روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الواحد و الستون 61 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الواحد و الستون 61 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت الواحد و الستون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء الواحد و الستون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة الواحدة و الستون

 

~… أنتِ لي…..أو لي …~
عرفتي بقا أني بحبك أكتر من الفطير !
قال ذلك بعفوية وابتسامة تزين ثغره فضحكت حميدة بقوة على مقولته، ورغم زج سيرة الطعام بأول مقابلة بينهما بعد عقد القران ولكن بات كل ما يقوله محبب لها .. تريد ان تسمعه يتحدث فقط …. فقالت بعدما استطاعت التحكم بضحكاتها :
_ مافيش جملة تنتهي معاك إلا لما تجيب سيرة الأكل !
تأمل اشراقة وجهها من الابتسامة والضحك وقال بعد تنهيدة حملت كثير من السعادة والارتياح:
_ عشان عارف انك هتضحكي … بقولك إيه يا حميدة .. عايز أقولك حاجة أول مرة أقولها لبنت ..
ابتلعت حميدة ريقها بتوتر وارتباك شديد وأومأت برأسها دلالة الموافقة … فاقترب يوسف لها أكثر وهمس بالقرب من أذنها بصوتً خافت دحض بعض تأكيدها أنه بتلك البراءة التي تعتقدها … وتفوه بكلمات جعلتها تبتعد عنه متسعة العينان بدهشة … وظهرت ابتسامة يوسف الماكرة …فقالت بحدة لم تكن فعليًا بداخلها :
_ مكنتش فكراك كده ! …. مش معقول أنت يوسف اللي أعرفه.. اتغيرت أمتى ؟!
ضحك يوسف وهو يمرر يده على رأسه ثم نظر لها ونظراته وكأنها عقدت وثائق مع المكر والمراوغة وانقلب حاله ! …. فقال :
_ اتغيرت بعد أول دقيقة من كتبنا كتابنا … بس ما تقلقيش مش هقولك كده تاني دلوقتي …
أشارت له بتحذير ونظرة يملأها التهديد:
_ بعد كده مش هتكلم معاك لوحدنا … بالكتير هسلم عليك …
عبس وجهه يوسف فجأة وقال متعجبا:
_ ليه محسساني أني لسه خطيبك ! …. على فكرة مش حرام طالما اتكتب كتابنا …
زمت حميدة شفتيها بحدة وهي ترتجف خوفا من شيء … ثم هتفت به بعصبية وقالت :
_ ماشي … هروح أستأذن أمي الأول …
وتوجهت وهي تكتم ضحكتها من صدمته حتى جذب يدها وعينين مصدومتان منها وقال :
_ هتروحي تستأذني امك في إيه أنتي اتجننتي ؟!
قالت وهي تفلت يدها من قبضته وتجيب :
_ هستأذن منها في اللي طلبته ! …
ضيق يوسف عينيه عليها ثم قبّل رأسها وقال بغيظ :
_ طب هبوس راسك بس….لكن يعني …
قاطعته حميدة بجدية وقالت :
_ عارفة أن من حقك يا يوسف ، بس مش هسمحلك بالحق ده قبل الفرح … مكنتش اتخيل أنك تطلب مني طلب زي ده !
دهش يوسف للحظة ثم قال :
_ ده شيء قليل من حقي فيكي، ولكن طالما أنتي مش عايزة ده دلوقتي مش هجبرك اكيد … بس إيه حكاية هتقولي لأمك دي احنا هنبتدي كده وكل اللي بينا هيتعرف بالسهولة دي ولا إيه !
عقدت حميدة يديها حولها وقالت بثبات :
_ لأ مكنتش هقول لأمي على فكرة … بس مكنتش متوقعة أنك تطلب طلب زي ده … كنت فكراك مؤدب عن كده !
ضحك يوسف وقال بعد لحظات :
_ ولسه مؤدب ماتفهمنيش غلط، بس بما أننا كتبنا كتابنا مسموح ببعض الأشياء يعني .. أنتي دلوقتي مراتي قدام ربنا وقدام الناس كلها …. ومكنتش هتخطى الحدود اللي مسموحلي بيها دلوقتي.
ردت حميدة بحسم وجدية بعدما حوقلت :
_ مسموح لك ببعض الأشياء … بس أنا مس هسمحلك بأكتر من مسكة أيد .. وده اللي هيريحني يا يوسف … رأيك إيه ؟
اقترب لها ومسك أحدى يديها وقبّل كل أصبع على حدى ثم غمز لها بابتسامة خبيثة:
_ دي مافيهاش رأي … انتي تتشالي على الراس يا حميدة ومش عايزك تزعلي مني … احنا لو لسه بس مخطوبين عمري ما كنت هطلب منك كده … بس عمومًا كلها شهر هستنى أخره بفارغ الصبر … اضحكي بقا !
وجهت عينيه لجهة أخرى لكي لا تؤثر عليها ابتسامته وتضحك … فقال بمزاح ضاحكا :
_ هتشتكيني لأمك يا حميدة ؟!
ولم تعد تتمالك نفسها فضحكت بقوة من طريقته المشاكسة ….

 

 

*********
وبعد دخول المساء تمامًا…
وبين الجمع العائلي بغرفة الصالون ربتت ليلى على رأس ابنتها التي نامت بعد وقتً طويل قضته في اللعب والضحكات مع الشباب والفتيات بفترة النهار …
استأذنت الجميع لتصعد وتضع أبنتها بالفراش، وبالفعل حدث ذلك وغادرت بلحظات تحت نظرات وجيه المراقبة بلمعة اشتياق لحبيبته ليلى ….
وكانت تراقب جيهان نظراته بشرارة تحترق بداخلها وتنهشها …. حتى استأذن هو أيضا ليجري اتصال هام.
بينما جيهان كانت تشك به وحينما قررت أن تخرج مغادرة أيضا لتتعقب سيره وتكشف كذبته ، وقفت متجهمة الوجه في الردهة وعينيها لمحت آخر خطواته للأعلى وهو يصعد …
زفرت بغضب كظمته وقالت :
_ زي ما تحب يا وجيه … طالما أخترت يبقى استحمل.
وبغرفة ليلى …
فتح الباب بهدوء مقصود لكي لا يزعج الصغيرة النائمة …. فالتفتت له ليلى وابتسمت وهي منذ دقيقة كانت تربت على رأس ابنتها النائمة وتقبلها …
قالت مبتسمة بدفء :
_ كنت حاسة أنك هتيجي.
اقترب لها بعينيه التي يتحدث فيهما المكر والاعجاب بردائها العسلي الرقيق الذي سلب عقله منذ الوهلة الأولى … دائمًا كانت حريصة أن تختار الوان تشبه لون عينيها ..
نظرة للصغيرة بحنان وابتسامة ثم جذب ليلى إليه وهمس لها قائلا :
_ ذوقك دايمًا بيعجبني … أو يمكن أنتي اللي أي حاجة بتلبسيها بتليق عليكي بالشكل ده!
رفعت أناملها لياقة قميصه الأبيض تحت سترته السوداء الأنيقة وقالت مبتسمة بنعومة وهي تتأمل عينيه :
_ عارف أن النهاردة حسيت احساس غريب أوي.
قال بلهفة لسماعها أكثر:
_ احساس إيه ؟
ابتسمت ليلى أكثر وقالت وهي تنظر له بأعجاب شديد وزهو :
_ مكنتش أنت النهاردة العريس، بس مافيش حد كان زيك ولا في هيبتك ! … محدش وقف جنبك وكان احسن منك، حتى ولاد أخواتك، خطفت الضوء منهم …
ولا ينكر أنه يحب ذلك الأطراء التي تقوله ويشعر بأنه لا رجل غيره تراه، فابتسم بثقة وقال وهو يقترب اليها أكثر :
_ واضح أني كنت متراقب من ذات العينان العسلية دي.
ضحكت بمرح وكاد أن يهمس لها بشيء حتى دق رنين هاتفه الخاص …. فزفر وجيه بغيظ وأخرج الهاتف من جيب سترته وتعجب عندما وجد رقم المتصل “جيهان” !
وأجاب باستغراب:
_ في حاجة حصلت يا جيهان ؟! …. أنا دقيقة ونازل.
وزم شفتيه من أعترافه غير المقصود أنه بالأعلى … فقالت جيهان بسخرية اخفت فيها سوط الغضب :
_ لا خليك مع ليلى …. أنا مصدعة وعايزة أبقى لوحدي.
تنهد وجيه وهو يمهد نفسه لجدال طويل مع جيهان وقال مختصرا :
_ لأ جاي … دقيقتين بالضبط واكون عندك.
انهى الاتصال وهو يتنهد بضيق شديد وقالت ليلى بتوتر :
_ لو انا مكانها هزعل يا وجيه … انا فرحت أنك جيت ورايا ونسيت جيهان … أنا أسفة.
هز وجيه رأسه برفض وقال بحدة:
_ كانت غلطة عنادي وغلطتك عشان مصارحتنيش بكل حاجة ….. والنتيجة أني لو بس ضحكت معاكي شوية جيهان هتحسسني بالذنب ! … لكل انسان قوة احتمال … وأنا طاقتي قربت تخلص ومابقتش قادر اتحمل الوضع ده أكتر من كده ..
قالت ليلى له برجاء :
_ عشان خاطري يا وجيه أهدى وفكر أنها من حقها تزعل … أنا برضو كنت بزعل من حاجات تافهة … عشان كده عذراها ..
هتف وجيه واعلن ذلك الشيء الذي كان متأكدا منه :
_ جيهان مش بتحبني يا ليلى ! …. تصرفاتك بعذرك فيها لأني عارف ومتأكد من اللي جواكي … أنما جيهان معتقدة أني لو حبيتها حياتها هتتبدل وهتكون سعيدة … أنما الحقيقة ان مافيش حاجة هتتغير برضو … جيهان محبتنيش طول العشر سنين اللي فاتوا ! ….
وتابع بتأكيد:
_ هي شافت فيا حاجز كبير هيرحمها من الوحدة وكلام الناس وطمعهم فيها … وهمت نفسها انها بتحبني عشان ما تعترفش لنفسها أنها ضعيفة وأنها رجعتلي خوف من كل اللي شافته ومعرفتش تواجهه …
مش ده الحب يا ليلى اللي أي راجل بيتمناه من مراته !
مش ده الحب اصلا … تخيلي أنتي لو لقت هي حد تاني بيقدملها نفس اللي قدمتهولها بأختلاف أنه مش بيحب ولا متجوز تفتكري كانت هتختار مين فينا؟
ولو أنتي لقيتي حد احسن مني في كل حاجة أنا متأكد أنك كنتي هتختاريتي أنا برضو … هو ده الفرق ما بينكم.
*********
أخذت جيهان الغرفة جيئة وذهابا بعدما بدلت ثيابها .. وها هي تلك الدقيقتان ليعود زادا عن الخمسة عشر دقيقة !
وجلست على الفراش استعداد للنوم وتركه وشأنه أن عاد أو حتى لم يعود …
حتى فتح وجيه الباب فجأة ودلف للغرفة بملامح عابسة وكأنه مرغم على المجيء … وغضبت من تجاهله التام لها فقالت بعصبية :
_ أنا قولتلك خليك مع ليلى !
وكأن كان ينتظر أن تتحدث ليصب غضبه فهتف :
_ ولو خليتني كنتي هتفتحيلي محضر بكرة الصبح ومش هتفوتي نص فرصة غير لما تفكريني أد ايه أنا ظالم وبسيبك وبروح لليلى ، ده غير كم الاحساس بالذنب اللي هتعيشيني فيه مع كام دمعة لزوم التأثير والمصداقية!
نهضت جيهان وهي مصدومة من موقفه وهو من المفترض يظهر الاسف والاعتذار فقالت :
_ أنت كمان اللي زعلان ومضايق !
أجابها بعصبية :
_ فيها ايه لو روحت اطمن على ليلى ؟! … فيها لو طلعت عندها اتكلم معاها شوية ! …. ليلى مراتي مش عشيقتي ، ليلى كنت بسيبها برضو وبجيلك لما تحتاجيلي !
طفرت دمعة من عين جيهان رغم عصبيتها وهي تجيب:
_ لما احتاجلك ! … بس أنت عمرك ما احتجت تبقى معايا ، دايمًا بحس أنك مجبور تجيلي ومابتصدق تمشي وتروح لليلى … لو كده يبقى روحلها وليك عليا مش هتكلم ولا هعاتبك … بس ما تخلنيش احس أني تقيلة عليك بالشكل ده !
أشار لها وجيه بحدة وتحذير وقال :
_ من الآخر يا جيهان … هقولك اللي عندي.
وقتي وقسمته وبحاول على اد ما اقدر اعدل ما بينكم، أنما مشاعري واحساسي وميلي لليلى ده أنا نفسي مش مسيطر عليه… فأزاي أنتي عايزة تسيطري ! …. لو عايزة ترحمي نفسك وترحميني شيلي ليلى من دماغك … اعتبريها مش موجودة.
قالت ساخرة بمرارة :
_ وأنت هتعتبرها مش موجودة برضو ؟!
زفر وجيه بحدة وكافح ليتحكم بغضبه فقال :
_ عندي حل يرضي جميع الأطراف … أنا شايف أن الأفضل اجيبلك شقة وتسكني بعيد عن هنا … أظن ده حل هيريحك وهيغنينا عنا مشاكل كتير ممكن تحصل.
انفعلت جيهان وشعرت بالكره اتجاه الجميع وهي تقول:
_ وليه هي اللي ما تطلعش من هنا وتجيبلها شقة برا ؟!
أجاب وجيه سريعا :
_ ليلى لسه تعبانة ومحتاجة جو العيلة حواليها هي وريميه … ماينفعش ابعدها ووجود العيلة جزء من علاجها !
هزت جيهان رأسها برفض قاطع وقالت:
_ لا يا وجيه … أنا اللي كنت هنا وهي جت بعدي … وزي ما هي محتاجة وجود عيلتك أنا كمان محتاجة نفس الشيء … بس أنت ما بتفكرش غير فيها وبس !
انفعل وجيه وشعر بالغيظ الشديد منها وقال:
_ للأسف مضطر أقولك أني بكره النقاش معاكي ، دايمًا متمسكة برأيك ومش شايفة غير أنك ضحية ومظلومة … ولو حسبتيها صح هتعرفي أنك أنتي اللي ظلمتي نفسك من البداية.
تحبي اثبتلك …
ضيقت جيهان عينيها عليه حتى قال بتحدي:
_ لو كنت قررت أخد لليلى شقة برا وابعدهم عن هنا … كان هيبقى موقفك ايه ؟
اطرفت عينان جيهان بتوتر بعدما فكرت للحظات ، فقال وجيه وكأنه وجد من توترها الاجابة:
_أنا متأكد أنك كنتي هتزعلي أني معملتش نفس الشيء معاكي … تصبحي على خير يا جيهان .
واستدار عنها وتوجه لخزانة الملابس ليأخذ ما يحتاجه ويدخل يأخذ حماما سريع قبل أن يخلد للنوم.
علت تقطيبة على وجه جيهان وباتت لا تعرف ما تريد تحديدًا ….بات لا يرضيها أي شيء ! …

 

 

***********
قررت سما أن تصعد لغرفة أمها وتخلد للنوم بعد يوم حمل من التوتر والحركة ما جعل رأسها ثقيل وعينيها تتلهف للغفوة … ولكن منعها التواء كاحلها الذي شل حركتها بحرية.
فشعرت فجأة بيد آسر تحاوط خصرها ليسندها … فأنتفضت ناظرة له بصدمة … فقال بتأكيد:
_ بسندك عشان ما توقعيش … اسندي عليا.
ابتلعت سما ريقها بصعوبة وكأن صوتها انعقد عن الحديث فجأة … حتى ادخلها آسر للمنزل، وحمدت سما ربها أن العائلة يجتمعوا بمكانً آخر عن هنا …. ويبدو أن آسر استغل ذلك وحملها فجأة بين ذراعيه، وبدأ يصعد السلم مع شهقاتها المفزوعة المضطربة …
فغمز لها بابتسامة وقال :
_ كده أسهل وأأمن ….
ولكن لم تسعده الصدفة بالكامل فقد وجد الباب مواربا وأمها بالداخل تجلس على فراشها المريح وترتل آيات الذكر الحكيم …. وانقطعت الام عن القراءة عقب رؤيتهم هكذا ونظرت بحدة لأبنتها …. فهتفت سما بآسر لينزلها وفعل ذلك برفق حتى لا تتأذى ….
ثم قال وهو يسندها ويذهب بها لفراش أمها :
_ رجلها اتلوت ومكنش ينفع تمشي عليها ..
هزت وداد رأسها دون أي اشارة لقبول ما يحدث …. فأستأذن آسر وغادر الغرفة مغلقا الباب خلفه …. حتى توجهت وداد لأبنتها في عتاب هادئ وقالت :
_ بقى هو ده اللي اتفقنا عليه يا سمكة !
ولا يعني عشان كتبتوا الكتاب اتخرس وما اتكلمش !
قالت سما بدفاع وقالت :
_ لا يمه بعد الشر عنك من الخرس … والله العظيم رجلي اتلوت فعلا ولقيته فجأة قام شايلني … بس ما تقلقيش علينا ده احنا تربيتك.
تنهدت وداد براحة وقالت بهدوء:
_ يابنتي أنتي دلوقتي مراته آه وأنا مقدرش اتكلم … بس برضو في أصول في الأوقات اللي زي دي …. وطالما الفرح ما جاش يبقى اكنكم مخطوبين … هو عاداتنا كده واتربينا على كده … ولا أنتوا سيبتوا البلد بكل اللي اتعلتموه فيها !
اكدت سما بصدق:
_ أطمني يمه وثقي فيا … أنا عارفة حدودي كويس أوي … مش عايزة أقولك أني حتى بعد الفرح مش هعرف اخليه يقربلي بسهولة من غير ما أطمن أنه فعلا حبني .
اتسعت عينان وداد وقالت :
_ جنان إيه اللي بتقوليه ده ؟! … هو أنتي فهمتي كلامي غلط للدرجة دي ! … يابت بقولك الفترة اللي قبل الفرح بس مش بعده كمان ! ….. أنتي لو ناوية على كده تبقي اتجننتي رسمي ! ….
نظرت سما لجهة بعيدة وقالت بألم:
_ مش هقدر يمه … أنا عارفة نفسي، هسلم واطمن واتعشم وفي الآخر ممكن اخد قلم على وشي يفوقني على حقيقة أنه انسان مش عارف هو عايز ايه ولا بيحب مين !
قالت وداد بعصبية :
_ وأنتي يعني باللي هتهببيه ده فاكرة انك هتكسبيه ! …. الراجل مش بيحب الواحدة اللي تعانده وتتحداه … ده غير اللي ناوية عليه ده حرام اصلا.
استدارت سما لأمها وقالت بعصبية :
_ بتفضلوا تعلمونا نرضيهم أزاي حتى لو على حساب راحتنا … بس ليه هما ما اتعلموش اللي يرضينا ! …. ليه أنا كزوجة اللي لازم اعافر عشان اكسبه واخليه يحبني وافضل مشغولة ليل نهار أزاي أرضيه في نفس الوقت اللي ممكن ما اكونش في دماغه اصلا !
أنا انسانة … يعني زي ما بدي لازم أخد عشان اقدر اكمل واعطي …. زي ما بحبه عايزة احس بحبه ليا وأني مكفياه مش مجرد كلام اتقال وخلاص عشان أرضى واسكت !
قالت وداد وهي تتعجب من عصبية وانفعال ابنتها لهذه الدرجة بيومٍ كهذا :
_ ومين اللي قال أني عايزاكي تكسبيه وتعافري لوحدك ! …. الراجل اللي يستاهل لما يلاقي مراته بتعمل اللي في جهدها عشان تخليه مبسوط م ومرتاح في عيشته ش هيبخل عليها حتى بروحه ! ….. بصي يابنتي أنا هنصحك واعملي اللي انتي عايزاه بعد كده ….. اللي ناوية عليه ده غلط ومايرضيش ربنا … أفرحي وفرحيه واكسبيه وعيشي حياتك يا حبيبتي … ليه تحطي كل العقد دي !
قررت سما اغلاق هذا النقاش ليقينها أن امها ستربح بحديثها المقنع والمنطقي..
*******
وبصباح اليوم التالي ….
بالصباح الباكر تحديدا … انطلق زايد نحو غرفة فرحة مباشرة بعدما قضي طوال الليل في أرهق وتوتر من النتيجة المنتظرة لأخر فحص أجرى منذ ساعات قليلة …
وعندما استطال الوقت عهد أن يرها اليوم مهما كانت نتيجة الفحص …. ولكن بينما هو خارج من الغرفة وجد الممرضة تسير عائدة لغرفة فرحة بابتسامة مستبشرة فأوقفها متسائلا عن النتيجة …. فأجابت الممرضة بالبشرى المنتظرة :
_ الحمد لله النتيجة طلعت سلبية وتعافت … فضلنا أسبوعين نحارب الفيروس ده وبصراحة كانت تعبانة أوي بس الحمد لله عدت على خير ..
ابتسم زايد بسعادة وود لو يركض ثم قال :
_ ينفع أشوفها ؟ أنا عملت فحص امبارح تاني عشان يسمحولي أشوفها لو كانت تمام …
هزت الممرضة رأسها بالإيجاب وقالت :
_ هسمحلك بس تفضل بعيد برضو الاحتياط واجب … وده على بيخالف قوانين المستشفى ، بس أنا مقدرة كمية التوتر الخوف اللي مرت عليك الفترة اللي فاتت …
وبغرفة فرحة …
كان المرض أخذ من أشراقتها واشراقة جلدها الكثير …
وأصبحت باهته ذابلة ثقيلة الجسد … ولكن تجربة وعلمتها الكثير وعادت بترتيب الحسابات …. وأول قرار ستتخذه هو أنها ستغادر من المشفى وترحل عنها وتبحث عن عمل آخر …
فبعدما فعله معها أمجد لا تستطيع رؤيته مرةّ أخرى بما تحمل لها من تعاسة وكآبة …. وبغمر شرودها وهي جالسة مستندة بظهرها على الوسادة وجدت زايد يستند على عكازه عند مدخل الباب ….
مبتسما فرحا …فقال وهو يتقدم خطوة للداخل :
_ الحمد لله عدت على خير … النتيجة طلعت سلبية.
كانت فرحة تشعر بذلك بتحسن حالتها الملحوظ منذ الأمس …. فقالت بثبات مثير للتعجب والدهش :
_ الحمد لله … كده الأفضل ارجع البيت …
قال زايد بعد تنهيدة ارتياح :
_ لسه فاضلك كام يوم هنا كمان … يومين تلاته كده وتخرجي بالسلامة من هنا….
وتوقف عند الكلمة الأخيرة ونظر لها بنظرة تقول الكثير وقال:
_ بس مش هترجعي هنا تاني ولا حتى للشغل …
تنفست فرحة بعمق وقالت:
_ أنا هقدم استقالتي من هنا … ده قراري اصلا …
رفرف على ثغره طيف ابتسامة وقال :
_ هترجعي معايا ….
ضيق عينيها عليه بتعجب فقال باعتراف :
_ تتجوزيني يا فرحة ؟
صدمت فرحة .. ولم تعرف لما صدمت!، ابعد كل ما فعله معها بالأيام الفائتة تصدم من عرضه الزواج بها ! …. وصمتها كان كالصفعات على وجه زايد …. فقالت وهي تنظر لجهة أخرى بعيدة عنه:
_ يمكن أنت الوحيد اللي وقفت جانبي أنا أخويا في أصعب أوقاتنا … بس ده مش هيخليني أنسى اللي عملته معايا من كام

 

يوم ! ….
وعلى قدر مدى جرح زايد من ردها بالرفض ولكنه وضع له احتمال …. فنظر لها بنظرة يغمرها التحدى والتصميم وقال :
_ مش هجبرك … بس في طلب تاني ولازم تفكري فيه ….
الطلب هو بطلب منك تبقي سكرتيرتي …..
تطلعت به بغرابة ثم قالت :
_ طب والطلب التاني له علاقة بالأول ؟! ….
ضغط زايد على أسنانه بعصبية ثم قال :
_ من حقك تعرفيني الأول قبل ما توافقي تتجوزيني … ودي فرضة مناسبة تتعرفي عليا وعلى حقيقتي .. وعلى فكرة أنا مش بعرف اتلون … ولا عشان أي حد … يعني اللي هتشوفيه مني هو أنا ودي طبيعتي ….
ورماها بنظرة قوية وغادر الغرفة … وتركها مصدومة من تصميمه الواضح عليها …. لم يخبرها حتى أنه اعجب بها …!
واعترفت أمام نفسها أنها مع كل مقاومتها للرفض … فأنها تريد أن توافق وتكن قريبة منه وتعرفه على حقيقته.
***********
وبعدما كادت ليلى أن تخرج من غرفتها لتهبط حيث العائلة بموعد الافطار وجدت جيهان أمام الباب وكادت أن تقرعه….
فتأملتها بريبة وقالت :
_ صباح الخير !
ردت جيهان بجفاء ثم سألت مباشرة:
_ بنتك معاكي ؟!
اطرفت ليلى عينيها بتعجب وأجابت :
_ لأ …حميدة جت خدتها من شوية … ليه في حاجة؟!
دخلت جيهان لغرفة ليلى حتى دون موافقتها واستدارت لها قائلة :
_ اقفلي الباب وخلينا نتكلم بهدوء .
نظرت ليلى لجيهان عدة لحظات بصمت … واغلقت باب الغرفة عليهما وتوجهت ليلى بالسؤال … ولكن باغتتها جيهان بغضب وتحذير :
_ لو فاكرة أنك هتقدري تخسريني جوزي وتمشيني من هنا تبقي غلطانة ! …. كل تصرفاتك وأفعالك أنا كشفاها كويس أوي وعارفة أنتي عايزة توصلي لأيه … بس عشان أثبتلك أني احسن منك عايزة أعرفك أني عارفة عنك كل حاجة …. عارفة اللي خلاكي تتجوزي طليقك اللي مات واللي لسه مخبياه عن وجيه لحد دلوقتي وخايفة تقوليله .
وابتسمت بسخرية وانتصار وذلك عندما شاهدت صدمة ليلى الشديدة، وقالت مستطردة:
_ ما تسألنيش عرفت منين لأن مش ده المهم … المهم كنت عارفة طةل الفترة اللي فاتت وساكتة وسيبتك تعيشي هنا … أنما لما احس أنك ناوية على طلاقي يبقى مش هيكون طلاقي لوحدي … احسبيها كويس يا ليلى واعرفي أنتي بتتحدي مين لأن في امكاني ادمرلك حياتك في خمس دقايق أقول لوجيه كل حاجة ….
قالت ليلى بتلعثم وبصدمة جمدت جسدها :
_ أنتي … تعرفي ايه عشان تتكلمي معايا بالشكل ده !
صرحت جيهان بكلمة كانت اختصارا لكل شيء وقالت :
_ أن صالح طليقك اللي مات … اغتصبك قبل الجواز ….
**********
بأحدى الغرف بمنزل كبير وضخم على طريق صحراوي …
انزاحت ستائر نافذة زجاجية بأحدى الغرف ليطل منها نور الصباح أشعة الشمس …. وسقط الضوء على ذو التقاسيم الوسيمة والغامضة أيضا … وظل ينظر للطريق الهادئ بثبات وبصمت تام …. وصوت التلفاز من خلفه يُعلن أخبار اصبحت خبر كل يوم لبعض الصحفيين والأعلاميين ….
” أختفاء رجل الأعمال والموسيقار أكرم حجازي”
جميعهم يشيرون بأصابع الاتهام بأن الرجل رغب في أثارة البلبلة ربما لعملا موسيقيا قادم … لا أحد يعرف ما يجعل رجل قوي الشخصية وواثق بنفسه يريد العزلة فجأة عن الجميع …
ربما كان طعنات الغدر أكبر من تحمله وقوته ….
وخرج الغامض فجأة من شروده على صوت طفل دخل الغرفة وصاح بحماس :
_ عمو أكرم … عمو أكرم … يلا مستنينك
استدار أكرم للطفل الذي لم يتعدى السنوات السبع من عمره … وأجاب :
_ روح أنت وهسبقك يا علي …
ركض الصغير فرحا وابتعد … بينما شنت ذاكرة أكرم ذكرى ذلك اليوم الذي أصيب فيه بحادث سير نجى منه بأعجوبة، اللهم الا بكدمة كبيرة وجرح برأسه …. ونام ليلته بالمشفى من فرط الألم وما لاقاه بعد الحادث … وكان الزائرين من القارب والأصدقاء يظنونه أنه في حالة من الأعياء والتيهة مما جعلهم يتحدثون بحرية لبعضهم البعض أثناء غفوته …
ليكتشف الوجه الآخر للكثير …. حادث سير نجى منه بأعجوبة ولكن الأكثر أعجوبة ما سمعه وهو مغمض العينان والجميع يعتقد أنه نائم !

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *