روايات

رواية فؤادة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ميمي عوالي

رواية فؤادة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ميمي عوالي

رواية فؤادة البارت الثامن والعشرون

رواية فؤادة الجزء الثامن والعشرون

فؤادة
فؤادة

رواية فؤادة الحلقة الثامنة والعشرون

فى المشفى و امام غرفة العمليات ، كانت تجلس سلمى منتحبة باحضان نهاد التى يعتلى ملامحها القلق ، و كان جلال و عارف و محمد يقطعون طرقة الاستراحة الخاصة بغرفة العمليات جيئة و ذهابا و هم يتلصصون بين الفينة و الاخرى على النافذة الزجاجية الصغيرة التى تطل على ممر غرفة العمليات و هم يصارعون القلق منذ ما لا يقل عن ساعتين
و عندما وجدوا احدى الممرضات فى طريقها الى الداخل اوقفها عارف بلهفة قائلا : من فضلك ، ممكن تشوفيلنا حد من جوة يطمننا
الممرضة : ما تقلقش حضرتك ، ان شاء الله خير ، و حاضر هتطمن و اطمنكم
و بعد مرور ما لا يقل عن خمسة عشر دقيقة اخرى ، خرجت نفس الممرضة و على وجهها ابتسامة قائلة : اتطمنوا خلاص العملية خلصت ، و هو دلوقتى هيودوه على الاوضة بتاعته ، و ربنا يطمنكم
جلال بقلق : يعنى هو بقى كويس يا انسة ، و اللا فى لسه خطر عليه
الممرضة : طالما خرجوه على اوضة عادية مش الرعاية يبقى خير ان شاء الله
ليزفر الجميع انفاسهم براحة ما عدا سلمى التى لم تنقطع لحظة واحدة عن البكاء و النحيب ، فيقترب منها محمد و يجذبها الى احضانه قائلا : خلاص يا سلمى ، اهدى يا حبيبتى هو ان شاء الله هيبقى كويس و دلوقتى هنشوفه و نتطمن عليه
سلمى و هى تشهق من اثر البكاء : كان هيموت بسببى يا محمد … كان بيتخانق عشانى
محمد : انا لحد دلوقتى ما فهمتش ايه اللى حصل بالظبط ، و ايه اللى وداه عندك عند الجامعة
لتقص عليهم سلمى من وسط شهقاتها كل ما حدث بالتفصيل ، و قبل ان يعلق احدهم بكلمة ، انتبهوا على صوت عجلات التروللى و هو يحمل حسين الغائب عن الوعى الى غرفته الخاصة ، و التى طلب عارف ان يكون جناحا خاصا لتتسع لزائريه دون ان يسبب ارهاقا لحسين ، وانطلقوا جميعهم فى اثره حتى يستطيعوا الاطمئنان عليه
و ما ان استقر بغرفته حتى قال عارف موجها حديثه الى جلال : هنبلغ امى و اللا هنعمل ايه
جلال بتفكير : متهيألى نستنى لما نتطمن عليه عشان ما نخضهاش ، و لو سألت نقوللها انه مشغول فى المستشفى
عارف : ماشى ، ثم نظر الى محمد و قال : معلش يا محمد تعبناك و عطلناك ، خد انت البنات و روحوا ياللا احسن الوقت اتاخر اوى
محمد : عطلتونى ايه بس ، مش كفاية ان كل ده بسببنا احنا ، و المفروض نشوف الولد اللى اتمسك ده عملوا معاه ايه
لتنخرط سلمى مرة اخرى فى البكاء بعد ان انقطعت عنه و انهمكت فى مراقبة حسين و هو نائم فى فراشه
عارف بحنان : خلاص يا سلمى اهدى ، اى راجل كان هيشوف اللى حصل ده كان لازم هيتدخل حتى لو ما يعرفكيش ، ما بالك بقى اما يبقى عارفك ، و بعدين يا ستى الحمدلله انها جت على اد كده
سلمى بحزن : لما هيفوق هيزعل منى
جلال باستغراب : و هيزعل منك ليه ، هو انتى اللى ضربتيه
سلمى و بدون تركيز : مش عاوزاه يزعل منى
نهاد و هى تجذب سلمى لاحضانها مرة اخرى : معلش ياجماعة هى الظاهر اتخضت و اعصابها تعبت من منظر الدم اللى مغرق هدومها ده ، و فعلا محتاجة تروح تغير هدومها دى و تستريح
عارف بتفهم : ياللا يا محمد روح اخواتك ، و نبقى بكرة ان شاء الله نشوف الدنيا فيها ايه
ليصحب محمد شقيقتيه الى الخارج ، بينما قال عارف لجلال : انا رايى ان انت كمان تروح عشان امك ما تقلقش و لا تشك فى حاجة ، لكن انا .. هى عارفة انى ممكن فى اى لحظة ابات هنا فى شقتى ، فخلينى انا جنب حسين على ما نتطمن عليه
جلال بعدم راحة : طب و انت هتفضل قاعد لوحدك كده طول الليل
عارف بمرح : لا ما تقلقش ، هنزل اجيب شاحن الموبايل من العربية ، و اكيد نهاد هتكلمنى تونسنى
جلال باستسلام : ماشى ، طب مش عاوزنى اجيبلك اكل و اللا حاجة
عارف : لو احتجت حاجة هتصرف ما تقلقش ، خد انت بالك من نفسك و انت سايق
فى منزل سالم ، كانت نهاد مازالت على بكائها عند عودتهم للمنزل ، لينخلع قلب امها رعبا من مظهرها و مظهر ثيابها الملوثة بالدماء ، فيطمئنها محمد بان أخبرها باختصار ما حدث

 

 

 

ام نهاد بقلق : طب و هو عامل ايه دلوقتى ، و ازاى تسيبوه و تمشوا كده
محمد : عارف كان قلقان على شكل سلمى ، و انا كمان ، فقلت اوصلهم ، و يمكن شوية كده و ارجعلهم تانى
و فى تلك اللحظة ، كانت نهاد تبعد الهاتف عن اذنها بعد ان هاتفت عارف لتطمئنه على عودتهم للمنزل كما اوصاها قبل رحيلهم ، فقالت لهم : عارف خلى جلال كمان يروح عشان خاطر طنط حسنة ما تحسش بحاجة
ام نهاد بتعاطف : يا عينى عليها ، و هو يعنى لما هيخبوا عنها مش هتحس ، اكيد هتحس من غير حاجة ، قلب الام بيبقى دايما دليلها
لياتى عليهم سالم هو الاخر ، و قد كان ما زال بعمله بالخارج حتى تلك اللحظة ، و ما ان رأى سلمى و هلع من مظهرها ، حتى اسرع محمد بتوضيح ما حدث لهم مرة اخرى فيقول سالم موجها حديثه لزوجته : كتر خيره ، راجل و شهم بصحيح ، انا لما اغير هدومى و اكل لقمة عشان ما اكلتش طول النهار ، تكونى حضرتى اكل لعارف و حسين ، و انا هروح ابص عليهم مع محمد
ام نهاد : هتروح الليلة دى و اللا الصبح
سالم : الليلة دى ، ما يصحش اتاخر عنهم بعد اللى حصل
بعد عودة جلال للمنزل ، وجد حسنة تجلس بانتظاره بقلق ، و ما ان راته حتى قالت : اتاخرت كده ليه يا ابنى مش عوايدك و كمان من غير عطوة
جلال و هو يتصنع الهدوء : ما انتى عارفة يا امى انى ما غيبتش شوية عن الارض ، و الشغل ما بيخلصش
حسنة بقلق : هو حسين ما كلمكش
جلال بارتباك : لا ما كلمنيش ، هو في حاجة حصلت
حسنة : اصلى قلقانة عليه طول اليوم ، ماكلمنيش و لا مرة ، مش عوايده ، و كمان اتاخر اوى
جلال : هو عارف ما قاللكيش
حسنة : و عارف كمان ما كلمنيش
جلال : اصلهم بايتين سوا فى طنطا
حسنة : كده من غير ما يقولوا لحد و لا يطمنونى ، ليه يسيبونى قلقانة بالشكل ده
جلال : ما هم اعتمدوا عليا انى هبلغك ، بس حقك عليا انا ، انا اللى اتأخرت
حسنة : ربنا يصلح حالكم يا ابنى و يخليكم دايما سند لبعض ، طب احضر لك لقمة تاكلها
جلال و هو يتجه لغرفته : لا يا امى تسلم ايدك ، انا محتاج انام عشان عندى مشاوير مهمة بكرة ، و يمكن اتاخر برضة عشان ما تقلقيش
حسنة : الله يعينك يا ابنى و يحفظك انت و اخواتك من كل مكروه
طمأن جلال والدته على اخوته ، و اتجه الى غرفته ليأخذ قسطا من الراحة ، فقد كان اليوم مرهقا للغاية ، و لكنه بعد ان قام بتغيير ملابسه و اتجه الى القابس ليضع هاتفه على الشاحن الكهربائى و ما ان قام بتشغيله بعد ان كان قد نفذ شحنه منه اثناء الاحداث ، سمع صوت هاتفه ليجد ان فؤادة هى من تقوم بمهاتفته ، و عندما قام بفتح الخط سمع صوتها و هى تقول بلهفة : جلال .. انت كويس ، انت فين طول النهار و تليفونك خارج الخدمة
جلال بابتسامة : حقك عليا ، انا عارف انك اكيد قلقتى ، تليفونى كان فاصل شحن من بدرى ، بس لما هتعرفى اللى حصل هتعذرينى
فؤادة بقلق : و هو ايه اللى حصل
و بعد ان قص عليها جلال كل احداث اليوم قالت فؤادة : يعنى انت اتطمنت انه بقى الحمدلله كويس
جلال : الحمدلله ، الدكتور طمننا ان الطعنة كانت بعيدة عن الاعضاء الحيوية فى جسمه ، بس طبعا على ما نقلوه المستشفى ، كان نزف كتير
فؤادة بتعاطف : لا حول و لا قوة الا بالله ، ربنا يقومه بالسلامة و يتم شفاه على خير ، لما تروحله بكرة ان شاء الله ابقى كلمنى من هناك عشان اتطمن عليه
جلال : ماشى ، و ياريت كمان تبقى تتطمنى على سلمى ، احسن لحد ما محمد اخدها روحها و هى كانت منهارة على الاخر
فؤادة : يا عينى يا سلمى انتى كمان ، حاضر هكلمها
فى المشفى ، كان قد بدأ تأثير البنج فى الزوال ، و كان حسين يجاهد كى يفتح عينيه ، لينتبه له عارف و يقول برفق : حسين .. انت فوقت ، حاسس بحاجة
حسين و هو ينظر لعارف بتيه : سلمى ، سلمى فين
عارف بمرح : لا .. طالما افتكرت سلمى ، تبقى فوقت الحمدلله
حسين : سلمى … كنت سايبها فى العربية ، قلتلها ما تنزلش منها ، و نزلت ، سمعتها و هى بتصرخ ، هى فين يا عارف .. حصل لها حاجة
عارف بابتسامة : لا يا حبيبى اتطمن ما حصللهاش حاجة ، هى زى الفل ، ياكشى بس حاجات بسيطة يعنى
حسين بانتباه : حصل لها ايه يا عارف انطق ، ما توقعش قلبى
عارف بخبث : سلامة قلبك يا عم العاشق ، قلنا كده .. قلتوا اطلعوا من البلد
حسين ببعض الغضب و هو يضع يده على جنبه المصاب من الالم : ما تنطق يا بنى ادم .. سلمى حصل لها ايه
عارف باستياء : ماتت من خضتها عليك ، و اتصفت و جالها جفاف من كتر الدموع اللى سحتها من عينيها عشانك ، و جالها تشنجات من كتر الشحتفة و هى مافيش على لسانها … غير كان هيموت بسببى
ثم قال بمرح : صحيح يا جدعان .. الحب ولع فى الدرة ، ما تخطبها بقى و تخلصنا من حالة الحب العذرى اللى انتو الاتنين واقعين فيه لشوشتكم دى
حسين باسى : ياريتها كانت بالساهل كده

 

 

 

عارف : و هتصعبها ليه بس يا دكترة ، هو الجواز ايه غير طلب و قبول ، صارحها بحبك و شوف رأيها ايه ، رغم انى متأكد انها بتبادلك نفس مشاعرك
حسين بحزن : و تفتكر يعنى عم سالم ممكن يوافق على الكلام ده
عارف : و ما يوافقش ليه ، انت راجل ليك وضعك و مركزك الاجتماعى و المالى ، و اللى يعتبر حتى احسن و ارقى منى بمراحل كمان ، يبقى هيرفضك ليه
حسين : انت ناسى انى مطلق و عندى طفلين كمان مش طفل واحد ، و ان سلمى لسه صغيرة ، و لسه ما شافتش حاجة من الدنيا ، ليه اظلمها معايا
عارف : و هو انت لما تتجوزها و انت بتحبها تبقى بتظلمها
حسين : مش لو اتجوزتها
عارف : انا مش فاهم انت تقصد ايه
حسين بتنهيدة : اقصد ان حبى لسلمى من اول يوم شفتها فيه وقت حادثة فؤادة ، و ابتدى يزيد فى قلبى لما قابلتها من تانى عند فؤادة فى المزرعة ، شفت بنت هادية و عاقلة و رقيقة ، لكن فى نفس الوقت روحها حلوة ، شفت حنيتها و طفولتها و هى بتتعامل مع ولادى ، عمرى ما فكرت انها ممكن تفكر فيا كراجل فى يوم من الايام ، لكن الظروف جمعتنا من تانى فى اوقات كتير ، خلت حبى ليها يزيد اضعاف ، و خلتنى احس بحبها ليا اللى باين فى عينيها
عارف : طب تمام اهوه ، ايه بقى المشكلة
حسين بحزن : المشكلة انى لو طلبتها من والدها ، نسبة موافقته عليا هتبقى ضعيفة اوى يا عارف ، و يمكن تكون كمان معدومة ، و لو رفضنى ، هيحصل شرخ فى علاقتها بابوها بسببى ، و متهيألى كلنا لاحظنا ان رغم كل شئ حصل قبل كده ، الا ان سلمى متعلقة بابوها اكتر من اخواتها بكتير ، و انا ما احبش ابدا انى ابقى سبب فى شرخ علاقتهم ببعض ، يبقى الافضل ليها انى انسحب من حياتها و ابعد تماما
ليأتيهم صوت سالم و هو يقول : انا الحقيقة كل يوم بكتشف فيكم طبع جديد يخلينى افرح اكتر بمعرفتكم
ليحاول حسين الاستقامة من رقدته و لكن جرحه منعه من ذلك ، و لكنه يقول مرحبا باضطراب : اهلا يا سالم بيه ، اتفضل
ليربت سالم على كتفه بمودة قائلا : سلامتك يا ابنى الف سلامة
محمد : حمدلله على سلامتك يا دكتور ، قلقتنا عليك
حسين : الله يسلمك ، الحمدلله جت سليمة
عارف : ليه تعبتوا روحكم كده ، الوقت اتاخر اوى
سالم بمرح لم يعتاده عارف و حسين منه من قبل : حماتك يا سيدى و خطيبتك ، ما هانش عليهم تقعدوا من غير اكل كده
عارف بامتنان : ليه التعب ده ، تسلم ايدهم
ليلتفت سالم الى حسين الشارد والذى كان يتسائل بينه و بين نفسه عن ما اذا كان استمع اليهم سالم و محمد قبل دخولهم و يقول : لو عاوز تعرف انا سمعت ايه فهقول لك ، انا لما دخلت من باب الجناح سمعتك و انت عاوز تطمن علي بنتى من اخوك ، و الحقيقة حواركم شدنى ، فقررت استنى على ما افهم الموضوع بالظبط
حسين بصدق : اسمع يا سالم بية ، انا بعترف قدامك انى بحب سلمى حب كبير جدا ، لكن من يوم ما عرفتها عمرى ما وجهتلها اى كلمة تعبر عن مشاعرى دى ، و سلمى كمان بنت فى منتهى الاخلاق و الادب ما شفتش منها اى حاجة تنتقص من اخلاقها و لا تربيتها
سالم بامتعاض : انت هتعرفنى على بنتى يا دكتور و الا ايه
حسين بحرج : العفو حضرتك ، انا بس حبيت اوضح لك الصورة ، عشان ماتفهمش الكلام اللى سمعته بشكل مش مظبوط
سالم : ما اعتقدش ان فى حاجة فى الكلام اللى سمعته ممكن تتفسر غلط
حسين : طيب .. طالما ان الموضوع وصل لكده ، فانا بعد اذنك بطلب منك ايد سلمى ، و اوعدك بشرفى انك لو رفضتنى و ده حقك ، ان سلمى مش هتعرف اى كلمة من اللى حصل ده ، لكن لو اكرمتنى بموافقتك ، فانا بوعدك انى هعمل كل جهدى انى اسعدها طول عمرى
محمد : بعد اذنك يا بابا … انا موافق
سالم : ما فيش حد من حقه انه يوافق او يرفض غيرى انا و بس
عارف : ارجوك يا عمى ادى لنفسك فرصة تفكر ، بلاش تقول رايك بسرعة كده ، على الاقل تبقى متاكد ان قرارك صح مية فى المية
سالم و هو ينهض من مجلسه و ينظر لعارف بتهكم : تقصد انى لو وافقت دلوقتى ممكن يبقى رايى مش مظبوط
لينظر عارف الى سالم بسعادة ثم ينظر لحسين الذى كان فى حالة ذهول ، و اقترب منه و هو يعانقه قائلا : مبروك يا حسين ، الف مبروك يا حبيبى
حسين : بجد يا عمى ، تقصد انك فعلا وافقت
محمد بمرح : ما بلاش تشكك فى اللى سمعته لا يرجع فى كلامه
سالم و هو يتوجه الى الخارج : انا مابرجعش فى كلامى ، بس برضة لازم اسال سلمى

 

 

 

ثم رجع ببصره الى عارف و قال : و لما تكونوا بتتكلموا تانى مرة ابقوا اقفلوا باب الاوضة عليكم ، مش كل مرة بتبقى النتيجة بالشكل ده
حسين بلهفة : عمى سالم
ليلتفت له سالم بتساؤل فيقول حسين : ممكن لو سلمى وافقت على طلبى ، نتجوز مع عارف و نهاد
محمد بضحك : كمان !! ، طب يا اخى اصبر لما تعرف النتيجة ، هو فيه تنسيق قبل النتيجة
فيقول سالم بابتسامة و هو يومئ لحسين برأسه : خف بسرعة عشان نقرى الفاتحة
حسين بتسرع : طب ما نقراها دلوقتى
ليقف سالم للحظات و كأنه يشير نفسه فى عرض حسين ، فيميل عليه محمد و يحتضنه بحب و يقول : ياريت يا بابا ، ده حتى يبقى احلى خبر يفوق سلمى من الوجع اللى هى فيه
ليبتسم سالم ، فقد احس من احتضان محمد له بالفخر و الحب الذى افتقدهم لسنوات طوال ، فالتفت قائلا لحسين : طب و على كده حافظها و اللا هقول و انت تقول ورايا
فى منزل سالم .. بعد عودة سالم و محمد من المشفى ، كان آذان الفجر قد اقترب موعده ، و لكنهم وجدوا سلمى تجلس مع نهاد فى صالة المنزل ، و عندما رآهم سالم قال بجدية : انتو ايه اللى مسهركم لحد دلوقتى ، ما عندكمش حاجة الصبح و اللا ايه
لتقول نهاد و هى تنظر لسلمى بقلة حيلة : اصل يا بابا بقالى كتير كل ما احاول اكلم عارف عشان نتطمن على الدكتور حسين ، ما يردش علينا ، فقلقنا عليهم ، و قلنا نستنى حضرتك و محمد تطمنونا لما تيجوا
لينظر سالم الى سلمى فيجد عينيها محتقنة من اثر البكاء فيقول : ما تقلقوش هم كويسين ، بس اكيد يعنى محتاجين يناموا و يرتاحوا ، و انتم كمان لازم تناموا و ترتاحوا
لتقول سلمى و هى تقاوم نوبة من نوبات بكائها التى لم تتوقف : يعنى لما روحتولهم يا بابا ، لقيتوا الدكتور فاق
سالم : دكتور مين اللى فاق
سلمى : الدكتور حسين يا بابا
سالم بمكر : و انتى برضة هتفضلى تقوليله يا دكتور بعد ما تتجوزوا
سلمى بعدم فهم و هى تنتقل بعينيها بين ابيها و اخيها : هم مين دول اللى هيتجوزوا
محمد : بابا يقصدك انتى و شهيد الواجب
سلمى بقلق : انا مش فاهمة حاجة ، و مين ده اللى شهيد ، هو حصل له حاجة
سالم : هو مين ده
سلمى بقلة صبر : حسين يا بابا
ليتركها سالم و يتجه الى غرفته و هو يقاوم ابتسامته و يقول : و انتى بتسألينى انا ليه ، ما تتصلى بيه انتى و تساليه بنفسك ، هو مش خطيبك
لتضع سلمى كفيها على وجهها و تدلكه بشده و قد نال منها الاجهاد بشكل كبير ، فتأخذ شهيقا عاليا و هى توجه حديثها لاخيها قائلة : محمد ، انا حاسة انى مش قادرة استوعب كلامكم كويس ، هو سؤال و عاوزة اجابته ، لما روحتوا للدكتور حسين لقيتوه فاق و اللا لسه
ليشفق محمد على مظهر اخته ، فيتجه اليها و يحتضنها قائلا : فاق يا سلمى ، و الحمدلله ابتدى يتكلم و طلب من بابا طلب كده و بابا وافق عليه مبدأيا ، بس طبعا رأيك انتى هو الفيصل
سلمى بفضول : طلب ايه من بابا
محمد بابتسامة حنونة : طلب ايدك يا حبيبتى
لتنظر سلمى لاخيها بتيه و ما هى الا لحظات حتى سقطت بين يديه غائبة عن الوعى
ليحملها محمد و يتجه به الى غرفتها بمساعدة نهاد ، و يقوم بافاقتها ، و اسعافها ، ثم يعيد عليها كل ما حدث مرة اخرى بهدوء و سلاسة ، ليضئ وجهها من السعادة و تقول و هى تنظر لنهاد : الكلام ده بجد
لتقبلها نهاد بسعادة قائلة : بصراحة انا مش مصدقة ان الحكاية حصلت كده و مشيت بالسهولة دى ، صدق اللى قال اللى تخاف منه مايجيش احسن منه ، الف مبروك يا حبيبتى
محمد و هو ينهض من مكانه : اعملى حسابك بكرة ان شاء الله هاخدك معايا انتى و اختك و انا رايح اتطمن عليه ، و هروح انام بقى شوية احسن خلاص فصلت و مش قادر افتح عينى
فى اليوم التالى بمنزل حسنة ، كانت حسنة تجلس بحديقة المنزل و هى تراقب ندا و هى تلاعب صغيريها بالقرب منها ، عندما هاتفها حسين ، و عندما قامت بالرد قالت بلهفة : كده برضة يا حسين ، بقى تبات برة من غير حتى ما تبلغنى قبلها و تقلقنى عليك بالشكل ده
حسين : سامحينى يا امى ، بس الظروف جت كده ، و كمان انا و عارف مع بعض ، و عموما انا قلت ابلغك من دلوقتى انى هبات النهاردة كمان فى المستشفى
حسنة : و ليه يا ابنى ، هو فى حاجة. من امتى بتبات فى المستشفى يومين ورا بعض ، انت كويس ، و اخوك كويس
حسين : بخير يا امى ما تقلقيش علينا

 

 

 

حسنة بقلق : اومال ليه حاسة ان صوتك مش طبيعى
حسين بمناورة : و هيبقى طبيعى ازاى بس ، ده انا عندى ليكى خبر هيخليكى تتنططى من الفرحة
حسنة بابتسامة : طب ما تفرحني ، ادينى سامعاك اهوه
حسين : طب هو جلال نزل من عندك و اللا لسه ، عشان لو لسه عندك افرحكم سوا
حسنة و هى تتعمد الحديث بصوت واضح : جلال ياسيدى بيحاول يلم كل اللى وراه عشان يعرف يرجع يجيب فؤادة من المزرعة و لما ييجى معاد الفرح يعرف ياخد شهر عسل زى اخوه
لتنتبه ندا الى حديث حسنة بغل و لكنها لم تعلق ، بل تابعت المكالمة بشغف
حسين : قصدك تقولى زى اخواته
حسنة بعدم فهم : اخواته مين
حسين ضاحكا : جرى ايه يا امى ، ده انا طول عمرى بقول عليكى لبيبة
حسنة بلهفة دون ان تشعر : تقصد ان انت كمان هتتجوز معاهم
حسين : ايوة يا ستى ، ادعيلي انتى بس
لتنتبه حسنة الى ندا التى نهضت من مكانها و هى تنظر لها بذهول جعلها تضطرب فتقول لحسين : طب ، طب يا حبيبى ، انا شوية كده و هبقى اكلمك افهم منك التفاصيل
ثم أغلقت الهاتف و نظرت لندا التى تقدمت منها بحقد و قالت : ابنك هيتجوز ، هى حصلت ، ده انا يا دوب عدتى خلصانة من مافيش ، لحق يبص و يختار و ينقى و يخطب كمان ، بس معلش ملحوقة
و التفتت بغضب متجهة الى الخارج و هى تتوعد فى سرها للجميع ، حتى وصلت الى منزل ابيها ، و ما ان دخلت حتى وجدت كريم يجلس مع ابيها و امها فى حالة وجوم ، فلم تبالى بمظهرهم و قالت لابيها بانفعال : شفت ابن اخوك اللى دايما تدافع عنه ، و على طول تيجى فى صفه و تطلعنى انا اللى غلطانة
ابن اخوك اللى طلاقنا يا دوب عدى عليه اربع شهور ، راح خطب ، زى ما يكون ماصدق انه خلص منى ، و اللا يمكن يكون كان على علاقة بيها من زمان و انا نايمة على ودانى ، و كان مستنى تجيله فرصة يعلنها
ليقول عزت بتأنيب : انتى اللى خربتى بيتك بايدك ، ياما اتحايل عليكى انك تسيبك من الاوهام اللى فى دماغك و تلتفتى له و تهتمى بيه ، لكن انتى كنتى شاغلة نفسك بحاجات تانية ماتخصكيش من الأساس ، و ادى النتيجة
ندا بغضب : انت لسه برضة بتدافع عنه مافيش فايدة
كريم : انتى عرفتى الموضوع ده منين
ندا بغل : البية كان بيبلغ امه بالخبر و انا هناك ، كان بيفرحها
ثم التفتت اليهم و قالت بفضول : انما يعنى هو انا ليه حاسة انكم كنتم عارفين
عزت : حسين كلمنى و بلغنى ، راجل و بيعرف فى الاصول ، و قال لى عشان ما اعرفش من برة و اخد على خاطرى منه
ندا بسخرية : لا و الله عداه العيب ، و ايه بقى ، ما قاللكش تبقى مين المحروسة اللى هتبقى مراة ابو ولادى
لينظر كريم اليها بجمود و قال : بنت عم فؤادة
ندا بعدم تصديق : مش المفروض ان دى تبقى خطيبة عارف
كريم بتوضيح : اختها
لتصرخ ندا بغضب و كأن النيران قد اشتعلت بداخلها : فؤادة .. فؤادة .. فؤادة ، من يوم ما دخلت بيننا و هى سبب الخراب ، فرقتنا و طردتنا من بيتنا ، و راحت احتلته هى و قرايبها
كريم بغضب : ما تكدبيش الكدبة و تصدقيها يا ندا ، انتى عارفة كويس اوى ان انتى السبب الوحيد فى كل اللى حصل ده ، انتى بعدتى جوزك عنك و كرهتيه فيكى ، و انتى اللى هديتى بيتك بايدك
ندا بتوعد : و ههد بيتها برضة بايدى و مش هسيبها تتهنى لحظة واحدة على وش الدنيا
و تتركهم و تتجه الى الاعلى و هى فى حالة غضب شديد ، و ما ان اغلقت عليها باب حجرتها حتى اخرجت هاتفها و هاتفت شخص ما قائلة : لو عاوز فعلا تضرب ضربتك ، الفرصة جاتلك لحد عندك ، هى حاليا موجودة لوحدها و مافيش معاها اى حد ممكن ينجدها

يتبع…

‫17 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *