روايات

رواية جيفارا الفصل الأول 1 بقلم أحمد سمير حسن

رواية جيفارا الفصل الأول 1 بقلم أحمد سمير حسن

رواية جيفارا البارت الأول

رواية جيفارا الجزء الأول

جيفارا

رواية جيفارا الحلقة الأولى

في غرفة عزل إحدى المستشفيات النفسية – في الثامنة مساءًا ..

كان (جيفارا) مُلقى على الأرض مُكبل اليدين ..
الإضاءة عالية جدًا في غرفة العزل .. رُبما هذا الشيء لأستفزازه أو للعبث بنفسيته
فمنذ أن تم إيداعه في المُستشفى من قبل (الداخلية المصرية)
لم يستطع أحد أن يجعله يعترف بإعتراف واحد ..
فجيفارا كان هو موضع حديث الرأي العام كُله في الفترة الماضية
فهو الرسام الوسيم الذي أتهم بالقتل والنصب وترويع المواطنين!
ولكن أين الأدلة؟
بعد فترة من التحقيقات تم إيداعه في مُستشفى الأمراض النفسية للكشف عن قواة العقلية .. فكُل ما يفعله لا يُعقل أبدًا
نظرت الطبيب الحسناء إلى جيفارا المُلقى على الأرض والذي ينظر لها بأعين ثابته وقالت:
– أنت كويس؟
فقال بتهكم:
– والله الإقامة هنا كويسة هبقى اديكم 5 نجوم على بوكينج!
ابتسمت الطبيبه لسخريته منها وقالت:
– طيب تحب نقعد نتكلم في مكتبي ولا هنا أريحلك؟
= كُله خرا! .. أنا أصلًا وجودي في غرفة العزل غير قانوني .. لكن طبعًا كلامي ده مالوش فايده لأننا مش في دولة قانون!
تأففت الطبيبة وقالت للمرض:
– هاته المكتب ..

ذهبت الطبيبه الثلاينيه الحسناء إلى مكتبها تنتظر فيه (جيفارا) الذي أتم عامه الرابع والثلاثون منذ أشهر
نهض جيفارا مُقيد اليدين وأمسكه المُمرض في قلق وظل يسحبه إلى المكتب، فلاحظ جيفارا خوف الممرض وقلقه منه فقال:
– أنت قلقان مني؟
لم يَرُد المُمرض
فأكمل جيفارا:
– أنا آسف على شعورك ده .. صدقني والله أنا مش شخص سيء .. ومش مؤذي، تحب اثبتلك؟
نظر الممرض باستخفاف إلى أعين جيفارا وقال بلهجته الريفيه:
– وهتثبتلي إزاي؟
= أنت اسمك محمد عبدالتواب عندك 53 سنة .. بنتك اسمها سما وفرحها فاضله أقل من 3 شهور ولسه فاضلها حاجات في الجهاز مخلياك مهوم! ..
نظر المُمرض إلى جيفارا في دهشة واتسعت عيناه خوفًا على عائلته وقال:
– سعادة البيه أقسم بالله أنا ما ذنبي وجودك هنا من عدمه أنا معرفكش بالله عليك بيتي لا!
ابتسم جيفارا مره أخرى وقال له:
– أنت اتأخرت أوي يا عم محمد .. روح ألحق بنت قبل ما يجرالها حاجه ..
تركه المُمرض وركض مُسرعًا خارج المُستشفى في إتجاه منزله

ابتسم جيفارا بعدما اصبح بمفرده في الممر المتجه إلى مكتب الطبيبة وقال بصوتٍ خافت:
– (روح الحق بنتك قبل ما يجرالها حاجه .. من الفرحة)
ذهب جيفارا وهو لا يزال مُقيد اليدين إلى مكتب الطبيبة ما أن رأته حتى تعجبت كثيرًا وخلعت نظارة القراءة وقالت:
– فين محمد؟
= مشي .. كنت حابب اعرف حضرتك أني لو عايز اهرب كنت هربت .. بس أنا مش مؤذي ومش شخص سيء .. أتمنى تتفهمي ده .. والدليل إني لحد دلوقتي أنا متصنعتش أي أعراض مرضية عشان حضرتك تكتبي في تقريرك إني غير مُتزن نفسيًا وإني مش مسئول عن الجرائم إللي بيقولوا أني عملتها؟
– جيفارا .. أنت تقصد إنك مرتكبتش أي جريمة من المنسوبه ليك؟
= لأ أرتكبت .. بس مش كُلهم .. في تلفيق كبير
– طيب مبدأيا ممكن تقولي عملت ايه في المُمرض؟
= بعت هدية لبنته بمناسبة جوازها .. فأفتكر إني عايز آذيها راح جري يطمن عليها
قالت:
– وأنت عرفت بنته وجوزاها منين؟
ابتسم جيفارا ولم يُعلق
فقالت مره أخرى:
– ممكن نتكلم كـ أصدقاء؟

نظر إلى يديه وابتسم مُستهزءًا مره أخرى وقال:
– من امتى الصُحاب بيربطوا بعض قبل ما يتلكموا؟
ضمت شفتيها ونظر إلى الأوراق وهي تُفكر وقالت:
– أنا هفك إيديك على مسئوليتي .. متخذلنيش!
كان يعرف أن فكرة تقيد اليدين في حد ذاتها هي تقيد وهمي وفكرة نزعها لن تُزيد من خطورته في شيء
يعرف أنها ستفك القيد في يديه لتكسب وده فقط وأحب هو دور (المُغفل) فقال لها:
– مش هخذلك .. هكون مُمتن جدًا لـ ده
فكت قيده وبعدها عادت إلى كُرسيها وقالت:
– أولًا أنا حابه اسمك جدًا وثانيًا بقى قولي تحب تشرب ايه؟
= قهوة معلقة واحدة سُكر وعايز قلم جاف وقلم رصاص فيبر كاستل وورقة بيضا
نادت مُمرض آخر وقالت له على الطلبات ثم نظرت مره أخرى إلى جيفارا وقالت:
– طيب ممكن تحكيلي كُل حاجه؟ بس من البداية ..
= لما الطلبات تيجي

وضع قدمًا على الأخرى ورجع بظهره إلى خلف الكُرسي وألقى برأسه إلى الخلف
ثم عاد إلى وضع جلوسه الطبيعي مره أخرى ونظر إلى مكتب الطبيبة وقال:
– سجاير!! .. محبش أبدًا أن دكتوري النفسية تكون بتشرب سجاير .. من غيري!
ارتسمت على وجهها ابتسامه وقبل أن تتحدث باغتها وقال:
– أنا عارف إنك مش مُدخنه ولكن بتدخني في الفترة الأخيرة كـ نوع من التنفيس عن الغضب .. بستغرب جدًا والله لما يكون حتى الدكتور النفسي مش قادر يسيطر على غضبه في مصر .. الناس العادية إللي زيي تعمل ايه!! .. عامة أنا كمان زيك مش مُدخن .. زي ما انتي شايفه أنا رياضي أصلًا بس محتاج سيجارة لو تسمحي
ابتسمت الطبيبة مره أخرى وأشارت بيدها إشارة تعني (تفضل) أخذ السيجارة ونظر لها وقال بالفصحى:
– ابستامتك فاتنه!
ضحكت أكتر وعاد هو بظهره إلى الخلف ووضع ساقعًا على الأخرى وبدأ يُدخن السيجارة في استمتاع ..
قالت وهو على نفض الوضع دون أن ينظر إليها:
– ممكن نستغل الوقت لحد ما الطلبات تيجي .. وبدل ما أحكي أنا تحكيلي أنتي أي حاجه .. فضفضي يا ساندرا أنا سامعك
= كمان عرفت اسمي!

نظر لها ومال برأسه نحو اليمين وهو يبتسم دون أن يتحدث ضحكت هي وقالت:
– أنا حاسه إنك أنت إللي بقيت الدكتور يا مستر جيفارا
ابتسم هو الآخر وفي النهاية قال:
– مبدأيًا أنا عارف إنك كنتي ماسكه الملف بتاعي وأنتي متوتره .. عشان كده كنت بحاول أخرجك من التوتر ده .. انا برضه عايز مصلحة طبيبتي النفسية يا د. ساندرا
قالها وهو يبتسم فاضحكت هي وقالت:
– أنت شكلك شُفت Suicide Squad قريب وجاي تطلعه عليا
ضحك هو بصوتًا عال لأول مره وقال:
– أي حد هيشوفنا بالوضع ده هيتفكر إننا شركاء فعلًا .. بس أنا مبسوط عشانك .. لأن معنى كلامنا ده دلوقتي .. إن شغلك ماشي كويس وإنك قدرتي توصلي مع المريض (إللي هو أنا يعني) لنقطة التقاء ممكن من خلالها تخليه يعترف بكل حاجه
ابتسمت هي الأخرى
في الوقت الذي دخل فيه المُمرض وفي يده الأقلام االورق والمشروبات
نظر وقتها جيفارا إلى ساندرا وقال:
– دلوقتي مُمكن ابدأ احكيلك ..

منذ 6 أشهر – ساقية الصاوي
جلس جيفارا على الكراسي الموضوعه على نهر النيل في (ساقية الصاوي) في الزمالك
وأمامه حبيبته (حبيبة) كانوا يتبادلون الحديث في كُل الأشياء التافهة قبل الأشياء المُهمة كما يفعل المُرتبطون في مصر!
ولكن في هذا اليوم تحديدًا حدث شيئًا مُختلفًا أثر على علاقتهم بشكلٍ كبير
كانت تقول حبيبة:
– بجد والله دماغك في المزيكا جبارة إحنا آه مُرتبطين من سنة لكن هفضل أقولك كده دايمًا جدل واوتوستراد وآخر زفير وكايروكي ووسط البلد! ايه يا عم كل ده؟
ضحك جيفارا وقال:
– يعني قولتي كل دول ومتقوليش حمزة نمرة! والله عيب علينا
ضحكت حبيبة ولكن ضحكتها توقفت فجأة عِندما رأت خطيبها القديم يجلس على طاولة قريبه قالت في نفسها ومنذ متى يأتي هذا الوغد إلى أماكن مثل ساقية الصاوي!
لاحظ (جيفارا) ارتباكها فقال:
– مالك؟

= خالد .. خطيبي القديم على الترابيزة إللي وراك
ارتبك جيفارا هو الآخر فهي تعرف جيفارا دائمًا خجول ولا يُحب المشاكل
أبدًا
في هذه اللحظة بالذات لاحظ جيفارا وجود حبيبة أمامه فنهذ واتجه إلى الطاولة الذي تجلس عليها هي وجيفارا وقال:
– يا أهلًا وسهلًا بالإكس .. الدُنيا صغيرة أوي كده؟ هو ده بقى الرسام إللي بتحبيه؟ وده بيعرف يشتغل بقى وكده؟ ولا لما تجوعوا هيرسمك؟ وتاكلي الرسمة
نهض جيفارا وقال بعصبية:
– إحترم نفسك!
لم يُكمل جُملعته وأنهال عليه خالد باللكمات .. لم يستطع (جيفارا) على الرغم من جسده الممشوق مُجابهة خالد .. فقد كان يحاول أن يتفادى الكمات
حتى أتى أمن ساقية الصاوي وتم طرد خالص بعدها نظر لـ حبيبة بعينٍ دامعة وقبل أن يتحدث ظلت تتأسف له وتقول:
– أنا آسف والله هو حيوان .. أنا عارفه إنك كان ممكن تقطعه من الضرب بس أنت احترمت وجودي
كان يعرف أنها تهون عليه وأنها تعرف أن شخصيته ضعيفة لم يتحدث
فقط نظر حوله وشعر بالجميع ينظر إليه في ترقب وفقال لها:
– يلا نمشي؟

انتظرها حتى أتت سيارة أوبر التي ركبتها إلى منزلها
وفي الطريق اتصلت بـ لُبنى صديقتها المُربة لتحكي لها كُل ما حدث:
– الحيوان ده أنا مش عارفه عايز مني ايه.. أتنيلنا انفصلنا من سنتين .. وجاي كمان يكسفني ويضرب جيافارا!
= طيب وجيفارا مكانش له رد فعل؟!
– هيعمل ايه يعني .. هو اتفاجئ مكانش متوقع وكمان هو خجول جدًا ومُحترم .. مالوش في الكلام ده

وفي الوقت ذاته وصل جيفارا إلى منزله الذي يسكنه وحيدًا
غرفة وحيدة مملوئة بالرسومات ومطبخ وحمام يكفونه جدًا
دخل إلى منزله
وقف أمام المرآه ظل ينظر إلى مكان الكدمات قليلًا وإلى ملابسه المُهندمه والقميص المقفوله أزراره كُلها كـ (دحيحة الإبتدائيه)
ثم ابتسم .. خلع قميصة وقام بتغير ملابسه ثم آخذ مفاتيحه وخرج من المنزل مره أخرى
وعلى بُعد كيلو متر تقريبًا قطعه مشيًا دخل إلى جراج سيارات وما هي إلا لحظات خرج منه وهو يقود سيارة Ford موديل هذه السنة

وقادها بسرعة جنونية إلى التجمع الخامس وصل أمام فيلا من يراها للوهلة الأورى يظن أنه أمام واحدة من قصور ملوك ألف ليلة وليلة .. سيظنون هذا على الرغم من لا أحد شاهد أي قصر من قصور ألف ليلة وليلة ولكن دعك من هذا .. دعنا نواصل الحكي
ما أن رأي رجال الأمن الواقفون أمام بوابة الفيلا جيفارا حتى ركضوا نحوه ليحونه ويسلمون عليه ..
ابتسمت للجميع وقال:
– انتوا كمان وحشتوني والله .. استعدوا عشان النهارده يوم مُختلف
دخل إلى الفيلا وخرج من السيارة ونظر إلى حلبة الملاكمة الموجوده في حديقة الفيلا والكراسي الكثيرة الموضوعه وابستم في فخر
على الرغم أن ما يفعله جيفارا شيئًا غير مشروعًا لكنه يُحبه
فهو يُقيم في فيلته نزالات مُلاكمه غير مشروعه
بمعنى أن كُل ملاكم يلعب المباراة يُراهن مجموعة من المُشاهدين على فوزه أو خسارته مقابل مبلغ من المال
ويفوز الملاكم بإفقاد الملاكم الآخر وعيه
واليوم هو يوم هام جدًا بالنسبة له لأن عدد الحاضرين كبير
وهذا يعي مكاسب إضافية
نظر إلى ساعته
فوجد أنه لازال 4 ساعات على موعد النزال الذي يُقام في الثانية عشر مساءًا من كُل يوم
فدخل إلى الفيلا آخذ حقيبة من الداخل وبعدها وضعها في السيارة وخرج مره أخرى وهو يقود السيارة بسرعة جنونيه كعادته

بعد ساعة – في منزل خالد خطيب حبيبة السابق
كان خالد يستحم وهو يُدندن أغانية المُفضلة كـ أي عازب في مصر
صوته بشع هو يعرف هذا وجميع من يعرفونه يعروفون هذا أيضًتا وأخبروه به كثيربًا
ولكن توقف خالد عن الغناء لأنه سمع صوتًا غير مألوفًا خارج الحمام
هو يسكن وحيدًا وصوتًا كهذا يُقلقه
أرتدى ملابسه سريعًا وخرج من الحمام ليجد كلامًا مكتوبًا على الحائط باللون الأحمر وهو
(سنلعب لعبة سويًا .. لا تنظر إلى الخلف وإلا خسرت)
نظر خالد إلى الخلف ببطء وهو يرتعش خوفًا فوجد جيفارا أمامه وهو يبتسم ويقول له:
– خسرت ..

يتبع ..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا 

لقراءة جميع فصول الرواية اضغط على : ( رواية جيفارا )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *