روايات

رواية لن أحررك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك البارت الثالث والعشرون

رواية لن أحررك الجزء الثالث والعشرون

لن أحررك
لن أحررك

رواية لن أحررك الحلقة الثالثة والعشرون

إذا بحثت عن الحب يومًا دون أن الالتفات لحكمة القدر ونصيبك الذي لم يحين وقته بعد، أعلم إنك ستتالم بمجرد دخولك ارضاً لم تكن لك يوماً بل
لغيرك ، يملكها اسمٍ آخر كُنت ضيف بها، ضيفاً
غير مرغوب فيه… دخلتها عنوة عن صاحبها وخرجت منها أو تحاول الخروج منها عنوة عن قلبك المتيم بأرض مُستهلكة يعيش بها مُمتلكها يتمتع بمشاعر تمنيت أنتَ ان تتذوقها وتنغمس
بكل شبر منها لكن نهاية الرحلة كانت أقرب من بدايتها !….
وتلك الأرض قلب حبيب قد تيمها قلبها بعشقه وهو غارق في العشق مع حبيبته الجميلة…..
نعم جميلة شعرها البني الناعم عينيها الرمادية
جسدها الانوثي بشرتها البيضاء، حبيبته الجميلة
أجمل منها بمراحل بل ولها بساطة غريبة برغم من كل ماتمتلكه من جمال ، هل من نظرة واحده حصدت كل هذا أم ان الغيرة فقط هي التي تشعل نيران مُستعارة داخلها تكاد تفتك بهآ وتلقيها على حافة الانهيار الذريع …..
صدح هاتفها باتصال من زميلتها (رنا)
“الو….أيوا يارنا عامله أيه….”تحدثت اسيل بصوت خالٍ من الحياة هكذا كانت وهكذا شعرت
صديقتها التي تساءلت بقلق صادق…
“مالك ياسوو شكلك زعلانه وصوتك كأنك معيطه مالك يابنتي….”
تنهدت اسيل بعمق….
“مفيش ، المهم انتي عامله إيه….”تبرم وجه رنا عبر الهاتف لتقول…
“اخس عليكي ياسيل هتخبي على رونا برضه…مالك بجد….”
“مفيش يارنا شوية ارهاق يمكن عشان منمتش إمبارح….”
“وليه منمتيش في حآجه عندكم….”
انزعجت اسيل من ملاحقة الأسئلة الفضولية عليها فهي تعاني من مزاج سيئ الآن….ردت عليها بانكار وثبتت على كذبتها….
“لا مفيش حآجه الموضوع وما فيه اني كنت بخلص اللوحه إللي هقدمها في المسابقة…..”
“ممم…تمام مع إني مش مقتنعه بس أشطأ هاعديها
المهم طمنيني عنك…..”
“الحمدلله كويسه….”اجابتها بفتور….

 

 

 

 

“وسيف أبن خالك إيه اخباره….”
“أخباره في إيه بظبط؟….”تساءلت اسيل بانتباه وتمعن بجملتها….اجابتها رنا بفتور…
“يعني لسه مرتبطش بعد مـ….”صمتت رنا برهة لتعض على شفتيها من لسانها الذي لا يعرف
ابتلاع الأسرار والكتمان عليها يوماً….
“سكتي ليه يارنا انتي مخبي عليه حاجه…”باغتتها
اسيل بسؤال فضولياً….
“يعني انتي عرفاني رغايه ومش بيتبل في بوقي فوله بس اصل الموضوع كان….”
“كان إيه…”
تنهدت رنا عبر الهاتف وهي تشرع في التحدث…
“اصل سيف كأن بيحب واحده إسمها( أمل)كانت من سنه تقريباً معاه في الجامعة، يعني أنا علاقتي بيها سطحيه عشان يعني كانت صاحبة أختي وانا كنت وقتها حآجه وربعتاشر سنة….”سيطر على صوتها غصة الحزن وأضافة قائلة…
“في يوم كأن عيد ميلاد أمل وسلمى أختي كانت معزومة على عيد ميلادها ويومها خدتني معاها
وكانت حفلة بسيطة معموله في عمارة في الـ…
(….) كانت في دور العاشر إرتفاع يخوف بس أنا
مستغربتش( أمل)كانت بتحب الاماكن العاليه وكانت مصممة تعمل عيد ميلادها في المكان ده
وأنا وقتها عرفت من سلمى أختي أن سيف مكنش
موافق على جنونها لكن عشان بيحبها أوي مكنش يقدر يقولها لا….لو تشوفيهم مع بعض ياسيل متصدقيش أن الموت خدها منه في غمضة عين..”
توسعت حدقتاها بعدم استيعاب وتشدقت بصدمة…
“موت… يعني إيه…. هي ماتت..طب إزاي؟…”
أكملت رنا بصوت حزينٍ من تذكر تلك الحادثة الشنيعة أمام عينيها وهي كانت مزالت مُراهق تبدأ
بنسيج أول ذكرياتها….
“يوم عيد ميلادها كانت بـ…”
“خدي ياسلمى صوريني هنا….” وقفت أمل ذات الملامح الفاتنة والرقيقة كذلك على حافة جدار سطح هذا المبنى الذي صُممت على إقامة حفل ميلادها الواحد والعشرون في ذاك المكان وموافقة سيف على مضض كالعادة يخشى عليها بجنون عاشق تفعل الجنون لترى خوفه المبالغ به كما تظن هي….
“طب مبلاش هنا ياأمل لحسان يختل توازنك…”
حدثتها سلمي صديقتها المُقربة بخوف وللين لعلها تتراجع…
“ركزي ياسلمى بقه وصوريني قبل ماسيف ياخد باله ويعملها زعله…”حدثتها وهي تتغنج في سيرها
على حافة الجدار….
“حاسبي ياامل….”هتفت رنا بصوت خائف من هذا التهور الذي يصيب صديقة أختها….
” صوريني ياسلمى وبطلو رغي أنتوا الإتنين… “رفعت سلمى الكاميرا وقبل أن تلتقط الصورة وجدت صديقتها تترجع للوراء بتلقائية ومن ثمَ في للحظة اختل توزنها لتجد صراخها دوى في أرجأ المكان وآخر صوت هتفت به كان اسم( سيف) الذي كأن يقف مع بعض أصدقاءه ويوليها ظهره ليتفت وقتها ليرى مشهد لم يتوقعه يوماً…
فاقت من تلك المكالمة وهذه الحقائق التي لم تصدقها وقتها وظنت أن التي راتها في صور لم تكن
(أمل)المتوفية بل أنها حبيبه جديدة لسيف وطلبت
وقتها من (رنا) أن ترسل لها صورة لامل تِلك وهذا سيكون سهل فاختها مزالت تحتفظ بصورت
صديقتها الراحلة ….أرسلت لها الصورة وتأكدت أن شكوكها غير صائبه هي نفس الفتاة ذات الجمال
الفاتن والبسيط كذلك……. هي حبيبته الجميلة التي مزالت تعيش في قلبه مزال يوفي لها ويحمل حب
لم يُدفن بعض معها….
كم يالمها ذلك أكثر من عشقها له تتالم من وفاء قلبه

 

 

بأخرى بأغلاق مشاعره ليحياها بذكريات أخرى، تمنت
أن لا تعلم هذا السر تمنت أن تتألم بحبه لأنه يعشق غيرها لا لتتالم بحبه لأنه يعيش على ذكريات حبيبة
قد دُفنت تحت تراب منذ أكثر من تسع سنوات او أكثر، اي قدر هذا الذي يجمعها بأرض ليست مُستهلكة كما ظنت بل أنها متهالكة قد أصبحت عتمةً بالاحزان
التي تُصعب أن تمحيها فهي تخشى العتمة ولا تملك بصيص نوراً واحد تدلف به إليه ، ستمحي هذا الحب عاجلاً ام أجلاً لم تستعجل في هذا الأمر فهي على كل حال ستهرب بعيداً عن تلك الأرض
وماتسببه من أوجاع لها…..
صدح هاتفها مُعلن عن اتصال من (سيف) نظرت للهاتف بقلباً خفق سريعاً فور النظر الى حروف إسمه…. لم ترد ولم تقدر على الرد عليه…. في داخل اعماقها تعلم أنهُ إنتهى هذا العشق الميؤوس منه…
لم يتوقف الهاتف عن إعلان الإتصالات المتتالية منه
استجابة لاصراره باقتضاب ، فقط لتُجيب لسماع صوته الرخيم الحاني وتغلق بعدها ….
كل القرارات تُنفذ إلا قرار العشاق يظل مُتعلق بينهم
يتذكرونه وقت الأوجاع وينسون وجوده وقت تلاقي
العيون وتغمرهم الاشواق من حيثُ لا يدركون….
“ساعة عشان تردي….” حدثها بانفاس مُتسارعة غاضبة…
عضت على شفتيها محاولة أن تنتقي الكلمات له بتأني..
“في حاجه ياسيف….”
“في حآجه ياسيف…. أنتي بتهزري ياسيل مش بتردي ليه عليا بقالي يومين بكلامك كمان مُختفيه ليه
ومش بشوفك ليه على السفرة وليه بتمشي الصبح بدري كده مش معادك يعني تمشي سته الصبح إيه اللي حصلك…”
“ولا حاجه عندي كام لوحه كده مطلوبين فا
بخلصهم عشان كده بخرج بدري والاكل… يعني
بأكل برا عـ..”
“اسيل….” قاطعها ونادها بصوت حاني اصابها برجفة
في عمودها الفقري…. ردت عليه بخفوت….
“نعم ….”تنهد ليخرج صدق المشاعر عنوة عنه
“وحشتيني…..”اغمضت عينيها وبلعت مابحلقها بصعوبة لتتحدث بتوتر….
“أنا لازم أقفل عندي شغل في الورشه….”زفر بضيق
من تصرفها الغريب….
“تمام….أنا في العريبة وجاي كمان شوية وهكون عندك في الورشة دي….”لوى شفتيه بتذكر ليكمل…
“تصدقي عمري مادخلت ورشتك الصغيرة دي، عندي فضول أشوفها….”
عضت على شفتيها بتردد لتحدثه بصوت يكاد يكون مهزوزاً….
“مش لازم ياسيف أنا شويه وهخلص و….”
“مش هقدر استحمل ياسيل أنا لازم أشوفك….”كم
كانت الرجفة قاتلة لكيانها كم ان للذة المشاعر وتلك الكلمات تقتلها حيّة ما هذا؟….
“ياسيف أنا….”قاطعها بثبات….
“استنيني في الورشة ياسيل ان ربع ساعه وهبقى
عندك….سلام….”أغلق الهاتف ليغلق أية مناقشة تنوي
الخروج منها…..تنهدت بعذاب قائلةٍ بعدم ارتياح
“وبعدين معاك يابن خالي أنا مبقتش فاهمه علاقتنا
ماشي ازاي بظبط ….”
_____________________________________
إذا تناقض الحب مع الحق نختار الحق نتنازل عن
الحب حتى لا يُدنس القيم حتى لا يُدنس أنقى الأشياء داخلنا الحق حق ولن نُزين الباطل به حتى نحافظ على حبٍ لم يكن يوماً من نصيبنا؟!…..
تجلس على الفراش تضم قدميها الى صدرها تستند
بمرفقيها على ركبتيها، ترتدي بِجامة صيفية مُحتشمة من اللون الكهرماني تتناثر عليها رسمةً كبيرة على شكل عصفور باللون الأسود من ناحية الصدر، تلم
شعرها جانباً لم تضع شيء ولم تُرد ذلك، ملامحها حزينة تحمل قهراً لا تعلم من أين خُلق داخلها…
تتذكر لفظها لكلمة الطلاق تتذكر برودة وهو ينظر لها بعينان باردتان خاليتان من اي تعبير وحديثه القاتم مثل روحه ….
•••””مفيش حاجه اسمها طلاق بينا وبلاش تنطقي الكلمة دي تاني عشان مزعلش منك وانا زعلي وحش وقلبتي مش هتعجبك … “كانت عينيه تهددها وتحذرها بوحشية راتها بوضوح في مقلتاه المشتده…..
صدح هاتفها لتجد المتصل غير مسجل تسارع نبض قلبها بخوف… نهضت واتجهت نحو الباب واوصدته
بحرس لتفتح الخط قائلة بخفوت….
” ايوا يأسر…. ”
“ها يابسمة فيه جديد….”
“لا مفيش…..” زفر آسر بضيق من الناحية الاخرى

 

 

 

 

“واضح إنك مش شايفه شغلك كويس…” حدثته بمقت… “ليه في جديد عرفته؟…” احتدت عيون آسر من الناحية الأخرى بعصبية….
“المفروض انتي صاحبة الجديد مش أنا…” عضت على شفتيها لتكتم غضبها من طريقته التي تفتقر للإحترام واملاءه للأوامر التي لا تنتهي….
“المفروض اعمل إيه….”
مسح آسر على وجهه بقلة صبر قائلاً …
“لازم اقبلك….”
“ليه…..”
“هتاخدي حاجه بسيطة مني نبدأ بيها الشغل المظبوط…”
سألته بأستغراب….
“حاجة إيه مش فاهمه….”
“بلاش أسئله كتير لم اقبلك هتعرفي….”
صمتت برهة قبل ان تشرع في الحديث بتردد…
“أيوا يأسر بس أنتَ عارف ان جواد عينه عليا
ومعين رجالة ترقبني و….”
“كل ده فأيدك…اتصرفي بطريقة تقدري تغفليهم
بعيد عنك……”
تنهدت بِحدة وهتفت بعدم اكتراث….
“تمام بكره هكلمك ونتفق على المعاد ويمكن أكون
ساعتها بكلمك من المكتب عندي …”
أغلقت الهاتف وهي تزفر بغضب من نفسها فهي من سمحت لنفسها بالعمل مع هذا الاناني الذي لا يكترث
لوجودها في هذا المكان الذي اذا شعر أحد بعملها معه ستُدفن حية لا محال…..
عادت لتفتح الباب حتى لا يشك في أمرها جواد…
__________________________________
جلس جواد مقابل مكتب (زهران)ناظراً له بعيون
لا تحكي عن أي شيء ينوي فعله….
“خير يازهران بيه….”
تنهد زهران بتردد قبل ان يتحدث بخفوت فهم يجلسون في مكتب الفيلا حيثُ الجميع يحيط
بهم…
“الشُحنة وصلت وهتتسلم كمان يومين جهزت نفسك أنت ورجاله بتوعنا….”
أبتسم جواد جانباً بخبث….
“كل جاهز متقلقش….”
“خد بالك ياجواد الشحنة المرادي كبيرة ولو لقدر الله حصل حآجه الخساير هتكون جامده علينا….”
“تقصد عليك…. مش علينا…” حدثه جواد ببرود مبهم….
هز زهران رأسه نحوه بعدم فهم….
“تقصد إيه بكلامك ده….”
بدل الحديث في لحظة…..
“ولا حآجه متشغلش بالك….. المهم كلمت الرجالة إللي هيستلمه منناا البضاعة….”
“آآه كلمتهم كله بقه تمام الموضوع بقه واقف على التسليم بس….”أجابه وهو ينظر له بتاني شديد وكأنه
يبحث داخل ملامحه عن شيءٍ ما…..
“طيب تمام وقت الاستلام هنشوف…”نهض منتصب
في وقفته ليقول ببرود….
“عن إذنك يازهران بـ…بيه…”خرج بعد ان رمى عليه نظره أصابت قلبه بالارتياب…..
“أنا مش مطمن لنظراتك دي ياجواد….معقول يكون عرف حاجه عن موت أهله او سجنه….”صمت وهو يفكر ان إذا حدث هذا لن يكون بهذا الهدوء البارد….
___________________________________

 

 

 

 

دلف الغرفة باحثاً عنها بعينيه ليتفقد العسليتان المتالمتان الغائبتان وسط شرودهم….. سلط انظاره
عليها بتاني وتمعن، كانت من أجمل النساء التي راهن في حياته نعم حتى تلك العيون التي تمتلكها لم يرى لونهم على اية أمرأه قبلها قط، ولن يرى بعدها فهو يثق في هذا…….
أغلق الباب لتفيق بسمة من شرودها وتعلن رائحته وانفاسه المُنتظمة عن وجوده…..رفعت عينيها بلا أهداف ليلتقط عسليتهاها بقوة جاذباً نظرها اليه…
سلبت عينيها بقوة عن عمق عينيه الباردة….
“شكلك لسه مصممه على اللي في دماغك….”جلس على حافة الفراش بجوارها ببرود…..
“مفيش حاجه هتغير إللي في دماغي ..”
خلع حذائه ببرود واجابها باستهزء…
“ممم حلو تصميم ده بس بصراحه مش داخل دماغي بتعريفه…..”
انفعلت بحِدة من حديثه المهين….
“مش مهم يدخل دماغك المهم تفهم إني عايزاك تطـ… آآه سيب أيدي… ”
لوى ذراعها وراء ظهرها في للحظة واصبح وجهه مقابل لوجهها عن قرب أكثر ليبعثر انفاسه الرجولية
عليها ببرود….
“انتي ليه مصممه تزعليني ياحرمي المصون إحنا مش اتفقنا بلاش تنطقيها تاني…”اتكا أكثر على ذراعها لتخرج تاوهات خافته من بين شفتيها نظر لها
مطولاً تمعن ببشرتها البيضاء احمرار وجهها من شدة ضغط يده على ذراعها ، شفتاها الوردية المرسومتان بإمتلاء خلقا لتقبيل ،صدرها الذي يعلو ويهبط من آثار زمجرتها الحادة للتخلص من قبضته….
“سيبي أيدي ياجواد حرام عليك هتكسرها….”لم يرد
عليها بل نظر لها برهة ببرود ومن ثمَ قال بجمود…
“دا تذكار بس عشان كل ماتفكري في طلاق تفتكري
ردي عليكي….”ترك يدها بقوة المتها تاوهت وهي
تنهض من أمامه فقد أصبحت في تلك الحظة تلعنه
وتلعن قلبها معه…..
“حرم عليك ليه الهمجيه دي كلها…إحنا متفقين إنك هطـ….”صمتت لتهدأ من روعها قبل ان تكمل قائلة..
“إحنا متفقين أن إحنا هنسيب بعد اول مايمر كام شهر من جوزنا….”
نهض جواد وبدأ بتغيير ملابسه أمام عيناها الغاضبة..
ليرد عليها وهو عاري الصدر ببرود…
“كنا متفقين وجد في الأمور أمور….”
تساءلت بعدم فهم…
“وايه إللي جد بينا….”
نظر الى جسدها بعيون كصقر ليرسم قومها بوقاحه وكأنه يجردها من ملابسها ويرى ما تخفيه عن مرمى عينه…..
“إللي جد إني لسه مخدتش حقوقي الشرعية مثلاً..”
تبادلا النظرات لوهلة….
ليقترب منها بعد أن اصيبت هي بحالة صدمة وعدم استيعابها بعد لرغبته الجسدية بها هي !!…
وقف أمامها عاري الصدر يرتدي فقط بنطاله…
شعره الأسود المرفوع للخلف بفوضوية مُنظمة؟!..
عيناه القاتمة اللامعة بخبث…. أحاط خصرها بين ذراعه القويتان مُقرب أنفاسه منها قائلاً بمكر…
“ولا انتي شايفه ان ينفع اطلقك وأنتي لسه زي مانتي…. دا حتى تبقى عيب في حقي ياحضرة المحامية..”
“جواد أبعد عني لو سمحت….” وضعت يدها على صدره العاري لتنظر لموضع يدها لتجد صدره العريض مشدوداً وخالٍ من الشعر يُضيف عليه جاذبية تناسبه
عضلات ذراعيه التي تحيط بها منحوته تجعلها
تتمنى ان تحظى بعناقاً حاني يمحي تلك التراهات التي تحتلها منذ أيام ، نظرت لخصره النحيف مقارنة بمنكبية العريضة لتبتلع ريقها بصعوبة وحاولت بكل مأوتيت من سيطرة وتحكم بنفسها ان تشتت نظرها
عنه واكملت….
“جواد ممكن تبعد شوية….”
“معقول تكوني عيزاني أبعد…. يعني عينك بتقول غير كده….” قاطعها بمنتهى الهيمنة والغرور….
مالى على اذنيها هامساً بهم بمكر…
“انتي عيزاني زي مانا عايزك يابسمة يمكن أكتر كمان….”

 

 

 

 

“مش حقيقي… أبعد عني ياجواد أنا أصلاً بقرف منك…” تحدثت بنفور وتقزز زائف وهي تبتلع ريقها بضعف من هالته الساحرة تِلك …..
مسك رأسها من الوراء بغضب وقربها منه قائلاً من تحت أسنانه بانفعال يملؤهُ التحدي …..
“تمام خليني اتأكد بنفسي بتقرفي مني إزاي…”
الصقها في الحائط وراها بقوة عقب انتهاء حديثه..
ولم تمر ثانيه واحده امسك برأسها باحدى يداه في قوة شديدة وتلاقت شفتاهما في قبلة عميقة قاسية لم تتلاقاها منه قبل اعتصر شفتيها في عنف يروق لها عنف أشواق يناسب كلاهما من حرمانهم من للذة حُللت اليهما منذ فترة ليست بضئيلة ….. وجدت نفسها تتجاوب معه في خزي شديد من هذا القلب الذي يعشق ساجنه بدون أن يلتفتت لخطورة هذا العشق الذي سيدمرها هي قبل الجميع !….
عقدت يدها حول ذراعه بقوة مُقربه رأسه أكثر منها وشفتاه العابثة تفعل العجب بها…..
فصل قبلتهم مُتريث لياخذ أنفاسه ناظراً الى عينيها
الخجولة من استسلمها المخزي كما تظن…..
“بصيلي….” أمرها بهدوء بين أنفاسه المُتسارعة…
رفعت عينيها عليه بعيون يملأها الدموع….
“بتعيطي ليه….. أنتي فعلاً قرفانه مني يابسمة….”
اومات برأسها بانكار وهي تقول بين دموعها…
“جواد أنا مش همل من اني أقولك إني بحبك ولا هنسى أقولك إنك أول راجل في حياتي عكسك تماماً
بتعرف تلعب بمشاعري إزاي كسبت خبره من علاقتك
النسائية وده واضح في اللي حصل مبينا من شوية ولي حصل قبل كده أنا عارفه وفاهمه… وانا مش بحسبك على اللي فات أنا بس بحسبك على اللي جاي…… على حياتي الجايا معاك…”
قاطعها وهو يحيط وجهها بين راحتي يداه….
“أنتي الست الوحيده إللي في حياتي يابسمة ولازم تبقي فاهمه إني قطعت علاقتي بأي واحده كُنت أعرفها قبلك….”
“طب وشغلك ياجواد… وعمك….” رفعت عينيها عليه ليتبادلا النظرات للحظة قبل ان يتركها مُبتعد عنها بحدة واخبرها بنفاذ صبر….
“ماله شغلي إحنا اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده وخلص خلاص….”
“خلص بنسبالك انتَ لكن بنسبه ليه لازم نتكلم فيه ..”
“هنتكلم عايزه تقولي إيه….” زفر باختناق من تصميمها على امتناعه عن شيء بات الأقرب إليه
منها وتاقلم على وجوده في حياته ، والانغماس به أصبح الغاية لديه……
“لازم تسيب الشغل ده يعني لو فعلاً عايزنا نكمل سوا….”
“حاضر…. في حآجه تانيه…” أومأ لها ببساطة اذهلتها…
“أنت بتكلم بجد ولا بتاخدني على قد عقلي…”
“أكيد بتكلم بجد إيه إللي يجبرني أنفذ كلام مش مقتنع بيه….”حدثها بثبات وتمثيل يجعلك تصدق
محتوى هذا الكذب….
باغتته بسؤالها بشك…
“وأنت اقتنعت بسرعه دي….”
أجابها مُزين الحديث بلؤم ….
“أكيد يعني مقتنعتش بسرعه دي…بس أنا كُنت بفكر في الموضوع فى الكام يوم إللي مرُ دول وبعد تفكير حسيت أن فعلاً الشغل ده كله مش جايب همه …”
لم تقتنع قط لكن اجبرت نفسها على الاقتناع حتى تأخذ هُدنه من هواجس تلك الافكار التي تنهش بعقلها بدون رحمة…..
شعر جواد بحيرتها فاصابة قلبه بصمتها وبراءتها أقترب منها وقطع المسافة بينهم لياخذها في احضانه للمره الثانية تشعر بدفء احضانه براحة
داخلها بانغماس آلقلب باللذة بين ذراعه المفتولاً

 

 

 

 

والقويان الذي يحيطوها بقوة مُربتين عليها بحنان…
“حضنك حلو أوي ياجواد…” حركت رأسها داخل صدره العارٍ بجرأة لم تعهدها في تصرفها وقد تناست كل شيء داخل عناقه ….
أبتسم جواد بحنان وغير الأجواء بينهم بوقاحته المعتادة ….
“متاكده أن حضني بس إللي حلو….” لكزته في ظهره
بقبضتها الصغيرة وصاحت بحرج….
“بطل قلة آدب…… مكانتش بوسه…”
“أنا مستعد اعمل أكتر من كده بس اخد الأذن….”
“لا يعني كفايه حضنك أنا راضيه بكده….”
تحدثت بنعومة وانفاسها الساخنة تبعثرها على صدره لتشعل رغباته المكتومة بها….
“ممم……..أنتي راضيه وانا اتفلق بقه…”
“ليه يعني….”تحدثت بمكر أنثوي….
زفر بغيظ و رد عليها …
“ولا حاجه….ابعدي بقه عشان أنا ماسك نفسي بالعافية….”
ابتعدت عنه بحرج وعلى مضض تركها عنوة عن تلك الرغبات داخلاً الى غرفة ملابسه ليغير ثيابه….
تنهدت بسمة بهيام وهي تقنع نفسها أنه لم يكذب عليها من المُحتمل ان يتراجع عن هذا العمل فهو في نهاية غير مجبر على الكذب عليها…..
إذا بدات في اختراع الأعذار الكاذبة للاحباب فاعلم إنك أعمى القلب والعقل وفاقد الإثنين يبقى ضال
في رأيت أقرب الحقائق تبينان إليه !…..
_____________________________________
بعد مرورو ساعتين…. كانت تجلس على الفراش
استمعت لخرير الماء المنبعث من الحمام المُلحق بالغرفة، زُين ثغرها إبتسامة هائمة وهي تتذكر ذاك العناق الذي جمعها داخل احضانه على هذا الصدر العارٍ ……بلعت ريقها بحرج…..
“استغفرالله العظيم أي قلة الأدب إللي بفكر فيها دي…..”عضت على شفتيها لتبتسم بخجل…..
خرج جواد وهو يجفف شعره المُبلل بالمنشفة ناظراً
الى عمق عسليتاها التي تصوبها عليه بتمعن وجرأه
واضحة….
“إيه غيرتي رأيك…..”فاقت من شرودها به على صوته العابث….. تلعثمت وهي تشيح عينيها عنه….
” ها يعني أنا مش فاهمه حآجه….هـ….هو أنا يعني هنام….”دثرت نفسها بالغطأ بخجل لتخفي عسليتيها
عن مرمى وقاحة تلك العيون التي تربكها من الوهلة
الأول…..
أقترب منها وكان يرتدي بنطال كحلي وتيشرت أحمر فوقه بعض الكلمات الإنجليزية المكتوبة باللون الكحلي شعره فوضوي غير مرتب ارجعه للوراء
وهو يميل بجانبها مدثر معها تحت هذا الغطاء….
“ومالو انوم بدري مفيد برضه….”
“جواد أنتَ بتعمل إيه….”عبث بيداه على جسدها بوقاحة لتنهض بحرج وتصيح بتلك الكلمات بحنق….نظر لها جواد ببراءة وعدل وضعية جلوسه قائلاً بتسأل لئيم….
“في أي يابسمة مالك….وبعدين أنا عملت إيه عشان تقومي بشكل ده…..”
عضت على شفتيها بخجل غاضبة منه….
“يعني مش عارف مالي….إيدك ياجواد….”
“مالها أيدي…..”تساءل بخبث…
رطبت شفتيها أمام عينيه الامعة عبثاً، لتضيف بخجل ….

 

 

 

 

“إيدك يعني لمست حاجات يعني….عيب ياجواد عيب أوي كده…..”كانت براءتها تكاد تجعلهُ يقطف تلك الشفاة الوردية المُمتلئة بطريقة تستفزه بقوة…..
“انا مش فاكر أيدي بصراحه راحت فين يعني لو تقوليلي بظبط يمكن افتكر…..”
شهقت بقوة حينما مد يده مره أخرى لجسدها بعبث….
“يقليل الادب…….. يامتحرش….”
“مُتحرش آآه بس عندي مبادئ…….”داعبها بمكر……. رفعت عينيها لتقابل حدقتاه الخبيثة وتساءلت
بعدم فهم…
“يعني إيه متحرش وعندك مبادئ…”
أقترب أكثر منها بخبث ليشرع بأكمال حديثه….
“يعني لم بتحرش بتحرش بمراتي…ويوم مابتحرش
بمراتي بتبقى في أماكن مدرايا ، بذمتك دي مبادئ متحرشين…..”
“آآه…..”اجابته بحدة….”بجد يافرولتي يعني أنتي مصممه إني مُتحرش….”…… ” أيوا “اخبرته بضيق من أقترابه الشديد منها الذي أصبح لا يفصل بينهم شيء…
القى جسدها بخفة على الفراش لتستلقي على ظهرها وهو يعتليها بجسده الرجولي مُقيداً كلتا يديها بيداه القويتان…..
“جواد بتعمل إيه….”تحدثت بخفوت انثوي ناعم وعيناها هائمة بهذهِ العاطفة الجياشة التي تشعر بها
بقربه….. نظر لها ليميل على عنقها يوزع عليه القبُلات
الحانية قائلاً وسط قبلاته….
” بفكر اجرب التحرش الأول مره…. ”
همهمت بضعف ودلال …..
“جواد مينفعش مممم…… بس بقه….”
“بس إيه أنا لسه معملتش حآجه على فكره….اتقلي تاخدي حآجه نضيفه….. “ابتلع باقي حديثه بقبلة مُلتهبة من المشاعر الجامحة بينهما….
تمتع بقربها وبتلك المسات بينهم لم يصل لمبتاغه لجعلها زوجته كما ظنت هي في البداية بل كان قرباً وتلامس حميمياً بينهم فقط….
لم يفعلها الآن فهو مزال يخشى من ندمها إذا فصل الشيء الذي سيجعلها زوجته أمام آلله ….
____________________________________
في المساء في منزل عيسى…
سكب عيسى القهوة في الفنجان وهو يقول…
“يعني نويت تاخد الشُحنه لحسابك المرادي….”
نفض جواد سجارته في المنفضة أمامه وهو يرد عليه
ببرود يصحبه الانتقام….
“لازم احرق دمه بس على الهادي….”وضع عيسى الصنية على سطح المنضدة أمامهم وهو يرد عليه بتردد….
” أيوا بس أنت بتلعب بنار ولو عمك شم خبر مش بعيد يـ…… ”
“لو خايف بلاش تنفذ معايا حآجه….” زمجر جواد بنفاذ صبر وهو ينهض ليرتدي معطفه الأسود….
“خايف اخس عليك ياصاحبي دا أنا افديك بروحي…” تحدث عيسى بنبرة حزينة من ظن جواد به….. اقترب منه جواد وربت على كتفه موضح حديثه أكثر وبجدية تابع….
“أنا عارف إللي عندك ياعيسى….بس أنا كمان عارف انك ملكش في شغل ده فأنا بعفيك عنه وصدقني مش زعلان….”
تحدث عيسى بجدية واصرار…..
“أنت بتقول إيه ياجواد أنا معاك للاخر….وإن مكنتش أنا إللي اقف جمبك مين يعني إللي هيقف….”
أبتسم جواد ابتسامة لم تلامس عيناه….
“هو دا العشم برضه ياعيسى….”ربت على منكبيه بامتنان……

 

 

 

جلس جواد بعد ان ارتدى معطفه ليرتشف القهوة مع رفيقة……
تساءل عيسى بعد دقائق بتردد….
“بس قولي ياجواد يعني أنت متأكد أن اللي عمل فيك كده يبقى عمك….”
تنهد جواد بعمق ومن ثمَ أجابه بحيرة….
“كل حاجه حصلت معايا وبتحصل بتقول أن هو إللي
ورا كل حآجه…..”
“طب أفرض مش هوَ…..”
تحدث جواد ناظراً له بسخط….
“شكلك عايز ترجعني اللف تاني في نفس الدايرة…”
“لي بتقول كده، أكيد عايزك تعرف الحقيقي بس لازم تمسكها بإيدك مش تحسها بس ياجواد…..عشان يبقى الدافع إللي جواك اقوى من كده….. ”
“الدافع اللي جوايا لو خرج هيحرق زهران حيّ مش هيخلي يفلس بس….”
“يعني إيه مش فاهم كلامك….”
“الخلاصه أن زهران كده كدا هيتحاسب سوى لي علاقه بسجني أو لا لانه في نهاية هو سبب في الزفت إللي شغال فيه…..”
“عندك حق بس برضه مهم كان ده عمك اخوه أبوك…” تحدث عيسى محاول محو هذا الانتقام
الذي سياتي بفقدان أحدهم على يد هذا الزهران الذي يستهون رفيقه بشره القاتم وإذا علم زهران بنوايا أبن أخيه سيقتله حتماً هو يخشى هذا أفاق على صوت جواد وهو يقول ساخراً….
“عمي اخو أبويه….” ضحك بستهزءً ثم اضاف..
“إللي أنت بتكلم عنه ده لو فكرت أشتغل مع اعداءه
من وراه او حتى مع الحكومه مش هيتردد لحظة يقتلني أنا او أخويه…. أسكت ياعيسى أنت متعرفش
زهران الغمري زيي….”
“ماهو عشان أنا معرفوش وسمعت عنه منك فاهم وعارف أن اللعب معاه مش بساهل….”
“طول ما ده بيخطط كل حآجه هتبقى تمام…” أشار
على رأسه ونظر لصديقه مُكمل حديثه بعقلانية…
” خناقه كبيرة قدام الطريق كل الرجاله نزلت من العربية تفض العراك ، في لحظة النار مسكت في
العربية بالبضاعة إللي فيها…. في أسهل من كده… ”
أبتسم عيسى بخبث….
“ومن الناحية التانية….”
عض جواد على شفتيه بمكر ناظراً لنقطة وهميه….
“ومن الناحية التانيه نصرف إحنا البضاعه على روقان…”
“أشطه يابن الغمري بس والعذراء احنا لو روحنا في داهيه بسبب خطتك المنيله دي مش مسامح في حقي….”أطرق عيسى دعابة كلعاده ممازحاً إياه لينتهي الحديث بمواضيع عامة خارج أطار تلك الشُحنة التي ستتم بعد عدة أيام قليلة……
___________________________________

 

 

 

في صباح اليوم الثاني على سفرة الإفطار
حيثُ يجتمع الجميع….
تلاقت عيني اسيل بُبنيتاه في لحظه تكاد تكون خاطفة لتطرق برأسها بعدها بحزن وحرج….
زفر سيف بعدها بأستياء مزال يشعر بالحيرة من أمر
هذا الحب الذي مزال يشكك بوجوده برغم من ماحدث بينهم في ورشة الرسم تِلك ، أأصبح لهذا الحد مُنغمس بذكريات الماضي لتبقى مشاعره تحت رمادها القاتم مُحقى (اسيل)في حديثها مُحقى في غضبها في ان تسأم من قلبه مُحقى وهو مُحق في إغلاق مشاعره حتى لا يجرحها أكثر وحتى لا يخون ذكريات يحيا عليها منذ أكثر من تسع سنوات…..
لم المرء ينغمس بالأوجاع ويدمن مذاقها وكأن آهات الوجع ذاك اللذة المُساعِفة لقلبه !…..
“طب بعد إذنكم لحسان اتأخرت….”نهضت اسيل لتفصل الصمت القاتل على سفرة الإفطار….تحدثت
الجِدة انعام بحنان….
“ياحببتي لسه بدري كملي فطارك الرسم مش هيطير يعني…..”
“معلشي ياتيته اتأخرت، وبعدين أنا شبعت….”ابتعدت بعد أن ودعت الجميع بعينيها السوداء بدون أن تتلاقى مع بُنيتيه المُسلطة عليها من بداية حديثها…
“عمرك ماهتتغيري ياسيل….”هزت انعام رأسها بأستياء……
رفعت بسمة عسليتاها على انعام وقالت بلطف…
“متقلقيش يامامـ…..”ابتلعت حديثها لتتريث للحظة
واكملت….
“متقلقيش عليه يانعام هانم…يعني هي أكيد هتكمل
فطارها مع صحابها….”
تحدثت انعام بتلقائية عواطف الام…
“ياريت يابسمة بس أنا عارفه اسيل بتنسى نفسها بذات في موضوع الأكل ده وكـ….”ابتلعت انعام باقي
حديثها وهي تستغرب من تلقائية مشاعرها في الحديث النقي معها الذي لم يُزين قبل خروجه بصورة مجتمع الأثرياء الراقي وتعاليها عليها كالعادة….
رفعت أنعام وجهها المجعد نحو بسمة بحرج لتجدها
تنظر لها بأحترام وحب لا تعرف من أين خُلق داخلها
بعد معاملتها القاسية معها منذ الوهلة الاولى بينهم…
ابتسمت بسمة وهي تقول بصوته يصحبه غصة الحزن….
“هو ينفع يأنعام هانم أقولك ياماما او ياتيته زي اسيل مابتقولك يعني….”

 

 

 

 

صوب جميع الجالسين انظارهم مُنتظرين إجابة أنعام
واكثرهم انتظاراً لردة فعلها هو (جواد)الذي احتلت
ملامحه علامات الاندهاش من تصرف زوجته الغير متوقع…
حمحمت أنعام بحرج وهي تدقق النظر بملامح بسمة
تريد ان تلتقط كذبها وتمثيلها الآن لكنها فشلت بعد مدة، فتلك المرة ترى براءة قلبها وصفاء مشاعرها تراه من الوهلة الأولى، كما شعرت فأول مره وكذبة ذاك الإحساس أليوم لن تُكذبه فقد تغلبت عليها مشاعرها كأم ، إبتسمت ببساطة بوجهها المجعد،
وقالت بنبرة صوت حنونة….
“أي حآجه هتقوليها أكيد هتفرحني سوى تيتيه او ماما….”
“بجد….”نهضت بسمة بسعادة فهي لم تتوقع أن ينتهي الأمر وتكون بكل هذا الحنان والتسامح…..
“شكراً ياماما أنعام شكراً بجد ….”احتضنتها بسمة بسعادة وعفوية صادقة ربتت أنعام على منكبيها وهي تجيبها بعتاب ….
“بتشكريني على إيه ياهبله أنتي زي اسيل وأنا واسيل منعرفش كلمة شكر….”استغربت بسمة
من حديثها ومزاحها أيضاً الذي لأول مره تستمع
له….هذا اجمل من شخصيتها السابقة من الواضح
أن داخلها أفضل من ما تحاول اظهاره أمام الجميع…
رفع سيف حاجباه بذهول تبادل هو وجواد النظرات
وقال بخفوت ممازح إياه….
“قولي ياجواد عملتوا العمل عند انهو شيخ…”
اتسعت حدقتي جواد بعدم فهم….
“مش فاهم….”
قال سيف بجزع…
“لا بقه أنتَ فاهم كويس طالما العمل مشي على اطخن دماغ في العيلة أكيد هيمشي على عمك…”
هز جواد رأسه بحنق وقال ببرود….
“كُل وأنت ساكت لو عايز تفضل مدير عام في شركات الغمري …”
“خلاص يافخامه بطل تهددني سكت، بس برضه موضوع العمل ده هعرفه من مراتك في أقرب وقت ….”نهض مُدعه بيده قائلاً….

 

 

 

“أشوفك بليل يافخم….”اكتفى جواد بهز راسه مُبتسم له ابتسامة لم تلامس عيناه…..
على الناحية الأخرى نظر زهران بازدراء نحو لميس التي كانت تنظر بحقد وكره الى بسمة التي وصلت في غضون شهرين الى رضا تلك العجوزة مُعلنة عن ذلك أمام الجميع وهي التي حاولت مرارٍ وتكرارٍ كسب ثقتها ورضاها وكانت في كل مرة تواجه تعالي أنعام عليها واهانتها لمستواها البسيط…..
لم الآن تفوز تلك الخرقاء عليها هل هي أفضل حظاً
منها ستريها إذاً بأس حظها الذي القاها عليها …..
عادت بسمة للجلوس بجانب جواد الذي كادَ ان يتحدث إليها لكن قاطعته لميس بصوتٍ ناعم خبيث..
“صحيح يابسمة ياريت اول ماترجعي من شغلك نقعد
مع بعض شوية لحسان محتاجاكِ في مسألة قانونيه تخص واحده صاحبتي…دا يعني لو مش هعطلك…”
“مفيش عطله ولا حآجه لو تحبي دلوقت مفيش مشكلة أنا لسه عندي وقت….” تحدثت بسمة بلطف
معها غافلة عن المكيدة التي تدبرها لها…
ترددت لميس من عيون جواد الذي تتصوب عليها كصقر المُترصد لفريسته…..
“لا مش هعطلك…. يعني أنا مش مستعجله خليها آخر نهار….” تلعثمت في الحديث قليلاً لكنها في نهاية كونت جملة مفيدة…. “تمام على راحتك….” قالتها
بسمة بايجاز….
“ليه عملتي كده…” سألها جواد هامساً…
رفعت عينيها عليه بعدم فهم….
“عملت إيه هي إللي مصممه على آخر نهار…”
“مش بتكلم عنها… أنا بتكلم عن انعام هانم…”
“ممم… جدتك يعني، هو صحيح انتَ ليه مش بتقول جدتي زي اسيل….”
حدثها من تحت أسنانه بقلة صبر….
“مش دي الاجابه على سؤالي يابسمة….”
“امرك غريب ياجواد إيه المشكله لم أصلح علاقتي بيها….”نظرت له عقب انتهاء كلماتها المُندهشة من تلاحق اسئلته عليها…..
“مش غريب بس ليه كنتي واثقه أنها هتقبلك زي اسيل …..”
إبتسمت بنعومة أمام وجهه الحائر لتبعث له الطمأنينة فهي لاحظت من سؤاله أنهُ يخشى إصلاح بعض العلاقات العائلية التي هُدمت داخله منذ زمن…..اجابته بهدوء…
“هو أنا مكنتش واثقه ولا حآجه بس مُقتنعه بكلام
بابا الله يرحمه قالي يابسمة مهم كانت طباع إللي
قدامك ومهم الدنيا غيرتُ وزينة انسانيته خليكي
فاكره ان هيفضل جواه إنسان….

 

 

 

 

“وببساطة جدتك جواها إنسانية مخرجتش غير قدام موقف بسيط لمسها من جوه….هي دي كل الحكاية..”
أبتسم بتهكم وهو يعود ناظراً الى طعامه…
“بس مش كل الناس عندهم الانسانية دي….”
“بالعكس دي حآجه اتخلقت جوانا وأحنا اللي بادينا
نقتلها وبإدينا نحييها من تاني…..”اجابته ببساطة ولا تعلم أن حديثها أصابه برجفة لم يشعر بها يوماً….
حاول السيطرة على نفسه وغير مجرى الحديث بخشونة قائلاً….
” خلينى في المهم في عريبه مستنياكي برا قدامها
واحد من الحرس بتوعنا ….. دا هيفضل معاكي
دايماً في أي مشاوير هتروحيها… يعني هيستناكي تحت شغلك لحد ماتخلصي ويوصلك البيت تاني
يعني هيفضل ملازمك الفتره دي…. ”
“واشمعنى الفترة دي يعني….” تساءلت بشك…
“يعني إحنا مش اتفقنا….” اضافة بخفوت…
“مم اتفقنا بس دا روتين بسيط لحد مدبر أموري”
صمتت بعدم اقتناع وتنهدت بعمق وشك يتربع بين طيات روحها…..
“تمام ياجواد إللي أنت شايفه صح اعمله…” أغلقت
الحديث فهي لن تناقشة على سفرة الإفطار أمام الجميع يكفي هذا القدر من الحديث على الأقل الآن….
___________________________________
نزلت بسمة من السيارة الفارهة امام انظار بعض المارة المندهشون من هذا المشهد …..
“الله يسامحك ياجواد كان لازم يعني فشخره كدابه….مالو التكسي أهوه كُنت بنزل منه بكرامتي…. استغفر آلله العظيم الصبر يارب….. ” نظرت الى
هذا الرجل فارع الطول مفتول العضلات ذو حُلة
رسمية سوداء ونظارة ذات اللون الأسود، ويضع سماعة آذن سلكية في آذنه اليمنى….
“خليك هنا لو سمحت ….”
رد بايجاز وعملية….
“اوامرك ياهانم….”
صعدت بسمة المبنى بتافف وانزعاج….بعد مرور عدة دقائق هبطت من على الدرج تلك السيدة المُنتقبة ترتدي ملابس واسعة طويلة سوداء اللون تضع
على وجهها هذا النقاب الذي لا يظهر من وجهها

 

 

 

 

الى عسليتان مرتكبتان خوفاً…..
“تكسي…..”اشارت لسيارة أجرة بيد ترتجف رعباً وعيناها تراقب هذا الحارس الذي ينتصب في وقفته
مُترصد لرائحة الخطر من حوله….
استلقت السيارة وهي تقول
“أطلع آلله يخليك ياسطى علـ(….)…”رفعت بسمة النقاب عنها وهي تحرك كف يدها يميناً ويساراً على وجهها لعلها تشعر ببعض الهواء فقد اختنقت انفاسها
داخله…..
نظرت نحو المرآة الأماميّة بداخل السيارة لتتفقد ملامحها بهذا النقاب…..
“شكلي هستخدمك كتير الفتره دي…”تحدثت داخله
بحزن فهذا التخفي الانسب لها وسط تلك الضغوطات التي توجهة…
رفعت الهاتف قائلة بعد زفرةً طويلة….
“ايوا يأسر عشر دقايق وهبقى عندك…

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *