روايات

رواية ظل السحاب الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب البارت الثاني والثلاثون

رواية ظل السحاب الجزء الثاني والثلاثون

رواية ظل السحاب
رواية ظل السحاب

رواية ظل السحاب الحلقة الثانية والثلاثون

 

#ظل_السحاب
#آية_حسن الثاني والثلاثون 💜💜💜💜💜🙈
صاح ليوقفها قبل أن تضغط على الزر وينغلق الباب، ليهرول مسرعًا حتى يلحق بالمصعد .. دلف بداخله وانغلق المصعد الكهربائي تلقائيًا، فهتفت فريدة بحنق
: هو انت؟ إيه اللي جابك هنا؟
أجاب بابتسامة وهو يضغط على أحد أزرار التحكم الخاصة بالمصعد
: مش يمكن رجلي جابتني ع هنا، وفي الوقت دة بالذات، عشان أشوفك مرة تانية؟
ضحكت ساخرة بخفة، ثم أردفت
: وهو انت ليك عين تيجي بعد اللي عملته أصلاً؟

 

 

قطب جبينه: عملت إيه؟
اندفعت قائلة وهي تضغط على أسنانها: أيوة ياخويا استعبط واعمل نفسك مش عارف، مش انت سرقت المستندات، وبسببك مراد…
بترت حديثها تحت نظراته المتعجبة، لينفتح باب المصعد بعد بلوغه الطابق المقصود، وترمقه فريدة من أعلى لأسفل باستهانة ثم تترجل وتسير بالمرر متوجهة نحو مكتب مراد، لـ يليها معتز في مسارها..
________
وضعت يديها على فمها وعينيها تتسعان بذهول عما صدر منها دون إدراك، تتمنى لو أن الأرض في هذه اللحظة انشقت وبلعتها، لتقول بلجلجة وتلعثم من شدة إحراجها
: أنا…أنا لازم أمـ…شي حالًا

 

 

ركضت مسرعة من أمامه وهي تفر بعينيها هاربة بعد الإضطراب الذي أصاب كيانها من خجلها، ليهرول خلفها وهو يصيح مناديًا عليها حتى يوقفها، لكنها كانت أسرع لتصعد عربتها وولت مدبرةً.
ليقف عز يراقب سرعتها المهولة حتى اختفت عن الشارع تمامًا، لم يكن يعلم أنها سترتبك لتلك الدرجة بعد تفوهها بتلك الكلمات التي اندفعت من فمها كالسهم المنطلق دون حسبان .. لكن على أي حال هو شعر بالسعادة تغمره وازداد الشوق بقلبه إليها، لو أنها صبرت قليلًا لكان قد أخذها من يدها على أقرب مأذون كما يقولون وعقد قرانه عليها، وضر*ب بكل القوانين التي في الدنيا من أجل خطف لحظات بجوارها وفقط هي.
_______
لقد بلغت الدور الذي يقطن فيه مكتب مراد، لتمر بغرفة السكرتارية والتي بالتحديد تجلس بها ”نانسي“ تلك السارقة التي سرقت منها هذا المنصب، حتى وإن كانت لم تفكر بأن تصير سكرتيرة له؛ فجعلتها سا*رقة لكونها أصبحت هي قريبة من مراد بدلًا عنها، ولا تدري لما هو متمسك بها لهذا الحد!!
اقتربت وقفت أمامها وهي تفكر بإستفزازها، أسندت يديها على حافة المنضدة واقتربت بجذعها وهي ترفع أحد حاجبيها لتهتف وهي ترمقها بنظرة لعوب

 

 

: خشي قولي لـ مراد إني برة يا اسمك إيه!
نهضت بجمود وهي تضرب بيديها على سطح المكتب بخفة فتهتف حانقة
: انتي ازاي تيجي الشركة تاني؟
شهقت معترضة وهي تفرد كفها: نعـم يا عمري!! وانتي مين عشان تقوليلي آجي ولا لأ يا بت
زمت نانسي شفتيها ثم قالت وهي تشير لنفسها رافعة شفتاها العلوية باستهجان
: أنا بت؟ انتي إنسانة قليلة ذوق، والمرة دي أنا هطلبلك الأمن ير*موكي ف الشارع لأن دة مقامك!
رمقتها بقرف وهي تشير بسبابتها إليها من أعلاها لأسفلها باستهزاء، اتسعت حدقتي فريدة لتصعد الدماء إلى معالمها ثم بدأت تتحول مقلتيها إلى لون أسود قاتم، لتستمتع نانسي إلى صوت زئير خفيض يخرج من بين ثغرها الذي يتحرك وكأنها تستعد للهجو*م،
فتتراجع نانسي للخلف وهي تترقب نظرات فريدة، وبعد أن اعتراها الرعب وعلا وجهها الشحوب، فاصطدمت بالمقعد دون انتباه، ثم استدارت خلفه وأمسكت به بارتياع وهي تتطلع بتلك التي تنظر لها بوجه مخيف..
لتردف نانسي برجفة في نبرتها: ع فكرة إنتي لو قربتي مني أنا هصوت وألم عليكي الشركة كلها، خليكي مكانك أحسنلك!
حذرتها ليزيد هذا من غضبها فتجدها تندفع كالذ*ئب وتصعد فوق المقعد ثم تعلو فوق سطح المكتب بغير تفكير، لتمسك بـ نانسي التي شرعت صارخة بعدما أصابها الهلع..

 

 

 

———
: يعني أنت عايز تفهمني إنك مساعدتش معتز عشان يطلع منها!
سأل تميم بمكر وهو يتطلع إلى مراد بنظرات يفهمها الآخر جيدًا، الذي يريح ظهره للخلف بأريحية، ويضع ساقًا فوق الأخرى، ويميل بزاويه حادة .. فيرد بعملية وهو يمسح على أنفه مسحة طفيفة
: شوف يا شامي، معتز أه ابن عمي وأه طلبت منك تحاول متورطهوش ف القضية بعد ما حكيتلك عن العك اللي بيعمله، لكن دة صدر مني بحكم إني عارفه شخص مضحوك عليه حتى لو كان مأمن نفسه، وكمان شوفت خوف ف عينيه وهو بيطلب أرجعله المستندات،
لكن برضو هو مذ*نب ولازم يتحاسب زيه زي غيره، أنا مش هتستر على جر*يمته، بدليل إني جيت وحكيتلك وكنت ناوي أديلك المستندات قبل ما تتسرق!! بس لو فيه ثغرة صغيرة ممكن يصلح بيها اللي عمله من غير ما أخسر نزاهتي أو أأذ*ي بيها ناس تانية، ليه ما أساعدهوش فيها؟ كإنسان قبل ما اكون رجل مسؤول. هو مش فيه حاجة اسمها ”روح القانون“ احنا درسناها؟ أنا طبقتها وفـ نفس الوقت برضو أديله درس مهم، لأن أنا وهو ف النهاية من د*م واحد وعاوزه يكون شخص نضيف!!
ارتسمت بسمة على محيا تميم، تنم عن إعجاب وإكبار بصديقه فيردف
: طول عمرك راجل موزون وعندك ذمة وضمير .. ياخي أنا مش عارف إزاي وافقوا على استقالتك، دة حتى اللي زيك قليلين ف الداخلية!

 

قال بطرافة ليرد عليه مازحًا: كفاية عليهم جنانك انت وعاطي، مشوفتش زيكم ف الدنيا بحالها مش ف الداخلية وبس، ومعاكم عماد كمان.
قهقه تميم عاليًا ثم تساءل: صحيح الجدع دة فين؟ وحشني هزاره ابن الإيه كان عاملنا جو ف الجهاز!
: مشغول لشوشته معايا
أجاب وهو يحرك يده بعشوائية فيردف تميم وهو يرصد تلك العلامة التي تحددت على طرف كفه، بفضل فريدة
: هو جدع أوي… بس إيه العضة اللي ف إيدك دي؟
سأل باهتمام لينظر تلقائيًا ليده، فتح فمه ليختلق قولًا مصطنعًا، فبالطبع لن يخبره أن فريدة من قامت بعضه!
وقبل أن يجيب سمع صوت صياح عالي يأتي من الخارج، انكمش وجه الإثنان في غرابة..
: انتوا فتحتوا عيادة نسا وتوليد هنا؟
سأل تميم ببلاهة ثم نهض مراد من مقعده وتحرك مترجلًا للخارج على صوت ارتفاع الصرخات ويتبعه الآخر .. عند خروجه وجدها تعتلي المنضدة وتحاول محاصرة نانسي التي تقف في زاوية ترتعش ذعرًا وهي تطلق صرخات من خوفها..
هدرت بصياح: وربنا النهاردة ما هسيبك، I will cu*t you to pieces and throw every piece of you into the Amazon!
„سوف أقطـ*ـعكِ إربًا إربًا، وأرمي كل قطـ*عة منكِ في بلاد الأمازون„
أردفت وهي تصطك على أسنانها وتضر*ب بحافة كفتها على راحة يدها الأخرى بغل، لترتعد أوصال نانسي أكثر فتصيح بنبرة مبحوحة ووجه باكِ يعتريه الإصفرار
: انتي مجنونة، الحقني يا مراد
صرخت مستنجدة، لتجد فريدة بالذي يجذبها من القمة وهو يقبض على ذراعها بقوة ولولا أنه يمسكها بإحكام لكانت قد سقطت..
: إيه اللي بتعمليه دة؟ فاكرة نفسك ف حوش مدرسة؟!
صاح بعصبية وهو يهزها بقوة تحت نظرات مترقبة من الموظفين الذين قد هرعوا مسرعين على صوت صراخ نانسي المربك لهم، وكأن شخصًا لدغته النا*ر..
أكمل متذمرًا: هو أنتي كل شوية هتعمليلك مشكلة؟ مفيش مرة بشوفك فيها غير لما تتسببي ف كا*رثة! واضح إنك جيتي الدنيا دي عشان تزعجيني وبس!
اغرورقت عينيها بدموع هزت كيانه قبلها .. بالطبع هو لم يقصد المعنى الحقيقي لكلماته، لكنه صدر من ثغره لغضبه العارم منها .. انحبس صوتها داخل حنجرتها، واحتبست الد*ماء بوجهها من إهانته لها، فحاولت التملص منه بهدوء لكنه كان يكمش على ذراعيها بإحكام،

 

حرك رأسه ليجد حشد من الموظفين يشاهدون ما يحدث باهتمام كأنهم يتفرجون على مشهد تلفزيوني .. فصرخ فيهم بحدة
: بتتفرجوا على إيه؟ كل واحد يروح على مكتبه وإلا هتكونوا كلكم مرفودين، يلا!
لم يكن مجرد تهديد بل يستطيع فعلها بسهولة .. ففي ظرف ثلاث ثواني لم يبقى ولا شخصًا بالمكان بل هرولوا جميعًا إلى أماكنهم،
لينتبه عماد لركضهم بعد بلوغه الطابق فتساءل في نفسه عن سبب هرعهم بهذا الشكل .. توجه نحو المدخل الرئيسي لـ مكتب مراد ليتحقق من الأمر .. وقف مكانه فجأة ويجد مراد ممسكًا بكلتا ذراعي فريدة، جحظت عيناه بذهول،
ليتمتم في عقله «هو مراد باشا مستقصد البنت دي ولا إيه؟ معرفش يسلب منها أعز أشيائها، قالك اتحركش فيها!، الباشا طلع نوتي أوي»
تقدم نحوهم ليسمع تميم يتحدث قائلًا: خلاص يا مراد بقا سيبها مش كدة!
ليصيح مراد به: متدخلش يا شامي
حمحم عماد ليردف ببلاهة: السلام عليكم، شكلي جيت ف وقت مش مناسب، ولا إيه؟!
حدج مراد به ليبتلع عماد لسانه، ثم يرى مراد يسحب فريدة ويزيح تميم عن طريقه لكي يدخل المكتب،
لتصيح هي باكية وهى تحاول شد يدها عنوة
: ابعد عني بقا
لم يستمع إليها بل دفعها إلى الداخل وأغلق الباب بقوة في وجه الذين بالخارج..
استدار إليها مندفعًا بوجه تنفر الد*ماء منه، لتنتفض بفزع وهي ترى غشاوة من اللهيب تلامس مقلتيه .. يقترب منها بخطوات بطيئة جعلتها تتراجع إلى الخلف بساقين متثاقلتين، ليختصر هو المسافة بينهما ويقبض على ذراعيها، فتصيب القشعريرة بدنها فورًا، ليشعر هو بتلك الهزة تصعد إلى قلبه..
ليهمس قائلًا وهو يضغط على أسنانه: انتي مش هتبطلي جنانك دة؟ مش عايزة تعقلي أبدًا! هتفضلي غبية كدة وتتصرفي بطيش ع طول؟!

 

لينكمش وجهها بحزن وتنهمر العبرات على وجنتيها ثم تبدأ بالبكاء بصوت عالي، وتهتف من بين بكائها الحارق
: أنا كنت عارفة إنك هتغير معاملتك معايا، وترجع لطبعك القاسي زي عادتك .. يا ريتني ما كنت جيتلك عشان انت بني آدم متستاهلش، سيب إيدي ومتلمسنيش مرة تانية، أوعى بقولك.
صرخت وهي تسحب ذراعها بعنف، ليجذبها إليه بقوة ويهمس مستنكرًا بأنفاس حارة
: يعني إنتي زعلانة أوي عشان بقسى عليكي! ومش شايفة سبب للي بعمله معاكي؟
صاحت بزمجرة وهي تنصل ذراعيها منه: أيوة مفيش سبب، دة طبعك ومش هتغيره .. كل مرة عايز تطلعني أنا اللي غلطانة، من غير ما تدي نفسك فرصة تسألني عن اللي حصل ،وبتحكم عليا من خلال الصورة اللي شايفها عليا من ساعة ما عرفتني!!
لم يصدق أنها قد رسمت تلك الفكرة الخاطئة عنها لديه، وكل هذا لأنه صاح بها بعبارات لم يعنيها بتاتًا!
: فريدة بطلي عياط، واسمعيني!
قال بهدوء، لتمسح بأنفها ثم تردف بنبرة متحشرجة
: مش عايزة أسمع .. أنا جيتلك عشان لما قولتلي إنك هتصالحني، ولما طلبت منها تدخلني رفضت وهزأتني، وقالتلي إن مكاني الشارع! وأنا متعودتش أسكت عن حقي، لولا كدة أنا ما كنتش اتعرضتلها.
اصطك على فكيه وهو يقبض على راحة يده اليمين بقوة حتى هربت الد*ماء منها .. كيف لها أن تتحدث إليها بتلك الفظاظة؟ كان يظن أن فريدة من بدأت بالشجار كونه يعلم مدى كر*هها له، حتى أنها ودت لو يطردها،
سوف يكون رد فعله قاسيًا مع تلك الحمقاء التي تجرأت على إهانتها هكذا.
همس بلطف ونبرة مخملية تحمل معنى الإستياء لدموعها التي لا يتحمل هبوطها على وجنتيها الصافيتين
: فريدة متضايقيش، أنا هاخدلك حقك!
: ومين هياخدلي حقي منك أنت!
زمجرت فتبسم لها وأخرج محرمة من جيب سترته الداخلي، واقترب منها يمسح تلك اللآلئ المهلكة له .. أشاحت بوجهها عنه، فهمس
: يلا بقا امسحي وشك
: لا مش همسح، وملكش دعوة بيا

 

زمجرت بطفولية ليقترب ويضم وجنتيها بين كفتيه بحنو ثم يزيح بإصبعيه الإبهام الدموع برفق
: مش عايز أشوف الدموع نازلة على خد السحاب تاني، سامعة؟
همس فتعجبت هي من هذا اللقب لكنه أعجبها، ستعتبر هذا عربون محبة منه..
أردفت ببسمة: أعتبر إنك كدة بتصالحني؟
نفى برأسه: تؤتؤ، لسة في مفاجئة
قال هامسًا، فتحمست وشعرت بالفرح يساور قلبها
: هي إيه؟ بالله قوللي!
قفزت وهي تتساءل بمرح: لو عرفتيها متبقاش مفاجئة، اسمعي الكلام وانتي هتعرفيها قريب!
لا تدري لم أحست بلغز يحاوط نبرته، لكن على كلًا هي متحمسة جدًا لكي تعرف بما سيفاجئها أو سيعطيها خا*زوقًا، لا تعلم!
__________
تجلس فوق فراشها تضم ركبتيها لبعضهما وتحاوطهما بذراعيها، تشهق بدموع تتناثر كاللهيب على خديها، تشعر بالضعف وهي تتذكر عبارتها التي انطلقت من فمها دون وعي،
اللعنة، ماذا سيفكر بها عز الآن؟ لقد كانت تعتز بكرامتها طيلة هذه السنوات لأجل الاحتفاظ بكبرياء أنوثتها، فمهما كانت هي جيدة وتسامح الجميع، ولا تضمر الخبث لأحدهم، إلا أنها لا يمكن أن تبيع حالها لهواها فكان يجب عليها التمهل قليلًا إلى أن يقولها هو كما فعل سابقًا،
الذي فعلته أصبح كمن يرمي نفسه على الآخرين، حتى وإن لم تكن هذه الفكرة وصلت لرأس عز، ولكن تبقى هذه هي الحقيقة!
إن علم مراد بالأمر سيستاء كثيرًا، وسيسخط عليها فالبنسبة له الكبرياء والغرور أهم شئ في حياته، وإن لامسها أحدهم، سيو*دي بحياته، لقد منعها قبل ذلك من رؤيته لأجل عزتها، والآن لقد بعثرتها أرضًا،
انخرطت في بكاء مرير حتى أذبلت ملامح وجهها، وأصبحت شاحبة.
________
يقف بالمرحاض أسفل الصنبور، وتساقط المياه على خلفية رأسه وعنقه وتسيل على جميع بدنه، يشعر باضطراب يصيب عقله ورغم تيقن قلبه بذلك الإحساس الذي تمكن منه، هناك صوت يصرخ بعقله ويتهمه أن ما يفعله مع فريدة هو ليس سوى خيا*نة لـ رغد،
كالذي ليس لديه الحق في الحصول على طريق منسجم يسلكه لمتابعة سير حياته، إما أن يبقى هكذا مثل الحجر، يراقب عمره يركض أمامه ف الضياع، وإما أن يعيش ما بقي منه ويصير خ*ائنًا؟
ترى هل سينتصر ذلك الظل الخفي الذي يقف خلفه دائمًا، أم أن اللهـ*يب الحار المحاصر له، والذي أجبره على الوقوف ف نقطة سوداء تمنعه من المرور عداها، سيحر*قهما معًا؟!
يتمنى ألا يؤ*ذي تلك السحابة الرقيقة معه وهو يحارب لأجل العبور لمهتداه.

 

 

أغلق صنبور الإستحمام ثم التقط المنشفة الموضوعة خلف باب المرحاض وحاوط بها خصره ثم ترجل منه، ليستمع إلى نغمة هاتفه تعلن عن وصول رسالة جديدة، أمسك الجوال وفتح الرسالة ليقرأ النص التالي..
“مراد باشا، اتمنى تكون بخير، أكيد دلوقتي بتسأل نفسك مين اللي باعتلك، متفكرش كتير عشان مش هتعرفني، برغم إني قريب منك أوي، لكن مع ذلك صعب عليك تكتشف مين أنا .. مبروك عليك جايزة أحسن رجل أعمال لسنة 2020،
بتحاول تعيش أيامك انت دلوقتي وبتجمع عيلتك حواليك مش كدة؟ شئ جميل، بس يا ترى هتقدر تكمل ولا… ؟
مش عاوز أسبق الأحداث، ولا عاوز أحبطك، لكن حاول تستمتع بكل لحظة حاضرة، لأن ماحدش عارف الأيام الجاية فيها إيه!”
قطب وجهه متعجبًا عقب انتهاءه من قراءة نص الرسالة، ولا يعرف مَن من الممكن أن يبعث تلك الرسالة المجهولة؟ وفي هذا الوقت بالتحديد؟
لم يهتم للأمر كثيرًا بل رمى الجوال بإهمال على الفراش وذهب للخزانة لمتابعة إرتداء ملابسه.
________
اتصلت عليها مِرارًا وتكرارًا فما من رد! اعتراها القلق، هل حدث معها مكروه؟ أنفضت رأسها عن تلك الفكرة، لكن ما زالت لا تعرف لم لا تجيب عليها،
لقد تذكرت انها أخبرتها عما صدر من والدها من كلام، هل استاءت لهذا؟ لا فهي عادة شخص متفهم وتفصل بين الأمور جيدًا، أيعقل أن أباها تحدث إليها وحذرها من أن ترد؟
اتسعت عينيها في هول، لتهبط من فوق السرير وتتوجه نحو حجرة عز الدين فورًا، أخذت تقرع الباب بهلع وهي تردد..
: افتح يا بابا، افتح ياللي هتجلـ*طني
جعلت عز يهرع من مجلسه بفزع ليفتح الباب، فيهتف متسائلًا بذعر للخبط المريع
: ف إيه، مالك يا فريدة؟
لتدلف للغرفة وتهتف: الحقني يا بابا، نيرة مش بترد عليا، انت زعلتها ف حاجة؟

 

تنفس الصعداء، ويردف وهو يضع يده ع موضع قلبه
: حرام عليكي يا بنتي خضتيني، فكرت حصلت حاجة معاكي!
: لا، بس هيحصلي لو معرفتش نيرة مش بترد ليه!
قالت بوجه باكِ، ليعطيها ظهره ويجيب بنبرة متلعثمة
: مهو أكيد مش هترد بعد اللي حصل!
ضر*بت صدرها واعتلت الدهشة معالمها فهمست
: حصل إيه؟
استدار عز لها وهو لا يدري كيف سيخبرها عما حدث، لقد أصبح الوضع محرجًا حقًا، شعر أنه شابًا ف الخامسة والعشرون من عمره وليس رجلًا يافعًا قد لحق البياض شعره، لكنه تنهد وحكى لها كي يهدئ من روعتها ..
بعد دقائق معدودة من محاكاته، صمتت لوهلة وكأن الأمر صدمها لكن تفاجأ بعد ذلك بضحكاتها تصدح بالحجرة، حتى أن عينيها قد أدمعت من كثرة الضحك،
فتعجب: انتي بتضحكي على إيه دلوقتي؟
ما زالت تضحك، قفزت بقدميها وهي تخبئ وجهها براحتي يديها، ليصيح عز متذمرًا
: فريدة، خلاص بطلي ضحك بقا!
لتتوقف عن القهقهة وتقترب منه وهي تضع يديها على صدره، وتتساءل
: يعني هي مبتردش عليا عشان مكسوفة مني؟
: أكيد يعني
رد بضيق، لتبدأ بالقفز مجددًا: أنا مش مصدقة، وأخيراً انت ونيرة هتتجوزوا، هيــه!

 

عقد حاجبيه ليهتف بحنق: يا فريدة، متاخديش الأمور بهزار، هي أكيد مكانتش تقصده
أكدت: لا تقصده، وأنت هتتمسك بالكلمة، عشان دة حقك انت وهي، كفاية فراق لغاية كدة!
وقبل أن يرد تحركت هي خطوات بسيطة مبتعدة عنه وتعض إبهامها وهي تنظر للفراغ بتفكير، لتهمس في عقلها بحسم
: أنا بكرة هكلم مراد، وأجس نبضه كدة وإن شاء الله جوازتك يا بابا ع إيدي!
__________
كان يتحدث عبر الهاتف المحمول وهو يعبث بقلمه، ثم تدلف نانسي إلى المكتب وقبل أن تتحدث يشير لها بالصمت إلى أن ينهي مكالمته..
: تمام، الله يبارك فيك، مع السلامة
أغلق الهاتف فهتف هي متحدثة: طلبتني يا مرا… قصدي يا أستاذ مراد؟
عدلت من جملتها بعد أن تذكرت تنبيهاته، ليرد عليها بخشونة وهو ينهض
: أيوة طلبتك .. تقدري تقوليلي إيه اللي عملتيه مع فريدة امبارح؟
سأل وهو ينظر لها بحدة، فترد بصوت مرتفع مستنكرة
: أنا عملت؟ دي هي الـ…

 

بتر كلامها بصوت غليظ وهو يضرب بيده على سطح المكتب جعل جسدها يهتز ارتياعًا
: ماتعليش صوتك! ثم إن هي معملتش كدة من نفسها، انتي اللي استفزتيها بكلامك السخيف!
ابتلعت لعابها وهي تحاول اختلاق كذبة حتى تسلم من نظراته الشرسة
: مراد، صدقني أنا اللي قولته رد فعل للي هي قالته!
تلعثمت فصاح بها: مش عايز كدب! .. ثم إني مش بسألك عشان تبرري .. أنا طلبتك عشان أنبهك لأول وآخر مرة، فريدة لما تيجي هنا تتكلمي معاها كويس، وإياكي تزعجيها بكلامك اللي مالوش عازة!
رفع بسبابته محذرًا تلك المرة بهدوء ممزوج بجمود حتى لا تقدم على هذا مجددًا، لترد عليه من بين أسنانها
: حاضر، أي أوامر تانية؟
: اتفضلي على شغلك
أشار إليها بالذهاب بجمود، لتضرب بقدمها بالأرض ثم تخرج فتجلس على المقعد وهي في قمة غيظها مما فعله معها لأجل تلك الطباخة السو*قية! لتقسم بداخلها أنها ستريها مقامها الحقيقي!
أخرجت مستندًا من أحد الأدراج لتضعه أمامها بحنق، وتقلب صفحاته بعـ*نف وتأفف، ليدخل عليها معتز ويتعجب من طريقتها لتحريك الأوراق بهذه الشراسه
: في إيه يا نانسي، مالك طايحة في الورق اللي قدامك ليه؟
سألها ساخرًا لترد وهي تجز على أسنانها
: ابعد عني السعادي يا معتز، أنا بجد مش طايقة حد!
جلس ع المقعد فتساءل عن سبب انزعاجها
: ليه؟ مين زعلك يا قمر؟
لترد بتهكم: الاستاذ مراد، قال إيه مش عايزني اتكلم مع واحدة ما تسواش جنيه بأسلوب وحش، هي مين دي عشان يزعقلي عشانها!
هتفت باستهجان وسخط ليسأل معتز مؤكدًا

 

: أيوة فعلاً هي مين دي؟
تأففت وهي تشيح بيدها: يووه ملكش دعوة يا معتز بقا
أشار بيده: طيب طيب، أنا هدخل عند مراد، هو عنده حد؟
: لأ
أجابت بحنق، ليرفع معتز كتفيه ثم يدلف لحجرة المكتب، أغلق الباب واقترب وهو يرسم ابتسامة صافية على ثغره، فيهتف
: ازيك يا مراد؟
رفع مراد رأسه ورد عليه دون ابتسامة، ثم أشار له بالجلوس، فأردف معتز بعد أن جلس
: أنا عارف إنك مشغول، بس أنا جيتلك امبارح عشان اتكلم معاك ف موضوع، وعم شفيق مسكني وفضلنا نرغي سوا.
سأل مراد وهو يتكئ على ظهر المقعد ويضم أنامله ببعض هم
: خير؟
رد متبسمًا: أكيد خير، أنا عايز أرجع أشتغل… ومن قبل ما ترد، أنا موافق أشتغل ف المصنع مع العمال
نمت ابتسامة طفيفة على محيا مراد: والله دي حاجة كويسة، أنا موافق…
ليضبط من سترته ويردف: من بكرة لو حبيت تستلم الشغل معنديش مشكلة!
انبسطت ابتسامة عريضة على وجه معتز ثم نهض مسرعًا وقال

 

: أنا مش هعطلك أكتر من كدة، وشكرًا ليك يابن عمي، بجد شكرًا
ليغادر مكتبه في سعادة غامرة تحيط بأساريره .. شعر مراد وكأنه يندفع للإتجاه الصحيح، كان يعلم أن معتز ليس شخصًا سيئًا بل أسلوب تربيته الخاطئ من جعله شخصًا مستهترًا.
_________
عادت فريدة إلى الشركة لتسير بالبهو وتحرك رأسها يمينًا وشمالًا كأنها تبحث عن أحد، ليراها عماد وتتسع ابتسامة صفراء على ثغره فيتمتم وهو يتطلع إليها..
: شكلها حبت موضوع التحمرش أوي، عشان كدة رجعت تاني هنا…
ليرفع بكفيه وجهه ويهمس داعيًا: يا رب بقا يخطـ*فها وأبوها يجبره يتجوزها، هي طيبة وتستاهل كل خير.
انتهى من الدعاء ثم سار متوجهًا إليها، فهتف متسائلاً
: إيه يا آنسة فريدة مؤقتًا، بتدوري ع حاجة؟
انتبهت له ثم أجابت: أه، ممكن تروح تنادي على مراد ينزلي!
رفع حاجبيه مندهشًا: أعمل إيه؟
: تناديلي مراد
قالت بحنق وهي تكتف ذراعيها، ليسألها بنظرة لعوب
: طب ليه أنتي متطلعيش له؟
: وانت مالك الله! هتطلع ولا أشوف حد غيرك؟

 

صاحت بزمجرة ليحمحم: هطلع حاضر
فيهمس في عقله ”مانتي الزوجة المستقبلية للباشا“
ليبتسم وينحني قليلًا وهو يقول برسمية وكأنه يحادث ملكة
: تحت أمر سعادتك، خمس دقايق والباشا ياخد خبر بوجود معاليكي، بعد إذنك
هرول مسرعًا عبر الدرج وهي متعجبة من تلك المعاملة الغريبة لها..
———
: باشا، يا باشا، الحق
اندفع عماد بسرعة لداخل غرفة المكتب وهو يصيح مناديًا، لينهض مراد بذعر من مجلسة، فيسأل بقلق
: ف إيه؟
: ملكة النحل مستناك تحت!
أجاب وهو يحاول التقاط أنفاسه، ليضيق مراد ما بين حاجبيه
: نحل؟
: قصدي انثى النـ*مر!
ليعود ويجيب بغموض ثم يجز مراد على أسنانه محذرًا
: عماد!
: الآنسة فريدة تحت، آخر إجابة!
همس متعجبًا: فريدة!!!
———-

 

هبط مراد إلى أسفل ووجد فريدة تجلس على أحد الأرائك في صالة الاستقبال الكبيرة، ليسير صوبها مباشرة بسرعة فيهتف..
: فريدة
ثم اقترب منها وأمسك بكتفيها سائلًا إياها في قلق
: مالك، فيكي حاجة؟
لترد نافية: لأ، متخافش أنا كويسة
: أمال مالك، ومطلعتيش ليه؟
أشبكت يديها في خصرها، وتهتف بحنق: عايزني أطلع عشان سكرتيرتك تهزأني تاني؟
أردف بجمود طفيف: بطلي هبل، ماحدش يقدر يعملك حاجة، تعالي يلا اطلعي
فترد بنعومة: لا خلينا نتكلم هنا، مش عايزة أطلع مكتبك
همس من تحت أسنانه: مش هينفع، الناس بتبص علينا!
لم يحبذ أبدًا أن يراها الموظفين بصورة غير لائقة، خصوصًا أن ما جرى بينهما ف الأيام الماضية ليس بالقليل، فبالتأكيد ستصعد إلى رؤوسهم أفكارًا غير جيدة عنها، وهو لن يسمح لأي أحد أن يتطلع لها بنظرات و*قحة.
صمت لهنيهة ثم تنهد: طب تعالي نخرج ف أي حتة، بس مترغيش عشان ورايا شغل!
حذرها مازحًا لتهمس بغرور وهي ترمي بشعرها للخلف

 

: براحتي، انت لسة مصالحتنيش!
ابتسم وهو يهز رأسه مستنكرًا ثم يشير لها أن تسرع في سيرها، ليخرجا معًا ويصعدا السيارة ثم ينطلق بها في مكان هادئ حتى تتمكن من التحدث إليه..
ومضى أكثر من ربع ساعة يجلسان أمام بعضهما على أحد الطاولات، تتطلع إليه بشرود دون التفوه بأي شئ..
: فريدة أنا عندي شغل كتير، يا ريت تخلصي وتقولي عايزة إيه، بقالنا كتير قاعدين ومش بتتكلمي!
هتف مراد يحثها على التكلم .. كادت أن تحادثه بشأن زواج أبيها ونيرة، لكنها شردت عن مقصدها دون التمعن في التفكير، قبل أن تقدم على هذا السؤال الأحمق
: انت لسة بتحب رغد؟…………..

 

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ظل السحاب

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *