روايات

رواية بسمة الفصل الثالث 3 بقلم شهد ياسر

رواية بسمة الفصل الثالث 3 بقلم شهد ياسر

رواية بسمة البارت الثالث

رواية بسمة الجزء الثالث

رواية بسمة الفصل الثالث 3 بقلم شهد ياسر
رواية بسمة الفصل الثالث 3 بقلم شهد ياسر

رواية بسمة الحلقة الثالثة

نوفمبر ٢٠
كتبت في مذكراتها
“الوحدة وحشة، دي حاجة محدش يقدر يختلف عليها لاكن الناس اوحش..”
اغلقت مذكراتها ووضعتها بجانبها ثم نظرت الي البحر واحست بهوائِه وهو يرططم بوجهها هو وخُصل شعرها المجعد المسمي بال “كيرلي” تغلق عيناها وهي تشعر بنسمات هواء البحر التي تحمل رائحة البحر.
تظل علي هذا الوضع للقليل من الوقت ثم تشعر بأنفاس احد غريب بجانبها لتفتح عينها الخضراء كأوراق الشجر وتجد انها فتاة في سن المراهقة تقف امامها وهي ترتجف من الخوف وتحمل حقيبة يدها
-ا..انا واللَّه م..مش حرامية بس انا جعانه ومكلتش حاجه بقالي ٣ ايام ا..ارجوكِ سامحيني ومتودينيش القسم ارجوكِ .
مَريم (بهدوء ) : طيب ممكن بعد اذنك تديني شنطتي؟
مدت الفتاة يدها لمَريم بالحقيبة وهي ترتجف واخذتها مَريم و اخرجت بعض النقود ثم مدت يدها للفتاة بهذه النقود.
مَريم : دول ١٠٠٠ جنيه ، ٥٠٠ منهم تجيبي بيهم بضاعة وتبيعيها زي حلويات مثلاً او اشتري رويات كتير وبيعيها و ال ٥٠٠ الباقيه تجيبي اكل بيها علي مدار الايام الي مش هيبقالك فيها رزق زي النهاردة كده ومن بكرة تبدأي مشروعك الصغير وفأي يوم ميبقاش ليكي رزق فيه و …انتِ عندك بيت تعيشي فيه ولا لا؟
نظرت الفتاة الي البحر بعيون دامعة
-انا عندي بيت وكان عندي عيلة
صمتت لتتابع
-كان..كان عندي اب بيخاف عليا ومش مخليني محتاجة حاجة..وكان عندي ام حنية الدنيا كلها فيها
ابتسمت ثم تابعت
-طبعا كانت بتدعي عليا انا واخواتي بس عُمرها ما اتمنت دا يحصل فعلاً..و اخوات صغيرين طبعا اشقية، انتِ عارفه انا بابا وماما وحشوني اوي حتي اخواتي الي كانوا دايماً قارفني فحياتي بس .. بعد ما ماتو ادركت ان وجودهم وقرفهم ليا كان نعمة من عند ربنا عرفتها بعدم وجودهم دلوقتي.
قالت هذه الكلمات ثم لم تستطع تمالك نفسها اكثر من ذلك وعلا صوت بكائها لتنهض مَريم وتحتضنها وبعد فترة تهدأ الفتاة وتنظر لها بعيونها الباكية وتردف وتقول
-انا آسفة بجد..انا آسفة اني دوشت حضرتك آسفة بجد.
مَريم (بهدوء) : انتِ مدوشتنيش خالص .. انتِ عارفة طب اني معنديش حد يكلمني خالص؟ صدقيني لو مُت محدش هيعرف…المهم دلوقتي الي فهمته انك عندك بيت بس يعني اهلك متوفيين .. صح؟
-صح.
مَريم : انتِ اسمك ايه الاول بس؟
آيه : اسمي آيه.
مَريم (بأبتسامة) : اسمك جميل اوي يا آيه.
آيه وقد بدأت تبتسم
-انتِ عارفة؟ بابا كان دايماً بيقولي اني آيه من ربنا له..آيه بيحمد ربنا كل يوم انها فحياته وان ربنا رزقه بيها
بدأت دموعها تسقط مرة آخري لتسرع وتمسح دموعها
-يلا ربنا يرحمه.
مَريم : ربنا يرحمه يارب..المهم بقا يلا روحي علي بيتك عشان الوقت بدا يتأخر وانتِ لسه صغنتوتة فمينفعش تفضلي برا بيتك لحد الوقت دا.
آيه : مينفعش.
مَريم(بتساؤل) : ليه؟

 

 

آيه : لأني بعد ما بابا و ماما واخواتي توفوا عيشت مع عمي ومرات عمي وولاده وكانو بيعاملوني اسوء معاملة كانوا بيعاملوني كأني خدامتهم اكنس وامسح واعمل الأكل واجيب طلبات البيت ومع ذلك كنت دايماً بتهان وبتضرب وبتشتم و حتي اللقمة كانوا بيفضلوا يعايروني بيها واد ايه هما طيبين عشان بيأكلوني ويشربوني ويعلموني وناسيين انهم معاهم ميراثي من بابا وماما ودا اللي مفروض يصرفوا عليا منه لحد ما اكبر واخد اللي باقي لو فيه باقي بس لا هما كانو مقتنعين انه حقهم وانه عادي جداً ميصرفوش عليا منه ويصرفوا علي عيالهم وطبعا و لأنه للاسف “الواصي” عليا عشان انا لسه قاصرة كان اي حاجة مش عجباه بيمنعني منها ومقدرش اتكلم لانه “الواصي” حتي قعدوني من المدرسه ودي حاجة كانت معروفة من قبل ما يعملوها وباينة جداً انها هتحصل من معاملتهم بس وانا آخرة ما زهقت هربت من السجن الي كنت عايشة فيه وبقيت فالشارع امد ايدي للي رايح واللي جي عشان افضل عايشة بس.
انصدمت مَريم مما روته عليها آيه فهي تري ذلك في الأفلام السينمائية فقط لم تتصور ان ذلك يحدث فالحقيقة وليس افلاماً وقصص خيالية فقط.
مَريم (بصدمة) : انا كنت عارفة ان الناس وحشة بس متصورتش انهم وحشين للدرجادي! لدرجه انهم ياكلوا حق يتيمة ملهاش فالدنيا غيرهم..و بعدين دا انتِ بنت اخوه يعني من لحمه ودمه ازاي يعمل كده؟ ازاي ياكل حقك؟ ازاي يعاملك بالطريقة دي هو ومراته؟ انا بجد مش مصدقة ان في ناس بالبشاعة دي ..اسمعي انتِ هتيجي تقعدي معايا فالبيت انا كمان مليش حد ويتيمة زيك ، الفرق الوحيد اني معرفش اهلي فين .. اتربيت فملجأ ولما كبرت اشتغلت فكذا حاجة لحد ما جبت شقة تمليك بعد ما كنت بعيش في ايجار واخاف ان اخر الشهر ميبقاش معايا فلوس وابقا فالشارع بس ربنا كان معايا ووفقني واشتغلت فشركة كبيرة وجبت الشقة.
آيه : بس انا مش عايزة ابقا عبئ عليكي يا مَريم
مَريم (بأبتسامة) : مش هتبقي عبئ .. انتِ هتبقي اختي الصغيرة حد يبقي عنده اخت صغيرة ويقول عليها عبئ؟
هزت آيه رأسها تنفي كلامها بأبتسامة
مَريم (بأبتسامة) : طب يلا بقا نروح؟
آيه(بأبتسامة) : يلا.
غادروا الشاطئ ليصلوا بعد فترة قصيرة الي منزل مريم
وتدخل آية اولاً لتنبهر بالشقة الاكثر من رائعه وديكوراتها “السيمبل” التي تعجب كل من يراها
آيه (بإعجاب) : الله شقِتك حلوه اوي.
مَريم (بأبتسامة) : انتِ احلي يا ايوش..مش جعانة؟
آيه : جعانة اوي بصراحة.
مَريم : طب يلا نعمل مكرونة وبانيه عشان بصراحة انا بحبها.
آيه(بضحك) : يلا
مرت الايام واصبحت آيه صديقة واخت صغري لمَريم وتقربا كثيراً لبعضهما .
آيه : انا معايا الشايب يبقا انا اللي اقش.
مَريم (بضحك) : حظك انهارده جامد ما شاء الله طبعاً.
قطع حديثهما الطريف مع بعضهم صوت جرس الباب
آيه : خليكِ انا الي هقوم افتح.
نهضت وذهبت لفتح الباب لتجد شاباً في الثلاثينات من عُمره يقف بشموخ امامها وهو يضع يديه الاثنين في جيوب بنطاله
-مَريم موجودة؟
آيه : ايوه اقولها مين؟
-قوليلها س…
مَريم : مين يا آيه.
ما أن رأته حتي ظهر العبوس علي وجهها لتردف وهي تقول
-آيه لو سمحتي ادخلِ جوه.
آيه(بأستغراب) : حاضر
عادت آيه الي الداخل لتقف مَريم امام الشاب بثبات
مَريم (بجمود) : نعم يا سيف عايز ايه؟
سيف : وحشتيني.
مَريم ولا زال الجمود يتملك منها
-عايز ايه قولت؟
غير سيف تعابير وجهه بمكر ليرسم علي وجهه تعابير الحب
– بقولك وحشتيني ايه يا شيخه بقا مش ناويه ترجعي لحبيبك؟
مَريم : لا مش ناويه ويلا بقا اتفضل امشي عشان وقفتك معايا دي متنفعش.
ازاح سيف مَريم من طريقه واتجه ليجلس علي احدي كراسي الانتريه
سيف (بأستفزاز) : طيب يا ستي اهو قعدت اهو طلاما الوقفة معاكي متنفعش..ها هترجعي بيتِك امتي؟
مَريم (بأنفعال بسيط) : مش راجعة بيتك ، بقا بعد ما طلعت من البيت القذ-ر دا ارجعله تاني! اهو ابعد عنه وعن الناس القذ-ره الي عايشه فيه.
نهض سيف و امسك بشعر مَريم بغضب
– لمي لسانك يا رو-ح امك انا لحد دلوقتي بتعامل كويس معاكِ وسايبك بمزاجي لكن اقسم بالله ما هسيبك كده تاني..وبعدين انتِ بتتكلمي بثقة كده ازاي؟ دا انتِ واحدة منعرفلهاش اصل من فصل ، دا انا لميتك من الشوارع بعد ما طلعتي من الملجأ و سافرتي دا انتِ كنتِ قاعدة فسكن الجامعة .. فوقي كده ومتنسيش نفسك ها متنسيش نفسك.
تركها وغادر لتقع مَريم علي الارض وهي تبكي بقهر اهذا التي احبته ؟ اهذا الذي وضعت كل ثقتها به ؟
اخذت تبكي وكلما تبكي صوت شهقاتها يعلو حتي اتت آيه من الداخل علي صوت شهقاتها المرتفع.
آيه(بفزع) : مالك يا مَر…
لم تكمل حتي احتضنتها مَريم وهي تبكي بصوت مرتفع مع شهقاتها التي تتزايد .
آيه وفزعها يزيد كلما بكت مَريم
-اهدي بس بسم الله الرحمن الرحيم ، عملك اي عمو الي كان هنا دا !
لما تقول مَريم شيئاً فهي فالحقيقة لا تسمعها فهي شاردة في تذكر ما حدث فالماضي وهي تبكِ و لم تفق من شرودها إلا علي صوت آيه.
آيه : مَريم.
مَريم : نعم.
قالت بعد ان توقفت اخيراً عن البكاء والنحيب
آيه : في ايه مالك.
مَريم : مفيش حاجة سرحت شوية بس.
آيه: اومال بتعيطي ليه؟
مَريم : مفيش افتكرت حاجه زعلتني بس .. انا هنزل اتمشي حبة.
غادرت مَريم تاركة آيه في حيرة من امرها ومر يومان وكانت مَريم علي غير عادتها صامتة تقريباً معظم الوقت ولا تضحك مع آيه او تقول لها نكاتها التي لا تعلم آيه من اين تاتي بهم الا أن يوم قررت ان تعلم لما اصبحت هكذا من بعد زيارة هذا الشاب لهم .
آيه : مَريم
ابتسمت مَريم ابتسامة باهته يعلم اي احد يراها ان بها شيئاً تُخفيه.
– نعم يا آيه محتاجة حاجة يا حبيبتي ؟
آيه : ايوة.
مَريم : محتاجة ايه وانا اجبهولك؟
آيه : هي حاجة مش بتتجاب ابداً ، انا محتاجة بس اعرف انتِ متغيرة ليه من ساعة ما عمو دا جه؟
تنهدت مَريم بحزن وحيرة واخذت تفكر اتخبرها ام لا حتي استقرت علي ان تخبرها.
– هحكيلك كل حاجة.
عادت مَريم بذاكرتها قليلاً فقط ٥ سنوات حين خرجت من دار الرعاية التي كانت به.
______________________________
نوفمبر ٢٠١٦
مَريم : مع السلامة يا دادة كريمة هتوحشيني اوي واللَّه.
دادة كريمة(ببكاء) : خلي بالك من نفسك يا مَريم يا بنتِ و كُلي كويس يا ضنايا واتغطي كويس ها .. والنبي انا ما عارفة انتِ هتعيشي لوحدك ازاي فالغربي دي انا متأكدة انك هتمرضي دايما بسبب نومك ده انا من وانتِ صغيرة كنت كل ليلة الف اتطمن عليكوا وكان لازم كل يوم الاقيكي زقة الغطا .
ضحكت مَريم ثم قالت
-طيب يا ستي لو علي الغطا هخلي بالي وافضل كل شويه اصحي اتمم اني متغطية.
وضعت دادة كريمة يد علي كتف مَريم واليد الاخري تمسح بها دموعها وقالت
-خلي بالك من نفسك يا بنتِ ومتفوتيش فرض يا مَريم يا حبيبتي يلا روحي الحقي طيارتك بدل ما تفوتك وتروح عليكي المنحة.
مَريم : حاضر يا دادة يلا اشوف وشك بخير لا اله الا اللَّه.
داده كريمة : محمد رسول اللَّه يا حبيبتي.
ذهبت مَريم في طريقها الي المطار ووصلت بعد نصف ساعة وجلست تنتظر طائرتها وبعد ان سافرت الولايات المتحدة الامريكية ب٦ اشهر .
– watch out .
كان هذا صوت مَريم بعد ان كاد احد المارين ان يرتطم بها ويسكب عليها قهوته.
=oh I’m so sorry,I was looking in my phone so I didn’t see you.
مَريم : it’s okay just be careful next time تبقا خد بالك يا اعمي بعد كده
ضحك المار وقال لها
=انا مصري علي فكرة وفاهم انتِ بتقولي ايه
صدمت مَريم وقالت له
-(بإحراج) انا اسفة بجد مكنتش اقصد.
ابتسم الشخص ابتسامة جذابة واردف وقال
=ولا يهمك ، انا سيف وانتِ
مَريم : اسمي مريم.
سيف: اتشرفت بمعرفتك يا مَريم ..تيجي نشرب قهوة بقا فأي كافيه بما اننا اتنين مصريين وفغربة وكده
ظلت تفكر للحظات ثم اومئت بالقبول وعلي وجهها البرئ اعتلت ابتسامتها وهي لا تعلم ما ينتظرها..
مرت ٦ اشهر اقترب سيف و مَريم من بعضهم البعض و في يوم طلب سيف من مَريم ان يتزوجها ووافقت مَريم.
_____________________________
“عودة الي الحاضر”
مَريم (بدموع) : اتجوزته وعشنا فأمريكا .. قعدنا شهر.. واتنين ومع كل شهر كان بيتغير وكان سعات بيجيله مكالمات كان بيبعد عني ويقعد فمكان لوحده ..كنت بستغرب بس محطتش فبالي لحد ما فيوم قالي نرجع مصر..انا مكنتش لسه خلصت تعليمي هناك مرضاش اكمل وصمم ننزل علي مصر و طلع فالاخر عامل شبكة دعا-رة فمصر وحاول كذا مرى يضمني للبنات الي فيها وكنت دايماً برفض لحد ما خلصت منه و خلعته ومن ساعتها وهو بيحاول يرجعلي بس مش كسيف الجنتل مان الي اتعرفت عليه لا كسيف الالفي اكبر قوا-د فمصر .
انتهت من قصها الذي حدث بالماضي علي آيه واجهشت بالبكاء..
اخذتها آيه بين ضلوعها وكأنها تحاول ان تعوضها علي هذه الصدمة التي اخذتها من اول شخص وثقت به ، ظلت تبكي مَريم حتي غلبها النعاس وهي بين احضانها .
مر اسبوعان علي عدم مجيئ ذلك النذ-ل مرة آخري ولكن في يوم ٢٩/١١/٢٠٢١ اليوم الذي كان من اسوء الايام التي مرت علي آيه بعد اليوم الذي توفي فيه والديها ، في هذا اليوم ذهب سيف الي مَريم وهو ينوي كل شر اما ان يأخذها معه الي عالمه الق-ذر او يقتلها وينقلها الي السماء..
طرق الباب بعنف ليزعر كلً من مَريم وآيه وذهبت آيه لتفتح الباب وتجد انه سيف يدفعها بعنف لتقع ارضاً ويذهب هو بأتجاه مَريم ويشدها من شعرها بغضب
سيف : اسمعي بقي يا زبا-لة انتِ يا تيجي معايا دلوقتي بهدوء يأما اقسم بالله ادفنك مكانك ومش هيهمني حد.
مَريم (ببكاء ووجع) : خ..خلاص سبني طب سبني .
عضت مَريم يده وركضت الي المطبخ وامسكت بسكين في يدها وحاولت ان تطعنه وبعد ثواني سمعت آيه صوت واحداً منهم يتألم ويأتي من المطبخ.
————————————–
“بعد خمس سنين”
تجلس فتاة في العشرين من عمرها امام قبر احد المتوفيين وتبكي.
آيه : وحشتيني اوي يا مَريم..فات خمس سنين علي موتك من بعد ما الق-ذر سيف طعنك بالسكينة وانتِ بتحاولي تدافعي عن نفسك بس متخافيش ربنا جبلك حقك والبوليس قبض عليه وحكموا عليه بالاعدام بعدك.. انا دخلت كلية طب وبقيت دكتورة زي ما كنت بقولك..بس انتِ فين تشاركيني فرحتي ياريتني كنت انا الي مت وانتِ لا .
صمتت لتبكي اكثر فأكثر ثم نهضت بعد ان وضعت باقه من الورود علي قبرها ومشت بخطوات بطيئة ناحية باب المدفن وهي تمسح دموعها وتلف رقبتها وتنظر الي قبرها وتبتسم.

اترك رد

error: Content is protected !!