روايات

رواية فؤادة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ميمي عوالي

رواية فؤادة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ميمي عوالي

رواية فؤادة البارت السادس والعشرون

رواية فؤادة الجزء السادس والعشرون

فؤادة
فؤادة

رواية فؤادة الحلقة السادسة والعشرون

كانت فؤادة تعيش اسعد لحظات عمرها و هى تعرف للمرة الاولى معنى ان تحب شخص ما ، و ان يبادلها ذلك الشخص تلك العاطفة الجياشة
جلال … ذلك الرجل الذى كان دائما يعلو وجهه الجمود و الغضب ، و التى كانت تحاول تجنب الدخول معه فى اى حديث ، و لكنها كثيرا ما كانت تفشل فى ذلك ، ذلك الرجل الذى كانت تتشبث بملابسها اثناء وجودها امامه او الحديث معه
اين الصلة بين هذين الرجلين ، اين الرابط بين هذين الجلالين ، فجلال الامس .. ذلك الرجل الصارم المتشبث برأيه دائما دونما اى اعتبار لمشاعر من حوله ، و جلال اليوم … ذلك الرجل الذى لا تفارقه ابتسامته المتأملة دائما فى وجهها ، جلال الحنون الذى يهتم بكل شئونها
فبين ليلة و ضحاها ، جعلها تنسى كل ما مر عليها فى حياتها ، و لا تتذكر سوى عشق هذا الجلال لها
كانا يجلسان ليلا بحديقة المنزل ، و كانت تجلس بجواره و هى معلقة بصرها بالسماء تراقب النجوم ، و جلال ضامما اياها الى صدره ، و هما مستمتعان بهدوء المكان بعد أن خلدت سلوى الى النوم
ليقول جلال و هو يعبث باصابعه فى كتفيها : مش بردانة
فؤادة : احنا على ابواب الربيع ، الجو ابتدى يدفى
جلال : بس لسه الشتا ما خلصش لحد دلوقتى
فؤادة بابتسامة : دى بالذات ما ينفعش انساها ، ما تقلقش
جلال : بيقولوا هيبقى فى مطرة تانى على اخر الاسبوع
فؤادة : من غير ما يقولوا ، ده بيبقى معادها ، انت ما شفتش الدنيا لما بتمطر هنا بتبقى الدنيا عاملة ازاى
جلال بفضول : بتبقى عاملة ازاى
فؤادة : احيانا بتبقى عاملة زى السيول
جلال : المطرة دى بتبقى رزق و خير من عند ربنا
فؤادة : الحمدلله

 

 

 

جلال : ما قولتيليش ، عاوزانا نتحرك امتى بكرة و احنا ماشيين
فؤادة : زى ما تحب
جلال : عشرة كويس
فؤادة : كويس اوى
جلال : عاوزة تحضرى حاجة معينة عشان عمك او محمد
فؤادة : انا وصيت عمى نبيل يحضر لنا فاكهة عشانهم و عشان والدتك واخواتك ، و هيبقوا جاهزين الصبح ان شاء الله ، و الستات كمان من بدرى هيجهزوا من خيرات الله
جلال : و امى كمان جهزت عندها حاجات زى كده عشان عارف ياخدها معاه و هو رايح ، و لو تحبى نعدى على عمك الاول قبل ما نروح نوديلهم الحاجات دى ماشى
فؤادة بابتسامة : متشكرة اوى يا جلال ، تعبتك معايا
جلال بحب : اوعى تقولى كده ، انا ماعنديش اعز منك
وفى اليوم التالى ، بعد ان تم تجهيز كل ما طلبته فؤاده ، قاموا بتوديع الجميع بعد ان اوصاهم جلال على المزرعة ، و وعدتهم فؤادة ان غيابها لن يطول عن بعض الايام القلائل
و اتجه جلال بسيارته مصطحبا فؤادة و سلوى و ماجدة التى كانت فى قمة سعادتها بانها اخيرا ستلتقى باهلها بعد غيابها عنهم تلك الفترة الطويلة بالنسبة لها ، و قبل التوجه الى بلدتهم ، قاموا بالمرور اولا على منزل عمها ، لتساعد ماجدة حارس العقار على توصيل كل ما تم تجهيزه لاسرة عمها ، ثم اتجهوا بعد ذلك الى منزل جلال
و ما ان وصلت سيارة جلال الى السياج الخارجى للمنزل ، حتى وجدوا ادهم و ليلى يسرعان اليهم بفرحة عارمة ، و هما يتبادلان التحية الحارة وسط ضحكات جلال و فؤادة العالية ، ليقول جلال : ياللا طيب دخلونا و اللا فاكرينا هنرجع تانى
ادهم : لا يا عمو ، لو رجعتوا تانى هاجى معاكم
ليأتيهم صوت حسنة و هى تقول بسعادة : و مين ده اللى هيخلى حد فيهم يروح فى حتة تانى
لتسرع اليها فؤادة و تحتضنها بحب شديد قائلة : وحشتينى يا امى ، وحشتينى اوى
حسنة بحب : و انتى يا بنتى وحشتينى اكتر ، المفروض اننا كلنا نكافئ عارف و ابو زهرة انهم اتسببوا انك تجيلنا هنا من تانى
ليأتى اليهم جلال و يحتضن امه و يقبل يديها ، ثم يضم فؤادة تحت جناحه و هو ينظر لامه و يقول بابتسامة : و يا ترى لو انا اتسببت انها تفضل معانا على طول ، هتكأفئينى انا كمان بإيه
حسنة بشهقة عالية و هى تضع كف يدها تغطى فمها و هى تنظر بذهول الى فؤادة التى تورد وجهها خجلا و جعلت تنظر للارض : جد يا فؤادة ، طمنى قلبى يا بنتى
لتومئ فؤادة رأسها بخجل فتنظر اليهم حسنة فى سعادة بالغة و تضمهم اليها بكلتا ذراعيها و هى تقول بفرحة عارمة : ده يبقى يوم الهنا و السعد ، ربنا يهدى سركم و يبعد عنكم كل حاجة وحشة يارب
و عند دلوفهم الى الداخل تفاجئوا بندا و هى تقف تراقبهم فى صمت شديد و ان كانت اعينها تمتلئ بالدموع ، و ما ان رأتها سلوى حتى جرت اليها محتضنة جذعها قائلة : خالتو ندا ، وحشتينى
ندا و هى تنظر لسلوى بعتاب : وحشتك ايه بقى ، ده انتى نسيتينى خالص ، و ما كلمتينيش حتى و لا مرة
سلوى ببراءة : اصل انا كنت عاوزة افضل مع ماما هناك ، عشان المزرعة بتاعتها حلوة اوى
ندا بحدة : مين ماما دى
سلوى بتلقائية شديدة : ماما فؤادة
ندا بغضب و هى تمسك ذراع سلوى بعنف : انتى امك اسمها هدى ، و امك ماتت و مالكيش ام تانية ، و اياكى اسمعك بتقولى كلمة ماما دى لاى حد تانى ….. انتى فاهمة

 

 

 

جلال بغضب : ندا .. الزمى حدودك ، انتى مالكيش هنا اى صفة اصلا عشان تتكلمى فى حاجة ماتخصكيش من الاساس
ندا بحدة و وجهها غارق بعبراتها : قدرت تنسى هدى ، قدرت تحط واحدة تانية مكانها ، سمحت لبنتك تنده لواحدة غيرها بكلمة ماما اللى منعتها تقولهالى رغم ان انا اللى ربيتها طول السنين دى ، ازاى قلبك سمح لك تعمل كده ازاى .. انت مش اكتر من راجل خاين
جلال بعنف : انا عمرى ما كنت خاين
ندا بعنف مماثل : لا خاين ، لما تنساها تبقى خاين ، لما تستبدلها بواحدة غيرها تبقى خاين ، و اوعى تفكر انك لما تجيبلها بديلة تشبهها ما تبقاش خنت يا جلال يا جوز اختى
لتتركهم ندا مهرولة الى الاعلى و هى تبكى بشدة ، بينما يقف جلال بشموخ رغم انتفاضة جسده الواضحة للعيان نتيجة غضبه الشديد
اما فؤادة فكانت تضم سلوى باحضانها و هى تربت عليها بحنان بينما عيناها لم تترك وجه جلال للحظة واحدة ، فكان رغم جموده ، الا ان عينيه كانت تشتعل غضبا و حزنا فى ذات الوقت مع تنفسه الحاد الواضح للعيان ، فكان صدره يعلو و ينخفض بشدة و كأنه فى حلبه سباق .. مما جعلها تعتقد انه قد ندم على تصريحه بحبه لها ، و قد كان اعتقادا قاتلا موجعا بشدة
و كانت على وقفتها لا تعلم ماذا تفعل او ماذا تقول ، حتى راودها عقلها ان تعد من حيث اتت ، الا ان صوت حسنة قد انتشلها مما هى فيه حين قالت بهدوء : ياللا يا اولاد غيروا هدومكم ، زمان عارف و حسين جايين ،عشان نلحق نتغدى و نستعد للى ورانا
ليقول جلال بجمود : معلش يا امى ، انا هروح ابص على الارض على ما اخواتى يرجعوا ، و هاجى على معاد الغدا
و تركهم و انصرف دون ان ينظر اليها نظرة واحدة ، فكانت مازالت تشعر باحتياجها لنظرة من عينيه تطمئنها انه لازال على عهده معها ، و انه لم يندم على طلبه توطيد علاقتهما
فكانت تضم سلوى بيد و اليد الاخرى تعبث و تتشبث بشدة بثيابها مما لفت انتباه حسنة ، فاقتربت منها و ربتت على كتفها قائلة بحنان : ما تخليش اللى حصل ده يشغل بالك يا بنتى ، و لا تخليه يعكر صفو حياتك ، ياللا اطلعى غيرى هدومك و تعالى ، سلوى هتوريكى اوضة جوزك
فؤادة بشرود : لا يا امى ، الوضع مش زى ما انتى فاهمة ، لسه شوية ، من فضلك انا هرجع نفس الاوضة اللى كنت فيها
سلوى و هى تتشبث بفؤادة : لا يا ماما ، خليكى معايا فى اوضتى ، عاوزاكى تنامى معايا زى ما كنا هناك… عشان خاطرى
لتومئ فؤادة رأسها بقلة حيلة فى صمت شديد ، و تتجه مع سلوى الى الاعلى ، و ما ان دلفت الى غرفة سلوى حتى قالت : ادخلى ياللا اغسلى وشك و تعالى عشان اساعدك تغيرى هدومك
و ما ان دلفت سلوى الى الحمام الا و التفتت فؤادة باتجاه خزينة الملابس لتجد صورة كبيرة لشابة جميلة معلقة فوق الفراش ، و لاول وهلة علمت ان تلك الشابة ما هى الا هدى
لتقف و هى تتأملها فى شرود ليأتيها صوت ندا من خلفها و هى تقول بغل دفين : عرفتى اتجوزك ليه ، عرفتى عاوز يقلب التمثيلية حقيقة ليه ، عشان كربونة منك ، من يوم ما دخلتى البيت ده و انا عارفة انه هيشوفها فيكى ، من اول لحظة عرفت ان ده هيحصل ، و حاولت امنعه بكل قوتى ، بس فى الاخر برضة حصل
اوعى تفكرى انه هيحبك فى يوم من الايام ، ثم اشارت الى الصورة المعلقة و قالت بقسوة .. كل مرة هيعترفلك فيها بحبه هيكون بيعترف لدى ، كل مرة هياخدك فى حضنه هيتخيلك هى ، كل كلمة حلوة هتبقى ليها و كل لمسة هتبقى هى اللى قصادة ، رميتى نفسك فى وهم كبير اوى … اكرملك تاخديها من قصيرها و ترجعى لحياتك و تسيبينا لحياتنا اللى خربتيها من يوم ما دخلتى بيننا
ثم تركتها و انصرفت ، و ليس من الغرفة فقط بل من المنزل باكمله ، اما فؤادة فكانت تسمع لكل كلمة و هى شاردة مع ملامح هدى ، فحقا يوجد هناك شبه كبير فيما بينهما الى تلك الدرجة ، و اخذت تربط بين كلمات ندى المسمومة ، و بين ملامحها الشبه متطابقة لملامح هدى و قد اصبحت شبه متيقنة من صحة كل ما قالته لها ندا ، لتهوى بجسدها على الفراش و هى تفكر فى اتجاه واحد فقط : كيف لها ان تترك جلال دون ان يؤثر ذلك على زواج نهاد و عارف ، لتنهض من مكانها فجأة و تخرج هاتفها و تقوم بالاتصال بمحمد على الفور
عند عودة جلال من الخارج ، كان الجمود مازال مرتسما على ملامحه ، و وجد اخوته فى انتظاره ، و حسنة تجلس معهم بصحبة الصغيرين ادهم و ليلى ، و لكنه لم يجد من بينهم فؤادة او سلوى

 

 

 

و بعد ان تبادل التحية مع اخوته قال : اومال فؤادة و سلوى فين
حسنة و فى نبرتها بعض العتاب لجلال : محمد جه اخد فؤادة عشان محتاجلها معاه النهارد ، و سلوى شبطت فيها فاخدتها معاها هى و ماجدة
جلال بغضب : و ازاى يعنى تروح من غير ما تقوللى و لا تستأذنى
حسنة و بغضب لم يراه جلال من امه منذ سنوات : و تقول لك بمناسبة ايه ، بمناسبة انك سيبتها و مشيت من غير حتى ماتطيب خاطرها بكلمة واحدة بعد السم اللى سمعته من ندا
حسين باستغراب : ندا … هو ايه اللة حصل يا امى
حسنة : اللى حصل ان اخوك الكبير العاقل اللى دماغه توزن بلد ، اول ما سمع كلمتين خايبين من ندا ، ساب البنية واقفة فى وسط هدومها و هى مش عارفة راسها من رجليها ، كان لسه بيقوللى انهم خلاص هيفضلوا مع بعض على طول و فرحانين ببعض ، يقوم اول ما ندا تفكره بهدى ، ينسى كل حاجة و يجرى يهرب و يسيبها
جلال بدفاع : انا ما هربتش يا امى
حسنة بحزم : لا هربت ، تقدر تقوللى كنت فين ، سيبتها و دمعتها على خدها و روحت فين يا جلال ، و اللا تحب اقول لك انا
لينظر لها جلال بحزن فتكمل قائلة … روحت لهدى مش كده ، لينكس جلال رأسه فتقول حسنة مرة اخرى : اسمع يا ابنى .. ربنا قال فى كتابه الحكيم
( و اذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ) و لو مش هتبقى عادل مع مراتك .. سيبها تشوف حياتها و عمرها ، ما تبقاش انت و الزمن عليها ، الهلالى كان طمعان فى ارضها وانت طمعان فى عمرها و ياريتك هتقدره و تصونه
جلال باستغراب : انتى شايفانى انانى كده يا امى
حسنة بتاكيد : ايوة انانى يا جلال ، اسمعها منى يا ابنى .. انت النهاردة مابصتش غير على وجعك انت و بس ، طب و وجعها هى يا ابنى ، ذنبها ايه تتوجع الوجع ده و انت حتى ما تفكرش تطمنها ببصة واحدة من عينك
حسين بقلة صبر : ممكن حد يفهمني ندا قالت ايه خلت كل ده يحصل لتقص عليهم حسنة ما فعلته ندا و قالته عندما رأت جلال مع فؤادة و عند سماعها لسلوى و هى تناديها على انها امها
عارف : ممكن تفكوا التنشنة دى شوية و تروقوا كده ، و خلونا فى زيارة النهاردة ، و اكيد جلال هيلطف الجو مع فؤادة اما يشوفها ، و اللا ايه يا جلال ، ليذهب جلال من امامهم متجها الى الاعلى دون ان ينطق بكلمة واحدة
عند سالم … كان الجميع مشغول بتحضيرات العقيقة التى اعدها سالم و محمد من اجل زهرة ، حتى فؤادة تناست مؤقتا كل ما حدث و اندمجت مع الجميع و هى تساعدهم فى تلك التجهيزات
و قام سالم و محمد بتجهيز سطح البناية بمساعدة الحارس و بعض الجيران حتى يقوموا بالاحتفال بداخله ، و قد قام محمد بانارته و تجهيزه بالموائد و المقاعد
و كان هناك جمع من المعارف و الزملاء و الجيران متواجدين بالفعل قبل وصول جلال و اخوته و والدته ، و ما ان دلفوا الى المكان الا و وجدوا محمد و سالم فى استقبالهم ،و ما ان رحبوا بهم حتى اصطحبوهم الى مائدة كبيرة و هى تبدو انها المائدة الرئيسية فى الاحتفال ، فقد كان يجلس اليها جميع افراد اسرة سالم بما فيهم فؤادة و التى وجدوها تحتضن سلوى و التى كانت هى الاخرى تحتضن زهرة الصغيرة بفرحة شديدة تحت رعاية فؤادة التى كانت تراقبهم بحنان بالغ و التى سرقت به اعين جلال التى سافرت مع ابتسامتها الى مكان بعيد يخلو من جميع من حوله حتى انتبه على صوت محمد و هو يقول بمرح : مراتك و بنتك من ساعة ما جم و هم مستوليبن على بنتى و مش مديبن فرصة لحد يلمسها
لترفع فؤادة عينبها لتصطدم بعينى جلال المسلطة عليها ، لتهرب منهما سريعا الى محمد و هى تقول : معلش ، سيبنا نشبع منها شوية ، قبل ما كل واحد يروح لحالة
لم يدرى جلال سر تلك القبضة الحديدية التى لكمت قلبه بقوة عند سماعه لتلك العبارة ، كان يتمنى ان ترفع وجهها اليه لكنها ابت ان تفعل ذلك ، وقبل ان يفيق من شروده ، وجد محمد يسحبه بعيدا عن الجميع و هو يقول له فى فضول : ايه اللى حصل

 

 

 

جلال باستفسار : حصل فى ايه
محمد باستياء : انا سيبتكم فى المزرعة و كانت الحال غير الحال ، ايه اللى حصل بينكم خلاها فى الحالة دى
ليستدير جلال سريعا و هو يلقى بنظره على فؤادة بتركيز و يقول متسائلا بلهفة : مالها فؤادة
محمد : انا اللى بسألك يا جلال .. مالها فؤادة ، فؤادة مش فى حالتها ابدا ، و واضح ان حصل حاجة كبيرة
ليقص جلال على مسامعه ما حدث باختصار شديد
لينظر له محمد بخيبة امل و يقول : ليه يا جلال ، ده انا فرحت لما كلمتنى فى التليفون و حكيتلى على التطور اللى حصل بينكم
جلال : ماكنتش اقصد صدقنى ، بس انا ناوى اصالحها ، بس فهمنى ايه اللى حصل
محمد بسخرية : انت عارف انها مش هتقول حاجة ، بس انا حسيتها مشحونة ، و مش لاقية منفس تفضى الشحنة اللى جواها ، بس اللى لفت نظرى اكتر انها و هى بتتكلم مع بابا سمعتها بتقول له انها راجعة المزرعة تانى بكرة ، و لما بابا سألها ان كنت هتبقى معاها و اللا لا ، نفت ده ، و قالت انك مش فاضى ، و عندك مشاغل كتير هنا محتاج لك
جلال بغضب مكبوت : و مين اللى هيسمحلها تعمل ده
محمد : اعتقد انك عارف كويس ان فؤادة ما بتجيش كده ابدا
جلال : عموما ، انا هتصرف ماتقلقش
محمد بتمنى : ربنا يستر
جلس جلال بصحبة عارف و حسين مع سالم و محمد لتحديد موعد زواج عارف و نهاد ، و طال نقاشهم ، حتى نهض سالم قائلا بصوت عالى : يا جماعة ، طبعا احنا كلنا متجمعين مع بعض النهاردة عشان نحتفل مع بعض بزهرة بنت محمد ابنى .. و اول حفيدة ليا ، لكن الحقيقة فى مناسبة تانية لازم نحتفل بيها
ليشير سالم الى نهاد لتذهب اليه و تقف الى جواره و هو يحيطها بجناحه ، و من الجهة الاخرى يقف عارف و هو يبتسم بسعادة شديدة بينما يقول سالم : احنا الاسبوع اللى فات ، يوم ولادة زهرة قرينا فاتحة عارف على نهاد بنتى ، و حددنا الجواز ان شاء الله بعد شهرين من دلوقتى
ليعلو صوت الزغاريد و التهانى من الجميع ، و هم يتبادلون التحية مع عارف و نهاد
طوال فترة الاحتفال كانت فؤادة تتعمد عدم النظر نهائيا الى جلال ، و ظلت جالسة بمكانها لم تبرحه ، حتى اعلن عمها عن موعد زواج نهاد و عارف ، فاختلط المدعوون ، و تبادل الجميع الاماكن فاضطرت فؤادة الى الابتعاد قليلاً عن التجمع الموجود جوفا على زهرة ، و جذبت معها سلوى بعيدا عن الازدحام
و عندما لمحها جلال ، و وجد انه اخيرا سيستطيع التحدث معها فذهب اليها و جلس بجوارها و قال : ليه ما استنيتينش لما ارجع عشان تقوليلى انك هتيجى هنا
لتنظر له فؤادة نظرة محملة بالالم الشديد و قالت : يمكن يكون الكلام ده شرعا من حقك ، لكن الكلام ده لما اللى بيننا يبقى بيسمح بده
جلال بذهول : و هو اللى بيننا ما يسمحش بده
فؤادة و هى تنظر للا شئ : احنا متجوزين لهدف معين يا استاذ جلال ، و الهدف ده خلاص اتحقق ، و يمكن ظروف جواز عارف و نهاد اخرت انفصالنا شوية ، لكن موضوع انفصالنا ده امر مفروغ منه
جلال بدهشة : ايه التخريف اللى انتى بتخرفيه ده ، اعتقد انى لما صرحت لك بحقيقة مشاعرى .. و رغبتى اننا نكمل سوا … بادلتينى نفس الرغبة دى ، و وافقتينى اننا نبتدى مع بعض من اول و جديد ، ده احنا كمان اتفقنا اننا هنعمل فرح مع عارف و نهاد ، و اللا نسيتى ده كمان
فؤادة بجمود : الحقيقة ما نسيتش ، بس لما وصلنا هنا .. حسيت انى مش هقدر اسيب ارضى و حياتى و اجى اعيش هنا
جلال : و مين جاب سيرة العيشة هنا او هناك ، و مين قال انى هخليكى تسيبى حياتك هناك او اجبرك انك تعيشى هنا
لتنظر له فؤادة نظرة ممزوجة من الالم و العتاب و تقول : ما اعتقدش ابدا انك هتسيب النسخة التانية من مراتك الاولانية تعيش بطريقة مختلفة عن عيشتها اللى كانت عايشاها
جلال بعدم فهم : ايه الكلام اللى انتى بتقوليه ده ، انا مش فاهم حاجة
فؤادة بالم و هى تنظر للا شئ : بس انا بقى فهمت يا استاذ جلال ، فهمت لما شفتها
جلال بفضول : شفتى مين .. فهمينى
فؤادة : شفت صورتها .. صورة ام سلوى ، شفت اد ايه تشبهنى ، او انا اللى اشبهها ، ما عرفش مين فين بالظبط اللى نسخة من التانية ، فهمت ليه ندا عملت اللى عملته ، زى ما انا فهمت ايه اللى غير موقفك من ناحيتى
جلال و هو يحاول السيطرة على غضبه : لازم تفهمى ان كل الكلام اللى انتى بتقوليه ده مش اكتر من اوهام فى دماغك
فؤادة بنبرة تحدى : لازم انت اللى تفهم انى مش هسمح ابدا انى ابقى مجرد مسخ او صورة من حد انا ما اعرفوش و لا عمرى هابقى لعبة فى ايد حد ، حتى لو روحى فى ايده
جلال بلين : يا فؤادة ، اقسم لك ان كل الكلام اللى ندا قالته النهاردة ده ما لوش اى اساس من الصحة
فؤادة ببسمة سخرية : فعلا ، بامارة ما كل كلمة قالتها كانت بتنهش من قلبك و روحك معاها ، بدليل انك بدل ما تاخدنى فى حضنك و تقوللى انا هنا معاكى ، سيبتنى تايهة لوحدى و انا مش عارفة اخطى اى خطوة و لا فى اى اتجاه ، للاسف ، انت سقطت فى اول امتحان ليك يا جلال ، و ياريتنى كنت حتى انا اللى عملاهولك
جلال : انا ما اقدرش انكر ابدا انى كنت و مازلت بحب هدى ، لكن انتى غير يا فؤادة

 

 

 

فؤادة و هى تنهض من مكانها و زهرة بين احضانها : ارجوك كفاية ، انا مش عاوزة اسمع اى كلام تانى فى الحكاية دى ، انا لولا خاطر نهاد و عارف .. كان زمانى رجعت المزرعة من ساعتها ، لكن عشان تبقى عارف ، انا طلبت من عمى نبيل يبعتلى عربية من المزرعة تاخدنى الصبح بدرى ، و اول ما هتوصل … انا هروح على شفتى فى اسكندرية ، لانى محتاجة انى اصفى حساباتى مع نفسى
جلال : و مين هيسمحلك انك تعملى كده
لتلتفت اليه فؤادة و تقول باصرار : اعتقد ان مهمتى خلصت لحد كده ، و بيتى اولى بيا ، و اللى بيننا و بين بعض خلاص ، فى ايامه الاخيرة
و تتركه فؤادة و تتجه الى عمها و ابنائه ساحبة سلوى بيدها ، و تحاول الاندماج معهم حتى حان موعد رحيلهم
وعند عودتهم ، و ما ان دلفوا الى المنزل حتى توجهت فؤادة مع سلوى الى غرفتها دون اى حديث مع احد ، و باتت ليلتها و هى تتأمل الصورة المعلقة اعلى الفراش و هى تترك لعبراتها العنان
اما جلال فبات ليلته بغرفة مكتبه ، و هو يلعن ندا و كلماتها اشد اللعنات ، و لا يدرى كيف له ان يعيد وصال فؤادة من جديد ، حتى سمع آذان الفجر ، فصعد الى غرفته لكى يتوضأ و يستعد للصلاة ، و اثناء مروره بغرفة ابنته سمع
سلوى ببكاء : عشان خاطرى يا ماما ، خدينى معاكى ماتسيبينيش
فؤادة بحزن : حبيبتى انا لو اعرف ان باباكى ممكن يوافق ، ما اسيبيكيش عمرى كله
سلوى : طب هو مش هيوافق ليه ، ما هو وافق المرة اللى فاتت
فؤادة بتنهيدة : يعنى ، فى حاجات كده اتغيرت
سلوى : طب هو انتى مش عاوزانى معاكى
فؤادة : انا … اخص عليكى يا لولو ، ده انا لو اطول اخليكى معايا على طول ، بس مش من حقى
سلوى و قد زادت وتيرة بكائها : لو ما اخدتينيش معاكى هاجيلك لوحدى.. انا هعرف
فؤادة بلهفة : اوعى يا سلوى .. اوعى تخرجى من البيت من غير بابا و تيتا ما يبقوا عارفين انتى رايحة فين
سلوى : خلاص خدينى معاكى
فؤادة و قد اعتلى النشيج نبراتها هى الاخرى : يا حبيبتى مش هينفع ، و بابا مش هيوافق ابدا
لتأتى فكرة ما على بال جلال ، فتعتلى البسمة شفاهه و يذهب لاداء صلاة الفجر و الاستعداد لتنفيذ ما جال فى خاطره
و فى تمام الثامنة صباحا ، تستمع فؤادة الى نفير احدى السيارات لتعلم ان السيارة التى طلبتها من المزرعة قد وصلت اليها ، لتهبط الى الاسفل بحقيبتها ، و سلوى من ورائها و هى مستمرة فى البكاء ، لتجد حسنة تجلس بالاسفل ، و لا يوجد معها سوى ماجدة و ام ابراهيم
فتحييها فؤادة و تقوم بتوديعها بعد ان شكرتها على كل ما قامت به من اجلها ، و رفضت تماما محاولات حسنة لاثنائها عن تلك الخطوة ، و قامت بتوديع سلوى التى لم تكف لحظة عن البكاء
و ما ان خرجت من المنزل ، الا و وجدت جلال يقف بجانب سيارته ، و لا توجد اى سيارة اخرى فقالت بدهشة : انا سمعت عربية كانت بتزمر ، و فكرتها عربية المزرعة
جلال : عربية المزرعة مش جاية
فؤادة : ليه ، و ازاى عم نبيل ما يقولليش
جلال : انا اللى قلت له ما يبعتش حاجة ، ما ينفعش ابقى موجود و اسيبك تركبى مع حد غريب
فؤادة : مين ده اللى غريب ، ده سواق المزرعة

 

 

 

جلال : اياكش يكون سواق الجن الازرق ، و ياللا اركبى و انا هوصلك المكان اللى انتى عاوزاه
سلوى ببكاء : عاوزة اروح مع ماما يا بابا ، خليها تاخدنى معاها
جلال و هو يتصنع عدم المبالاة : و الله انتى و مامتك حرين مع بعض ، ما تدخلونيش بينكم
سلوى : يعنى انت موافق
جلال : ما قلت لك انتو حرين مع بعض
كانت فؤادة تنظر له بدهشة شديدة فقد اعتقدت انه سيمنع سلوى من الذهاب معها لاى مكان و لكن عندما سألتها سلوى : هتاخدينى معاكى يا ماما
نظرت فؤادة الى ماجدة و قالت : اطلعى بسرعة هاتى حاجتها و تعالى ، مش عاوزين نتأخر اكتر من كده

يتبع…

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *