رواية ضربات ترجيح الفصل السابع 7 بقلم دينا ابراهيم
رواية ضربات ترجيح الفصل السابع 7 بقلم دينا ابراهيم
رواية ضربات ترجيح البارت السابع
رواية ضربات ترجيح الجزء السابع
رواية ضربات ترجيح الحلقة السابعة
ضرب “مزيكا” الأرض بخطواته المنفعلة نحو المرحاض وهو يتوعد لها متمتمًا:
-لو طلعت حاجة مش مهمة هعمل معاها الصح بعد الكسفة دي!
تعلق بصره المغتاظ بالمبنى المنشود والتفت حوله يحاول تبين موقعها وهو يسب ويلعن نفسه لأنه استمع لها، كاد يفقد هيبته ويصرخ مذعورًا عندما خرجت أصابع صغيرة قوية من بين فراغ فاصل بين مبنيين يبلغ مساحته بضع سنتيمترات لتبتلعه بينهما، ويجد نفسه يقف مذهولًا أمام “مادونا” الغاضبة التي صرحت من بين أسنانها:
-ينفع اللي أنت بتعمله ده!
أخبرها وهو لا يزال مذهولًا بسبب جراءتها:
-أنا عملت أيه أنتي اللي زنقاني!
رمشت عدة مرات وتفحصت كيف تقبض على مقدمة قميصه بين أصابعها الصغيرة، ومازالت دافعة إياه نحو الجدار أمامها، فحمحمت بحرج وابعدت يدها وجسدها كله عنه خطوتين للخلف حتى لاصقت الجدار الأخر من خلفها لكنها تابعت في نبرة حادة خرجت مرتبكة نوعًا ما:
-أنا أقصد التجاهل، أنا من امبارح بحاول الفت انتباهك والبيه منفض!
مال فمه للأسفل وهو يتكئ بأريحيه على الحائط ثم عقد ذراعيه أمام عضلات صدره الضخمة قائلًا في تهكم:
-ما أنا لما بتلفت بتتقمصي وبتزعلي عشان خاطر حبيب القلب!
رمقته بغيظ من أسفله لأعلاه مستغربة حديثه العجيب ثم سألته مستنكرة:
-أفندم، أيه حبيب القلب ده كمان.
-هما أكتر من واحد.
تمتم ساخرًا متعمد إثارة غضبها:
-أحترم نفسك يا بني آدم.
حاول امتهان الثبات ولكنه كان يريد اغضابها بالحد الذي يشفي غليله منها ومن غباءها:
-لا سيبنا الأحترام للحلو اللي الهانم معجبة بيه.
-أيه الكلام السخيف ده، في لاعب كرة محترم يقول الكلام ده لبنت ويتهمها كده!
ردت مستهجنة اتهاماته التي تمس قلبها المسكين وسمعتها البريئة.
-اتهمها ليه؟ مش دي الحقيقة وده اللي زعلتي عشان بحذرك منه، على العموم ربنا يهني سعيد بسعيدة.
خرجت كلماته مقطرة بغل وغضب عارم زاد من تعجبها لكنها أصرت على موقفها فرفعت إصبعها في وجهه هاتفة اعتراضها:
-أيه سعيد وسعيدة دي، هقول أيه كل إناء ينضح بما داخله.
-اه نسيت إن إناءك ينضح بـ ليدو عرفاه ولا أجبهولك من الاتوبيس.
استكمل بكل ما يمتلكه من تهكم وبرود:
-تصدق أنا غلطانة إني جاية اتكلم معاك واحذرك، أنت تستاهل اللي يجرالك.
كادت تغادر لكنه أتخذ رد فعل سريع ليوقفها بوضع ذراعه فوق الجدار أمامه مباشرًا بجوار رأسها مانعًا هروبها ثم هتف من بين أسنانه:
-وحياة أمك، منزلاني عشان تتعاركي معايا وماتقوليش عايزة أيه اصلًا.
زفرت بحنق لكنها دفعت ذراعه ودفعته كي يتخذ خطوتين ناحيته عند الحائط الأخر ثم استغفرت الله تحاول استعادة هدوءها كي تستكمل مخططها، اتخذت عدة أنفاس عميقة فرد فعله ذاك جعلها مترددة من إخباره صراحةً عما ينوي “ليدو” فعله ومكيدته له.
فالآن ستزيد همومها وهي تخشى ما قد يفعله هذا المجنون المتهور دون أي دليل ملموس لديهما، لتتخذ القرار بعدم إخباره القصة كاملة، رفعت رأسها إليه تخبره بشكل مباشر:
-في المعسكر هيقدمولكم عصير طبيعي للطاقة مكتوب عليه أسمك، أوعى تشربه.
زجرها بنظرات مستنكرة ثم هتف غاضبًا:
-نعم، أنتي بتخرفي تقولي أيه؟
-اسمع وافهمني في حد بيحاربك وهيحطلك منشطات عشان تتحرم من المباراة.
-مين ده اللي عايز يدمرني وبيعمل كده ليه؟
سألها وشرارة الغضب تلوح من عينيه فعضت شفتيها رافضة الإفصاح عن هوية الجاني فهمست بنبرة خافته:
-مش هينفع أقولك….
تأوهت بذهول حين عصر ذراعيها بشكل مفاجئ بين أصابعه بينما يزجرها بقوة اعتراضاته:
-أيه الجنان ده، يعني أيه مش هينفع تقولي، أومال أيه اللي ينفع أن مستقبلي يتدمر!
-أرجوك متضغطش عليا، أنا فيا اللي مكفيني.
خرجت منها شهقة مصدومة حين جذبها خلفه وهو يصرح بعباراته المهددة:
-لا لسه مش كفاية تعالي على الإدارة نقولهم الكلام ده وهما هيكفوكي وزيادة.
ثبتت أقدامها بالأرض ترفض التحرك معه لكنه كان يجرها جرًا ففرت منها عبراتها المرتعدة من تهديده وقالت بصوت ظنته حادٍ لكنه خرج مهتز:
-سيبني هو ده جزاتي إني بساعدك
طالعها ساخرًا من حديثها رافضًا ترك ذراعها من بين براثنه ثم التفت يجرها خلفه من جديد متشدقًا:
-هنعرف مين ورا المؤامرات دي وان كان في مؤامرة فعلًا ولا أنتي قصدك تلعبي عليا لعبة بس لا يا ماما مش أنا اللي يتعمل معاه كده.
-أقسم بالله العظيم ما أنا، حرام أنا كان كل قصدي أساعدك.
أجهشت في البكاء كطفلة تجذبها والدتها لحبسها بغرفة الفئران فتوقف عن جذبها واستدار يتابع ملامحها الباكية بذهول ورغمًا عنه تحركت مشاعره مع كل دمعه وآنين باكي يخرج منها.
-بتعيطي ليه؟
سألها بصوتٍ خشن بعد أن ترك ذراعها وراقب كيف ترتعد فرائصها وهي تعود لمخبئها بجانب الجدار لكنها فاجئته أكتر بلسانها السليط:
-بعيط عشان انسان همجي ومغرور وأنا غلطانة إني فكرت أنقذك وأحذرك وفي المقابل بتصفي دمي وعايز تدمر مستقبلي أنا.
فرك أسفل عنقه بحرج وقد شعر بتسرعه دون تفكير وسوء تصرفه فاقترب منها متمتمًا اعتذاره:
-عندك حق أنا أسف، لكن أنتي كمان غلطانة ومش فاهمة خطورة الموقف، أنا من حقي أفهم الحكاية وأعرف مين اللي عايز يأذيني عشان أخد حذري!
جففت دموعها بقوة ونظرت بعيدًا عنه تخفي وجهها الأحمر من شدة البكاء والخوف، فأقترب منها بحرج أشد يلامس ذقنها ويجبرها على النظر إليه.
-حقك عليا كفاية عياط.
قال في حنو بالغ يخالف جنون غضبه قبل قليل وسمح لأصابعه باقتناص ما لا حق لها حين قبض على خصلاتها المبعثرة فوق وجنتها المبللة ليضعها خلف أذنها ويعود ليمرر ظهر كفه على وجنتها ماسحًا بقايا دموعها، ثم قال يحثها على الحديث مستغلًا ارتباكها وتوترها القافز من مقلتيها:
-قوليلي مين يا مادونا وريحي قلبي، ولا أنتي مش خايفة عليا؟
-خايفة عليك طبعًا لو مش خايفة هعمل كل ده ليه؟
أجابته بنبرة منخفضة صادقة فكاد ينسى أين هو وماذا يكون بالنسبة لها ويميل لاقتناص قبلة من شفتيها الوردية المهتزة بكلماتها المتلعثمة وقد انتفخ صدره سعيدًا بتأثيره الطاغي عليها.
بللت شفتيها وحاولت الابتعاد عن لمساته التي جعلت قلبها يتضخم ويضرب دون سيطرة داخل قفصها الصدري، دفعت أصابعها مغمغمه بامتعاض:
-ليدو.
كلمة واحدة كانت قادرة على فقأ فقاعة مشاعره المنصبة عليها التي كان يتساءل داخلها عن مغزى اهتمامه بها وسبب هيامه وغرقه بعدستيها البنية.
تلون وجهه بحمرة غاضبة فقرص وجنتها بحدة بعد أن كان يلمسها بحنو بالغ منذ قليل متشدقًا حروفه:
-اسمي مزيكا، أنتي كمان بتفكري فيه وأنتي معايا!
-اه خدودي، أنت بتقول أيه يا بني آدم أنت، أنا أقصد ليدو هو اللي ورا الموضوع.
تحجرت مقلتيه بالجنون فصرّ على أسنانه وهو يتلو عليها سؤاله:
-عشان كده مكنتيش عايزة تقولي عنه، خايفة على حبيب القلب مش كده؟
هزت رأسها بيأس وتعجب لا تصدق الهراء الذي يتفوه به وقلبها المسكين يخشى الاعتراف بسبب تلك الغيرة المنبثقة من عينيه الصارخة بأنه يكن مشاعر لها أعمق مما تظن لكنها تفوهت باستهزاء:
-مزيكا أنت شارب حاجة، أنت مش واخد بالك أنى لسه فاتنة عليه واحتمال اوديه في داهية بكلامي ده.
عقد ذراعيه وقد أعادت تفكيره إلى المنطق بعيدًا عن مشاعر الغيرة التي تسيطر عليه كلما ذُكر اسم الحقير، لكنه رفض الابتعاد عنها لإعطائها أي مساحة شخصية ليتمتم أمرًا:
-احكيلي كل حاجة بالتفصيل.
سردت عليه ما دار بينها وبين كريم تحكي له بالتفصيل ما نقله لها وسماعه لمكالمة ليدو مع شخص أخر في محاولة للإيقاع به لتنهي حديثها باعترافها البسيط:
-أنا خايفة أروح للنادي ويطلع مظلوم ووقتها أنا اللي هتكدر.
رفع كفه في الهواء وكأنه يرغب في صفعها انكمشت بخوف فدفعته لأن يعض فوق قبضته بقله حيله ثم اندفع متذمرًا بسبب دفاعها عنه:
-أنتي كمان ليكي عين تدافعي عنه، يكون في علمك أنا متأكدة مية في المية أن الكلام ده صحيح، ليدو انسان مش سوي بس أنتي اعجابك بيه عاميكي عن حقيقته.
-والله العظيم ما هو ده اللي معجبة بيه نهائي.
دافعت عن قلبها ومشاعرها بصرامة ترغب لو تصيح في وجهه بأن مشاعرها الحمقاء لا تتحرك لسواه لكنها صمتت وعقدت ذراعها أمامها في غيظ وزاد من حنقها عليه حين ارتفع فمه في ابتسامه مغرورة ليخبرها:
-طيب قوليلي معجبة بمين؟
-دي خصوصيات مالكش فيه.
اجابته بتوتر وهي تفرك ذراعها حتى انتبه لاحمراره بسبب تعنيفه لها فرمته بنظرة غاضبة وعاتبته مشيرة لذراعها:
-شوف عملت أيه اهو دراعي ورم منك لله.
-وريني كده دراعك ده بيقول أيه.
مسد على ذراعها برقة ونعومة هزت كيانها وقبل أن تصرخ فيه صدح صوت حمحمات رجولية بجوارهما فالتفا في ذعر نحو “لوكه” المتفحص لهما بريبة تبعتها ابتسامة واسعة قائلًا بنبرة ذات مغزى:
-والله، المدرب خارب الدنيا على دماغنا وأنت هنا خاربها!
دفعت “مادونا” يده من عليها وهي تردف سريعًا بدفاعية:
-والله ما بحبه أنا كنت بقوله حاجة مش أكتر.
ضاقت عيونه بغيظ ثم أجابها في حدة:
-لا أنا اللي بحبك أوي، أصلا لو كنت سبتني دقايق تاني كنت طلعت روحها في إيدي.
تنقلت نظرات “لوكه” الساخرة بينه وبينها ثم حرك كتفيه مؤكدًا:
-أول خطوة للحب هي النكران.
صمت واستدار للمغادرة مستكملًا حديثه:
-ورايا يا مزيكا قبل ما أقول للمدرب.
عض فوق شفتيه بغيظ خاصة حين رمقته بغضب وكأنه السبب في القبض عليهما وذهل وهي تتهمه:
-عجبك كده اهو فهمنا غلط، احسنلك تفهمه، إني لا يمكن أحبك.
-وأنتي تطولي أصلًا، بقولك أيه اتكلي على الله وإياكي تحكي موضوع ليدو لأي حد خلي مطمن كده وهادي لحد ما أعرف هتصرف ازاي.
-وهتتصرف ازاي؟
تسألت بفضول فمالت شفتيه للأسفل وهو يجيب سؤالها بسؤال أخر:
-أيه خايفة عليه؟
-أوف أنت مش طبيعي!
تحركت في خطوات غاضبة للمغادرة وسط ضحكاته المستمتعة حتى ناداها قائلًا:
-خدي بالك من نفسك يا متوحشة.
-سم عليك ان شاء الله هيحطلك منشطات في حاجات تانية عشان نخلص منك كلنا ونرتاح.
استدارت نحوه تلقيه بكلماتها المنزعجة لكنه متأكد أنها لا تقصدها ولم تمس قلبها فأرسل لها غمزة قبل أن يحرك سبابته وابهامه أمام عينيه مشيرًا لحركة الكاميرا مردفًا في مشاكسة:
-وحياة الكاميرا وصاحبتها ما من قلبك يا مارادونا أنت خايف عليا.
تأففت دون اجابة وقد أحمر وجهها من شدة الخجل وما تفعله مشاكساته بقلبها المسكين ثم استدارت مغادرة وتركته يتبع “لوكه” المبتسم على وسع فمه وكأنه كسب اليانصيب فمال عليه بعد أن اعتذر للمدرب عن التأخر هامسًا تهديده:
-لو جيبت سيرتها لأي حد ولا حكيت أي حاجة هتبقى باللي بينا يا كبير.
ارتفع حاجب “لوكه” لكنه لم يعلق واكتفى برسم ابتسامته الكبيرة على وجهه وقد نبأه حدسه بملحمة غرامية قادمة.
*****
مرت أيام المعسكر حتى جاء اليوم المنشود فكان الملعب التي ستقوم عليه المباراة ممتلئ بالجماهير الغفيرة بينما جلس اللاعبين في غرفة تبديل الملابس قبل انطلاق المباراة يراقبون تحركات المدرب وانفعالاته وأوامره الحاسمة بتكرير الخطة عليهم والمفاجأة التي صدمتهم جميعًا هو عدم تواجد “ليدو” في التشكيل رغم سلامته الصحية وهذا أمر غير طبيعي غير مبرر، حتى هو ذاته أصابته الصدمة وكاد يسأل لولا يد أحد الاداريين التي لوحت له بالصمت، فالتزمه على مضض والتوتر يأكله أكلاً لمعرفة السبب، بينما أخفض “مزيكا” رأسه محاولاً كتم ضحكته وسعادته بسبب إقصائه من اللعب.
صفق المدرب في حماس ما أم أنهى سرد الخطة الموضوعة وأمرهم جميعًا بالوقوف في الممر المؤدي لأرضية الملعب، فانطلق الجميع بما فيهم “مزيكا” وفقًا لتعليمات المدرب وقبل أن يخرج رمى “ليدو” بنظرة استحقار تعجب لها الأخر ولكنه التزم الصمت فما خطط له يلزمه عدم أي إثارة رد فعل يأخذ عليه فيما بعد، سيرتدي قناع الهدوء مؤقتًا، تحرك المدرب للخروج فأوقفه سريعًا يسأله في ترقب وتوتر:
-هو التشكيل اتغير ليه يا كوتش؟
-اتغير عشان أنا عايزه يتغير في حاجة؟!
ضغط “ليدو” فوق أسنانه وحاول إخراج نبرته عادية:
-ماشي يتغير وأنا مش موجود فيه ازاي، ده ماتش مهم ولازم انزل فيه.
– أنت بتعترض عليا، أنت مدرك اللي أنت بتقوله؟
أجابه بنفي حارق لكنه حاول إثبات وجهة نظره:
-لا أكيد، بس أنا وجودي مهم، احنا كده هنخسر.
-أنا هسكت ومش هرد على كلامك، بس ليا كلام تاني بعد المباراة معاك.
تركه المدرب وخرج من الغرفة استعدادًا لموعد انطلاق المباراة حيث خرج لاعبين الفريقين والحكام أيضًا.
حاول “ليدو” التنفس بشكل طبيعي وعجز عقله عن تفسير الوضع المفاجئ الذي وجد نفسه به، لكنه تحرك بخطوات مثقلة صوب الملعب وجلس في المقاعد المخصصة لفريقه يتابع المصورين المسرعون في أخذ اللقطات المصورة لفريق “لورانس العرب”، وقبل انطلاق صفارة الحكم، مال عليه أحد لاعبي الاحتياطي وسأله متعجبًا:
-هو التشكيل اتغير ليه يا ليدو، عملت أيه عشان يبدلوك بفريد؟
-معرفش.. معرفش.
قالها بحنق وهو يركز ببصره على مزيكا وابتسامته الواسعة وكأن النصر تحقق الآن بعدم تواجده، استعد “عمرو مزيكا” بجانب زملائه للمصورين وكان من بينهم “كريم” الذي ناداه كي ينظر إليه:
-كابتن عمرو بص هنا.
ابتسم “عمرو مزيكا” بثقة وهو ينظر له بينما استقبل كريم البسمة بابتسامة أكبر وهو ينظر بطرف عينيه نحز “ليدو” الجالس فوق المقعد يتابعهم بحقد، شاعرًا بأنه وأخيرًا اتخذ القرار الصحيح حينما استمع لمخطط مزيكا الذي طلب منه تبليغ إدارة النادي بما يحدث وما سمعه مشددًا على عدم ذكر اسم “مادونا” خوفًا من تعرضها لأي مسائلة أو ما قد يعرضها للخطر، ولكن تلك الشرسة رفضت ذلك وتوجهت مع كريم للإدارة كي تسانده وهو يسرد عليهم ما حدث بين “ليدو” والموظف المسؤول عن وجبات التغذية.
وبالفعل تحركت الادارة سريعًا وبسرية تامة لتقوم باستجواب الموظف ومما أكد لهم صحة الأمر هو طلب الموظف قبل المعسكر بكتابة أسم كل لاعب فوق وجبته وكان ذلك شيء جديد على النظام المعتاد، وبعد الضغط على الموظف خارت قواها وبدأ في سرد ما حدث بالتفصيل الممل حتى أنه أخرج هاتفه وقام بتشغيل تسجيل للمكالمة المشؤومة والتي أودت بوظيفته المرموقة بالنادي، وعلى أثره أصدرت إدارة النادي عدة قرارات في سرية تامة وأبلغت بها المدرب والذي بدوره اتخذ قرار إقصاء “ليدو” من اللعب في أهم مباراة ينتظرها الجميع الجماهير والاعلام، مباراة تاريخية ستخلد في دولاب جوائزهم إن استطاعوا اقتناص الفوز هذه المرة.
أما مادونا فقد كانت جالسة بجانب والدها في أولى مقاعد الجماهير تتابعه وهو يبتسم لكاميرا كريم وتمنت حينها أن تكون هي صاحبة التقاط الصورة وليس كريم، ابتسمت براحة وحمدت الله تواجد “عمرو مزيكا” بالفعل ضمن التشكيل الأساسي، وأنها ساعدت في إنقاذ مستقبله من مكيدة محتمة، خرجت من عمق أفكارها على صوت والدها الصادح باعتراض وتعطب:
-إيه الجنان ده هو ليدو مش هيلعب، ابتدينا نعك ومش هنكسب.
-غريبة دي إزاي ليدو ميلعبش.
تفوه بها مشجع أخر بجانب والدها، فاقتربت “مادونا” من والدها وحذرته بخفوت:
-بس يا بابا متتكلمش لو سمحت في التشكيل، ان شاء الله هنكسب وبعدين أكيد دي خطة من المدرب.
-بس ليدو يا بنتي…
قاطعته بصرامة:
-مش هنفهم أكتر من المدرب مش ده كلامك يا سي بابا يا صاحب شعار لا للمعارضة!، وبعدين ما تندمنيش ان جيت اتفرج معاك وسيبت شغلي.
كاد يتأفف والدها ولكنه التزم الصمت على مضض، ليصدح بعدها صوت صفارة الحكم وتبدأ المباراة، فينغمس الجميع في مراقبة تحرك اللاعبين باهتمام بالغ….
يتبع…
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ضربات ترجيح)