روايات

رواية تناديه سيدي الفصل السابع 7 بقلم شيماء الجريدي

 رواية تناديه سيدي الفصل السابع 7 بقلم شيماء الجريدي

رواية تناديه سيدي البارت السابع

رواية تناديه سيدي الجزء السابع

تناديه سيدي
تناديه سيدي

رواية تناديه سيدي الحلقة السابعة

(شاطئ البحر)
لم تكن شمس تصدق عيناها هل حقا ماتراه الأن وكأن الزمن قد عاد بها عشرة أعوام إلى الخلف حاولت أن تتحدث ولكن لسانها لم يتحرك وكأنه معقودا ارتبكت كثيرا وهي تنظر لهذا الرجل صاحب العينان العسليتان والبشرة الحنطية التي تماثل لون بشرتها والمنظار الطبي الذي منحه وقارا وهيبة ، كما هو لم يتغير كثيرا ربما اكتسب بعض الوزن فقد كان نحيلا في السابق وتلك الشعيرات البيضاء التي تناثرت في استحياء ع جانبي شعره الأسود الناعم وبينما هي تتأمل ملامحه في مزيج من الحنين والارتباك وكيف لا ترتبك وهي ترى حبها الأول وابن عمها ياسر الرجل الوحيد الذي استطاع أن يسكن قلبها كانت تعتبره سندا لها في الحياة خاصة بعد وفاة والديها كانت تجد الأمان والدفء بجواره كان هو جيشها في هذه الحياة القاسية لم تكن تتوقع أن يكون هو أول من يخذلها ويحارب ضدها تحدث ياسر أخيرا قائلا :
-ازيك يا شمس انا مش مصدق نفسي اني شوفتك بعد السنين دي كلها ، كنتي فين وعايشة ازاي ، اتجوزتي ولا لسة ارجوكي اتكلمي أنا ماصدقت قابلتك
تلعثمت شمس ولم تستطع الرد فقد كان هناك بركان ثائر داخل صدرها ودت لو أن تأتيها الشجاعة لتصفعه على وجهه مئات المرات ولكنها تماسكت وحاولت أن تبدو هادئة وقد آثرت الصمت فباغتها هو :
– أنا عارف ان معاكي حق انك ماترديش عليا او حتى تبصي ف وشي وأنا حتى مش هحاول أدافع عن نفسي لأني غلطان وما استاهلش حتى اني أطلب منك تسامحيني
– لو سمحت يادكتور ياسر اعتبر نفسك ماشوفتنيش وياريت تنساني خالص حتى لو جمعتنا صدفة جديدة اعمل نفسك ماتعرفنيش
– شمس أرجوكي أنا عارف اني غلطت في حقك وصدقيني عمري ماقدرت أخلص من إحساسي بالذنب ناحيتك لدرجة اني سميت بنتي شمس على إسمك عشان أفضل فاكرك طول عمري وأفضل أفتكر غلطتي الي هعيش طول عمري أحاول أكفر عنها
– غلطت ، انت شايف ان الي عملته معايا كان مجرد غلطة يبقى واضح انك ناسي مش فاكر حاجة ، تحب أفكرك يادكتور حاااضر ..
Flash back
(منزل عبد القادر المنشاوي )
جلست تلك الفتاة المسكينة والتي لم يتجاوز عمرها سبعة عشر عاما تبكي بحرقة والدها الذي تركها ولحق بوالدتها ليتركها في هذا العالم القاسي وحيدة بلا أب ولا أم ، لم تستطع رفض أمر عمها الحاج عبد القادر باصطحابها إلى منزله لتعيش معه حيث أخبرها أنه ليس من اللائق أن تعيش فتاة صغيرة مثلها بمفردها
كان الحاج عبد القادر المنشاوي و زوجته يتحدثان وكانت زوجته في منتهى الغضب والضيق وهي تقول :
– احنا ناقصين ياحاج بنت اخوك ايه دي الي هتيجي تقعد معانا انت ناسي ان عندك راجل
-مايصحش كدة يا ام ياسر ابني انا مربيه كويس وشمس بنت اخويا مفيش ف اخلاقها وبعدين دول زي الاخوات
– بقولك ايه البت دي مش هتقعد ف بيتي يوم واحد انا اخاف ع ابني منها البت شكلها عينها يتدب فيها رصاصة ومستحلية روحها
– ياولية اتقي الله دي بنت يتيمة وغلبانة ارمي لحمي ف الشارع يعني دي بنت اخويا وهتعيش ف بيتي معززة مكرمة ومش هتطلع منه غير ع بيت جوزها لو مش عاجبك اتفضلي انتي الباب يفوت جمل
-بقى كدة يا عبد القادر تبيعني بالساهل كدة عشان البت المفعوصة دي
– ما انتي الي ولية مفترية ده بدل ماتعطفي عليها وتكسبي فيها ثواب انتِ ربنا مارزقكيش ببنات اهي تبقى بنتك اتقي الله يا ام ياسر وراجعي نفسك هه انا نازل المحل سلامو عليكم
– ماشي ياعبد القادر اما اشوف انا ولا بنت اخوك بقى انا تقولي الباب يفوت جمل ماشي هنشوف من فينا الي هتطلع من الباب ده
في هذه الأثناء اقترب من شمس شابا نحيلا يرتدي منظارا طبيا وما ان رآها في هذه الحالة المذرية جلس بجانبها وهو يربت على كتفها في حنان و قال لها بصوت منخفض وكأنه يخشى أن يسمعه أحد :
– كفاية عياط بقى ياشمس هتموتي نفسك كدة
– بابا وحشني أوي يا ياسر مش مصدقة اني مش هشوفه تاني خلاص بقيت ف الدنيا لوحدي
-كدة بردو ياشمس وانا وبابا روحنا فين أنا جنبك وعمري ماهسيبك أبدا
نظر لها بابتسامة دافئة مما طمئنها وجعلها تشعر بقليل من الارتياح ، مرت الأيام وشمس تعيش في كنف عمها عبد القادر وكانت تتحمل معاملة زوجته القاسية إكراما له ولمعاملته الطيبة فلم يكن يبخل عليها بشئ فقد أصر على أن تكمل تعليمها الجامعي مما أثار حفيظة زوجته والتي كانت ترى أنها لا تستحق أن تذهب للجامعة فالفتاة لا تحتاج التعليم في شئ فليس لها سوى منزل زوجها كما يقولون ولكن عمها أصر على موقفه وأكملت شمس تعليمها ، كم كانت تتمنى أن تلتحق بكلية الطب فقط لتظل برفقة ياسر ذلك القلب الحنون الذي احتواها وعوضها الكثير عن فراق والديها فرغم من انشغاله بدراسته والتي تحتاج كل ذرة تركيز في عقله الا أنه لم يهمل أبدا في رعاية ابنة عمه مضى ثلاث أعوام كان قد تخرج ياسر من كلية الطب وكانت شمس في السنة الأخيرة من كلية الأداب ولكن لم يمنعه هذا عن ايصال ابنة عمه الي الجامعة كل يوم فقد كان يخشى عليها من أن يضايقها أحدهم في الطريق وقد أخذ على عاتقه أنا يوصلها في طريقه الى العمل ويعود ليأخذها الى البيت ، وكانت والدته تراقب كل هذا وهي ساخطة غاضبة فقد كانت تعلم جيدا بقصة الحب التي تجمعهما في الخفاء فهي امرأة رغم كل شئ وتعي جيدا الفرق بين اهتمام احدهم بقريبة له وبين اهتمام رحل بحبيبته وقد اقسمت بداخلها على استحالة ارتباط ابنها بهذه الفتاة ابدا طالما هي حية .
في أحد الليالي جلست شمس في صالة المنزل على طاولة الطعام لتراجع إحدى المحاضرات التي دونتها خلف أحد الأساتذة وقد كانت مندمجة جدااا فلم تنتبه لياسر الذي جلس على الكرسي المقابل لها وهو يتأمل ملامحها الجميلة في حب وهيام إلى أن سمعته يهمس برقة :
– وحشتيني يا شموستي
– ياسر ايه الي مصحيك لحد دلوقتي
– مش جايلي نوم
– ومش جايلك نوم ليه
– أصلي بحب واحدة ومنفضالي ومش حاسة بيها
قالت شمس بابتسامة خجولة :
– ومين قالك انها مش حاسة بيك
– مش لازم حد يقولي يعني ينفع نبقى عايشين ف بيت واحد واشوفها بالصدفة انا ذنبي ايه ان محاضراتك 3 ايام في الاسبوع يعني اتحرم منك 4 ايام بحالهم. ينفع كدة يعني
– ياسر الله يخليك لو مرات عمي سمعتك هتطين عيشتي هي مش طايقاني خلقة
– أنا بحبك ياشمس وانتي كمان بتحبيني ولو قولت لبابا اني عايز اتجوزك هيفرح اوي
– بس مامتك هتزعل أوي
– ايه الي يزعلها مدام ابنها هيكون سعيد مع البنت الي بيحبها ، أنا هكلم بابا بكرة ع الأقل نتخطب ع ماتخلصي جامعة انا شقتي جاهزة ومرتبي اه مرتب صغير بس انا هشتغل مع واحد زميلي عايز شريك في العيادة بتاعته واهوشغلي ف العيادة ع مرتبي هيعيشونا كويس خالص
– أيوة بس يا ياسر ..
– مفيش بس انا كل مابيتقدملك حد بفضل حاطط ايدي ع قلبي لازم بابا يعرف اني عايز اتجوزك ونتخطب واول ماتخلصي جامعة نتجوز ع طول خلاص فاضلك ترم وتاخدي الليسانس وانا هصبر الكام شهر دول بالعافية ها قولتي ايه
– هقول ايه بس خلاص الي تشوفه
– أنا مش شايف غيرك ياشمس بحبك أووووي
– وأنا كمان ياياسر بحبك أوي مليش غيرك ف الدنيا انت وعمي انتو كل اهلي
– لا معلش ملكيش غيري انا بغيير لو سمحتي
– طب قوم نام بقى بدل ما مرات عمي تصحى وتلاقينا قاعدين مع بعض وانت عارف انها بتضايق
– وانتي كمان كفاية سهر وقومي نامي يلا تصبحي ع خير ياحبيبتي
– وانت من اهله
– يا اييييه
– ياحبيبي
كانت زوجة عمها تستمع لحديثهما الهامس وهي تتميز من الغيظ ولولا خوفها من ردة فعل زوجها لا نشبت اظافرها في رقبة شمس حتى تلفظ انفاسها .
في اليوم التالي عاد ياسر إلى المنزل وهو يصفر لحنا مبهجا وقد بدا عليه السرور وكانت شمس تجلس في الصالة في انتظاره كالعادة وقد شعرت بالدهشة فنادرا ماترى ياسر يغني او يضحك فهو الطبيب الوقور المتزن قالت وهي تبتسم له بعذوبة :
– ايه الروقان ده كله ماتفرحني معاك
– شمس أنا النهاردة أسعد واحد في الدنيا جاتلي فرصة ما كنتش أحلم بيها
– بجد طب قول فرحني
– مؤتمر طبي في ألمانيا لمدة عشر أيام الدكتور الي بيشرف على رسالة الماجيستير بتاعتي هو الي رشحني عشان أروح معاه انتِ متخيلة فرصة زي دي هتفرق معايا ازاي
– وانا هتسيبني لوحدي
– ياحبيبتي كلها عشر أيام وأرجعلك بس دي فرصة مش هقدر أعوضها تاني ، وأول ما أرجع ان شاء الله هكلم بابا في موضوعنا لان مفيش قدامي وقت لازم اجهز ورقي للسفر
– أنا أهم حاجة عندي مصلحتك ربنا يوفقك يارب وترجعلي بالسلامة
– بحبك يا شمس بحبك أوي
جاء موعد السفر وو دعته شمس بدموع صامتة فهي لا تتخيل الحياة من دونه ، مرت الأيام ثقيلة بطيئة وشمس تعد الدقائق في غياب ياسر حتى انقضت العشرة أيام أخيرا ولكن ياسر لم يعد مرت عشرة أيام أخرى وياسر مازال غائبا فراقه يقتلها والظنون تكاد تفتك بها حتى عاد عمها في أحد الأيام وهو يبدو عليه امارات الحزن والضيق لتبادر زوجته بسؤاله عما يضايقه إلى هذا الحد قال أنه قد وصلته رسالة صوتية على هاتفه من ياسر جلسةعلى اقرب كرسي واخرج هاتفه بأصابع واهنة وقام بتشغيل الرسالة ليملأ صوت ياسر الهادئ المكان وسمعته شمس وهو يقول :
– بابا و ماما أنا أسف بجد أسف على غيابي وأسف إني أبلغكم إني مش راجع أنا جاتلي هنا فرصة لو عيشت طول عمري أشتغل مش هقدر أعوضها معندكمش فكرة الطب هنا متطور قد إيه أنا قابلت هنا دكتور ألماني من أصل مصري الراجل أعجب بيا جدا وقال إن مكاني في ألمانيا مش في مصر بجد أسف أنا مكنش عندي لشجاعة أتصل بيكم عشان ابلغكم قراري وما لقيتش حل غير اني اسجل الرسالة دي وأحب أقولكم اني مش هرجع قبل ما أحقق ذاتي وطموحي بحبكم أوي وما تزعلوش مني
كانت شمس تستمع لرسالة ياسر وهي تتمزق لملايين الأجزاء فهو لم يذكرها بحرف وكأنها شيئا لم يكن فجأة أظلم الكون من حولها وتهاوت لتسقط في بئر سحيق من الخذلان حيث الوحدة والظلام .
عادت إلى الواقع لتجد أن دموعها قد أغرقت وجهها وياسر مازال يجلس بجانبها يستمع إليها وهو مطأطأ الرأس خجلا منها حاول أن يتحدث ولكنها أشارت له بالصمت ثم أخذت نفسا عميقا وأردفت قائلة :
– مفيش داعي لأي كلام أرجوك سيبني في حالي
– شمس أرجوكي اديني فرصة اتكلم
– في ايه تاني يتقال بعد كل الي عملته فيا انت خذلتني يا ياسر فاهم يعني ايه خذلتني انا كنت بتدارى فيك من قسوة الدنيا وانت اول واحد دوست عليا بجزمتك
– كفاية يا شمس كلامك بيقطع فيا ، أنا مش هدافع عن نفسي ومش هنكر اني كنت ندل معاكي مش هنكر اني أول ما جاتلي فرصة بيعتك بس صدقيني أنا كنت زي المسحور فجأة لقيت أحلامي كلها بتتحق في غمضة عين أشتغل في مستشفى من أكبر مستشفيات العالم وأتدرب على ايد أساتذة في الطب فلوس ملهاش عدد وراجل امن بيا و بشطارتي
وثق فيا واداني منصب كبير في المستشفى وجوزني بنته كانت دكتورة معانا بردو في نفس المستشفى بنت مال وجمال الدنيا كلها كانت تحت رجلي الاغراءات كانت أقوى مني ، لكن عارفة رغم كل ده كنت كل ليلة ومجرد ما احط راسي على مخدتي كنت بفتكرك وبفتكر قد ايه كنت غبي لما ضيعتك من ايدي
– ملوش لزمة كل الكلام ده يا ياسر الي حصل حصل خلاص وكل واحد مننا مشي في طريقه
– طب طمنيني عليكي عايشة فين وبتعملي ايه و البنت الي كانت معاكي دي بنتك مش كدة
– لا مش بنتي انا البيبي سيتر بتاعتها
– معقولة انتِ يا شمس طب ليه
– الشغل مش عيب يا دكتور
– ايوة بس مش انتِ بردو يا شمس أنا مش هسمح بكدة ، اسمعي خلاص انسي كل ده تعالي معايا يا شمس انت مش مضطرة تشتغلي عند حد من بكرة هجيبلك شقة في أرقى مكان في مصر ولو مصممة على الشغل هجيبلك شغل يليق بيكي
– اه هو ده بقى الي هيسكت ضميرك من ناحيتي شقة وشغلانة ما كنتش احلم بيها هو ده التعويض يعني
– شمس ارجوكي ماتقوليش كدة ده حقك عليا انتِ بنت عمي يعني مسئولة مني
– ومن عشر سنين ماكنتش مسئولة منك ، ياسر أرجوك ابعد عني وانساني زي ما عملت قبل كدة انا لا هسيب شغلي ولا عايزة منك حاجة لان ولا فلوس الدنيا بحالها تعوضني عن جرحك وخذلانك ليا ، لو سمحت ابعد عني
– تركته شمس وركضت عائدة إلى حجرتها والدموع تنهمر من عينيها تكاد لا ترى الطريق أمامها وياسر ينظر إليها في حزن وندم فقد أدرك اليوم فداحة الخطأ الذي ارتكبه في حق هذه المسكينة اليوم فقط أيقن مدى خسارته
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية تناديه سيدي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *