روايات

رواية ظل السحاب الفصل الرابع عشر 14 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب الفصل الرابع عشر 14 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب البارت الرابع عشر

رواية ظل السحاب الجزء الرابع عشر

رواية ظل السحاب الحلقة الرابعة عشر

: أنا جحش؟
يضغط على حروفه وهو يشير لنفسه ويسأل .. لترد فريدة بلا استيعاب
: أيوة، مش انت اللي ابتديت تبقى جحش.
لتدرك نفسها بسرعة، وتجحظ عينيها.. هل قالت أنه جحش؟ يا لغبائها.. رسمت ملامح بريئة وهي تعقد حاجبيها خوفًا عندما رأت عرقه النافر ينبض كالبركان
: الظاهر إنك مش بس مجنونة، دة انتي عاوزة تتربي من جديد!
هتف بصوت أجش، فيعبس وجهها
: أنا مش متربية؟
ارتفع صوته: لما تبقي بتغلطي فيا أكتر من مرة، وكمان تطرديني من بيتي؛ تبقي عاوزة تتربي!!
تحولت ملامحها للإستياء ومقلتيها لمعت بالدموع: انت مين اللي أدالك الحق تغلط ف تربيتي؟ انت اتعديت حدودك معايا أوي!
ليصرخ باستنكار: أنا اللي اتعديت حدودي برضو؟ أمال اللي بتعمليه انتي دة إيه؟ قاعدة ف بيتي وبتاخدي مرتب من فلوسي، وبتشتميني وعاوزة تطرديني من بيتي وشايفاني أنا اللي بتعدى حدودي؟!!!
لتزداد عصبيته: انتي بتفرضي نفسك عليا بدون أي وجه حق، كإنك واحدة مهمة عندي، وانتي أصلاً ولا حاجة !!! .. أوعي تفتكري عشان سمحتلك تقعدي هنا وأنا مشيت يبقى هتقدري تلوي دراعي بوجودك، دة أنا ممكن أتعامل معاكي بطريقة تخليكي تكرهي تشوفي وشي بعدها.
هددها لتتسارع أنفاسه مع صدره الذي يعلو ويهبط من تأففه .. ليتفاجأ بردها الصادم، وهي تردف بثقة، وتعقد ذراعيها أمام صدرها..
: وليه؟ إيه اللي خلاك تفكر إني فارضة نفسي عليك؟ هو أنا اللي اقتحمت بيتك وطلبت منك تسيبه غصب عنك؟ وبعدين دة انت اللي طلبت مني أشتغل عندك من الأول، مش أنا اللي كنت هموت واشتغل عندك،
دة انت تحمد ربنا أصلاً اني تنازلت وتواضعت عشان أوافق بعرضك، أما بقا عن تاني مرة لما رجعت فانت مالكش إنك تتحكم فيا، لأني ببساطة كدة مرجعتش عشانك، أنا رجعت عشان نيرو…
قالت بنبرة لعوب جعلت الدماء تغلي ف عروقه .. نيرة تتابع الحديث باهتمام، تود معرفة ما يدور في عقل فريدة أو إلى ماذا تريد أن تصل .. أما عن نانسي فتضيق عينيها بغرابة لكونها لا تفهم شيئًا
: واضح إنك شاربة جرعة ثقة زيادة، ومتعرفيش أنا كنت إيه، قبل ما أكون رجل أعمال محترم بيتعامل بعقلانية
قال وهو يخلع سترته بهدوء ويضعها جانبًا، ثم بدأ بفك أزرار أكمام القميص، كأنه داخل معركة وخيمة
لتبتلع فريد لعابها، المتزامنة مع دقات قلبها، وقدمها التي تحسها ع الفرار والآن
: خليني بقا أرجع لـ 7 سنين ورا، أعتقد الشخصية دي مناسبة إنها تتعامل معاكي، وأنا حاسس إنك محتاجة تتروقي، مش انتي قولتي إنك مش ف المود؟
ازدادت وتيرة أنفاسها وهي ترى إبتسامه ماكرة تعلو محياه، مع نبرته الساخرة .. تترقب حركات جسده، مشاهد تطوف بعقلها، هل سيقتلها ويعلقها ع باب القصر؟ أم سيدفنها حية بمكانها التي تقف به .. أنفضت رأسها بسرعة وهي تغلق عينيها بقوة،
لينتفض جسدها عند هتافه الحاد: ساكتة ليه؟ فين لسانك اللي كان أطول من ملعب الجولف؟
توسعت ابتسامة سمجة ع ثغرها، لتقول بتلعثم: أنا… كـ..نت بهزر معاك! انت خلقك كنز كدة ليه؟
صاح بغلظة أفزعتها وجعلت بدنها يهتز: نعـم؟؟!! هو أنا واقف ألعب معاكي؟
لتتدخل أخيرًا نيرة، تقترب منهما وتقول: خلاص يا مراد اهدى، هي أكيد ما تقصدش
تذمر: كل مرة ماتقصدش، أمال هي بتعمل كدة ليه لما ما تقصدش؟
تمتمت بخفوت: عليا النعمة تستاهل كل كلمة قولتها وأقصدها كمان!
تتقدم نحوهم نانسي وتردف بحنق: دي مختلة، اول مرة قابلتها فيها وقعتلي تليفوني واتخانقت معايا، ما كنتش أعرف إنها مجرد خدامة!!
استهزأت وسخرت منها، لتنزعج فريدة كونها لقبتها بالخادمة
تصرخ بها: أنا مش خدامة، وانتي واحدة قليلة الذوق والاحترام، عشان أنا اعتذرتلك وانتي طلعتي واحدة متكبرة وشتمتيني!
تحاول التقاط أنفاسها المرتعشة، ثم تأخذ حقيبتها بـ عصبية وتركض مغادرة.. لتجري خلفها نيرة التي تحاول إيقافها
: استني يا فريدة أرجوكي…
التفت مراد ليرمق نانسي شزرًا، وهي غير منتبهة له تتفقد الندبة، التي طُبعت ع ذراعها بفضل فريدة، ليصيح مراد بها فيفزعها
: انتي إيه اللي عملتيه دة؟ ازاي تقوليلها الكلمة دي، مش تحسني ألفاظك؟
نظرت مستنكرة: أحسن ألفاظي! يعني عاجبك اللي عملته فيا دة؟
أردف وهو يصطك ع أسنانه: بقولك إيه، أنا متأكد إنك انتي اللي بدأتي، فمتحاوليش تمثلي عليا دور الضحية!
بحنق: أنا مبمثلش! .. وأنا غلطانة اني جيب أسأل عنك حتى بعد اللي عملته مع أخويا معتز!
: وأنا مطلبتش منك تيجي وتسألي، واللي ييجي لازم يحترم أهل البيت وضيوفهم، غير كدة ما يلزمنيش!
نهى كلامه ثم تحرك لداخل الڤيلا، ويترك نانسي تكظ أسنانها غيظًا من طريقته الجافة.
_______
: مراد رجع الڤيلا من تاني، أنا مبسوطة أوي
هتفت نيرة بمرح وترتسم ابتسامة سعيدة ع وجهها .. لترد فريدة ف وجوم..
: مبروك
لتقوس وجهها وتردف بنبرة هادئة: أنا عارفة إنك مضايقة من نانسي واللي عملته، هي كدة شايفة نفسها ع كل اللي حواليها، حتى شوفتي اتعاملت معايا أنا شخصياً ازاي؟
بحنق: والله دة لولا دخول مراد، كنت قطمت حتة من دراعها
ضحكت: كفاية أوي اللي عملتيه فيها، دة تقريباً عاوزة دراع استبن
قهقهت فريدة بأسلوبها الخاص لتعلى ضحكات نيرة عليها، فتنخفض ضحكة فريدة تدريجيًا حتى تختفي؛ خجلًا منها ومن نيرة، فهي دائمًا تحاول أن تضحك بخفة حتى لا تظهر العاقة التي بها كما تدعوها هي
حمحمت فريدة بحرج: أنا عارفة إن ضحكتي عار، حاولت أغيرها بس معرفتش
سعلت نيرة من كثرة ضحكها وتردف ناهية: أوعي، وحياة ربنا حلوة أوي أوي
استنكرت: حرام عليكي، دة من أيام المدرسة وزمايلي كانوا يتريقوا عليا، وانتي تقوليلي حلوة!!
: جداً، عارفة أجمل حاجة إن الواحد يسيب نفسه بعفويتها؛ عشان كدة متحاوليش تغيري أي حاجة فيكي، حتى لو مش عاجبة الناس!
: يا سلام يا سلام يا ست نيرة، بقينا نقول كلام فلاسفة أهو
لتغير نبرة صوتها لشخص كهل فتقول بمزاح: الدنيا ياما تعلم يا بنتي
ضحكت فريدة، ثم أردفت بنفس طريقتها: عندك حق يا جدي
يضحكان سويًا، ثم ليدلف مراد لـ نيرة، فتنتبه له: مراد؟
رددت فريدة اسمه بهمس .. ليقترب منها ويسأل ف جمود: انتي بتكلمي مين دلوقتي، صوت ضحكتك واصل البيت كله!
أخفضت الهاتف قليلًا وتجيب: دي فريدة!
يجب أن تكون هي، فمن غيرها؟ .. حمحم ثم قال: طيب خلصي عشان الوقت اتأخر، وانتي بقيتي مهملة ف مواعيد شغلك!.
: نيلة عليك
رفع حاجبيه ليندهش بصوتها يأتي من سماعة الهاتف، والأخرى لم تدرك أنه ما زال واقفًا مكانه لم يغادر .. ضربت نيرة جبينها بإحباط،
فقطب مراد وجهه بحنق، لتتمتم نيرة من بين أسنانها: فريدة مراد لسة واقف!
شهقت بصدمة ثم أردفت بسرعة: نيلة عليك دبان معفن، قرفتني!
زفر بقوة، ثم قال وهو يجز بأسنانه ويسير للخارج قبل أن يغلق الباب: تصبحي ع خير يا نيرة
رفعت صوتها: وانت من أهله … إيه يا فريدة مش تاخدي بالك ؟
همست بضيق، لتردف فريدة: سوري بقا، فكرته مشي
: المهم هنام وبكرة نكمل حكاياتنا
: تصبحي ع خير
ثم تغلق فريدة الخط، وتتنهد بقوة وتفرد ظهرها ع الفراش لتستسلم للنوم في ثبات..
________
: أنا جعان!
قال عماد الجالس بجوار مراد، وع الجانب الآخر تجلس نيرة ف غرفة الإجتماعات، ليرفع مراد بصره عن الحاسوب، وينظر له ثم يحرك راحة يده ع وجهه ف نفاذ صبر
: يا رب ارحمني .. يابني آدم انت مفيش مرة تقعد فيها معايا، إلا لما تفصلني !!
كشر وجهه: أعمل إيه طا، منا مبعرفش أركز وأنا جعان!!
هتف بتأفف: انت عمرك ما ركزت أصلاً!!
: الله يسامحك!
رسم الإستياء ع وجهه، لتردف نيرة بلين: متزعلش يا أستاذ عماد، مراد ما يقصدش .. وكمان يا مراد فعلاً دخلنا ع وقت الراحة !!
أغلق مراد الحاسوب ثم تنهد: ماشي
توسعت شفتي عماد بسعادة، ثم تسأل نيرة: هو احنا هنروح؟
: مش هينفع، ف حاجات مهمة لازم أخلصها، روحي إنتي
هم الإثنان بالوقوف، لينتبهوا ع سحب الباب ع مصراعيه، فيتفاجئوا بها تقف أمامهم..
تمتمت نيرة باسمها متعجبة: فريدة؟
استغفر مراد ف عقله عند رؤيتها .. مالت بجذعها تلتقط الصندوق، ثم تحركت ووضعته ع الطاولة: السلام عليكم!
نيرة وعماد ردا السلام، ليتذمر مراد: انتي ازاي تدخلي بالشكل دة؟
تجاهلته: بقولك يا نيرو عايزاكي ف كلمتين الله يباركلك
صاح بغلظة: أنا مش بكلمك؟!!!
: وأنا مش بكلمك
كمشت ملامحها وأخرجت لسانها له ليزم شفتيه بحنق .. فتقول نيرة وهي تحاول ألا تظهر ابتسامتها
: خير يا فريدة؟
: أنا لما لاقيتك اتأخرتي، خوفتك تجيبي أكل من برة، والحاجات دي غلط ع معدتك، فجبتلك الغدا بتاعك معايا، انتي وبس
ضغطت ع كلمتها الأخيرة وهي ترمقه بطرف عينيها، ليقلب هو خاصتيه بملل
هتف عماد بلهفة: وأنا أقول ريحة السجق والكبدة دي جاية منين، دة أنا شاممها من ع بعد عشرة متر!
ليجذب الصندوق أمامه فيهم بفتحه، توسعت عينيه بمرح: الله أكبر! تسلم إيدك من قبل ما أدوق
كاد ليلقف رغيفًا، لكن منعه مراد بيده: انت هتاكل هنا؟
: أمال فين؟
سأل ببلاهة، ليصك مراد فكيه بحنق، ويشزره بعينيه
: خلاص فهمت
قال، ثم رفع بالصندوق ليذهب، لكن أوقفه صوت نيرة
: استنى يا عماد .. انت هتاخد الأكل كله؟
التفت: يدوب يا هانم، انا ما أكلتش حاجة من الصبح!
: هتاكل 27 رغيف؟
صاحت فريدة عاقدة الحاجبين، ليرد ف استنكار طريف: هو انتي بتسمي عيش الأيام دي أرغفة؟ دة بقا قد اللقمة، دة أنا ودني أكبر منه أساساً.
لتلاحظ أذنه ثم تقول: ودنك فعلاً كبيرة، خليها تعمل دايت!
قهقهت نيرة، ليرمقها مراد بحدة فتبتر ضحكتها، ثم يهتف بضيق
: اطلع برة يا عماد
ليضع الصندوق بمكانه ثم يأخذ حقيبة بلاستيكية بها بعض الأرغفة، ويتمتم ببعض الكلمات قبل أن يغادر
: اقعدي يا فريدة كلي معانا
أشارت لها نيرة، لتردف: لا مش هقدر، أصلي مستنية مكالمة مهمة
قالت بحماس، ليلقي مراد نظره عليها ف تعجب
سألت نيرة: من مين؟
فتحت فمها لتجيب لكن قاطعها رنين جوالها فشعرت الخوف يتسلل إلى أوصالها .. ثم تضغط رد
بربكة: ألو .. إيه يا نرمين طمنيني؟ .. إيه؟!!! الله يخربيتك ع بيت هادي يا شيخة
صاحت بوجه باك، ليهز مراد رأسه بيأس، لتتابع صياحها
: غوري مش عايزة أعرفك تاني
: ف إيه يا فريدة طمنيني؟
سألت نيرة بقلق، فقوست شفتها السفلية بطفولية وتغمغم
: أنا سقطت!
: سقطتي ف إيه؟
سألت بعدم فهم، ثم تجلس فريدة، وتبعد عن مراد بمقعد واحد، فتردف بحزن
: أصل أنا كان عندي امتحان ف المجموعة، وجبت 20 من 100
والآن يود الضحك وبشدة .. يقسم أنها تستحقها هذه الهوجاء المتهورة .. زم شفتيه بقوة مجاهدًا نفسه ألا يضحك .. بخلاف نيرة التي اندفعت مقهقهة ف صخب
انكمشت معاييرها في بكاء طفولي، لتخفض رأسها ع الطاولة وتدفنها بين ذراعيها بحزن واستياء
ابكي يا لعينة، لعل هذا يغفر لكِ ما فعلته به .. رفعت برأسها مندفعة
: انت شمتان فيا صح؟
حمحم ليقول بنبرة مصطنعة: أنـا؟ وأشمت فيكي ليه؟ هو انا زميلك ف المجموعة؟
استنكر بتهكم، لتزم شفتيها باغتياظ، تعلم أنه يشمت بها، فهي ترى لمعة السرور تنبض بـ بؤبؤ عينيه
رفعت حاجبها الأيسر وهي تهدر برفع سبابتها: أنا بس عايزة أقولك، إن الشماتة لا تدوم يا صديقي، وع رأي الاستاذ أحمد شيبة ما بيقول «آه لو لعبت يا زهر واتبدلت الاحوال، واركبت أول موجة ف سكة الأموال، لروح لأول واحد احتجتله ف سؤال، كسر بخاطري ساعتها ودوقني ضيقة الحال!».
كان مراد يعقد حاجبيه دون فهم: انتي بتقولي إيه؟
هتفت: طبعاً وانت هتفهم الكلام دة ازاي؟ دي لغة العظماء، كلام عمالقة
لتضرب بيدها ع الطاولة دون وعي، ليحدق بها شزرًا، وينهض ف جمود
: ع فكرة انتي عطلتيني، وأنا ورايا شغل!!
تمتمت لنفسها: اممم أنا شكلي بتكرش بشياكة!
وقفت نيرة: تعالي يا فريدة معايا المكتب .. وانت يا مراد كمل أكلك
لينفتح الباب أثناء نهوضهما فجأة، فيدلف معتز ويقول ف جمود وحنق دون حتى أن يلقي السلام..
: أنا عايز أتكلم معاك!………….
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ظل السحاب )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *