقتربت بتهور منه وهي تتطلع الي قسمات وجهه المجهدة ، رفعت اناملها بتهور تتحس الكدمة برقة خشية أن تؤذيه ليزمجر وسيم بوحشية وهو يقبض على اناملها بقسوة آلمتها

تأوهت بألم وهي تهمس

– مين قالك اني بعذبك

ازاح يدها وهو يتطلع الي وجهها قائلا بسخرية

– جيهان انا مربيكي علي ايدي

عادت تدرس اللمسات المعذبة

تكتشف قرب ذلك الرجل البارد ظاهريا

والمشتعل كالجمر داخليا ، رفعت رأسها وبالكاد أنشأت بسيطة تفصلهم من التلامس لتهمس بصوت ابح مغوي

– وهل يصح برضو علاقة بين اب وبنته

خرجت منه ضحكة ساخرة ليميل برأسه ناظرا نحو شفتيها المكتنزتين كدعوة للخطيئة غير قادرا على رفضها ليتمتم

– عايزة تقوليلي خلفتك وانا عندي 8 سنين مثلا

زفر بحدة ولفحت انفاسه الحارة في وجهها

عذاب قربه أهون بكثير من عذاب بعده ،تمتمت بها وهي تسمعه يصيح بنفاذ صبر

– انا تعبت من اللف والدوران ده

بسمة ظفر اعتلت شفتيها وهي ترفع عينيها الناعستين تهمس بإغواء خطير تعلمته

– صعبت عليا يا حرام

امرأة يكاد يموت شوقا للأقتراب من جنتها المحرمة ، دعوتها مغرية .. مغرية جدا له

إلا أن صورة الأب ، ووعده له بأن يحافظ عليها حتى من نفسه جعلته يتراجع خطوة ، والأغواء والقرب يضعفان عزيمته

– جيهان متخلنيش افقد اعصابي ، متلوميش غير نفسك في الاخر

صاح بها بحدة والنبض في عرقه النابض يكاد ينفجر ، وضعت يديها في جيب بنطالها وهي تقول بتحدي

– هتعمل فعل فاضح قدام بيتي ووسط أهلي

اعتلي الرفض والنفي في عينيه ليجيبها بنبرة قاطعة

– انت عارفة اني استحالة اعمل كدا

الشجاع المغوار الحامي بالنسبة لوالدها ، اقتربت منه وهي ترفع قامتها لتصل لطوله ثم لفت كلتا ذراعيها حول عنقه وهي تميل بشفتيها قرب شفتيه هامسة

– بس الحقيقة صعبة لانك مش قادر تلمسني صح

الظلمة في عينيه ارضتها

أنامله التي قست علي ذراعيها جلبت لها نشوة

نشوة الظفر ، وإرضاء لأنوثتها الجريحة لتسمعه يتمتم بصوت اجش

– جيهان

ربتت علي صدره الصلب قائلة بنبرة مرتجفة محاولة السيطرة على أعصابها بعد حركاتها الجريئة بقربه

– اتهورت قبل كده كذا مرة ، بس بتقدر تسيطر على اعصابك .. بس المرة دي هتقدر تتحكم في اعصابك لحد امتي

اختلجت عضلة في فكه والظلمة في عينيه لم تنقشع ، إن كان هو يحترق بقربها

فهي ترتجف

ترتجف بخوف ، واثارة ، وعاطفة

صاح بخشونة شديدة وهو يتمتم بغلظة

– مستمتعة و انتي شيفاني بالطريقة دي

انسلخت بجسدها بعيدة عن قربه واحتفظت بعدة خطوات كمسافة آمنة لهما

– والله دي مشكلتك لوحدك تقدر تتصرف فيها

سب وهو يمرر أنامله بتوتر في خصلات شعره الكستنائية ، يلعن .. يلعن كل شئ

يلعن ضعفه بقربها منه ، يلعن حاجته واحساسه بأنوثتها قربه

يلعن القيود التي تمنعه عنها ليصيح بسخط

– مش قادر ، وانتي مش بتساعديني

عاد يتطلع اليها ، يري ارتجافات جسدها وعينيها الضارعتين ، علي الأقل ليست باردة كما تتظاهر

– انسي اي خلافات بينا ، مش معقول هنقضي كل العمر نتخانق

رفعت حاجبا وهي تحدق به ، هل مل من لعبتها ؟

تمتمت بسخرية

– انا مش قولتلك ان انا مش بحب الراجل الأبيض بعيون ملونة باردة ، لازم يكون اسمر وخشن

حال انهت جملتها المهينة له صرخت بألم حالما امسكها من مرفقيها بخشونة

– ااه

هزها وسيم بعنف ليندفع قائلا بوحشية

– تحبي تجربي الخشونة بتاعتي ، ولا عايزيني بين كل ليلة والتانية اتخانق مع ******

ارتبكت لتسدل اهدابها واحتقان وجنتيها خجلا من الشتيمة التي أخرجها من شفتيه لتهمس بخجل

– وسيم

رمقها وسيم بسخرية واضحة ليتمتم

– ايه خدشت حيائك

عضت باطن خدها لتجيبه بتوتر

– ميصحش .. ميصحش تقول الكلمة دي ، عيب

فغر شفتيه ليردد كلمتها بتهكم

– عيب !!!

انفجر ضاحكا وهو يرمقها بعدم تصديق ، هل خدشتها تلك الكلمة صغيرته العنيدة ، هز رأسه يائسا ليسمعها تمتم بحنق

– انت بتضحك

اجابها وعينيه تطالع الشرر في عينيها بتلذذ

– اصلي مش مصدق ، جيجي السويسري تقولي علي شتيمة عيب

دبت على الأرض بحدة ثم بررت قائلة

– مكنتش متخيل انك بتقول الالفاظ دي

قلب عينيه بملل واضح وهو يجيبها بسخرية

– اصل خايف اخدش حيائك يا بنت السويسري

ران الصمت بينهما وبقت هي متمللة في وقفتها أثر تحديقه العميق بها ، وضعت يديها في جيب بنطالها تخفي أثر ارتعاش جسدها المفضوح لعينيه الثاقبتين لتسمعه يتمتم بصوت متعب

– هتحرريني امتي

مالت برأسها وهي ترد بصوت بارد

– وقت ما تحررني انا وقتها هحررك

عقد حاجبيه بحدة واقترب تلك المرة بغية صفعها لتتسع عينا جيهان من الشرر المظلل عينيه ، كادت تصرخ مستنجدة إلا إن صوت جهوري خشن قاطعهما

– الله .. الله ، ايه شغل العندليب ده اللي بيحصل في بيتي

تخشب كلا جسديهما ليحتقن وجه جيهان بخجل ووجه وسيم الذي دار على عقبيه مطالعا وجه حماه المستقبلي قائلا بابتسامة مرتبكة

– عمي انا كنت بس

قاطعه معتصم بفظاظة شديدة

– عمى الدبب ، ده انت بكل بجاحة واقف في بيتي ولا همك حد ولا احترمت ان فيه اخ واب في البيت

احتقنت أذنيه خجلا لينكس رأسه قائلا باعتذار

– انا اسف والله بس انت عارف بنتك

تنهد في جملته ليرفع عيناه مطالعا معتصم بخجل وارتباك ، يقرأ نظرات الخيبة المرتسمة في عينيه .. سرعان ما صاح معتصم بعصبية

– وانت ايه ، مش راجل والمفروض عارف ان الراجل ميدخلش من الشباك

اتسعت عينا جيهان دهشة وهي تري الرابط القوي بين والدها وابن الجيران ، كانت تتوقع العلاقة لا تتعدى علاقة الجيرة التي تحكمها منذ زمن .. لكن ما رأته من علاقة متينة .. كعلاقة الأب مع ابنه ، جعلها تجلي حلقها وهي تتطالعهما بتوتر لتسمع همس وسيم الصادق

– انا اسف بجد

أشار معتصم بحدة نحو بوابة منزله

– اطلع برا بيتي

دون كلمة جدال استدار وسيم مغادرا دون أن ينسي أن يرمق جيهان نظرات حارقة جعلها لتشيعه بنظراتها لتسمع صوت والدها الأجش

– انتي يا بت تعالي هنا

استدارت تنظر إلى والدها الذي طالعها بحدة قبل أن يتمتم بجفاء

– سبتك لفترة يا جيهان تعلمي اللي انتي عايزاه ، بس بكرا .. بكرا تديني رأيك النهائي ، فكري كويس لانه بقرارك هتحددي مستقبلك

استدار راحلا وهو يهز رأسه برضي ،  يشعر بالرضا جراء ما فعله اليوم ، سيترك الأشقر يتلظى بنيران الذنب والأخرى تعاني من السهاد .

………

رافعة ساقيها على الحائط ، غالقة جفنيها ، تلك الوضعية التي باتت من عادتها حينما تمر في أزمات لا تود أحد معرفتها ، إلا أن مواء لولو بدد من السكون الذي تناشده ، ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيها وهي تشعر بالقطة تقفز علي بطنها ثم تدس بعنقها في صدرها ، رفعت أناملها تمسد فرائها الابيض الناعم ثم تنهدت

تشعر بالكآبة الشديدة منذ ما حدث في ذلك الصباح ، اندفعت بثورة وأنهت ذلك السلام المبدئي بينهما ، ولكن لا تشعر بالهدوء أو الراحة حينما ابعدته عنها

حنق يعتريها ، ومزاجها اسود كئيب .. عضت على طرف شفتها السفلى وهي تفتح جفنيها تمر اناملها على الطوق الخاص بالقطة ، لم تفهم مسبقا كنهه الكلام المكتوب في طوق تلك القطة ، زفرت بحدة وهي تنزع الطوق وترميه جانبا لتمرر أناملها على عنقها مما جعل لولو تدس برأسها في عنقها ، ابتسمت وهي تسألها ” هل انتهى كل شئ ؟

 ألن يتصل ويحاول مثلا ؟ ” رفعت رأسها مجفلة صوت اشعار هاتفها الذي وضعته جانبا ، لتهز رأسها بيأس وهي تغلق جفنيها مرة اخرى الا ان صوت اشعار اخر جعلها تزفر بحدة قبل أن تمد يدها لترى صاحب الرسالة .. القت نظرة نحو لولو التي تدغدغها بفراءها الناعم ثم إلى الرسالة منه ومحتواها ” سأتصل بك ” تجهم وجهها وهي تسخر ، هل بدأ يستأذن قبل الاتصال ، مرت عيناها نحو الرسالة الثانية ” أجيبي من فضلك “

القت نظرة نحو لولو لتهمس

– بقي محترم ويستأذن و يطلب كمان

انتفضت واهتز يدها حينما اهتز هاتفها من اتصاله لتزدرد ريقها بتوتر وهي تنظر الي القطة تسألها

أتجيبه أم ترفض حتي يعلم ان طرقه مغلقة ؟!! ، عضت باطن خدها لتعود تستلقي علي الارض مرة اخري وهي تجيب علي مكالمته ، وفضول اعتراها لمعرفة سبب اتصاله

جحظت عيناها وفغرت شفتيها بصدمة حينما استمعت الي صوت اجش يهمس

– انا اسف

لم تتوقعها منه نهائيا ، لم تتوقع ان يعتذر ، حاولت نفض الهوان الذي اعتراها حينما استمعت الي اسفه لتجلي حلقها وهي تمتم بوجوم

– على ماذا بالتحديد انت اسف

استقام سرمد بحدة من مجلسه ليرفع كوبه الحراري وهو يتوجه بها نحو الشرفة ، الله يشهد كيف بقي لساعة .. ساعة واحدة يحاول ترتيب حديثه معها ، ذلك التردد لأتصاله بامرأته التي آذاها بطريقة لم يقصدها ، ثم كلماتها التي بدت كطلاسم

أتعرفت علي رجل قبل خطيبها وآذاها وجرح انوثتها لتلك الدرجة لتخشي من تكرار التجربة ؟ واذا اذاها لما وافقت علي خطبة رجل اخر وهو راها كم كانت تتوق للزواج من ذلك الرجل .. زفر بحدة والاسئلة تطن في عقله ليغمغم بصوت خشن

– اسف علي ما سببته لك ، لكن انا متهور ووقح وعنيد وتلك الصفات لا استطيع أن أغيرها شاديااه بتلك السهولة

انتظر ردها بنفاذ صبر ليسمعها تجيبه بعد تنهيدة كتمتها في مهدها

– لا داعي للحديث ، لقد انتهي

خبط بعنف علي الحاجز المعدني ليجيبها بنبرة خشنة

– لم ينتهي شئ شاديااه ، انا لست بذلك السوء الذي تظنيه ، رغما عني أتاثر بك كرجل وانتي جميلة جدا وانا رجل بالنهاية

استمع الي شهقة خافتة منها ، ومتأكد هو من تلون وجنتيها من حمرة الخجل ، لياتيه تعثر لسانها اللذيذ وهي تهمس بأسمه

– سرمد لا داعي لقول تلك الاشياء

ضغطت انامله بعنف علي كوبه الحراري ، محاولا تهدئة وحوشه الجامحة كي لا يخيفها منه ليتمتم بحدة

– متهور واندفع بغباء ووقح ، هذا انا وانا معك فقط

قاطعته بصوتها الضعيف ليندلع سؤالا في عقله بجنون ، ماذا تفعل أهي في فراشها بثياب قصيرة ناعمة مغرية ، تاركة ساقيها عاريتين بدلال انثوي منها داخل حدود مملكتها ، لعن تفكيره المجنون في ذلك الوقت حينما استمع الي صوتها الهامس

– لست وقح فقط

زينت ابتسامة ساخرة علي شفيته ليضع الكوب علي الطاولة وهو يتمتم بصراحة

– وماجن ايضا

صمتت وصمت معها والنسيم البارد يداعب وجهه ، زفر وبدى صمتها هي الاخري علامة لرفض تبادل الحديث معه ، ارهفت اذناه السمع الي صوت مواء قطتها لترتسم ابتسامة ناعمة حينما تذكر لمعة عينيها وهي تحدق به بنظرة لم يراها مرة اخري

أشعرته أنه الرجل الاوحد في عالمها الذي أتضح ملئ بالرجال الاوغاد كحاله

شكرها ولطفها وضعفها ذلك اليوم ، جعل قلبه يرق ، غمغم بنبرة دافئة

– ما اخبار لولو

استمع الي ضحكة خافتة منها وهو يسمعها تتحدث بلغتها الام ، مرددة اسم لولو كثيرا .. ليسمع شهقتها وهي تمتم بنبرة هادئة

– انها مشاكسة ومتطلبة كثيرا للدلال ، وتتعبني بعض الاحيان لكنها تتعلم سريعا

استرخي جسده فوريا وهو يلاحظ تلك النبرة الناعمة كما حال الصباح ، حينما كادت أن توديه قتيلا بثيابها الانثوية ، استرخي علي كرسيه وهو يسمعها تمتم بشكر

– هديتك تلك قيمة للغاية سرمد ، لا اعرف كيف اشكرك حقا

استغل حالتها الهادئة ليقول ببساطة

 – ان تأتي معي في رحلة استكشافية

ران الصمت بينهما ليتخلله صوت مواء القطة من جهتها والنسيم البارد من جهتهه لتجيبه بتردد

– لا اظن سرمد ، لا املك وقت

سألها بأندفاع شديد وهو يكاد يحترق لاجابتها

– هل تخشين مني لتلك الدرجة ؟

لم تتردد وهي تجيبه بصراحة تامة

– نعم

علي رغم شجاعتها وهي بعيدة عنه وفي الهاتف الا انه قدر صراحتها بالنهاية ، مرر يده علي خصلات شعره الكثيفة ليغمغم

– اسف ، ما وجب علي اخافتك ، ماذا فعل بك ذلك الحقير شادياااه؟

اجفلت شادية من سؤال لتستقيم في جلستها وهي تهمس بتردد

– عن من تقصد ؟

لم تكد تنهي سؤالها حتي سألها بخشونة عنيفة تعلمها ، تلك النبرة المتملكة به ..كأنها باتت تخصه وحده ، جعل الحرارة تندفع في اوردتها وانفاسها تتهدج حينما صاح بعنف

– ذلك القذر الذي تركتيه

علمت انه يشير علي خطيبها السابق لؤي لتعدل صورته قائلة

– لا تشتمه سرمد ، لم يكن لؤي سيئا معي مطلقا

استقام سرمد من مجلسه قائما وهو يصيح بحدة

– من هو اذا ؟ من هذا الذي يكون حاجزا بيني وبينك

علمت ذلك التيار الناعم بدأ يسير الي اتجاه تخشاه ، أن تفتح مكنونات قلبها العليل أمام شخص ، حتي وإن كانت تشعر بجواره بالطمأنينة انه لن ينقض عليها مفترسا اياها ثم القوة ؟!!!!!!!!!

نعم القوة التي تمتلكها امام ذلك الرجل ، لتجبره اجبارا علي تقهقهر جيوشه التي تستعد لغزوها ، غمغمت بضعف

– سرمد انت لا تعي ما تقوله

عضت باطن خدها وتصلها نبرة صوته الهائجة لتهز رأسها بيأس ، لا فائدة ترجي من هذا  الرجل

وللعجب يعجبها ، بل تكاد لا تصدق رجل هذا بكل ما يمتلكه من مواصفات تجعل المرأة تخر راكعة متوسلة قربه ، يتوسل هو منها !!!

انوثتها تنتعش وتزدهر بفضله

الدهاء والمكر لم يكن من شيمها ولكن ربما ستستخدمه لترويض ذلك الجامح

ارتجف بدنها واقشعر جسدها حينما صاح بتملك صريح

– اللعنة نعم ، اعي جيدا ، من هو يا شاديااه ؟ من هذا حتي استطيع ان ادفنه في باطن الارض

 بسمة خفية ظللت شفتيها شاعرة بشئ المسمي بالظفر ، التحكم به ، لتلوي شفتيها قائلة بعبوس

– تلك حياتي الخاصة ، لا دخل لي بها ، انا لا اتدخل في أي شئ خاص بك

تنهد بحنق ليغمغم بنبرة مقتضبة

– اسأليني وأجيبك

زفرت بيأس شديد ، يريدها ان تزداد تعلقا به ، همست بتوسل

– لا تفعل هذا ، لا اود هذا حقا

غمغم هامسا اسمها بطريقته الخاصة

– شادياااه

ردت باستسلام

– نعم

مرر سرمد انامله في خصلات شعره مرارا ، عالما بالخطورة المقدم عليها بسؤاله ليسألها قائلا

– هل تكرهيني لتلك الدرجة ؟ تنبذيني وتشعرين بالقرف بوجودي قربك ؟

اطبق شفتيه صامتها لثانية قبل أن يهمس بخشونة

– كوني صريحة معي من فضلك

صمتت شادية لثواني محاولة استيعاب انه سألها سؤال كهذا ، لم تتوقع من شخص مثله أن يسألها ذلك السؤال ، ردت باندهاش

– انتم الايطاليون ، تعرفون كيف تستدرجون امرأة

عضت باطن خدها حينما استمعت الي زفرته الحارة ليجيبها قائلا بحدة

– لا استدرجك ، اود أري نفسي من خلالك

مسدت جبهتها لثواني وهي تعلم الي أي طريق يدفعها ، لتمتم بصراحة

– لست سئ ولست جيد ايضا ، تدفعني كثيرا يا سرمد وانا لا طاقة لي لشئ بالكاد تكفيني للعيش بسلام

سألها بنبرة متشككة

– هل تتقززين من قربي ؟

احتقن وجهها من الحمرة وهي تتذكر ملامساته الغير بريئة بالمرة  ، ليندفع الشعور بالندم والتقزز جراء صمتها ورضوخها ، تحشرج صوتها وهي تهمس

– سرمد انت تدفعني لأكون .. لاكون

اجابها ببساطة شديدة

– بين ذراعي

شهقت بدهشة واكتسي وجنتيها بالحمرة لتمتم بتلعثم

– هذا لا يصح سرمد ، لا يصح ابدا ، نشأتك الغربية تلك لا احبها ،حتي مكالمتك ، انت تجلدني .. تجعلني اتقزز من نفسي ، مضطرة لاغلاق المكالمة وامسح رقمي من هاتفك ارجوك

خبط بعنف علي الحاجز المعدني ليجيبها قائلا بحدة

– سأفعل حينما تذهبين معي ومع شقيقتك لرحلتنا القادمة ، لاتقلقي مني يوجد مرشد وشقيقتك لن آكلك ، سأبعث رسالة بكافة المستلزمات وموعد الانطلاق ، كوني بخير من اجل نفسك

اغلق المكالمة ليتنهد متسائلا بحدة

لما هي عنيدة بهذا الشكل ؟ لما تصر علي دفعه للجنون وخروجه عن السيطرة دائما ؟

لما تتعمد اختيار الطريق الاصعب لكلاهما ، عاد ينقر في هاتفه باعثا ما قاله لها منذ دقائق قصيرة ، ليرفع عيناه نحو السماء متمنيا

أن لا تخذله تلك المرة لتأتي !!

****

تأخذها الأفكار ، كأمواج تتلاطم دون رحمة

القلق يستحوذ علي أفكارها ، عانت من سهادها ليلا والخوف من المصير المحتوم يقتات من المتبقي من عقلها

الجميع يطمئنها أن جدها بخير

لكن هي لم تطمئن بعد ، لم تراه بعينيها ولم تسمع صوته الحبيب ليهدأ من روعها

ويطمئنها أنه ما زال بجوارها ، لا تريد أن تصاب بخيبة مرة آخري بعد أن وجدت نفسها وحيدة في رواق المشفي ، وسيم ابن عمها برغم ما فعله أمس إلا أنه تركها عائدا لمنزله وهي لم تكن لتتزحزح من مكانها سوي من أمر لؤي أن تعود للمنزل إذ لا وجود سبب لبقاءها بعد إطمئنانهم علي الجد .

أين هذا الذي هاتفته ؟ لما لم يأتي ،عضت طرف شفتها السفلي بألم ، هل يراها هو الآخر طفلة ، ليست أنثي من حقها الحصول علي الحب ، وإن كان يراها طفلة لما لم يهدأ من خوفها ويبدد من ظلام أفكارها

تنهدت بألم وبعض الانانية تستحوذ تفكيرها ، ربما لم يقدر علي المجئ بسبب إصابته ، ربما

وربما شعر بالحرج من وجوده بين عائلتها

سرعان ما اندفع صوت داخلي يثور بإعتراض انها اندفعت الي منزله دون تردد لثانية ما إن علمت بالحادثة ، آن قلبها بوجع سبب قبضة مؤلمة في صدرها ، حاولت عبثا أن تصب كامل اهتمامها لجدها لكن صاحب العينين الخضراويين زاد من جرحها

ذلك هو نتيجة تهورك الأبله يا وجد ، لثاني مرة ظنتتِ أنه مختلف لكن يبدو لا فائدة ، ستغلق صفحته نهائيا وستري ماذا ستجلب عمتها تلك المرة من عرسان يليقون بها كما تتمتم عمتها ..

اجفلت من صوت لؤي الذي أعترض طريقها وهو يغمغم بنبرة هادئة

– ايه اللي خلاكي تيجي بدري ، مش قولتلك ان احنا هنيجي الصبح

التمعت عيناها بالدموع وهي تحدق بأبن عمها ، كانت عمتها تدفعها دفعًا للزواج به ولولا المتبقي من عقلها لربما أصحبت أمامه بصورة مشمئزة ، نظرت الي باضطراب لتلاحظ عينين زرقاوين تلمعان بشراسة اجفلها لثانية قبل أن تعود وتصب كامل تركيزها عليه مغمغة

– معرفتش انام امبارح يا لؤي من غير ما اشوفه واكلمه

مرر لؤي انامله في خصلات شعره متنهدًا

– هو كويس متقلقيش

جادلته وجد بتصميم أشد

– مش هطمن غير لما اشوفه ارجوك

ارتفع صوت انثوي  ساخر لتقول اسيا بسخرية

– متشوفيش وحش

اقشعر جسدها من نبرة لؤي الجهورية امام التي تدعو بزوجته

– مسمعش صوتك نهائي يا اسيا

لم يهتز بـ آسيا شعرة واحدة لترفع حاجبها بمكر قائلة

– وده تهديد يا لؤي

جز لؤي علي أسنانه مصدرة اصطكاك عنيف في ضروسه ، ليشيح بوجهه محاولا أن يتنعم بقبس من الهدوء ليتمتم

– حسابي لسه مخلصش معاكي

ضيقت اسيا عينيها الزرقاوين لتجيبه ببرود

– اعلي ما في خيلك اركبه

ببطء شديد ابتعدت وجد عنهما لتتوجه نحو غرفة جدها ، زفرت  عدة مرات محاولة أن تتشجع وتتسلح بسلاح الهدوء والصلابة كما يتخذه وسيم .. نقرت علي بابه نقرة واحدة ثم فتحت الباب بسرعة لتتفاجئ به مستندا بجسده علي الفراش يقرأ من القرآن .. كحال كل صباح حينما تذهب الي غرفته .. ترقرقت عيناها من الدموع وارتجف جسدها حينما رفع غالب عينيه قائلا بصوت أبوي

– تعالي

اندفعت وجد بجسدها دافنة جسدها لتمتم بولع

– جدو

ابتسم غالب وانامله تمرر علي خصلات شعرها ليهمس بصوت حاني

– قلب جدو ، بتعيطي ليه بس

رفعت رأسها وهي تحدق به بعنين معذبتين لقلبه ، تنهد بتعب حينما استمع الي صوتها المتحشرج

– افتكرتك هتسبني وتمشي

ارتسم ابتسامة شاحبة علي شفتي غالب ، رغم ألم جسده نتيجة لعناقها القوي وتشبثها به إلا أنه لم تظهر مسحة ألم علي وجهه ليتمتم بصوت ضاحك

– وانتي فاكرة اني هسيبك كدا من غير ما اطمن عليكي

تأملته وجد مليا ، برغم صورته المريضة أمامها إلا أنه جدها برائحته المسكية ، ودفء عناقه ، مالت برأسها تستند علي ذراعه لتهمس بتوسل

– انا كويسة يا جدو طول ما انت بخير ، متقلقنيش عليك بالطريقة دي ارجوك

طبع قبلة علي جبهتها لتغمض وجد جفنيها وراحة ملئت روحها ،

تتنعم مرة اخري بذلك الصفاء والهدوء الذي تزعزع الليلة الماضية

اختفي الارق وحل محله الصمت ثم الخمول وهي تسمع صوت جدها يتمتم

– مش بأيدي يا حبيبتي

انتبهت انها تستند عليه لتشهق بجزع وهي تحدق به بقلق قائلة بتوتر

– حاسس انك كويس ، مش عايز حاجه

رفع كف يده مطمئنا تلك المذعورة قائلا

– انا كويس يا وجد ، وعايز اطمن عليكي

نكست رأسها بأسي لتهمس بصوت كئيب

– انا كويسة

احست بيده تمر علي ذراعها لتسمعه يتمتم

– مستني اشوف نسل احفادي التاني

احتقن وجنتيها بحمرة الخجل ، وصورة رجل واحد رغبت أن يكون والد أبناءها سرعان ما تهشمت الصورة قطع صغيرة ، هذه نتيجة تسرعها وتهورها الدائم

لكن .. أعترض القلب وهو يسأل العقل ، ماذا عن رسائل عينيه التي حملت ألف رسالة ورسالة

قاطع العقل حالمية القلب ليجيب ببرود ، أن كل هذا نتيجة أوهامها الخاصة

أيعقل ؟!!

شعرت بتلك القبضة مرة اخري لتزفر بألم وهي ترفع رأسها لتهمس

– لؤي متجوز ، كام شهر و هتلاقيه جابلك حفيد

ابتسم غالب واكتفي يحدق ألم ، وعذاب الحب الذي يسكن عينيها ليجيبها قائلا

– بقيتي بتلعبي بالكلام يا وجد

نكست رأسها أرضا وهي تشعر بالحرج لتلك الجلسة التي تجريها مع والدها ..بحياتها لم تتوقع أن تجري حوار تفتح به مكنونات قلبه أمامه ، لطالما كانت هي الشفافة ، الوحيدة التي لا تستطيع إخفاء مشاعرها ، انتبهت على صوت جدها

– مش حاسة انك عايزة تقوليلي حاجه

ماذا تخبره ؟ عن فشلها ، عن اندفاعها المتهور!!

تمتمت بصوت شاحب

– تبقي كويس بس وهنتكلم كتير مع بعض

نظر غالب إلى حفيدته العنيدة ليقول بصوت آمر

– بس انا حابب نتكلم دلوقتي

انقذها تلك المرة النقرات على باب غرفته ، ألم يكن مفتوح ؟!! ، غمغمت دون أن تنظر للطارق

– ده تقريبا لؤي

اعتدلت في جلستها لترفع رأسها نحو الطارق

انحسبت انفاسها وانفلت عقال دقات قلبها لتنظر الي الطارق بعينين جاحظتين .. همس خافت خرج رغما عنها منادية إسمه

– عاصي !!

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

تعليق واحد

  1. مرحبًا ، لقد أعطيت كليتي للطبيب مايكل منذ عامين ودفعت لي مبلغًا كبيرًا من المال ، والآن أعيش بشكل جيد جدًا وليس لدي أي آثار جانبية. حصلت على أفضل رعاية طبية من قبل منظمة ISN في بلدي بعد وصولي من الولايات المتحدة. أنا سعيد ، لقد فعلت وعائلتي تعيش بشكل مريح الآن .. سعر الكلى 450،000.00 دولار أمريكي. هل ترغب في بيع كليتك ثم اتصل بالدكتور مايكل مع رقم الواتساب هذا: +1213566 2341

اترك رد

error: Content is protected !!