روايات

رواية لن أحررك الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك البارت الخامس والثلاثون

رواية لن أحررك الجزء الخامس والثلاثون

لن أحررك
لن أحررك

رواية لن أحررك الحلقة الخامسة والثلاثون

 

لن احرركِ🦋
🦋الخامس والثلاثون 🦋
كانت تدندن معها بصوت عذب جعلت من يراقبها امام أطار باب (المطبخ) باعين ثاقبة ينبهر من نعومة صوتها العذب الذي يتناغم مع الموسيقة بأحتراف….
كان يستند بكتفه الأيمن على جدار الحائط بجواره يقف عاري الصدر لا يرتدي إلا بنطال بيتي مُريح….قطم قطعة من التفاحة التي بين يده وهو يفترس بعينيه جسدها بهذا القرمُزي الذي لم يعطي فرصة لمخيلته الخبيثة !….
أقترب منها بتأني وثبات وعيناه لا تحيد عنها وهي تتمايل بتناغم على تلك الموسيقى الناعمة…
كانت توليه ظهرها تقلب القِدر الذي يوضع على الموقد لم تنتبه لمن يقف خلفها ويحدج بجسدها من الخلف بوقاحة….
زين ثغره إبتسامة جذابة وهو يرمقها بمكر أكثر، مد كلتا يداه محاوط خصرها الين…

 

 

شهقت بفزع وهي تلتفت للخلف….
“جواد….. خضتني….”
“سلمتك من الخده يافرولتي….تعرفي ان صوتك أحلى من فيروز… ” قالها وهو يقبل شفتيها قبله سطحية….
إبتسمت بخجل وهي تبتعد لتضع هذا البيض المقلي في طبق زجاجي…. “بلاش نفاق فيروز مفيش احلى من صوتها….”
“بنسبالي فيه……. انتي…”اكتفى بغمزه عابثة…
رمقها وهو يقطم تلك التفاحة بعنف مُتخيل شفتيها مكانها…..
“بتعملي فطار….” تساءل بهدوء وهو يعود للجلوس على تلك الطاولة المستديرة المتواجده في قلب هذا المطبخ…
نظرت بسمة نحو ساعة الحائط لتعود بعسليتاها إليه
“مش بيتسمى فطار بقه يعني إحنا خلاص شوية والمغرب هيأذن…..” رصت الأطعمة الخفيفة على
الطاولة وهي تقول….
“يلا عشان ناكل….لحسان انا عايزه أصلي المغرب فى معاده كفايه الضهر والعصر راح صوابه وصليت متأخر…”
بلع مابحلقه يشعر ان الحديث عن الصلاة يُذكره بتلك الذكرى الذي دوماً كان يتذكر منها حديث( أسماء) شقيقته والتي كانت دوماً تحافظ على صلاتها برغم من صغر سنها….
عوده للماضي…

 

 

 

وقفت اسماء تزم شفتيها وهي تقول بضيق…
“ممكن تسيب التلفون ده وتقوم تصلي….”
تافف جواد وهو يحدج في هذا الهاتف….
“شويه…. بس….خليني اتابع الماتش …”
“مأتش اي ياجواد الصلاة اهم من اي حآجه…”
“ااه مانا عارف نص ساعة وهقوم….”
“نص ساعة إزاي المغرب هيفوتك..وبعدين دي أعاده…”قالتها اسماء وهي تضيق ما بين حاجبيها…
“أيوا أعاده ياستي بس انا متفرجتش عليها…”
انزعجت اسماء أكثر من اصراره وهتفت
“يووه بقه ياجواد متقوم بقه انت بتاخرني انا كمان عن الصلاة….”
لوح بيده بطريقة صبيانية…
“طب ماتروحي صلي انا منعك…”
إبتسمت بحزن فهي مهم كانت صارمة في بعض احديثهم سوياً ستظل تلك الشقيقة الحنونة رقيقة آلقلب…..
“انا كنت حبى اننا نصلي جماعه سوى عشان انا بحب اسمع صوتك اوي وانت بترتل القرآن… على العموم انا هروح أصلي….”
غادرت وتركته…. ليعود لهذا الهاتف لكن سرعان ماتشتت تفكيره ونهض خلفها وهو يصيح…
“أسماء…. اتوضي وستنيني انا هتوضى وسبقك…”
عوده للحاضر….
انتشله من الطوف أكثر في ذكريات الماضي صوت بسمة القلق والتي هتفت بـ…

 

 

 

“جواد مالك ساكت كدا ليه، وليه ومش بتاكل….” التفت برأسه لها ليهز راسه بنفي وهو يعود للنظر الى تلك السفرة الصغيره…
“لا مفيش… انا بس سرحت شوية….” تغيرت قسمات وجهه وكانه يحارب داخله شيءٍ ما…..
لم تروقها تلك الملامح الحزينة قربت مقعدها منه ومدت يدها له بقطعة من هذا التوست….
“طب خد دي من ايدي….” نظر الى يدها ومن ثم إبتسم من زواية واحده مُرغمها على الخروج…
أخذ من يدها تلك القمة وقطمها أمام عسليتاها إبتسمت بحزن لتمرر يدها بحنان على وجنته
كما لو انه طفلها الصغير…
جذبها جواد سريعاً الى احضانه وضمها بقوة إليه وكانه يريد ان يمحي كل شيء بهذا العناق…
بين عناقهم القوي قالت بقلق…
“جواد انت كويس……. انت….”
“انا بحبك…. خليكي جمبي….” منعها من أكمل الحديث بعدة كلمات ….
دفنت وجهها في عنقه وهي تقول بحنان…

 

 

 

“انا جمبك ياحبيبي وهفضل على طول جمبك….”
تعلم انها تلقي بزوبعات عقلها عرض الحائط لكن ماذا عليها ان تفعل هي تعشقه بطريقة تجعلها تتناسى كل شيء واي شيء صدر منه، هل هذا هو الضعف الصادر من قلوب تعشق بدون حسبان لهذا الضرر الملحق بها !، ام انها شفقه على كل ماتعرض له منذ صغره!… لا تعلم اي نهج تتبع لكن هي ادمنت هذا العشق وهذا الحبيب ومن المستحيلات ان تترك كل شيء وتمضي في طريقها لن تقدر على هذا…
وصيغة «لن احرركِ» كانت بإرادة قلوبنا لا عنوة عنها !…
فصل العناق جواد وهو يحاول السيطرة على تلك الحالة التي تلبسته ، والذي لا يفضل خروجها امام من عشقها، لانه ببساطة يكره تلك الشفقة ان خلقت داخلها لأجله….
بدأ بالاكل وهو فاقد الشهية لكنه تظاهر بعكس هذا…
حاولت بسمة ان تغير هذا الجو ببعض الأحاديث العامة…..
“قولي ياجواد صحيح… انت بتعرف تطبخ ازاي يعني اتعلمت الموضوع ده امته…… لان بصراحه حياتك والخدم اللي حوليك ميدكش فرصة إنك تدخل تطبخ ولاكل يطلع حلو كده….”
ابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه، ثبت عينيه على الطعام الذي بين يده وهو يقول بهدوء…
“يعني الموضوع ده من زمان… من ايام ماكنت عايش مع أهلي…. كانت اسماء مهوس بحاجه اسمها طبخ.. وكان لازم في اي أكله أدخل أبقى مساعد الشيف وامي كانت بتشرف علينا….” توسعت ابتسامته بحزن وهو يتذكر تلك اللحظات المرحه….
إبتسمت بسمة وقد اندمجت في الحديث…
“طب قولي كانت النتيجة مبهره ولا نص نص…”
“صفر ….” قالها بعد ان فلتت منه ضحكه خافته
كلما تذكر اول تجربه لتوامه …
قطمت بسمة قطعة من التوست وهي تحدق به بصدمة واستمتاع….
“إزاي احكيلي…….”

 

 

 

أكمل وهو يحدج بعينيها..
“أول مره كانت مصممه تعمل كيك…. المهم يابنتي ربنا يهديكي انتي لسه اربع تاشر سنه خلي ماما تساعدك…. وهي راسه والف سيف انا اللي هعمل الكيك من غير ما يساعدني…. باستثناء الفرن يعني عشان هي مش بتعرف تولعه…..”
لمعة عين بسمة بحماس وهي تمضغ الطعام وقالت بتلهف…
“وبعدين حصل إيه….”
اكمل جواد وهو يأكل…
“عملت كيكه هايله بس كان طعمها ا….”
“إيه وحش….”
طقطق بشفتيه وهو يقول….
“لا حلوه بس حدقه شويتين …..”
“حدقه!… ازاي يعني…” قطبت جبينها بعدم فهم…
“يعني بدل السكر حطت ملح….بس يعني مكنتش واخده بالها”
وضعت بسمة يدها على فمها وهي تقول بذهول…
“اي ده بجد زمنها زعلت وقتها…. اصل لم تكون متحمس لحاجه وحاطت امل انها تنجح و…” انزلت ابهام يدها للاسفل وهي تكمل مع تلك الحركة..
“وتبقى كده بتزعل أوي….”
ابتسم جواد بحزن…
“هي فعلاً تزعل بس هي معرفتش حآجه…”
“إزاي….” حركت حاجبيها بحيرة…
“يعني كلنا نصها انا وسيف والنص التاني ماما صرفته وهي على ما رجعت كانت الصنية فاضية وبتلمع كمان….يعني من حلوتها اتكلت كلها وبرغم انها زعلت أننا مسبناش ليها حآجه…الا انها كانت فرحانه انها عجبتنا…..اصل انا وسيف عشان نرضيها كنا بنبقى منفقين بزيادة معاها…”قالها وهو يضحك فبرغم من انه يكبر سيف بخمس سنوات الا ان (سيف) كان نعم الرفيق في كل شيء حتى في كذبهم ودفاعهم عن بعضهم لبعض وكانت دوماً (اسماء)تشاركهم لكن كونها فتاة وسطهم فكانت تحظى بأقل المشاركة بينهم !….
إبتسمت بسمة بحزن فهو يحكي باعين تلمع بالفرح والحزن يلوح بهم حينما ينتهي من الحديث يتذكر ان تلك الأشياء دُفنت تحت الرماد منذ أكثر من تسعة عشر عاماً مايقارب العشرون على حد تذكره !…
مدت يدها لتضعها على كفه المستند على الطاولة وهمست بحزن….

 

 

 

” وحشتك صح….. ”
بلل شفتيه وهو يرمقها بائساً….
“آآه وحشتني….. يعني محدش ينفع ينسى روحه ولا ابوه وامه……. انا مخسرتش واحد يابسمة انا خسرت تلاته وبعدها خسرت نفسي ومستقبلي….. الخساير كانت كبيره اوي وصعب تتنسي بسهولة…”
لاول مره يكن صريح معها ويحكي لها تفاصيل مشاعره وإنتكاسته بكل معنى الكلمة تعرض لانتكاسه أخذت أشياء عديدة معها حولته لهذا الشخص الغير سوي مع نفسه ومعها ومع الجميع !…..
احببت مجرم وتعاطفت معه من بدايات علاقتهم لكن اليوم هو الزوج والحبيب وتلك أشد لعنات الحب ان
تكن بين طريقين أحدهم يحكم بالمنطق والاخر يحكم بخفقات ومشاعر صادقة نابعة من قلب لاول مره يتذوقها أيهما تختار وايهما على صواب؟…
هل ستتنازل عن كونها فتاة تلاحق دوماً بالحق هل ستتخلى لتبقى بين أحضان (الجوكر) الذي لا يتحدث الا بسلاح ودم بين يداه يسيل كانهار جاريه !….
اعتصرت عينيها وهي تسمع أذان المغرب يخترق المكان من خلال مكبر ياتي من بعد عدة امتار من منزلهم…..
فتحت عينيها وهي تقول ….
“دا إبتلاء ياجواد وربنا قادر يعوضك…”
“تعويض؟…. تفتكري في بعد الأهل حآجه إسمها عوض….”
إبتسمت بحزن وهي تتذكر شيءٍ من حياتها البسيطة…
“فيه…. زي مثلاً بابا وماما ماتو وانا فعمر صغير دعاء ربتني وفضلت جمبي كأنها امي التانيه ولم اتجوزت أمجد كُنت انا لسه في سن المراهقة ووجود أمجد عوضني عن الاب ولاخ اللي كُنت دايما بحتاج ليهم انا و دعاء….. بص ياجواد الموضوع مش مين هياخد مكان اهلك جواك لان دا مستحيل يحصل بس الموضوع مين ممكن يهون عليك فُرقهم هي دي فكرت العوض…. العوض ياجواد مش انك تستبدل حاجه مكان حاجه فكرة العوض ان بيجي عشان يهون علينا ويداوي جرحنا ودي بتكون نعمه من نعم ربنا علينا… انه فكرك وعايز يطبطب عليك لم يفكرك بيه بصوت أذان او حتى وأنت بترتل القرآن ممكن يصدفك كلام تحس انه خارج ليك انتَ وبس وكان في حوار جميل بينك وبين ربنا…… او حتى ممكن يدخل فحياتك ناس تفضل جمبك لحد متتاقلم وتنسى كل إللي فات من حياتك ويبقا ده بنسبالك
عوض ربنا عليك ….” ربتت على يده وهي تقول بحنان…
“صدقني ربنا لسه فكرك ولسه مستنيك…. قوم خد خطوه ناحيته وهو هيقطع المسافة وهيقربك منه أكتر….. صدقني هو بيحبنه ودايما مستنينه حتى لم بنغلط وبنرجع بنلقيه أرحم علينا من نفسنا… فهمتني ياجواد هو أرحم علينا من نفسنا…
._إِن النفس لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ_” نزلت دموعها لتنهض وهي تقول بهدوء…
“انا لازم أروح أصلي هخلص ونرجع نتكلم تاني…”
نهضت مُبتعدة عن مرمى عينيه….
تنهد وهو يشعر ان حديثها أوصله لرجفة لاول مرة تخترق جسده !….

 

 

_____________________________________
ارتدت اسدال الصلاة وعدلت وضعية سجادة الصلاة
وهي تهم بالوقوف خاشعة بين يدي آلله…
دلف جواد بتردد لأول مره يشعر به داخله…
“بسمة……..استني متصليش دلوقت….”
التفتت له بوجه يضج بعلامات عدم الفهم….
“ليه؟…في حاجه عايزني اعملهالك…”
هز رأسه بنفي ليشعر ان تلك الغصة قاسية على ان تمر من حلقه الجاف…
“لا بس انا….”بتر كلماته فهو لا يعرف من اين سيبدأ..
هزت رأسها بحيرة من أمره…
“مالك ياجواد……..انتَ تعبان…”
“لا…..بس انا هدخل اتوضى وصلي معاكي….”قالها وهو يلج لداخل المرحاض بخطوات تتهرب من عسليتين مُتستعين بصدمة….
رفعت حاجبيها بدهشة وهي ترى امامها باب المرحاض مُغلق….
” هيصلي…. هو قال هصلي معاكي… لا شكلي سمعت غلط… “صمتت قليلاً لتتوسع ابتسامتها بسعادة..
” لا.. هو قال هيصلي فعلاً…. “رفعت رأسها نحو سقف الغرفة وهي تقول باعين تلمع بدموع…
” الحمدلله…. الحمدلله يارب…. “قررت ان تبدأ بتقضيت صلاة شكر على تلك الخطوة المبشرة بالخير مثلما يشعر قلبها الآن ويملي عليها بقوة هذا الشعور !…..
خرج من المرحاض وهو يجفف وجهه ليجدها تسلم في صلاتها….
“انتي صليتي…”تساءل بشك…
هزت راسها وهي تبتسم امام وجهه…
“لا ياحبيبي دا انا كنت بس بصلي ركعتين شكر لربنا لحد ماتخرج….”
“شكر؟….عشان إيه….”مشط شعره الفوضوي امام المرآة…
حدثته بهدوء…
“نعم ربنا محوطه بينا من كل إتجاه وانتَ بتسأل عشان إيه…”
تنحنح قليلاً وهو يقول بحرج …
“عندك حق……طب يلا عشان نصلي…”

 

 

 

إبتسمت وهي تقول أمام عينيه الحائرة…
“هتقيم بينا الصلاة…”
هز رأسه بـ(نعم)
ترددت وهي تقول…
“يعني انت عارف ااا…”صمتت فهي لا تعرف كيف تنتقي تلك الكلمات الصعبة…
قال بصوت خالي من التعبير….
“متقليقش بعرف أصلي….”
“جواد انا آسفه انا بجد مقصدش….”عضت على شفتيها فهي لم تطرح السؤال بطريقة صحيحة…
هز رأسه بتفهم وهو يقف منتصب الجسد وقال…
“مفيش مشكلة يابسمة….انتي معذوره انتي لسه متعرفيش عني حاجات كتير….”
هو محق هي لا تدرك انه يوماً ما تكرم في مدرستة بسبب حفظه للقرآن الكريم هو وشقيقته (اسماء)
التي كانت اول المشجعين لهذا الحفظ،لن ينكر ان عدم مرجعته على كتاب آلله ولابتعاد عنه جعله يتنسى عدة آيات لكن لا يزال يتذكر أكثرهم فهو لم يتوقف عن الصلاة والقرب من آلله إلا بعد عمله مع( زهران)أأي منذ خمس سنوات تقريباً فهو حتى في شدة بلاءه في السجن كان قريب من الله لا يترك فرضاً لكنه ابتعد بعدما اقترف اول ذنب وقتل اول روح لتبدأ سلسلة المعاصي ويبتعد عن كل شيء يخص العبادة ويتحول قلبه لحجر لينٍ يسهل اختراقه ! مثلما حدث منذ قليل بعد حديث (بسمة) التي جعلته ياخذ اول خطوة مهمه في حياته ليست فقط الصلاة بل شيءٍ آخر مهماً سيجعل لصلاته وقربه من الله طعم آخر ، وسيمحي مع الوقت هذا الخجل الذي يشعر به الان وهو يرتل القرآن !….
بدا يرتل ايات الذكر الحكيم ترتيلاً…كم كان صوته هادئ حسن يؤديها بتلاوةً منغمة واداء مؤثر للقلوب يختلف عن التجويد !….
برغم من سعادتها من هذا الشعور الذي افترسها فهي لم تتوقع يوماً ان تصلي خلفه وتسمع اذنيها تلك الآيات التي تنم على حفظه لعدة آيات قرانية ان لم يكن يحفظه بأكمله فهو اتى بعدة سطور قرانية من بعض الآيات المختلفة ذات أجزاء كبيرة…
حاولت ان تركز أكثر في صلاتها ، ليبدأ جواد بتلاوة اية صغيره سطورها تحتوي على…

 

 

 

{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ﴿١٨٦ آل عمران﴾.
شعرت ان صوته تحشرج قليلاً وهو يقف عند تلك الكلمات ليكمل الصلاة على اية حال بعدما تغاضى عن تلك الحشرجة المفاجأه لدية…..
أنهى الصلاة وهي بجواره خلفه ببعض خطوه واحده…..
التفت لها وهو يبتسم بحنان….
“حرماً يافرولتي…”إبتسمت وهي تضع كف يدها بين يده الممده…
“جمعاً ان شاء الله….”
صمت قليلاً وهو يقول بحنان…
“في يوم من الأيام هنروح انا وانتي هناك….”
اقتربت منه وتوسدت براسها صدره ليضمها هو إليه
بحضن حاني…
“انا وانتوا وولادنا….”قالتها باعين تلمع بأمل ان القادم سيكون الافضل وان رحمة الله وكرمه سياتي يوماً ليبعد عنهم كل تلك الزوبعات وشياطين الصادرة منها !…
مر الوقت وهم على تلك الوضعية لا حديث فقط اجساد التصقت ببعضها بعناق متبادل بينهم….
“جواد…”هتفت وهي داخل احضانه…
اكتفى بهمهما بسيطة وهو يقبل قمة رأسها…إبتسمت بحب وهي تقول بطفولية …
“انا بحبك…”
“وانا اكتر….”
قالت بتردد
“ينفع اسألك سؤال….”
“اسألي مية سؤال…”شدها اكثر الى احضانه…
“هو……هو انت عمرك حبيت…”
“آآه حبيت…..”قالها بمكر مخفي عن عينيها فهو يريد ان يتسلى قليلاً بجنون غيرتها !…
بلعت ريقها بحنق وهي تحاوره أكثر لتعرف أكثر عن هذا الحب فهي تحمل جِنات كل امراه تعبث خلف اي ماضي يحمله رجل اخذ مكان في قلبها ما لم ياخذه غيره….
“ومين دي بقه….”
“اهي واحده وخلاص…”بخبث نظر أمامه…
قالت بحنق واضح….
“واحده…….يعني هي حلوه….”
“اووف…….. دي جامده….”
خرجت من احضانه بقوة وهي تتشنج بغضب…
“جامده!… يعني إيه جامده دي …”
غمز بخبث..

 

 

 

“يعني جسمها ملبن يعني….”
شهقت بصدمة من وقاحته اللعينة…
“ملبن تقصد انجي….”
“انجي؟… ليه هو انا هحب انجي برضه…. وبعدين الملبن اللي بحكي عنها دي متجيش حاجه جمب انجي…” نهض وتركها تشتعل من عبث كلماته…
“انتَ رايح فين استنى هنا…” لحقت به وهي تشتعل غضباً…
“عايز إيه يافرولتي….” التفت لها بفتور لا يناسب تلك القنبلة التي القاها عليها منذ قليل….
“فرولتك…” ضحكت بسخط… “ماشاءالله انا فروله وهي ملبن في غيرنا ولا مستكفي بينا إحنا الإتنين….”
فعل حركه اوشكت على فقدان ماتبقى من عقلها.. فهو مد يده وربت على كتفها وقال بثبات ..
“خليها على الله….. التساهيل دي بتاعت ربنا.. واهوه ربنا يكرم بغيركم….”
“لا انت عايز تجنني… ماشي …” ابتعدت عنه بوجه متوهج بحمرة الغضب والغيرة…
“استني هنا راحه فين يامجنونه…” اوقفها وهو يرمقها بعدم فهم…
“هنام في الاوضة التانيه…. عندك مانع…” نظرت له بحدة
“ااه طبعاً عندي مانع…….ياملبن يووه قصدي يافرولتي…. ”
قالت باختناق……
“جواد… انتَ لو قصد تشلني مش هتقول الكلام ده في وشي….”
حاوط منكبيها وهو يقول بمزاح…
“كلام اي بس وبعدين انتي منفسنه كدا ليه… دا.. دا دا ماضي يعني ينفع تلوميني عليه….”
“لا مينفعش بس انتَ لسه فكرها….” قالتها وهي تضرب الأرض بقدميها بغضب….
“طب مانا لازم افتكرها بقولك جسمها ملبن و…يعني ازاي أنساها….وبعدين انساها ازاي وهي دايما قدام عنيه..”كاد ان ينطق إسمها لكنها ضربته بقبضة يدها وصرخت كالمجنونه بسبب اشتعال غيرتها الشديدة عليه…..
“تنساها ازاي وهي دايما قدام عنيك…يعني بتخوني…”
“بخونك إزاي يعني اي الدماغ دي انا قصدي…”
كاد ان يصحح مزاحه الثقيل معها لكنها
قاطعته وهي تصرخ بحدة…

 

 

 

“مش عايزه اسمع حآجه ابعد عني…”ابعدت يده وخرجت سريعاً من الغرفة…
فغر شفتيه بصدمة من فعلتها ليتمتم داخله
بيقين….
“فعلاً محدش يقدر يفهم صنف الحريم…”صمت
قليلاً وهو يحاول التفكير بشيءً يرضي تلك الحبيبة المجنونة فهو اليوم لن يتنازل عن نومها في احضانه
مثل البارحة او أيضاً التمتمع ببعض اللحظات الحميمية التي قضاها معها البارحة..عض على شفتيه بغيظ…
“إزاي مش فهمه إني بتكلم عليها……ماشي يابسمة…..”توعد لها بوقاحة من نوع خاص
يتقنها جيداً معها…
عاد ليستلقي على الفراش وهو يمدد جسده براحة عليه ليضع كلتا يداه خلف رأسه وهو يحدج في سقف بشرود وفكر قليلاً وهو يقول…
“مش مصدق ان جاي اليوم اللي هصالح ودادي في واحده ست……”صمت قليلاً بعدما أملى عليه قلبه مشاعره نحوها….تنهد وهو يقول…
“بس دي مش اي ست دي فرولة جواد….”قالها داخله
بمصدقية وامتلاك….
_____________________________________
في منتصف الليل….
قد غفت في غرفة آخرى بعيداً عنه اصرت على معاقبته بعد ان ظنت انه يتحدث ويتغازل بامرأة
غيرها ولاسوء امام عينيها….
كانت ترتدي قميص قصير أسود اللون كانت تستلقي براحة على الفراش انفاسها في سبات عميق….
دلف الى الغرفة بهدوء واشعل (الابجورة)بجوارها
ليتطلع على هيئتها المُغرية تلك…
“ممم…… يخربيت الملبن….”
قالها وهو يحدج بسخاء بجسدها البارز من خلال هذا القميص الأسود ….
“عملاها حداد يابسمة ولبس قميص اسود….” هز راسه بعدم فهم من تلك الأفعال الغريبة الصادرة منها….دثرها بالاغطية في ظل هذا الجو البارد…ومن ثمَ دلف بجوارها ليبدأ العبث المحبب لديه….
وضع يده على ذراعها العاري وبدأ بتمرري كف يده عليها ومن ثم بدأ يزعجها بانفاسة المحملة رائحة السجائر باستثناء عطره الممزوج معها….
“بسمة……. قومي بقه وكفاية نوم…”
همهمت بانزعاج….
ابتسم وهو يرى جانبها الطفولي وهذا التذمر الواضح

 

 

 

عليها…
بدأ يزعجها باسنانه التي كانت تطبق على شفتيها بازعاج….
“بطل عض….” صرخت وهي مغمضت العين…
“طب قومي وانا أبطل عض….”اطلق ضحكه خافته من هذا التذمر البادي عليها !..
“مش هقوم انا عايزه أنام…”قالتها وهي تفتح عينيها وتغمضها سريعاً…عدلت وضعية نومها لتتوسد بظهرها أكثر الفراش…..
أشرب إليها برأسه وهو يتنهد بضيق مُزيف…
“برحتك انا كنت بس بصحيكي عشان أقولك اني خارج….”
فتحت عينيها سريعاً وقالت بضيق…
“خارج؟……خارج رايح فين….”
“هقابل واحده…قصدي وآحد….هتعوزي حاجه من برا….”جلس على الفراش متظاهر بالجدية…
قفزت جالسه وهي تصيح بحدة…
“واحده……انتَ رايح تقابلها صح….”
حك في شعره ببرود…
“هي مين دي…..”
“الزفته اللي بتحبها….”
“اللي بحبها…”تنهد وهو ينظر إليها باشتياق…
“اللي بحبها دي عايزه تتادب من اول وجديد عشان تحرم تبعد عني تاني…”جذبها من يدها لتصبح وجوههم مقابله لبعضها…..بعثر أنفاسه عليها وهو يقول….
“بذمتك مش لازم أأدبك بطرقتي عشان تبطلي جنان وتحرمي تبعدي عني تاني….”
بلعت مابحلقها فهو يقتلها بهذا القرب هتفت بعتاب
“انتَ كنت بتكلم عنـ…”
“كُنت بتكلم عنك…. من الأساس انا عمري ماحبيت غيرك يابسمة….”
غمرها الضعف وقلبها يخفق بل توقف لم يراعي كونها ستموت حتماً من فرط تلك المشاعر…..
“يـ.. يعني… يعني انتَ كنت بتكلم عني…”سقطت خصله من خصلِات شعرها على عينيها، اكتفى هو بهمهمات بسيطة وهو يرجع تلك الخصلة للخلف….
بللت شفتيها امام عينيه الجائعة وهي تقول بحرج…
” يعني كان لازم توضح…. وبعدين أي ملبن دي كمان….. انا مش ملبن ”
“أمال انتي إيه يافرولتي….” بدأ بتقبيل عنقها ببطء..
“جواد لم نفسك…” ابعدته عنها وهي تحدج به بحدة مُعاتب…
“متلمسنيش انا زعلانه منك…”
قرب وجهه منها مره آخرى وهو يقول بعبث

 

 

 

“طب مأنا بصلحك اهوه….”
قالت بدلال…
“جواد بس بقه…”
“طب وحيات الدلع ده لصلحك…. تعالي تعالي بس أقولك على حآجه مهمه…” غطّى وجوههم تحت الاغطية لتهم هي بعناد وتخرج من تحتها بضيق…
“اسمي اي ده…” هتف بحنق جاد…
“سميه عقاب عشان تبطل تضايقني تاني بطريقه دي…” ارتدت روب هذا القميص الأسود وهمت بفتح الباب والخروج منه لكن اوقفها جواد ببرود وتحدي..
“بتعقبيني…. تمام اللي انتي متعرفهوش بقه ان جواد الغمري مفيش واحده تقدر تعقبه…. وتمنعه عن أي حآجه هو عايزها منها…. ” رمقها بوقاحة تعني الكثير…
“باستثناء انا برضه…” قالتها بدلال وتحدي وهي تغمز له باستفزاز لتغلق الباب خلفها…
عض على شفتيه وهو يقول بحنق…
“ماشي يابسمة وللهِ لطلعه عليكي….”
____________________________________
فتحت صنبور المياة ووضعت اسفله كوب زجاجي…
دلف جواد الى المطبخ ببرود وبتلك الهالة الرجولية التي تحبس انفاسها….
رمقها بطرف عينيه وهي تراقب حركته باختلاس..
وقف امام مكينة القهوة ليحضر له فنجان من القهوة…..
أقترب منها بخبث وهو يخلع هذا (التيشرت)الذي يرتديه….انتبهت حواسها وهي ترفع رأسها إليه بحرج وترمق تلك العضلات البارزة والخصر المنحوت وبطنه ذو الخطوط المثيرة آثار عشقه لممارسة الرياضة !…تشدقت بتردد..
“انت بتقلع ليه…”
قوس فمه ببرود…
“الجو حرَ إيه مالك….”رفع حاجبه بمكر…
اولته ظهرها وهي تقول بتردد…
“مالي يعني مأنا كويسه أهوه….”
شعرت بحرارةً تنبعث في ظهرها بسبب التصاقه بها
من الخلف…
“شكلك متوترة تكونيش غيرتي رأيك ونويتي تسلمي الرايا ……”
بلعت تلك الضحكة التي اوشكت على إختراق شفتيها

 

 

 

لتتسلى اكثر وهي تقول….
“مستحيل أسلم الرايا….وأبعد بقه وبطل تتحرش بيه..”ابتعدت عنه ببرود مُزيف…..
“برحتك يافرولتي…..مسيرك تسلميها ليا…..”غرز أصابعه في شعره الفوضوي ليبدأ بالعض على شفتيه بضيق من ثوب العِناد هذا الذي ترتديه أمامه الآن !…
بعد ثلاث ساعات…
تاففت وهي تدلف للمطبخ مره آخرى متظاهره بظمأ حلقها الجاف….
وجدته يجلس على مقعد خشبي أمام تلك الطاولة المُستديرة يمدد اقدامه الطويلة على سطحها براحة
ويحتسي تلك القهوة التي تعد الفنجان الثالث له…
” انتَ لسا هنا…. وشربت كل ده… “قالتها وهي تقف أمامه بنفس هذا الثوب الأسود القصير…
اخرج دخانه الرمادي وهو يقول بفتور…
” منمتيش ليه لحد دلوقت الساعة بقت تلاته.. ”
جلست أمامه فالنوم لا يعرف الطريق لعينيها بعيداً عنه…
اللعنه، لم كل هذا يحدث معها منذ ان
عشقت هذا الرجل !…
“مش جيلي نوم….”
“عشان مش نايمه في حضني صح….” قالها وهو يطفئ تلك السجارة في المنفضة…
أشاحت بوجهها وهي تقول
“مغرور اوي على فكره…”
حرك راسه في الجهتين وهو يتظاهر بتفكير…
“هو مش غرور…. انا بسميها ثقه….. انتي عايزاني
زي مانا عايزك صح…”
عضت على شفتيها بضيق…

 

 

 

“اي قلة الأدب دي انا مشيه….”
“استني هنا…. فين قلة الأدب انتي دماغك شمال كدا ليه… انا قصدي يعني إنك عايزه تنامي في حضني
مش انتي عايزه تنامي في حضني برضه يافرولتي…”
غمز لها بخبث… ليتوهج وجهها بحمرة الحرج
وهي تقول بانكار…
“مش صح انا كنت جاي أشرب…” نهضت لتفتح الصنبور مره آخره وتملئ هذا الكوب….
ابتسم باستياء فهي غير بارعه في الكذب أتت لتراه وهو يجلس ينتظرها وكان قلوبهم توعدت برغم من
هوجاء عقولهم !…
نهض أمام عسليتاها المترددة لتجده يتقدم منها بعدة
خطوات…. رفعت كوب الماء على فمها وتظاهرت بانشغالها بشرب الماء….
تقوس فمه الرجولي وهو يراقبها ليجدها تنزل الكوب وتنظر له…
“عايز إيه؟….”
“العقاب بتاعك خلص خلاص وكمان خد اكتر من وقته معايا و جه عقابي انا بقه….”
جذب من بين يدها الكوب بلطف ليضعه جانباً ..
نظرت له بعدم فهم لتجد اقدامها تحلق في الهوء فهو حملها بيداه الإثنين وهو يقول بخبث وملل
واضح …
“كفايه لعب عيال بقه انا زهقت…”
لم ترد عليه فهو وضعها على تلك الطاولة المُستديرة في منتصف المطبخ وجعل ظهرها يستلقي عليها..
“انت ناوي على إيه….”
مال عليها ليقطم شفتيها بقوة لتتأوه بغضب…
“جواد……بتعمل إيه….”
“بعقبك بس بطريقتي….” اظلمت عينيه بالرغبة الخالصة لينظر الى جسدها باعين شهوانية…
“بلاش العقاب ده انا زعلانه و”
“هصلحك يافرولتي بس بعد ماعاقبك على التلات ساعات اللي اتجمدت فيهم هنا….”
حديثه يرسل لها انه كان بانتظارها…. قالت بتردد
“يعني إيه انتَ كُنت مستنيني….”
“آآه وكنت عارف إنك مش هتقدري تبعدي كتير… مش كده…” داعبها بأنفه لتعقد يداها حول عنقه وهي تقول بين ضحكاتها بستياء…
“أقسم بالله مغرور….” نظر لها باعين هائمة ليصحح كلماتها ببحة خاصه…
“اقسم بالله بعشقك….” التقط شفتيها في قبله متناغمة على أوتار صاخبة بالمشاعر المُلتهبة، لكلاً
منهم عدة جوانب تختلف عن الآخر تصل لعدم اقتناع المنطق والبشر بعلاقة الحب التي جمعتهم سوياً … لكنهم لا يدركون ان تلك الاختلافات تميز حبهم عفواً عشقهم فهي عاشقه رضيت بالعيش بين براثن عاشق غمرها بشدة مشاعره وشخصيته التي تقسم ان بحثت عنها بين البشر لن تجده قط !…
_____________________________________
بعد مرور عشرة أيام كانتى من أجمل الأيام التي مرت عليهم ، هو لم يعتقد ان الأيام التي توعد داخله انها ستكون الاسوء عليها وسيتذوق بها طعم الكره نحوها ستتحول الى ذكريات تحمل شغف وعشق جاحم لكلاهما تمتع بقربها وادمن تلك الاحضان وللذة هذا الجسد الذي يجد به الملاذ الخالص له تمتع بضحكاتها، كلماتها العفوية ، تذمرها وغيرتها ، طيبة قلبها، بثت في قلبه الطمأنينة كلما ظهر حبها وتمسكها به!…تلك للذة آخرى فهو أصبح مطمئن أكثر بهذا العهد الذي لم تخرجه من شفتيها بل خرج من صميم قلبها العاشق له ، وتلك أصدق الوعود !….
تلك الأيام التي قضاها بجوارها والتي لم يترك بها فرض من الصلاة إلا وقضاه بجوارها وتلك كانت أهم الاسباب التي جعلته ياخذ أول خطوة للخروج من تلك الدائرة القاتمة !….
اوقف السيارة أمام فيلة (الغمري)…
نظر الى( بسمة)التي كانت تجلس بجواره وتتفقد المكان بعسليتاها قبل خروجها..مدت يدها لتفتح باب السيارة لكنه اوقفه وهو يقول بهدوء..
“زي ماقولتلك يافرولتي مش هنطول هنا كتير…يعني لحد بس ميخلص كتب كتاب سيف واسيل وهنرجع تاني على المزرعة….”
أثناء حديثه استدارت له لحين إنتهائه إبتسمت أمام وجهه بنعومة وهي تقول…
“فهمه ياحبيبي مش محتاج تأكد عليا….”
وضع يده على وجنتها وهو يقول ببحة خاصة…
“لازم أأكد عليكي…بصراحة انا خدت على المزرعه اكتر ووجودك معايا ولوحدنا و….”أقترب منها ووضع قبله سطحية على شفتيها وهو يقول بتنهيدة حارة..
“يعني أجمل حاجه في بيت المزرعه المطبخ وصالون واوضة النوم والحمام و…”

 

 

 

“جواد بس هتفضحنا….”وضعت يدها على فمه
بحرج…
رفع حاجبه وطصنع عدم الفهم وهو ينزل يدها…
“ليه بتقول كده ياملبن انتَ هو إحنا عملنا حاجه
في الحتة دي….”
عضت على شفتيها وهي تهز رأسها باستياء…
“بجد الكلام معاك في المواضيع إللي زي دي هيطلعني خسرانه…”
قال وهو يغمز بخبث..
“بالعكس دي هتقلب بعملي….”
خرجت من السيارة وهي تبتسم بخجل هائماً ، لحق بها هو الآخر بخطوات ثابته نحو هذا المبنى القابع أمامهم ….
_____________________________________
دلفت بسمة بجوار جواد لغرفة الصالون حيثُ يتواجد الجميع بانتظارهم باستثناء (زهران الغمري)
هتفت اسيل بحبور وهي تعانق بسمة…
“وحشيني أوي يابسمة…كل ده غياب…”
بدلتها بسمة العناق وهي تقول بسعادة…
“معلشي ياسوو…انتي كمان وحشتيني…مبروك ياحبيبتي فرحتلك أوي عقبال ماشوفك بفستان الفرح …”
إبتسمت اسيل وهي تبتعد عنها لترمق سيف المُتابع للموقف بخجل ليبدلها هو النظرة بغمزة عابثة…
قبلة يد أنعام وهي تقول بحبور…
“وحشتيني أوي ياماما عامله إيه…”
عانقتها أنعام وهي تقول بحنان…
“وانتي كمان ياحبيبتي….انا الحمدالله بقيت بخير بعد مشوفتكم…”اشاحت بوجهها نحو جواد الجالس بجوار أخيه….
هتف جواد وهو يرتب على قدم اخيه الجالس بجواره…
“مبروك يانمس….طلعت مش سهل…..ولا حد
حاسس بيك…… “نظر جواد باتجاه اسيل…
ابتسم سيف وهو يقول بمعاناة مصطنعه…
“آآه ياجواد لو تشوف اخوك من أسبوعين بس كنت هتعرف اني بعاني معها عشان توافق بس إني اخطبها….”
تشدق جواد بمزاح طفيف….
“شكلك وقع على بوزك جامد…..على العموم المهم النتيجة كانت إيه….”
هتف الآخر بصلف…
“مسيطر على الوضع طبعاً يافخامه….”
تافف جواد من هذا اللقب الذي لا يروقه…غير مجر الحديث وهو يقول بهدوء…
“قولي عمك هنا ولا في شركة….”
اجابه سيف
“شركه إيه النهاردة الجمعه….هو في المكتب بقاله حوالي نص ساعة…”
هم جواد بنهوض…
“طب ان رايحله….”
تساءل سيف بقلق….

 

 

 

 

“في حآجه ولا إيه…”
“لا عادي….” قالها جواد ببرود… لكن قبل ذهابه هتفت أنعام خلفه بعتاب…
“غريبه ياجواد دخلت وسلمت على كل الموجودين الا انا ودلوقتي خرج وكانك مش شايفني…” استدار جواد لها لتاتي عينيه على عسليتين تترجها ان يتوقف قليلاً عن تلك المعاملة..
“مخدتش بالي أصلي مستعجل…. المهم انتي عامله إيه يانعام هانم….”
تنهدت بحزن ومن بينه قالت….
“بخير ياجواد بخير طول مانتم بخير….” رمقته بحنان وتوسل عله يغير تلك الطريقة الخانقة لروحها
لكنه بدلها النظره بصلابه وهو يخرج من الغرفة..
دوماً يلومها على أفعال ابنها وكأنها على علم بما يقترفه (زهران) من عمل مُشين جذب يده الطاهره
نحوه بكل دهاء !…..
في المكتب….
رفع زهران عينيه من على الملفات ليجد جواد يدلف عليه جالساً على مقعداً مقابل له….
“أخيراً رجعت….. مش بتروح الشركه يعني بقالك اكتر من عشرة تيام إيه اختفيت فين…”
مسك جواد قلمٍ ما وبدأ بالعبث به على سطح المكتب وهو يجمع تلك الكلمات الحاسمة بنسبه له…
“قدرها أجازه…. انا عمري ماخدت أجازه من ساعات ماشتغلت معاك….”
أبتسم ابتسامة سخيفة وهو يقول بلؤم…
“مفيش مشكله يابن أخويه… بس لازم الاجازة تخلص عشان في شُحنة جايخ من برا في خلال
أسبوع و….”
قاطعه جواد هذهِ المرة بحسم…
“شوف حد غيري يعمل الشغله دي انا خلاص بطلت..”
انحنى زهران قليلاً للأمام وهو يرمقه بعلامات استفهام…
“يعني إيه بطلت…..”
“يعني انا مش هشتغل معاك تاني….”
ساله زهران بتوجس…
“ليه… ناوي تشتغل مع مين قاصدي….”

 

 

 

برم جواد شفتيه بتهكم من تفكيره…..
“انا مش ناوي أشتغل مع حد انا خلاص نويت أبطل كل ده…. انا قريب اوي هسافر وهبعد عن هنا وشغل ده معدش يلزمني وانا مبقتش محتاج ليه في حاجه ولا مجبور اكمل فيه زي زمان….”
ضيق زهران عينيه بنزق..
“ويترى ضميرك صحي بشكل ده فجأه كده ولا إللي خلفت اومري وجوزتها هي سبب كلامك ده…”
حاول التحلي بالهدوء في للحظات لا تسمح بذلك….
“طلع بسمة من الموضوع هي ملهاش دعوه… انا بعمل كده عشان دا إللي كان المفروض يتعمل من زمان…”
هتف زهران بنبرة محتدة….
“بقولك إيه يا.. ياجوكر نهاية الطريق إللي إحنا مشينه ده ليه سكتين الأولى موت والتانيه سجن ياعدام يامؤبد….. يعني سكه التالته إللي بدور عليه دي مش موجوده عندنا…..”
انتبهت حواسه بأكملها لحديثه وهو يقول..
“يعني إيه….”
هتف زهران بشر شيطاني…
“يعني لو مرجعتش عن اللي في دماغك هتخسر إللي بتعمل دا كله عشانها….”
توسعت عيني جواد وهو يهدر بغضب من تحت أسنانه…
“انت عارف اني معايا ورق يوديك في ستين دهيه…”
أبتسم زهران بخبث وقال ببرود…
“عارف إنك معاك الورق إللي يوصلني انا وللي معايا لحبل المشنقه…. وانتَ هتكون برا اللعبة عارف ياجوكر……لكن اللي انتَ مش واخد بالك منه ان مفيش ورق عليه أسمك غير الورق إللي كان مع علام الخفاجه إللي كان مع بسمة فاكر الورق ده….أهوه الورق ده أسمك فيه جمب أسمي بظبط يعني هنعيش مع بعض في زنزانه واحده اي رأيك….”
ثم نظر نحو الخزينة وهو يقول…
“والورق هيفضل معايا…….ها قولت إيه….”
حاول جواد السيطرة على غضبه وابتسم ببرود
قائلا بسخط …
“وانتَ ناوي تسلم الورق للحكومه واسمك جمب أسمي….”
قال زهران بصرامة…
“أكيد لا بس لو غدرت بيا هغدر بيك قبلها ومش بس سجنك إللي هيشفي غليلي لا دا انا هحرمك من اللي قلبت حالك وخلتك تفكر إنك تسيب كل حاجه عشان خاطرها….”

 

 

 

فصل المسافة جواد وبكل عصبية مسك لياقة
قميص زهران وهو يهدر به بغضب….
“إياك تفكر تقربلها أقسم بالله أدفنك مكانك هنا …” كانت أنفاسه مُتسرعه وغضبه وصل لذروته….ليكمل جواد امام وجهه بسخرية…
“لأول مره افتكرتك إنك هتكون عم بصحيح…جيت عشان اقولك إني عايز أبدآ من جديد عايز ابعد عن كل القرف ده…. افتكرت إني هلاقي عم بجد يقف جمبي ويشجعني على اول خطوة نضيفه في حياتي… لكن لا نفس الصورة من عشر سنين هي هي إللي خدته عنك فضلت زي ماهي بطمعها وندلتها وشيطان اللي جواها….. للأسف أول مره اسمح لصلة الدم اللي مبينا اني أكلمك كاعم مش كتاجر سلاح…”
أبعد زهران يداه عنه وهو يقول باصرار للعين …
“أصول الشغل مفيهاش صلة قرابه يابن أخويه…. ولو عايز تسجني اسجني بس كمان اجحز لنفسك مكان جمبي….. وشغل إللي بدانا فيه سوا هنخلصه سوا
وانت هتفضل الجوكر دراعي اليمين وانا هفضل تاجر السلاح زي مابتقول….”
استدار جواد بشمئزاز مُبتعد عنه، لكن زهران
اوقفه بنبرة متوعدة….
“ارجع عن قرارك ياجواد لان لو اللي معانا عرفه بقرارك ده أول حد هيصيبه الأذى مراتك اللي بتعمل ده كله عشانها…”
تلك المرة الثالثة التي يهدده بقتل (بسمة) اللعنة على مافعله بهآ قد ادخلها أنهار الدم والانتقام المحاطة به واليوم خروجها سيكون عكس المتوقع ان تموت أو….
صمت وهو يفكر في هذا الحل ليلعن داخله حبها الذي سيتأذى من هذا القرار الذي حتماً سيلقيه أمامها
بدون أسباب تُذكر….
دلف عرفته وانتابته حاله من الغضب وجدها تنتظره بداخل الغرفة …
اقتربت منه وهي تضع يدها على وجنته التي
تتوهج بحمرة الغضب المكتوم….
“جواد مالك… انت‌ تعبان في حاجه حصلت…”
نفض يدها وهو يقول بعصبية مكتومة…
“سبيني دلوقتي يابسمة وخرجي…”
“اسيبك إزاي مالك….” عرقلت سيره بيدها المُرتجفة قلقٍ عليه…
صرخ في وجهها بدون سابق إنذار فهو يحارب بصعوبة….
“قولتلك سبيني…. اسمعي الكلام….”
ارتعدت للخلف بصدمة وبدأ قلبها ينبض برعب…
اعتصر عينيه وهو يحاول كبح مايعتريه فهو على مشارف الانفجار…..
“معلشي سبيني دلوقتي …..”

 

 

فهمت انه بحالة صعب السيطرة عليها لطالما كانت بجواره في بعض نوبات الغضب تلك لكن الآن تلك أشدّ النوبات بنسبة لها فهو حقاً على مشارف الانفجار من كثرة الغضب ومايأجج بداخله الآن وكان أصعب ان تقرأه عسليتاها….
“طب أهدى بس ياجواد.. انا هفضل جمبك مش هينفع اسيبك وانت في الحاله دي…”
صرخ كالمجنون وهو يلقي كل ما على تلك التسريحة لتشهق هي بصدمة من مايفعله وكانه جُن تماماً…
“قولتلك اخرجي برا مش عايز أشوفك مش عايز اشوف حد……. اخرجي…” أثناء صراخه مسك انينة العطر الزجاجية والقاها على مرآة التسريحة بقوة
جعلت الازجاج يتناثر من حولهم بقوة لتصرخ بسمة
بوجع….
التفت لها بوجه قاتم وجبهته مُتعرقة آثار تلك النوبة التي تُشنج سائر جسده وتضعه بحالة صعب السيطرة عليها او حتى ان يتخطاها لكنه تخطاها بعدما رأى
ذراعها تسيل منه الدماء بعد جرحها من تلك الزجاجة
الصغيرة التي تناثرة نحوها لتترك جرح طفيف في ذرعها….
أقترب منها بوجه مُبلل عرقاً… هتف بلهفة.
“بسمة… بسمة… انتي كويسه دراعك…”
نزلت دموعها وهي تتألم…
“مفيش حاجه ياجواد انا كويسه….. المهم انتَ تهدى عشان خاطري اهدى وكل حاجه هتبقى كويسه..”
أبتعد عنها وهو يدلف للمرحاض وعاد وهو يحمل حقيبة الاسعافات بدا باسعاف هذا الجرح البسيط
وهو صامت لكن أنفاسه كانت سريعه وكأنها تحارب
ما سيفعله الآن….
انتهى من وضع الضماد على الجرح….
وضع يداه على وجنتيها وهو يقول باعتذار…
“أنا آسف انا مكنتش أقصد اجرحك…..”
إبتسمت بحب أمامه وهي تقول بطيبة قلب..
“انتَ ملكش ذنب وبعدين دا نصيبي والجرح الحمدلله بسيط…. المهم إنك تكون هديت…”
لم تفهم ان ردها هذا يذكره بتهديد (زهران) له
لن يسامح نفسه اذا عرضها لأي آذى من اي نوع….
قرب وجهها نحو وجهه وهو يهتف بصوت مبهم…
“هتوحشيني ….”
لم تفهم معنى تلك الكلمة ولم تفهم لمَ اسكتها بتلك القبلة الذي تعمق بها بشدة ولاول مرة تشعر ان تلك القبلة تحمل الكثير من المشاعر…
العشق….. الحزن…. الاعتذار… الخوف…. وأخيراً الوداع !….

 

 

 

برغم من ان جسدها بأكمله منسجم مع تلك القُبلة العميقة بل ويستجيب له في هذا التعمق الحثي
الى ان عقلها يعمل في عدة اتجهات وقلبها يخفق بخوف وكأنه يشعر بعاصفة الخذلان القادمة عليه…
أبتعد عنها بعد دقائق كثرة وهم على هذا الوضع
فهي كلما ضاق تنفسها كان يبتعد لتاخذ نفس عميق قبل ان تغرق معه في عدة قبلات كل واحده تكون أعمق من الأخرى…
لهث بقوة وهو يسند جبهته عليها وهي كذلك تفعل تنهد وهو يفتح عينيه الحمراء وكأنه يبكي بدون دمعة واحده !….
“بسمة….” ناداها لترفع عسليتاها بتردد …
بلل شفتيه وهو يحارب الكلمات بصعوبة ليقول بصوت مُتحشرج …
“لازم اطلقك……… انا عايز أبعد …”
فغرت شفتيها الحمراء بشدة آثار قبلات الوداع
تلك !

 

 

 

وكأنه وضع داخل احشائها قُنبلة وظلت بها لوقتٍ طويل لتنفجر فجأه داخلها بعد كلماته لتشعر بكامل
جسدها وحواسها تُشل فجأه آثار هذا الخذلان…
“انتَ بتقول إيه ياجواد… انتَ بتهزر صح…”
نهض وهو يوليها ظهره، اعتصر عينيه بقوة وهو يحارب تلك الكلمات المُهينة بالخروج إليها…هتف بنبرة قاسية على مسامعها….
“انا مبقتش عايزك جامبي انا استكفيت منك خلاص….”
….. يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *