روايات

رواية ولد الهلالي الفصل الخامس 5 بقلم نور بشير

رواية ولد الهلالي الفصل الخامس 5 بقلم نور بشير

رواية ولد الهلالي البارت الخامس

رواية ولد الهلالي الجزء الخامس

رواية ولد الهلالي كاملة (جميع فصول الرواية) نور بشير
رواية ولد الهلالي كاملة (جميع فصول الرواية) نور بشير

رواية ولد الهلالي الحلقة الخامسة

أقترب الجميع من السفرة و يونس عيونه لاتزال معلقة بدهب لا يستطيع أن يحيد بعيونه بعيداً عنها ، و لكنها لم تنظر له نظرة واحدة حتى منذ أن رأها حتى الآن ، و هذا كان يسبب له علامة إستفهام ، لا يعرف لماذا لم تريدين أن تنظر له ؟
هل هى لا تريد النظر له قصدا ولا لأنه لم يوجهه لها كلمة منذ أن رأها ، فاق من شروده على صوت الجميع المدندن بسعادة تلك الغنوة الشهيرة الذى يتغنون بها فى مثل هذه الحفلات ، إلى أن فتح الصغير الضوء ، و أقترب الجميع من زينب مقبلا إياها بحب ، مقدمين لها الهدايا البسيطة التى فرحة بها زينب كثيرا ، حتى لاحظ يونس أن فرحتها بهداياهم هذه أكثر بكثير من فرحتها بهذا الخاتم الذى أشتراه خصيصاً لها ، فهو الذى قام بشراءه و ليس زوجته ، و لكنه قال هكذا ليحسن العلاقة قليلا بين والدته و زوجته ، و لكن فرحة والدته باديه بشدة على ملامحها من هدايا الجميع ، ظل يتأمل والدته إلى أن جاء دور دهب ، فنطقت دهب بحب و هى تحتضن والدته بمرح: كل سنة و أنتى طيبة يا زوزه و عقبال مليون سنة ، ثم أمسكت بحقيبة الهدايا الخاصة بها ، و مدت يديها بداخلها و أخرجت منها جلباب أبيض جميل ، الذى يلبسه المعتمرون فى العمرة ، و تابعت بحب و هى تمسك الجلباب بيديها عارضة إياه بسعادة: إيه رأئيك يا زوزو فى هديتى
فنظرت لها زينب بحب و نطقت بسعادة بالغة: جميلة أوى يا دهب ، أنتى عارفة أن كان نفسى فى واحدة من زمان ، تسلم إيدك يا حبيبتى ثم أكملت و هى ترفع يديها إلى أعلى داعيه الله سبحان و تعالى؛ يارب أوعدنا يارب

 

 

فردت دهب بحماس: دى أول هدية لسه فى مفاجأة تانية ليكى أنتى و عبودى
فتفوه عبد القادر بمرح: طلاما فيها مفاجأة و عبودى ، أنا مستنى على نار
فأبتسم كريم و نطق بمرح: عبودى أصلاً راشق فى أى مفاجأة و خلاص
فهتف عبد القادر بمزاح: أخرس خالص
فوضع كريم يديه على فمه فى حركة كوميدية و أردف بمرح: أدينى سكت ، ثم تابع بهمس؛ قال يعنى أنا صوتى هو اللى بيعمل مشاكل
فاستطرد عبد القادر بمرح: سمعتك يا كلب
فقهقه الجميع على حديثهم المضحك هذا ، و تابعت دهب و هى تخرج من حقيبتها عدة أوراق و ترفع يديها بهم أمام الجميع قائله بحب: و دى المفاجأة التانية ، ثم أعطت الأوراق لزينب ، فأخذت زينب منها الأوراق و نظرت لها و ما لبثت أن علت الصدمة ملامحها و بدءت عيونها بذرف الدموع و هى تنطق من بين عبراتها بعدم تصديق و نبرة متقطعة: مش ….. م … عقول …. مش معقول يا دهب ، …. يعنى العباية دى مش صدفة صح ، ثم هزت رأسها بعدم تصديق و دموعها تهطل بغزارة: يعنى أنا هعتمر يا دهب ، يعنى أنا هروح عند النبى أنا و عبد القادر ، أنتى بتتكلمى بجد
فتحدث عبد القادر بصدمة و هو يأخذ الأوراق من يد زوجته متصفحا إياها و هو يردف بذهول: إيه ده ، ده بجد ، دى تذاكر حجز طيران ، و تأشيره للسعودية ، أنتى بجد عملتى كده يا دهب ، أنتى بجد هتخلينا نعتمر ، ففرت دمعة هاربة من عيونه و هو يردد بسعادة؛ أنا طول عمرى كان نفسى أخلف بنت و ربنا ما أردش ليا بكده ، بس دلوقتى ربنا عوضنى بيكى يا دهب ، و أنا لو كان عندى بنت من صلبى عمرها ما كانت هتعمل معايا اللى أنتى بتعمليه ده ، شكراً يا دهب ، شكراً يا بنتى
فأرتمت دهب بداخل أحضانه و بكت هى الأخرى و تابعت بحب: أنا اللى شكراً على وجودك فى حياتى أنت و ماما ، أنا مش عارفة من غيركم كنت هعمل إيه ، أنتم عوضتونى عن حاجات كتير أوى ، ثم أبتعدت عن أحضانه و رفعت يديها ماسحه دمعاته بحنان و هتفت بحب؛ مفيش أب بيشكر بنته يا عبودى
و هنا أقتربت منها زينب ، و سحبتها إلى داخل أحضانها ، واضعة عدة قبلات متلهفة بسعادة أعلى كتفها ، مردده بحب: يا فرحة قلبى بيكى يا دهب ، يا عوضى الحلو فى الدنيا يا حبيبتى ، ثم أبعدتها عن أحضانها ، و رفعت يديها محيطه بيها وجهها بحب؛ أحنا أكيد عملنا حاجة حلوة فى حياتنا عشان كده ربنا عوضنا بيكى يا دهب ، ثم عادت بأحتضانها من جديد بحب شديد ، و لكنها تذكرت شيئاً للتو فأخرجتها من أحضانها بسرعة و أردفت و كأنها تذكرت شيئاً هام: أنتى صحيح عملتى الإجراءات دى كلها أزاى و أمته و جبتى الباسبورات بتاعتنا و أوراقنا منين ، ثم أكملت و هى تنظر إلى كريم بتساؤل؛ أكيد كريم هو اللى ساعدك
فرفع كريم يديه بحركة كوميدية و تابع بمرح: و لا أعرف أى حاجة عن الموضوع ده والله ، أنا لسه عارف معاكم ، زيه زيكم
كل هذا يحدث تحت نظرات يونس المذهولة و المصدومة من أفعال تلك الدهب ، فهى حتى بعد أن أنفصل عنها و أصبح ليس هناك علاقة تجمعهم إلا أنها لاتزال قريبة من عائلته ، و فكرت فى إسعادهم على عكسه تماماً الذى فكر بأن الهدايا السمينة و الأموال هى التى ستكون حكاية هذا اليوم ، و لكنه كان هناك بداخله شيئاً سعيد ، لا يعرف لماذا ؟ أو ما سبب هذا الشعور الذى أحتله فجأة ؟ و لكنه حقا سعيد …..

 

 

و ها هى زوجته المصون ، تقف على نيران ، فتلك الفتاة يبدو أنها تحتل مكانة كبيرها بهذا المنزل ، و يبدو أن الجميع على أتصال بها و يحبها كثيرا ، و هذا أشعل النيران بداخل صدرها ، فهى أخذت الجو كاملاً منها ، فهى فى أى حفل تكون هى الملكة المتوجة بداخله بملابسها و وضعها و هداياها السمينة ، و لكن تلك الفتاة فعلت ما لم يستطع أحد فعله معها من قبل
ففاق كل منهم على صوت دهب المحب و هى تردف بسعادة: لما كنت برتب الدولاب بتاعك يا زوزو من أسبوعين لقيت الورق ، و فى الشغل عندنا بيعملوا رحلات من دى دايما ، فجت فى بالى الفكرة أول ما شوفت الورق و نفذتها على طول من غير ما اتردد
فأحتضنتها زينب بشدة و تحدث بحب: أنا مش عارفة أقولك إيه و لا أعبر عن فرحتى بيكى أزاى ، بس أنا بجد مبسوطة أوى ، و مبسوطة أكتر أن عندى بنت زيك
فشددت دهب من أحتضانها و تابعت بحب: ربنا يخليكى ليا زوزه
و هنا نطقت دينا بمرح: ما تخلصونا بقا من حوار العشق الممنوع ده ، أنا عاوزه حتة تورتة مش قادرة أستنى أكتر من كده
فتفوه كريم بمرح: و بالنسبة للدايت هتبوظيه إنهارده كمان
فتابعت دينا بمرح: كله رايح مش باقى حاجة غير الستر و الصحة ، و أنا خلاص أقتنعت أنى قمر زى ما أنا كده ، ثم وجهت حديثها إلى دهب قائله بأستعجال: شهلى يا دهوب ، عصافير بطنى بتصوصو
فقهقه الجميع على حديثها هذا و رد كريم بمرح: طب يا جماعة ألحقوها بسرعة عشان دى لما بتفتح مش بتقفل
فوكزته دينا فى كتفه و صاحت بغيظ: يا سلام قصدك إيه بقا يا سى كريم ، قصدك أنتى طفسة صح
و أضافت دهب بمرح موجهه حديثها إلى كريم: لا بقولك إيه أنت تحترم نفسك معاها و تعاملها كويس ، لأحسن هى اللى بتأكلنا ، و زوزو مسافرة يعنى مش هنلاقى حد يطبخ لنا
فرفع كريم يديه ماسحا أعلى رأسه بتفكير ثم تحدث بلهفة و هو يتجه نحو الطاولة يأخذ من عليها صحن و قام بأعطاه لدهب و هتف مسرعا: طب أبوس إيدك بسرعة ، أحنا لازم نصلح علاقتنا معاها
فقهق الجميع ضاحكا على حديثهم هذا ، و يونس يقف لم يفهم شيئاً مما يحدث ، فهى متى عملت و ماذا تعمل ؟ و ما هذا التغيير الكلى الذى طرأ عليها فجأة هكذا ؟ ظلت يقف مكانة كالتائه لا يعلم ما الذى يجب عليه فعله ، لكنه يشعر بالغربة وسطهم ، يشعر و كأنه غريب عن هذا المنزل و من به ….

 

 

و على الجانب الآخر تقف نادين على مضض تستمع إلى حديثهم المستفز من وجهه نظرها ، فتلك الفتاة تلعب دور المثالية بطريقة باهرة ، فهى أكيد قاصدة إغاظتها ، قاصدة إشعال النار بداخلها ، و إشعارها بالغضب
فاقت من تفكيرها هذا على زينب و هى تمد يديها بالصحن إلى يونس قائله بحب: أنا عارفة أنك مش بتحب التورتة الجاهزة ، فطلبت من دهب تعملك كيك الفراولة اللى بتحبه فأبتسم يونس و نظر بأتجاه دهب ليتشكرها ، و لكنها لم تنظر له أبداً و ظلت مندمجة فيما تفعل ، فأخذ يونس الصحن من يد والدته و أبتسم أبتسامة مكسورة لم يلاحظها أحد ، و لكن شعرت بها والدته جيداً ، فتجاهلت حزن ولدها هذا عن قصد و مدت يديها إلى نادين بالصحن و لكنها أبتسمت ببرود و أردفت بغرور: سورى يا أنطى ، أنا مش بأكل sweets كتير عشان بتوطى ضغطى
فنظر لها يونس يحسها على أن تأخذ الصحن من يد والدته و لكنها تجاهلت نظراته هذه و هتفت بغنج: حبيبى أنا تعبانة أوى و عاوزه أطلع ارتاح شوية يلا بيناااا
فاستطردت زينب بغرابة: ما أنتم قعدين يا بنتى شوية ، و بعدين يونس لسه مأكلش حاجة و أنتى كمان أشربى عصير حتى
فأبتسمت لها نادين أبتسامة سمجة و ردت ببرود: سورى يا أنطى بس أنا مرهقة أوى و مش هقدر
فنظرت زينب إلى يونس وجدته مرتبك للغاية ، و كأنه لا يعلم ما الذى يجب عليه فعله فنطقت بحنان: طب خليك أنت يا حبيبى كمل أكلك و بعدين حصلها
فأبتسم لها يونس بحب و تابع بنبرة حانية: معلش يا ماما أنا كمان جاى من الشغل تعبان و عاوز أرتاح شوية
فقالت زينب بحزن على حال صغيرها: على راحتك يا حبيبى ، و أنا شوية و هبعت ليكم نايبكم مع مالك أو عم رجب
فوضع يونس قبلة حانية أعلى جبهه والدته و أردف بحب: تصبحى على خير يا حبيبتى و عقبال مليون سنة
فأبتسمت له والدته بحنان و نطقت بحب مخلوط بحزن شديد: و أنت من أهله يا حبيبى ، و بالفعل أنصرف هو و زوجته إلى شقتهم ، و ما أن دلف يونس إلى داخل منزله حتى هتف بغضب: عجبك اللى أنتى عملتيه ده تحت ، هو مش أنتى قولتى هتشاركينى كل تفاصيل حياتى ، إيه اللى حصل بقا تحت ، إيه تعبتى فجأة كده
فصاحت نادين بانفعال: و هو إيه اللى حصل يعنى ، و لا أنت زعلان عشان طلعنا و سبت حبيبه القلب تحت
فنظر لها يونس و تحدث بانفعال و عصبية: نادين إلزمى حدودك ، و أعرفى أنتى بتقولى إيه كويس ، أنا دهب سبتها بأرادتى و لو كنت عاوزها كنت كملت معاها و متجوزتكيش ، لكن أنا أختارتك أنتى و أخترت أكمل حياتى معاكى ، أنتى اللى مش قادرة تفهمينى ولا قادرة حتى تتعايشى مع وضعى و حياتى و أهلى
فنطقت نادين بتعالى: أهلك دول ناس بلدى أوى و أنا بجد مش عارفة أتعامل معاهم ، و مش عارفة هما أزاى فرحانين باللى أسمها دهب دى ، و أزاى يفرحوا بحتة سفرية و أنت اللى جايب ليها خاتم بألفات معجبهاش
فصرخ يونس بوجهها بعصبية شديدة: أخرسى ، اللى أنتى بتتكلمى عنهم دول أهلى و عيلتى و لما تتكلمى عنهم تتكلمى عنهم بأحترام أنتى فاهمة
فصاحت نادين هى الأخرى بانفعال: و أنا كده و مش هتغير و إستحالة حد يجبرنى أعمل حاجة أنا مش حباها حتى لو أنت يا يونس و لو أنا روحى فيك ، ثم رفعت سبابتها أمام وجهه قائله بتأكيد؛ أنت فاهمنى ، ثم تركته و ذهبت إلى غرفتها بعد أن أستمع الجميع إلى صوت صراخهم و حديثها هذا عنهم ، فجلس الجميع و كأن على رؤسهم الطير ، يعم الحزن ملامح وجههم ، فستأذنت دهب منهم جميعاً و صعدت إلى بأتجاه الباب تركض ، فهى إلى الآن متماسكة و لكنها لم تقدر على المكوث أكثر من هذا ، فأذا ظلت هنا لثانية واحدة سيشهد الجميع على أقوى لحظات ضعفها ، فهى تريد البكاء ، تريد الصراخ ، لم تتحمل رؤيتهم معا و لم تتحمل ما أستمعت له منذ قليل ، وقفت على باب المصعد ، تنتظر هبوطه ، و ما أن توقف و همت بفتح الباب حتى تفاجأت بيونس بداخله ، فتلاقت عيونهم لثوان و لكنها حادت بعيونها سريعًا عنه واضعة عيونه بالأرض مردده بهدوء: أنا أسفة معرفكش أن فى ، ثم همت بغلق الباب إلا أن يونس أوقفها قائلاً بلطف: دهب أستنى ، أنا عاوز أتكلم معاكى ممكن
فنظرت له دهب بحدة و نطقت بتساؤل: تتكلم معايا فى إيه يا يونس ، معتقدش أن فى حاجة بينا نتكلم فيها
فوضع يونس وجهه بالأرض و نطق بخجل: أنا بس كنت حابب أطمن عليكى

 

 

فوقفت دهب بجمود و ضمت يديها إلى صدرها و هتفت بقوة و كبرياء: متقلقش يا يونس أنا كويسة ، و كويسة اوى كمان ، أنا عمرى ما كنت فى حياتى كويسة زى دلوقتى ، ثم نظرت له بلامبالاه و تركته و صعدت على الدرجات ، تاركة يونس يقف منكسا رأسه لأسفل ، يشعر بأستحقار حاله ، يشعر بالتوهان ، يشعر و كأنه أفتعل مصيبة للتو و لم يعرف كيف له أن يخرج منها ، و كيف له أن يخبر والديه بها …..
و بمجرد ما أن فتحت باب الشقة خاصتها و دلفت إلى غرفتها ، حتى رمت بحذائها و أرتمت على الأرض و أجهشت فى بكاء مرير ، تلك الجملة التى تفوه بها ( أنا دهب سبتها بأرادتى و لو كنت عاوزها كنت كملت معاها و متجوزتكيش ، لكن أنا أختارتك أنتى و أخترت أكمل حياتى معاكى ) تتكرر على مسامعها فرفعت يديها واضعة إياها أعلى أذنيها و رجعت بجسدها إلى الوراء و أستندت بظهرها على حافة الفراش ، و أجهشت فى بكاء مرير ، فهى كانت ترتسم القوة و تتصتنع الجمود و لكنها كانت تموت بداخلها كلما نظرت له بطرف عيناها و وجدته قابع إلى جوار تلك النادين ممسكا بيديها ، كانت تنهار بداخلها و لكن من الخارج متصنعه للامبالاه و ممثلة للقوة ، و الآن بعدما سمعت ما تفوه به منذ قليل و هى تشعر بأن روحها أنسحبت من جسدها ، فهى كانت تعتقد بأنها تخطته و مضت فى حياتها و لكن الآن هى تجزم بأنها لم و لن تتخطاه أو حتى تنسى عشقها له و لكن الأكيدة هى منه أنها لن تنسى طيلة حياتها ما سمعته منه منذ قليل ، ظلت تبكى و تبكى إلى أن تعبت بشدة من كثرة البكاء و غفت فى مكانها حتى الصباح

يتبع….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *