Uncategorized
رواية وقت محدود الفصل الثالث 3 بقلم مريم حسن
رواية وقت محدود الفصل الثالث 3 بقلم مريم حسن
رواية وقت محدود الفصل الثالث 3 بقلم مريم حسن |
رواية وقت محدود الفصل الثالث 3 بقلم مريم حسن
ظل أسامة يفكر في حلمه وكلام ليان بحيرة منعته من النوم مجددًا، ما معنى كلامها؟ هل هو مخطئ في شئ ما؟ أفاق من شروده على أشعة الشمس الذهبية لينتبه للوقت، فتوجه واغتسل وأرغم نفسه على تناول إفطار لييستطيع التفكير جيدًا.
بدأ يعيد برأسه شريط الحادث ودفاع محامي يوسف الذي رغم أنه كان ضعيفًا إلا أن هناك بعض النقاط الصحيحة فيما قال والغير واضحة في القضية. أحضر قلمًا ودفتر ملاحظات صغير، وبدأ بتدوين معلومات القضية ويحاول ريطها ببعضها.
نظر لملاحظاته بضيق ثم ألقى بها على الطاولة أمامه، لم يستطع ربط الأحداث ببعضها، إذًا هذا يعني أن هناك حلقة مفقودة وأنه لربما ظلم يوسف، فرك وجهه بيده بإرهاق ثم عاد وأمسك دفتره مجددًا وقرر البحث جيدًا في القضية حتى الجلسة القادمة ليتأكد من أنه لم يخطئ.
بحث عن أول وأهم خيط في القضية وهو رقم هاتف يارا، استطاع بعلاقاته الوصول لرقمها والاتصال بها.
ـ السلام عليكم معايا الأنسة يارا؟
خرج صوت فتاة متحشرج من كثرة البكاء: وعليكم السلام أيوة أنا يارا، مدام يارا مش أنسة، مين معايا؟
عقد أسامة حاجبيه وهتف: أنا المحامي أسامة الرشيدــ
قاطعته يارا بحدة وصاحت به بانفعال: هو أنت؟! عايز إيه؟ مش كفاية ظالم جوزي وعايز توصله لحبل المشنقة وهو معملش حاجة.
حافظ أسامة على هدوءه واستطرد: اهدي يا مدام يارا، أنا مش متصل بيكي لأجل إني أضايقك أنا كنت عايز أعرف شوية معلومات عن يوسف.
ازدادت عصبية يارا وصاحت به مجددًا: يا أخي أنت بارد ولا جبلة ولا إيييه! عايز تقابلني عشان تاخد مني معلومات عن جوزي عشان توصله أسرع لحبل المشنقة! أنت مجنون؟!
زفر أسامة بحنق من انفعالاتها وعصبيتها: الواضح كدا إنك على طول عصبية، بصي يا مدام أنا محتاج أقابلك ضروري عشان أعرف شوية معلومات عن يوسف، عشان أصلح موقفه في القضية، دا لو يهمك مصلحته يعني.
ابتسمت يارا بسخرية وهتفت بتهكم: لا والله! عايز تساعد يوسف؟ على أساس إني هبلة وبيضحك عليا بكلمتين، اسمع بقولك أنت تبعد عني خالص وعن يوسف فاهم؟
نفخ أسامة بقوة من عنادها: بصي أنا هبعتلك عنوان كافيه هقابلك فيه الساعة واحدة الضهر، وأنا فعلًا عايز أساعد يوسف في القضية لأن في حلقة ناقصة فيها، دا لو كان مظلوم فعلًا.
عادت يارا وتحدثت بسخرية: وكمان مش متأكد إذا كان مظلوم ولا لا! أنتــ
أغلق أسامة الاتصال بوجهها وتنفس بضيق: إنسانة مستفزة!
***
على الناحية الأخرى، يجلس يوسف داخل الزنزانة واضعًا رأسه بين يديه يفكر في المصائب التي وقعت فوق رأسه من العدم، يفكر في حال يارا ويشتاق لرؤيتها لأخر مرة على الأقل، تنهد بتعب ورفع يديه للأعلى يناجي ربه.
ـ يا رب كل دا حصلي عشان مش عايز اغضبك في حاجة، يارب ساعدني وخرجني من اللي انا فيه.
***
وصل أسامة للمقهى وظل في انتظار يارا طويلًا حتى ظن أنها لن تأتي، نظر لساعته فوجد أنه مرت نصف ساعة فقط، فقرر انتظار نصف ساعة أخرى ثم يرحل إن لم تحضر. مرت بضع دقائقالي أن جائت يارا أخيرًا، فنهض أسامة من مقعده وأشار لها بالجلوس فجسلت بصمت.
أشار أسامة للنادل: تشربي حاجة؟
عقدت يارا ذراعيها أمامها بتجهم: أنا مش جاية أشرب حاجة، أنا جاية عشان يوسف.
حضر النادل لطاولتهما ووجه له أسامه حديثه: اتنين قهوة سادة.
هز النادل رأسه إيجابًا ثم رحل ونظرت يارا لأسامة بحاجب مرفوع: قولت مش عايزة أشرب حاجة.
تجاهل أسامة اعتراضها واردف بجدية: أنا دلوقتى هسألك شويت أسئلة عشان القضية.
ملأت يارا فمها بالهواء بضجر: اتفضل.
شبك أسامة يديه ببعضهما: كلميني عن يوسف وشخصيته وحياته باختصار.
ارتخت ملامحها بحزن: يوسف أهله متوفيين ومعندوش أخوات فعايش لوحده، شخص كويس وطيب ومحدش اتعامل معاه إلا وحبه، بيحب شغله وطموح، ملتزم نوعًا ما بدينه، عمر ما طلعت منه حاجة وحشة، كان جاري وجيه اتقدملي وشوفته مناسب واتخطبنا فترة وتعاملاتنا كانت بحدود وعمره ما حاول يتخطى حدوده معايا، فحبيته وكتبنا الكتاب بعد فترة وقال إنه بيحبني، وكان المفروض فرحنا يبقى بعد أسبوعين من دلوقتي.
أحضر النادل القهوة فصمتت قليلًا حتى رحل مجددًا فعاد وسألها أسامة.
ـ إيه اللي حصل يوم الحادثة؟ بالتفصيل ياريت.
ابتلعت يارا غصة بحلقها ووضعتها يدها على عينيها تحاول إخفاء دموعها: كنت في البيت ولقيت يوسف بيتصل وقالي إنه ساب شغله، فاستغربت لكن مركزتش أوي غير على نبرة صوته، كان زي ما يكون نعسان أو متخدر وبيتكلم بتقل غريب، سمعت صوت العربيات من حواليه وعرفت إنه مش في حالة طبيعية وبيسرع، قولتله يهدا شوية ويهدي سرعته، فقالي إنه مش عارف.. مش عارف يحرك رجله، اتخضيت وحسيت بقلبي وقع لما أصوات العربيات عليت وصوت دوشة ظهر وبعدها مش عارفة حصل إيه بس سمعت صوت خبط جامد وفهمت إنه عمل حادثة، وبس كدا. أنا استغربت إنه ساب شغله لأنه بيحبه.
صمت أسامة للحظات يفكر فيما قالته يارا ثم نظر لها: إن شاء الله هدور في القضية تاني لغاية ما الحق يظهر، ولو يوسف طلع مظلوم أوعدك إنه يطلع منها زي الشعرة من العجينة، ولو عرفتي حاجة جديدة بلغيني.
تنهدت يارا بتعب وتمنت ذلك حقًا بداخلها: يا رب، ماشي.
***
ذهبت يارا في طريقها إلي يوسف لكي تزوره فهي لم تره منذ يوم الجلسة وقررت الحديث معه ومعرفة ما حدث منه.
دخل العسكري إلي الزنزانة وأخذ يوسف ليقابل يارا، حالما رأته يارا نظرت له بأعين دامعة وركضت نحوه ودخلت بين ذراعيه وبدأت تبكي، فنظر لها يوسف بتألم على حالها وقبل رأسها بخفة واحتضنها بقوة يستمد كل منهما قوته من الآخر. خرجت يارا من حضنه قليلًا فمسح لها دموعها بكُم قميصه.
ـ ليه كل العياط دا؟
ـ إنت بجد بتسأل؟ أكيد عشان خايفة عليك يا يزسف، خايفة عليك من عقاب جريمة أنت مرتكبتهاش.
صمت يوسف قليلًا ثم ابتلع رمقه بصعوبة: ومين قالك إني مرتكبتهاش؟
رفعت يارا رأسه له: قصدك إيه يا يوسف؟ أنا عارفة إنك لا يمكن تشرب أو تعمل حاجة حرام، أنت أكيد مش قصدك إنك.. لم تستطع إكمال جملتها وطالعته بابتسامة مهزوزة فضغط يوسف على شفته السفلى ثم أكمل جملتها ببرود حاول إظهاره في صوته.
ـ إني شربت وعملت الحادثة دي عن قصد؟ أه عملت كدا، خايفة ليه؟ ما دي الحقيقة، أنا سبت شغلي أو بمعنى أصح اتطرت فشربت من خنقتي وعملت الحادثة.
تراجعت يارا للخلف وعيناها مثبتة عليه بعدم تصديق: يوسف.. أنا.. أنا عارفة إـ إنك لا يمكن تعمل كدا، عشان خاطري قولي إيه اللي حصل.. عشان خاطري يا يوسف، أنا عارفة إنك عمرك ما تشرب قولي إيه اللي حصل عشان أقدر أساعدك.
التفت يوسف موليًا لها ظهره كي لا ترى تعبيره المتألم: لا دا صح، أنا اتطردت من الشغل عشان كدا كنت مدايق فشربت بس.
هزت يارا رأسها تنفي بقوة ما قال،لا تريد تصديقه: يوسف أنا عارفة إن عمرك ما تعمل كدا، قولي إيه اللي حصل يا يوسف عشان خاطري.
لم يرد عايها فتقدمت يارا منه وأمسكت بذراعيه تحاول جعله يستدير لها: اتكلم يا يوسف إحنا هدور في القضيه من تاني، أستاذ أسامة بيقول إن في حلقة ناقصة وإنه هيدور لحد ما يلاقيها وهيبرائك من تهمتك، عشان خاطري اتكلم قولي أي حاجة تساعدنا.
انتبه يوسف لكلامها وشعر بأنه هناك فرصة، دخل العسكري قبل أن يتحدث يوسف: يلا الوقت خلص.
نظر يوسف سريعًا ليارا ونزع نظاراته ووضعها بيدها مبتسمًا: خدي نضارتي، يمكن تكون أخر ذكرى من ليكي.
خرج يوسف بصحبة العسكري متمنيًا بداخله أن تفهم يارا تلميحه، بينما سقطت يارا أرضًا تبكي بشدة.
لم تتحمل البقاء في نفس المكان الذي يحتجز زوجها وحبيبها فخرجت مسرعة إلا أن وصلت بيتها ورفضت التحدث لأي أحد قابتله،دلفت لغرفتها وألقت بنفسها على سريرها وكتمت صوت بكائها بالوسادة.
ظلت على هذا الحال لمدة لا تقل عن الساعة، أزاحت الوسادة بعيدًا عن وجهها وقامت بتجفيف دموعها بالمناديل الورقية وأمسكت نظارات يوسف وضمتها بيديها لقبلها تحاول استشعار وجوده من خلال نظاراته، شعرت بيدها تلمس سطحًا غير مستوي على ذراع النظارات فدققت النظر بها لتجد شريحة صغير سوداء ملتصقة بالذراع بشريط لاصق، فأزالت الشريط وأمسكت الشريحة وأحضرت هاتفها سريعًا وأدخلتها به وأخذت تبحث عن أي شئ مهم قد يفيدها.
قاربت على الانتهاء ولم تجد شيئًا غريبًا، كلها صور لهما معًا وصور محرجة لها عندما تتناول طعامها وظنت أنه حذفها عندما طلبت منه ذلك، لم تيأس وظلت تبحث بها حتى وجدت ملفات غريبة ففتحتها لتكون الصدمة أنها تدين شركة يوسف بالاتجار بالمخدرات.
قامت سريعًا بالاتصال بأسامة وأخبرته بما وجدت فاتفقت معه على الالتقاء مجددًا لفحص ما وجدته. أغلقت الاتصال وفردت سجادة صلاتها لتدعي ليوسف.
***