روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الحادي والثمانون 81 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الحادي والثمانون 81 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت الحادي والثمانون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء الحادي والثمانون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة الحادية والثمانون

اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ربي، وأنا عبدك لمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.
صلِ على النبي 3مرات
لا حول ولا قوة إلا بالله 3مرات
~.. بداية ربيع الحب ..~
وقف وجيه بسيارته أمام المنزل، أخذ نفسا طويلًا مليئا بالارتياح والأمل، وشوق عنيف لرؤية ليلى .. حبيبته الأولى والأخيرة ..
وترك سيارته واسرع للداخل، وستفهمه وتتفهمه، ويشرح سبب تصرفه الآخير، ولكنه عندما دخل الغرفة خاصتها وجدها فارغة، وأكثر ما جمده هو أبواب الخزانة المفتوحة والفارغة من أكثر من نصف ملابسها!!!
أين ذهبت إذن؟!
لا يمكن أن تكون فعلتها وتركت المنزل ؟!
استدار مكفهر الوجه غاضبًا، وعندما أصبح في الطابق الأول أوقف أحدى الخادمات وقال بعصبية:
_ ليلى راحت فين ؟!
اجابت الخادمة وهي تشير لغرفة بالقرب:
_ ست ليلى شوفتها واخدة شنطة هدوم ودخلت الأوضة دي ومعاها ريميه وأيسل.
هدأت أعصابه بعض الشيء وتوجه للغرفة المُشار إليها مباشرةً.
********
تخلت ليلى عن فكرة الرحيل من المنزل والانسحاب، حتى لا يصب العتاب صبًا عليها ويذكرها بردود افعال جيهان الماضية، وأنها اصبحت نسخةً منها ..!
التزمت المنزل ولكن بزاوية بعيدة عنه، مسحت عينيها منذ أن انتبهت لوقوف سيارته أمام المنزل وتحلّت ببعض الثبات، هي تعرف أنه سيأتِ للبحث عنها، وصدق ظنها وفتح باب الغرفة وظل واقفا وعينيه عليها للحظات طويلة، وتحاشت هي النظر إليه تمامًا حتى اقترب وجذبها من يدها لتقف بعد أن كانت ممددة على الفراش.
أشارت له بحدة نحو الفراش حيث يغرق الطفلتان في ثباتٍ عميق وقالت:
_ البنات هيصحوا…!
تنهد وهو ينظر لعينيها الحمراوان وتوقع ما كانت حالتها بالساعات الماضية، فقال محاولًا التحدث بهدوء:
_ تعالي نطلع اوضتنا عايز اتكلم معاكي شوية !
نظرت ليلى بانزعاج له ثم نظرت على الصغار بضيق وقالت:
_ يستحسن نتكلم برا عشان البنات ما يصحوش.
ومسك يديها بنظرة عميقة كأنه ينذرها أن تسمعه حتى آخر كلمة لديه، وخرجا من الغرفة بهدوء، ويبدو أنه ظن انها موافقة ان تصعد معه، ولكنه اكتشف رفضها حينما نفضت عنها يده عند أولى درجات السلم بالرواق الواسع، فسدد اليها نظرة حادة محذرة أن تسبب جلبة والخدم ذهابًا وايابًا بالمنزل..!
فقالت ليلى بعصبية ولم تبالي بمن حولها :
_ انا مش عايزة اتكلم معاك، اظن من حقي افضل لوحدي زي ما أحب !!!
غضب من علو صوتها أمامه ورد قائلًا بحدة:
_ تفضلي لوحدك بعد ما تسمعيني مش قبل، غير كده مرفوض!
انفرجت شفتيها بابتسامة ساخرة ومرارة تموج بعينيها وقالت:
_ أنت بس اللي مسموحلك تقعد لوحدك وتمنع اللي حواليك يقطعوا عليا خلوتك؟!
زي ما منعتني انا بالذات ادخلك المكتب؟!
هز وجيه رأسه بتقبل الخاطرة التي تدور برأسه، ولم يمهلها أن تقول كلمة أخرى حتى حملها على ذراعيه صاعدا لغرفتهما، وقد حاولت ليلى التخلص من قبضتيه ولكن هيهات !
وضعها امام غرفتهما وهو يحدجها بنظرة محذرة أن ترد بفعل لن يأت بشيء إلا مزيدًا من التعقيد، وفتح الغرفة في ثوانٍ وجرها للداخل جرًا ثم اغلق الباب بالمفتاح ..!
نظرت ليلى لما يفعله برفض وعصبية وصرخت به :
_ هتحبسني يعني؟! .. بقولك مش عايزة اتكلم معاك ولا اسمعك!!
اقترب وجيه منها ووقف مثبت نظراته عليها، ثم قال بهدوء يُحسد عليه:
_ من امتى مش بتحبي تتكلمي معايا ولا تسمعيني ؟!
واقترب منها أكثر وقال بنظرة ماكرة:
_ إذا كان حالتك دي وراها غيرتك عليا !!
صرخت به وهي تبك بانفعال شديد :
_ مكنتش متخيلة أنك مغرور للدرجة دي ؟! ما توصلنيش أني اكرهك زي ما انت كرهتني ومابقتش تحبني!!
وهمت أن تسرع للباب وتحاول فتحه بأي طريقة حتى لو اضطرت تدق عليه وينجدها أحد من براثن زوجها، ولكن جذبها اليه لتصبح عينيه قريبة من عينيها، وقال وكأن ذلك المشهد التي رأته منذ ساعات ضربا من الخيال وها هو بكامل عشقه لها يعود:
_ انا ما كرهتكيش وانا فاكرك بعتيني، هكرهك وأنتي كلك ليا ؟!
انا عارف اني جرحتك باللي حصل النهاردة، عشان كده كنت عايزك تسمعيني للآخر، بس قبل ما احكيلك عايز أقولك اني حتى لو حاولت بنفسي احب غيرك مش هعرف!
أنتي مخليتيش في قلبي مكان لغيرك !
نظرت له بقوة وحاولت أن تبحث عن الحقيقة بعينيه، بصوته، بكلماته، فتابع وهو يربت برفق على ذراعيها :
_ موقفي النهاردة كان أكبر دليل اني محبتش جيهان لحظة، انا بحترمها وبقدرها، لكن كحب معرفتش، لما جيهان طلبت الطلاق حطتني قدام حقيقة أني ظلمتها وجرحتها، لدرجة انها بعد ما كانت مصممة تكمل وتفضل جانبي تطلب الطلاق!، احساسي بالذنب هو اللي كان بيحركني مش قلبي!
وبدل ما اكون براضيها جرحتها!
رددت ليلى الكلمة بعدم فهم:
_جرحتها ؟!
اكد وجيه وقال بضيق:
_ جيهان كشفت مشاعري الحقيقية، كانت واقفة قدامي كده والمفروض اني احاول اخليها ترجع عن القرار ده واريح ضميري، جيت اقولها بحبك نطقت اسمك أنتي !
جرحتها من غير ما اقصد، وجرحتك غصب عني ، كنت مشتت وضميري بيعذبني، بس اللي ريحني شوية اننا انفصلنا وكل واحد مسامح التاني، ما اتهمناش بعض، انفصلنا بهدوء وبكل رضا، لأني لا حبيتها ولا هي حبتني، كنت عارف كده من البداية بس هي معرفتش كده إلا متأخر.
تجمدت ليلى عندما استوقفها كلمة “انفصلنا” وقالت بتردد :
_ انتوا ..
اكمل وجيه عنها وقال وهو يأخذها بين ذراعيه برقة بالغة:
_ طلقتها، والاجراءات هنكملها بكرة، وحكايتنا مع بعض انتهت، بس حكايتي معاكي أنتي بتبدأ كل ما اشوفك قدامي، كنت بعيد عنك بس مغبتيش عن بالي لحظة.
وبعد لحظات من السكون وهي تميل برأسها على صدره بجمود، انتبه وجيه لصوت آنينها، فابتعد عنها متوقعا تلك الدموع وقال:
_ جيهان مش في قلبها أي حاجة من ناحيتنا احنا الاتنين صدقيني.
قالت ليلى بألم حقيقي واحساس غريب بالندم:
_ يمكن لما شوفتك النهاردة بتتعامل معاها كده كنت حاسة بنار جوايا لكن خبر طلاقها وجعني ، والله وجعني ومكنتش عايزاها تبقى لوحدها، كنت هزعل شوية ولا حتى شويتين وهنتصالح ، هغير وهموت من الغيرة كمان بس لحظات وهتعدي، لكن والله قلبي وجعني عليها ومش متخيلة هتعيش أزاي لوحدها، اللي عملته مع بنتي مسح أي حاجة عملتها قبل كده.
ضمها وجيه مجددًا وقال:
_ أنا عارف جيهان كويس أوي يا ليلى، جيهان لو مكنتش اكتشفت حقيقة مشاعرها ليا مكنتش فكرت تبعد خطوة واحدة، انا لو كنت قدمتلها قلبي وكل شيء برضو مكنش ده هيفرحها، رغم انها سعت كتير لده ، لأنها ببساطة ما بتحبنيش.
ومش هعرف ارضيها مهما عملت.
ونظر لعينيها الريميتان وقال بابتسامة ونظرات مملوءة بالمحبة:
_ جيهان بعدت وهي قوية وفاهمة هي عايزة إيه، ما افتكرش أن ممكن حد يقدر يضحك عليها تاني بكلمتين، وبعتالك رسالة على فكرة .
تعجبت ليلى وهي تمسح عينيها من الدموع وقالت:
_ رسالة إيه ؟
رد وجيه وقال بمحبة:
_ قبل ما تنزل من عربيتي قدام بيتها قالتلي قول لليلى أني لو رجعت لحياتها هرجع وانا صديقة ليها، هرجع وأنا ليا حياتي ومش هكون أبدًا مصدر للشك ولا أي خطر عليها، وقولها أننا لو اتقابلنا في ظروف تانية كنا هنبقى اكيد صحاب جدًا.
وقولها أني ببعد عشان يبقى عندي فرصة الاقي أملي الحقيقي، وارجعلها أملها القديم اللي اتحرمت منه سنين، وما تنساش تقولها أني حبيت ريميه من كل قلبي، وأتمنى يكون عندي بنوتة زيها في يوم من الأيام، وأنت يا وجيه هعتبرك من النهاردة أخ وصديق … مش بينا غير كل احترام وتقدير … ابعت للكل سلامي.
ارتمت ليلى بين ذراعيه وهي ترتجف من البكاء وقالت:
_ هستناها ترجع ونبقى صحاب، والله بحبها أوي.
تنهد وجيه وهو يغمض عينيه برضا تام، واستقام الطريق أخيرًا بدون عوج.
ولكن تذكر تلك الفتاة المجرمة المسجونة بغرفة بقرب الحديقة، فقال لليلى:
_ البنت اللي حبسناها لحد ما نعرف حكايتها، تحبي نروحلها دلوقتي ؟
هزت ليلى رأسها برفض تام وقالت:
_ لأ مستحيل ، خلينا بكرة انا مش حمل أي عصبية تاني …
وافق على اقتراحها على الفور، فحالتها لا تسمح بأي انتكاسة أخرى
*********
وفي عتمة الليل قرابة الفجر بدقائق قليلة، استيقظت جميلة وهي تتثاءب بكسل، ولكن عندما فتحت عينيها بدأت تسترجع ذكريات الساعت القليلة الماضية، انتفضت من فراشها وكسا وجهه احمرار شديد وخجل، ثم تسحبت نظراتها بالجوار فرأت الفراش خاليًا ..!!
قالت بتعجب :
_ هو راح فين ؟!
ثم انتبهت لصوت المياه الصادر من حمام الغرفة، فتنفست بابتسامة خجولة وهي تتمدد وتغطي وجهها من شدة الخجل، ولكن انتفضت مرة أخرى من الفراش وهمست لنفسها باستغراب:
_ بقا انا مش خايفة ولا بترعش ولا أي حاجة كده !!
يقول عليا إيه دلوقتي ؟
مراتي انحرفت ؟! لأ أنا لازم ابين شوية خوف كده ولا شحتفه يلموا أشلاء كبريائي..
اخذت جميلة كوب الماء وارتشفت منه القليل، ثم أخذت بعضا من قطراته ونثرتها على وجهها جهة عينيها تحديدًا كأنها تبك وقالت بتوتر:
_ انا عارفاه، هيقعد يغيظني ويضحك عليا في الرايحة والجاية.
خرج جاسر من الحمام وهو يجفف شعره الاسود المبتل بمنشفة بيضاء، نظر لها بنظر خبيثة وكتم ضحكته بالكاد عندما لاحظ ارتباكها، ثم توجه للمرآة حتى يمشط شعره ودندن اغنية (حلو وكداب ليه صدقتك)
وكلما نظر اليها من خلال المرآة ولوجهها المتورد وعينيها الملمعتان وكأنها ستبك يكون على وشك الانفجار بالضحك، ولكنه تابع الغناء وهو يمشط شعره ببطء متعمد.
قالت بعصبية:
_ أنت بتغني ليه وطي صوتك، مابحبش الصوت العالي بخاف منه.
وعندما نطقت كلمة الخوف رفع صوته عاليًا وهو يغني :
_ كــــــــــــداب ، حلو وكداب ليه ليه صدقتك.
وضحك بخفوت وهو يغمز لها خلال المرآة ويمشط شعره باستفزاز، فبكت جميلة بصدق لأنه يتعمد احراجها وقالت وهي تنهض :
_ ما تكلمنيش تاني.
ضحك عاليًا وهو يلحقها ويجذبها إليه وقال وهو يبتسم لها بمحبة شديدة:
_ يعني بلاش اغني واتبسط وأفرح؟!، مش عايزاني اعاكسك يعني ؟!
قالت بتوتر وخجل وهي تكفكف دموعها:
_ افرح ما قولناش حاجة بس أنت مستفز !
ابتسم بمشاكسة وقال:
_ مش احسن ما اكون كـــــــداب !
ارتفع صوته بالضحك وهي تلكمه على صدره العاري بضربات متتالية ، وانتقلت اليها عدوى الضحك ثم قال بصدق وهو يقف أمامها :
_ ماعدش عليا أجمل من اليوم ده، أنا بحبك أوي يا جميلة، أخيرًا عرفت الحب اللي بجد، أنا مكتفي بيكي عن الدنيا بحالها ومستعد افضل هنا معاكي على طول.
احمرت وجنتيها بابتسامة وهي تنظر بعيدًا عن عينيه بخجل، حتى قبّل رأسها بحنان وقال بسعادة لا توصف:
_ أجمل حاجة شايفها في عنيكي أنك بقيتي مطمنة ليا ومش خايفة، هو أي نعم هفضل جاسر المشاكس الشقي اللمض، بس هبقى كده ليكي أنتي وبس.
قالت بابتسامة وعينيها مليئة بالحب:
_ وانا مش عايزة أكتر من كده.
***********
وفي اليوم التالي بشركة والد زايد.
دلف لمكتبه كالمعتاد حتى وجد فرحة تقف قرب المكتبة وتأخذ أحد الكتب وتتفحصه بتركيز، راقب ما ترتديه بغيظ، ولذلك الرداء الرقيق والذي يبرز فتنتها رغم احتشامه، وبات أي شيء ترتديه مؤخرًا بنظره مُلفت بدرجة تجعله يكاد يجن كلما نظر اليها رجل ! ، قال بعصبية :
_ بتعملي إيه ؟!
انتبهت لوجوده وقالت مبتسمة :
_ لأ كان في قصة عايزة أقرأها قولت لما ادور عليها عشان اخدها وانا ماشية واقراها في البيت براحتي.
اقترب منها ببطء وهو يتفحص ردائها الطويل وقال بغيظ:
_ أنتي مش شايفة أن لبسك بقى ملفت جدّا اليومين دول ؟!
ذهلت فرحة ونظرت لردائها بتفحص ثم رفعت رأسها له وقالت بأنفعال:
_ انا اللي شيفاه أن لبسي كله واسع وطويل والوانه هادية جدًا، ومش عارفة المفروض اعمل ايه اكتر من كده ؟!
قال لها بعصبية:
_ قاصدك ايه يعني ؟!
اخفت ابتسامتها وقالت بثبات:
_ قاصدي أن غيرتك هي السبب ، أنا لو لابسة حاجة مُلفته مكنش حسام أخويا خرجني بيها من البيت اصلًا.
اقترب زايد منها بنظرة نارية وقال :
_ مش ذنبي اني مش بطيق حد يبصلك، أنتي ماينفعش تشتغلي هنا أكتر من كده والا هطرد كل اللي في الشركة.
ابتسمت رغمًا عنها فنظر لها رافعا حاجبه بتعجب وقال :
_ بتفرحي لما تستفزيني ؟!
جلست فرحة خلف مكتبها وقالت ولا زالت الابتسامة على وجهها :
_ اصل بطل الرواية اللي بقراها بيغير نفس غيرتك دي، لما بقرأ مواقفه بفتكرك، ولما بشوف تصرفاتك بفتكره !!
قال بثقة وابتسامة ماكرة:
_ أنا مافيش مني اتنين ! .. حتى لو بطل روايات.
قالت بتعجب :
_ تواضعك مالوش وصف !
اتسعت ابتسامته بصدق وقال بعد ذلك بجدية:
_ هنكثف شغل اليومين دول عشان شهر العسل .
عاد التوتر لوجهها مرةً أخرى وتركها ودخل لمكتبه وهو يبتسم بمكر وتسلية من ارباكها

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *