روايات

رواية روح بلا مأوى الفصل الثامن 8 بقلم سارة فتحي

رواية روح بلا مأوى الفصل الثامن 8 بقلم سارة فتحي
رواية روح بلا مأوى البارت الثامن
رواية روح بلا مأوى الجزء الثامن

رواية روح بلا مأوى الحلقة الثامنة

رغبة الحقيقة فى الحياة تأتى عندما نتمسك بالحياه بقوة نبتعد عن ما يحزننا ونتمسك بأمل جديد
****
مضى يومين عليها كدهر تغيبت عن عملها بحجة
التعب والأرهاق لم يخضع عقلها للنوم او يتوقف
عن التفكير فى حال قلبها الاجوف الذى اعتاد الوحدة
لكنها هذه المرة لملمت شتات روحها سريعًا وقررت
حجب الحزن والضعف عن حياتها وأن تسير بعزم
وقوة وتنظر للحياة بإيجابية وتتجاوز عقباتها
فهى افضل من غيرها تنهدت بعمق وهى تنظر حولها
فى حديقة المركز قاطع شرودها صوت طاهر :
– شكله مركز كبير والحديقة بتاعته واسعه عشان
شغلنا، بس قوليلى انا حاسك متضايقة مش فكرة
ضغط بس
انزلت كتفيها ثم همست بنبرة يغلب عليها الحزن :
– شوية ضغوط كده بس تمام انا احسن دلوقتى
-المكان نور وزاد جمال على جماله
كانت هذه كلمات ضياء وهو لا يصدق نفسه أنه يراها
امامه الآن، هز كنان رأسه من الخلف على افعال صديقه ثم تقدم بابتسامة واسعة، انضموا يجلسوا فى الطاولة معهم فقامت هى بفتح الحاسوب وبدأت فى شرح التنظيمات بمهنية
عالية وهى تشير إلى أركان الحديقة ، صدح رنين
هاتف طاهر فنهض وقد استأذن ليجيب على هاتفه
ثوانٍ ونهض كنان وهو يغمز بعيناه خلسة لضياء
الذى فهم مقصد صديقه وهو يقول :
– طب ضياء كمل انت مع الأنسة بيلا
وانا هتابع الشغل جوه
ابتسم ضياء وأوما بالايجاب قائلًا :
– تمام
رحل كنان بينما ضياء وجه نظره إليها قائلًا :
– تمام اتفضلى كملى
رفعت كتفيها ثم اجابته بنبرة هادئة :
– كده خلصت خلاص فى اى تعديلات
– بعد اللى قولتيه والعظمة دية مافيش
ابتسمت لمجاملته فتحمحم قائلًا :
– بصراحة كنت ناوى اجى ليكى المكتبة بس للأسف
مش بفهم فى الكتب وماليش فى القراءة حسيت
إنى شكلى هيبقى وحش
ساد الصمت لثوانى ثم تحدثت قائلة :
– انا القراءة كل حياتى ادمان كده
اعتدل فى جلسته يقول مداعبًا :
– كنان بيحب القراءة حاول معايا فادانى كتاب من غير
ما اقصد الأكل وقع عليه والعصير واتبهدل وماكنتش
قرأت منه غير ١٠ صفحات اصلًا واتخنقت عرفت إنه
مش كارى ده بعد كنان ما نفخنى
قهقهت على حديثة وهى تهز رأسها بيأس :
– صعب اوى اللى انت عملتوا ده .. انا ممكن ارشحلك كتب تقرأها هتشدك
ارتسمت ابتسامة على شفتيه ولمعت عيناه
بوميض، كأنه كان ينتظر هذه الفرصة فأجابها والحماس
يسيطر عليه :
– ياريت ومتقلقيش مش هوقع عليهم حاجة المرة دية
ثم أكمل متسائلًا :
– هو انتى اسمك الحقيقى بيلا
هزت رأسها بنفى قائلة بنبرة هادئة :
– لأ اسمى نبيلة
– بيلا كله تمام اسف الفون كان من البيت
اردف طاهر تلك الجملة بأسف، بينما هى هزت رأسها عدة مرات بتوتر، اما ضياء صر اسنانه بقوة
يهمس بصوت يكاد مسموعًا لنفسه :
– يعنى اقوملك دلوقتى اسفلت وشك بالارض
رافع حاجبيه متسائلًا :
-بتقول حاجه يا ضياء ؟!
قبل ان يجيبه جاء احد العمال من الداخل قائلًا :
– دكتور ضياء عايزينك جوه تشوف الشغل النهائى
تأفف بضجر بينما هى وقفت تحمل حقيبتها :
– طب نسيبك لشغلك واحنا كمان نشوف شغلنا
هز رأسه على مضض اتجه للداخل وانصرفا هما معًا
****
فى السيارة تجلس بيلا بجوار طاهر ساكنة تنظر
من النافذه بصمت بينما هو قطع الصمت قائلًا :
– مين عيد ميلاده الشهر الجاى وهنعمل له حفلة
اجابته بابتسامة شاحبة قائلة :
– أنا بس بليز من غير حفلة
بادرها برد سريع وهو يحدجها بنظرات تحذيرية قوية
اما هى حاولت تغيير مجرى الحديث فتحدثت قائلة :
– انا كلمت كيان عشان الشغل معانا
التفت إليها بملامح متلهفة :
– بجد؟!!
وقالتلك ايه ؟!
حدجته بنظرة حزينة لكنه لم يفهم مغزاها فابتسمت قائلة :
– وافقت
تبدلت ملامحه فور سماع كلمتها لتحتل السعادة ملامحه قائلًا :
– طب ما تقولى على طول ايه التشويق ده
رمقته بنظرة سريعة ثم نظرت امامها تسأله بنبرة غلب
عليها الحزن :
– ماكنتش اعرف ان الموضوع مهم كده مش قصدى تشويق
التمس الحزن من نبرة صوتها هو يعلم انها شديدة الحساسية فأكمل :
– ولو حتى قصدك انتى تعملى اللي انتى عايزاه
هزت رأسها على مضض تنظر امامها فى الطريق
*****
اوقف كنان محركات سيارته اسفل البناية بعد أن صفها جانبًا لكن توسعت عيناه بصدمة حين رأها امامه تقفز فوق دراجة بخارية ترجل من سيارته مسرعًا يقف
امامها متسائلًا بصوت خشن :
– انتى بتهببى أيه ؟!
نظرت إليه كيان تجيبه بكل ثقة قائلًا :
– ايه اول مرة تشوف حد بيركب موتوسيكل
حدجها بنظرة مميتة ثم صاح بغضب :
– انتى اتجننتى شكلك.. هى الهانم بتركب موتوسكلات
ارتجفت من نبرة صوته ثم هزت رأسها بنفى قائلة :
– لا بس اللى هيوصل الاوردر اعتذر اعمل ايه
استأذنت طنط اللى فى الخامس تقول لأبنها
انى اخد الموتوسيكل بتاعه اوصل الاوردر واجى وبس
طالعها بغيظ وهو يصر اسنانه :
– وبس ايه البراءة دية، انتى ناسية انتى قايلة انتى
مرات مين انزلى من على الزفت قال موتوسيكل ابن
الجيران وهتسوقى كمان، ما تطلبى اوبر او تاخدى مواصلات
اجابته باستيحاء قائلة :
– المكان بعيد يعنى اوبر غالى ويبقى الاوردر ماجبش همه، والمواصلات الأكل هيبرد والناس مش هيقبلوا يتعاملوا معايا تانى
اغمض عيناه بيأس قائلًا بحدة :
– انزلى
سار امامها وهى سارت خلفه بضجر حتى فتح باب
السيارة قائلًا :
– اتفضلى
-انت عايزنى اوصل الاوردر بالعربية الفخامة دية
– اركبى وخلصينى احنا فى الشارع والناس ابتدت تتفرج علينا
انهى جملته ورمقها بنظرات نارية اما هى فامتثلت
لأوامره واستقلت بجانبه السيارة بعد مرور نصف
ساعة من الصمت وهى تتابع البرنامج والخرائط على
الهاتف قالت :
– ايوة هنا .. شكرًا اوى .. ممكن تنزلنى هنا وتروح انا
ممكن ارجع مواصلات عادى
فاجأها بسؤاله وهو يحمل كيس الأكل قائلًا :
– فى الدور الكام ؟!
توسعت عيناها بذهول وهى تحاول خطف الأكياس من يده :
– لا لا شكرًا اوى ميصحش
سحب نفسًا عميقًا فى محاولة لتهدئة نفسه :
– فى الدور الكام انجزى ؟!
وضعت كف يدها امامه قائلة :
– الخامس
****
بعد مرور وقت تكتم ضحكاتها بصعوبة وهو يطالع
بعض النقود فى يده باستنكار :
– انتى بتضحكى، انا اخدت تيبس
حاولت التماسك قائلة :
– حلال عليك
مد يده لها بالنقود قائلًا :
– اتفضلى فلوسك
– هزت رأسها بالنفى :
– لا والله ابدًا ده حقك لو مش عايز الفلوس
شوف حد يتيم محتاجهم اما انا لأ مش هاخدهم
رمقها بطرف عيناه وهو يتابع الطريق امامه متسائلًا :
– هو انتى مش يتيمة
اجابته مندفعة دون تفكير قائلة :
– معرفش
فجاءة سمعت احتكاك السيارة بالأرض وارتطام جسده للأمام فخرجت آنة نتيجة الصدمة نظرت له بتوجس :
– أيه فى أيه ؟!
فرك وجهه بيده قائلًا :
– بصى بقى انا سيبتك على راحتك على الأخر بس
انا ممكن اجيب كل حاجة عنك وسايبك بمزاجى
لحد هنا واستوب فى واحدة متعرفش إذا كان اهلها
عايشين ولا لأ
شعرت بغصة مريرة بحلقها وتجمعت الدموع فى مقلتيها
اطرقت رأسها للحظات تحاول تمالك نفسها
فكم تمنت أن تولد للحياة يتيمة اهون من ان تترك
طفلة وحيدة فى الحياة، تعلم أنها بمجرد البوح بما يعترى صدرها سيفتح عليها ابوابًا من الجراح لن
تتحملها، سبقتها دموعها للتعبير عن حالتها
تنهمر فوق وجنتها باءت كل محاولتها للتسلح بالبرود
والصمت بالفشل حتى رفعت عيناها تسرد له ما عاشته :
– معرفش ومش عايزة اعرف لانها مش هتفرق عايشين
زى مش عايشين اللى المفروض هى امى اتجوزت وهى
١٦ سنه تحت السن القانونى بورقة عرفى بس بعلم
اهلها يعنى عملوا الإشهار اهم حاجة بس اهل الرجل
اللى خلفنى ماكنوش يعرفوا كانت جوازة للترفيه
لمزاجه لأنه هو كان متجوز وطبعًا اهل امى ما صدقوا عريس شارى بقى، عدت اول سنة تمام لحد ما عرفت
انها حامل نكر ومش بس كده شكك فى اخلاقها وان
اللى فى بطنها مش منه، الوضع كده فضل لحد ما انا
اتولدت وبعد كده منفعش اتسجل عشان هو رفض
واترفعت قضية نسب اربع سنين فى المحاكم اصلها
مش قضية حد مشهور لحد ما المحكمة حكمت بنسبى
ليه وللأسف كانوا اهلوا عرفوا وقالوا لأمى افرحى بالنسب
واحنا متبريّن منها حتى هو كمان.. ومشيوا وغيروا
كل اماكن سكنهم …الصراحة واللى هى امى مستنتش
كتير جالها عريس وهى كانت ٢٠ سنة والكل قال حرام تضيع عمرها عليا إذا كان ابوها رماها .. اتجوزت وطبعًا كان اول شرط انا لأ ..وهو كان راجل كويس معقولة هتخسره عشانى…. كملت حياتها وانا فضلت فى بيت ابوها اترعب كل ليلة لوحدى طفلة اربع سنين مش لاقية حد ولا حد يقول كلت شربت كنت ادور على أى لقمة اكلها ولما اتعب انام فى أى حتة لحد لما كملت ٧ سنين، ساعات امى كانت تيجى تشوفنى ومعاها بنتها كنت بقول اشمعنا وكانت تقولى غصب عنى..
على صوت شهقاتها وهى تحاول ان تكتمها بيديها
تمزق نياط قلبه على حالتها ثم اكملت هى :
-ابتدا اللى المفروض هو اخو امى يعنى اللى هو الخال والد يتحرش بيا ماكنش ليا نصيب فى الأبوة من الدنيا
لحد ما جدى مرة خد باله وقرر لازم يخلص منى
احسن تحصل مصيبة وابنه يروح فى داهية
فاخد بعضه ونزل بيا القاهرة عند خالة امى
ماما هدى اللى ربتنى وقالها عايز اوديها ملجأ
لانها كانت ربنا مرزقهاش الخلفة وكانت بتروح
ملجأ كتير تعوض نفسها، لقت فيا العوض وانا كمان
حسيت اول مرة من ٨ سنين بالأمان هى اللى كبرتنى
وعلمتنى حتى الطبخ الله يرحمها، لحد ما البيت اتهد منه لله المقاول انا ساعتها كنت بوصل اوردر، قولت هروح فين اللى هى المفروض امى متعرفش لحد دلوقتى لأنها مش بتدور عليا اصلًا بقى ليها حياتها مع جوزها وعيالها، ارجع عند جدى اتوفى،
ولا ارجع لخالى عشان يكمل عليا اصلًا
اول ما حد يعرف انى قضية نسب
واهلى مش عايزنى يفتكرونى رخيصة ويبقوا عايزين
ينهشوا فيا عشان كده الشقة كانت الحل انا مش حرامية
والله انا عمرى ما مديت ايدى على حاجة بس خوفت
من الناس وانا ماكنش معايا حاجة تثبت شخصيتى كله ضاع فى الشقة
قضايا النسب اللى بينتج منها ناس مش سوية زى
فكرة ان الأب رفض الاعتراف بيهم دية محتاج عمر
اد عمرنا نتعالج علاج نفسى وهنفضل مكسورين من
جوانا بردو
نزلت كلماتها عليه كسهام تخترق قلبه فأى اب تجرد
من الأنسانية ينكر ابوة طفلته ليتركها تواجه قسوة
الحياة بمفردها، فدائمًا الأطفال يتحملون اشد وطأة للعلاقة الأسرية الفاشلة، رفع نظره يطالع دموعها تتساقط بغزارة ترتجف بشدة، ندم بداخله لنبشه فى جرحها الغائر، بداخله فيض من المشاعر الغير مفهومة
لايعرف كيف ضمها إلى صدره فتلك الصغيرة احتملت
ما لا يحتمل احد فربت على ظهرها
لتهدئتها، اما هى تشبثت به وتكتم شهقاتها بصدره
ساكنة قليلًا بين احضانه، طرق على الزجاج
افزعها كان شرطيًا قائلًا :
– انزلولى كده يا حلو انت وهى شاربين ايه
عشان فى عز النهار عمل فاضح فى الطريق العام
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية روح بلا مأوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *