روايات

رواية لن أحررك الفصل الأربعون 40 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك الفصل الأربعون 40 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك البارت الأربعون

رواية لن أحررك الجزء ءالأربعون

لن أحررك
لن أحررك

رواية لن أحررك الحلقة الأربعون

 

“الورقه دي لقتها في خزنة عزيز التهامي… واحنا بنفتش الفيلا

 

بتاعته…” قال اسر جملته بطريقة مبهمة وهو يمد يده بتلك الورقة لجواد…

 

اخذها منه جواد تحت انظار بسمة المراقبة للموقف بمنتهى الريبة…..

 

تطلع جواد على الورقة بهدوء لكن سريعاً تحولت ملامحه واصبحت أكثر قساوة……

“معقول…. طب إزاي وإيه مصلحة في كده …”

 

نظرت له بسمة وكادت ان تسأل عن محتوى تلك الورقة لكن سبقها (اسر) وتحدث بـ

“انا زيك مش مصدق ان تقرير المعمل الجنائي بيثبت ان الحريق اللي قام هنا من اكتر من عشرين سنة كان مُدبر مكنش ماس كهربائي زي ماكنا فكرين…. او زي ما المحضر كتب ساعتها….”

 

توسعت أعين بسمة بصدمة…

 

هل حقاً من راحلو ضحايا هذا الحريق كانت الحادثة عن عمدًا؟ هل هناك قاتل فعلها ويحيا على الأرض حتى الآن؟ هل عزيز التهامي ؟…

 

“انا حققت مع عزيز في المسألة دي بس مرديش يتكلم….واضح كده ان سكوت بيدل على كارثة ”

 

هتفت بسمة بعد ان عصفت بها الأفكار….

“مش معقول عزيز هو إللي عملها….”

 

نظر لها الإثنين بتسأل… إضافة هي بطريقة مهنية…

“أكيد لو هو اللي عملها مش هيحتفظ بورقه زي دي

يعني أكيد لو كان المحضر اتقفل على أنه ماس كهربائي يبقى أكيد تحليل المعمل الجنائي المزور كان ماس كهربائي برده …. لكن التحليل السليم هو اللي خرجه عزيز وحتفظ بيه يمكن عشان يبتز حد… او يمكن يكون غبيه لدرجة ان يحتفظ بورقه زي دي ممكن توصله لحبل المشنقه….”

 

نظر جواد للأمام وهو يقول بشك…

“كلامك صح يابسمة… مفيش حد عاقل هيعمل جريمة زي دي ويحتفظ بورقه بشكل ده ممكن توديه في ستين داهية ومش بس كده دا القصية اللي اتقفلت من عشرين سنة هترجع تتفتح من تاني….”

 

نظر نحو اسر بوجه صخري…

“اسر….. انا لازم أقابل عزيز….”

 

هتفت بسمة بخوف قبل ان يرد عليه اسر…

“تقبله؟… تقبله ليه انتَ ملكش دعوة بلموضوع ده سيب الحكومة هي اللي تصرف…..”

 

تشنجت قمسات وجهه وهو يعلو صوته بعصبية عليها…

“حكومة إيه إللي تصرف….. دول اهلي ومحدش هيجيب حقهم غيري…..”

 

“يعني إيه هترجع تمسك الزفت ده تاني….” توسعت عينيها بصدمة وهي تحدج به بعتاب….

 

“دا طاري ولازم اخده…. بس لم أعرف مين اللي عملها…” أشاح بوجهه بعيداً عنها فهو لا يطيق نظرات العتاب تلك….

 

نهضت وهي تبتعد عنه بحدة….

“عمرك ما هتتغير….”

 

خرجت حيثُ الحديقة لتذرف الدموع على تلك الحياة التي دوماً تسأم من كونها سعيدة لتعود بها

لبداية الأحزان !….

 

عاتبه اسر بهدوء…

“مكنش ينفع تكلمها بطريق دي ياجواد يعني هي خايفه عليك….”

 

زفر جواد بحنق فهو لم يخوض معه في الحديث عن ما تشعر به زوجته لأنه على يقين انها تخشى عليه لكن يجب ان تتفهم ان تلك المسألة بمثابة حياة او موت له ! يجب ان يعلم من هو قاتل عائلته وما هذا السبب القوي ليدفعه للانتقام منهم بكل تلك الضراوة ؟….

 

“خليك معايا دلوقتي يأسر انا عايز أقابل عزيز التهامي دلوقتي….”

 

“دلوقتي؟…صعب ياجواد….”

 

“اي اللي صعبه….”

 

تحدث اسر بحرج منه…

“بصراحه انا مطبق من إمبارح في المكتب وحاليا في ظابط قعد مكاني يعني لو روحنا هنلفت الأنظار لينا…

انا لسه مبلغتش حد بالورقه دي..حتى لم حققت مع عزيز كُنت بستجوبه شفوي كده يعني مفتحتش القضية لسه….”

 

“وانا مش عايزك تفتح القضية دلوقتي…لحد ماعرف مين هو القتل….”اجابه جواد بنبرة قاتمة ثم تريث برهة قبل ان يستردّ حديثه بعدها بتنهيدةً ….

 

“خلاص…هقبلك بكره الصبح في مكتبك….”

 

انتصب اسر في وقفته وكذلك جواد وهو يصافح رفيقه قائلاً بهدوء…

“اتفقنا هستناك بكره الصبح…..”

 

سار اسر للخارج حيثُ سيارته وتبعه جواد حيثُ تلك الحزينة الوقفة بجوار شجرةً قد وقعت اوراقها الخضراء وبقت فارغه لتجد اسفلها وردة وردية اللون لا تعلم كيف اتت وسط هذا الدمار للتواجد بزها لونها ، لا تليق بهذا المكان المتهالك مثلما لا تليق

هي بحياة رجل لا يعرف الا الدم والقتل اي عشقاً هذا الذي افترس قلبها وجعلها تعاني معه كل تلك الأشهر واي قدر سيفرقهم الان بعد ان جمعهم منذ أيام قليلة …

 

وضع يده على منكبيها وهو يقول بنبرة تبث الإعتذار لها….

“يلا بينا يافرولتي على البيت….”

 

ابتعدت عنه بهدوء وسبقته بخطوات متمهله حيثُ سيارته الفارهة….

 

تنهد بعمق وهو ينظر لملامحها عبر نافذة السيارة الذي لجت بداخلها سريعاً بوجهاً حزين لن يكون

إرضاءها أمراً سهلاً….

 

لج لداخل السيارة وهو يميل عليها بمشاكسة طفيفة…

“اربطي حزام الأمان….” مد يده وكادَ ان يربطه لها لكنها عرقلة فعلته وهي تقول باقتضاب…

“شكراً انا هعمله بنفسي….”

 

أغمض عينيه وكبح غضبه وهو يشعل مقود السيارة لينطلق بها سريعاً…..

 

نظرت على الطريق بوجهاً عابس حزين…

 

ان عاد لهذا الطريق مرة آخره ماذا ستفعل معه هل ستتركه وتمضي بطريقها ام انها ستستمر معه مثلما فعلت سابقاً….

تشتت عقلها فهي تخشى ان تكون تلك الحقيقة التي علم بها بداية تحوله للاسوء ، لا تعلم ما ينتظرهم في الأيام المُقبلة لكنها تخشى عليه من ضراوة انتقام الجوكر بداخله فحتى ان كان يود الرجوع لعهده السابق سينجذب نحو ما مر من حياته في هذا

العمل المشبوهة…

 

ضائعة هي لا تعلم هل خرجوا من قاتمة تلك الحلقة المُغلقة ام أنهم لا يزالون يدرون بداخلها بمنتهى الغباء متوقعين أنهم أصبحوا احرار من قواتم ظلامها ! ….

 

“وصلنا….” قالها جواد وهو يرمقها بحنو مد يده ومررها على وجنتيها لتبتعد عنه وهي تقول بصوت

متحشرج….

“تمام…. يلا بينا….”

 

رفعت عينيها على هذا المبنى ذو الشكل العصري القابع أمامهم تطلعت حولها لتجد أنهم بداخل حديقةً

جميلة لا تخلو من رائحة الطبيعة والنسيم المعطر

بروائح الورود التي تملئ المكان باستثناء تلك الأشجار مختلفة الأشكال والثمرات كذلك ! حتى العشب الأخضر الذي تسير عليهم تشعر بلينة أسفل حذائها….

 

“اي رأيك في المكان عجبك…” رمقها وهو يتابع قسمات وجهها المُنبهره بتلك الجنة الساحرة…

 

هتفت بخفوت محافظة على نبرة صوتها الحزين منه..

“ماشاءالله جميل….”

 

دلفت الى المبنى لتجد الفيلا من الداخل اجمل

بكثير وانيقة الى أبعد حد، الأرضية مصقولة

بالخشب البني الامع الحوائط بطلاء هادئ

مناسب للديكور امّا الفرش فكان كل قطعة

منمقة بعناية دقيقة لتناسب ديكور الفيلا، كل

شيء عبارة عن إبداع لا ينقصها شيء فهي

فقط تحتاج للبشر…. وجدت سلم أمامها كلاسيكي الشكل بالطبع للدور العلوي فهو يحتل الخصوصية الاكثر حيثُ غرف النوم….

 

“دي صفاء ياحبيبتي… مسئوله هنا عن الفيلا والخدم اللي فيها……”

 

أشار لها على تلك العاملة بهدوء، إبتسمت لها بسمة وهي تقول بالباقة …

“اهلاً يامدام صفاء…”

 

“اهلاً بيكي ياهانم….”

 

“صفاء…. دي بسمة مراتي اكيد عرفاها….. ان شاء الله هتقعد معاكي انتي والبنات اللي شاغلين هنا عشان تديكم الجدول اللي هتمشوا عليه….”

 

همست بسمة في أذنيه بخفوت…

“جدول اي؟انا مش فاهمه حاجه….”

 

اجابها جواد بهدوء…

“يعني مواعيد الفطار… الغدى… العشا وهكذا… حتى تنضيف الفيلا بيبقى لي وقت وكل ده هيتاخد إذنك فيه…”

 

إشارت على نفسها بصدمة…

“إذني أنا….”

 

“أيوا إذنك انتي هو دا مش بيتك ولا إيه…..” أحاط خصرها بيد واحده وهو يصعد بها على إدراج السلم حيثُ غرفتهم الخاصة…

_____________________________________

لجت لداخلها برفقته…أشعل الاضاءة وهو يقول بحنان….

“ودي مملكتك يافرولتي….”

 

رفعت عسليتاها على تلك الغرفة شاسعة المساحة لا تقل عن تلك الغرفة التي كانت تمكث بها سابقاً معه

لكنها كانت أجمل شكلاً وفرشاً أيضاً….

 

“هنا…غرفة تبديل الملابس…وهنا الحمام…”أشار على بابان مُغلقان ملحقان بغرفتهم ذو الشكل المنمق…

 

شد انتباهه أطار صورة على المنضدة بجوار الفراش اقتربت منه ونظرت به بفضول كانت صورة عرسهم

التقطت لهم في تلك الحفلة….

 

إبتسمت بحزن فيبدو على وجهها السأم في تلك الصورة مقارنة بملامحه فهو يبدو غاية في الوسامة

برغم من قساوة هيئته بها …

 

“شكلها مش عجباكي….”سألها وهو يقف خلفها لا يفصلهم شيءٍ تشعر بسخونة جسده على جسدها لين

الملمس….

 

ازدرات ريقها وهي تضع الإطار مكانه قائلة بخفوت…

“لا حلوه…بس مجش في بالي إنك هتحط حآجه زي دي هنا….”

 

“ولي لا انا بحب أشوفك في كل مكان….”حاوط خصرها من الخلف ومال على شعرها مُستنشق عبيره

وهو يغمض عينيه قائلاً بصوت اشتعل بالرغبات…

“وحشتيني……”

 

اغمضت عينيها وهي تحارب هذا القرب فهي لا تزال غاضبة منه…..

 

أبعد شعرها للناحية الأخرى ليظهر أمامه عنقها الابيض الناعم….مال عليه وبعثر أنفاسه الساخنة عليه….

 

اغضمت عينيها وعضت على شفتيها تكتم اهات المتعة فهي تشعر بشفتيه تمر على طول عنقها

ببطء وتأني يقتل المُتبقي من الصبر ويشعل

باقي الرغبات بدون هوادة عليها ….

“جواد……كفاية…. أنا….”كبحت تالمها فهو داعب عنقها باسنانة بمنتهى الهيمنة برغم من شعور الألم الا أنهُ جذب جسدها لشعور راقها بين يداه…..

 

إدارها نحوه وهو مُسبل العين برغبات تشتعل بكثرة داخله ….

 

“عايزك يافرولتي….ودلوقتي….”حل ازارا سترتها ببطء وشفتيه كانتى تكتشف مسار ارتوى الحياة

من ثغره الطري…

 

لم تقدر على المقاومة فهي تشتاق إليه مثلما يشتاق هو لهآ….

 

تركته يفعل مايحلو له بها تركت جسدها يستمتع بمتعة لمساته وهمساته الناعمة وجدته يجدرها

من آخر قطعة ثياب لها ليعتليها وهو ينظر

لملامحها بشوق ليقبل عينيها المغمضة ويبدأ

بتذوق رحيق شفتيها الممُتلئة ليفصل القبلة

ويسمعها تهمس بطريقه اثارته أكثر….

“أنا….انا بحبك أوي ياجواد ….”مالى على شفتيها مرة أخرى والتقطها وهو يقول بعاطفية جامحة…

“وانا بعشقگ ياعيون جواد….”

 

آآه لو تحكي الكلمات عن تلك اللحظات لاشتعالة الأجساد والمشاعر بتذوق للذة هذا الحب! لكن يعجز

القلم عن الاكمال فهناك مشاعر خُلقت للكتمان !…

____________________________________

جلست في المغطس مستمتعة بالماء الدافء يتدفق

على جسدها ببطء….

 

إبتسمت بخجل وهي تتذكر تلك اللحظات الحميمة بينهم ، هذا المجنون تعرف معه معنى الحياة وللذة الحب بجواره…..

 

إبتسمت بحب وهي مغمضت العينان فهي شعرت به ينضم إليها في هذا المغطس جالساً خلفها مباشرةً…

 

“جواد….”

 

همهما وهو يحاوط خصرها بيد واليد الآخر تسير على تلك البقعة الحمراء في وسط ظهرها

الأبيض….

 

“جواد… اطلع برا انا….” صمتت حينما وجدته يميل عليها ويستند برأسه على كتفها الأبيض ليطبع عليه قبلة حثية قبل ان يقول بصوتٍ رخيم…

“أوعي تقولي إنك مكسوفه مني يافرولتي…”

 

“لا بس انا… اصل يعني هنتاخر و….” رفع حاجبه بخبث فهو يروقه بشدة خجلها الانثوي ….

“هنتاخر على إيه بظبط….” بللت شفتيها وهي لا تعرف ماذا تقول….

“على… على….. جواد بس…” اطلقت ضحكة ناعمة فهو دغدغ عنقها باسنانة لكن تلك المرة بحنان…

 

ضحكت بقوة وهي تبعد وجهه عنها قائلة وسط ضحكاتها…

“كفاية عشان.. خاطري.. مش قادرة بجد….” ابتعد عنها وهو يبتسم ناظراً الى عنقها الذي وضع عليه صك ملكيته وأصبح باللون الأحمر القانٍ بسبب مافعله به منذ دقائق وما فعله الآن….

 

التفتت له ورمقته بغيظ وهي تمرر اصابعها على عنقها…

“أحمر صح !…. عشان كده انتَ منشكح اوي….” اطلق هو ضحكه عالية على جملتها الغريبة تلك…. ضربة بيداها صدره وهي تقول بتذمر…

“بتضحك ياغلس عجبك كده… مبسوط كده إنك علمة عليه …”

 

مسك يداها وهو يحاول التحكم في ضحكاته وهو يقول بسعادة وعينان تلمع لأول مرة بضي العشق الخالص…..

“طبعاً مبسوط اني علمة عليك….وقريب اوي هعلم…”مالى على اذنيها وهتف بشيءً وقح…

 

شهقت وهي تحدج به بغضب….

“قليل الأدب….”ضربته على وجهه بخفوت كنوع

من المزاح معه…

 

أطبق على خصرها وهو يقول بحنان….

“لسه زعلانه….”

 

هزت رأسها بنفي وهي تشيح وجهها بعيداً عنه….

 

نهضت من المغطس وارتدت ثوب الاستحمام وهي تقول بنبرة شبه معاتبة…

“انا مش زعلانه منك…انا بس خايفه عليك…ونفسي تخاف عليه زي مابخاف عليك….”

 

“وانتي شايفه اني مش بخاف عليكي….”رمقها هو أيضاً بعتاب ولا يزال يجلس في قلب المغطس…

 

“لو فعلاً بتخاف عليه….هتحافظ على حياتنا اكتر

من كده….”

 

“اللي ماته دول اهلي يابسمة..انتي لي مش قادرة تقدري عصبيتي….”

 

“طبعاً مقدره عصبيتك وزعلك….بس انا مش هقدر أقدر أفعال الجوكر ونتقمه….لأن الجوكر اللي جواك للأسف مش بيعترف بقوانين الحياة…”رمقته بحزن

وثمَ اضافة…

“واحنا مش في غابة ياجواد البلد فيها قانون…”

 

خرجت وتركته…. نهض بضيق وفتح صنبور المياة ليتدفق الماء على رأسه وسائر جسده لعل حديثها

الملام على طريقته القاتمة يتبخر من رأسه، فهو لن يحرر من ذهنه فكرة الانتقام من قاتل عائلته مهم حدث….

 

خرج من غرفة الملابس فوجدها تنهض من على التسريحة بعدما ارتدت قميص حريري قصير ذو حمالة رفيغة كان من اللون البني الامع ارتدت (روب)

من ذات القماشة لتخفي به تفصيل جسدها العاري من خلال هذا القميص….

 

حاوط خصرها بكلتا يداه وهو يسألها ببحة صوتٍ تعشقها بجنون ..” جعانه…”

 

همهمت وهي تبتسم أمام وجهه فهي لن تقلب تلك اللحظات الحميمية الى آخره تعيسه فهم لا يزالون يعانون من ذكريات قديمة…

 

مرر أصابعه على وجنتيها وهو يقول بحنان…

“شوية ولاكل هيطلع….”

 

بعد دقائق اتى الطعام بعدة اصناف شهية ذو روائح تفوح منها اذكى الأطعمة المطبوخة على طريقة أشهر المطاعم المعروفه …. وضع جواد الطعام في شرفة الغرفة على منضدة انيقة مُستديرة يحاوطها مقعدين من ذات الأساس…..

 

جلست بجواره على المقعد وبينهم مسافة بسيطة لكنه جذب مقعدها اكثر إليه وهو يمد شوكته نحو فمه قائلاً بحنان…

“أفتحي بؤقك يافرولتي…” إبتسمت بحرج وهي تستجيب له لتمضغ الطعام وهي تقول بخجل…

“كفاية دلع انا ممكن اخد على كده….” مد يده مرة اخره بطعام لتاخذه منه وهو يقول بحب…

“واي يعني هو انا عندي كام فروله….” غمز له بوقاحة إبتسمت وهي تمد يدها هي الأخرى بطعام له…

“اي ده…” قالها بخبث…

 

“دي لحمه…” همهم بخبث وهو يقول

“طب متجبيها بأيدك وبلاش شوكه…” إبتسمت وهي تهز رأسها بعدم فهم امتثلت لأمره ومدت يدها بقطعة صغيرة من اللحم…

“اتفضل… اااه….. ياعضاض….” نفخت في اصابعها بتذمر فهو مشاكساً و وقح اتكأ على اطراف اصابعها

باسنانه بمنتهى العبث…. حاول كبح ضحكته وهو يهتف بمكر…

“معلشي يافرولتي افكرتك صوابعك حتة لحمه…”

 

“واجعتني أوي ياجواد…” قالتها بتذمر وهي تنفخ عليها بحنق… مسك اصابعها وقبلها وهو يقول بمزاح ثقيل…

“وللهِ شكلك بسكوته وهتتعبيني معاكي…” ضربته في كتفه وهي تقول بحنق….

“بسكوت في عينك… بعد كل اللي حصلي ده وبتقولي بسكوته….”

 

“مم.. بطل يعني…. بس بطل على تقيل….” نظر بوقاحة الى ما برز من عنقها وصدرها لتدرك سريعاً

موضع عينيه الشهوانية وتلملم ثوبها أكثر قائلة بحدة

مُصطنعه…

“على فكره بقه الاكل هنا…” إشارت على الطعام بحاجب مرفوع…

“تصوري افتكرت الأكل هنا…” صرخت فور انتهى جملته الوقحة بخجل ليكركر هو ضاحكاً قبل ان يكمل طعامه ويخوض معها في عدة أحاديث لا تخلو من مزاحه الصبياني ووقاحته الرجولية…..

 

صباحاً….

 

وقف أمام المرآة مُهندم ملابسه بعدما ارتدى ملابس كاجول عبارة عن بنطال اسود وتيشرت بنصف كم من اللون الأبيض ارتدى حذاء رياضي ومشط شعره الفوضوي للخلف بتناسق ومرر أصابعه على لحيته النابته قليلاً فهو يفضلها هكذآ دوماً….

 

تنهد وهو يرمقها وهي تغوص في نوماً عميق فالبارحة طيلة الليل لم يتذوق احدهم النوم إلا

قليلاً فكم كانت ليلة شاعريّة حميمية مليئة

بالمشاعر الجامحة بين كلامها….

 

كان يشتاق لتلك الليلة منذ غياب طال لشهرين واكثر

يعشقها لدرجة تفوق مراحل حياته وما مر عليه…

 

لمس الكثير من النساء ولهى باجسادهم أكثر لكن لم يتذوق طعم المتعة والرضا الا باحضانها وكان جسده كان ينتظرها قبل قلبه فهو وجد الراحة في هذا الجسد الناعم ووجد العشق في قلبها واكتملت رؤية حلاوة الدنيا من خلال كهرمان عينيها الخالص ماذا يريد أكثر من هذا يجب ان يحافظ على هذهِ الجنة ويكن حريص على سعادتها مثلما سيكون حريص على امتلكها ….

 

أقترب منها ومرر أصابعه على ذراعها العاري لتتغير قسمات وجهها بانزعاج….. ابتسم وهو يطبع قبلة على شفتيها ومن ثمَ وجنتها وأخيراً كتفها العاري قبل ان يدثرها جيداً بالغطاء ويهم للخروج من الغرفة مُغلق الأنوار عليها تاركها تنعم براحة فاليوم لا يزال مبكراً عليها …

 

نزل على الدرج وهو ينادي على المسئوله عن شئون هذا المنزل….

“صفاء….”

 

“ايوا ياجواد بيه… صباح الخير…”

 

رد بهدوء…

“صباح النور…. الهانم نايمه فوق ساعتين كده وحضريلها الفطار وخبطي عليها بس براحه عشان هتلقيها لسه نايمه….”

 

إبتسمت السيدة بتفهم….

“تمام تحب أقولها ان حضرتك خرجت…”

 

“لا انا هبقى اتصل بيها لم تصحى…” أبتعد عنها بخطوات ثابته متجه الى سيارته حيثُ قسم الشرطة لمقابلة اسر في مكتبه حتى يرى هذا الدنيء

(عزيز التهامي) ويفهم منه ما خلف تلك الورقه !…

______________________________________

 

“بلاش تدخل معايا…انا عايز اقبله لوحدي…”قالها جواد قبل ان يدلف الى تلك الغرفة القاتمة…عارض اسر حديثه وهو يقول…

“مينفعش ياجواد….يعني ا…”

 

“قولتلك خليك برا أكيد مش هقبله هنا عشان اقتله يعني….”لوى شفتيه بتهكم وملل وهو يدلف الى تلك الغرفة…

 

لج لداخل ليجد( عزيز التهامي)يجلس على مقعداً بالغرفة ينظر أمامه بشرود حزين فهو فقد كل شيء في غمضة عين الأموال… السلطة ، حتى ابنه قد آخذته عاصفة الطوفان مثلما أخذت كل ماذكر في حياته المرفهة ….

 

نظر عزيز بغل نحو جواد فهو سبب موت ابنه بل هو قاتل ابنه….

 

جلس جواد أمامه ببرود وظل ينظر له بوجه صخري

مبهماً عن معرفة ما يدور بخلده….

“شد وتزول يا.. يا عزيز….”

 

نظر له عزيز بغضب ولم يرد عليه…أبتسم جواد بخبث وهو يخرج علبة السجائر من جيبه أخرج واحده ومدها باتجاهه قائلاً بلؤم…

“سجارة….”

 

رمقه عزيز بازدراء وهو يمط شفتيه بامتعاض….

“انتَ عايز إيه بظبط…”

 

أشعل جواد سجارته ونفث دخانها الرمادي أمام وجه عزيز قال بصوتٍ مهيب….

“عايز أعرف مين اللي قتل أهلي….”

 

رفع عزيز حاجبه بلؤم وهو يرمقه بدهشة زائفه…

“اي ده هما بلغوك بالورقه…..على العموم انا معرفش مين قتل أهلك…. ”

 

“الورقه اللي معاك بتأكد إنك عارف كل حآجه…قولي كُنت بتبتز مين بيها ….”

 

سحب عزيز من فم( جواد) السجارة ووضعها على فمه بمنتهى الجسارة وهو يقول بضراوة…

“وتفتكر بعد اللي عملته في إبني….هريح قلبك وعرفك مين اللي قتل أهلك….لا انا مش هريح قلبك أبداً هفضل سيبك كده تموت من التفكير والقهر…

على مين يعيني اللي قتل ابوك وامك واختك الصغيرة…..”رمقه عزيز بشر مُستفز ليكمل بلؤم….

“بس حتى مهم فكرت وتقهرت عمرك كله برده مش هتوصل لحاجه والحقيقة هتموت معايا ومع القاتل اللي انتَ لحد دلوقتي متعرفوش….”

 

احتقن وجه جواد بالغضب لينهض بقوة وعيناه تحاول إيجاد اي شيء لقتل هذا العجوز المختال

هل يتحدى إياه بمنتهى الجسارة هو اقل من ان يقف

أمامه في حلبة المعركة فهو لم يجرب جسارة (الغمري)وضراوة أسلوبه….

 

حل عقدة حذائة الرياضي ليمسك بين يداه ربطت الحذاء قبل ان يترجم(عزيز) ما يفعله( جواد) وجد

تلك الربطة تلتف حول عنقه بقوة وقعت السجارة من

فم (عزيز) وهو متحشرج الصوت محاول أخرج صوته لعل أحدهم يغيثه من بين يده….

 

“انطق يادكر كُنت فاتح صدرك وبتكلم بمنتهى البجاحه انطق وبجح اكتر انا سامعك أهوه….”اتكأ بقوة على عنقه….تحشرج صوت عزيز وبدأ وجهه بالشحوب…

“انا…ااااا….هـ مـوت…”

 

اتكأ جواد اكثر عليه وهو يقول بجسارة…

“ياريت…تفتكر هتحبس يوم واحد عشان كلب زيك…متقلقش هخرج منها موت انتَ بس وحصل إبنك ولا انتَ لسه عايز تعيش فيها….”اتكأ أكثر على عنقه

 

“سـ…سبني وهقولك….. على…كل….حآجه….”

 

“انا من رأيي تنطق دلوقت قبل ما روحك تطلع…”

 

يعلم جيداً ماذا يفعل به فقط يريد تعذيبه فإن كان ينوي قتله لفعلها من اول ثانية طوق بها عنقه بهذا الحبل… لكنه كان محترف في أداء تعذيبه…

 

“خـ…خلاص….هقولك…اللي عمل كده زهران الغمري..عمك…”

 

ارتخت قبضته على الحبل وكان العالم سكن من حوله وتحول الى قواتم مظلمة….

“انتَ بتقول إيه….”

 

سعل عزيز بقوة وهو يقول…

“هي دي الحقيقة زهران هو اللي قتل أهلك…الخواجه جاك قبل ما يموت كان على علم بكل حآجه وكان مشاركة في الموضوع من أوله …زهران

زور المعمل الجنائي ودا رشوه للظابط اللي ماسك القضية انه يسجل الحريق على أنه ماس كهربائي

عشان محدش يدور ورا الموضوع….”

 

نظر له جواد بذهول…

“زهران….عمي هو اللي قتل ابويه…واي اللي يخليه يعمل كده …”

 

“أبوك كان وقف للخواجه جاك ورجالته زي ألقمه في زور كان بيقف يترافع ضدّ رجالته وبيوصلهم لحبل المشنقة وكان مزنق عليهم فكذا حاجه بيعملوها لحد لم جه اليوم اللي زهقه منه وقتلوه في بيته هو وكل اللي معها….وعمك كان على علم بكل حآجه وساعد كمان فإنه يخفي حقيقة القضيه عن الحكومة….

 

“مش بس كده زهران هو كمان اللي حطلك المخدرات في شنطتك وبلغ الحكومة عنك عشان الخواجه جاك وقتها خاف على شغله منك لو بقيت ظابط… خصوصاً ان دراعه اليمين وقتها كان عمك…

 

” أتفق بعدها مع زهران ان يخليك دراعه اليمين بعد ماجسمك ينشف من الحبس ونوم على البلاط وصحبت المجرمين وقتلين القتله…..”

 

أصبح وجهه أكثر قاتمة مُتشنج بطريقة مُخيفة ينظر أمامه بصدمة يسترجع كل ما مَر عليه في تلك السنوات من بداية خروجه من منزله من عشرين عام

برفقة شقيقه حتى نهاية كل شيء سجنه.. عمله المشبوه… مقابلته بـ(بسمة)التي كانت دوماً تنبهه

ان عمه خلف كل شيء حدث معه في الماضي وهو لن ينكر انه كان دوما في ريبه من أمره لكن لم يتوقع ان يكون هو قاتل عائلته كان من رابع المستحيلات

الشك به في تلك النقطة…

 

يريد ان يراه يريد ان يعرف لماذا تهاون بمنتهى الدئنة والجسارة الموزرية عن موت شقيقة وعائلته لماذا فعل هذا هل نسى أنهم اشقاء هل تناسى كل شيء ليكمل في طريقة بدون ان يلتفت لمن قُتل

بسكيناً بارد ، لمن تذوق اليتم والحزن في سن

مبكراً لمن خذله وحرمه من مستقبله واختار له

الجحيم لياخذ منه بيت للعيش به…

 

كل شيء دُمر بسبب شيطانه اللعين وطال الأذى الكثير ولا يزال اكثر من تمَ أذاه« هو»لماذا يحدث

بها هذا هل يصعب على الحياة تركه يحيا كأي شخصاً عادياً هل صعب على خوضه حياة هادئة، من الواضح أنها أصبحت أصعب الأمنيات….

 

فتح الباب بوجه قاتم نظر له اسر بتردد وهو يسأله بشك…

“قالك حاجه ياجواد….”

 

لم يرد عليه جواد بل تركه وابتعد بخطوات سريعه و وجهه لا يبشر بالخير….

 

______________________________________

في منتصف الليل..

 

ظلت واققة في شرفة غرفتها تطلع على ساعة يدها بقلق لم ياتي منذُ الصباح الباكر…ماذا حدث له؟ هل هو بخير؟ ماذا قال له عزيز؟هل علم الحقيقة؟…

 

عواصف الاسئلة تدور برأسها وهي غير قادرة على الأجابه على واحده منهم…..

 

رات سيارته تدلف الى الغرفة بعدما فتحها له الحرس

الخاص به الماكثون دوماً امام الفيلا للحماية….

 

إبتسمت بسعادة وهي تخرج من الغرفة وهبطت على السلالم سريعاً وهي تنادي عليه بشوق…

“جواد…أخيراً جيت وحشتني….”

 

كان صوته مثمل قليلاً وهو يقول بارهاق…

“ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي….”

 

“كُنت مستنياك…انتَ اتأخرت ليه كده…”سارت بجواره صعوداً على الدرج مرة آخره لتدلف للغرفة وهي ترمقه بقلق….

“مالك ياحبيبي في حآجه حصلت…”

 

هز رأسه بنفي….

 

فاحت منه اكثر رائحة الخمر…

 

“انتَ شارب ياجواد….”

 

“ايوه شارب….” استلقى على الفراش بانهاك وهو يجيبها…

 

“طب ليه يعني انا عمري ماشفتك بتشرب….اي اللي حصل….”

 

ابتسم بتهكم وهو ينظر لسقف الغرف بشرود…

“اللي حصل ان كل حآجه عشتها كانت عباره عن كدبه…كدبه…. كدبه رخيصه اوي من واحد المفروض ان عمي….”ضحك بسخرية وثمل الخمر ياثر عليه…

 

حدجت به بريبه…

“انا مش فاهمه حآجه….اوعى تقول ان عمك….”

 

“هو اللي قتلهم وهو اللي لبسني قضية المخدرات وحبسني خمس سنين….هو السبب في كل حاجة بتحصلي هو السببب….”نهض بحدة وبدأ يمشي مُترنح ليلقي كل شيء أمامه بغضب وهو يصيح بضراوة مُنتقم….

“هو السبب…هو اللي قتلهم هقتله….هقتله زي ماقتلهم…هقتله زي ماحرمني منهم….هقتله….هقتله..”

 

نزلت دموعها فهي لأول مره تراه في تلك الحالة ضعيف تلك المرة اضعف من الضعف نفسه دمرته الحقيقة قتلت المُتبقي من الحياة بداخله…

 

لن تترك الضعف يمتلك منه أكثر لن يعود لنقطة الصفر طالما هي بجواره لن تسمح لظروف بقتله حياً لن تبقى واقفه مكانها تشاهد اخر طاقة إنهيار

تصدر منه…

 

اقتربت منه وهي تبكي بصمت…

“جواد أهدى لو سمحت… أهدى عشان خاطري…”

 

نزلت دموعه لاول مرة بغزارة امام عينيها الباكية..

“اهدى إزاي؟… بقولك كُنت عايش في كدبه من عشرين سنة وانا عايش باكل وبشرب مع الراجل اللي قتل اهلي.. منهم خمس سنين كُنت فيهم دراعه اليمين كُنت بكبره وبعليه عشان هو قاتل أهلي…. انا مفرقش حآجه عنه لو هو قتلهم عشان يكبر ويعيش فانا ساعدته فده أنا قتلتهم زيه قتلت أسماء قتلت ابويه قتلت أمي عيشت سيف في كدبه كبيرة هو مش قدها….. انا مجرم…… زي مقولتيلي زمان…. انا فعلاً مجرم يابسمة مجرم….”

 

هزت راسها بقوة وهي تنزل دموعها على احزانه

قائلة بنفي…

“لا ياحبيبي انتَ مش مجرم… بلاش تحمل نفسك ذنب معملتهوش انتَ مكنتش تعرف الحقيقة.. انتَ مكنتش تعرف انه هو اللي عمل كده…..عشان خاطري بلاش تعمل كده في نفسك انا مش حبه أشوفك كده….”

 

رمت نفسها داخل احضانه بحزن وبكاء ضمها إليه وهو يذرف دموعه ببطء….

“انا تعبان اوي يابسمة خليكي جمبي… انا مش محتاج من الدنيا دي غيرك….”

 

نزلت دموعها وهي تقول بحنان…

“انا جمبك ياحبيبي جمبك على طول …..”

 

استلقى على الفراش بتعب وانهاك شديد استلقت هي ايضاً بجواره ، ظلت تحدق به بخوف وشفقة على ما يمر به… وجدته يجذبها الى احضانه وهو يقول بصوت ثمل من آثر الخمر …

“خليكي جامبي ….انا خايف…..”

 

صُدمت من جملته ولم تتوقع ان تسمعها منه يوماً لكن على اي حال هذا آثر الخمر يخرج أعمق الحقائق من المرء…. امتثلت له واستلقت باحضانه محاولة الاستجابة للنوم بعدما شعرت بانفاسه بدات بالانتظام……

 

لكن كيف سياتي النوم بعد كل ماعلمت به !…

____________________________________

في صباح اليوم الثاني…

 

كان يجلس في حديقة الفيلا على مقعداً ما استيقظ مبكراً اليوم لا يزال يشعر بثقل رأسه…لا يتذكر ما حدث أمس لكن يعلم انهُ تحدث كثيراً معها لكن لا

يعرف محور الحديث الذي تفوه به….

 

زفر بحنق وهو يفرك رأسه بكلتا يداه لعله يتخلص من هذا الصداع المزمن…

 

“الفطار ياحبيبي…”طلة عليه بهيئتها الخاطفة للانفاس….. ترتدي فستان أنيق فوق الركبه يحمل ألوان الربيع المريحة للعينين….رفعت شعرها بربطةً حمراء انيقة وتدلى الباقي من شعرها على ظهرها بطريقة مُغريه وضعت زينة بسيطة على وجهها الرقيق ليكتمل الصباح برؤية تلك الحورية

الجميلة امام عينيه وهي تحمل صنية عليها اشهى

اطعمة للإفطار مع بعض اكواب العصير الطازج….

 

أسبل عينيه وهو يضع سجارة في فمه وعلى وشك اشعالها…

” انا قولت لصفاء إني عايز قهوة…”

 

جلست بجواره وهي تقول بطريقة أنثوية…

“قهوة إيه على الصبح كده… لازم تفطر.. على فكره انا اللي عمله الفطار بنفسي…. انتَ مش وحشك اكلي ولا إيه…”

 

تنهد وهو يمد يده لياخذ القداحة..

“مليش نفس يابسمة.. من فضلك قوللهاا تعملي قهوي…”

 

سحبت من فمه السجارة بضيق وهي تقول بصوت حاد قليلاً…

“كفاية سجاير ياجواد… وبعدين مفيش قهوة قبل الفطار… انتَ أكيد مكلتش من إمبارح….”

 

هتف بصوت عالٍ قليلاً بعصبية …

“قولتلك مش عايز إيه هاكل بالعافية…”

 

كادت ان تتركه وتذهب ولكنها تمسكت بحبل الصبر فهي تعلم سر عصبيته بطبع يلوم نفسه بأنها علمت بكل شيء منه البارحة…

“من غير عصبية… انا جعانه وعايزه أفطر معاك… يعني أجبر بخاطري وكل ولوو لقمه بسيطة…”

 

عنف نفسه بقوة فنبرة صوتها الحزينة تحكي عن عبرات ابتلعتها بصعوبة لتكن أمامه بكل هذا الهدوء….

 

أشاح بوجهه بضيق…

 

عضت على شفتيها فهو لم يستجيب لها… كادت ان تنهض وتذرف دموعها في خلوتها لكنها وجدته

يعرقل مغادرته حينما أطبق على يدها وسألها

بهدوء…

“راحه فين… انتي مش بتقولي إنك جعانه….”

 

بلعت عبراتها بصعوبة وهي ترد عليه بعتاب…

“مش بعرف اكل لوحدي…”

 

مد يده ومررها على وجنتيها وشفتيها قائلاً بحنان…

“انا آسف…. مكنتش قاصد ازعقلك… بس انا مخنوق شوية….”

 

أسبلت عينيها وهي لا تعلم ماذا تقول فهي لن تفتح الموضوع الآن وخصوصاً انها تترجاه ليتناول القليل من الطعام إذا تحدثت الآن فهو لن يأكل طيلة

اليوم !…

 

حمحمت وهي تبلل شفتيها قبل ان تقول بهدوء…

“اا…أشرب العصير ده..دي فروله مش انتَ بتحب الفروله برده….”

 

أبتسم من زواية واحده وهو يأخذ منها الكوب قائلاً بطريقة فاتره…

“انا فعلاً مش بحب من الفراولة غير فرولة واحده بس….”غمز له ببساطة توسعت ابتسامتها وهي تمد له قطع من التوست بعدما وضعت عليها القليل

من الجبنة…

“طب خد ياقلب فرولتك….”

 

ابتسم له إبتسامة لم تلامس لعينيه وهو ياخذ منها اللقمة…

 

بعد مدة من اصرارها على وضع الطعام بين يده واجبارُ على شرب العصير بطريقة أنثوية لا تعد

اجبار أمامه فهي تعلم ان جميع الرجال لا يفضلون تلك النقطة مهم كانت من أمامهم !…

 

تعلمت من دعاء شقيقتها عدة أشياء بسيطة

من خلال معاملة شقيقتها لزوجها..كم كانت المرأة

عموداً صلباً لأي منزل !……بعطاءها الغير محدود…

حنانها من خلال نظرة واحده عينيها …..علاج لأي عناء بمجرد الخوض معها في عدة كلمات….

 

ان كان منزلك يفتقد المرأة فأعلم أنه لن يصمد كثيراً أمام عواصف الحياة !…

 

نهضت وهي تقول بحماس…

“الحمدلله تعرف اني كُنت جعانه أوي…”

 

نظر الى الاطباق الفارغه بسخرية …

“واضح… بس واضح ان انا اللي كُنت جعان اوي مش انتي …”

 

“وانا وانتَ إيه يعني…” مدت يدها وهي تقول بنعومة…

“تيجي نتمشى شوية…”

 

نظر حوله بعدم فهم…

“نتمشى فين؟….. هنا…”

 

هتفت بمزاح وهي تنظر حولها…

“ااه هنا… المكان حلو أوي.. اصل بيني وبينك الراجل جوزي ده ذوقه ياجنان في كل حآجه حتى جنينة الفيلا شبه الجنة….”

 

نهض وهو يبتسم قائلاً بخبث…

“الراجل جوزك…..”

 

“ماله الراجل جوزي.. دا قمر…” اقتربت منه وشبت على قدميها لتصل اليه أكثر وهي تحدج به بحب قبل ان تقول بتنهيدة حارة …

“تعرف اني بحب الراجل جوزي دا أوي….”

 

“وهو…” سألها بخبث…

 

“طبعاً بيحبني… أمال بقه الراجل جوزي إزاي…”

 

“مجنونة يابسمة…”أطبق على خصرها وهو يبتسم بتلك الجاذبية الساحرة لكهرمان عينيها…ابتسمت وهي تقرب شفتيها من خاصته وقالت قبل ان تطبع قبله عليهم…

“عارفة بس بحبك…”ابتعدت عنه لتجده يضع يده خلف رأسها قائلاً بصوت حاني…

“البوسه مش كده يافرولتي…بتبقى كده…”اعتصر شفتيها بتناغم متعمق برحيق ثغرها الطري….

 

سار معها في حديقة الفيلا ذو الطبيعة الخلابة والنسيم المنعش….خاض معها عدة أحاديث عادية لياتي من ضمن الحديث سؤاله المتردد..

“بسمة…هو انا عكيت بليل جامد….”

 

إبتسمت وهي تهز رأسها بحزن ..

“لا عادي ..”

 

“قولت كل حاجه صح…”

 

“جواد لازم تنسى اللي فات…عمك غلط وهو بيتعاقب دلوقتي على اخطأه…صدقني انتقامك منه مش هيرجع إللي ماتوا ولا هيغير مسيره هو كده كدا ميت….كلم آسر وحكيله الي حصل وهو هيفتح القضية من تاني و….”

 

“محدش لازم يعرف الحقيقة…”قالها وهو ينظر أمامه

بوجه حجري…

 

توقفت عن السير وهي تنظر له بشك…

“ليه مش هتفتح القضية يعني مـ…”

 

توقف هو أيضاً وهو يقاطعها بهدوء مُهيب…

“زي مانتي قولتي يابسمة زهران كده كدا ميت…يعني الحقيقة مش هتاذي غير صحابها..وانا مش هدمر اخويه عشان حقيقة لا هتودي ولا هتجيب..زهران كده كدا هيتحكم عليه بالإعدام…بس لازم اقبله قبل ماياخد الحكم…..”

 

نظرت له بقلق…

“هتقبله ليه…انت ناوي تعمل إيه….”

 

نظر امامه بوجه قاتم…

“مش هعمل حآجه…بس انا من حقي أعرف لي عمل كده فينا….”

 

______________________________________

بعد مرور أسبوع…

 

دلف جواد الى تلك الغرفة القاتمة ذو الاضاءة الخافتة وجد( زهران)يجلس مطأطا الرأس على مقعده…رفع عينيه حينما وجده يدلف إليه…

 

وقف جواد أمامه بوجه حجري لا يعبر عن شيء..

 

نهض زهران وهو يقول بصوت خافت….

“انا عارف إنك عرفت الحقيقة…عزيز قالي ان قالك على كل حاجه….”

 

لم يرد عليه جواد بل ظل يرمقه بازدراء…

 

اكمل زهران حديثه بحرج….

“انا مش هقولك ان عزيز كداب… انا فعلاً عملت كده بس انا كُنت مجبور اوفق على اومر الخواجه جاك.. اا… انا كُنت لسه صغير وكُنت محتاج أكبر….”

 

لوى جواد شفتيه بامتعاض وهو يعلق بسخط…

“على حسبهم… كُنت محتاج تكبر على حسبهم مش كده…..”

 

أقترب منه عزيز وهو يقول بتبرير…

“انتَ مش فاهم حآجه… كل حآجه كانت غصب عني انا …”

 

صرخ جواد بغضب…

“انتَ إيه….انتَ عمرك ما حبيت أخوك…عارف ليه عشان عقيم…مقدرتش تقبل الحقيقة ولا قدرت تقبل أخوك…..

 

سار جواد بالغرفة وهو يقول بتهكم…

“قولت ازاي سراج يبقى عنده ولدين وبنت وانا مش عارف اجيب ضُفر عيل…إزاي سراج يبقى محامي كبير وانا…وانا أخترت اكون تاجر سلاح إزاي يبقى عنده الذرية الصالحة وزوجه الصالحة والناس كلها بتحبه وانا معنديش اي حاجه لا ومكروه من الكل

 

صرخ جواد به بضراوة أكثر…

” مش هي دي الحقيقه تقدر تنكر الحقيقة تقدؤ تنكرها…”

 

أعترف زهران بجسارةً ما كان يعتريه طيلة سنوات عمرة.. أجابه بحقد…

“ايوا هي دي الحقيقة…سراج خد كل حاجه…ربنا اداله كل حآجه…كل حاجة كان ملكه كانت المفروض تكون ليه….انتَ وسيف كان المفروض تكوني ولادي مش ولاده هوه…كان لازم انا اللي افضل في نور وهو يفضل في ضلمه…أيوا قتلته وكُنت فاكر اني هرتاح بس انا عمري مارتحت…..

 

أبتسم كالمجنون وهو يقول ببرود…

“تعرف كُنت برتاح بس لم بشوفك تحت ايدي بتشتغل نفس الشغل اللي مكنش عاجب أبوك زمان

كُنت برتاح لم بشوفك بتخلص على اي روح بشورلك عليها كُنت برتاح وانا بقتل فيك كل حآجه حلوه زرعها أبوك جواك…

 

نزلت دموعه وهو يعترف بندم واضح…

” تعرف انا عمري ما حاولت اذاي سيف زي ماذيتك عارف ليه عشان انتَ كُنت أقرب حد لسراج دا غير إنك شبهه أوي….

 

“انا كُنت بنتقم منك وانا شايف سراج ادامي…بس بعض كل اللي عملته مرتحتش زي ماكُنت بتمنى…”

 

أبتسم جواد من زواية واحده بتهكم وهو يرى الشر والحقد…. الندم…. الدموع…… في أن واحد يخرجون مما يحسب على الخلق إنسان !….

 

قال جواد بعد مدة بصوت ساخر…

“مش مصدوم ان ممكن اخ يقتل أخوه بسبب غل وحقد عليه ….يعني ماهي أول جريمة قتل حصلت كانت مابين اخين كان برده واحد راضي برزق ربنا ليه والتاني باصص في رزق أخوه ومش عجبه

رزقه … بدل مايحاول يرضى ويطرد الشيطان من

دماغه راح قتل أخوه وهو عارف ومتأكد ان موت أخوه مش هيغير حاجه من اللي مكتوبله

لكن تقول إيه قلة عقل…..”

 

طاطا جواد رأسه وهو يزفر بستياء….

“تعرف اني كُنت ناوي اقتلك او على الأقل أطلع كل اللي جوايا عليك…لكن بصراحه انت متستهلش حتى ان أرفع أيدي عليك مش عشانك….عشان خسار فيك المجهود….”نظر له بشمئزاز وهو يستدير عازم النية على الخروج….

 

هتف زهران بصوتٍ متعب…

“جواد…..سامحني….”

 

وقف جواد قليلاً ليكبح غضبه من جرأة هذا الرجل

هل دهس على حذائه الامع وافسده لذلك يطلب السماح منه ..هو قتل عائلته..دمر مستقبله…عاش عشرين عاماً هو وشقيقه في كذبة للعينة من تأليفه هوَ اي مغفرة يطالب بها بكل تلك الجسارة….

 

“لو عرفت تسامح نفسك….يبقى أكيد هيجي اليوم اللي هاسمحك فيه….”خرج من الغرفة تاركه يتجرع الالم والندم على ما اقترفته يداه طيلة تلك السنوات

 

حاول ان يغفر لنفسه كثيراً لكنه كان يفشل كلما تذكر كل مافعله بشقيقة واولاده كذلك….

 

من أصعب الأشياء ان تحاول ان تغفر لنفسك ذنب انتَ على يقين انهُ اكبر من ان يُغفر او حتى يُضع

في صندوق النسيان !….

______________________________________

بعد عدة أشهر….

 

بدأ (جواد) تخطي تلك المرحلة بمساعدة ودعم زوجته واتفق معها أيضاً على كتمان حقيقة موت

عائلته حتى لا يفقد شقيقه في اكتشاف تلك الكذبة

اللعينة…. بدأ بالعمل أكثر والاهتمام بالشركة محاولاً

صمود إمبراطورية (الغمري) أمام تلك الأزمات التي يتعرضون لها سوى أزمةً ماليه او سيرةً ذاتيه تم التجريح بها وكشف الستار عن اسرارها !..في الحالتين يجب ان تستعين بجسارة شخصيتك لتخوض تلك المرحلة حتى تتخطي إياها بأقل الخسائر !…

 

إذا تم السرد عن الحياة العاطفية هنا… سنجد ان العلاقة تطور أكثر والحب يزداد اشتعالاً بين قلوبهم

كلاً وجد الملاذ لحياته جسداً… وروحٍ….حتى المشاعر اكتمل نموها الطبيعي حينما تُغذية خلاياها على الإهتمام والحنان الدفء المُنبعث من خلف عشق مُتقِدُ !…

 

فتحت دعاء الباب وهي تحمل صغيرتها حديثة الولادة…(بسمة) تلك التي سُميت على اسم خالتها

لتورث في جيناتها تلك الكهرمان الخالص في عينيها الصغيرة….

 

“اي يادعاء ساعه عشان تفتحي…” صاحت بسمة وهي تدلف لداخل لكنها وقفت حينما انتبهت لتلك الصغيرة التي تحملها شقيقتها الكبرى.. تلك التي أخذت قطعة من قلبها….

 

“أخيراً جيتي يابسمة…. سيباني حيسه بيها لوحدي…” قالتها دعاء باعين مُرهقه فهي لم تغمض عين طوال الليل…. أخذت بسمة منها الصغيرة وهي تقول بتبرير….

“معلشي كُنت في المكتب وكان عندي شغل كتير… وبعدين على حظك النهاردة بليل فرح سيف واسيل

عملين حفله كده بسيطه قبل مايسفرو…ناويه تيجي … ”

 

نظرت لها أختها بحزن مع تنهيدة تعب…

“هاجي إزاي بس… بسمة مش بتنام طول اليل دا انا مابصدق الساعتين اللي بتيجي تقعدي فيهم معها…” نظرت لابنتها التي تنظر لسقف بانبهار….

“تلات شهور ونص….هانت مش كده يابسمة…” نظرت لبسمة بيأس….

“لو بتكلميها هي يبقى اكيد بنسبالها مهنتش خالص .. لو السؤال دا ليه فاعشان انتي أختي هقولك آآه هانت يادودو…” ضحكت بسمة وهي تداعب الصغيرة…

 

تنهدت دعاء بغيظ وهي تقول بحدة مُزيفة…

“اشوف فيكي يوم يابسمة…. يارب تجيبي توأم ويطلعه عينك…”

 

“توأم… توأم.. المهم أكون أم…” قبلة الصغيرة وهي بين يداها وترقرقت الدموع في عسليتاها فهي باتت تمل إنتظار هذا الخبر وتشعر انه لن يأتي ابـ…

 

نفضت تلك السيرة فهي دوماً تتجه بها نحو الشأم هي تظن دوماً بالله آلخير ولطالما دوماً تتضرعت

لله في صلاتها بحمل هذا الطفل بين احشائها الذي حتماً سيكمل علاقتها بزوجها الحنون هذا الحبيب التي تتمنى ان تنجب طفلاً يشبهه في كل شيء… حتماً اذا آتى ستعشقه أكثر من والده….

 

إبتسمت بنعومه وهي ترفع عينيها على شقيقتها التي بدأت تعد طعام الغداء لزوجها وابنها…. سألتها بسمة بفتور…

“هو أمجد وكريم رجعين أمته…”

 

اجابته دعاء بارهاق…

“كمان ساعتين.. يدوبك أكون خلصت الأكل…”

 

نظرت بسمة الى الصغيرة وجدتها قد غفت في احضانها…

“الحمدلله نامت… خديها بقه ودخلي ريحي شويه جمبها لحد ماخلص الأكل….”

 

ردت دعاء بحرج….

“لا ياحبيبتي قعدي انتي زمانك تعبتي في شغل…”

 

“ولا تعبت ولا حاجه روحي انتي نامي وسبيني أكمل قبل ماكريم يدخل علينا ويجعرلنا من الجوع…” ضحكت بسمة وبدلتها دعاء الضحكة لتمتثل لها وهي تاخذ الصغيرة منها حملتها وهي تسأل بسمة بهدوء…

“مقلتليش يابسمة مرتاحه في مكتبك الجديد…”

 

توسعت إبتسامة بسمة وهي ترد على شقيقتها بسعادة…

“طبعاً مرتاحه جداً…” تنهدت بحرارة وهي تكمل..

“دا المكان اللي دايماً كُنت بحلم مكتبي يكون فيه… ربنا يخليه ليه…” تريثت قليلاً وهي تتذكر تلك المفاجأه التي اعدها لها جواد هذا المكتب الراقي

القابع امام البحر العذب في مكاناً مرموق لم تتخيل

ان يتحقق حلمها على أرض الواقع بصورةً أجمل

من خيالها هي !،كم كانت لليله ناعمة ساحرة غمرها بالحب والاشواق واهداها يوماً اخر في جنة احضانه

الدفئه ولمساته الحانية… وهمساته التي تشعل جمار العشق بينهم ….إضافة لشقيقتها بصوتٍ خافت..

“تعرفي يادعاء انا مكنتش أعرف اني هحبه وتعلق بي بشكل ده… يعني من غير اي حآجه انا برتاح اوي وانا جمبه ونفسي أفضل معاه دايما وبتمنى أوي أجيب طفل منه…”

 

ربتت شقيقتها على كتفها بحنان وهي تقول بتفهم …

“ياحبيبتي متستعجليش العمر ادمكم طويل وبكره ربنا يرزقكم بواحد واتنين وتلات كمان بس انتي متحطيش الموضوع في دماغك عشان متتعبيش… ولا جواد بقه هو اللي مستعجل؟…”

 

“جواد… لا يعني هو مش بيجيب سيرة الموضوع خالص.. يعني انا اللي شغلى بالي اكتر….”

 

“ولي تشغلي بالك يابنتي استمتعي بحياتك ودلعي ودلعي جوزك….. وبكرة العيال هتيجي ياختي متستعجليش….” نظرت لطفلتها وهي تدلف الى الغرفة قائلة بتزمر كجميع الأمهات…..

“تعالي ياختي انتي كمان انيمك جوا…. مستعجلين على العيال… تعالوا خدو شوية من اللي عندنا…”

 

ضحكت بسمة وهي تقلب الطعام على الموقد لتتذكر شيءٍ مهم كانت عليها احضره منذ فترة وقد تناست

كل شيء خلال تلك المرحلة التي مرت عليها وعلى زوجها…..

 

جففت يدها بعدما انهت طهي الطعام ودلفت سريعاً لغرفتها لتفتح خزانة ملابسها وتهم بأخذ هذا الملف

الذي احتفظت به كثيراً في حوزتها يجب ان تعطيه لجواد الآن فهذا يخصه !….

 

تنهدت وهي تنظر لهذا الملف بابتسامة حزينة لا تعرف هل تشكره على البدايات الصعبة ام على النهايات المبشرة بحياة افضل بينها وبين زوجها هي لا تعرف غير شيءٍ وآحد ان الغيب بئراً من الأسرار

ولا تكتشف الأسرار الا بعد الخوض بداخلها وهي قد خاضتها بجدارة وبرغم كل شيء كانت صامدة لنهاية تلك الرحلة واليوم قد بدأت تعوض عن ما مَرَّ بحياتها !….

 

صدح باب الشقة…مسحت دموعها واخفت الملف في حقيبتها وهي تهم سريعاً لفتح الباب لزوج شقيقتها وابنهم قبل ان تستيقظ ابنتهم الصغيرة(بسمة)على صوت هذا الضجيج….

__________________________________

“صفاء… بسمة رجعت من برا…” قالها جواد وهو يصعد على إدراج السلم…

 

ردت الخادمة بخفوت…

“لا ياجواد بيه لسه…”

 

هز رأسه وهو يصل لباب غرفتهم لج داخلها مُغلق الباب عليه ليهم بعدها بخلع حذائه ومن ثمَ سترته

وقميصة….دلف لدورة المياة لاخذ قسط من الانسجام داخل هذا المغطس بعد يوماً مُرهق

وطويل في العمل…

 

بعد مدة خرج من الحمام وهو يلف حول خصره منشفه كبيرة…رفع عينه ليجدها تدلف الغرفة وهي تبحث عنه بعسليتاها المشتاقه له….حينما وقعت عينيها عليه إبتسمت بحب وهي تقترب منه…

“انتَ جيت ياحبيبي وحشتني…”عانقته سريعاً

وهو بدلها العناق على مضض…رفعت عينيها نحوه بستفهام..

“مالك؟ شكلك زعلان؟…”

 

“مفيش…”أبتعد عنها ودلف لغرفة الملابس…

سارت خلفه وقالت بقلق…

“لا بجد مالك…انا عملت حآجه ضيقتك…”

 

تنهد وهو يستدير إليها بعتاب طفيف…

“بسمة…انتي عارفه اني مش بحب ادخل البيت ملقكيش فيه….ودي مش اول مره تعمليها بقالك فتره

على كده…”

 

تحدثت بتبرير حزين لعتابه….

“طب مانتَ عارف انه غصب عني دعاء وبسمة بنتها اا…”

 

قاطعها بتفهم وهو يقترب منها محاوط وجهها

بكلتا يداه بحنو …

“يافرولتي انا مقدر… بس انتي عارفه إنك بتوحشيني…” إبتسمت بحب وهي تداعب انفه

بخاصتها قائلة بنعومة لإرضاءه…

“انتَ كمان بتوحشني أوي… واوعدك مش هتأخر تاني عليك “نظر له بحب لتهبط انظاره على ثغرها الوردي المُمتلاء فهي تداعب شفتيه بخاصتها باغراء اظلمة عينيه برغبة وهو يشعر بيداها الدفئة تُضع على صدره العاري وجسدها ذو القوام المُثير بأكمله مُلتصق به اشتعل جسده أكثر ليفقد المتبقي من الصبر وهو يجذب شفتيها في قُبله متعمقه جعلت جسدها بأكمله ينتابه الضعف المُحمل برغبات تطالب بالاكثر بين يداه… شدة جسدها بداخل احضانه أكثر وبمنتهى الضعف اغمضت عينيها وتركت جسدها ومشاعرها

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *