روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الرابع والأربعون
رواية أترصد عشقك الجزء الرابع والأربعون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة الرابعة والأربعون

سمع مقولات كثيرة عن جرح العاشقين
لكن أن يختبره!!
نحره من الوريد للوريد…
أن تري أخطائك تتجسد أمام شخص جرحته فى فورة غضبك، وجنونك
وتكتشف مدى غباء عقلك
وجنون غيرتك، لا داعي لها
بل كانت تحتاج الى تهذيب .. تهذيب خاص لم يكن يملكه!!
لطالما كان متفاخرًا برجولته الحارة، وكيف لا وهو بالنسبة لمجتمعه الغربي بركان ثائر تجاه المقربين، لم تكن لديه امرأة عزيزة سوى والدته، والباقي سواء
حتى جاءت هي
اقتحمت مداره، جذبته من سهام عينيها
لتسقطه صريعًا في حبائلها…
سقط
وكانت أجمل سقطة عاشها فى حياته
قبل أن يفق على غياهب ظلماته وأكثرهم وحشة!!
مقيد بسلاسل العجز، ومحكوم عليه بحكم مؤبد لعمي البصر والبصيرة .. ينقاد خلف الرجال الأشداء
وانفه تشم رائحة العفن فى المكان الذى جر إليه بعدم أدمية من منزل عائلته..
إن كان من جميع الهذيان الذى مر به منذ الصباح حتي الآن، فهو شئ واحد فقط.. أنه يتمني من أعماق قلبه أن يكون ذلك النجس لقى حتفه!!
منذ خروجه من مشفى شادية واخر اعترافاتها القاتلة، التي تفننت بقتله بدم بارد كنت تفنن هو فى لحظات جنونه، وأكثر اللحظات ضعفًا لرجولته..
شهر تجنب بها كل شئ، أخذ الحقير من منزل عائلته وجره إلى منفى آخر
حيث هو والنجس.. وشياطين معربدة تتقاتل للسفك
تجردت آدميته، وظهر وحش كامن يناضل من أجل المحافظة على امرأة أعجبته فى البداية..قبل أن يعلم الآن أنها تسير في مجرى عروقه…!!
شهر والنجس يتفنن فى إظهار أسوأ ما به،
يحدثه عن تفاصيل جسدها الذي أجج رجولته وجعلته يستبيح جسدها تحت رابط شرعي، يخبره أنها لم تأمنه ولا محاولاته الحثيثة للاقتراب
وقد صدته مرارًا، وكم هذا زاد فى ذكوريته للحصول عليها بأقرب وقت ممكن!!!
ذكر له مفاتنها السابقة التي لم يقدر على نسيانه حتى بعد زواجه من أخرى، معطيًا له أدق وصف لكل أنش فى جسدها..
يهذي له عن ليلة حمراء، تشبع بأنوثتها.. حتى زوجته الباردة .. معذرة!!
طليقته الباردة..لم تستطيع أن تصل إلي دفء عاطفتها كما فعلت هي فى ذلك اليوم!!
أخبره أنها استسلمت بوداعة، والقذر لم يخبره أنه خدرها، واغتصبها بوحشية بما يسمى رباط الزوجية!!!
أتعلمون أي تخبط يعيش به هو؟!، أي قذارة هو إرتكبها، ليتبع هو خطاه كالأحمق الذي يدافع عن شرفه!!
رغم عظم جرمته، لكن ما أن وضع الخاتم فى بنصرها حتي أعتبرها ملكيته، هكذا العرف فى عائلته
الرجل الذي يظفر بوضع خاتمه ببنصر امرأته، تصبح ملكية قلبه وزوجته..
انتبه من فوره شروده، وأحزانه صوت باب حديدي ثقيل يفتح ليدفعه رجل ذو بأس شديد تجاه الغرفة، وقد إزداد رائحة عفن الغرفة!!
تخبط بدون هدي، والقماش السوداء التي يغطو بها عينيه جعلته يقتبس ضوء شحيح فى أقصي الغرفة!!
أرهف أذنيه السمع وقلبه يزداد يقينا، أن ما يحدث له مجرة حالة إختطاف أو رد الصاع!!!
ابتسم بأسي وعينيه تهبط للأسفل ليقف متصلبًا بجسده ليشعر بدفعة غليظة جلبت بجسده الهوان .. ليسقط أرضًا
بقدر حالة الذل يعيشه والقهر، بقدر ضعفه وقلة حيلته، لأنه في يوم واحد خسر زوجته وأمه
أمه التي استمعت إلى حديث فى جنح الليل، ظنه مقدسًابين طرفي عاشقون .. لكنه اكتشف بالنهاية أن أحدهم استرق السمع بطريقة عارضة!!
خيم ظل أسود منع الضوء الشحيح لينير ظلمات دربه، ليأتي صوت أجش غليظ
-جبناه يا باشا
صمت لف الجميع إلا من صوت رجل عجوز طويل القامة، انحني ليرفع غطاء الرأس عن سرمد لتتقابل عينيه النجلاوين بأخري سوداء كالهوة السحيقة
هبط العجوز المدعو براضي، وثيابه الثمينة علامة لمدي ثراء الرجل ومدى نفوذه
ضحكة قميئة تزينت شفتي الرجل، وملامحه الهرمة ذكرته بملامح الآخر النجس، ليقول راضي بنبرة حادة
-هو انت بقي اللي عامل الرعب
انفجر بعدها راضي فى سلسلة من قهقهات مرتفعة، تثير الرعب فى الأبدان، والرجفة فى يعني قلوب الرجل
إلاه
الخوف غريزة تتغذى على كل شخص يهتم به
فما بالك بشخص ميت ؟!!

 

 

رفع سرمد عينيه نحوه وروح من الشموخ والهيبه ما زالت موجودة فى عينيه، قرأها راضي بسهولة.. ليتعود له بما يكسر رجال مثله..
ربما الخطة تبدو درامية قليلاً ليجذب انتباهه…
يتظاهر بموت ابنه.. وبنفوذه يأتي برجال شرطة حقيقيين، طالبهم فقط بإجراء مشهد تمثيلي .. ومقابل هذا العمل .. ملايين دفعها فى جيوبهم..
من السهل قتله، لكن من الصعب كسره
وهو يريد كسر أنفه.. وكل أنف تحاول أن تطول إسم عائلة حافظ علي لمعانها الخادع أمام واجهة المجتمع..
لم يمنع نفسه سوى السخرية منه ليهتف بمكر
-ابني وكنت بقول عليه غبي، لأنه بيمشي زي المسعور ورا واحدة، بس اكتشفت انه مش بس ابني مجنون عليها، انت كمان
يستخدم أسلوب الاستفزاز في الحديث، وقد رأى الشعلة المتقدة فى هوة سحيق عينيه
وجسده يتحفز على الانقضاض عليه، لولا مداركة حارسه الشخصي لتكبيل جسده… لكن كل هذا لم يشفي غليله
أو محاولته لكسر أنفه.. كما كسر أنف فرد من عائلته
أساليبه الملتوية فى الأخذ بالحق، جعله ملقب بالسفـاح
لأن أساليبه متفردة فى الأخذ بالحق، دون أن يهدر دم واحد أمام أعداءه
قال بسخرية وهو يحدث رجاله
-ماله ده أخرس ولا ايه
تبرع أحدًا منهما ليجيبه بنبرة غليظة
-بيتكلم يا باشا
هم الرجل بلكمه إلا أن راضي ألجم جنونه ليقول بنبرة ساخرة
-مش دلوقتي، احنا برضو مش عايزين نطلع **** قدام الضيوف، لازم ياخد كرم ضيافة لمدة تلات أيام
ابتسم الرجل بشماتة تجاه سرمد الذي ينقل بصره بينهم بلا مبالاة
كأنهما يحدثان عن رجل آخر سيوف يلاقي الويل من ما جرمت يداه، ليهمس بصوت أجش وعينيه ترتفع لتحدق بعيني كبيرهم بتحدي وروح كبرياء
-متل مادورت علييي واخدتني، ببساطة فيك تدور عابنك وتلائيه
لكنته الشامية الثقيلة و الركيكة بعض الشئ ميزها جميع من فى الغرفة، ليهبط راضي بجذعه مقتربًا منه هامسًا بنبرة مرعبة
-هو انت فاكر مش عارف أجيبه، أنا قولت ألعب على نار هادية معاك .. وانت فكرت نفسك صاحب مكان هنا، ونسيت أن الأرض هنا أرضي
صمت لف الجميع، لينظر سرمد تجاه الوجوه السمراء الخشنة ثم الى العجوز.. حينما هم بالتحرك ازداد تكبيل الرجل له ليدحض مقاومة جسده العضلي تحت جسد الآخر الذي يتحكم فيه بقبضة يد غاشمة.. وازداد الرجل من انتصار ذراعيه حتى استمع سرمد الي فرقعة عظامه ليبتسم راضي برضًا تام إلى خادمه المتفاني بعمله ليقترب منه هامسًا بتوعد
-انا جايبك هنا عشان أكسرك، عشان بعد كدا تفكر ألف مرة قبل ما ترتكب جرمتك
ثم استدار مبتعدًا وسرمد يمارس من الضغط النفسي والعصبي كي لا يدع مجالا للألم يتحكم بجسده، ويعطيه نظرة الظفر التي يتمناها، رفع راسه بكبرياء تام وهو يتوعده سرًا
سيرميه كحثالة كحال ابنه، والرجل فى حالة نشوة ليقول بابتسامة متصنعة
-سوء حظك أو من نصيبك أنك هتكون ضيفي الأيام الجاية، وصدقني هكسرك
انفجر سرمد ضاحكًا بقهر، خافيًا وجهه.. وطفق كلام شادية الطاعن ليعاني مثلها
وحيدًا .. عاجزًا .. مقيدًا
حاله يرثي عليه، وعلى يديها يختبر ألذ العقوبات ضراوة لأي قلب عاشق..
وجه رجل من أحد رجاله وقد استفزهم كبرياء الرجل ليقوم بممارسة أحقر الأساليب الحيوانية لجسد آدمي، ويداه وقديمه تمارسان التعذيب النفسي لكبرياء رجل.. تحمل سرمد الألم رغم احمرار وجهه الأبيض وعروق صدغه البارزة، ليفلت بساقه المقيدة وبكل غضب مشحون وجهها إلي أضعف منطقة للرجل، الذي صرخ ينعق كالغراب.. وعيني راضي تلمعان بالنشوة
كلما كان صيده أكثر جموحًا
كلما كان نشوة الصياد تندفع كالإدرينالين فى أوردته… لكن ابتسامته تجمدت حينما بصق سرمد الدماء من فمه حينما توجه رجل آخر ليكيل الضرب بوجهه
-كان ألبي طاير من الفرحة لما سمعت انو ماات، بس طلع قط بسبع ارواح
تلك المرة اندفع راضي بكل غل مراقبًا تشفي ذلك الرجل المقيد، وغضب دفين يتصاعد فى أوردته يهم بالفتك به وقتله حيًا
ليأتي دور الرجل من رجاله أن يتقدم منه قائلا
-اهدي يا باشا، هنروقوه
استعاد راضي وعيه وهو ينظر بجحيم ناري للمتشدق بتسليه، لتلمع عينا راضي بظلمة داكنة وهو يهمس بقذارة
-انا من رأيي نجيب السنيورة هنا، عشان نخلي الرجالة تتبسط
تلك المرة اندفع سرمد كالثور الهائج
ينطح كل من أمامه، حتى الرجل الذي كان يقيده انفلت منه، غادر جميع تعقل سرمد من عقاله ليمسك الرجل من تلابيب قميصه، ليهدر فى وجهه بنبرة متوعدة
-ليك ولك والله عالي في سماه لو فكرت تلمس شعرة منها، رح احسب الله ماخلقك ما يغرك انو انا مربوط فهمااااان
رغم كون سرمد هو الضحية وراضي الجلاد.. تبدل الموقف لثواني، ليدافع سرمد بشراسة عن أدمية إمرأة أحرقها بنيران غيرته.. شراسة عينيه وتوعد لسانه لا ينطق بها هزيًا..
اندفع رجل من حراس راضي بكل غل ليرفع بقدمه ويسحق ساق سرمد الذي تسلم وانفلتت صرخة وهو يشعر أن ساقه قد انكسرت لقوة الضربة، إلا هذا لم يمنع سرمد من ترديد وعيده فى وجوه الجميع وأولهم راضي
-وحق الله لنتفك بسناني ياااااحقيييير، ولا رح يهمني لا انت ولا كلابك يلي عم تتحامى فيهن
ابتسم راضي بسخرية، لينفض التراب الذي علق على حلته الثمينة، ليهدر بضراوة
– وانا حابب اشوف رجولتك اللي ظهرت فجأة يا نمس عشان واحدة ست
التمعت عينا راضي بخبث شديد، ينبئ الملقي أرضًا أنه سيطول بأصابع الأذى لامرأته التي أحرق جميع فرصه معها!!
زئر سرمد بضراوة وهو يكافح للبقاء على قيد الحياة، لأنقاذها
على هذا الشئ الوحيد الذي يفصح عن ذنبه وجرمه الأكبر…
اندفع رجال راضي يتجمعون حول سرمد كالحلقة، ليقترب أحد منهما إليه وهو يتعمد بعينه أن يتفنن بتعذيبه من موطن ضعفه المعراة ألا وهي ساقه المتألمة، جاسر سرمد للدفاع عن أدميته وشرف امرأة صار كالطوق في عنقه.. لكن مهما كانت جسارة الشجاع وقوة تحمله لكن الكثرة تغلب الشجاعة دائمًا!!
راقب راضي ما يقوم به رجاله لمن تجرأ علي مد يده لأسياد الأرض بتشفي، هو لا يكترث مطلقًا لجنسية الرجل ولا نفوذ عائلته فى بلاده
يتعامل الأمر بالند.. كما أخذوا حق ابنه برضا تام من العائلة، وأكثر ما أثار دهشته حينما عين مخبرًا لتقفي أثر ابنه بعد حادث الرجل الذي يدافع لثاني مرة عن امرأة يراها بعينيه، لا تستحق كل هذا الشجار للظفر بها
فهي بعينيه كرجل، لم يراها بالصورة المثالية التي يهفو اليها رجل ليحارب ما ورائه وخلفه … ولا بالجمال الوحشي الصارخ الذي يستفز أي عصب رجل لترويضها!!
لكن ماذا يفعل؟!! .. لطالما ذوق ابنه كان متدينًا فى اختيار عاهرات فراشه قبل أن يصدمه بخبر طلبه لتقدم بالخطبة من عائلة السويسري!! توقع أنه أراد الحلوة الصغيرة .. لكن فاجئه بأنه رغب بإمرأة بعيدة كل البعد عن ما قد يختاره ابنه للمرأة..
لكن ابنه رغبها واشتهاها، وألح لمرات كثيرة حتى استسلم وتقدم للخطبة ثم عقد القران، ثم تفاجئ فى صباح يوم على اقتحام معتصم السويسري باب مكتبه وهو يكيل اليه بالصراخ والسباب والضرب، متوعدًا لأبنه اشد انواع الانتقام.. ورغم معرفة راضي أن رغبة معاذ بتلك السمراء مؤقتة، لم يمنعه.. مادام الأمر تم بنطاق شرعي يهتم به والد الفتاة، فلا ضير واعتبرها شوق الرجل لزوجته ثم اكتشف بعدها أن نفسه عافت عنها!!
انتبه من شروده على صوت أحد كبار حراسه، ليبتسم بتشفي وهو يرى الدماء تنبثق من شفتيه وفم سرمد ليهمس راضي بنبرة فحيحة كالأفعى
-متقلقش هنروقك شوية، وهنخلي المدام تبكي على قبرك
تعمد أن يضع مائة خط على كلمة “مدام” ليزأر سرمد بوحشية، رغم الهوان الذي يكبل أطرافه لكن هذا لم يمنعه أن يعلن الأسد علي فرض سيطرة قوته .. أشاح راضي وجهه بلا معنى واندفع خارجًا يتبعه كبير الحراس خلفه كالظل، ليميل اليه قائلا بغضب
– عايز الموضوع يخلص بسرعة، ودورلي علي الحيوان التاني هيكون موجود فين
زفر راضي بيأس، وكل ما يفعله ابنه الأحمق يعود عليه بالخسارة من منصب عمله ونفوذه.. ليندفع كبير الحراس يفتح باب السيارة الخلفي ثم بدون كلمة توجه هو الأخر اتجاه الباب الأمامي بجوار السائق آمره إياه أن ينطلق نحو وجهة سيده التالية.
مسح راضي وجهه على كفيه ليهمس بغيظ
-ريحتك فاحت يا غبي، ومش هقدر أحميك طول الوقت وإلا هخسر كل حاجة
وقد ترك خلفه ضباعه تتجرأ لأول مرة على عرين أسد، استباحو جسده و انتهزوا مرضه، لتتبدل أحوال طبيعة الأم
ويخر الأسد ساقطًا
سقطة جردته من كبرياءه، وحطمت غروره.
*****
فى منزل النجم،،
الحال لم يكن هادئًا فى منزله، فالأم التي تجرأت يدها لأول مرة تصفع ابنها وتنعي حظها وخيبة أمل لأبن ظنت أنها انشأته رجلاً … تبكي قهرًا وكمدًا بعد الرسالة التي تعمد بها أحد رجال راضي لتوجيهها إلى هاتف ثلاثتهم، رسالة نصية صريحة.. حيث لا تأويل بها!!
رسالـة إختطاف.. دون طلب فدية
رسالة لرد الصاع بعشرة
ثم بعدها تعطلت هواتف ثلاثتهم رغم محاولات سامر الحثيثة لفتحه، لكن الأب كان يعلم أنه أحرق هواتفهم كي لا يستخدمه كدليل ضدهم حينما يقرر التوجه للسفارة والاستعانة بهم!!
لم يندم قط على معاقبة الحقير الذى رغب فى قتل ابنه، ليحتجزوه بكل تهور وجنون يسري فى عروقهم فى منزلهم، رغم رعب غيداء ورفضها للأمر.. لكنه يحفز لأخراج طاقة الغضب وهو يضع أصابع الاتهام فى وجه الحقير، الذى كاد أن يفقد بكرها!!
ربت محمد على ظهر زوجته التي اندفعت تبكي بحرقة، ثم تسأل ابنها سامر قائلة بنبرة أم مكلومة
-ماذا تعني يا سامر، هل فقدت وليدي؟
عض سامر على نواجذه يكتم غيظه من ذلك الحقير الذى سلمه شقيقه دون إبداء رفض واحد!!
ماذا فعل شقيقه ليتورط مع عصابة بمصر هنا؟!!!، اقترب سامر مهدئا قلب أمه ليطبع قبلة على رأسها وما زالت في أحضان أبيه يؤازرها
-أرجوك أمي، ستكون الأوضاع بخير
انهارت آخر مقاومة من غيداء والدموع تعلم طريقها للخروج، يهمس محمد بكلمات هادئة مواسية
لكن لا أحد يستطيع أن يطفئ ذلك الحريق المشتعل فى قلبها، تركت ابنها يعاقب على يدين رجال لا تعرف الرحمة قلوبهم… مدت عيناها الى كف يده الذى صفعه
كم يؤلمها تلك النظرة التي رمقها بها حينما صفعته، تباينت درجات أفعاله من بين صدمة وألم وخيبة أمل واحتياج شديد طالبه بها، وهي رفضته.. بل نبذته من المكانة العالية التي وضعته فيها، ولو عاد الزمن.. لفعلتها، نكاية عن حرق فتاة ائتمنته على عرضها ولم يحافظ على وعوده!!
لكن أن يرحل دون رجعة!!!… الهواء يتناقص تدريجيا لتنفرج شفتيها لاهثة وهي تغمغم بحرقة
-لما رحل .. لما رحل وليدي، وهو يعلم أن هذا مجرد فخ لإيقاعه… يا حرقة قلبي علي فلذة كبدي
ضم محمد جسد غيداء بقوة وهو يدحض أي مقاومة منها للفكاك من عناقه، ليهمس بصلابة محاولا شحذ طاقتها لعودة صلابة غيداء التي يعلمها
-اهدئي يا حبيبتي، سيعود
بكت بحرقة على صدره وهي تدفن وجهها امامه وسامر حائرا، يقسم بأغلظ الأيمان انه لن يدع سرمد ينجو بفعلته، فما سببه من انهيار والدته وصلابة والده التي يراها مجرد قشرة ليحتوي حزنه وهلعه.. غمغمت غيداء بحقيقة تقرها
-لن يعود .. لن يعود سرمد كالسابق
زم محمد شفتيه بحزم شديد، ليمسكها من عضديها وهو يهدر في وجهها بحدة
-غيداء.. عودي لرشدك
تمسكت غيداء بوجهه بيأس وهي تتوسله المحافظة على سلامة ابنها، وسلامة قلبه وروحه التي تعلم أنها لن تعود للسابق… هل استجاب الرب لدعاء الفتاة المكلومة؟!!
اختض قلبها بعنف وهي تتذكر كلماتها التي حرصت على جعلها كنصل سكين فى وجه من بادر بالخيانة أولا
” فلتحترق فى الجحيم، لا أكترث بك ولن تحصل على مسامحتي أبدًا .. لتعيش في صراع مع الذنب إن كان هذا سيشفي بعض غليلي منك، ولن أتشفي كاملا إلا أن أراك ذليلا مكسورً”
شحب وجه غيداء حتي غادر الدماء من وجهها، عينيها الجاحظتين جعل سامر يمسكها بقوة خشية من فقدها هي الأخري، يردد اسمها عدة مرات وهو ينظر إلى أبيه الذى لن يتحمل وجع فقدها، لينهار ثباتها إلا أن سامر تمسك بساعديها وساعدها على الجلوس على أقرب أريكة… بكت غيداء بصمت وسامر يتسلم الدفة من أبيه الذى يحاول تذكر أي رقم قريب لهم لكن عقله فى ذلك الوقت لايسعه للتذكر بعد أن أحرق الحقير جميع هواتفهم
استمع الى صوت غيداء المتوسل، يزيد من عذابه فوق عذاب
-تصرف يا محمد لن أترك ابني هكذا بين أيدي الوحوش، أريده سالمًا فى حضني
أطلق بوعده وهو يتذكر دفتره الخاص بالأرقام الذى وضعه فى غرفة المكتب ليقترب من غيداء وهو يجلس القرفصاء
-أعدك سأتصرف
هزت غيداء رأسها بثقة، ورغم قلة حيلة الأب وهي تعلم أنه لن يلجئ للسفارة وإلا فتحوا لأنفسهم باب من أبواب الجحيم!!
تيقظ عقلها لبرهة من الوقت لتهمس لسامر بتصلب
-اتصل بالسفارة يا سامر، اجلب داوود إلي مصر
اتسعت عينا سامر بدهشة وهو يعلم مدى عداء الرجلين الشديدين، ليهز رأسه نافيًا مغمغما
– أتريدين نبش عداوة بينهما مرة أخرى
التفت غيداء بقلة حيلة، وهي تعلم أن ابن أخيها لن يتردد في مساعدة ابن عمته، فالعائلة مهما تملك من مشاكل وشجارات، لكن تعلم أن رابط العائلة بينهما قوي ومتين لتهز رأسها قائلة بنبرة شاحبة
-هو الوحيد الذي سيتصرف، مهما صدر منهم من أفعال لكن أثق أنه سيساعده، هذه الطريقة الوحيدة لاستعادة ابني
رنين جرس متواصل أوجع قلب غيداء التي شعرت برهبة تطرق أبوابها بقوة لروحها، ساعدها محمد وهو يربت على ظهرها.. ظهر غسان الذي يرتسم على وجهه أمارات القلق، بعد ان جاءه الاتصال من هاتف المنزل
-هل وصلتم إلي شئ؟
ابتسم سامر بسخرية وهو يخبره بغضب متنامي فى صدره
– بعثوا رسالة نصية لهاتف ملقى على عتبة باب المنزل، يخبرونا أننا بدأنا بالحرب وعلينا تحملها
ضيق غسان عيناه بضيق وبدأ يتوصل لتلك البلبلة ليسأل بغيظ
-وأين ذلك الأجرب، ليس موجود فى المخزن
أخبره سامر بحنق، ويداه تشدان خصلات شعره بسخط
-لقد أخذه سرمد منذ شهر لمكان آخر.. والأحمق لم يخبرني أين هو
أطبقهم الصمت، كأن على رؤوسهم الطير.. قبل أن تتسع عينا الاثنان بإدراك ثم هتفا فى آن واحد
-لا يعقل أن يكون تركه فى منزل زواجه!!!
ثم عادا يقولان بنفس الحرقة وكلاهما يتأجج صدورهم من القهر، وقلة الحيلة.. وهما أغراب على أرض وطن غريب
-اللعنة
أومأ محمد ما ان رأى نظرة ابنه تجاه والدته، ليقول بحسم
-اذهبا، سأتصرف أنا مع غيداء
سارع سامر آخذًا مفاتيح سيارة أخيه، ثم اندفع كلا الرجلين بسرعة وقلب يبتهل أن الأمور تصبح على ما يرام
رغم ألمهم الذي يخفونه بمهارة… لكن النظرة المنكسرة لغياب ثالثهم، الضلع الثالث الذي يتصل بكليهما… دعك سامر موضع قلبه وهو يشعر بقبضة مؤلمة تقبض على قلبه بقسوة
تجاهل الشعور وهو يحاول جاهدا أن يضع يفتح باب السائق ليستقل السيارة، لكن غسان عاجله بأخذ المفتاح واخذ مكان السائق، ليلتفت غسان أمام بدن السيارة ويتخذ مقعد مجاور للسائق وانطلق غسان سريعًا إلى وجهتهم
حيث يعتبر الوجهة الأخيرة الفيصل
اما نقطة النهاية … أو متاهة جديدة يجب عليهما أن يتبعوا قواعدها للخروج سالمين!!
انفلتت سبة وقحة من شفتي غسان وهو يضرب بكل قوة على المقود، يلعن الحب وغباء صديقه .. لقد ظل لأيام يحاول أن يفهم ما قام به!!
لكن الأحمق محتفظا بقدسية سرية بين ما حدث، فقط لو يطمئنه.. لكن هذا لا يمنع أن هناك هاجس مخيف.. أن الأحمق قام بفعل أحمق مثل تصرفاته المتهورة!!!
سبه بكل قوة تلك المرة، وهو يلقي السباب البذئ لصديقه، كما علمه الأحمق … وملامح سامر واجمة .. عينيه تراقبان الطريق بوجه خامل يستر بركان هائج على وشك قتل من يمنع عنه الوصول الى شقيقه!!
صاح غسان بغضب وهو توحشت ملامحه
– ماذا يقوم الأحمق، لترك أحمق كهذا فى منزله
ابتسامة مؤلمة زينت ثغر سامر الذى همس بإقرار
-لا أعلم، يبدو أن هناك أمر جلل حدث مع الفتاة التي يحبها، وانتهى الأمر به فاقد عقله
زفر غسان متنهدا بحرارة، بدأ يكره الحب والعاشقون.. إن كان الحب سيجعله مدمرًا، فاقدا لسلام عقله.. الذي هو من البداية ليست من صفاته
تمتم غسان بحرقة وهو يعيد ضرب المقود
-لقد توسلت إليه ليتحدث، لكنه أصبح منعزلا صامتًا .. متألما
رفع سامر عينيه محدقًا تجاه صديقه ليسأله بتردد
-هل أحبها حقًا غسان؟
ران الصمت بينهما للحظات، صمت خنيق إلا من أنفاسهم المتهدجة ليقول غسان بصوت مختنق
-ظننت فى البداية أنه أعجب بها، تعرف أخيك .. ما إن تعجبه واحدة حتى يظل ملتصقًا بها، يختبر شعوره معها إذا كان حقيقًا أم مجرد افتتان، وغالبا ما يصبح افتتان إذ يركض خلف أخرى خطفت عيناه
لم يعطيه غسان الأجابة الوافية، إذ كلاهما مع تصرفات سرمد التملكية التي أعلنها لأول مرة على إمرأة أصابتهم بالذهول، ابتسم سامر بسخرية.. فقط يصل الأمر لداوود ولن يسلم منه مطلقًا، قال سامر بشرود
– غسان، أعلم شقيقي الأحمق .. لكن توجد به تصرفات تمليكة أراها منه فى بداية أيامي هنا، انه لا يسمح لي بالنظر الي صورها، قائلا أنها تخصه
زفر غسان بسخط وهو يدعس على مكابح السيارة فجأة، ليرتد جسد سامر للأمام، لولا حزام الآمان لخرج جسد سامر من المرآة، اخرج سامر شتيمة نابية وهو ينزع الحزام ثم يترجل من السيارة، يتبع غسان الذي انطلق بدوره تجاه العقار متخذا السلالم أقرب طريق للوصول الى الشقة بأسرع وقت… توقفا الجسدان فى لحظة فارقة لما سيحدث مستقبلا أمام باب الشقة
وهما يران أن الباب ما هو إلا هو سحيقة، ستبتلع كلاهما
حك غسان مؤخرة رأسه، وانفعالهما ما عاد ينفع الآن لينظر بيأس تجاه الباب وهو يسأل صديقه
-ألديك مفتاح؟
ابتسامة ساخرة زينت محيا سامر الذى دفعه بحدة قائلا
-وما نفع أجسادنا يا أحمق، أنتفاخر بها فى الصالة الرياضية.. ادفع الباب معي
بكل قوتهما وقوة اجسادهما اندفعا لفتح الباب، الذي انفتح تحت ضغط اجسادهما ليرتفع حاجبيهما بذهول وغسان يرى الشقة التي تحولت لدمار شامل
-ماذا فعل هذا الأحمق؟
حك سامر مؤخرة رأسه وعينيه تمر على كل ركن فى الشقة ليحرك قدميه تجاه الشقة، يتوغل داخلها، محاولا معرفة إذا كان هناك أي أثر للمختطف، قال سامر ببرود
-يبدو سيكون سرا بينها وبينه، ولن ينطق الأثنان بما حدث، محتفظين بها داخل قلوبهم
زفر سامر للحظات وهو يحاول الحفاظ على رباطة جأشه حينما بحث فى غرف الشقة، إلا من غرفة واحدة كانت الفيصل للرجلين، غمغم سامر بقهر
-لقد تشككت أن الأمر خدعة حينما جاءت الشرطة أمام باب منزلنا، الغبي لما لا يدافع ويخبرني أنه لم يمت… لما استسلم لهما؟
سارع غسان بفتح باب الغرفة التي فتحت بسهولة، إلا أنهما اتسعت أعينهما بجحوظ للدماء المراقة على خط مستقيم فى الأرضية، ليغمغم غسان بحرقة
-اللعنة!!
تصنم جسد سامر وعينيه تجحظ من رؤية آثار الدماء فى كافة أرجاء الغرفة، دقق بنظره تجاه الأرضية ليزداد يقينه أن أحدا سحب جسد ذلك العفن بعدما مارس سرمد بعض جنونه عليه، ليشد خصلات شعره بجزع وغسان ينطق بتيه
-أين ذهب؟
غمغم سامر بأسي ويده تعود لتمسد موضع قلبه الذى بات يؤلمه ضعافًا
-غيداء ستموت إن سمعت هذا الخبر
يبدو أنه لا يوجد حل آخر سوى الأتصال بداوود!!
******
فى رسالة عاشق لمحبوبته، قال:
بداية الطريق عثرة
ثم تردد
ونهايته هو أنتِ
العثرة الأولي كانت أنتِ
والتردد كانت أنتِ
ونهايتي كانت أنتِ
هائم فى مدار فلكها
متخبط بين نعيمها وسعير مسكنها
وسلامه النفسي لا يحظي سواه منها
الداء والدواء يتخلص بها.
فى قرية الغانم،،
سارت رهف الهيونا ورفرفة القلوب التي تتعاضد جنبًا إلي جنب زئير وحوش الأشتياق، دفعها للتهور
طوال الفترة السابقة بعد مواجهتها الصريحة له عن ماضيها، وحياتها، وخذيها.. كان أكثر صدر رحب بعيد عن عائلتها تقبلها دون أي تلفظ
دون أي تردد
ولا لمحة ساخرة في عينيه تخبرها أنها مذنبة
بقدر أنها لم تذنب فى شئ، ولا هي التي حاولت دفع شخص ما وتقييده بحبائلها، لكن هل كان المجتمع رحيمًا يومًا على امرأة؟!!
يتربصون فقط لزلة تسقطها، حتى يبدأون ينهشون بها كالضواري!!
اشاحت رهف كافة أفكارها النسوية، وبقدر الظلم الذي التمسته هي .. بغض النظر عن قوة عائلتها ونفوذهم، إلا أنها كانت ضحية مجتمع لم يرحموا براءتها التي اغتيلت على يد مدمن وتسبب في ضياع صديقة عمرها التي وارتها الثري!!
توقفت قدماها عن التحرك فجأة، والضيق يعتري قلبها وأنفاسها، انفرجت شفتيها لاهثة محاولة أن تجد دفعة هواء ناعمة تسلل قلبها، وتنحر وحوش ضارية ما زالت تطرق عقلها وهواجس لعينة تأبى أن تتركها حتى هذا اليوم!!
لكن وحده، صاحب القلب الحنون، ذو صدر متسع وعاطفة تكتسح ثباتها، هو القادر علي تدفئة البرد الذي ينخر بعظامها
وجاء بطلها الهمام
فارس أرضها الذي يقاتل بشراسة وحوش نسجت في خيالها، انتبهت علي وقوفه أمام باب الخلفي للمطعم الخاص به، لتزدرد ريقها وهي تهمس بشحوب

 

 

-صباح الخير
آن قلب نزار وهو يقترب منها بلهفة أضنته، وذبحته.. يراقبها تنثر عبير عطر أنوثتها التي تظن أنها اغتيلت، لكن عينيه هو من يراها فقط تحتاج لصبر وعزيمة كي يستطيع أن ينفض تلك الأتربة التي تمنع بريقها، احتضن كلتا وجهها بكفيه ليترعد كلتا جسديهما
والفتيل أحترق ليشب نارا غوغائية في جسديهما، تهدجت أنفاسه وهو يهمس بثقل
-يا صباح الفل والياسمين والجوري ياكنافة قلبي وروحي
فغرت رهف شفتيها لتضع يديها تتشبث بها بذراعيه، عينيها تطيعه فى مشاعره الفائرة
لكن جزء من عقلها، يطالبها بالتعقل
إذ أنها تعلم فى لحظة مجنونه، انه يتخلي عن كافة تعقله إذا ما وجد فرصة سانحة ليختلي بها ويبث بعضًا من حرائق جسدها ليقذفه فى وجهها
لكن نضال يقف بينه وبينها كالمتربص، كحاله منذ أتي إلي قصر العائلة الجديد الذي انشأه وقاص لهم، متغاضين عن الماضي تماما، لفتح ورقة جديدة للجميع
ورغم أن نضال اتخذ شقة فى القرية الذكية التي انشأها وقاص، في حالة النوم فقط لكن اجتماعات الأسرة ومكوث الصغيرة بيني يدي فريال جعل وقت يتغاضى عن انسلاخه المؤقت، سامحًا بعض الوقت ليتخذ مكانه بجواره!!
تراجعت يداها وعن تشبثها لتهمس بخجل ووجهها كالطماطم الناضجة في عينيه
-نزار، اهدي ..نضال قاعد هنا فى القرية، وممكن أي لحظة يجي
غمز نزار بشقاوة، وهو يلف ذراعه حول خصرها بتملك، ليزداد تشبثه بها وصدرها اللين يرتطم بصلابة صدره، انفلتت شهقة خجلة منها وانامله المتشبثة بتملك تخبرها صراحة، أنه لن يدعها مطلقا حتى ولو توسلت له!!
سألها بخشونة شديدة، وحرائق جسدها يشعلها كالأخرق أمام الجميع
-يجي علي بيتي!!
شهقت رهف باستنكار تام، وعينيها تحدق نحو الباب إذا ما هم أحد أن يقتحم خلوتهما!!
-واحنا فى البيت!!
هادنها نزار وهو يغمغم بنبرة تعلم انها تطير بذرات تعقلها
-هنروح على بيتي يا روحي
فغرت شفتيها وهي تلعن اشتياقها الذي تعلم جرائم فعلتها، أمام أعين أخيها الذي ينتهز كل فرصة وأخرى ليصدر أوامر ديكتاتورية بعدم اقتراب الشامي منها، حتى يحين موعد تخرجها !!
– لا لا مش هينفع، نضال وراه interview مع الحضانة اللي شمس دخلالها
قالتها وهي تدفعه للتعقل، إذ أن أنامله كان لها رأي مخالف لما تنويه للمغادرة، غمغم نزار بعاطفة ثائرة
-وشو علاقتك بالموضوع هاد ياروح قلبي انت،بعرف انا هالامور بتكون للاب والام بس
افلتت منها شهقة لم تحسب حسابها حينما ضرب على وتر أنوثتها الحساسة، وانامله اكتشفت مواطن ضعفها لتستميل له، دفعت أنامله بضعف، والرغبة بالفرار تبدد تحت أثر حصار عينيه المنيع!!
-نزار
تأوهت بها ليزفر نزار بحرارة وهو يدفن وجهه فى عنقها، يلثم عدة قبلات، على حبيبته تشعر
او تحس
عن أي شوق يذبحه وهو أصبح كأسير مقيد لدى سجان متوحش، عديم الرحمة
عن أي عاشق يناجيها بلوع أن تكف عن جفائها للوصال به
عن أي زوج أحترق حينما وجده مسكنه فارغ، ويطالبها للعودة.. إذ انسلاخها عنه هلاك
هتف بتأوه عميق، والشوق يذبحه كسكين ملتم ينحر عنقه من الوريد للوريد
-ااااه حاسة فيني ما يا روح حبيبك ،اشتقتلك حبيبتي اشتقت للكنافة اممم وحلاوتها يارووح قلب الكنافة انتي
ابتسمت رهف بضعف، وتوسله يقولها
ليته يعلم كيف هي تتعذب أكثر منه، وهو الذي يظنها تحرقه فى عشقها!!
انفلتت ضحكة ناعمة جعلها تهمس قائلة بيأس
– لو حصل حاجة هيبقي بسببك أنا بقولك أهو
اقتبس اللين في ردودها، وجسدها الذي استجاب لشوقه ليهمس بتعجل
-طيب خلينا نفوت عالمكتب محدا رح يزعجنا
عضت علي باطن خدها وجسدها يقشعر من لفحات أنفاسه الحارة علي عنقها، امسكت بوجهه بين كفيها لتقول بنبرة مشجعة
-يا نزار أصبر، هانت
آهة متحشرجة خرجت من جوفه، والأيام التي بينهما.. والتي يصر عليها بغباء .. أي تخرج هو سوف ينتظرها كزوج محب وداعم لحياتها الدراسية!!
أي غباء تفوه هو به أمام شقيقها يوم أن يطالبها فيه!! هو مجنون .. وكان يسعى لاكتساب رابط حقيقي بينهما
لكن كلمة العهد التي نطقها للرجل، دين يجب تسديده
والعقود الحرة التي تنطق من الرجال، واجب سدادها
تلك المرة هو من أسند جبينه على خاصتها، يرى عمق البحر واتساع السماء في حدقتيها، يرى مزاجها الرائق واعتدال المناخ فيهما ليتقابل السماء والبحر بمصافحة ودية !! هل أخبرها عن فتنة عينيها قبلا؟!
يبدو أنه يحتاج ليبث قصائد شعر عن جمال عينيها!!
-اااااخ لك ااااخ لايمتا بدي اصبر ااااه لحتى تتخرجي بكون وقتها متت من شوقي
سكينة لفت العاشقان إلا أن صوت كنعاق الغراب، حل على سكينتهما ليهدر بصوت بارد
-ما تموت و احنا مالنا
زفر نزار بيأس وبعناد رجل أمام رجل، تشبث باحتضان خصرها، ولم يسمح لها بالالتفات ما ان سمع شهقة خفيضة من رهف التي حاولت الانسلاخ من جسده
وكأنها تقابل عشيقها وليس بزوجها!!
تمتم نزار من بين أسنانه، وعينيه تلومان حركتها الخرقاء
-ذكرنا الجحش قام اجا لحش اووووف شو جابو هاد
كادت رهف أن تموت من الخجل، وعناد نزار يكاد يقتلها، إذ لم يسمح لها أن تنفلت من أسره وكل هذا أمام عيني شقيقها الذي يبث بنيران حارقة تحرق ظهرها!!
عقد نضال ساعديه على صدره، وهو يراقب الأحمق الشامي، ذي اللسان المعسول يتشبث كالحية حول فريسته دون أن يسمح لها بالابتعاد.. مما دفع لحريق متشعب فى صدره أن يوجهه له
-بتبرطم و بتقول ايه
نظرات كلامية تجري دون لسان بين نزار ورهف، الذي اضطر آسفًا أن يطلق سراحها دون أن يبعدها انشًا عن جسده، لتقابل رهف عيني نضال الغاضبتين بغيرة حمائية
-نضال
اشار بأنامله نحوها ان تقترب منه بأمر غير قابل للتفاوض
-تعالي يا بت هنا
اندفعت رهف مسيرة استجابة لأمر أخيها، إلا أن نزار أمسكها من زندها بخشونة ليقول بتحدي ديك يناطح ديك آخر
-مارح تجي
اشتعلت الجذوة في عيني نضال، الذي جز أسنانه بسخط، وهو الذي ظن أنها توقفت عن المجئ للشامي ذو اللسان المعوج
لكن كيف .. وتلك المرة يبدو انها جاءته بنفس راضية، لتضرب كلامه بعرض الحائط، ووقاص حينما أعرب عن رفضه لالتصاق الرجل بها أخبره ببساطة
أن يهتم بما يراه مناسبًا، فهو عليه حق عليها كالأخر!!
صاح تلك المرة بنبرة خشنة وهو يأمر رهف التي تتوسله بصمت ومناجاة خفية من ورقة عيناها أن تبقى ولو لدقيقة واحدة معه
-ايه هو اللي مش هتيجي دي، تعالي يارهف هنا
فغرت رهف شفتيها بصمت وهي تشعر أن الرجلين يضعونها تحت اختبار عظيم، عدة مرات اندفعت نحو اخيها دون نظرة واحدة تجاه رجلها
رفعت عيناها تنظر الى عيني نزار، الذي غلفه الضيق والجمود ليترك ذراعها وقد علم أجابتها دون أن تحتاج لقولها..
لكن أليس من المفترض أن تدافع عنه الآن؟!
تشبثت بيده التي الفتها وواجهت نضال بجرأة فاجئتها أولا قبل الرجلين
-خمس دقايق يا نضال، وهحصلك
اندفع نضال يقترب منها وقدميه تنفثان نارًا ليصرخ بصوت مكتوم
-خمس دقايق!!، بت متطلعيش جناني عليكي
لم تجد ما تدافعه به عن نفسها، فأكثر شئ تتجنبه هي رهف .. هي جنون حمائيته الزائدة .. تنعي لحظ شمس الذي جعلها تصبح ابنة لرجل مجنون غيرة لنساء يخصونه، زادت تشبثت بيد نزار الذي احتضن يدها بقوة… والأنفس المتبارية لم تسجل أي نقاط لصالح أي خصم منهما!!
صوت صرير سيارة اترفع حولهما، لتهبط منه أسرار بحدة وهي لا تصدق أنه هنا بعد ان ذهبت للمدرسة لتجد أن الأب متغيب لظروف غامضة.. لم تحتاج للتفكير
غياب رهف هي الأخري، أعلمها أنها مع خطيبها بعقد زواج رسمي لتصيح بحدة
-كنت عارفة انك هتكون هنا
انفرجت عن شفتي نضال ابتسامة متوحشة وهو يرمق كلتا المرأتين ليقول بجنون
-ايه عملتوا رباطية مع بعض
اندفعت نحو تسحبه نحو السيارة وجسده المتصلب لم يستجيب ليدها الحثيثة لتحريكه، لتقول بحنق
-هنتأخر على الميعاد، مارية كلمتني انها وصلت قدام المدرسة
توقظه من فورة غضبه عن ابنته التي تخضع لمقابلة شخصية لا يعلم أهميتها هو، كما وصله الأمر أن ذلك من بروتوكولات المدرسة، ليلتفت بوعيد تجاه نزار قائلا
-والله ما سايبك، افوقلك بس
زفرت أسرار براحة، ويدها تمسد موضع جنينها الذي أصبح ركلاته اليوم أعنف من ذي قبل
-وانتي يا هانم خمس دقايق، لو الراجل قالي مرجعتيش البيت، ليلتك طين
اندفع نضال يوجهها تجاه سيارته بفظاظة شديدة، وعينيه لم تفت عنه انحناء جسدها ولا تمسيد ظهرها والألم الذي يحاكي وجهها ويبدو أنها تواجهه بصلابة
عقلها الجلمود هذا، كحجر صوان سيؤديها للتهلكة أمام غضب البوهيمي زوجها!!
…………
فى مقر المدرسة،،
جلس نضال بكل تحضر يمتلكه رغم آثار الرفض والامتعاض وهو لا يصدق أن المدرسة تختبر ابنته كما لو أنها فتاة تعاني من تخلف عقلها، بل كحالة مرضية يكتشفون حالتها ويخشون أن تنقل مرضها وهذا ما سبب ذعر صغيرته، نور عينيه وهو يراها تبكي بانهيار تتلقفها حضن والدتها البيولوجية التي بدأت تكسب تعاطفها وودها وتمد أواصر العلاقة بين الأم والبنت.. وكاد أن ينفجر فى وجوههم إلا قطبه البارد الخاص أمرته أن يهدأ ويتريث قليلا، إذ أن مصلحة الفتاة أهم منه ومن غباء كبرياءه وغرور أحمق!!
لم يحاول ان يكتم حنقه، إذ انه بادر بإخراج غضبه المتعاظم داخل صدره
-انا مش عارف ايه لازمة زفت انترفيو عشان طفلة
انفتح باب غرفة الناظرة، ليتأملها نضال بعينين صياد متربص لطريدته الجديدة، التي كانت امرأة في أواخر الثلاثينات وبداية الأربعون .. ذو جسد يتناحر عليه النساء لأجراء تلك العمليات تحت مشارط جراح التجميل، ولكن النظرة الصارمة التي ترمقه بها جعله ينظر اليها بابتسامة صياد متمرس ..
جلست الناظرة على المكتب الخاص بها وهي ترى الجميع من حولها، أخبرته بصراحة تامة دون أن تحاول خلق حوار هادئ
-تعرف أن بنت حضرتك هتكمل خمس سنين ومش بتعرف تكون جملة كاملة
لكن الأب ما زال على درجة من العناد والتكبر، ليقول ببرود
-و ايه المشكلة
رفعت حاجبيها بدهشة سرعان ما استحال لغضب طفيف، لأب مهمل في حق ابنته لتقول ببرود
-لو هي سنتين كنا عذرناها، لكن مع system شغلنا ودراستنا وخصوصا حالة البت مش هتقدر تتفاعل مع باقي زمايلها فى الفصل
هم نضال بالانقضاض عليها كأسد يفترس طريدته، إلا أنه كان من الذكاء أن يثير رعب امرأة قبل أن يعلن كامل هجومه عليها!!
خبط بعنف على سطح مكتبها الضخم، مما جعل الناظرة تلقي نظرة مستهزئة لحركاته المفتعلة التي يخلقها .. غمغم نضال بسخط
-اللهم طولك يا روح
قلبت الناظرة الأوراق الخاصة بالطفلة، لترفع عينيها تنظر نحو والدتها التي تحتضن شمس التي تملك جنيات قوية كأبيها لتقف بنفس التحفز لها، والعبوس والشراسة الوليدة استعجبتها لطفلة ترفض الانصياع للأوامر كما أخبرتها المختصة!!
خاطبت الناظرة بنبرة هادئة، لوالدتها .. على الأقل أحد من الزوجين ينقذ الفتاة من براثن أب مختل
-انا بنصح أنها تتابع مع حد مختص للتخاطب
زمجر نضال بغضب ليندفع واقفًا بتحفز نمر وهو يهمس بجنون
-اسحبي كلامك
رفعت الناظرة حاجبيها، وهي تنقل نظراتها بينه وبينهن .. إذ المرأتين دارت بوجهيهما، الا الطفلة التي تساند والدتها لترمقها بشراسة لتقول
-أفندم!!!
هدر نضال في وجهها بحدة وهو يمسك بدباستها الخاصة يلقيها ارضًا، مما جعل المرأة تجفل قليلا لتمرده وجرأته وهو يصرخ فى وجهها
-انتو بترفضوا بنت عشان شايفينها بعقولكم الضيقة دي مش بتنطق خطاب قدامكم، اومال انا جايبها الخرابة دي هنا ليه .. عشان تطلعلي وزيرة ولا عشان تتفاعل مع العيال اللي قدها
اقتربت أسرار منه وهي تمسد بطنها من جانب، وتمسك نضال من جانب آخر، تحثه علي الهدوء الذي يبدو أنه غادر منه
-نضال
صرخ بشراسة مندفعًا تجاه أسرار التي تعض شفتيها بقوة، متكاملة ألم طفلها المشاكس اليوم
-اسكتي انتي
ثم عاد بنظراته الجهنمية ينظر بتوعد للمرأة التي ما زالت تحتفظ برباطة جأشها ليهدر بجنون
-ما تردي يا هانم، وفالحين بس تنهبوا ملايين من أولياء الأمور
صمتت الناظرة وكأنها تعامله كطفل قليل التهذيب، أو مجنون يخرج كافة جنونه وتمرده قبل أن تأتي بمخدر تسحبه من ما متبقي ذرات لتلقيه في دوامة أخرى..دافعت بشراسة على مؤسستها التي يتشكك بها
-تلاميذنا بيطلعوا متفوقين وآخر دفعة اتنين بيكملوا دراستهم في أهم الجامعات في العالم
ثم انقبضت معالم وجهها للغضب الحانق، لتقول باندفاع
-بعدين حاسب كلامك يا أستاذ نضال، فيه تلميح سئ ولا انا ولا المدرسة تقبل الاهانة دي
انفجر نضال ضاحكًا بشراسة ليميل بجذعه مقتربا منها هامسًا بوعيد
-هو انتو شوفتوا حاجة
ابتسمت الناظرة دون أن يهتز جسدها سوي بحركات طفيفة، كانت عينا نضال تلتقطها وهو يراها تسارع في لملمة شتاتها لتقول بجفاء
-اقدر أبلغك، أن بنت حضرتك مش مقبولة فى مدرستنا
وضع كافة يديه على المكتب ايميل صارخًا بتحدي تعلمه هي جيدًا، تحدي رجل أحمق يحكي عن مدى نفوذه القوية يهدد به مدرستها التي سعت لتطويرها ومنع أي رجل عنصري يشكك في مدى منافستها حتى للمدارس الحكومية!!
– مش هترتاحي غير لما تلاقي المدرسة بتنهار من حواليكي
رفرفت الناظرة جفنيها لتجيبه بحدة
-المدرسة سمعتها معروفة، وبقالها سنين هنا والكل عارف رسالتنا
لم يبدو نضال علي وجهه أي علامة للتراجع عن شن مخالبه لتمزيق المرأة، لكن صوت ضعيف ورقيق جدًا
يبرز متى ضعفه تجاه مهجة قلبه
-بابا
تنفس الأب بهدر وجيوشه لم تكن تتراجع مقهقرة هدرًا سوى الصغيرة، التي أنقذت الموقف.. اعترفت الناظرة أم لا !!
الصغيرة تملك سحر عجيب للرجل الذي استجاب بلهفة أبوية ليحتضنها بين ذراعيه ليقول
-يا روحه
زمت الطفلة شفتيها بحنق، بعد فترة تمرغت بها بين أحضان والدها، متشبثة بعنقه ودفء صدره، رفعت عيناها الشبية بعيني والده تحدث للمرأة بشراسة
-شريرة .. شريرة أووي
ربت نضال بحمائية شديدة تجاه صغيرته، الوحيدة التي تجعله يتشبث بحياة غادرة ومرة كالعلقم، ليقول بنبرة ذات مغزى ورسالة رعب يقذفها في قلب المرأة
-لا عاش اللي يرعبك، واللي يعمل كده انسفه من على وش الدنيا
ثم التفت بعينيه الشرستين لتصبح وديعتين، ينظر بحنان جارف تجاه صغيرته ليقبل رأسها هامسًا
-كدا مرضية انتي
اومأت الصغيرة برضا تام وهي تحتضنه بذراعيها الصغيرتين حول عنقه، مما جعل نضال يسب كل لحظة تجعله رغمًا عنه قاسيًا فى حمايته المتشددة، هو لم يغفل عن تعثرها لنطق جملة مفيدة.. لكن يعلم ابنته جيدًا
هي ذكية جدًا، بل متقدة بالذكاء حيث أنها بدأت تستخدم أسلوب ماكر أنثوي منه، تعبر عما ترغبه إما بجمل وهذا يحدث داخل حصن منزله .. تثرثر بتقطع مرات وأخرى بانطلاق عن أسيل ابنة وقاص ورهف، وأمر آخر إن علمت رهف انه وظف صغيرته كجاسوس صغير عن تحركاتها لذلك الأرعن الشامي لن تسامحه
لكن هكذا هو
ملعون بدائرة حمائية محرقة!!
التفت الناظرة تقول لوالدتها باين شديد
-لازم تتابع البنت مع اخصائي تخاطب
هدر فى وجهها يخرس لسانها بعدائية
-ابلعي لسانك ده، علشان محشورهوش في زورك
ثم اندفع خارجًا تلحقه أسرار بيأس، تشبث نضال فى احضان صغيرته التي تستكين بوداعة على صدره ليغمغم بسخط مخاطبًا اياها
-قال تخاطب قال، انتي يا اخرة صبري كوني جملة مفيدة معايا
انتبهت الصغيرة انه يشركها في حديثه، لتلمع عينا صغيرته بمشاكسة شديدة لتهمس
-بابا شرير أووي
غمز نحوها بشقاوة شديدة وهو يربت على ظهرها بفخر، يعلم ابنته حق المعرفة .. لقد أربكوا طفلته.. هو متأكد.. لن يسمح لهرطقة فارغة من شفتي تلك المرأة يلعب كوسواس في عقله، استمع الي تأوه أسرار وهي تحاول أن تجاري خطواته المهرولة
-نضااال

 

 

 

توقف عن الحركة و استدار على عقبيه لينظر اليها، وهو يرى ملامح الألم ما عادت تتحملها.. حتى تصدع قناعها الجليدي لتهمس بنبرة فاقدة للسيطرة ويداها تضعها على بطنها المتكورة
-ميصحش اللي حصل ده
تشبث نضال علي غضبه المستفحل لتدمير تلك الحشرة الرقطاء، ليقول بغيظ
-بقولك ايه، الولية دى انا هعرف أربيها بمعرفتي
تأوهت أسرار وهي تكتم ألمها لتهم بالرد عليه، إلا أن مارية هي من اندفعت بالقول بعد أن تخلت عن صمتها أمام استفزازه
– انت هتشتغل شغل بلطجية عشان رفضت بنتك، الاستاذة بتتكلم في مصلحة البنت
اندلعت نيران في حدقتيه، ليقترب من مارية وهو يكتم غضبه ليصدر هسيس مرعب
-البنت عايزة تتواصل مع أطفال قد سنها، وتتفاعل معاهم، انا هتصرف
همت مارية بالجدال إلا أن صرخة مؤلمة خرجت من شفتي أسرار أخرجته من أي شعور سلبي يكنه الناظرة المتعجرفة وللمدرسة التي سيحرقها
-نضااال
لم يمنع أن يصدر تعليق ساخر، رغم نظرة القلق في عينيه عليها
-ايه هتولدي انتي كمان
تلك المرة صرخت أسرار بصوت يقسم الجميع أن استمع لصداه كامل المبنى الضخم للمدرسة
– اااااه، هولد يا غبي .. كلم سرااااج
بسرعة وضع شمس بين ذراعي والدتها وأمرها بالصعود للسيارة، قبل ان يمسك بيد أسرار وجهها المحمر والدموع التي بدأت تتجمع حول حدقتيها، جعله يسب زوجها
ويسبها
هل سيجرونه لتلك المشاعر مرة آخرى!!
…….
في المشفى،،،
تتشبث بملابس نضال بقوة حينما وضعوها في غرفة تجهيز ما قبل الولادة، رافضة بتنعت أمام الطبيبة والممرضات أن تدخل الغرفة حتى يأتي زوجها.. كاد نضال يصاب بالخرس من كثرة صراخها وتوسلاتها المؤلمة له
-كلم سراااج يا نضاال
مرر انامله على رأسها، يمسح حبات العرق المتصفدة على جبينها، ليقول بصبر
-كلمته، وجاي في السكة
تصاعد رنين هاتفه، ليجذبه من جيب سترته يهم بالأغلاق وهو يتمتم بحنق حينما وجد أحد رجاله يتصل به، لكنه ليس في وضع يسمح له للرد على أحدهم، إذ أن أسرار تحتاج كل اهتمامه ما دام زوجها غائب
-مش وقت تلفونات
زفرت أسرار انفاس متحشرجة لتغص بمرارة والألم يعاود للفتك لتهمس
-حاسة اني هموت يا نضال
زم نضال شفتيه بقسوة، والمرارة في عينيه تنضح عذاب وحدته… مما دفع أسرار تعض باطن خدها بأسف لتلمس كف يده تهم باعتذار، لكن هو بفظاظته الشديدة والمتعجرفة أزاح يدها ليقول بعنف
-عندك كلمة عدلة قوليها
دمعة خائنة تسللت لجفنها، مما دفع لنضال ان يزيلها وهو يتنفس بضيق يقيد أنفاسه، أكثر أوقات ضعفه هو وقت الولادة، يختبر شعور قوي يضرب وتر حساس خاص به
وذكري خاصة تجعله يفكر فى طليقته الحرة!!
أغمض جفنيه متنهدًا، وفرح نفسها لا تزوره
إذ أنها لا تغادر مخيلته، وعينيه مطلقًا
يراها تتخبط فى الحياة، لكن بإتزان .. يعجبه أنها بدأت تعود لدراستها، ثم تتابع عن مختص نفسي لن ينكر أنه يثير حفيظته وإن كان الرجل مرتبطًا
لكن ما تتعامل معه رجل، والله يشهد ما الذي تتبرع بقوله لتعري نفسها أمام رجل مدعي أنه مصلح نفسي !!
ابتسامة ساخرة زينت شفتيه وهو يهيم في ملكوته الخاص، ليتفاجأ بفريال تقتحم الباب يتبعها وقاص، لتقترب فريال منها بتلهف ثم تمسك بساعدها قائلة
-اتنفسي يا أسرار، هتبقي كويسة
زفرت اسرار وهي تحاول اتخاذ نصائح فريال، لتأن بألم
-مش قادرة يا فريال
ابتسمت فريال بمؤازرة وهي تتذكر ما مرت به سابقًا، لتقول بابتسامة ناعمة
– هتقومي بالسلامة
اقترب وقاص من نضال المتجهم الوجه ليقول بمكر
– سمعت باللي عملته مع مديرة المدرسة
جن جنون نضال وهو يتذكر المرأة الثلاثينية ذات الجسد فائر الأنوثة، ليبتسم بقسوة قائلا
-ده أنا هطلع عين أهلها، بس تصبر عليا
لا فائدة ترجى منه!!
هز وقاص رأسه بيأس وهو يعلم متي صلابة رأس نضال، ليقول بجمود
-عندي اقتراحات مدارس تانية، واعتقد هتفيدك
ابتسامة شريرة لعبت ثغره ليقول بتحدي
-بالعند هدخلها المدرسة دي، وأعلى ما في خيلها تركبه
رفع وقاص حاجبيه بدهشة قبل أن يسأله بسخرية
-ايه قررت تحول مجالك وتبقي مدير المدرسة
ابتسامة شيطانية مرتسمة على شفتيه ليقاطع حديثهم صراخ أسرار
– فين سراااااج
انتفخت أوداج نضال بغيظ، ليقول بحدة
-مش عجبينك يا مدام، فيه ايه من الصبح سراج .. سراج، ما تتعدلي شوية، وتقدري اللي معاكي
منعت أسرار شتيمة وقحة تكاد تسبها في وجهه، والفضل يعود لزوجها وإحدي ألفاظه النابية التي تسمعها عارضة فى عمله.. بالطبع لن تسمح له أن ينطق بألفاظ نابية داخل حدود منزلها.. التفتت نحو وقاص بصبر قائلة
-كلم جوزي يا وقاص ارجوك
هم وقاص برفع هاتفه ليتصل به، لكن اقتحام رجولي بوهيمي يخصه جعل أسرار تنظر اليه بلوم شديد والوعيد .. اندفع سراج يقترب منها والقلق يحفر معالم وجهه، التمس أنامله الدموع المتجمعة على جفنيها العرق المتصفد علي جبهتها ليهمس بصوت أجش والقلق يهتز بأركان جسده
-جيت اهو
لوت أسرار شفتيها بعبوس وهي تضرب ساعديه بحدة قائلة
-يا متوحش، شايف عمايل ابنك
احتقنت اذنا سراج من الحرج الذي تسببت به امرأته، ليجز على اسنانه وهو يهمس بحدة وجهها لها
-أسرار، اتلمي احنا مش في البيت
انفرطت الدموع من مآقيها، لتمسك بساعدها تضعها علي بطنها المتكور، واستعداد ابنها للخروج للحياة قبل انتهاء فترة حملها بثلاثة أشهر
-حاسة اني هموت يا سراج
قاطعها قائلا بجزع ويده تحاوط وجهه والاخرى ابنه
-بعد الشر عنك، اوعدك اول واخر مرة
دفعته بحدة عن بطنها لتصيح بحدة ووقاحة تشربتها على يديه
-انا عايزة عيال كتير منك يا غبي، انا مش هستحمل طبيعي ينفع نخليه قيصري
ضحكات متسلية خرجت من شفتي فريال ووقاص، سوي نضال الذي يرمقهم بقرف حقيقي .. ليس الأمر بيده كي يتقبل سراج في حياته
حتى وإن كان الأمر صار واقعًا، لكن لم يكن يشعر بنفس التهديد منذ أن تزوجت أول مرة.. لأنه بطريقة ما يعلم أن المرحوم السابق لم يصل لقلبها كالآخر..
يلعن دوافعه التمليكة تجاه أي امرأة تقرب له من ناحية القرابة أو كزوجة ..!!
لعن أفكاره التي تصب فى صالحها هي، وكأنه أشبه بالتائه الذي يسير في حلقات لا نهائية ويصل لنقطة البداية
حيث نقطة ضياعه ووحله
حيث جردته من انسانيته ومشاعره
جعلته كمسخ، وشيطان يهلك من يقترب منه
إلى أين الفرار ؟
هو لا يعلم
إذ أنه استسلم منذ سنوات، وترك نفسه ضحية لهواجس تقتات من روحه…
انتبه علي همس عاطفي من أسرار كاد يمزق أوتاره، ليسمعها تقول للوحش خاصتها الساكن بوداعة أمامها
-ربنا يخليك ليا
عاد رنين هاتفه يرن بإلحاح، لينسل الهاتف من جيبه وهو يزمجر بغضب ما إن رأي إحدي رجاله يعاود إتصاله بإلحاح، ليرد عليه بفظاظة
-مش بيجي من وشك خير ابدا، سمعني عايز تقول ايه
اختفي الهزل من معالم وجهه، وتجمدت تعابير وجهه لتهتز مقلتيه وعينيه. أصبحت مقروءة لعيني أسرار التي تستعد للولادة بصحبة زوجها المتنعت، قال بصوت لا حياة فيه
-امتي الكلام ده حصل
زم شفتيه وهو يستمع إلي رد رجله ثم سرعان انهي المكالمة بوقاحة شديدة أصبح الرجل يعلمها بل جميع رجاله، ليضع الهاتف في جيب بنطاله وبدي مترددًل بين شيئين يشق عليه
الأولي أخته
والثانية الجاحدة التي تطلقت منه، فارة من قيوده
رفعت أسرار وجهها إليه لتهمس بابتسامة مرهقة
-روحلها
لاح الرفض علي عينيه المكشوفتين للجميع وأولهم أخيه، الذي يكتفي الآن بوضع المراقب
لن يتدخل فى شؤون أخيه، سوي انتشاله من ورطة يكاد يقتحم فيه بتهوره
لكن الآن.. سيدعه يتصرف
يدعي ربه أن يتصرف بتعقل تلك المرة، إن رغب بودها وإجابته سيجد لها صدي في قلبه!!
*****
فى منزل السويسري،،
ظلت جيهان تقلب الثياب الخاصة بشادية التي تنام على الأرض رافعة بساقيها على الحائط، مستمدة من الحائط البارد والأرض الصلبة قوة واهية.. تعيد صلابتها
لكن كيف؟!!
وهو انتزع رحيقها!!
تفنن فى تجريد كل مسحة إنسانية أو مشاعر كره
أصبحت باردة
امرأة جوفاء، معطوبة، أستنزفت أنوثتها
لم تحاول حتي الدخول فى أي مشادة كلامية مع جيهان، التي تعلم سبب عبثها بخزانة ثيابها الخاصة بالعمل… ترتدي منها ما تريده وتأخذ ما يريحها..ثم بنهاية الشهر ستري ثيابها قد اصبحوا ملك شقيقتها!!
اغمضت جفنيها وآنة خافتة انفلتت من شفتيها، لن تنسي اليوم ابدا ولن تنساه هو
الحقير
الوقح
المغتصب
يغتصب حقوق ليست له، يتعامل معها كزوجة اكتشف الزوج خيانتها!!
هي لم تخن
لقد انخدعت، أسيضعونها داخل إطار المرأة اللعوب؟!
التي تتفن في تعذيب الرجال، وتجعلهم يتحرقون شوقًا لها، وتقوم باللعب بقذارة معهم ومن يظفر يكون هو أسدها على الفراش!!
انقلبت معالم وجهها للغثيان، وأفكارها المشتتة التي تشكي عن معاناة الأنثي تندفع مرة آخري ثائرة للبحث عن مخرج..
انتبهت من حروب عقلها علي صوت جيهان التي تمسك بزيها العملي المفضل تضعه علي جسدها قائلة
-البدلة دي تجنن عليا
تأففت شادية بضجر، لتغمغم بصوت لا حياة فيه
-مش خلصنا من موضوع الهدوم دي يا ست هانم
رمقتها جيهان بسخرية مصطنعة، وداخلها يكاد يبكي ألمًا وهي تري ذبول شقيقتها يوما عن اليوم الآخر حتي بعد عودتها من المستشفي وخضوعها لعلاج نفسي قررت هي البدأ فيه مع طبيبة!!
رفعت جيهان انفها بأنفة لتقول
– انا دلوقتي بقيت business woman ، يعني لازم ابقي شيك ولبسى يكون محترم
وأن يتوقف زوجها برتبة خطيب عن نوبات جنونه من الغيرة التي تفزعها وتجعله كليث يتربص أي حركة خاطئة لفريسته، لتسمع شادية تقول بنزق
-تقوم تاخدي من دولابي
ابتسمت جيهان بوداعة شديدة وهي تأخذ ثيابها العملي، ثم ظلت تبحث على ألوان أكثر حيوية عكس الألوان الكئيبة الباهتة التي تضم خزانة شقيقتها
-ما دولابي قدامك أهو، روحي خدي اللي عايزاه
ابتسمت شادية بسخرية لتقول بامتعاض
-دولابك محدش يطلع بيه برا اوضة النوم
تراقصت حاجبي جيهان بمكر شديد لتقول
– ابقي ألبسيه لجوزك يا ست شادية
ألم أحتل كامل حواسها وأخرسها، لتعض جيهان على طرف شفتها بغباء ما قالته.. لكن كتلة الفرو أبيض أقتحم غرفة شادية، تموء لصديقتها التي أصبحت تنفرها بشدة مسببة ألم لمشاعر لولو التي أصبحت قليلة الحركة
و طاقتها وعبثها بدأ يخف تدريجيا، لتصبح كنسخة باهتة مثل شقيقتها.. قالت جيهان بحزم وهي تدعوها لتصبح قريبة منها
-لولو

 

 

مواء القطة الضعيف وهي تنظر نحو حدقتي عينا شادية التي شحب وجهها، جعل شادية تقول بحزم وهي تلعن تذكرها لهديته التي أهداها لها فى أشد لحظات ضعفها
-جيهان، قولتلك ابعديها عني .. مش طايقة اشوف وشها
نهرتها جيهان بحزم وهي تحمل القطة بين ذراعيها، لتنظر القطة بتوسل الي صديقتها التي اعتزلتها بقسوة لا تجد له القطة مبرر لتمرر جيهان علي فروها الناعم
-انتي يا معدومة الرحمة، حد يقتل لولو بإيده، ثم قولتلك هربيها أنا
عضت شادية شفتيها بحدة لتستقيم من جلستها وقد وجدت أن لا فائدة لها فى الوقت الحالي لمساعدتها على الأسترخاء، استقامت وهي تعدل من ثيابها القطنية المريحة داخل جدران عرفتها قائلة بحدة
-بعديها عني
مواء آخر شل جسد شادية التي تحترق للمسها، لكن ذكراه يقف حائل بينه وبينها
لقد كانت ستتخلص منها وتبعثها له.. لكن شقيقتها تشبثت بها بغباء
بل القطة رفضت أن تترك ساقها لتتحرك داخل حدود غرفتها، لولا جيهان التي أصرت علي مراعتها وقد تعلقت بها وأصبحت تفسدها دلالاً فاخر تستعجب منه شادية مؤخرًا
استمعت الي غمغمة جيهان المتأثرة لمشاعر القطة
-دي وحشاكي يا ام قلب حجر
نظرت شادية من بين جفنيها الي القطة، لولو المدللة الخاصة بها.. شبيهة الرحيلة
الحقير بل الوضيع أهداه لها في عيد ميلادها
زفرت بإختناق وهي لا تستطيع أن تتخلي عن مشاعر الكره لنفسها، ولسذاجتها، بل حمقها لتدع رجلا مثله يقترب من حياتها.
طرق علي باب الغرفة جعل الشقيقان تنظران تجاه باب الغرفة، ليبتسم ماهر وهو يسأل
-أقدر أدخل
لوت جيهان فمها لتسحب ثياب الغد الخاص بعملها قائلة ببرود
-تعالا يا ماهر، انا كدا كدا اخدت اللي عايزاه، هبعتلك طقم امبارح لما يرجع من المكوجي
رددت شادية الكلمة باستنكار شديد
-مكوجي!!
أصدرت جيهان صوت ساخر لتقول بقرف
-عيشي عيشة أهلك يختي!
ابتسم ماهر وهو يحك مؤخرة رأسه قائلا
-بيئة طول عمرك
انقلبت تعابير وجه جيهان للشراسة، واكتفت بالتوعد وهي تخرج من الغرفة تاركة لهما خصوصية ظاهرية!!
-مش ناوية تحكيلي
قالها ماهر وهو يجذب انتباه شادية الشارد لأحدي الاشياء الموضوعة على طاولتها، لتغمغم شادية بهدوء
-الموضوع انتهي
لم يحاول ماهر التجمل، او الرفق بها.. إذ أبيه يعاني من انهيار تام رغم صلابته الظاهرة ليشدد من أزر صغيرته ليقول
-لسه بتحبيه؟
أجفلت شادية من سؤاله، إذ انه الوحيد الذي لم تتوقع أن يسألها سؤال كهذا
سؤال يعني أنها تموت على رحيله، أجابته بعد صمت قصير
-لأ .. بكرهه
هز ماهر رأسه وملامحه لم تكن مقروءة لشادية، التي حاولت أن تفك تلك الطلاسم دون جدوي، ليغمغم قائلا
-الكره الشديد معناه انه خذلك
هزت شادية برأسها ورعدة عنيفة تضرب أوتار قلبها لتهمس بإقتضاب
-راضية بقضائي
وضع ماهر يديه فى جيب بنطاله، وعينيه تتفحصان جسدها ورد فعلها بعد القنبلة التي فجرها فى وجهها، وزعزعت المجتمع المخملي
-جالي خبر ان معاذ اتقتل النهاردة
فغرت شادية شفتيها بصدمة، وحالة من السكون والبلادة طغي على وجهها لتهمس
-اتقتل!!!
يبدو أن هاكر المنزل لم تصلها الأخبار بعد، أو لم تشئ وضعها في موقف صعب وهي تراها تتخبط حتي تجد طريقة لإستعادة توازنها، أخبرها بما وصله من أخبار منذ قليل
-لقوا جثته على طريق الصحراوي، وعلى جسمه علامات تعذيب متفرقة واضح انه اخدله علقة محترمة منه
ذكر “منه” يعود على الذي لفظته بعنف خارج غرفة المستشفي، بعد أن جاء بكل برودة أعصاب يطلب غفران
أي غفران أحمق يطلبه منها، وهو قضي عليها نهائيًا!!
هي لا تستطيع مسامحة أو غباءها لتعيد تجربتها ثانية لتقول
-تقصد هو اللي قتله؟
أجابها ببرودة أعصاب، ورغم جميع مشاعر الكره التي يوجهها للحقير .. لكنه تشفي بخبر موته ليقول
-هيبان فى التحقيق
رن هاجس عنيف أنه قتله
ربااااه .. استحال وجهها للشحوب، ماذا يفعل بنفسه،هل يريد تعذيبها نفسيًا؟!
ألا يكفي ما بها؟
يريد وضع أنها السبب لكل ما حدث له؟!! وأنها أصبحت لعنته؟! فليحترق
لقد انتهت من كلاهما
تصاعد رنين هاتفها، لينقبض قلبها وهي تجري لتخطف الهاتف لتري رقم مميز يتصل بها
اللعنة إن كان هو
لا لا
لن ترد
لكن اناملها خانتها لتضع الهاتف علي أذنها تهمس بإرتجاف
-ألو
زفرة حارة ثم أتبعها صوت أمومي ذا لكنة شامية ذكرها بعايشة والدة نزار
-مساالخير حبيبتي ….بدي اخد شوي من وقتك
اعتصر قلبها بألم وهي تخشي صاحبة الصوت لتهمس
-مين معايا؟
زفرة مختنقة خرجت من شفتي غيداء لتعرف عن نفسها، وصوتها به عطف وتوسل قيدها
-أنا غيداء النجم … أمو لسرمد،بدي منك تحطي مشاعرك عجنبك ،بدي شوفك ياعمري
اختنقت أنفاس شادية، وعقلها يصرخ
لن تفعلها
لن تعود للدوامة مرة آخرى!!
*****
انخراطها فى عالم الدراسة والجامعة لم يكن سهلاً
حيث تري نفسها صورة باهتة جدًا مقارنة بمن حولها…
صورة أنضج، متخلية عن أحلام المراهقات، وسعي الفتيات لتجربة اللهفة من المشاعر الأولي علي يد فتي.. فتي وليس برجل
هي حتي تستنكر كيف بحمقاوات يرتبطن بزميلها، الرجل ما زال فتي فى حياته
لم يحصل على وظيفة
لم يجد مصدر رزق دائم كي يستطيع فتح باب منزل
بالله هو لا يستطيع أن يجد مال يكفيه، وبكل حقارة يطلب من والده مال للأجرة!!
زفرت فرح بيأس وهي تحاول اخراج كافة مشاعرها السلبية، لن تجعل امتحان أحمق لعين ظلت ساهرة عليه لعدة أسابيع لكي يأتي الأستاذ بأسئلة خارج الكتاب.. الأستاذ نسي أنه يدرس في الفرقة التي بها، ليأتي بأسئلة من عام سابق
أحمق غبي .. لقد ضاع التقدير الذي تبحث عنه، لتضع اصبعيها في عيني الطبيب الأحمق..
قدماها تتحركان خارج أسوار الجامعة، حيث ستبحث عن أي وسيلة تنقل للذهاب الي التسويق الذي بات عادة لها، لتشتري منه ما تحتاجه من ثياب، ثم تشتري بعض الأحتياجات الخاصة لشقتها..
رفعت عيناها حينما لمحت سيارة سوداء ضخمة تشبه التي كان يمتلكها زو.. تعني طليقها، عيناها انخفضت نحو رقم السيارة بحروفها المميزة لتجلي حلقها بتوتر حينما فتح الباب الخلفي ليترجل منه نضال بهيمنة رجل
لم يزيده الطلاق
سوي توحشًا، ووسامة برية!!.. عضت فرح باطن خدها لهرومونات لعينة أو مشاعر حمقاء تضربها لترتعش شفتيها دون أدني مقاومة لتهمس
-نضال!!
عيناها سريعًا مرت علي الجميع من حولها، ورغم ازدحام المنطقة فى هذا الوقت إلا أن كل شخص لاهي فى عمله وحال أمره .. ازدردت ريقها بتوتر لتهمس
-انت بتعمل ايه هنا؟!
مال نضال برأسه وعينيه دون إرادة تتفحصان ثيابها.. قوامها.. وملامح وجهها التي تخفيها تحت مساحيق التجميل الخفيفة لتبث نضارة زائفة!!
لاحظ أول ما تغير بها وهي انها قصة شعرها، اشتعلت عيناه بجنون وهو يعض علي نواجذه بغضب
الحمقاء
الغبية
هل هذا حركة تمرد منها له؟!
لقد نجحت به، هو كان مفتون بخصلات شعرها التي كان يحرص أن تتوسد صدره بعد جولات حارة يطلبها منها سابقًا، قبل أن يستعيد صلابته وبروده ويهجر فراشها
كأنه يستنكر مشاعر الضعف التي تحتله بجوارها.. فينبذها ويبنذ نفسه
لكنه أحمق غبي..ليعود مرة آخري مطالبا إياه بعاطفة أشد حرارة، وجنونًا
وهي كانت تتخبط منه، ثم سرعان ما تستسلم له
تري هل يشتعل جسدها من أثر لمسة منه؟
سؤال متطرف لعب بعقله، وكله تحت أثر أنها لم تعد زوجته
محرم عليه إجبارها
وعودتها
سألها بخشونة ليطرد تلك الحرارة التي تكتسح جسده، رباااه لقد أصبح قديسًا من بعدها!
-عملتي ايه فى الامتحان ؟
رفعت فرح حاجبها باستنكار، وعلي عكسه هي
إذ هي ترمقه بكل برود وثقة شديدين، فى عينيه دون تراجع أو تخاذل، لتقول بجفاء وكذب تعلم أنه يعلمه
-حليت كويس
لم يشأ أن يبتعد عن ما جاءه اليها، لينظر نحو عمق عينيها وهو يسألها بجفاء
-لسه بتتواصلي مع أهلك؟
ارتبكت من سؤاله المباغت، لم تتوقع مقابلتهم بعد خروجها من المركز أن يسألها عن أهلها
أي أهل تلقي ابنتهم لرجل جشع، ولا يفكروا للسؤال عنها
كبضاعة متلفة تخلصوا منها، أجابته بجمود
-أعتقد أنت أكتر واحد عارفة إجابة السؤال ده
زفر نضال بحدة وقد زادت من أمره صعوبة، منذ متي كان يتردد ويخشي أن يجرح مشاعر الذي أمامه؟
منذ متي أصبح لين القلب؟
الأبوبة حقًا أفسدت الجانب السئ منه، إذ بدي حائرًا لثواني وهو ينطق أسمها بخشونة
-فرح
نظرة الآسف التي يرمقها به جعلها تشهق بذعر وهي تضع يدها على ثغرها تهز رأسها بنفي
ترجوه أن ينكر ذلك الهاجس المميت، هل أحدًا منهما مات؟!
تجمعت الدموع علي حافة مآقيها لتترك كلها وهي تشهق باختناق هامسة
-متقولش أرجوك
هز رأسه بأسف وهو يجيبها بنبرة غريبة، وجديدة على أذنيها
– أنا آسف
هل قال آسف؟
هل يعتذر منها أم أن عقلها المعطوب يخيل لها؟
الإمبراطور يعتذر لإمرأة اتخذها جارية ؟!
اقتربت منه مندفعة بألم وعدم تصديق، متشبثة بسترته لتسأله بانيهار
– مين مات؟.. رد عليا و قولي
وضع يداه علي يديها المشتبثة بسترته، جاذبين أنظار فضولين ليقول بهمس أجش
-أبوكي
انهمرت الدموع من جفنيها، واناملها تتركان سترته لتنظر بتيه الي نفس الشارع الذي جاءته صباحا
قد كانت مندفعة بحيوية وأمل وإصرار علي نسيان ماضيها، وعائلة تركتها لتخلق عائلة خاصة بها
عائلة مكونة من عمل وأصدقاء عمل وبعض المرح كالسفر والجنون!!
لماذا إذا تتألم؟! وهي التي ظنت أنهة جاحدة
ناقمة
ولما لم تحاول أمها الأتصال بها؟!
لقد تركت رقم هاتفها القديم معها، لم تستطع أن تقطع الخيط الأخير، كان لديها بعض الأمل إذ ما شعرت والدتها بالحنين لرؤيتها!!
لما حتي هذا الخبر يصلها منه تحديدًا!!
همست تسأله بضياع
-امتى حصل الكلام ده؟
أجابها بهدوء وهو يترقب مشاعر التشتت والضياع الذي يظهر على وجهها المليح
-الصبح
ثم عرض عليها لما جاء لأجله ليهمس
-تعالي أوصلك ليهم
وقد توقع أنها سترفض، تحاربه، أو تهاجمه
لكنها فاجئته حينما تحركت من جانبه لتجلس علي المقعد المجاور للسائق، وكأنها تحاول سلخ نفسها عن الجلوس بجواره وإن عني هذا الجلوس بجوار السائق!!
صرف السائق بحدة من مكانه، ليتخذ مقعد السائق وهو ينطلق بسيارته نحو حي فرح ..
مسحت فرح الدموع المتحجرة لتنظر نحو النافذة وقد تغيرت بنايات الراقية إلي آخري شعبية، ومن طرق شاسعة إلي آخري ضيقة .. وبدأ التضاد بين العالمين تراه حقيقة بصورة مؤلمة!!
لم تنبس ببنت شفة تجاه نضال الذي تراه يختلس النظرات نحوها، لكنها لم تكترث له.. ان ظن ان بتوصيله لمسكنها يعني شئ فهو مخطئ
هي جاءت فقط لأنها لا تعلم كيف ستثق بذاتها لتأخذ سيارة أجرة والله أعلم ما داخل بنوايا سائقين الأجرة هذه الأيام .
هي ببساطة تأمنه بطريقة ما
الشهور التي عاشتها جعلتها تعلم أنه ليس دنئ لتلك الدرجة!! وإن كان فمشاعر الأبوة غيرته تمامًا ليبتدل نضال بنسخة آخري تثير غبطتها..

 

 

ترجلت من السيارة ما إن وصلت أمام حي مسكنها القديم، رأت سيدات الحي متشحات بالسواد تتوجهن داخل مبني مسكنها، اجلت ريقها بتوتر وهي تتحرك بتباطؤ تجاه الحي.. لكن ظهر لها شخص من العدم ينظر اليها ببعض الهلفة وعاطفة قديمة
-البقاء لله يا فرح، حوالت أكلمك كذا مرة بس تلفونك مقفول
لا، لا، لا، ليس ذلك الرجل مرة اخري
عماد الذي عبر عن لهفته للزواج بها حيث كانت متزوجه منه، سخرت من نفسها وهي ما زالت تراه على عهده
اجابته بهمس خافت وهي تتجاهله للخروج عن حصاره
-شكرا يا عماد
عاجلها عماد قائلا، وعينيه المتلهفتين يري معذبته بعد شهور طويلة من انقطاعها لزيارة عائلتها
-هيطلعوا بيه على الجامع دلوقتي
تجمعت الدموع في حدقتيها وهي تشعر انها معراة أمام الجميع!!
ترغب بالفرار أو الهرب، وصوت نواح السيدات يزيد من اشمئزازها ورعبها
شعرت بجسد نضال يحجبها عن أعين الآخرين، ليمسك يدها بحزم متوجها بها تجاه سيارته

والغرابة انها اتبعته راضية ونشيج بكاءها يزيد من ليونة قلبه
اللعنة عليه
منذ متي يتأثر بدموعها
قال بحدة وهو يتمني لو تكف عن التصنع أو تتلبس بشخصية غير شخصيتها
-ابكي يا فرح
أعطاها الاشارة الخضراء
لتنهمر الدموع بلا انقطاع
والقلب يأن وجوارحها تتعاضد جنبًا لجنب مع ألمها
لتبكي بكل حلقة ووجع كتمته، وعينيها ترتفع لتري الرجال يمسكون بجثمانه متوجهين به تجاه الجامع، ويتبعهم خلفهم نسوة يصرخون و يصدرون أصوات كنعاق الغربان.. ومنهم والدتها التي ميزت السيارة الفاخرة التي لم يكن يمتلكها سوي زوج ابنتها..
ظنت فرح أن ما يحدث سيلين قلب والدتها ومشاعرها، وهي تراها تتقدم تجاهها
همت فرح بالقاء جسدها بين ذراعيها، الا أن والدتها هدرت في وجهها بقسوة
-انتي سبب موته، بعد ما عرفنا خبر طلاقك
تراجعت فرح مذعورة، متفاجئة من كمية الغضب المنبعث من والدتها التي رفعت يدها تهم صفعها أمام الرائح والغادي، يد قوية تمسكت بساعد المرأة العجوز ليهمس بشرر مطلق
-قسما بالله لو مديتي إيدك عليها، هخليكي تحصلي المرحوم
نفض نضال يده عنها بعنف والمرأة تنظر بقهرتجاهه، ثم اليها لتقول بقسوة
-طلعتي غبية يا فرح، غبية.. مش عايزة اشوف وشك تاني
اتخذ نضال موضع الهجوم ليقول بتحذير
-تمشي كدا زي الشاطرة ترجعي بيتك وتاخدي واجب الراجل الميت ده، وفلوس كل شهر هتوصلك
نظرت اليه بتردد تختبر صدقه من كذبه، ثم سرعان ما غادرت تلتحق بالنسوة اللاتي بدأن وصلة الهمز واللمز..
اقترب نضال منها بعدما رأي شحوب وجهها واهتزاز حدقتي عيناها لتهمس بصدمة
-هي قيمتي رخيصة للدرجة دي!!
انتفض جسد نضال حينما شعر بترنح جسدها، ويبدو انها ليست في كامل وعيها ليمسكها من عضديها وهو يدفن رأسه في اذنها قائلاً بصوت مطمئن
-اششش، انسي يا فرح
حاول أن يجد منها مقاومة، أو انتفاضة لكن سكون جسدها هذا أثار جزعه وقلقه.. رفع وجهه عنها ليري رأسها سقط علي صدره وجسدها ارتخي مما جعل نضال يتشبث بها بقوة.. والطواحين في رأسه تصرخ
أن فرح غادرت الحياة بغيبوبة تفصلها عن العالم.

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *