روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الثامن عشر 18 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الثامن عشر 18 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت الثامن عشر

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء الثامن عشر

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة الثامنة عشر

~… كشف المستور….~
نظر وجيه إلى الصغيرة ريميه في عطف شديد …… بشوق أن يضمها بقوة …. فهو يقدر منزلة كائن صغير بريء بالنسبة لطفلة !!
وبراءتها التي تحتوي ضعف أرق الكائنات……
ضمت الصغيرة القطة بقوة حتى أن جحظت القطة عينيها من الاختناق بعض الشيء …… سألته وصوتها يرتجف :
_ خايفة اسميها بسبوسة ترجع تموت تاني !
رفع وجيه يده وربت على رأسها بحنان وقال بصوت هادئ وواثق :
_ لأ سميها زي ما أنتِ عايزة …… محدش هيقدر يزعلك بعد النهاردة …..
مسحت الصغيرة عينيها الباكيتان بجسد القطة المليء بالشعر الكثيف فابتسم وجيه بمحبة ……فقال ممزاحا :
_ الفستان ده جميل أوي عليكِ ….. شبه سندريلا ….بس سندريلا صغيرة ….. تعرفي سندريلا ؟
ابتسمت الطفلة ابتسامة خفيفة وهزت رأسها بالإيجاب وقالت وهي تمرر قبضتها الصغيرة على رأس القطة :
_ ماما حكيتلي الحدوته بتاعتها …… لما كان ……
صمتت الصغيرة في حزن شديد بمقلتيها والتمعت عينيها بالدموع مجددًا …..لاحظ وجيه حزن شديد أكبر أن تتحمله طفلة مثلها ….. وأكبر أن تستعوب أسبابه بحداثة عمرها …..إلا لو كان الأمر خطيرًا …..سألها في حيرة :
_ لما كان إيه ؟! ……كملي !!
ابتلعت الصغيرة ريقها ومرت مشاهد بخاطرها سريعا ثم قالت وهي تبدأ بنوبة بكاء جديدة :
_ لما كان بابا صالح بيضربني …..
كانت تخرج الكلمات بنطق ليس صحيح تمامًا ولكنه يخرج واضحاً أيضا …… صرّ وجيه على أسنانه بغضب من هذا المجرم الذي انتزعت الرحمة من قلبه ليعنف طفلة صغيرة كهذه عاجزة عن الإساءة لأي مخلوق !! ….. أخذ نفسا عميقا قبل أن يرد ولكنها أضافت فجأة :
_ وكان بيضرب ماما جامد ..بـ … بالحزام …. ويحبسها في الضلمة…… وتصرخ طول الليل …..
قالت الصغيرة ما كانت تسمع أمها تشكو به وتصيح مستغيثة طيلة السنوات الماضية وهي تصرخ للنجدة من براثن هذا المجرم ….
اتسعت عين وجيه بصدمة وتسارعت أنفاسها بنيران تستعر وتتأجج بداخله ……. نهض فجأة وكاد أن يسحق أسنانه من فرط الغضب ….
لم يصدق ما يسمعه !
هل تعرضت لهذا الأمر حقا !!
هل كانت تتعذب بالضرب وتسجن بالظلام ؟
في اشد غضبه منها لم يستطع حتى أن يصفعها صفعة ولو بسيطة !
هل حبيته كانت تتعرض للضرب وهو هنا لا يشعر بشيء مما تعانيه !!
اسودت عينيه من الغضب حتى حاوط رأسه بيديه كي لا تنفجر من الدماء التي تغلي وتجعله يكاد يبحث عن هذا المجرم وينتقم منه أشد انتقام ……
تمالك أعصابه بالكاد وأنفاسه تتصارع ثم نظر للصغيرة التي لا ذنب لها في أن أبيها الحقيقي يكون هذا الحقير …..أقترب منها مجددًا وقال وبعينيه أصرار لمعرفة الكثير :
_ كملي …حصل إيه ؟
كانت الصغيرة تنظر أمامها في ثبات …. عينيها لا تتحرك ويديها تمر برفق على رأس الهرة التي سكنت تمامًا بين ذراعيها واستسلمت لرقة براءتها ….. وقالت وشفتيها ترتجفان وهي تتحدث بتلعثم :
_ بابا صالح كان بيقول أنه هيموتها لو مرجعتش البيت ….. عشان راحت عند جدو عزيز …..
كنت بعيط ….ماما لو ماتت مش هترجع…. بسبوسة لما ماتت مش رجعت!!
وأضافت والدموع تسقط من عينيها :
_ لما كنت بصرخ عشان عايزة ماما كان بيضربني أوي …..
تركت الطفلة الهرة قليلًا ثم رفع أناملها اتجاه رقبتها وأشارت عند رقبتها من الخلف وقالت :
_ ضربني هنا ….
اقترب وجيها ونظر برقبتها ليصدم ان هذا ليس ضربا عاديًا أنه حرق بشيء گ السيجارة !! ….يا الله !!
كيف يفعل هذا بطفلة والمفترض أنها أيضا ابنته !!
ابتلع وجيه ريقه بمرارة وعطف كبير على هذه الطفلة المسكينة فاقترب لرأسها ووضع قبلة طويلة على شعرها قائلًا باسف :
_ ما تفتكريش أي حاجة حصلت من دي ….. ومتخافيش يا حبيبتي …. محدش هيقدر يقربلك طول ما أنا جانبك …..أوعدك …..وبعدين في فسح كتير ولعب وكل حاجة بتحبيها هجيبهالك …نزعل بقى ولا نضحك ؟
مسحت الصغيرة عينيها وضمت الهرة من جديد وقالت بابتسامة بريئة :
_ بابا وجيه ….أنا بحبك أوي …. مش تسيبنا تاني أنا وماما ….
ماما بتفرح لما بقول لربنا أني عايزاك تفضل جانبنا ….هي قالتلي كده ….
نظر لها وجيه بصمت للحظة ثم قال بشوق لشيء سيروي قلبه المحتضر :
_ قالتلك إيه ؟
أجابت الصغيرة وهي تتحدث بعفوية :
_ امبارح كنت بكلم ربنا …. ماما قالتلي لما تكوني عايزة حاجة قولي لربنا ….. قولت لربنا أني بحبك وعايزاك تفضل معانا على طول ….ماما قالتلي أنها بتفرح وبتطمن لما بقول لربنا كده …..
تسللت ابتسامة عاشقة لعينيه ….شيء من الشوق تمنى لو يرها الآن ….وأن يواجهها بما عرفه للتو ….كلمات بسيطة …ولكنها نفضت الغبار عن خباياها …..مختصر عن الماضي ، قالته هذه الطفلة ببراءتها وأوضحت الكثير…….
قبّل رأسها مجددًا ومن قلبه يشكرها على هذا الأعتراف الذي أضاء قلبه من جديد …..قال بمحبة شديدة للصغيرة :
_ أنا كمان بفرح وبطمن لما بتقولي لربنا كده ….. أنتِ الأمل اللي باقيلي ….. بس إيه رأيك في القطة ؟
ابتسم الصغيرة وهي تضم الهرة وقالت ببهجة:
_ جميلة أوي وناعمة …..
نظر لها مبتسما بمحبة ولعينيها الجميلتان التي تشبه عين امها بتطابق كبير …… ستكن نسخة منها عندما تكبر …..
هكذا كان رأيه وهو ينظر لعينيها ولأبتسامتها الجميلة …..كان يتمنى منذ عشر سنوات أن ينجب طفلة تشبه ليلى ….وها هي أمنيته أمامها مباشرةً…….واسفه أنها ليست أبنته !
أرداد أن يعرف ما هذ الأسباب التي أدت لأن يكون هذا عقاب ليلى ولكن حتما ستكن الاسباب خاصة لن تصل للصغيرة ……وكل ما تعرفه هو نتيجة الخلاف فقط …..
تذكر الأمر مرةً أخرى فعاد غاضبا ….فأبتعد عن الصغيرة واتجه الى النافذة ….. هناك أمور كثيرة يبدو أنه لا يعلمها ….يبدو أن ليلى لم تكن حياتها هادئة تمامًا …..بل بها الكثير من الشقاء والقسوة …..ولكن لماذا ترفض الأعتراف بها ؟!
ولماذا لم تخبره وتدافع عن تفسها ؟!
هذا شيء يحيره كثيرًا !
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
في مكتب السكرتيرة الشخصية لمدير الشركة ” عاصم شكري ” وهي امرأة أربعينية أنيقة لدرجة كبيرة ويصعب تحديد عمرها …..
كانت مشغولة بالتحدث عبر الهاتف لأحد الفروع الأخرى للشركة ويبدو أن هناك مشكلة ما بالشحنات ….. انتهى الأتصال الذي أخذ ما يقرب النصف ساعة واغلقت الخط ……
تنهدت بعمق وقالت :
_ مستر عاصم لو غاب عن فرع من الفروع لأكتر من أسبوعين الدنيا بتتكركب على دماغي !
كان يبدو أنها تحدث نفسها فألتزمت ليلى الصمت ولم ترد وظلت جالسة بأريكة سوداء اللون من الجلد، وعلى بُعد خطوات من مكتب السكرتيرة ….تذكرت ليلى أمر زوج صديقتها ايمان وأنها قالت أن زوجها السكرتير المدير …..تعجبت !!
وأرجعت الأمر أن لابد ان يكون هناك سكرتير رجل للأمور التي تخص التنقل والمتابعة الخارجية للفروع ……قالت عفاف ” السكرتيرة” إلى ليلى بابتسامة رسمية :
_ أنا عارفة أن المفروض كنتِ تدخلي من ربع ساعة لمستر عاصم ….بس جاله عميل فجأة فمقدرتش أأجل المقابلة ….بعتذر …..
كانت تتحدث بلباقة ودرجة عالية من الهدوء …لم يكن عليها الأعتذار فكان يكفي التوضيح فقط …..ردت ليلى بلطف :
_ مافيش مشكلة …..بس ممكن أفهم حاجة ؟
اومأت عفاف رأسها بالقبول وقالت :
_ اتفضلي طبعا …
طرحت ليلى سؤالها باستغراب وقالت :
_ أنا بالفعل عملت انترفيو وشغلي تقريبًا اتحدد شغلي خلاص…ليه لازم أقابل مستر عاصم ؟! …..هو ده روتين هنا لكل

 

الموظفين؟
ابتسمت عفاف وبعينيها شيء من السخرية فقالت :
_ لأ طبعا مش روتين…. بس زي ما تقولي كده متوصي عليكِ بزيادة ….طبيعي أن مستر عاصم يقابلك بنفسه !!
وقفت الكلمات بحلق ليلى ….المرأة لديها الحق بلمحة السخرية بعينيها …..فيبدو أنها تمقت المحسوبية والوساطة وتقبلت هذا الشيء مرغمة …..
ولكنها لا تعلم أن ليلى تمقت هذا الشيء أكثر منها ولكن ما باليد حيلة أخرى !
خرج العميل الذي كان رجلًا كبير اشيب الرأس قصير القامة ……نهضت عفاف سريعا وتوجهت للمكتب ثم دخلته …..وبعد دقيقة خرجت وأشارت إلى ليلى كي تدخل ……
نهضت ليلى وتوجهت مباشرة الى المكتب الكبير الذي لم تتوقع أنه كبير بهذه الدرجة !
ابتسم لها رجل خلف مكتبه وتعجبت أنه به لمحة من والدها !!
وبنفس العمر أيضا …ابتسمت تلقائيًا له ودب بقلبها الهدوء …..أشار لها لتجلس فجلست أمام مكتبه في ثبات ….قال الرجل مبتدء حديثه بجدية :
_ ليلى عبد العزيز …خريجة أثار …..يمكن دراستك مالهاش علاقة بشغلي بس مش هتمنعك أنك تفهمي الشغل ويبقى ليكِ مكان كبير هنا …….
هزت ليلى رأسها وقالت بإختصار :
_ أن شاء الله
تابع الرجل ليزيل هذا التوتر من داخلها :
_ أنا قابلتك مخصوص لما جيهان وصيتني عليكِ وقالت أنكم صحاب …..جيهان بعتبرها بنتي وهي أول مرة تطلب مني طلب …..لذلك قابلتك بنفسي …..
شعرت ليلى رغم حماسة حديثه أنها أقل من أن يقابلها لشخصها …ولكنها لم تريد الإكثار من التحدث بهذا الأمر فقالت :
_ أن شاء الله اكون عند حسن ظنكم فيا ….
قال الرجل سريعا وكأنه ينهي المقابلة :
_ بإذن الله …..السكرتيرة هتعرفك الشغل كله ما تقلقيش من الجهة دي …..بالنسبة لإقامتك فاتكلمت مع جيهان في الموضوع ده …لو حابة تفضلي في الفندق فمافيش مشكلة ….لو حابة الشركة تكون مسؤولة عن شرا شقة ليكِ وتسددي على اقساط برضو مافيش مشكلة …… خلي بالك من موضوع الشقة ده ما تقوليهوش لحد عشان الموضوع ده امتياز ليكِ أنتِ بس مش من ضمن الأمتيازات اللي بتديها الشركة لموظفيها …..
انهى قوله وأضاف :
_ بالنسبة للمرتب …..الشهر الأول هتاخدي المرتب اللي عفاف قالتلك عليه …..لو أثبتي مكانتك خلال الشهر ده مرتبك هيعلى هنقلك لمكان أعلى بمرتب تاني ….أنتِ وشطارتك ….خدي بعضك وأجري على مكتبك حالًا …..
ختم بابتسامة واسعة وبدا أنه يمزح مع بعض الجدية ….نهضت ليلى وابتسمت ابتسامة خفيفة واستأذنت للإنصراف ……
وخارج المكتب أمرت عفاف عامل النظافة أن يوجه ليلى لمكان عملها الجديد بالاستقبال …..
هبطت حتى الطابق الأرضي حيث الأستقبال للشركة وكان بها شاب وفتاة ويبدوا انهم يعلمان بمجيئها ….استقبلاها بابتسامة مرحبة ……قالت الفتاة بابتسامة صادقة والتي تدعى” ساندرا ” :
_ منورة يا جميل ….. أخيرًا جه حد يشيل معانا الشغل ويرحمني من رخامة أبو علي …..
ابتسمت لها ليلى ولم تفهم من “ابو علي”….. رد الشاب ” حسن” بضحكة عليها :
_ طب بذمتك أنا رخم ؟! …… هأخر الفرح شهرين عقاب ليكِ …..
نظرت له ساندرا بابتسامة واثقة وقالت لتغيظه:
_ أجله سنة وهكون مبسوطة أوي ….انت اللي مستعجل اصلًا !!
قال لها بنظرة محبة وابتسامة عريضة :
_ ما هو ده هزار …..أنما لو بإيدي كنت اتجوزت امبارح ….

 

ضحكت ساندرا وقالت بزهو :
_ أنا ربنا نصرني …..
تشاركا الضحك بعد ذلك ونظرت لهما ليلى بابتسامة شاردة ….رؤيتهما هكذا تبدو جميلة …حالمة ….ببيت صغير وأحلام مرتبة ….. حاول الشاب أن يلمس يد خطيبته ساندرا فنظرت له بقوة وقالت والمرح بعينيها رغم ملامحها المحذرة :
_ إيدك يا شبح أحسن توحشك ……فاهم ولا …..
ضيق حسن عينيه عليها وقال بغيظ :
_ سنتين خطوبة ومالمستش ايدك !! …… دي المفروض أنها أحلى فترة في حياتنا ؟! ….. يا قسوة شرايين قلبك يا شيخة !!
ضحكت الفتاة وكتمت فمها بعد ذلك ….ثم قالت إلى ليلى :
_ أعرفك بينا بقى يا ليلى…… هتقوليلي عرفت اسمك منين هقولك من مدام عفاف …..
أنا ساندرا وده حسن ابو علي خطيبي ..مسمينا في الشركة حسن ونعيمة ….. أسفة أنك هتفصلي ضحك علينا طول فترة الشغل …..احنا كده من أول يوم اتقابلنا هنا من ٣ سنين ….. ناقر ونقير سيادتك ….. وفي بعض المناسبات القليلة بنكون روميو وجوليت ….
قال حسن بابتسامة مرحة :
_ في الفلانتين بس يا كدابة !!
قالت ساندرا بإعتراض :
_ وعيد ميلادي ! …….
اومأ لها حسن بموافقة واستسلام فتابعت الفتاة بابتسامة :
_ هتعرفي الشغل واحدة واحدة هو مش صعب خالص ….. واحنا معاكِ …. لأ أنا بس ….هو ولا يعرف حاجة هنا اساسا …..
رفع حسن دفتر مدون به أرقام الهواتف وقال لها وهو يكتم ضحكته :
_ عارفة الدفتر ده ؟ ……هتلاقيه لابس في وشك دلوقتي ….
ضحكت ليلى بصدق على مزاحهم وشجارهم الذي يبدو وكأنه طفولي ……. قالت ساندرا بغيظ منه :
_طب أنا قدامك اهو لو تقدر اعملها !
ابتسم لها وقال بمكر ويسند مرفق ذراعه على الطاولة الرخامية:
_ طب ما تلبسي طرحة فستان الفرح اسهل وأجمل يعني!!
استدارت الفتاة اتجاه ليلى وتبدل عبوسها لضحكة مكتومة ….عينيها تلتمع بالسعادة بوضوح ….
خافت ليلى أن تحسدها وهي قد حرمت من هذا السعادة لسنوات وسلبت منها قهرًا….رددت دعاء لها بالسعادة بشعور صادق ……
وبعد ذلك بدأت الفتاة وخطيبها على شرح العمل لها وامتزج حديثهما بالجدية والمرح خلال الحديث ……

 

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
دخلت سما إلى غرفة أمها وداد فوجدتها بين الصحوة والغفوة ……جلست بجانبها ففتحت وداد عينيها وابتسمت ببطء ….كان يزداد المرض عليها يوما بعد يوم ….مررت سما يدها على رأسها ثم قبلت جبهتها قائلة بحنان :
_ عاملة إيه دلوقتي يمه؟ …..أنا كنت بعافية شوية معرفتش اجيلك خالص ….
رفعت وداد أحدى يديها وربتت على كتف أبنتها برفق وقالت مبتسمة بوجهها الشاحب :
_ عارفة يابنتي ….من تعبي ومرضي مقدرتش اتحرك واجي ابص عليكِ ….. رجلي مش شيلاني وجسمي بيتقل اكتر من الأول ……موت أبوكي قطم ضهري ……
ادمعت عين سما ورفعت يد أمها ثم قبلتها وقالت بدموع :
_ وكسر قلبي أنا وأخواتي …… أنا بقيت بخاف ابص في عينيكِ وأفتكر قهرة فراقه ….. بس برضو ماينفعش نفضل كده ……أخواتي ربنا يسهلهم الحال ويسعدهم وتشوفي عيالهم وتفرحي بيهم ……
قالت وداد بنظرة حزينة لكسرة ابنتها الواضحة بعينيها :
_ وأنتِ يا سمكة ربنا يسعدك يابنتي ….مش بتدعي لنفسك ليه ؟!
ده اللي هياخدك يبقى ربنا كرمه أحلى كرم …..
وهنا لم تحتمل سما وارتمت على صدر أمها وقالت ببكاء :
_ كل الناس شيفاني وحشة يمه …..كل ما حد يتقدملي يرفضني …. حتى اللي خطبني كسرني أكتر من اي حد ….. كان بيعايرني بشكلي ويجرحني بالكلام !! ….هو أنا وحشة للدرجادي !!
ابويا عمره ما قالي أني وحشة ….ليه الناس شيفاني كده ؟!
قالت وداد بنظرة انفعال :
_ قطع لسان اللي يقول كده …أنتِ وحشة ؟!
اوعي تصدقي اللي يقولك كده …… أنتِ حلوة للي بيحبك ….ووحشة للي بيكرهك ….عمر ما حد هيحبك ويشوفك وحشة أبدًا …وعمر ما حد هيكرهك ويشوفك حلوة مهما كنتِ حلوة !
قالت سما بحزن وهي تبكي :
_ طب وأنا عملت إيه عشان يكرهوني ! …..عمري ما أذيت حد ولا بكلمة حتى !…… مش عايزة حد يقولي كلمة حلوة …..بس كمان ما يدبحونيش بالكلام !
أنا بعمل مش هامنني ولا كأن فارق معايا …..بس قلبي دمعته مش بتنشف ! ……دليني يمه اعمل إيه ؟
أجابت وداد بتأكيد :
_ ولينا مين غيره يابنتي ….. خدي دموعك وخبيها في سجدة … مش هتقيمي راسك غير وأنتِ مجبورة الخاطر ….. هيلزمك بس شوية صبر …..
عارفة يا بت سمكة ابوكِ مصطفى كان بيقولي إيه قبل ما تتولدوا ؟ …..
ابتسمت وداد وشرتد بعض الشيء وهي تروي ما قاله لها زوجها الراحل :
_كنت اتأخرت في الخلفة شوية وكنت خايفة …..كان مصطفى يدعي ليل نهار ويقولي … مش الزرع بياخد وقت على ما بيكبر ؟
مش سهل أن ربنا يقوله كن فيكون في لحظة واحدة ؟
اكيد آه ….. بس دي تربية الصبر والسعي للعبد …ياخد جزاء الصبر واللي اتمناه …. وياخد أجر الصبر كمان …. أصبري على رزقك واسعي بالدعاء أن ربنا يفرحك بالعوض ….. وربنا مش هيكسر بخاطرك لو قلبك اتملا عشم وظن حسن فيه ….. ده ربنا الرحمن الرحيم يابنتي ….
ابتسمت سما وهي تقبل رأس امها بقوة …..أن أهم دعم يأتي من أحد الوالدين …..وقوة الأبناء تأتي من ثقة الأباء فيهم …..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
أنتهى دوام العمل بشركة عاصم شكري ……ودقت الساعة السادسة مساءً…..
عادت ليلى إلى الفندق وارتسم على ملامحها خطوط الأرهاق …فتحت باب الجناح الخاص بها بالفندق فسمعت صوت صغيرتها وهي تسأل عنها بتذمر …..نظرت إيمان لليلى وقالت بابتسامة وارتياح :
_ أهي ليلى جت أهي …… بنتك ما بطلتش سؤال عنك ما وقت ما رجعنا يا ليلى ….. وكمان …..
كانت تبتسم ليلى لأبنتها بشوق حتى تفاجئت برنين هاتف الغرفة …… توجهت للهاتف ورفعت السماعة :
_ الو ؟
امتلأ صوته بالحنين والشوق الواضح وهو يقول :
_ ليلى ….. لازم أشوفك ….في حاجة محتاج اتكلم معاكِ فيها …..ضروري …..أنا احترمت قرارك ومرضيتش ابعت حد ورا صاحبتك وأعرف مكان الفندق …..أو حد أحاول أعرف الرقم ده تبع اي فندق وده مش صعب عليا ……بس مش حابب اجبرك على شيء ……
ابتلعت ليلى ريقها بخوف وسألت :
_ أبويا فيه حاجة ؟
طمأنها وقال سريعا :
_ أبوكِ بخير ….. وجدك قرر بنفسه أن والدك يفضل عندي في المستشفى ……
اتسعت عين ليلى بصدمة …..جدها !!

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *