روايات

رواية ظل السحاب الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب البارت الرابع والعشرون

رواية ظل السحاب الجزء الرابع والعشرون

رواية ظل السحاب
رواية ظل السحاب

رواية ظل السحاب الحلقة الرابعة والعشرون

: في إيه؟ بتصرخي ليه؟
زعَق مراد عليها عندما وجدها تطلق صرخات عالية .. تحركت هي نحو اللذان تسمرا مكانهما عندما رأوا بمقلتيها شرر الغيظ يتطاير منهما..
: بقا كدة يا ست نرمين بتخو*نيني!
تلعثمت حروفها: فر..يدة أنا…
رفعت يدها تمنعها: بس مش عايزة اسمع منك كلام…
لتتابع بتأثير عاطفي: انتي طعنـ*تيني ف قلبي يا نرمين، وكسرتي الخواطر اللي ما بينا، دة أنا كنت اترمي ف حضنك وأحكيلك ع اللي جوايا، وف الآخر تعملي كدة، وكل دة بسبب إيه؟ إيــه!
صرخت ليندفع مراد بصياح هز بدنها: إيــه انتي! داخلة من غير استئذان ليه؟
لتهتف باستياء: عشان أقفشهم، واكتشف خيا*نتهم!

 

 

 

 

وقبل أن يرد مراد، تدخلت الموظفة: يا فندم دي زقتني عشان تدخل، برغم اني قولتلها حضرتك مش فاضي!
توسعت عيني فريدة فصاحت مستنكرة: أنا زقيتك يا كدابة، ولا انتي اللي ما كنتيش عايزة تدخليني!
صاح مراد بحدة: خلاص انتوا الاتنين، هتتخانقوا قدامي!
زمت فريده من شفتيها وهي ترمقها بأعين متوعدة، ثم أردف مراد وهي يشير لهما
: اتفضلوا برة
نظرت لها بقرف ثم خرجت، بينما فريدة ظلت واقفة مكانها، فيتطلع لها مراد..
: هو انا مش قولت برة!
: ليه يعني اخرج، واشمعنى دول يفضلوا!
زمجرت، فهتف بخشونة: وانتي مالك، هو انتي هتملي عليا أخرج مين وأقعد مين؟ ويلا اتفضلي بدل ما أتصرف تصرف ما يعجبكيش!
ها هو الآن يعود مراد الحديدي المتعجرف من جديد، كانت تعلم تلك المهادنة كانت لحظة مؤقتة ولن تدوم، اللـ*عنة عليه لقد خدعها بتلك الضحكة والهدوء الزائف التي أغرقتها في الأوهام..
لتصيح بحرقة وبوجه باكِ: ياخي حسبي الله ونعم الوكيل فيك
ثم تركض خارج المكتب في حين أن مراد اعتلته علامات الذهول .. ليقول هادي لنرمين
: احنا لازم نروح نشوفها!

 

 

 

 

 

فترد عليه: أيوة يلا أحسن شكلها زعلت أوي
كاد أن يتحركا فأوقفهما صوت مراد الغليظ
: هو انا سمحتلكم تمشوا أصلاً! ولا أنا هوا واقف قصادكم؟
استهجن بتذمر فأدرك الإثنان خطأهما، فما حدث جعلهما مشوشين..
: متأسفين يا مراد باشا، لو المقابلة خلصت ممكن نستأذن؟
قال هادي، ليرد مراد بنبرة عنيفة حانقة: لما تخلص أنا اللي هقولكم تمشوا، واللي حصل دة ما يتكررش تاني، سامعين؟
أومأ الإثنان بإيجاب، ثم أشار مراد: اتفضلي انتي أخرجي، وهنبقى نبعتلك!
هزت رأسها ثم خرجت، ثم أردف مراد وهو يجلس موجهًا حديثه لـ هادي وهو يخفي الغيظ
: وانت بقا اتفضل عشان نكمل.
_________
تتحرك فريدة بالممر بعد أن خرجت من عند مراد، وهي تحاول كبح جماحها، مقررة الخروج من الشركة، فسمعت من وراءها صوت يناديها، التفتت وراءها وهي تمسح وجهها من الدموع التي سالت بسبب ذلك الأحمق كما تدعيه هي، فوجدته العم شفيق اقترب منها وسألها..
: ازيك يا فريدة يا بنتي، بقالي يومين مش بشوفك!
حاولت جعل نبرتها طبيعية: الحمد لله يا عمو، أخبارك انت إيه؟
لاحظ صوتها فسأل: مالك يا حبيبتي؟
رسمت ابتسامة زائفة فقالت: مفيش حاجة، أنا كنت رايحة عند نيرة!
وقبل أن يرد، رأى نيرة تأتي عليهما: أهي جات ع السيرة
اقتربت وعانقت فريدة: الصاحبة اللي مبتسألش!

 

 

 

 

 

: أسيبكم أنا بقا
قال العم شفيق وهي يهم بالذهاب، فسألت نيرة وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها
: مختفية فين يا ست هانم؟ ومش بتيجي الشركة خاصمتينا ولا إيه؟
حاولت فريدة أن تخفي ملامح الاستياء عن وجهها لكنها سرعان ما ظهرت وانفلتت شهقة باكية منها.. اندهشت نيرة وسألت في لهفة وقلق
: مالك يا فريدة، بتعيطي ليه؟
ضمتها وتحركت بها نحو مكتبها وهي تقول: تعالي يا حبيبتي معايا
دلفا إلى المكتب وجلست نيرة أمامها وتسألها
: مين مزعلك يا فريدة؟
: هو في غيره اللي بيعيطني ليل ونهار!
صاحت بنبرة مبحوحة وبوجه عابس، لتهتف نيرة
: مراد!
زمجرت: متجبيش اسمه، أنا مبقتش طايقاه ولا طايقة اسمع سيرته
: حصل إيه؟
: طردني!
: يا فريدة بقا، يعني هي أول مرة!
قالت نيرة نافية بهدوء، لتجعر فريدة باكية
: كلكم عليا يا ولاد المضايقة!
: خلاص اهدي مكانش قصدي اضايقك، بس المفروض انك اتعودتي على أسلوبه!
قالت بانفعال: بس دة طردني قدام صاحبتي الخا*ينة
لينفتح الباب عقب انتهاء كلامها وترفع ببصرها وتجدها نرمين، فتدخل وهي تهمس
: فريدة
نهضت وهي تتطلع إليها بسخط وتقول بجفاء: عايزة إيه؟
: انتي زعلانة مني؟

 

 

 

 

 

همست برقة، لتندفع فريدة مستنكرة: انتي بتستهبلي! يعني بتيجي الشركة من ورايا عشان تقدمي انتي وهادي ومش عايزاني أزعل؟
ثارت باستياء وحنق، لتقترب منها وترفع بيدها لتهدئها، لكنها أزاحت يدها بضيق
: فريدة لو سمحتي اسمعيني، والله كنت هقولك، يعني أنا هخبي عليكي ليه؟
استنكرت نرمين، ثم أردفت فريدة: تقوليلي بعد إيه يا نرمين! أصلاً أحنا كنا مع بعض امبارح كان فيكي تقوليلي إن المقابلة النهاردة! وما كنتش هحرج نفسي مع الجدي اللي جوة!
تأففت، لتنهض نيرة وهي تضحك ثم تقول لها: خلاص يا فريدة بقا البنت ما كانش ف دماغها تخبي عليكي!
: قوليلها حضرتك، دة حتى كنت هخليها توصي علينا عنده!
رمقتها بمكر، لتتسع حدقتي فريدة ثم لكزتها في ذراعها وتأوهت نرمين ثم احتضنتها بحب
: مقدرش ع زعلك يا فيرو.
لتضمها فريدة الأخرى، ويدق هاتف نرمين فتجد هادي المتصل، ثم تقول
: طب أنا مضطرة أمشي، عشان هادي شكله خلص مع مراد بيه
ودعتها ثم ذهبت، لتعود فريدة ببصرها وهي تنتبه لسؤال نيرة
: انتي مقدمتيش معاها ليه؟
: عارفة حتى لو كنت أصلاً بفكر أقدم، بعد اللي عمله دة أنا لغيت الفكرة!
ثم قطبت وجهها بوجم طفولي، لتصمت نيرة لبرهة وهي تعض ع أناملها بتفكير، ثم طرقت لعقلها فكرة شيطانية
: بقولك إيه تعالي معايا
قالت وهي تسحبها خلفها تحت استغراب فريدة منها
أقبلت إلى الشركة وهي في قمة أناقتها تمسك بملف تحتضنه بين ذراعيها ثم دلفت إلي الردهة التي كانت خاوية من الأشخاص عكس ما كانت عليه في الصباح من المقبلين على الوظائف الحديدة ..
توجهت نحو موظفة الاستقبال لتقول بنبرة رقيقة..
: لو سمحتي أنا جاية عشان المقابلة، بخصوص الوظيفة اللي أعلنتوا عنها!
تطلعت الموظفة على الساعة التي ترتديها بمعصمها ثم قالت
: لو كنتي اتأخرتي عشر دقايق كمان، كان باب التقديم اتقفل، وضاعت عليكي الفرصة
رسمت ابتسامة باردة ثم أردفت الموظفة وهي تشير لها
: اتفضلي معايا
ليتحركا الإثنان حتى وصلا أمام مكتب مراد فدلفت الموظفة قبلها للداخل وهي تشير لها أن تنتظر..
: مراد باشا، في كمان واحدة لسة جاية عشان المقابلة
قالت بعملية، ليحمحم مراد ويأذن لها: طب خليها تتفضل
خرجت لتقول لها: اتفضلي، مراد باشا ف انتظارك
دلفت بخطوات بطيئة وصوت طرقات حذائها المتناغم يصدي بالغرفة، بينما كان مراد مشغولًا في ترتيب بعض الأوراق الموضوعة فوق سطح المكتب،
ليقول أثناء وقوع عينيه عليها: اتفضلي اقعـ … نانسي؟؟؟
________
كانت نيرة ممسكة بـ معصم فريدة وهي تسحبها خلفها حتى وصلت أمام باب مكتب مراد وقبل أن تفتحه سألتها فريدة..
: مش تفهميني جايباني عنده ليه؟ لو فكرك عشان تصالحينا أنا مش عايزة!
كشرت وجهها لتضحك نيرة، ثم تفتح الباب ويدخلان معًا، لتتفاجأ نيرة بوجود نانسي، في حين مراد كان يحادثها
حمحمت نيرة بحرج: معلش يا مراد، ماكنتش فاكرة عندك حد!
لتنهض نانسي وتقترب من نيرة وهي ترسم ابتسامة لطيفة ثم تحتضنها وتقول
: ازيك يا طنط نيرة، وحشاني بجد!
انكمشت معالم نيرة تعجبًا منها فتتساءل نانسي: مالك مستغربة كدة ليه؟
لتهمس: مش مستغربة! ازيك انتي وازاي عثمان؟
: كلنا الحمد لله بخير
قالت وهي تحرك جسدها فتنتبه لـ فريدة التي تصطك على فكيها وتنظر لها بملامح جامدة غاضبة، فتبلتع نانسي لعابها وتعود مكانها .. ليسأل مراد وهو ينظر بطرف عينه لـ فريدة
: كنتي عايزة حاجة يا نيرة؟
تحركت إلى جانب المكتب وهي ما زالت ممسكة بـ يد فريدة
: أصل فريدة عايزة تقدم ف الوظيفة!
فصاحت مندهشة: أنا؟
لتضغط على يدها لكي تصمت، فنظرت نانسي لهما باستهجان، بينما يتطلع مراد إليها بنظرات غامضة، فيعتدل مراد في جلسته ويشير لها بالجلوس دون النظر لها..
: اقعدي

 

 

 

 

تعجبت فريدة منه، أسيسمح لها باتمام المقابلة؟ إليس هو من طردها قبل ساعات! حقًا إنه شخص غامض وغير سـ ـوي
أشارت إليها نيرة بالجلوس: يلا بقا طولي رقبتي .. اسيبك تكمل شغلك يا مراد!
ثم توجهت نيرة للخارج .. ليقول مراد
: فين ورقك؟
فتحت فريدة حقيبتها وأخرجت بطاقتها ووضعتها أمامه، ليعقد مراد حاجبيه، ويسأل في استنكار وهو يمسك بها
: إيه دة؟
: بطاقتي!
ردت ببساطة، ليقول: أيوة منا عارف انها بطاقتك، فين باقي ورقك؟
: ورق إيه؟
سألت ليهتف في حنق: المؤهل الدراسي، وشهادة ميلادك، ولا حضرتك فاكرة نفسك هتشتغلي من غير اثباتات زي ما عملتيها قبل كدة؟
رمقها بنظرة باترة، وهو يقصد حديثه ليسمعها تقول بلا اهتمام
: مشي حالك بالبطاقة لغاية لما ربنا يسهلها
ليصيح: نعم؟؟؟
فتلجلجت نبرتها: مهو أنا مش معايا أي حاجة غيرها دلوقتي!
زفر بضجر، ليرجع ببصره لـ نانسي وهو يقلب بملفها
: شهاداتك كلها ممتازة، دة غير إن عندك خبرة ف مجال الإدارة، براڤو
أردف بإعجاب لتبتسم نانسي: ميرسي يا مراد
رفعت فريدة شفتها وهي تنظر لهما في ضيق وانزعاج، فتنتبه عليها نانسي، فتسمع مراد يردف بعد أن أغلق الملف
: طيب يا نانسي، استني الرد احنا هنعلن عن المقبولين بعد أسبوع
هزت رأسها ثم نهضت لكي تهم بالذهاب لتقول بنبرة ناعمة
: هستنى مكالمة منك شخصيًا يا مراد .. باي
خطفت فريدة بنظرة ماكرة قبل أن تغادر، جعلتها تكتظ ع أسنانها باغتياظ شديد، فتهمس
: جاتك ستين نايبة
حمحم مراد لتنتبه له بفزع، ثم قال: وانتي بقا، عندك إيه يخليكي مؤهلة للشغل عندي؟
شعرت بنبرته التي ترجمتها على أنها ساخرة، ثم قالت بثقة
: أنا أصلاً كلي مميزات، بدليل إنك سفحت أكلي من غير ما تحس، وكمان شغلتني عندك!
: أه دة ف الطبيخ حضرتك، لكن أنا بتكلم عن الشغل ف الشركة!
رد بحنق فقالت: مش هتفرق كتير، وبعدين انت عارف أنا معنديش شهادات عالية، ولا حتى اشتغلت قبل كدة عشان يبقى عندي شهادات خبرة!
قالت باختناق ثم أشاحت بوجهها بعيدًا، ليترقب مراد حركتها قبل أن يردف
: ابقي جيبي شهادة الدبلوم بتاعتك وشهادة ميلادك الأصلية المرة الجاية
عاد برأسها نحوه وهي تسأل في اندهاش: يعني خلاص هشتغل؟
ليرد بعد أن حمحم: مش بالظبط كدة، احنا لسة مخترناش حد، جهزيهم وخلاص
همست من تحت أسنانها: أبو شكلك يا شيخ، دايماً حابطني
ليهتف متسائلًا بصوت جهوري أرجف قلبها: بتبرطمي بتقول إيه؟
: أنا؟ ولا حاجة
همست وهي تتفادى النظر لمقلتيه، ثم قال: طب روحي خلاص

 

 

 

 

 

نهضت باندفاع وتحركت لتترجل من المكتب بحنق وهي تتمتم ببعض السباب له
__________
تقطع الغرفة ذهابًا وإيابًا دون هوادة، وهي تفرك راحتي يدها ببعضهما بتوتر شديد، تتخبط الأفكار بعقلها ولا تدري كيف ستتمكن من الوصول لتلك المستندات اللـ*عينة، مراد بغرفته ولن تستطيع أن تفتش بين أغراضه بوجوده في البيت،
حتى وإن فعلت بالتأكيد سيكتشف الأمر، فهو ليديه سرعة بديهية، ويتذكر آخر شكل لـ ترتيب أغراضه إن وجد شيئًا ليس بمكانه الصحيح، سيذهب كل شئ سدى وسيفضح أمرها!
ماذا ستفعل يجب أن تجد طريقة لا تترك بها أثرًا للجر*يمة .. هل تتصل بـ فريدة تسألها عن طريقة دخول عر*ين هذا الأ*سد؟ أم تحاول أولًا ثم تلجأ أليها لاحقًا؟!
توقفت عن التحرك ثم خرجت من غرفتها في طريقها نحو غرفة مراد، لتقف أمام الباب، ثم تتنهد بقوة قبل أن تضغط ع المقبض ببطء وهدوء شديد حتى لا يشعر بها، فتسمعه يتحدث عبر الهاتف وهو يقف بالقرب من فراشه ويعطي ظهره للباب..
: يابني كنت مشغول جدًا وملحقتش أجيلك … مش هينفع أبعتلك الملفات دي مع أي حد يا شامي، قولتلك ناس كبيرة متو*رطة في الموضوع وأنا متأكد ان الناس دي بتبعت ورايا أو ممكن معتز يكون مراقب تحركاتي … لا متخافش عليا هحاول النهاردة أجيلك … تمام، مع السلامة
أغلق الهاتف ثم نهضت نيرة بجذعها وهي تهمس بعقلها “أكيد كان بيتكلم عن المستندات بتاعة معتز، وكلم تميم صاحبه عشان يسلمها زي ما قاللي”
ثم ع حين غفلة مراد يفتح الباب ويراها أمامه فيرتعد قلبها باضطراب
: نيرة! بتعملي ايه قدام باب اوضتي؟
سألها متعجبًا لترد بلجلجة وتلعثم
: مـ..مفيش، ک..کنت جايالك عشان أسألك عملت إيه مع فريدة بخصوص الشغل؟
ملأ صدره بالهواء ثم زفره ودلف للداخل لتسأل مجددًا
: إيه يا مراد، مالك؟ هو انت مش عايزها تشتغل معانا؟
ليلتفت لها: أنا مقولتش كدة
هزت برأسها وهي تشبك ذراعيها حول صدرها وهي تقول
: يبقى أكيد بخصوص إنها مش متعلمة زي نانسي تعليم عالي !!
جعد جبينه بتجهم ثم أردف مستنكرًا: معقول يا نيرة انتي بتفكري فيا بالشكل دة؟ طب ما أنا كنت ظابط شرطة ومسكت شغل أبويا وجدي !!
مسدت ع ذراعه: متزعلش مني، بس مش عايزاك تكسر بخاطرها، وبعدين انت عايز حد بتثق فيه يشتغل سكرتير، وهي قد الثقة دي !
: ومين قالك إني بثق فيها!!
اندفع قائلًا فجأة لتعقد ما بين حاجبيها وتسأل
: يعني إيه؟
: يعني احتمال كبير نانسي هي اللي تبقى سكرتيرة
قال وهو يتجنب النظر لها، فسمعها تقول بنبرة جاهدت أن تجعلها خالية من الغيظ
: خلاص انت حر، ف الأول والآخر دي شركتك انت، هروح أنام أنا بقا عشان تعبانة
أمست عليه وقبلته ثم استدارت مغادرة، ليتعجب هو من موافقتها على كلامه فدائمًا تعترض أو تحاول إقناعه خصوصًا لو الأمر يتعلق بفريدة، زاد الأمر من شكوكه .. عاد لفراشه واستلقى عليه، ليلفت انتباهه بطاقة تقع على المنضدة بجانب السرير ..
أمسك بها لتقع عينيه على اسم فريدة، فهي قد نسيتها معه حينما كانت في مكتبه تتقدم للوظيفة.. تذكر جملتها “مشي حالك بالبطاقة لغاية ما ربنا يسهلها”
ليضحك بصوت مسموع، تلك الحمقاء ستتقدم لعمل ببطاقة هوية فقط! لا يدري من أين خرجت له! أرجعها مكانها ثم سحب الغطاء عليه واستلقى على ظهره وأغلق جفنيه ليغطو في نوم هادئ.
________
يجلس على طاولة الطعام عز الدين وعائلته الصغيرة يتناولون وجبة الإفطار سويًا، فريدة تنقل نظراتها لوالدها بين حين وآخر كأنها تود قول شئ، تنهدت بهدوء لتستجمع جرئتها لتقول..
: بابا
رفع ببصره لها: نعم يا حبيبتي!!
: أنا قدمت ف شركة مراد الحديدي !
قالت بتلقائية دون مقدمات، ليلقي معتز الملعقة من يده بتذمر
: بتقولي إيه يا فريدة؟ انتي اتجننتي؟ مين سمحلك تعملي كدة من ورايا؟
صاح بوجه عابس، لترد بتردد
: نـيرة
ما أن سمع اسمها ارتخت تشنجات وجهه ثم عاد لإستكمال طعامه دون أن يتفوه، لتتعجب فريدة
: إيه يا بابا مردتش عليا!
: اعملي اللي انتي عاوزاه، انتي كبرتي ومبقتش محتاجة رأيي ف حاجة!
تطلع عليها بطرف عينه ثم قالت الجدة
: كلام إيه دة عز، حسك ف الدنيا يابني، اكيد فريدة متقصدش
لحقتها فريدة قائلة بنبرة معتذرة: أنا آسفة يا بابا
لتنهض بسرعة وتحتضن رأسه فتهمس: والله ما أقصد، كل الحكاية إن نيرو فاجئتني وخدتني على مكتب مراد واضطريت أوافق عشان مزعلهاش، اقسم بالله دة كل اللي حصل!
قالت بصدق ليمسك بمعصمها ويجلسها بجواره: خلاص انا مصدقك، اهدي
: لو حضرتك مضايق، أنا هقولها اني مش حابة أشتغل وأكيد هي هتقدر الموقف
قالت وهي تشعر بالاستياء من نفسها كونها بدأت مؤخرًا بفعل حماقات ليس معتادة عليها، وكل هذا بسبب ذلك المتعنت الغبي.
ليردف عز: لو عملتي كدة وقولتي لنيرة مش هتشتغلي عندها، هتزعل .. ف انتي روحي وربنا معاكي
احتضنته بقوة بعدما نمت ابتسامة عريضة تعبر عن مدى سعادتها البالغة كونها تأكدت أن أبيها يستطيع فعل أي شئ من أجل إرضاء محبوبته الأولى
__________
يقف خلف سطح مكتبه وهو يقوم بالتقليب في المستندات ويتحدث عبر الهاتف..
: أنا هجيلك دلوقتي يا شامي والورق معايا
رد بمداعبة: مستنيك يا عمري

 

 

 

 

ثم أغلق مراد الهاتف وكاد أن يأخذ الملف ويخرج، ليدلف عماد عنده ويردف
: مراد باشا، في جماعة من شركة المنصور للتأمين مستنين حضرتك ف الريسبشن
بتذكر: أه صح دة انا نسيت خالص إنهم واخدين معاد بخصوص المكتب اللي اتحر*ق
تحرك من خلف المكتب وقال: تعالى نشوفهم، وبعد كدة ألحق مشواري
خرج مراد مع عماد وترك المستند ملقى فوق سطح المكتب .. كانت نيرة مترجلة من مكتبها في طريقها نحو مكتب مراد وهي حاسمة أمرها أن تخبره بما أعلمها به معتز كونها لم تستطع أن تجد المستند ..
تتحرك وهي تقدم خطوة وتؤخر الأخرى إلى أن وصلت أمام الباب، تنهدت بعمق ثم فتحت الباب الجرار، ودلفت فلم تجد مراد يجلس على المكتب تحركت نحو المرحاض ظنًا منها أنه بداخله، طرقت عدة طرقات وهي تقول
: مراد انت جوة؟
لم يأتها رده فرفعت كتفيها بيأس، ثم استدارت لكي تخرج لكن فجأة وقعت عينيها على ملف فوق سطح المكتب، فتقدمت منه بسرعة، وقلبت به حتى علمت أنه ملف معتز، تطلعت أمامها وصوت في عقلها يحرضها على أخذه والهرب من هنا فورًا، وصوت آخر يمنعها..
تضارب بين أفكارها المشوشة، لكن أخذت نفسًا مضطربًا وأغلقت الملف فورًا وحملته بين كفتيها المرتجفتين وخرجت به في عجلة مقررة إعطاءه لمعتز بعد أن تغلب عليها الشيطا*ن وصور لها أن ما ستفعله هو الصواب.
________
انتهى مراد من مقابلته السريعة مع مندوبين شركة التأمين، ثم نهض سريعًا وصعد السُلم لكي يأتي بالأوراق ويذهب لمقابلة تميم..
وصلت أمام مكتبه كي تعطيه الشهادات التي طلبها منها من أجل العمل، وما أن دخلت لم تجده .. خرجت مرة أخرى وهي متوجهة في طريق عكسي لمكتب نيرة كي تخبرها بما قاله والدها وخوفه على استيائها، بالتأكيد ستفرح،
هرولت بسرعة بينما مراد كان قد وصل ورءاها وهي تركض حاملة ملفًا قطب جبينه وهو يتساءل بداخله عن عجلتها،
لم يهتم فدلف للداخل لكنه تفاجأ باختفاء المستند من فوق المكتب .. تجهم وجهه وتذكر فريدة وهي تخرج من مكتبه جريًا تمسك بيديها المستند، اكفهرت ملامحه ومقلتيه أصبحا كالجـ ـمر المشتعل……………..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *