روايات

رواية يناديها عائش الفصل التاسع 9 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل التاسع 9 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش البارت التاسع

رواية يناديها عائش الجزء التاسع

يناديها عائش

رواية يناديها عائش الحلقة التاسعة

لو عُرضَت الأقدَار على الإِنسان لاختار القَدر الذي اختاره اللّه له .
……..

رفع بدر رأسه بتوتر ليتأمل أسارير وجه عمه المشرقه،ثم تنهّد بقلة حيله وحزن هامساً
— موافق
ارتسمت علامات البِشر والسعاده وتهلل وجهه ليردف بنبره متلهفه
— عاال اووي…هستنااك تشرب معايا الشاي بعد صلاة العشا..قولت ايه !؟
أسفر عن تنهيده تتشبع بالحزن والحسره ثم أجاب بهدوء
–أنا بس ياعمي كنت محتاج أقعد مع نورا شويه في وجود حضرتك طبعاً
ابتسم عمه بإيماء
— اه طبعاً…بس قعدة تعارف يعني؟ أصل انت مش تايه عن نورا يعني !
هزّ رأسه بنفي مبتسماً ليجيب
— لأ مش تعارف…بس حابب أكلم معاها في موضوع خاص بيا هي لازم تعرفه قبل مايتم أي حاجه
برم مصطفى شفتيه بمعنى “لا بأس” ثم قال
— عادي يابني مفيهاش حاجه..يعني أعمل حسابي تيجي انهارده؟
فكر بدر قليلاً قبل أن يجيب
— ماتعفيني انهارده..أصل الشغل تقيل في الورشه وجايز اروح متأخر وانت عارف بروح تعبان
قام عمه ليصافحه قائلاً بسرور
— ماشي يابدر يابني..ربنا يعينك…خلاص إيه رأيك في يوم الجمعه الجايه بعد الصلاه ؟
أومأ قائلاً بفتور
— إن شاء الله ياعمي…ربنا يسهل

بعد ما ذهب عمه،ظل بدر جالس مكانه يفكر بحيره وتِيه فيما سيحدث معه قريباً.
تنهّد بعمق ليردف في نفسه بلوم
— إيه يابدر…جرالك ايه!..مش عادتك انك تفكر في اللي جاي وانت عارف إنه بإيد ربنا! للدرجادي عائش كلت عقلك! لا..مسمهاش عائش…اسمها عائشه..عائش دي لما كانت طفله وبربيها…لما كنت بالنسبالها كل حاجه..خلاص يابدر..فوق من اللي انت فيه…طفلتك كبرت…قصدي عائش كبرت…ياالله…عاائشه اسمها عائشه وهي مش عاوزاك..فوق بقااا…هتجبرها تحبك بالعافيه…خلاص..انت قضيت مهمتك واهتميت بيها لحد ماكبرت…سيبها تختار شريك حياتها..هي حره في اختيارتها…وانت خليك في حالك وارجع لوعيك..ارجع لعقلك ولإيمانك بربك يابدر
أخرجه من شروده صوت عراكٍ يدوي من داخل ورشته،فهب واقفاً وهو يقول
— استغفرك ربي واتوب إليك

ثم مسح على وجهه بهدوء متمتماً دعاؤه الذي يردده دائماً وقت ما يشعر بالحيره والضياع
— اللهم أخرجني من حولي إلى حولك، ومن عزمي إلى عزمك ، ومن ضعفي إلى قوّتك، ومن انكساري إلى عزّتك، ومن ضيق اختياري إلى براح إرادتك
وصل لمسامعه صوت شِجار العاملين معه، إتجه إليهم ليقف بهيئته الضخمه المعتاده، فكان كأنما جبلاً يعتم السطوع فصار ظِلاً، وهذا ماجعل العاملين يصمتون للتو فور رؤيته واقف يرمقهم بصمت وفتور
تحدث بدر أخيراً بعد لحظات مردفاً بهدوء
— صوتكم جايب لأخر الشارع ليه.. في إيه !؟
أجاب أحد العاملين بإستياء ويدعىٰ فينحاس
— يسطا بدر صابر وسيد عمالين يجيبوا في سيرة الخلق بكلام وحش وسايبين الشغل
رمقهم بدر بإستحقار هاتفاً
— هو أنا مش قلت متكرروش العمله دي تاني
أجاب سيد بخوف قليلاً

— ياسطا بدر كله تمام متقلقش…في نص ساعه والشغل يكون خلصان
تنفس بدر مطولاً يحاول أن يجمح غضبه، ثم أردف بهدوء
— أنا مبكلمش على الشغل… أنا بتكلم عن النميمه والغيبه اللي مش بتفارق لسانكم ليل نهار.. هتستفاد ايه انت وهو وانت عمال تجيب في سيرة الناس كده! هااه.. هتستفاد ايه! ذنوب في ذنوب عمالين تاخدوها وهما بياخدوا حسناتكم!
أجاب صابر بتلقائيه
— إحنا مبنقولش حاجه كدب يسطا بدر.. احنا بنتكلم في حاجه حصلت.. أصل بنت الحج يسري كانت…
أوقفه بدر بإشاره من يده قائلاً بلهجه حاده
— مش عاوز اسمع حاجه… ربنا يسترها على الكل.. ربنا أمر بالستر.. اتقوا الله انتوا متعرفوش إن اللي بيجيب سيرة الناس ده عقاب إيه!
نظر له الرجلين في صمتٍ وخجل، فتركهم بدر ليذهب لمتجر لبيع اللحوم بالجانب من ورشته، ثم طلب من البائع قطعة لحم صغيره، ليعود ثانيةً لورشته ثم وضع قطعة اللحم أمامهم مردفاً بجديه
— عاوزكم تقسموا الحته دي بينكم وتاكلوها.. ودلوقتي
اتسعت أعين الرجلين بذهول ثم نظرا لبعضهم بتوتر ليهتف سيد بتلعثم
— أسطا بدر… انت… انت بتكلم بجد!.. هناكل لحمه نيه!
ابتسم بدر بسخريه قائلاً

— أهو ده بالظبط حال اللي بيغتب وينم على الناس، هايجي يوم القيامه ياكل اللحم ني، زي ماانتو كرهتوا تاكلوها دلوقت وهي نيه، اكرهوا تجيبوا في سيرة غيركم… الحسنات اللي عملتوها في حياتكم هما بيفضلوا يسحبوها منكم طول ماانتم جايبين سيرتهم… تيجوا يوم القيامه تسأل ربنا تقوله فين حسناتي أنا عملت حجات كتير حلوه يارب.. بس للأسف حسنات انت ضيعتها في الغيبه والنميمه
أطرق الرجلين رأسهم بخجل، فتابع بدر حديثه بتوضيح وهو يجذب مقعد ليجلس عليه
— اقعدوا يارجاله… الشغل مش هيطير.. اللي بقولو ده أهم من الشغل
ثم التفت لـ فينحاس ليبتسم بلُطف قائلاً
— أنا هشرحلهم أيه في القرآن بتدل على الكلام ده، تحب تقعد معانا يافينحاس !؟
أومأ فينحاس ليبتسم مردفاً

— يسطا بدر رغم اختلاف ديانتنا، بس النميمه ربنا حرمها على كل البشر وكلنا بنؤمن برب واحد وإنت عارف معزتك عندي وعارف أنا وعيلتي بنحترمك وبنحبك قد إيه، لولا أخلاقك وتعاملك معانا على أساس اننا اخواتك مش شغالين عندك مكنش ابويا وافق يخليني أشتغل هنا
ربت بدر على كتفه، ليشير له بأن يجلس، ثم أفتر ثغره عن ابتسامه عريضه ليذكر إسم الله ثم تلا بصوته العذب
— ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم»، (الحجرات 12
صدق الرجلين، فتنهد بدر بهدوء مردفاً
— الغيبه والبهتان والنميمه… يعني ايه معنى كل واحده فيهم… نيجي للغيبه ودي اللي انتوا عملتوها دلوقت.. الغيبه يعني انك تكلم عن غيرك بكلام مينفعش يتقال ولو على سبيل الهزار.. أما البهتان يعني تكلم على غيرك بكلام محصلش.. تطلع عنه إشاعات يعني.. النميمه بقا واللي المعظم بيعملها دلوقت ربنا يهدينا جميعاً.. وهي انكوا تنقلوا الكلام من طرف للتاني فتحصل فتنه بينهم ويقوموا يولعوا في بعض.. كل ده بسبب لسانك اللي انت مش عارف تحكموا وتصونوا
أجاب سيد بندم

— استغفر الله.. ادعي ربنا يسامحني يسطا بدر
أجابه بدر بعفويه
— هو ربنا محتاج واسطه! ربنا سبحانه وتعالى بيحب يسمع دعوات عباده لنفسهم، ربنا مش محتاج واسطه ياسيد.. استغفر ربك كتير ومتعملش الذنب ده تاني وربنا هيسامحك.. ربك اسمه الغفور الرحيم
تدخل فينحاس ليردف بتساؤل
— بس معنى إن ربنا يشبه اللي بيجيب في سيرة الناس بأكل اللحوم ده يعتبر ذنب كبير منستهونش بيه
بدر بإيماء
— طبعاً ذنب كبير… لو كل واحد حفظ وصان لسانه وخلاه في حاله.. الدنيا هتبقى تمام
أجاب صابر بأسف وندم
— ربنا يسامحنا.. احنا محتاجين نهتم بدينا ونقرب من ربنا شويه.. لو كنا عارفين إن ده ذنب كبير كده مكناش عملناه
قال بدر بأسف وهو يستعد للذهاب لصلاة العصر
— والله ياصابر فيه كتير عارفين إن ده حرام ومع ذلك بيعملوه… ربنا يهديهم ويهدينا… يلا بينا نروح المسجد إحنا عشان صلاة العصر
أومأ الرجلين ليقوموا بتبديل ملابسههم لملابس نظيفه إستعداداً لمقابلة حبيبهم، بينما فينحاس استعد لإستكمال عمله بالسياره قائلاً
— أنا هكمل أنا يسطا بدر الشغل على ماتيجوا
أومأ بدر مبتسماً، ثم اتجه ليخطو خطواته للمسجد ومع كل خطوه يخطيها يكاد ذكر الله لايتوقف عن الترديد.
—————————-

ولنثق دائماً بأنّ الله كله خير وبأنّ مشيئته كلها رحمة
💛
……….

مرّ يوماً على روان لم تنعم به بدفء النوم لكثرة إنشغال ذهنها وحيرتها الشديده فيما حدث في بيت روميساء، وراودتها التساؤلات العديده منها
— بما أن روميساء تمتلك جمالاً يفوقني بمراحل، لِماذا إذاً تخفي هذا الجمال وراء العباءات والملابسه الفضفاضه!؟
لماذا ترتدي هذا الذي يسمى النقاب بالأساس!؟
لماذا لا تنعم بحريتها في إرتداء ماتريد وهي تمتلك جسد أنوثي سيجعل جميع الرجال يلهثون ورائها!؟
وماهذا الذي أراه مراراً في المرآه؟ أيمكن أن يكون له علاقه بإندماجي في اللهو والمعازف !؟
هل بعدي عن طاعة الله هو السبب في مشاعر الحيره والتيه تلك!؟ هل البعد عن الله يسبب الكئابه والحزن !؟
تنهّدت روان بحزن ،لتقرر أخيراً أن تذهب ثانيةً لروميساء،لعلّ وعسىٰ تستنفع منها بشيء.
إرتدت روان بلوزه طويله قليلاً عن ذي قبل وبنطالاً من القماش الأسود الواسع ثم رفعت شعرها بشريطه شعر ولم تضع أياً من مساحيق التجميل.
مرّت على والدها في غرفته قبل أن تخرج،فاانتبه لها واقفه تنظر له بحزن
هتف والدها بإمتعاض
— في حاجه ياروان !؟
ابتسمت روان بحزن قائله
— هو انت وماما هتفضلوا مطلقين لإمتى ؟
عبثت ملامح حافظ من السؤال،فقال ببرود
— أنا وامك عيشنا انقطع خلاص ياروان…انا وهي مينفعش نعيش مع بعض تاني..هي خلاص هتجوز أهي وأنا مجوز ومبسوط مع مراتي…متحاوليش تصلحي مابينا عشان مزاجي بيتعكر لما بسمع سيرة الوليه دي..كانت جوازه شوم عليا
أدمعت عين روان ثم أطرقت رأسها بحزن لتذهب دون حتى أن تستأذنه في الخروج،فهو كالعاده لا يبالي بها.
استقلت الحافله قاصده بيت روميساء،ثم مالت برأسها على النافذه لتفكر في كيفية تحسين علاقتها بربها.
—————————–

الشيطان لايزين المعصيه فحسب،بل ويُنفرّ عن الحلال.
…………….

بعد أن ترك سيف البيت وخرج غاضباً،اتجه ليمكث مع أصدقاء السؤ في شقتهم الخاصه لفعل وارتكاب المعاصي.
صاح سيف بمرح وهو يشير للفتاه التي ترقص شبه عاريه أمامهم
— قولي ياض ياعصام،مين اللي جاب حتة اللحمه دي..وقعتوا عليها من أنهي كباريه
عصام بثماله وهو يرتشف الخمر
— كباريه إيه يازميلي…عيب عليك يادكتره..دي حته لسه نضيفه..لوز اللوووز..ملهاش في الشمال
مال عليه سيف ليهمس غامزاّ بوقاحه
— طب وتاخد كام ويبقا لها فيه
ضحك ثالثهم وهو شريف ليهتف وهو يصفق للراقصه بمرح
— ايوااا يالولووو هزززي وابسطينااا يااماانجااا
ثم التفت لسيف وعصام قائلاً بصَفاقة
— ادفع كتير تنبسط أكتر..مين فيكم اللي هيحي الليله انهارده
نظر الجميع لسيف بخبث وتشجيع،فهتف سيف بدهشه
— ايه بتبصولي كده لييه…أنا معملتش حسابي على فلوس
وكزه عصام قائلاً بمرح
— عيب عليك يادكتره…خدهم سلف مني..وبعدين انت الوحيد اللي خام فينا هنا..قوم جيب أجل البت ياض ولاخايف على عذريتك

ضحك الجميع بصخب وكذلك الراقصه،بينما سيف شعر بالخجل قليلاً..فأردف بحزم
— اناا ااه مجربتش قبل كده بس متقلقوش..هشرفكم
أخرج شريف أقراص *** من جيبه ليعطيها لسيف مردفاً بغمزه وقحه
— عايزك تعمل معاها الصح…ورينا الوحش اللي جواك يابطل
ربت سيف على كتفه قائلاً بسخريه
— الحبايه دي خليها للي معندوش مناعه زيك
كتم عصام الضحك وكذلك الراقصه لوهله،ثم انفجروا ضحكاً على وجه شريف الذي تلون بالحُمره من إحراج سيف له
تابع سيف بفخر
— إحنا نعمل حفله واتفرجوا عليا وأنا برمي واتفرجوا على أخوكم وهو بيدخل الجول
صااح الشباب بمرح مصفقين بهتاف
— وووووه يااسيف يااجااامد
ضحكت الراقصه بصخب،ثم كشفت عن جسدها بعدم حياء قائله بغناجٍ
— أنا جاهزه ياسوفي،بس كله بحسابه…حسابي هيبقى غالي المرادي..كفايا إن المشاريب أنا اللي دفعت حقها
أجاب سيف وهو يفترس جسدها بنظرات راغبه
— المهم أتكيف

كاد أن يشرع في نزع ملابسه ولكن دوى صوت هاتفه بنشيد خاص للمتصل يقول
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب عن خلقي وبالعصيان تأتيني
فكيف أجيب يا ويحي ومن ذا سوف يحميني
أسلي النفس بالآمال من حين إلى حيني
وأنسى ما وراء الموت ماذا بعد تكفيني
كأني قد ضمنت العيش ليس الموت يأتيني
وجائت سكرة الموت الشديدة من سيحميني
نظرت إلى الوجوه أليس منهم من سيفديني

صدحت هذه الكلمات في أذانهم فكانت كالغيث يهطل على أرض قاحله لتجعل الحياه تتفرع بها ثانيةً
تسمر الجميع مكانهم وأخذوا يحولون بصرهم للهاتف تارةً ولسيف تاره.
شعر سيف للحظات بأن دلو ماءٍ بارد سُكب عليه،فأفاقه من بعد ثماله،هتف قائلاً بتلعثم
— دي..دي هاجر أختي..دي النغمه الخاصه بيها هي اللي كانت عملاها على تليفوني…معرفش عاوزه ايه الزفته دي
أردف عصام بثماله وسخريه
— الواحد كان نفسه يتوب..بس أنا راضع ذنوب
حك سيف جبهته بتوتر عندما صدى الرنين ثانيةّ بإسم هاجر شقيقته
فصاح شريف بضيق
— يااعم ياترد ياتقفل أم البتاع ده
خرج سيف من الشقه وهو يتأفف بغضب من إفساد شقيقته لمتعته..أجاب عليها بغضب
— بترني لييه..عااوزين مني إيييه
…….

على الجانب الأخر،تحديداً أمام جامعة الفنون الجميله بالمنصوره
تنهّدت هاجر بإرتياح عندما أجاب سيف أخيراً،أردفت بتوتر
–سيف…الحمدلله إنك رديت…سيف تعالالي الكليه بسرعه
سيف بفتور
— أجي اهبب ايه
أجابت وهي تنظر يميناً ويساراً بخوف
–فيه..فيه واحد معايا في الكليه حاول يتحرش بيا وأنا كبيت إزازة الميه في وشه ودخلت المحاضره وبعد ماطلعت لقيته جايب صحابه الشباب ومستنيني لما اخرج من الكليه..أنا واقفه جوا خايفه أتحرك
أجاب بسخريه
— ومتصلتيش بسي بدر ليه
تعجبت هاجر من رده الغير متوقع ثم قالت بدموع
— سيف الإسلام..بالله عليك مش وقته الكلام ده..انا اتصلت على بدر لقيت تليفونه مقفول.. والواد مش راضي يشيل عينه من عليا ومستحلفلي وأنا هموت من الخوف
تنهّد بإستهتار قائلاً
— اممم تليفونه مقفول ! ولا ضربلك الطناش!
نهرته قائله
— ايه اللي إنت بتقوله ده!! بدر ميعملش كده
سيف بغيره
— طب سلام ياحلوه..خلي سوبر مان بتاع العيله ينقذك
أغلق الهاتف في وجهها ليتفاجأ بهجوم الشرطه على الشقه،كاد أن يفرّ هارباً منهم ولكن القدر وضعه في قبضة رجال الشرطه


رفعت هاجر رأسها للسماء لتهمس بدموع وخوف
— يارب ساعدني…اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيراً منها
أعادت الإتصال ببدر فوجدته مازال غير متاح..لحظات مرت عليها كأنها أعوام من شدة الخوف مما ستتلقاه على يد هولاء الطائشين إذا خرجت من باب الجامعه.
تنفست بهدوء ثم قررت أخيراً الخروج وهي تضع كل امالها في الله بأنه سيحميها من فخ شرورهم.
بالفعل خرجت هاجر تمشي على إستحياء وتذكر الله سراً وتفرك يدها بتوتر،ماإن خرجت لمحها الشُبان فهرولوا سريعاً إليها،وقفت هاجر مكانها وقد شعرت بأن قدماها كُبلت فلم تستطيع المضي قدماً،وقبل أن يصل الشباب إليها وقفت أمامها سياره سوداء ثم فُتح الباب الأمامي ليترجل زياد منها وهو يبتسم بلطف مردفاً
— احممم ازيك ياهاجر
انتبهت هاجر له فهتفت بدهشه
— زيااد !..انت ايه اللي جابك كليتي!؟
أجاب زياد بصدق

— انتي ناسيه إن المحكمه قريبه من كليتك ولاإيه..أنا عالعموم كان عندي جلسه خلصتها وطلعت عشان اروح من الشارع الرئيسي لقيته زحمه،فقلت اعدي من هنا وبالصدفه لقيتك واقفه فكرت انك مش لاقيه مواصلات
نظرت هاجر للشباب بتوتر،فوجدتهم قد تراجعوا حينما رأو زياد،فكأنهم كانوا على علمٍ بخطبتها منه من بعض أصدقائها الفتيات بالجامعه
ابتسمت هاجر لتحمد الله في نفسها ثم قالت
–خلاص انا هروح معاك
أومأ زياد مبتسماً ليفتح لها باب السياره الخلفي،ركبت هاجر ثم أخرجت المصحف خاصتها لتتلو فيه وردها اليومي لحين الوصول.
تأملها زياد من المرآه أمامه ليردف بحزن
–وحشتيني..وحشتيني اوي ياهاجر
توردت وجنتي هاجر فهتفت بغضب
–زياد..لو سمحت الزم حدودك يإما تنزلني اروح لوحدي
أجاب معتذراً على الفور

— أنا أسف…بس أنا عاوز اشرحلك سبب انفصالي عنك..هاجر أنا والله بحبك ومستحيل افكر احب غيرك بس عاوزك تفهميني
تذكرت هاجر ماقاله لـ عائشه،فأدمعت عيناها لتجيب بهمس
— مش عاوزه اسمع حاجه..الله يسهلك يازياد..انا مسمحاك ومش زعلانه منك ومهما حصل هتفضل ابن عمي ومقامك من مقام بدر أخويا..أنا مش زعلانه..ده نصيبنا ولازم نرضى بيه..ربنا بيختارلنا الأحسن..الحمدلله على كل حال
تنهّد زياد بحزن مردفاً
— بس أنا مش كويس ياهاجر..انا تعبان اوي..تايهه..مخنوق..وقرفان من نفسي…هاجر أنا محتاج حد يساعدني…محتاج حد اثق فيه يساعدني ويقولي اطلع ازاي من اللي أنا فيه.. أنا محتاجلك ياهاجر
توقفت السياره عن بيت هاجر،فنزلت بهدوء ثم قالت له وهي توليه ظهرها
— وقفتي معاك وكلامي معاك حرام يازياد..أنا اسفه بس مش هغضب ربنا عشانك…بدر أخويا هو الوحيد اللي يقدر يساعدك..انتوا صحاب وعارفين عن بعض كل حاجه

هتف زياد بيأس وبنبره منكسره
— مينفعش أحكي لبدر بالذات..هقل في نظره اووي واحنا رجاله زي بعض..مينفعش ياهاجر…انتي الوحيده اللي كنتي ملجأي من كل حاجه بتتعبني وبقلق منها…أنا محتاجلك…أرجوكي اسمعيني
هاجر بحزم
— ملجأك هو ربنا..ربنا يصلح حالك ويريح قلبك يازياد
دلفت هاجر لبيتها ونكس زياد رأسه بحزن مردفاً في نفسه بيأس
— ملجأي هو ربنا ازاي!! ده انا بقيت مكسوف أصلي عشان مقفش قدامه وأنا بعمل القرف ده…طب اعمل ايه..ايه الحل! محدش راضي يقف جنبي
صمت ليبتسم بسخرياً مكملاً
— انت أصلاً مش راضي تحكي لحد عشان يساعدوك..وهتقولهم ايه! ههه هتقولهم إيه يازياد! بمارس العاده السريه !!
———————

دلفت هاجر للبيت ثم القت على والدتها تحية الإسلام لتنحني تُقبل يدها قائله بمرح
— وحشتيني ياأجمل ست في الدنياا..شمه ريحة اكل يجنن…متهيألي كده عاملالنا فراخ مشويه
أجابت مفيده بضحك
— وفي الاخر الست هانم مابتاكلش غير الدبوسه وتقول شبعت
هاجر بدلع وضحك
— طبعاً ياست الكل..ولا عاوزاني ابوظ الدايت واطخن
مفيده بدهشه حقيقيه
— ياخبر أبيض..وانا اقول البت بتخس كده ليه لحد ماشويه وهتختفي..دايت ايه ياللي عامله زي زعزوعة القصب انتي..ده انتي يابت محصلتيش خمسين كيلو
هاجر بغضب مصطنع وهي تخلع خمارها لينكشف شعرها الأحمر الطويل
–هتروحوا من ربنا فيين..طب والله الدوله عامله غرامه للي بيتنمر على الناس…انا هبلغ عنك ياام بدر وادفعك عشرين الف باين واسافر بيهم جمصه
ضحكت مفيده بشده قائله
— طب والله أنا لو معايا عشرين ألف كنت بعت الحلقه والغويشه اللي ابوكي الله يرحمه كان جايبهملي وكنت عملت عمره
ابتسمت هاجر بحب لتقول
— إن شاء الله ياماما ربنا يكتبهالك ويكتبهالنا كلنا
أمنت مفيده على دعائها ثم ذهبت لتعد الطعام هاتفه
— روحي غيري هدومك على مااحضر الأكل
هتفت هاجر وهي تدلف للمرحاض
— هصلي العصر الأول ياماما
———————–

وصلت روان لبيت روميساء ثم طرقت الباب بخفه وهي في شرود تام،فتحت لها روميساء وهي ترتدي جلباباً للصلاه.
أردفت روميساء بحفاوه
— رووني..أهلاً ياقمر..ادخلي
ابتسمت روان بفتور ثم دلفت لتجلس على أحد المقاعد،جلست روميساء بجانبها لتردف بلطف
— مالك ياروان…ايه اللي مزعلك
تأملتها روان للحظات ثم قالت
— ممكن تكلميني عن رحمة ربنا شويه !
تراقص قلب روميساء فرحاً،فما ارادته وكم الدعوات التي دعتها بإسم روان،باتت مستجابه الآن
هتفت روميساء بسعاده وهي تعتدل في جلستها
— أكيد طبعاً…صلّ على النبي الأول
روان بهدوء وانصات
— عليه الصلاة والسلام
تنفست روميساء بعمق ثم أردفت مبتسمه
–إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة
رمقتها روان بعدم فهم،فاتسعت ابتسامة روميساء قائله
— هفهمك كل حرف متقلقيش…ووعد مني ياروان انك في خلال اسبوع بس هتكوني بتتسابقي معايا في طاعة ربنا
ابتسمت روان بدموع هامسه
— وأنا جاهزه
——————————

الحنون لا يقسو .. إلّا عندما يغــار ❤
……….
أدى بدر صلاة الفريضه بخشوع كعادته،ثم ظل قليلاً في المسجد يسبح ويذكر الله إلا أن شعر بالنعاس،فقرر الذهاب للبيت وعدم تكملة باقي اليوم في العمل نظراً لحاجة جسده الضخم للراحه فهو لم ينعم بالنوم الهادئ منذ يومين.
قبل أن تخطو قدماه لداخل بيته،التفت بدهشه لصياح عائشه من شرفة غرفتها وهي تقف بشعرها وتهتف بسعاده
— أبيــه بدررر…مفيش مبروووك
صاح بدر بغضب
— ادخلي جواا ياعائش وبطلي جنان
هزت عائشه أكتافها بدلع لترسل له قبله في الهواء قائله
— جوود بااي أونكل بدر…أمير جااي كمان نص ساعه عشان يطلبني من بابي..من هنا ورايح معتش هيبقى ليك حكم عليا…يلاا الحق نفسك انت كمان بدل ماقطر الجواز يفوتك
أغمض بدر عينيه بألم وأعلن قلبه عن رفع راية الإستسلام لأحزانه،لم يجيبها واكتفى باإبتسامه حزينه..كاد أن يذهب من أمامها ولكن لمحت عيانه سياره فخمه بعض الشيء تدخل للحي خاصتهم
صاحت عائشه بسعااده

— امييرري…هيييه..جاايه بدري قبل الميعاد..أكيد شوشو وحشتك
قالت جملتها الأخيره قاصده بها إشعال غضب بدر،ولكن تلك الحمقاء الصغيره لم تشعل غضبه فقط،بل أشعلت نيران الغيره وأطرقت بغناجها طبول الحرب بين العشق والإنتقام
ترجل أمير من سيارته ثم نزع نظارته الشمسيه ليتضح لون عينيه الزرقاوتين ثم رمق بدر بنظره ساخره فقابله بدر بنظرة أسدٍ غاضب مما ابتلع أمير ريقه بتوتر عندما تذكر ذاك اليوم الذي هجم بدر فيه عليهم.
اقترب بدر منه فتراجع أمير للوراء خوفاً من نظرات وهيئة بدر التي تشبه لاعبين الملاكمه.
همس بدر بغيره وغضب
— قسماً بعزة جلالة الله لو طلعت بتتسلى بعائش لأخليك تتمنى الموت في كل ثانيه
ابتلع أمير ريقه بخوف ثم استجمع شجاعته ليهتف
— وانت مالك اصلاً ومال عائشه..اطلع انت من حياتنا وملكش دعوه…ولو خيرتها بيني وبينك هتختارني أنا..بلاش تسبب إحراج لنفسك وانت أوسطا كبير ليك مكانتك برضو في تصليح العربيات
رمقه بدر بفتور،بينما عائشه كانت تشاهد الملحمه التي افتعلها بدر مع أمير،فنزلت للأسفل على الفور ثم وقفت على حافة الباب لتهتف بغضب وهي تنظر لبدر بغيظ

— تعالاا ياأميري..ايه اللي موقفك مع الكائن ده
نظر أمير لبدر بإنتصار بينما بدر صعق من إهانتها وارتسمت ملامح الحزن على وجهه.
أراد أمير إستفزازه أكثر فقال بسخريه
— العربيه بتاعتي وقفت مني كذا مره وأنا جاي في السكه…ابقى شوف مالها كده ياسطا بدر وأنا هديك الفلوس اللي عاوزها
ابتسم له بدر بثقه ثم أردف متسائلاً بذكاء
— هو في برضو واحد نيته خير وجاي يخطب واحده من المفترض انه بيحبها والواحد ده نغه، ابوه اللي بيصرف عليه يجي من غيره! فين أبوك يالااه !؟ مجااش معااك لييه !!؟
توتر أمير للحظات ثم قال مبرراً
— بابا عنده سفريه مهمه وعائشه عارفه..صح ياشوشو
عائشه بإستفزاز
— صح ياعيون شوشو
ضحك بدر بقوه من الحوار الطفولي الذي يحدث أمامه بينهم،ثم هزّ رأسه بقلة حيله وهو يضحك قائلاً
— طب يلاا قدامي ياحلو يابتاع بابا إما أحقق معاك الأول
أمير بدهشه
— تحقق معاياا !؟..تحقق معايا في إيه !؟
اقترب منه بدر أكثر بجسده الضخم ليردف بجديه وتهكم
— اومال إنت فاكرني هديك حته مني بالساهل كده !؟

يتبع …

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا 

لقراءة جميع فصول الرواية اضغط على ( رواية يناديها عائش )

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *