روايات

رواية حصونه المهلكه الفصل التاسع 9 بقلم شيماء الجندي

رواية حصونه المهلكه الفصل التاسع 9 بقلم شيماء الجندي

رواية حصونه المهلكه البارت التاسع

رواية حصونه المهلكه الجزء التاسع

حصونه المهلكه
حصونه المهلكه

رواية حصونه المهلكه الحلقة التاسعة

الفاعل ♥

الآن بتلك اللحظات .. يشهد جناح تلك البريئه علي مشاعر “آل البراري” المختلطه ، جلس “تيم” أعلى الفراش و هو يدس جسد شقيقته الصغير داخل أحضانه يُلقي ذاك الفهد بنظرات ناريه مشتعله ، و رغم البرود الذي كان يسيطر على ملامح “فهد” إلا إنه رمقه ببعض النظرات الغاضبه و عقله لم يتوقف لحظه عن العمل و هو يصول و يجول ذهاباً و إياباً لتشتد أصابعها الصغيره علي قميص أخيها بخوف ، لقد أصبحت تهاب خطواته البعيده عنها بأمتار ، تخشي أن يهجم عليها لينتزعها من أحضان أخيها … تخشي حركته الغاضبه .. تخشاه و تنتفض الآن و هي تدفن رأسها بجسد أخيها محاوله أن تصم أذنيها عن أنفاسه الغاضبه …

حصلت تلك البريئه علي نظرات قاتله مشتعله و لكن لم تكن من “فهد” بل من تلك التي جلست علي طرف الأريكة تجز علي أسنانها حين وجدت “تيم” يقبل خصلاتها و يده تريت علي ظهرها بهدوء هامساً لها بأذنها … لم يكن عليها أن تكون خارقه الذكاء لتفهم أنه يطمئنها الآن .. يكفي احتوائه لها بأحضانه الدافئه الحانيه ، يكفي أن يكون “تيم” هو الدرع الحامي لها …

أغمضت عينيها تحبس دموعها التي تهدد بالهطول الآن و أن ترتمي بأحضانه تطلب الغفران و العفو ، لكن كيف و هو مُنذ خروج الجد و العم من الغرفه لإحضار أدله واضحه يحتفظ بها الجد قبل أن يبدأ بسرد الماضي المؤلم ، إن نظر ناحيتها .. يرمقها بنظرات مشتعله غاضبه .. و الأكثر إيلاماً حين يلقيها بنظرات احتقار !!!

صرخ “فهد” فجأه “نائل” الواقف عاقداً ذراعيه يسلط نظراته على “أسيف ” و هي الوحيده التي تثير شفقته بتلك الأجواء المشتعله ، كم هي بريئه منذ نعومه أظافرها رقيقه البراري بشهاده الجميع ، لم يرها أحد من العائله أو الأصدقاء إلا وقع بعشق هدوءها و لُطفها …

– أنت يابني ااادم !! بدل سرحانك ده روح شووف أبوك وجدكككك هما بيلعبوا بيااا ولا بيرتبوهااا سواا ؟!!

قلب “نائل” عينيه و هو يزيحها عن “أسيف” ناظرا نحو ابن عمه بتأفف و هو يقول بصوت قوي أجش :

– بقولك ايه روح وراهم راقبهم و متصدعنيش ..انا مليش في الليله دي كلها اصلا ..

لم يكد يُنهي كلماته و قالت “سمر” محاوله تهدئه الأجواء ..

-اهوو بابا ومراد …

اضطربت أنفاس الجده المُسنه و هي تبتلع رمقها بتوتر بالغ .. دلف الجد و هو يمسك بحقيبه صغيره من الواضح أنها تخص أبيه .. لقد نُقشت حروف اسمه عليها كعاده العائله ..

 

 

 

جلس و هو يأمر فهد بنبره هادئه رزينه :

– اقعد يابني …

انصاع له الحفيد و رغبته بمعرفه الماضي و خدعه والده تطغي علي جميع مشاعره الآن :

جلس بجانب شقيقته الغاضبه أعلى تلك الأريكة و هو يراقب حركات أنامل الجد فوق جهاز التحكم بشاشه العرض بتوتر خفى …

نظر الجد إليه و بدأ يسرد الأحداث برويه و صوته الرخيم يعيد ذكريات لعينه إلى عقل ذلك الصامت !!! :

– ابوك كان طبيعي جداا لحد سن 16 سنه ، اتعرف علي بنت من مدرسته .. وكانوا زمايل وصحاب وطبعا علاقتهم اتطورت مع الوقت و لأنه سن مراهقه مفيش تحكيم للعقل فيه كانوا لسه طايشين ،البنت بدأت تتعامل مع كل اللي في البيت ..عمك سليم كان في تانيه جامعه وقتها ، وكان شاب عاقل وحكيم وكنت بدأت انزله معايا الشغل واعرفه حاجات كتير عشان يساعدني اول ما يتخرج ،البنت مع الوقت ابتدت تنجذب لسليم وشخصيته وتركيزها المراهق كله بقي معاه ،وللاسف ابوك كان بدأ يفهم من معاملتها ليه لما اتغيرت للاسوأ اكيد ، وفي نفس الوقت البنت حاولت تعرض حبها علي سليم ، وسليم رفض لانه كان بدأ يحب “رنا ” ام “أسيف وتيم ” ، طبعا البنت مع طيشها وجنانه تصرفاتها ابتدت تسوء ومحاوله مع التانيه وعمك بيتجنبها واخر ما زهق طلب مني اخطب “رنا ” عشان البنت تبعد عنه وفعلا بعدت ،بس للاسف ابتدت تلعب علي عقل ابوك ، وكانوا ساعتها داخلين الجامعات ، وطبعا اقنعت ابوك ان عمك هو اللي حاول معاها كتير وهي رفضت عشان بتحبه من ايام المدرسه وطبعا ابوك كان ييحبها جدا وغفرلها انها سابته وعلاقتهم اتطورت وجيه طلب مني انه يخطبها وكان في ٢ جامعه ،و طبعا انا عارف سلوكها ورفضت وحاولت اقنعه انها مش مناسبه بس للاسف ..اصر عليها واتجوزها من ورايا ..

تنهد الجد وهو يراقب تعبيرات الحفيد الصامته ثم درات عينيه بالغرفه تتفقد وجوههم ، مشاعرهم المندسه خلف تلك الوجوده الجامده أحدهم متألم صامت ، و الآخر يعاني الويلات بتلك الجروح التي لم تطيب بعد ، وآخر يعاني ليبقي صامداً إلى نهايه تلك القصه ذات النهايه البشعه !!!

تابع الأحفاد بصمت تام و فضول تلك الكلمات ليكمل الجد بعد أن انتقل ليجاور “أسيف” بجلستها رابتاً علي خصلاتها برفق … :

– و للأسف مع الوقت بدأت تقنع أبوك إني بميز أخوه عنه و أنه خطب في نفس سنه ، أبوك مع الوقت اتأثر بكلامها وحبها بجنون و اتعلق بيها لدرجه إني طردته و منعته يدخل القصر و قعدوا في شقه بتاعه أمها و هى كرهها بيزيد كل يوم لعمك و”رنا” .. لحد ما عملت حادثه وماتت !!

اغمض عينيه بألم يداري نظراته الموجوعه ثم أجلى حنجرته و اكمل بصوت رخيم .. :

– و أبوك فضل فتره حابس نفسه في الشقه لحد ماروحنا أنا و اعمامك وجدتك ورجعناه القصر بعد معاناه ومحايلات كتير طبعا ، بس مع الوقت لقينا تصرفاته غريبه وأسلوبه اغرب حاولنا نستحمله وجدتك قالت انه لازم يتجوز تاني يمكن يخرج من حالته و ينسي البنت دي و فعلا عرضنا عليه و مرفضش بالعكس ده قالي أنه محتاج يكون بيت و اسره بس شرطه الوحيد انه ميقعدش هنا في القصر و انه عاوز يستقل ، و طبعا انا مرفضتش و فعلا اتجوز وامك جاتلي بعد أسبوعين جواز منهاره و بتقولي أنه مريض نفسي و أنها مش جايه عشان تتخلي عنه بالعكس هي عاوزه تساعده يتعالج …

 

 

 

صمت الجد حين وجد حفيده يغمض عينيه جازاً بقوه علي أسنانه لدرجه ارتعش فمه المغلق الدقيق … إنها أوجاع الماضى .. لكل منهم ذكري أليمه يعايشها الآن بقهر وصمت … ليكمل الجد و هو يرفع صوته بنبره قويه :

– أمك قدرت تقنعه أنه يتعالج فعلا و أنها بتحبه من سنين و هتصبر عليه .. و بدأ العلاج بس انقطع عنه لما لقي عمك اسس أول شركه من أملاكه واتجوز “رنا” ..بدأ الحقد يسيطر علي كل تفكيره وعاده اكتسبها من البنت اللي حبها ، الكذب … عرف يكذب علينا ويوهمنا أنه عايش حياه مستقره معاك ومع أمك و إن العلاج جاب نتيجه كمان !!

ضربت الكلمات خنجر مسموم بقلب تلك البريئه التى تستمع منذ فتره بصمت تام ، الآن علمت كيف تعلم ذلك الرجل فن الخداع و المواراه ، لم يكن سوى الأب المخادع هو من فعل ذلك … سالت دموعها بصمت و هي تحاول ان تركز علي باقي الأحاديث و تشدد من قبضتها فوق قميص أخيها ..

اكمل الجد بحزن وقد بدأت نبرته تتحشرج متذكراً حال ابنائه :

– كان بيتعامل عادي مع اخواته و معانا و كنا بنتجمع في سهرات و حفلات كتير ، بس مع الوقت و مع ضغطه علي عقله حالته النفسيه اتدهورت و بقي تصرفاته شبه جنونيه بتحصله تهيؤات و طبعاً كان الزمام فلت من ايدي ومبقتش قادر ارجعه للعلاج اللي اتفاجئت انه وقفه .. ابتدي يضرب امك و ..

– كفاااايه !!!

صرخ بها ذلك المكلوم و صدره يعلو و يهبط بقوه من فرط الذكرياات التى تدور أمام عينيه منذ طفولته هو ليس بحاجه إلى وصف الجد المُسن ، لقد رأي مذله أمه بعينيه .. لقد كان شاهداً علي قهرها و اهانتها ، لقد بللت دموعها أحضانه الطفوليه و يديه الحانيه التي كانت تربت علي خصلاتها الحريريه و تهبط لتمسح تلك الدمعات الدافئه من فوق وجنتيها الجميله … كم هو مؤلم ذلك الشعور الآن .. كم هو مؤلمه صوره والدته التي تتراقص أمام عينيه بلا شفقه أو رحمه بقلبه المفطور … صرخ و هو يقف بغضب :

– ولما انتوا كنتوا عااارفين انه بيعمل كده سبتوهاا معا ليييييه !!

وقف الجد يصيح بغضب :

– مكنااااش نعرف !! أبوك كان مسيطر علي أمك جداااا زى مانت عملت في أسيففف !!!

طعنت الكلمات قلبها و شعرت بالإهانة تلقتها بصمت لكن ذلك الذي بدأ صدره يعلو و يهبط أسفل خدها صرخ نيابه عنها يُنبه الجد بغضب :

– جديييي !!!

بدأت الأجواء تتوتر و رفع الجد يده المرتعشه أعلى خصلاتها يهمس باعتذار حرج … و لكن لم تجيب و لم تري تلك الأعين التي تسلطت عليها يراقب شهقاتها المكتومه التي طالما كان يجبرها علي كتمانها حتي لا تثير غضبه و كانت تطيع !! الآن فقط لا يري صوره أمه بل .. اقسم أنه إن نظر في المرآه للتو سوف يري أبيه بانعكاس صورته … الآن فقط رأي مدي جُرمه … لقد اختلطت المشاعر عليه .. لقد اختلط كل شيئ ليصرخ بهم :

 

 

 

– كدببب كل ده كدبببب ! معندكش أي دليل بتعمل كده عشان توقفني !!

نظر الجد إلى العم ليمسك “مراد ” الذي كان يتابع بصمت و أعين دامعه جهاز التحكم و يضغط علي الزر لتبدأ الشاشه بعرض تسجيلات الكاميرات بغرفه الطبيب الذي كان يعالج أبيه … بدأ صوت أبيه يتضح الآن و هو يعترف بأنه يعاني بصراعات كل يوم و أصبح يمقت أخيه السارق لمحبه والديه و الذي ينعم بحياه هادئه الآن ….

اتسعت أعين الأحفاد أثناء متابعه الحديث و اتضاح الحقائق أمام أعينهم ليقول الجد بصوت مقهور حزين :

– عايز تعرف عرفنا كل ده امتي !! لما ابوك مات واخدناك وللاسف كان زرع في عقلك افكار جنونيه ناحيه عمك ، فتحنا الخزنه ولقينا المذكرات وطبعا اتفاجئنا من الكلام الموجوده لان معظمه عن مواقف مننا محصلتش وعمك عرضها علي دكتور نفسي فهمنا أن ابوك كان بيعاني من تهيؤات وانفصام في الشخصيه نتيجه اكتئاب حاد دخل فيه ، و أنت اخدتها من ورانا من فتره ، بس دي غلطتي انا مش أنت كان لازم أحرقها في وقتها …

هب الجميع واقفاً حين اندفعت المزهريه تحطم شاشه العرض و بالطبع لم يكن الفاعل سوي ” فهد” الذي صرخ و هو يطيح المنضده حين ضربها بطرف قدمه :

– انتوا بتقولوا ايييييه ؟!!! ازاي تخبي علياااا كل داااااا !!!

لم يرف جفن الجد و اتجه “مراد” يقف بجسده أمام والده حتي يعيق وصول الحفيد الهمجي إن خانه تفكيره و فكر بأذيه الجد …

تعالت الشهقات المصدومه و الخائفه و وقفت “ندى”الباكيه المصدومه من تلك الاعترافات تتجه لأخيها تحاول تهدئته و صوت نحيبها يملأ الغرفه …

– فهد ااا …

اتجهت أنظاره الحارقه نحوها و أمسكها بقوه من ذراعيها يصرخ بها و دموعه تهبط و تهدجت أنفاسه ليصبح صوته كالزئير الغاضب :

– انتي عاااارفه احنا عملنا اييييه ؟!!! انتي عااااارفه الكلام ده معناااه ايه !!!! انا انتقمت من آآآ

انقطعت الكلمات حين هجم عليه ذلك النبيل الهادئ طوال الأحاديث إلا حين فهم الآن ماذا حدث !! لقد كان ذلك المُدنس يأخذ انتقامه من شقيقته التي تنتفض الآن باكيه تضع يديها أعلى أذنيها بأحضان الجده المنتحبه و العمه التي تصرخ بهم بحزن ..

جأر “تيم” و هو يدفعه بغضب ليسقط جسده القوي أعلى المنضده الواسعه الزجاجيه تحطمت و تناثرت إلى فتات صغير كتلك القلوب الموجوعه ، ثم اندفع فوقه يكيل له اللكمات و السُباب اللاذع :

– ااااه ياااابن الكلبببببب ! بقي كنت بتاخد حقككك منهاااااااا مانت مش راااجل انتتت ××××× لو كنت راجل كنت خده مني وواجهني انا يااااا ××××× ، ذنبهاااا ايه !!!!

اندفعت يديه بهمجيه و هو يكمل صارخاً يتخيل هيئه شقيقته خلال تلك الأيام التي قضتها مع ذلك الفهد عديم الشرف … تركهم “نائل” بعد عده محاولات بفصلهم لكن هيهااات … إنه ثأر .. ثأر رجوله لا يعرفه سوي أمثال ذلك النبيل الرافض أن تمس شقيقته تلك الأيدى الملوثه ..

وقف “نائل” أمام “أسيف” و هو يحاول ابعاد يديها عن أذنيها و تهدئتها فمن الواضح أن حالتها لن تمر تلك المره علي ما يرام … تلك ثالث الصدمات !!! لقد كان انتقامه سراااب !!! لقد ظلمت أبيها الحنون بأفكارها و لومها علي ما هي فيه … لقد ولقد … و لقد انطلقات سهام الماضى تحرق الأخضر و اليابس !!!!!!!!!

هرعت “ندي” إلى ابنه عمها حين وجدت العم يستدعي من يعاونه بفصل ذلك الوحش عن فريسته التي تستقبل لكماته بصمت أحياناً و دفاع أحياناً أخرى ، مالت بجسدها و كادت تلمسها بيدها لتصرخ “أسيف” و تزحف فوق الفراش برعب واضح للعيان هبطت من ناحيه الفراش الأخري و كادت تندفع إلى الشرفه بلحظات جنونيه ليصرخ كلا من “نائل” و “ندى”برعب و أسرع خلفها يجذب جسدها بقوه إلى الخلف يحاول إيقاف صيحاتها و بكائها هستيري تحاول نفض يديه عنها ، وصل رجال الأمن و قد نالوا نصيب معقول من لكمات ذلك الشرس في البدايه ثم سرعان كف عن ضرباته حين تصاعدت الصرخات و أتسعت عينيه و هو ينتفض متجهاً إليها بخطوات مسرعه و قلبه يخفق برعب من تلك الحاله التي يراها عليها لأول مره بحياته !!!

هل تلك أسيف ؟! المستسلمه الهادئه !؟! حاول جذبها من أحضان “نائل” لكنها ظلت على صرخاتها و يديها فوق أذنيها تصمها عن توسلات الجميع لهاا …

بدأ فهد يعدل جسده فوق الأرضيه الصلبه ناظراً إليها بأعين ناعسه و أنفاس مضطربه .. هو المتسبب الرئيسي بحالتها !!! هو الفاااعل !!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حصونه المهلكه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *