روايات

رواية لن أحررك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم دهب عطية

رواية لن أحرركالبارت السادس والعشرون

رواية لن أحررك الجزء السادس والعشرون

لن أحررك
لن أحررك

رواية لن أحررك الحلقة السادسة والعشرون

هل تعلم من أنا؟… أنا شذرات متفرقة احدها يتنفس بين البشر والآخر تضيق أنفاسه داخل هذا القبو البارد، بعتمة ظلامه و بقاتمة روحٍ انتهكة على يد أعز البشر !… هل تعلم من أنا؟…. أنا الذي ركضت يوماً خلف أحلامي متباهاً بنقاء روحٍ ، لم أعرف لعواصف الخذلان صيغة ، لتواجهني أشدّ عاصفة تركت بواقي روحٍ لم أتعرف عليها يومًا….هل تعلم من أنا؟… أنا الذي غُمرةُ بالعشق وعشقتها رغمًا عن شيطانٍ لا يزال يتربع بين طيات روحٍ قاتمة ، لتبادر هي بخداعها وخيانة لم تكن في الحسبان يوماً منها !… هل تعلم من أنا؟.. أنا الذي لم تدمى له جروح الماضي لياتي جرحاً جديداً أشد قسوة ينغرس به بدون مبالاة بتالماً يعكس في صوره بأتت مكنونة داخلي !….
دلف الى غرفة خاصة برياضه وتدريب بها بعض المعدات الحديدة الخاصة بالياقة البدانيه لا أحد يدلف اليها فقط خُصصت له ولاخيه( سيف) الذي أيضاً يدلف إليها بين الحين والآخر…….
تعالت أنفاسه، وارتفع صدره علوًا وهبوطًا من فرط تهايج غضبه المتاجج داخله……
انتزع رابطة عنقه والقاها أرضاً وكذلك خلع سترته وشمر عن ساعديه ليبدأ بعدها في ممارسة رياضة الضغط كوسيلة للتفريغ عن شُحنة الغضب المتاججة بداخله وهذا الشعور المحتل وجدانه…
الخيانه !….
ايعقل أن تكون خائنة ايعقل أن تكون مخادعة لم تحبه كما ادعت ذلك هل تستغله لحساب شخصًا آخر؟…
لكن من؟، من هو الذي تمتثل للخداع والكذب لأجله….
وهل تاكدت أنها هي حقاً؟، من المؤكد إنك تفتري عليها (بسمة) تحبك لا تخدعك لم تكن تلك البراءة زائفة لم تطصنع كل هذا لأجل ؟
لأجل ايقاعك وإيذاك ، أيعقل هل تريد تدميرك بخداعها ياللها من غبية…
سيتاكد من الأمر بطريقته وإذا أثبت أنها خائنة لن يرحمها من جحيم الجوكر الذي لم تجربه بعد….
ستأتي عليها عاصفة هوجاء ستطيح بالاخضر واليابس إذا تأكد من كل تلك الهواجس……
بدأ بالكم هذا الشيء المُعلق في سقف غرفته برغم
من ثقل حجمه إلى ان لكمته كانت أشد قسوة
كم تفرغ أكبر شُحنات غضبه الهائج داخله تلك الرياضة(البوكس)…..
بعد مدة توقف وهو يلهث بقوة حمرة وجهه تتزايد
تعبًا وغضبًا من تلك الفكرة التي تفترس عقله…
هل خُدع… هل وقع في حب مُحتاله وهو الاحتيال بعينه !…..
ابتسم بتهكم يصحبه السخرية…..
أن كانت هي المحتاله فيجب أن يعلمها بعض الاساليب الخاصة للاتقان ، أكثر حتى تتعلم كيف يكون الاحتيال على (الجوكر)…
“غبيه… لو طلع شكي في محاله هتبقي فعلاً أكبر غبيه وقعت بين ايدي…..” هدأت ثورة أنفاسه
ونتظمت لكن لم تهدأ أفكاره وتسكن لا بل مع مرور الوقت تتزايد ويتزايد اهتياج انفعالات باتت صعب
السيطرة عليها……
لج داخل غرفتهم وهو يجفف قطرات عرقه بمنشفة
قطنية بين يداه….. بحث عنها بعينيه اللتين يصحبهم
حمرة الانفجار الوشيك…..رمقها وهي تجلس في ركنٍ
ما تصلي بثياباً فضفاضه وحجاب ناصع البياض يوازن جمال برائتها ونقى روحها….
أبتسم بتهكم فالاول مره يراها تصلي هل هذا محاض
صدفة ام تمثيل جديد عليه…..
نهضت بسمة وهي تتمتم ببعض الأذكار قائلة بابتسامة فاترة….
“جواد….. أخيراً جيت اتأخرت كده ليه يعني بقالك تلات ساعات في المكتب…..”
“أول مره أشوفك بتصلي إيه لسه مُنتظمة في صلى جديد ولا إيه….” غير مجرى الحديث بتلك الكلمات المُستهزءة التي صدمتها قليلاً، برغم ما يعتريها من خوفاً وارتباك من تلك الخطوات التي تقوم بها من أجله ومن خلف ظهره أيضاً !، تحدثت ببعض الانزعاج من طريقة حديثه الملمُس بها السخرية منها وتقليل من ما تفعله….
“لا أنا بصلي من زمان من أيام ماكُنت بنت بضفاير، زائد اني مش الازم اول ما اجي أصلي انادي عليك
عشان تشوف بنفسك بصلي ولا لسه متعلمه الصلاة جديد…” نظرت له ببرود ثم إضافة باقتضاب ….
“وبعدين أنتَ آخر واحد يكلمني عن الصلاة والعبادة
يا…. ياجواد…..” القت عليه نظرة جارحه له تعني الكثير الذي فهمه من خلال عسليتين يُثيرون غضبه
بشدة….مسك معصمها قبل أن تذهب لتعود الوقوف
أمامه بثياب الصلاة والحجاب الذي لم تخلعهما بعد..
“عايز إيه….” قالته بنبرة مُنفعله….
“كل خير ياقطة….. ” تحدث ببرود وهو يحل حجابها
تاركه ينساب من على شعرها أرضاً اي تحت قدميها مباشرةً ، نظر بعينان خبيثاً مما ينوي فعله….
“اقلعي الهدوم دي وتعالي….”

 

 

 

“لا… أنا عندي شغل ولازم أخلصه….” اعترضت بنبرة مهزوزة لا تخلو من الخجل…..
“ما إللي إحنا هنعمله دا شغل برضه ولا إيه….” مراوغه خالية من المرح وعيناه قاسية في نظرتهم إليها…
رفعت عسليتاها بلا أهداف لتواجه قاتمة مُخيفة تفترسها بدون أن تلمسها….
“بتبصلي كده ليه ياجواد….”
“يعني مش عارفه….” وضع كلتا يداه على خصرها محاصرها بمكر….. توترت قليلاً من قرب يهدم كيانها
بجواره….
“مش عارفه إيه….” شدد على خصرها بقوة المتها ولكن تحملت لأنتظار القادم منه والذي لا يبشر بالخير
فظلام عينيه وللهيب بهم يتكاثر بقوة….
“إني عايزك ودلوقتي….”
“لا يا جواد لو سمحت أنا مـ….”
“هششش…أنا مينفعش يتقالي لا….سامعه…”
قاطعها بهسهسة مُهيبة اربكتها ….
رمقته بذهول ممزوج بالخزي من تلك القسوة البادية
عليه منذ ان نظرت لعينيه ….
“أنت بتعمل كده ليه….ومالك طرقتك غريبه معايا كده ليه النهارده ا….”
“هي دي بقه طرقتي إذا كان عجبك وسمعي الكلام بقه وماتعسلجيش معايا…..”تحدث بعنف وهو يسيطر
على جسدها فهي كانت تحاول التملص بقوة وغضب من بين يداه مُتمنيه الفرار بعيداً عنه على الأقل الآن، فهو في حالة من الجنون الممزوج بالغضب الهائل والصعب السيطرة عليه من الواضح أن الشُحنة السلبية داخله ستنتهي فور اذيت أحد ومن المؤكد أنها الفريسة الضعيفة الآن هنا….لم تكن غبية في تصنيف هذا الهيجان الواضح في غضبه ولكن ماذا حدث ليخرج شيطان لم تراه من قبل والأهم من سبب خروجه ؟…..
توسلته بصدق…
“جواد أنا مبحبش الطريقة دي ومستحيل تقرب مني وانتَ بشكل ده….بلاش عشان خاطري، بلاش تسيب
ذكره وحشه بينا….”
“بطلي دراما زياده، وبعدين مش هتقدري تمنعيني عن نفسك أصلاً الدين بيحرم كده ولا أنتي مبتعرفيش حاجه في دينك غير إنك تمثلي
الصلاة وخلاص……”
“إنتَ بتقول إيه، لا بجد إنتَ مش طبيعي،أبعد عني ياجواد بقه….. كفاية ياخي أبعد….”
حملها سريعاً متوجه بها نحو الفراش وهو يقول بقسوة وغضبٍ اعمى…..
“أنا فعلا مش طبيعي عشان صدقت واحده خاينه زيك…..”
“انتَ بتقول إيه انتَ أكيد اتجننت….”ألقى بجسدها على الفراش ومن ثمَ اعتلاها وهو يجز على أسنانه
بحدة….
“لمي لسانك يامحترمة ومتزوديش على نفسك أكتر من كده….”
“جواد…آآه حرام عليك….”قبلها من عنقها باسنانه الحادة وكأنه يقطم قطعة من اللحم…..
نزلت دموعها بقهر محاولة ابعاده عنها ولكن قوته تفوقها بمراحل وهي في حلبةً خاسرة بكل المقاييس…..خارة قوتها مُستسلمه لتلك العاصفة
بتعب قلب ينزف حسرة وخزيً من هذا العشق….
طرق عنقها ليتطلع بعيناه الحمراء غضباً عليها وجدها تذرف الدموع بصمت تنظر لسقف الغرفة بضعف وخزي منه ومنها …
“لي عملتي كده….دا أنا حسيت جمبك باللي مقدرتش احس بيه مع أي واحده كانت بتترمي تحت رجلي تتمنى نظرة واحده مني، ليه عملتي كده ليه….” اعتصر شفتيها بقسوة وعنف مُفتقر للرحمة مُفتقر
لفكرة أن التي بين يده روح لم تكن دمية لتتعامل بتلك الطريقة المهينة….
“كفاية ياجواد عشان خاطري….” نزلت دموعها بقهر…
رفع حاجبه للأعلى بستهزء مردداً ببرود…
“كفاية… تصدقي أن انجي كان بيتعمل فيها اسوء من كده وعمرها ماقالت كفاية….”
فغرت شفتيها بصدمة وهي تهتف بصعوبة …..
“انجي؟….. يعني أنا دلوقتي بعمل اللي المفروض كانت تعمله انجي….”
“وياريتك عارفة توصلي للي كانت بتعمله…” أبتسم بتهكم…
التهم شفتيها بأكثر عنفاً عن ذي قبل لتكمل الدقائق
بين يدي الجحيم بحق كان جحيماً قاسياً وحشاً ينتقم منها بشيءٍ مزالت تجهله…. بعض الرجال
يفرغون شُحنتهم بضرب وسب ولاخرين بشرب المخدرات والبعض بعلاقات نسائية عنيفة تترك
آثر لم ينسى على من تمارس عليها أساليب
العذاب بمهاره شيطان….
بعد مدة من الوقت….
تجلس في غرفة تغير الملابس الركن الخاص بها
مُغلقة الباب عليها ، تلف حول جسدها منشفة
كبيرة تطلع على صورتها المعاكسة في المرآة بدموع
تترقرق بعينيها، تفقدت كتفيها وجانب عنقها لتجد آثار أسنانه تُرسم عليهما بقسوة جعلتها تشرع في البكاء بصمت للمرة الألف !….

 

 

 

اغمضت عينيها بالم فهناك أيضاً أوجاع تحتل نقطة
معينه في ظهرها تلك البقعة الحمراء (الوحمة)قد ترك علامات تحكي عن براثن وحشيته معها يداه
أسنانه كانتى سلاح حاد على جسدها، اهانة الأنثى داخلها بكونها أقل من أن تعامل كامراة، كسرتها أشياء عديدة سببها في تلك الدقائق المعدودة بينهم…..
فتحت عينيها بقهر ناظرة عبر المراة أمامها وجدتها يقف خلفها ينظر لها ببعض الندم ولأسف الذي لم يصرح عنهم بعد…..
نهضت بحدة وقالت بحزم…..
“أطلع برا…..”
“مش قبل ماعالج إللي في جسمك ده….”
ضحكت باستخفاف وذهولاً جلياً عليها….
“تعالج إللي في جسمي؟….ومين إللي كان السبب في ده…..”
“أنا معملتش حاجه غلط ومتفكريش اني جاي اصلحك أو اطلب السماح منك…. وياريت تسمعي الكلام بقه وتبطلي دراما….”
صاحت بنبرة هائجة….
“اطــلــع بـرا بـقـولك….”
“صوتك ميعلاش عليا وترزعي عشان ازفتلك جسمك…”
يأمر بكل قوة وتملك، لا هو فعلاً لا يشعر بندم ولا
يشعر بأي شيء غير السيطرة ولامتلاك ، هو بدون قلب والابله الذي ينبض داخلها للعيش عاشقاً مُتيمها
بحب شخصاً عديم الإحساس، اية قسوة مشاعر تلك
التي تقذف بنا بين براثن الذئاب كي نصبح بعدها مُستمتعين بالعذاب لمجرد أننا عاشقين بغباءً أعمى !…..
“ولو منفذتش كلامك هتعمل إيه أكتر من إللي عملته…”كادت ان تمر من جواره مُبتعده عنه ببرود..
“بلاش تستفزيني واعقلي أنا معنديش مانع أعمل نفس إللي عملته من شوية….”نبرة خشنة مُهدده….
صرخت بانفعالاً…..
“حرام عليك …اي الجبروت ده كله بتعمل فيا كده ليه أنا عملت إيه عشان ده كله رد عليا عملت إيه…”
“انتي عارفه كويس عملتي إيه… بس أنا هديكي فرصه كام يوم تفكري كويس انتي بتعملي إيه من ورايا ومخبي عليا إيه…….”
بلعت مابحلقها بخوف وزاغت عسليتاها بتوتر…
“بظبط إللي جه في بالك هو إللي عايز أعرفه، فرحمي نفسك وتعالي معايا دوغري عشان ترتاحي
وتريحي نفسك من الأذى ده كله …”
إدارة وجهها بعيداً عن مرمى عيناه الثاقبة وتحشرجت نبرة صوتها وهي تقول….
“أنا معرفش انتَ بتكلم عن إيه بظبط….”
مد يداه وجعلها تستدير له عنوة عنها قائلاً بصوتٍ حاسم…..
“لا عارفه والقلق اللي في عينك ده بياكد شكوكي فخليكي دوغري وقوليلي خدتي كام عشان
تبيعيني ليهم….”
توسعت حدقتيها بصدمة فقد مات الحديث على شفتيها الفاغرة لتبقى نظرات الصادمة تستقبلها
قسوته وقتامة روحه بدون تأنيب لذلك الظن المشين ….
“أنت شايفني كده…. بعتك وقبضت التمن، أنت فعلاً شايفني كده….”
“ومش هشوفك غير كده….” تحدث بعنف مؤذي لقلباً
مزال يحمل عشقاً لن يُمحى…..
“مش هتشوفني غير كده !!….” ضحكت بصدمة…
“لدرجادى متفرقش عنهم لدرجادي أنا كُنت عميه…. يخساره….”
احتقن وجهه من حديثها الغامض تزايد ضيقه ليضع كلتا يداه على كتفيها ليهزها وهو يقول بنفاذ صبر….
“ردي عليا قوليلي بعتيني بكام ولمين ردي عليا يابسمة…..”
وبرغم ماتعرضت له ومن شك بات مفهوماً لدى جواد
ولحسن الحظ أنهُ لم يُكشف عن هواية (آسر) حتى الآن إلا أنها مزالت مُصرة على إكمال تلك المهمة بجميع نيرانها ستصمد قليلاً حتى تحصل على تلك الأوراق حتى تحرر نفسها من براثن غضبه وامتلاكه
وتحرره من تلك الشياطين الملتصقة به وحتى ان تركته بعدها فلم يكن اسوء من أن تتركه الآن !…
“محصلش حاجه من دي مبعتكش ياجواد… ولا خونتك أقسم بالله مابعتك ولا خنتك أقسم بالله
ماكدبت في أي كلمه قولتها ليك أقسم بالله انك
ظلمني ظلمني ياجواد….” كادت أن تبتعد عنه بدموع
تتساقط بلا توقف ، عرقل سيرها حين جذبها بقوة إلى احضانه بجنون تشبك بها كالطفل الخائف الضائع بدون ملجأ يحتمي بها من عواصف قسوته ونيران صُنعت داخله لتجبره على العيش وسط طيات للهيبٍ ينبعث منها …
“أبعد عني ياجواد… كفاية كده….” كأن صوتها مبحوح ودموع تبحر على وجنتيها بخط سير متعارف عليه….
دفن وجهه في عنقها تاركاً لدمعه منفرده مكاناً عليه، تحشرج صوته وهو يخرجه بصعوبة….
“مش هقدر ابعد لو كنت أقدر كُنت عملت كده من أول يوم شوفتك فيه، لو كنت أقدر كُنت بعدت أو على الأقل كنت نفذت إللي اطلب مني زمان ..”
“ياريتك نفذت ياجواد ياريتك قتلتني وياريتك ريحتني من كل العذاب ده ياريتك…” انهارت الدموع
أكثر وبرغم من شعورها بهذا الابتلال على جوف عنقها الا أن انهيارها كان أقوى واقسى على روحه المؤذية تلك….
أبتعدَ عنها بعيون تلمع بدموع مسك وجهها بين كف يداه قائلاً…..
“ومين قالك أن الحياة من بعدك هتبقى حياة، بسمة أنا عارف إني وحش واني مجرم واننا صعب نتقارن بطباع وبالقلوب وأنك احسن مني بحبك وبصبرك…”
مرر يداه على اول ذرعها العاري لنصفه معاود الحركة
مراراً وتكراراً بحنان وهو يقول….
“أنا عارف إني مكنش ينفع أبقى عنيف معاكي بشكل ده بس لازم تعرفي اني عصبي ووقت عصبيتي مش بشوف قدامي ولاصعب أن كل إللي فيا ده لآني كُنت شاكك إنك بتكدبي عليا وبتخدعيني و….”
“قولتلك أن ده محصلش…” هتفت بنفاذ صبر يصحبه شهقت بكاءها….
مرر يداه على كتفها مُهدأها بتلك الحركة وهو يُجيبها بيقين….
“مصدقك ومتأكد إنك مش بتكدبي عليا…. بس كمان لازم تعرفي أن اللي بيفرقو معانا بس هما إللي بنتوجع منهم بجد وساعات بنجرحهم لمجرد أنهم
نسيو هما أي بنسبالنا….”

 

 

 

نزلت دموعها وقد بدأ القلب يرق لأجل ثورة هي على يقين أنها كانت اقوى من ان يسيطر عليها….
“بس انتَ اذتني أوي ياجواد….” عضت على شفتيها تمنع تاوهات تريد الافلات من بين شفتيها بسبب
تلك الأوجاع المتفرقة في جميع جسدها….
“أنت مش بس اذتني جسدياً لا دا أنت كملت بأنك تشبهني بواحده ا….”
قاطعها بحزم خشن….
” انتي عارفه ومتاكده إنك مش زيها ولو أنا بشبهك بيها ولو شايفك زيها صدقيني عمرنا ماهنبقى هنا خالص…. ”
“والمطلوب مني إيه دلوقتي أنسى كل إللي عملته واللي قولته وتعامل معاك يرجع طبيعي من تاني ….”
حرك سبابته على أنفه وهو يتحدث بثبات لا يناسب
هذا الحوار….
“مش طالب منك كده…أنا عارف ومتاكد أن كل حاجه
بتاخد وقتها على ماتتنسي ، وأنا هسيبك براحتك…”
“ياريت تسبني براحتي وتخرج دلوقتي….”
اشاحت بوجهها بعيداً عن مرمى عيناه المُسلطة عليها…..
“همشي بس قبل مامشي لازم اعلج جروحك دي…”
مد يده بكريم مخفف لتلك الكدمات التي سببتها قبضات يداه وأيضاً سيمحي مع الوقت هذا الاحمرار
آثار أسنانه الحادة عليها…..
“أنا هعالج جروحي بنفسي….” كادت أن تجذبه من يده بضيق وعِناد لكنه أبعده عن مرمى يدها قبل التقاطه ليجذب يدها ، جالساً على هذا الكرسي
المنفرد في هذا الركن، جذب جسدها نحوه لتجلس
عنوة عنها على ركبتيه…..
“أنت بتعمل إيه بظبط….”
“متخفيش هدهنلك المرهم وهمشي على طول…” حدثها بصوتٍ هادئ لا يخلو من الثبات والصدق كذلك …
بدأ بوضع هذا الكريم على كتفيها مرره على ذراعها ببطء وهدوء تاوهت من بين أسنانها بخفوت لتغمض عينيها بألم….
“معلشي استني….” نفخ بفمه بتجاه تلك الكدمة وأكمل مايفعل وكلما تألمت بصوتٍ او بحركة تدل
على ذاك تجد أنفاسه الساخنة تبعثر على مكان الوجع
لتدمي جرح سببه بقسوته مُعالجة بحنانه وخوفه
وكم تحتار الآن بين رجل لا يعرف السيطرة على غضبه ويثور عليهآ بدون شعور ، ورجل يداوي بحنان جروحاً اقترفها غصباً عنه…..
وبرغم تلك المسافات الى أن لمسته وحنانه يصنعون داخلها اشتياق له، اشتياق لحبيب اذاقت معه للذة عالم لم تدلف إليه الا بجواره لا تريد ذاك الشيطان القاسي في تعامل معها المُستمتع بجروحها ولا يبالي
بدموعها، أرادت حبيبها وليس طائفه المختال….
قبلها من وجنتيها وهو يقول بخفوت….
“أنا اسـف….” نهض بهدوء ليقابل تلك العيون العسلية
مسك خصرها بحنان قربها منه مُقبل جبينها ومن ثمَ وجنتيها ليترك آخر قبلة سطحية على شفتيها قبل
ان يبتعد عنها بصمت وبدون ان ينطق حرفٍ آخر
اختفى من المكان…..
وحتى في عذابك اشتياق….
همس قلبها بكلمات مجنونه…. عنفه العقل بحدة…
(عديم الكرامة)….
(لم يغتصبها فقط كان عنيف في علاقتهم المحلله ياهذا….)تحدث قلبها مُعطي الأعذار…
(وهل العنف شيء والاغتصاب شيء…)
(نعم هو لم يجبرها بل هي من استسلمت وجسدها بالفطرة تجاوب معه لا تكن سخيفاً كان قاسي
بلمسته لها، لكنه لم يكن مجرماً لم يكن وحشاً كأن
غاضباً منها وقد اذاقها القليل من عذابه….) برر القلب
بغباءً….
صرخ العقل بجنون….
(أصبحنا لا نمتلك من الكرامة ذرة بسبب تلك الأعذار
وأصبحت زمام الامور بيدك لتسير بها لهاوية جحيم
هذا الحب الذي أصبح فاجعة تقلب موازين الجميع
هنا…..)
(حب كُتب ولم تختاره يداها بل قُدر لها فارضى به ياهذا ولا تكن قاسي الحكم….) تحدث القلب بعِناد….
تافف العقل مردداً بمقت
(القاسي الحقيقي هو من يأذي بالامبالاة وتعطي له
ملايين الأعذار لمجرد شيئاً سخيف قام به، تستحقون الشفقة !….)
وضعت كلتا يداها على اذنيها لتمنع هذا الصراع الحاد والقاسي عليها لا تقدر على هذا التناقض الشاسع بين أهداف المنطق، وطموح مشاعرها التي لن تتوقف عن عشقها له يالها من مُعضلة تُصعب النايل منها ما تريده وما يروقها معه !….
وكم كانت( لن احرركِ) نبذه عن المعنى الحقيقي لهذا
العشق المتناقض عن المنطق !….
______________________________________

 

 

 

في صباح اليوم التالي…..
تقف أمام المرآة تطلع على ماترتدي برضا انثوي…
كانت ترتدي كنزة شتوية تناسب هذا الجو البارد، ينقسم لونها لنصفين الرمادي والابيض، ترتدي
عليها بنطال جينز ابيض اللون كذلك عليه حذاء رمادي مريح في سير…..لمت شعرها رافعه إياه بربطة شعرًا رمادية اللون تاركة خصلتين طوالٍ من شعرها
يحتلون جانباً صدغيها بتناغم ودلال يناسب جمالها
وضعت القليل من الزينة على وجهها مُجرد أشياء
تُبسط اليوم بوجهاً كامل البهاء…..
أكملت تفقد نفسها بهدوء لتلاحظ تلك العلامة الحمراء على جوف عنقها، زفرت بضيق وهي تعدل
رقبة كنزتها الشتوية قليلاً حتى تتمكن من اخفاء
تلك العلامات التي لم تكن الا امتلاك (الغمري)لها
وبراثن جنونه توضع علامة حتى لا تنسى هذا السطو !……
حملت حقيبة عملها وتقدمت حيثُ الخارج…
نزلت على سلالم الدرج وهي تنوي الرحيل قبل ان تصطدم بأحد فهي على علم ان الجميع على سفرة الإفطار الآن……
“ست بسمة…..”
توقفت بسمة واخرجت تنهيدة ضيق فهي على يقين
أن الخادمة (شادية)ستعرقل سيرها بشيءٍ ما، استدارت لها وكظمت حنقه وهي تجيبها بفتور…..
“في حآجه ياشادية….”
تحدثت الخادمة بخفوت لا يخلو من الإحترام….
“الست هانم انعام كانت بعتاني استعجالك من فوق عشان الفطار جاهز ولكل على السفرة وهي….”
قاطعتها بسمة بعجلة زائفة….
“ينفع تعملي في معروف وتقوليلها إني مشيت من قبل متشوفيني….”
“بس ياست بسمة ا…”
“لو سمحت ياشادية دي أول مره اطلب منك حاجه….”بدأت بأستعطافها والالحاح عليها لتمتثل
لها فهي بغنى عن أي اصطدام في من يدعى زوجها…
“روحي شوفي شغلك ياشادية…..”اتاهم صوتٍ رجولي خشن حادّ ، رامقها بنظرات متحفزة…
أنصتت الخادمة له واومات بحرج لتدلف بعدها لداخل المطبخ لمباشرة عملها من بدايته…..
أقترب منها بقسمات واجهاً مبهمة ليقف أمامها
قائلاً بهدوء….
” مش عايزه تدخلي تفطري معاهم ليه…. ”
“مش جعانه…” اشاحت بعينيها بعيداً عن أعينه المُسلطة عليها…..
“تبقي تدخلي تستاذني منهم، مش تطلبي من الخدامة تشاركك في كدبك لا وكمان بتتحيلي عليها
انتي نسيتي ياهانم أنتي مرات مين ….”
احتدت عسليتاها غضباً من فظاظة حديثه وتعالٍ عليها في جملته لتهتف من بين أسنانها بتشنج…
“للأسف دي الحاجه الوحيده إللي صعب تتنسي…”
“للأسف؟…لدرجادي يابسمة…”هدأ صوته قليلاً فتلك الكلمات غمت عينيه ببعض الحزن وهو يحدق بها بعتاب…..ابعدت عسليتان يتالمان ببعده قبل قربه…
“أنا عندي شغل ولازم أمشي….”التفتت ظناً منها انهُ
سيمنحها فرصة الهروب من ضعف تلك المشاعر المتاججة داخلها ، لكنه عرقل أهداف الهروب بحركة
يده المُمسكة برسغها ليديرها إليه وهو يقول بنبرة شبه هادئه…..
“افطري الأول وبعدين أمشي….”
“قولتلك مش جعانه….”
“تمام…..يبقى مفيش خروج….”ترك رسغها واستدار
مُبتعد عنها ببرود…..
توسعت حدقتيها غضباً وهي تصيح من خلفه…
“يعني إيه مفيش خروج…هو انت فاكر نفسك اشترتني…..”
توقف بغيظ من حديثها الابله وصوتها العالٍ عليه عاد
إليها في للحظة وجذب يدها وسار بها لاقرب مكان
مخفي عن العيون الصقها بالحائط بقوة خلفها واقترب منها أكثر مُقرب أنفاسه الساخنة بغضبٍ وعصبية تعرف( بسمة)كيف تُثيرهم ليخرجوا بقتامة شرهم عليها وحتى ان لم تتعمد هذا فهم يتاثرون من أقل كلمة حانقة تخرج منها ….
“انتَ عايز إيه ، إياك تفكر اني هسكتلك لو حولتْ تقرب مني….”
“طالما عارفه اخرك معايا إيه مش بتلمي لسانك ليه وتعقلي وتفهمي اني جوزك ومش واحد من الشارع…”
“الكلام ده تقوله لنفسك ولا انتَ نسيت عملت في إيه….”
“لا مش ناسي لكن لو انتي ناسيه أنا ممكن افكرك…”
أقترب منها بمكر بارد خالٍ من المرح….
“أبعد عني إيه البجاحه دي….”
“تاني لسانك بيطول عليا….”
“آآه هيطول طول مانتَ بكل الجبروت والبجاحه دي هيطول ياجواد….”
مسك كلتا يداها بين يداه وثبتهم بقوة على الحائط
مردداً بعدها من تحت اسنانه بغيظ….
“وانا هقطعهولك يابسمة….” أقترب من شفتيها بخبث ونظرت عينيه تحكي تهديد صريح في داخله
لن ينفذ شيء من ما يرمي إليه في حديثه لكنه
أراد عقابها بطريقة مُهددة ليس إلا…. تفجأ بالمًا حاد
في أنفه فالوهله شرد في أفكاره قليلاً لتستغل هي الفرصة وتقضم باسنانها أنفه…..
حاصر خصرها بقوة قبل الافلات منه والخروج من هذا الملاذ المناسب لكلاهما…
“بتعضيني يابسمة….. طب أقسم بالله ماهتعدي على خير….”
“إياك تقرب مني هصوت ولم عليك كل إللي في البيت…”
ضحك باستخفاف قائلاً…
“وانتي فكره إني بيهمني حد.. وبعدين انتي مش جدعه وبتعرفي تطولي على جوزك استحملي بقه…”
الصقها في الحائط مرة آخرها محاصرها أكثر وهو يقول بمراوغه….
“عمتاً العض مبيبقاش في المناخير ياقطة العض بيبقى هنا….” التقط شفتيها مُرغمها على الاعتراف
بضعف أمام سحر لمساته، وبرغم من الم قُبلته الا أنها كانت تحثى على اشتياقه لها ومشاعر جديده تشعر انها مكنونة داخله لا تخرج الا في بعض الأوقات ومن ضمنهم تلك الأوقات الحميمية، كم استسلمت للعاصفة الجامحة معه لتقعد يداها حول عنقه تاركه المنطق يصيح والعقل يسب عليها وعلى ضعفها تاركه زمام الأمور لمشاعر باتت تقودها نحو هاوية الجحيم معه ….

 

 

 

ابتعد عنها وهو يلهث ليسند جبينه على خاصتها وهو يقول بين لهاثه بعبث….
“مكنتش أعرف ان انا وحشك اوي كده….”
عضت على شفتيها بعد هذا المزاح الثقيل لتبتعد عنه
قائلة بكبرياء لا يناسب استسلامها له….
“على فكره بقه أنت إللي غصبت عليا….وأنا مكنتش عايزه أصلا كل الحاجات دي….”
“ياشيخه مكنتيش عايزه خالص….” هتف بسماجه وضحك بسخافه جعلتها تبتعد عنه وهي تتمتم بغيظٍ
“غلس…. غلس…”
توجهت نحو غرفة الطعام الذي يمكث بها الجميع الآن، خشيت أن ينفذ (جواد) تهديده ويجعلها تمكث في البيت اليوم ولم يكن هذا الخيار الافضل لديها فاليوم لن تتنازل عن خروجها (فآسر)ينتظرها على احر من الجمر فقد جد في الأمور اموراً جديدة لم تعرف عنها بعد….
بعد ابتعادها عدة خطوات مرر يداه على شعره وهو يتفقد قوامها وجمالها الخاطف للانفاس…..
“بسمة…..”التفتت له وعلامات الفضول جلية عليها..
“طلعه زي القمر النهارده….”أصأب لسانها بشلل لعدة
ثوانٍ ووجهها الفاتن احتلّ الدهشة الممزوجة بالخجل…..تنهدت مرددة ببرود…
“شكراً…”
“شكراً على الناشف كده…”
رفعت حاجبه بشك ولكن طصنعت عدم الفهم….
“مش فاهمه قصدك….”
“يعني نكمل إللي بدانا…”غمز لها بوقاحة…
تشنجت قسمات وجهها قليلاً ولم ترد عليه بل أكملت
وجهتها بأنف مرفوعًا….
______________________________________
” كل ده يابسمة تاخير…. “هتفت انعام الناظرة ببعض العتاب الطفيف وهي تنظر نحو بسمة المُقبلة عليهما…..
” معلشي ياماما اتأخرت شوية وأنا بلبس… “ارجعت
خصلة من شعرها للوراء قليلاً وهي تقترب من السفرة قائلة بابتسامة رقيقة….
” صباح الخير ياجماعه…. “مرت بسمة من جوار (اسيل) لتلكزة بمشاكسة لتلقي لها الأخيرة إبتسامة
لطيفة وهي تقول بمزاح…..
” اهلاً ياهانم مواعيدك في ضياع والبوص مش بيعاملك زينا…. “نظرت باتجاه أنعام الذي زُين ثغرها المجعد إبتسامة حرج وهي تقول بتبرير…
” على فكره ياسيل كلكم عندي واحد بس هي ليها عذرها…. ”
رفعت اسيل حاجباها وهي تقول بدهشة مُصطنه…
“هاا… عندك حق أنا كده لقيت حجه لتاخير بكره…”
هزت أنعام رأسها باستياء بينما فلتت ضحكة خافته
من بين شفتي بسمة مشاركها تلك الضحكة سيف الذي يراقب جنونها ومزاحها باعين هائمة….
قبلت بسمة يد أنعام وهي تقول بلطف واحتراماً …
“صباح الخير ياماما….” تفاجأت أنعام قليلاً من تلك الحركة لكنها كانت سعيدة من أعماق قلبها فقد حصلت على حفيدة جديده لن تقلل من المساوى بينها وبين باقي احفادها فتلك الحفيدة تستحق
ان تكون فرد من اسرتها المحددة…..
“صباح النور ياحبيبتي بقيتي احسن النهارده….”
“الحمدلله اليومين إللي فاته هونه كل حاجه وكمان العلاج خلاني احسن….” أثناء حديثها كانت تجلس على المقعد تشرع في تصنع الأكل حتى تنتهي تلك الدقائق…..
نظر بُبنيتاه نحو تلك العيون السوداء المقابلة إليه
تاملها باختلاس ، كم يشتاق إليها والى احديثهم التي انقطعت من يوم ان كانوا في المشفى سويًا
مُرهق للهيب الإشتياق مُتعب هذا العشق الناضج بجميع تفاصيله، عشق خالٍ من الجنون وتهور في
تصرفات يجعلك متحلي بالصبر الذي لن ينتهي الا
أن تشيب لحيتك !….. يُريدها وسيفعل بجنون
هي تُريد السفر والبعد إذاً سيريها كيف يكون العِناد
والتحدِ أمام رغبات عشقه !…….
رفعت عينيها لتجده يتطلع عليها بشرود وقسمات وجهه يعتريها حمرة الضيق المكبوت… زمت شفتيها
بيأس منه ومن اصرارها على الرحيل والبعد عنه!…
فاق من شروده على عيناها الرامقة له بحزن ويأس كذلك، إشبك بُنيتاه في تلك البقعة السوداء اللامعة
بالدموع…….
تنهدت اسيل بضعف وهي تبعد مقلتيها عنه مُكمله طعامها بصمت مُتحاشيت النظر إليه….
“وبعدين معاكي ياسيل..” تمتما داخله وهو عازم النية على امراً هام سيحسم هذا البعد بل من المؤكد سينهى عن قريب……
آتى جواد وجلس بجانب بسمة وهو يقول بهدوء…
“ممكن تاكلي عدل …”
رفعت حاجبيها اليه بصدمة من ظهوره المفاجئ وتلك الكلمات التي تدل على مراقبته لها….
“على فكره أنا بأكل يعني شايفني بلعب…”
“بس انا واخد بالي انك مش بتكلي أصلاً….”
زفرت بنفاذ صبر….
“عشان مش جعانه وانتَ مصمم تخليني انفذ إللي بتامر بيه…..”

 

 

 

زُين ثغره إبتسامة هادئه وهو يقول باستفزاز ….
“غصب عنك تنفذي اومري…. هو أنا مش جوزك ولا إيه….”
“يسلام…..” رددت بغيظ وهي ترمقه بحدة….
أسند يده بعبث على قدميها وهو يقول بمراوغه…
“عندك اعتراض يافرولتي ….” تفقدها بنظرة ذات معنى صريح يُذكرها بنفس تلك الحركة العابثة….
ازدرات ريقها بصعوبه وهي تخرج كلماتها بتافف من انتصاره عليها…..
“ممكن تشيل إيدك إحنا حولينا ناس…..” هتفت من تحت اسنانها بخفوت…..
“آآه تصدقي صح…..” قرصها عند موضع يده بعبث لتشهق هي ويطلع عليها الجميع بتراقب واعينهم تتساءل ….
“مالك يابسمة….” بادرت أنعام بسؤال….
وزعت بسمة عسليتاها الخجولة بين الجميع لترمق
جواد بغيظ مُشتعل قبل أن تقول بهدوء….
“لا أبداً دي شرقه……” ارتشفت من الكوب بحمرة الحرج……مالى جواد عليها هامساً باستفزاز اشعل غيظها سريعاً…..
“آآه لو نبقى شُطار ونسمع الكلام مش هنجيب لنفسنا
الاحراج….”وبرغم من عسليتاها المتوهج بهما الغضب
الا أنها قررت الصمت لاغاظته ولم تعرها اية اهتماماً يُذكر……
فصل الصمت على السفرة صوت زهران الذي تحدث بخشونة ووقار….
“صحيح ياجماعه في حفله هتتعمل في الفيلا كمان يومين….”
كانت أول السائلين بدهشه هي (اسيل) التي قالت…
“حفلة؟… حفلت إيه دي ياخالو وإيه المناسبة؟….”
بادرت(لميس) برد عليها قائلة بابتسامة سخيفة لا تخلو من الغرور….
“حفلة عيد ميلادي ياسيل….إيه مفيش كل سنه وانتي طيبه يامرات خالو… “تحدثت باستفزاز لتشعل للهيب الغيظ في شخصاً معين !…
“لا طبعاً…كل سنه وأنتي طيبه….”إبتسامة اسيل بمجامله باردة مرددة تلك الكلمات…..
امتعض وجه أنعام التي رمقتها بازدراءً قبل أن تقول
بستهزء…..
“وياترى بتحتفلي بعيد ميلادك الكام يامرات أبني….الخمسين مثلاً….”
توهج وجه (لميس)بحمرة الغضب محاولة السيطرة على نفسها وهي ترمق جميع من يكتم ضحكاته باستثناء (جواد)و(زهران)المتابعين للموقف بصمت
وتعبير وجههم لا تحمل ذرة إهتمام بما يُقال الآن…
كظمت غيظها وما يعتريها وقالت بابتسامة صفراء
وصوتٍ ناعم مُستفز…..
“لا لسه بدري أنا لسه صغيرة وفي عز شبابي ومن حقي احتفل بعيد ميلادي….وطبعاً مش ذنبي إنك مش بتفهمي في الحاجات دي بـ…..”
“لــمــيــس….” نادها زهران بصوت حاد جعلها تجفل بعينيها وتبتلع باقي حديثها المهين…..
إبتسمت أنعام بسخرية مرددة بتشفي ……
“لا يامرات أبني أنا بفهم كويس في الحاجات دي ولو أنا ست معقده ومُفتريه مش هقبل بدلع الماسخ ده في بيتي بس عشان خاطر أبني قبله بيكي وبنظامك
إللي عمره ماعجبني……” نهضت أنعام بحدة من على سفرة الطعام…..
تطلعت لميس على زهران بعتاب وضيق من طريقة والدته معها، زفر زهران بجزع وهو يبعد انظاره
عنها موجه حديثه لجواد وسيف…..
“لازم تحضرو الحفله دي مش عايز اعذار وبذات انتَ ياجواد….” ثبت عينيه عليه مؤكد على ضرورة وجوده …
“لا اعفيني أنا من الحفله دي انا مليش في الجو ده…” نظر له بملل واضح غير مُرحب بالفكرة….
أقنعه زهران بنبرة صوتٍ مبهمه…
“لازم تحضر لان السيوفي هيحضر الحفله …..” رفع عينيه عليه ليفهم سريعاً سر مواقفته لتلك الحفلة اجتماعات من نوع خاص !….
“تمام…….”
تحت انظرها ترى غموض حديثهم لبعض الذي يحثى على الشك بوعده الموثوق لها !؟، وهل كأن حقاً موثوق ام مجرد حديث يتطاير وسط الرياح العابرة….
هزت رأسها غير مُقتنعه بتلك الهوجاء فهي تعلم انه
مزال يعمل في شركات (الغمري) مع شقيقه من المؤكد ان الحديث على هذا النحو ليس تلك التراهات التي تتلاعب بعقلها لا ليس لأمر بهذا
السوء….
“لو خلصتي يلا بينا عشان اوصلك…”
انتشلاها من تراكمات الأفكار وزوبعات جنونها لتنظر بعسليتان شاردتان بضياع إليه…..
“هتوصلني؟…. طب ليه مانت بتبعت السوق معايا
كل يوم….”
همهما مردداً بهدوء….
“مم… يعني حابب اوصلك النهاردة وكده كدا السوق هيحصلنا عشان ترجعي معاه آخر النهار…..”
“ولي تتعب نفسك يعنـ..” قاطعها باعين مُصرة….
“كفاية كلام وسبيني براحتي…. ويلا بينا…” اكتفت
بايماءة بسيطة وهي تنهض مُستأذنه من الجالسين..
فقد بات الهروب من دائرة اوامره اللا منتهية أمراً أصعب من الخروج من سطوة تملكه !…..
__________________________________
“وصلنا…..”قالها وهو يصف سيارته جانباً….
لم ترفع عسليتاها إليه بل مدت يدها عند مقبض الباب بجوارها…..أسرع جواد بغلق الباب من هذا الزر
بجواره….وجدته موصد على عكس المتوقع زفرت بحنق وهي تجبر نفسها على الاستداره نحوه….
فعلت وتطلعت عليه بتساؤل لتجده ينظر أمامه بعدم إهتمام…..
“جواد أفتح الباب…..”رفع حاجبه مُطصنع الدهشة وهو يقول….
“افتح الباب؟…ليه هو مقفول….”
“آآه مقفول….”رمقته بنفاذ صبر حاد…
“إزاي يعني….وريني كده…”كم كان وقح ومراوغ في حديثه ولكن أأهذا وقتًا مناسباً لعبثه في وسط الطريق في قلب حي شعبي كهذا يُعج بالمرؤون في كل مكان حولهم….
مالى عليها مُلتصق قليلاً بها مُطصنع انشغال عينيه بمقبض الباب المُغلق مُطصنعاً محاولة فتحه،أبعد عينيه عن المقبض الصغير ليثبت مقلتيه على عسليتان مُرتبكان من هذا القرب المرواغ باهداف
تدور في خلده وحده !..
“شكلك اتحبستي هنا….”حدثها بخفوت عابث ومزال
على وضعيته المشينة…..
رطبت شفتيها بارتباك تحت انظاره محاولة التحدث لكن تلعثمت وهي تقول ….
“لا مش هيحصل….. يعني اتصرف…. وابعد شوية لو سمحت….”
أقترب من وجهها الذي يعتريه حمرة الغضب والخجل …
“أبعد إزاي يعني ، هو انتي مش لسه قايله اتصرف…”
“هو لازم تتصرف وانت لازق فيه كده….”
حاول كبح ضحكاته وهو يقول ببراءة….
“ماهو التصرف ميحلاش غير بالوضع ده….”
عضت على شفتيها من وقاحته المفهوم مبتاغاها…

 

 

 

تحلت بصمت وصبر امامه لا تزال غاضبة من حديثه
وعنفه ليلة أمس…..
“بسمة……”رفعت عينيها عليه مُنتظر باقية الحديث..
“ينفع اطلع أشرب قهوة معاكي….”كم كانت أنفاسه الساخنة وعطرة المُميز يهلك قلبها النابضِ بعشقه…
رفع حاجبيه مُتسائلاً…..
“مش بتردي عليا ليه…..سرحانه في إيه….”
هزت رأسها وهي تجيبه بثبات فاتر ….
“مش سرحانه ولا حاجه….بس أفتح الباب عشان نخرج بدل الوضع ده….”
أبتعد عنها على مضض فهو كان يظن ان مصالحتها اسهل شيء بات الاصعب بنسبه له…..
لج بداخل مكتبها المُلحق في قلب تلك الشقة الصغيرة……
قالت ببعض الحرج….
“هدخل أعمل القهوة….”تركت حقيبتها وهاتفها على أريكة صغيرة تحتل بهو الشقة……
أومأ لها بوقار وراس شامخة كان مُنتصب بوقفته وهو يتفقد المكان من حوله بسيط هادئ مثلها لا يليق بها ولكنه سيعمل على الأفضل لأجلها في أقرب
وقت !….
سار عدت خطوات باتجاه غرفة مكتبها مُتفقده بنظرة خاطفه ، شعر بالملل من انتظارها وهو يتطلع على ساعة يده فكر في ذهاب لها لكن شد انتباهه هذا الثوب الأسود المُلقى باهمال على مقعدها الوثير
أقترب منه بحاجب مرفوع، التقطه بين يده باعين ثاقبة بعد عدة دقائق علم بهوايته تمتما بعدم استيعاب لوجود مثل هذا الشيء عندها وهنا ؟…
” نقاب؟؟… دا بيعمل إيه عندها….. ”
“القهوة ياجواد….” دلفت إليه وهي تحمل الصنية، لجمت باقي الحديث وهي تتطلع عليه بوجهاً شُحب
من هول الصدمة، تزايد نبضات قلبها المُرتجف رعباً
ولم تفعل شيء غير الصمود صامته….
رفع يده قليلاً مُحركها بهذا الثوب الأسود ليبادر مُتسائلاً بنبرةً رخيمة لا تخلو من الاستفهام….
“اي ده يابسمة وبيعمل إيه عندك؟…..”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *