رواية يناديها عائش الفصل السادس 6 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش الفصل السادس 6 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش البارت السادس
رواية يناديها عائش الجزء السادس
رواية يناديها عائش الحلقة السادسة
حين توشك على السقوط تجد إشارة تدلك أنّه ما كان سقوطاً وإنّما كانت رحمة الله لتتعلم كيف تقف
..
لم تنم روان ولم يغمض لها جفن منذ ماحدث معها من كوابيس ليلة البارحه..
شردت بذهنها فيما قالته روميساء..صديقتها،تلك الفتاه المنتقبه والتي لاتعجب روان ولا صديقاتها بالمره،بل يطلقون عليها لقب “أم خيمه سوده” نظراً لملابسها الفضفاضه السوداء والتي لاتكشف عن إنش واحد من جسدها…حتى روان لاتعرف شكلها..وذلك لعدم اختلاطها بها من الأساس..
همست روان بخوف إنشب عليها ولم يتركها دقيقةً واحده منذ أمس
— يعني الأغاني السبب !!..يعني عشان بسمع أغاني ليل نهار بحلم بالكوابيس دي…ولا عشان بطنش الصلاه ومبركعهاش اصلاً!!…لاء لااا..مش ده السبب…اووف انا حاسه بحيره…لأول مره أحس إني تايهه كده…طيب..مش يمكن روميساء اصلاً عاوزه تخوفني عشان أنا احلى منها وبلبس اشيك منها وكل الشباب اللي في الدرس بتبصلي كتير وعاوزين يكلموني وهي محدش بيعبرها ولايبصلها اصلاً!!…ايووه لييه لاء!…هي فعلاً غيرانه مني..
تنهّدت روان بإرتياح ثم قامت لتقف أمام المرآه،وأخذت الملقاط لتقوم بنمص حاجبيها وهي تهتف بسخريه
— ههه أم خيمه سووده هتعمل نفسها شيخه عليا على آخر الزمن…هي فعلاً غيرانه مني وعاوزه تخوفني وخلاص…وأنا اللي افتكرتها عارفه حاجه في الدين هتفيدني بيها،تقوم تقولي تعالي نلعب لعبه!!…الشيخه روميساء بتعرف تلعب…لا والله عااش
إنتهت روان من نمص حاجبيها…فبدت رفيعه جداً…أعزائي القُراء اعذروني في اللفظ ولكن روان هُنا بدت مثل راقصات الملهى الليلي تماماً،فقد قامت بتخطيط حاجبيها ورسمهما بقلم خشبي أسود…وكأنها ذاهبه لإحياء حفلة تعري..
ارتدت بنطالاً من القماش الزيتي،المقطوع من عند الركبه وفوقه بلوزه باللون الأسود،مفتوحه من عند الصدر قليلاً…ثم لملمت شعرها القصير كذيل الحصان…لتستعد للخروج قائله بتهكم
— وروان قد اللعب…إما ارووح اشوف لعبة ايه دي..اهو الواحد يسلي نفسه بدل الملل ده
…
خرجت روان من بيتها قاصده بيت روميساء وهي تضع سماعات الرأس،تستمع لـ أغاني عمرو دياب وتدندن بمرح
— شكلها مؤامره…أعشق السمراا،ولا أعشق البيضه،أم الخدود حمراا….الحيااااه حلووواا ويااا أم روووح حلوووه…كلهم حلووين جننوووني
أشارت لإحدى السيارات بأن تقف…ركبت روان وهي مازالت تدندن بمرح…مسروره بنظرات الشباب لها بوجهها الملئ بالألوان والذي يُشبه تشطيبات شقتي.
ولاتعلم تلك المراهقه أن نظرات الشباب تلك،ماهي إلا نظرات شهوانيه ورغبه…وآسفاااه عليكم فتيات اليوم..
أضائت شاشة الهاتف،معلنه نفاذ البطاريه…
تأففت روان بضجر،فقد نسيت أن تقوم بشحن الهاتف..فما كان منها إلا أن تُضطر لغلق الأغاني للحفاظ على المتبقي من البطاريه..
مدت بصرها لخارج النافذه تشاهد الماره والطرقات أثناء سير السياره…حتى انتبهت لصوت التسجيل بالسياره وشخص يتحدث عن الأغاني..
“لم تكن صدفه،تلك إشاره من الله، هذه هي رحمة الله بعباده عزيزي القارئ…أن يرسل إليك إشارات كي تنتبه على أخطائك،قبل أن ينغلق باب التوبه وتصبح على مافعلت من النادمين..الله رحيم،بل وسعت رحمته كل شيء..ولكن…إلا متى ستظل في غفله !!؟”
اعتدلت روان في جلستها،لتلقي بأذانها لصوت المتحدث..تستمع بإنتباه وتفكر في كل كلمه يقولها..
وكان المتحدث في التسجيل،يُدعى “ياسر ممدوح”
البعض منكم يعرفونه جيداً..
كان يتحدث حول شباب اليوم وعلاقتهم بالأغاني التي توحي بإثارة الفتن والشهوات..
فـ قـال بنبره تهكميه
— هما اللي بيقولو..اللي بيسمع أغاني مبيسمعش قرآن لييه !!
عاوزين يحرمونا من الفن والجمال؟
معندهمش سينس فني خالص؟
مسمعوش الشاعر وهو بيقول..على صوتي بتهزي وسطك!!…تؤتؤ لالالا مش الحته دي…دي تذوق حاجه تانيه…..!
أقصد الشاعر لما كان بيقول أكتر حاجه بحبها فيكي طيييييببه قلبــك !!
قال يعني محدش فاهم حاجه..
مش عارف ليه الاسئله اللي جايه في دماغي دلوقت غزل عفيف..
هو مش عفيف اووي يعني…ياسيدي غزل قبيح..ارتحت؟
بس في اغااني كتيير محترمه..فإيه المشكله يعني!؟
وبعدين أنا مش عاوز حد يقولي..حلال ولاحرام لأن الموضوع فيه خلاف..
هُنّا ابتسمت روان بإنتصار ثم أردفت في نفسها بسخريه
— حصل..وفيه شيوخ كتيير جدداً..حللوا الاغاني،فإيه مشكلتكم معاهاا بقاا !!
انتبهت ثانيةً له وهو يقول بنفس النبره الساخره وكأنه يسمع روان ويعرف مايدور في رأسها..أو رأس معظم الناس عامةً
— هتكون إيه مشكلتنا فعلاً..مع واحد حفلاته بتحصل فيها كل حاجه غلط قدام عنيه..من مخدرات لخمور…لشباب وبنات بيفرموا بعض في الحفله!
وهو وظيفته اللي بياكل منها عيش،إنه يوفرلهم.الجو والمكان المناسب للعك ده !
إيه المشكله يعني مع مغني كل وظيفته في الحياه..إنه يحرك مشاعر البنات والولاد ناحية بعض في الحرام وهو عارف ده كويس!
لما يغني هعشق البيضه ولا السمرا ولا الخضره..ده واحد فلى كل انواع الستات ومحتار يرمي الهلب هنا ولا هنا..!
اللي تلت بنات شطوحوه ومطوحوه..بقى فنان متحضر ونرقص ونهز على كلامه ونكتبله حكم بتدرس للأجيال!!
بس لووحد جه قالنا..أنا عايز اتجوز اتنين على سنة الله ورسوله واشيل مسؤليتهم، بنتف عليه..زير النساء الخسيس ده !!
اه الفنان قال كل حاجه حراام نفسه فيها وبيعملها،بس الحمدلله الحمدلله مقالش انه هيتجوز…بيعط مع تلاته بس !!
إيه المشكله مع اللي علمهم إن بنت الجيران للشقط وهز الوسط،بدل مايعلمهم غض البصر عن عورات البيوت !!
ازاي معندكش مشكله مع واحد بيوصف جسم أمي وأمك وأختي وأختك في الأماكن العامه ؟
يعني لما واحد يقول عود البطل ملفوف..هو احنا خلاص ااهالينا بقا بيتقال عليهم أبطال كده عادي!
هو اللي بيقولها هزي وسطك دي مش بنتي وبنتك!ولا إحنا مش هنا ولا إيه !
أنا مش مستوعب بجد الكلام ده بيشتغل وسط رجاله قاعدين بين زوجاتهم وبناتهم..
طب مانشغل فيلم إباحي بالمره بقا ونقعد كلنا كعيله كده نسمعه !؟
هاتي بووسه وهاتي حته واركب الحنطور وقمة الإنحطاط العلني ده محدش مستغربه !؟
لما تلاقي واحد بيقولك أنا بسمعهم بس لابروح حفلات ولابعمل حاجه من الكلام اللي انت بتقوله ده..
عامل زي اللي بيروح لبتاع الخمره كل يوم يشتري منه الأزايز الفاضيه عشان يلحس الشويه اللي باقين في الآخر !
صناعه نجسه بتدمرك انت واهلك وتقولي أنا مش بروحله حفلات..أنا بشيرله الاغاني الحلوه بس؟!
طب هو داخل النار بـ x6 تدخلها إنت بشير ماأخدتش عليه ٣ جنيه !!؟
ربنا يهدينا ويهديه طبعاً ونتوب كلنا ويعصمنا من النار،إحنا وأبو العريف اللي يجي يقولك..هو ليه الاغاني حرام !؟
هو اللي بيقولها إنتي خلبوصايه ملفوفه في العبايه..دي محتاجه سؤال حلال ولا لاء !؟
لا بجد والله يعني لو مفيش شيخ قال الكلام ده حرام،فاإنت عادي مش شايف في أي مشكله !؟
وعند هذه الجمله توقفت السياره..وقد كان كل الركاب قد نزلوا سابقاً ولم يتبقى إلا هي..
انتبهت على صوت السائق يهتف
— ياآنسسه…ياآنسسسه وصلنااا المووقف…انتي نمتي ولاإييه!!
خرجت روان من شرودها لتسأله بلهفه
— هو إسم اللي كان بيتكلم عن الاغاني ده اييه..عاوزه اعرف باقي الكلام عاوزه اعرف هيقول ايه بعد كده…اسمه ايه لو سمحت؟
السائق بتعجب
— مش عارف والله ياآنسه
أومأت روان بحزن ثم ترجلت من السياره وهي شارده تماماً في كل كلمه سمعتها حول الأغاني..
أردفت في نفسها بآسى
— الراجل اللي كان بيتكلم عن الأغاني ده معاه حق في كل كلمه قالها…إحنا إزااي فعلاً كنا بنسمع الكلام المقرف ده !؟ ازااي فرحانين واحنا بنغنيه تحت مسمى الروشنه وعشان متبقاش نرم والمصطلحات الهباب اللي ضيعت جيل بالكامل دي!! أنا ازااي كل ده كنت في غفله !
طيب لو مُت وأنا بسمع أغاني..هيحصلي ايه لما أبقى في قبري لوحدي !!
تنهّدت روان بحيره وحزن شديد ثم قالت بتصميم
— أنا لازم أخلي حد يساعدني قبل مااموت وارجع أقول يارتني..
——————————
اصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمرٍ له وقت وتدبير ❤
…….
وقفت هاجر تمشط شعرها أمام المرآه وهي تتأمل وجهها الذي بدا شاحباً جداً بعد كل جرعة كيماوي تنهش في جسدها..
تأملت بدموع وحزن خصلات الشعر التي تتساقط بغزاره منها..
مسحت دموعهها بوهن ثم انحنت لتلملم الخصلات المتناثره على الأرض..
جاءت بصندوق متوسط الحجم،تحتفظ فيه بخصلات شعرها الحمراء الطويله..
جلست على الفراش ثم وضعت الصندوق أمامها وظلت تضع كل خُصلة شعر بداخل الصندوق وهي تبكي بشهقات كالأطفال قائله
— سبحان الله…الحمدلله…الله أكبر..استغفر الله…لا إله إلا الله
مع كل خصلة شعر وضعتها هاجر..كانت تذكر الله أمامها…فتشعر بأن الله بجلالته يلقي على قلبها السكينه والرحمه..فتهدأ قليلاً ثم تبتسم بقلة حيله هاتفه
— فعلاً…الوحيد اللي يقدر يطيب خاطرك في كل ظروفك الوحشه وتعبك هو ربنا…ربنا جميل…رحيم..ميستحقش نزعله
أنهت من وضع خصلاتها بداخل الصندوق ثم أغلقته لتمسد عليه وهي تردف بإبتسامه جميله
— أنا ظنِ بربنا خير…ومتفائله إن ربنا هيعوضني على الصبر ده…وإن شاء الله هخف وهبقى أحسن من الأول بكتير…ولو مُت..يكفيني إن مت وأنا صبوره شاكره لربنا على إبتلاءه ليا…ياارب اجعل الإبتلاء ده..هو محبه منك..يارب أنا بحبك اووي خليك جنبي مهما عملت ومهما حصل..متزعلش مني…أنا عبدك الضعيف بترجاك يارب متسبنيش
وضعت هاجر الصندوق في المكان المخصص له…ثم تنهدت بإرتياح..لتخرج من غرفتها تجاه المطبخ تساعد والدتها في طهي طعام الغداء
قبْلت جبين والدتها بحنان لتردف بمرح
— ممكن ست الكل تطلع برا أو تجيب كرسي وتقعد تتفرج عليا وأنا بخترع في الأكل!
ضحكت مفيده ثم ربتت على ظهر هاجر وهي تقول
— ربنا يرضى عنك يابنتي زي ماانتي بترضيني وبتسمعي كلامي دايماً…إلهي يارب مااشوف فيكي يوم وحش أبداً ياهااجر ياابنت بطني
صفقت هاجر بمرح وهي تبحث بعينيها عن إناء لطهو الطعام قائله
— فين بقاا الحله التيفاال الزرقه بتاعتي..مبعرفش اطبخ غير فيهاا
ضحكت مفيده وهي تنحني لتحضر الإناء من أسفل المنتضده
هرولت هاجر سريعاً لتجعل والدتها تجلس كما كانت على المقعد..ثم انحنت هي لتحضره قائله بغضب مصطنع
— اوعي ياماما توطي تاني أبداً…اومال انا روحت فين..قوليلي على مكانها وأنا اجبها..لكن متتعبيش نفسك ياست الكل..عشان ضهرك يخف بسرعه
تأملت مفيده ابنتها بإنبهار مردفه في نفسها
— سبحان الله ياهاجر…الوجع والتعب بينهشوا في جسمك زي السكاكين ومع ذلك صابره وبتضحكي وراميه حمولك على ربنا…ياارب متحرمها من جنتك ياارب..لو بنتي ملهاش نصيب تفرح في الدنيا..فرحها في الآخره..انت رحيم بعبادك يارب
بدأت هاجر في طهو الطعام بمهاره وهي تسبح الله وتستغفره مع كل تقليبه بالملعقه..أو عندما تفعل شيء تذكر الله في التو..وأيضاً تتلو بعض آيات القرآن الكريم بصوتها العذب الذي صدى ودوى في البيت بأكمله..فأغمضت والدتها عيناه تستمع بسكينه لصوت ابنتها الذي يضفى الهدوء والطمأنينه على القلب..
“كان في مقدور هاجر أن تطهو الطعام وتغسل الأواني على بعض الأنغام كما يفعل الكثير من الفتيات…ولكنها اشترت الجنه وفضلت الدار الآخره”
إنتهت من طهو الطعام…ثم خرجت تعد منتضده الغداء..فوقفت بدهشه للحظات تتأمل سيف وهو يفترش سجادة الصلاه..
قبل أن يرفع يده لُيكبر…استوقفته هاجر متسائله بدهشه
— بتعمل ايه ياسيف…الضهر لسه هيأذن دلوقت !
سيف ببرود دون أن يلتفت لها
— ايواا..منا هصلي الصبح..وبعدين اصلي الضهر معاه بالمره..انتي مالك اصلاً !!؟
تنهّدت هاجر بحزن ثم اتجهت لتجلس أمامه قائله
— مش بدر فهمك قبل كده إنه حرام تأخر الصلاه للي بعدها وتجمع بين الصلوات بدون عذر !
هتف سيف بغيظ
— هو كل حاااجه بددر..بددر..هو بدر ده كاان نبي!!..وبعدين انااا حررر واجمع الصلواات واخرها برااحتي انتي مش ربناا…محدش هيحاسبني
ابتسمت هاجر لتردف بهدوء
— عندك حق…بس إنت تعرف إن اللي بيجمع ويأخر الصلوات بدون عذر ده..عقابه اييه !
زفر سيف بضيق هاتفاً
— ارغي ياست الشيخه..عقاابه اييه.!!
أردفت هاجر بتوضيح وهدوء
–عقوبة اللي بيجمع الصلوات أو يأخرها بدون عذر..بيبقا ربنا بريء منه…انت متخيل ربنا اللي اكبر من كل شيء يتبرى منك…يعني تنسى إنك داخل الجنه او تشم ريحتها اساساً…يعني مكانك للأسف محجوز في نار جهنم ياسيف…إحنا لما بنتلسع لسعه صغيره بنتوجع ونغيب نعيط ونحط في مراهم وبتاع…عشان مجرد لسعه..مابالك بنار جهنم ياسيف..
سيف بفتور وسخريه
— وإنتي ايه اللي عرفك..أنا اعرف منين إذا كنتي بتقولي صح ولا بتهبلي وخلاص عشان تعملي نفسك شيخه!
هزّت هاجر رأسها بقلة حيله ثم ابتسمت لتجيب
—
في حديث عن النبي – صلى اللة علية وسلم – يثبت إن اللي بقولهولك صح…النبي قال: ” لا تتركن صلاة متعمداً. فإنه من ترك صلاة متعمداً برئت منه ذمة الله”
تخيل.. ذمة الله بريئة منك ياسيف!! يعني لا رعاية ولا حماية ولا حراسة من الله عز وجل…
تأفف سيف بملل ولكنه بدا على وجهه علامات الرعب مما سيتلقاه من الله عزل وجل إذا مات هكذا ولم يتُب
تابعت هاجر بتأني
–ويقول الرسول – صلى اللة علية وسلم – في حديث الإسراء والمعراج: ” ورأيت ليلة أسري بي أناساً من أُمتي ترضخ رؤوسهم بالحجارة (يعني راسهم بتترجم وتنكسر بالحجاره ) كلما رضخت عادت..
يعني كل ما راسهم تتدمر وتبقا عباره عن دم وفتافيت..ربنا يرجعها تاني سليمه..وملايكة العذاب تعيد الكرّه من أول وجديد وتكسرله دماغه بالحجاره تاني
الرسول عليه الصلاة والسلام سأل جبريل..بيقوله : من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين كانت رؤوسهم تتكاسل عن الصلاة”!!
ولو مش مصدق لسه ياسيف..افتح المصحف على سورة مريم الآيه ٥٩
يقول الله تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) مريم: 59.
يقول ابن عباس رضي الله عنه: ليس معنى أضاعوا الصلاة تركوها بالكلية.. ولكن كانوا يجمعونها فيؤخرون صلاة الظهر إلى صلاة العصر ويؤخرون صلاة المغرب إلى صلاة العشاء.. والغي: واد في جهنم تستعيذ منه النار لشدة حره!
عزيزي القارئ… هل مازلت تصر على جمع الصلوات بدون عذر شرعي أو التكاسل عنها !!
….
حافظوا على صلواتكم ولاتتكاسلوا بامور دينكم فانها رصيد لكم في الاخرة
——————————–
قال سأتوب غداً..نام ولم يستيقظ 💔!
……
كاد بدر أن يدفع بجسده تجاه الباب كي يفتحه بالقوه.. ولكنه فوجئ به، يُفتح ببطىء.. فااتسعت عينيه وشهق بدهشه شديده من هول ما رأى..
وقفت عائشه تتأمله بسخريه وهي ترتدي قميصاً أبيض شفاف،بالكاد يصل لخصرها..أبرز القميص تفاصيل جسدها الأبيض بالكامل..بالإضافه لـ أحمر الشفاه القاتم الذي وضعته…فـ أضفى عليها أنوثه طاغيه…تجعل أعته الرجال يخرّ أمامها بإنبهار
علت دقات قلب بدر،كأنها طبولٍ تُقرع بقوه..واشتعلت وجنتيه خجلاً..ففي حياته لم يرا جسد إمرأه..
ابتلع ريقه بصعوبه..ثم أغمض عينيه بغضب ليصرخ وهو يرفع كفه عالياً
— ادخللللللييي جوااااااا
نزل بدر بكفه على الحائط ولسوء حظه،كان يوجد مسمار بجانب خشب الباب..فااخترق المسمار كفه وسال الدم منه بغزاره..
شهقت عائشه بخوف لتهرول عليه هاتفه
— أبـيه بدددر !!
وقبل أن تمسس عائشه يده..قبض بدر كفه ليهرول راكضاً للخارج وهو يكاد يبكي من هول ماحدث..
سار بدر بخطوات سريعه لمكان واحد فقط..دائماً مايذهب إليه..عندما يشعر بمصاعب الحياه تحيط به..
سار بدر للمسجد والدموع تتكاثف في عينيه..تعلن عن نذير سقوطها في أي وقت…لا يعلم لما يريد البكاء والصراخ كالطفل..
هل السبب مافعلته عائشه من جُرأه أشعلت نيران قلبه؟..أم لشعوره بأنه للحظةٍ كاد سيفقد إيمانه ويستجيب لها كما يلهث الأسد عند موسم التزاوج!؟
لم يشعر بدر ولم ينتبه للدم المنساب من كفه بغزاره..كل ما يؤلمه ويدور بعقله الآن…لما فعلت هذا!؟
تباً عائش..هل تريدني أن أتخلى عن أخلاقي وإيماني لآجلك.!؟…هل ستجعليني ألقى بنفسي للتهلكه من أجل جسدك اللعين هذا عائش !
رباااه…الرحمه والمغفره…الرحمه ياالله
دلف بدر للمسجد..ثم هرول أمام القِبله ليخرّ ساجداً أمام الله،ولم يستطيع بدر أن يتمالك نفسه..فاانتحب بقوه وأجهش بالبكاء المؤلم وهو يهتف بتوسل
— ياااارب…ياااارب…سااامحني…سااامحني على النظره اللي بصتهالها يااارب…إطفئ نار شهوتي بتثبيتي على دينك يااارب…اللهم يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك…اااه يااارب اااه…ساامح عاائشه يااارب..هي طاايشه ومش عارفه إنك شديد العذااب…بس برضو إنت رؤوف رحيم..تواب غفوور ياارب…اغفرلها واغفرلى ياارحمن..ساامحنى يااارب
مسح بدر دموعهه بقوه..ثم بكى ثانيةً ليتجه للصنبور…فتحه ثم وضع كفه تحته ليشاهد آثار الدماء وهي تملئ الحوض بالكامل..
ظل ينفض رأسه ويهزها بعنف وهو يهتف
— يااارب امسح صورتهاا من رااسي…مش قاادر انساها وهي بالشكل ده…سااعدني ياارب..اهدي قلبي وردني إليك
شرع بدر في الوضوء..فتوضأ مراراً وتكراراً…حتى أن الساعات مرّت عليه وهو يتوضئ كثيراً دون وعي…فوصلت مرات وضوءه لعشرون مره..وكأنه إتخذ الوضوء كوسيله لمحو صورتها من عقله..
إنتهى من الوضوء…ثم ذهب ليقف أمام الله ثانيةً..ليرفع يده ويُكبر بصوت عالي مهزوز من البكاء..كأنه يناجي الله أن يساعده قبل أن يقع في الخطأ..
صلى بدر وسجد للمولى سجده طويله..ظل يبكي فيها بقوه وهو يردد
— سامحني يارب..سامحني ياغفور…ارحم ضعفي وقلة حيلتي يارحيم…ارحمني يارب
إنتهى بدر من الصلاه وما أن سلم عن يمينه وشماله..حتى سمع اصوات كثيره من حوله…فالتفت ليجد…أُناسًُ كثيرون يحملون تابوت المتوفي “نعش” ليضعوه أمام القبله…ثم آتى شخصاً يبدو عليه أثر البكاء…ليربت على كتف بدر قائلاً
— كويس إنك هنا ياشيخ بدر… الميت ده
عبد الله أخويا…عاوزينك تصلي بينا الجنازه
أومأ بدر قائلاً
— البقاء لله
لمح بدر زياد ابن عمه وهو واقف بجانب التابوت يبكي…اتجه اليه بدر ليردف بتساؤل
— انت تعرفه يازياد !
أومأ زياد بحزن
— الله يرحمه كان صاحبي
ربت بدر على كتف زياد قائلاً
— الله يرحمه ويغفرله..ادعيله ربنا يثبته عند السؤال
صلى بدر بجميع من في المسجد صلاة الجنازه..ثم مكثوا لدقائق يدعون له بالرحمه والمغفره..
ليقوم أهل المتوفي بعد ذلك..بحمل التابوت للمقابر..حمل بدر وزياد التابوت مع ثلاثه من أشقاء المتوفي..
شعر بدر بثقل التابوت وكأنه لايريد أن يدخل للقبر!
ابتلع بدر ريقه ونظر لـ زياد فوجد وجهه شاحب من الخوف…فكلاهما يعلمان جيداً أن ثُقل التابوت أكثر من المتوقع ماهو إلا سؤ خاتمه !
وضعوا التابوت أمام باب القبر…ثم كُشف عن وجهه؛ فبدا وكأن عليه آثار تعذيب..ولكن تغاضى الجميع عن ذلك..ظناً بأنه من آثار التفاف الكفن والقماش الأبيض حوله..
دلف بدر لداخل القبر مع الشخص المسؤل عن الدفن “التُربي” ليعدلوا من موضعه..وعندما حرر بدر الكفن ليظهر وجهه أكثر..فاحت منه رائحه بشعه وكريهه للغايه..
وضع بدر يده على أنفه يتحاشى تلك الرائحه وكذلك التُربي وشقيق المتوفي…دفنوه بصعوبه وفرشوا عليه التُراب..
فكان في الدنيا يتوارى تحت الغطاء لينام..أما الآن مفرشه وغطائه هو التراب وفراشه هو قبره..إما أن يكون قبره حفره من حفر النار وإما أن يكون روضه من رياض الجنه !
عملك سيحدد ذلك..
أُغلق باب القبر عليه…ووقف بدر ليدعوا والناس من ورائه تُؤمن على الدعاء
رفع بدر كفيه بخشوع قائلاً بصوت عالٍ
— اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلان في ذِمَّتِكَ وحَلَّ بجوارك، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْر ، وَعَذَابَ النَّارِ ، وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفاءِ والحَمْدِ ، اللَّهُمَّ فاغفِرْ لهُ وَارْحَمْهُ ، إنكَ أَنْتَ الغَفُور الرَّحيمُ..
أجاب الجميع..
— آميييين
وصل لآذان بدر صوت بكاء عالي..كصوت النساء أو الأطفال..
التفت ليجد زياد قد ارتكز على الارض بركبتيه وهو يصرخ ويبكي ويضرب بيده على شعره
— ااااه…هقووولهم اييييه…لماا ابقى مكااانه كده ويتقفل عليااا باااب تربتي وكلكم تسيبووني وتمشوااا مين هينفعننني…هقووول للملكين اييه لما يسالوووني…هقووول لربنااا ايييه!!
معلش يااارب..انا اسسسف!! معرفتش استقوى على نفسي ولا شيطاني وفضلت ماشي في الوساخه اللي بعملهااا!! هقوولهم ايييه…لما ابقى في تربتي والقبر يضلم عليااا لوحدي…مين هيدافع عني..مفيش حد!!
تحول بكاء زياد للضحك كالمجنون ليهتف
— مفيش حد هيسااعدني…هههه…أمك…ابوووك..صحااابك
..اخواااتك..حبيبتك…كلهم مش هيقدروا يعملولي حاااجه…عملي بس اللي هيحدد مصيري…واناا هههه وانااا عملي يوديني جهنم حدف
تأمله الجميع بغرابه وتعجب شديد..فجميعهم يعرفون أخلاق زياد جيداً…إذاً عن أي عمل سيء يتحدث!؟ لما يبكي هكذا !؟
اسرع بدر بمساعدته في النهوض…ليسنده وهو يربت على ظهره يحاول أن يُهدئه قليلاً..كاد بدر أن يبكى هو الآخر..فهتف بتساؤل
— قولي يابن عمي عملت اييه وريحني…قولي خليني اسااعدك…ارحم نفسك من اللي انت فيه يازيااد وقوولي ماالك
هتف زياد بنحيب
— مش قااادر ياابدر…نفسي ابطل اللي بهببه مش عاارف…مش عارف ابطل اللي بعمله يابدر ولا عاارف حتى اقولك عليه…اناا بموت كل يوم بالبطئ يابدر…ابوس ايدك يابدر انت قريب من ربنا…خليه يسامحني…ابووس اييدك اعمل اي حاجه…بس الحق نفسي قبل مااموت
…
ترك الجميع عبدالله في قبره واتجه كل واحد لمشاغله وبيته..وكان الحزن لايتعدى الساعه فقط..
.
أما بداخل القبر بدأ السؤال..
ماربك؟
مادينك؟
من هو نبيك؟
يتبع ….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية اضغط على ( رواية يناديها عائش )
التكملة