رواية أسرار عائلتي الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي البارت الثالث والعشرون
رواية أسرار عائلتي الجزء الثالث والعشرون
رواية أسرار عائلتي الحلقة الثالثة والعشرون
جلست على المقعد المجاور لمقعد والدها حول طاولة الطعام لتناول الإفطار وهي ترمق تلك الجالسة بين رسلان وعائشة بغيظ جلي في ملامحها .. إلتفتت إلى والدها وتساءلت بهمس :
– هي مريم بتعمل ايه هنا ع الصبح ؟
أجابها أكرم وهو يقلب عينيه بملل :
– نامت امبارح هنا جنب عائشة .
زفرت بدور بضيق وهي تتمتم بكلمات متذمرة لم يستطع أكرم أن يفهم منها شيئا لكنه قاطعها مغيرا مجرى الحديث :
– على فكرة ، عندنا ضيوف النهاردة .
طالعته بدور بإهتمام وتساءلت :
– مين ؟
– بنت عمتي جاية هي وبنتها وبنتها هتفضل هنا أسبوع .
هتفت بدور بإبتسامة حماس :
– بجد ؟ طب إسمها ايه وعندها كام سنة ؟ احنا هنبقى صحاب أكيد !
قوس أكرم جانب شفتيه وتمتم ساخرا :
– لا أكيد هتبقوا صحاب اوي ، وهتحبيها أكتر من حبك لمريم .
لم تصل تمتمته إلى بدور ولم تهتم بسماعها ، فقد بدأت بتناول الإفطار وهي تفكر في تلك الفتاة الجديدة التي ستنضم إلى قائمة صديقاتها كما تظن ، فهي وبالرغم من كل ما مرت به مع خالها إلا أنها كانت تهرب من مشاكلها عبر تكوين صداقات مع هذه وتلك ، وهذا ما جعلها فتاة إجتماعية أكثر حتى من دينا .
وعلى ذكر دينا ، تذكرت بدور أنها لم تحادثها منذ الأمس ، لذا أنهت تناول إفطارها سريعا وإستأذنت لتصعد إلى غرفتها وتهاتفها وتتساءل عن أخبارها .. دخلت الغرفة وهي تبحث عن هاتفها حتى وجدته ، لكنها تفاجأت بعدد الإتصالات الواردة والتي كانت جميعها من دينا .
شعرت بالقلق وإتصلت بها سريعا حتى أتاها صوتها من الطرف الآخر يقول :
– صباح الخير .
هدأت بدور عندما سمعت صوتها ونبرتها الهادئة فأجابت بإبتسامة إرتياح :
– صباح النور ، عاملة ايه يا دودي ؟
أجابتها دينا بغضب مخالف لنبرتها التي تحدثت بها لأول مرة :
– مش كويسة خالص ، وكله بسبب ابن عمك !
ضحكت بدور بخفة ثم قالت بغباء مصطنع قاصدة إستفزاز صديقتها :
– ليه هو عمل ايه ؟ ده حتى ولد غلبان وقع مع واحدة مش بتحس ..
تحدثت دينا بنبرة ساخرة :
– بصوا مين الي بيتكلم .. البنت الي شايفة الراجل الي بتحبه زي أخوها .
زفرت بدور بضيق وقالت :
– ممكن متجيبيش سيرة الموضوع ده تاني ؟
– حاضر ، بس لما تفكيني من سيرة ابن عمك انتِ كمان .
هزت بدور رأسها سريعا تريد إنهاء الموضوع قائلة :
– تمام تمام ، انتِ اتصلتِ كتير امبارح ليه ؟ أنا قلقت لما لقيت كمية الإتصالات دي !
– كنت هسألك لو كنتِ عارفة مكان هناء لأنها اتأخرت امبارح اوي .
عقدت بدور حاجبيها بقلق وتساءلت بلهفة :
– لا معرفش ، هي مرجعتش لحد دلوقتي ؟
– ايوة بس هي بعتت مسج امبارح قالتلنا فيه منقلقش عليها لانها عايزة تفضل لوحدها .
سكتت لثوان قبل تردف :
– بس أنا قلقانة عليها بصراحة ، مش عارفة هي ممكن تبات فين .. حتى ماما وخالو وجدو اتجننوا لما اختفينا احنا الاتنين ورا بعض .
فكرت بدور قليلا قبل أن تهتف :
– أنا هطلب من أخواتي يدوروا عليها ، هما أكيد هيعرفوا يلاقوها !
أنهت المكالمة معها بعد دقائق ثم خرجت من غرفتها لتنزل إلى الأسفل ثانية ، لكنها تراجعت وهي ترى الدرجات الكثيرة التي ستضطر لنزولها فتكاسلت عن ذلك .
قادها فضولها إلى غرفة رسلان مستغلة وجوده بالأسفل ، وحالفها الحظ هذه المرة فوجدت غرفته غير مقفلة كالعادة .. إبتسمت بإتساع ثم دخلت ببطء وهي تراقب الرواق بحذر حتى لا يمسك بها أحدهم متلبسة .
أغلقت الباب فور دخولها ثم تنفست براحة قبل أن ترفع نظرها وتجول به حول الغرفة محتارة من أي نقطة ستبدأ .
إستنشقت هواء الغرفة الممتلئ برائحة عطره التي يستخدمها ، فبحثت بعينها تلقائيا عن زجاجة العطر حتى وجدتها على مكتب صغير يحمل بعض الأدراج .. إتجهت نحوه ومدت يدها إلى زجاجة العطر لكنها توقفت وهي تنتبه إلى ذلك الدرج بالمنتصف والذي لم يغلق بإحكام .
غيرت مسار يدها نحوه وفتحته بفضول لتتسع عيناها وهي ترى القصاصات التي كانت تضعها أسفل باب غرفته كل ليلة مرمية جميعا به .. رمشت بعدم تصديق تحاول التأكد من أن ما تراه حقيقي وليس مجرد وهم رسمه خيالها ، فقد كانت تظن بأنه يلقي بهم بعد قراءتهم بعدم إهتمام وذلك بسبب تجاهله لطلبها الدائم له بالإبتسام .
أعاد ذلك الحوار بعقلها فجأة ذكرى قريبة ظهر فيها وهو يخبرها بأنه سيبتسم في حالة واحدة وهي موافقتها ، وكان ذلك قبل معرفتها بأنه تقدم لطلب يدها .. ولكنها كانت تفكر في الرفض .
توقفت عند تلك النقطة وهي تسأل نفسها سؤالا لطالما تهربت من طرحه على نفسها .. لماذا لم توافق ؟ هل هي حقا تعتبره أخا لها كباقي إخوتها ؟ أم أنها توهم نفسها بذلك حتى لا تعترف بمشاعرها أمام نفسها وأمام الجميع ؟
تنهدت وهي تنظر إلى تلك القصاصات بشرود وقد بدأت تفكر في أمر مشاعرها نحوه بكل جدية ، لكن تفكيرها لم يدم طويلا بسبب سماعها لصوت خطوات تقترب من الغرفة .. جالت بنظرها حول الغرفة تبحث عن مكان لتختبئ فيه ، لكنها لم تجد سوى الحمام .. وفور دخولها وإغلاقها لبابه فتح باب الغرفة من قبله .
دخل رسلان وخلفه مريم التي أوصدت الباب وهتفت بحماس :
– هتجيبلي الرواية امتى ؟
ألقى رسلان بنفسه على السرير مجيبا :
– أول ما عمتو بثينة تجي ، هنسلم عليها ونطلع على طول لاني مش عايز افضل هنا كتير وهي موجودة .
– أوك .
عقدت بدور حاجبيها بإستغراب وهي تلصق أذنها بباب الحمام وتستمع إلى حديثه متسائلة مع نفسها عن هوية تلك التي تدعى بثينة ، لكنها ربطت كلامه سريعا بحديث والدها وفهمت أن بثينة هذه هي إبنة عمته .. ولكن ما سبب عدم قبول رسلان بالبقاء في مكان هي موجودة فيه ؟
قاطع تفكيرها صوت رسلان الذي قطع الصمت قائلا بشرود :
– مريم ..
تطلعت إليه مريم بترقب فأردف بنظرة تحمل بعض الرجاء :
– مش هتتضايقي لو طلبت منك تقولي لبدور تجي معانا صح ؟
ظهرت ملامح الإعتراض على وجهها وهتفت بضيق :
– وتجي معانا ليه ان شاء الله ؟ رسلان أنا مقدرة انك عايز تتجوزها بس انت كمان قدر اني مش بطيقها !
إعتدل رسلان في جلسته وتحدث بهدوء محاولا كسب موافقتها :
– اتحمليها المرادي عشان خاطري ، أنا مش عايزها تحتك بعمتو بثينة وبنتها اوي .
زفرت مريم بملل ثم أومأت بعدم إقتناع :
– اوك ، عشان خاطرك .
قالت ذلك ثم خرجت من الغرفة دون أن تضيف كلمة أخرى .. بينما كانت بدور بالداخل تلوي شفتيها بقرف متمتمة مع نفسها وهي تقلد مريم :
– بس انت كمان قدر اني مش بطيقها ! على اساس انا الي ميتة في هواها يعني ! وبعدين يعني ايه رسلان مش عايزني احتك ببنت عمتو بثينة ؟ هو كان جوزي والا اخويا والا ابويا عشان يتحكم فيا ؟!
– يعني دلوقتي بس مبقتش أخوكِ ؟
إلتفتت بدور إلى مصدر الصوت بفزع فوجدت رسلان يستند على باب الحمام الذي لا تدري متى فتح وهو ينظر إليها بحاجب مرفوع وملامح ساخرة .. إبتلعت ريقها وهي تبتسم بغباء وهمست :
– أهلا !
…
يجلس جميع الشباب مع جدهم وآبائهم حول المسبح عدا رسلان وياسين .. ويجلس محمد بين إبنيه خالد وعدي اللذان لا يكفان عن تذكيره بأفعال إبنة عمته وإلتصاقها به في الماضي محاولين إزعاجه .. لكن محمد رفض التخلي عن بروده وإستطاع الحفاظ عليه متجاهلا كلامهم حتى ذكر خالد لذلك اليوم الذي كادت فيه يمنى أن تقتلها ، جاعلا محمد يعود بذاكرته إليه ..
كان ذلك قبل طلاقه ليمنى بسنتين تقريبا .. عندما كانت العائلة مجتمعة كعادتها في موعد الغداء حول مائدة الطعام ، وكانت ليليا آنذاك تحمل بدور في بطنها ، وزوجة أحمد كانت لا تزال على قيد الحياة .
يجلس خالد بجانب ليليا ويضع يده على بطنها البارزة بفضول متمتما :
– هي البنت الي في بطنك هتجي امتى ؟ انا زهقت من الولاد !
أجابه رسلان الجالس بجانبها من الجهة الأخرى وهو يبعد يده عن بطنها بغيظ :
– وانت مالك ؟
تجاهله خالد وهو يعيد وضع يده على بطنها قاصدا إستفزازه فهو يعلم جيدا غيرته عليها ، لكنه هذه المرة إبتعد عنها رغما عن أنفه بسبب أكرم الذي حمله بمشاغبة وأبعده عنها هاتفا بنبرة مرحة :
– عارف يا خالد لو قربت من مراتي تاني أنا هحرمك من الاكل خالص ! هو انا كام مرة قولتلك متلمسهاش ؟
هز خالد كتفيه بلامبالاة فهو قد نال غايته بإستفزاز رسلان ، لكنه عاد إلى مكانه بعد ثوان ليكمل تناول طعامه كما يفعل الجميع في أجواء مخالفة للهدوء تملؤها شجارات الأطفال كالعادة ، فتجد الطعام متطايرا هنا وهناك بينهم ولا أحد يهتم .. وحتى الخدم تعودوا على ذلك الوضع .
لكن هذه المرة ، قاطع وصلة عراكهم صوت رنين الجرس بطريقة مزعجة .. أسرعت إحدى الخادمات لفتح الباب ثم عادت بعد دقائق وخلفها سيدة إبتسم لها عبد الرحمن عند رؤيتها ووقف ليعانقها قائلا :
– شادية ! عاملة ايه وحشتيني اوي يا حبيبتي !
بادلته شادية العناق مرددة بفرحة وإشتياق :
– وانت كمان واحشني اوي يا عبده وعشان كده جيتلك هنا اول ما جيت مصر !
إبتعد عنها عبد الرحمن وهو يطل برأسه إلى تلك الشابة التي تقف خلف شقيقته وهتف مشجعا على الإقتراب :
– تعالي يا بثينة .
إقتربت منه بثينة بعد إبتعاد والدتها وحضنته قائلة :
– ازيك يا خالو ؟
– الحمدلله انتِ عاملة ايه ؟
إنتظر منها إجابة عادية لكنه لاحظ تجاهلها له ، أو بالأحرى عدم إنتباهها لما يقول بل تركيزها مع والدتها التي كانت تسلم على بقية أفراد العائلة .. إلتزم الصمت وهو ينظر إليها بإستغراب حتى إنتهت شادية من التسليم عليهم جميعا فتحدثت بثينة سريعا :
– هو محمد فين ؟
كان محمد في تلك الأثناء يضع عدي على حجره رغما عنه مخفيا ملامحه خلف رأسه .. إبتلع ريقه عند سؤال بثينة عنه ونظر إلى يمنى التي رفعت حاجبيها بإستغراب وتساءلت بغيرة :
– وانتِ بتسألي عنه ليه ؟
نظرت إليها بثينة من الأعلى إلى الأسفل ثم هتفت متجاهلة سؤالها :
– هو انتِ مراته ؟
أجابها خالد بدلا عن والدته وهو يقترب منها بعد أن كان يراقب في صمت :
– اه مراته وأنا إبنه ، في حاجة ؟
نقلت بثينة بصرها إليه ثم إبتسمت وإنحنت قليلا لتصل إلى مستواه رغم قصر قامتها هاتفة بإبتسامة غير مريحة بالنسبة له :
– انت خالد ؟ ماما قالتلي عنك .. عارف انك شبه أبوك اوي ؟ لولا ان بنتي هتبقى أختك كنت هجوزهالك .
إنتبهت جميع حواس يمنى إلى جملتها الأخيرة وفهمت مقصدها سريعا لكنها تساءلت محاولة تكذيب نفسها :
– بنتك هتبقى أخته ازاي معلش ؟
إعتدلت بثينة في وقفتها وفكرت في تجاهلها لكنها إبتسمت بخبث حين لمحت محمد بطرف عينها وهو لا يزال يخبئ وجهه خلف إبنه فإقتربت منه ووضعت كفها على كتفه مجيبة :
– لاني هتجوز محمد ، فطبيعي بنتنا هتبقى أخت خالد من أبوه !
وقف محمد مبعدا يده عنها وهو يترك عدي الذي إبتعد وهو يراقب الوضع بحماس كما يفعل بقية الأولاد .. بينما إبتلع محمد ريقه ثانية عندما رأى نظرات يمنى التي لا تبشر بالخير ، وحاول إيجاد الكلمات المناسبة ليمنع بثينة من الإقتراب منه أكثر دون إحراجها أمام عمته حتى يمر كل شيء على خير .. فيمنى لن تسكت أكثر إن رأت إمرأة أخرى تفكر في الإقتراب منه حتى لو كانت تصغره بأكثر من عشر سنوات كبثينة .. وعمته ستنقلب عليه حتما إن فكر بجرح صغيرته أو إحراجها ، فهي من كانت تقنعها منذ صغرها بأنها ستكون زوجته ، وحتى بعد خذلانه لها وزواجه من أخرى إلا أنها لازالت متمسكة بقرارها وتنتظر منه أن يطلق يمنى ويتزوج إبنتها .. لكنه يرى أنها تعاني من خلل في عقلها جعلها تفكر هكذا !
أفاق من أفكاره على يد بثينة التي حاوطت عنقه بكل جراءة إستفزت بها يمنى .. ولم يكد محمد ينطق بحرف أو يحاول إبعادها حتى وجد يمنى تقترب منهما سريعا وتسحب شعر بثينة فجأة وهي تصرخ بشراسة :
– لا ده انتِ محدش هيفكك من تحت ايدي النهاردة !
إنتهت من كلماتها وهي تسحب شعرها أكثر وتمسك رقبتها بيدها الثانية لتخنقها .. إقتربت منهم شادية بفزع على إبنتها لكنها توقفت وهي ترى بثينة تبعد يد يمنى التي تحاول خنقها وعضتها بكل قوتها متسببة في إبتعاد يمنى عنها .
إتسعت عينا يمنى بصدمة وتمتمت بنبرة تبدو هادئة كذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة :
– انتِ قد الي عملتيه ده ؟
إبتعدت بثينة وهي ترتب شعرها سريعا وأجابت بتحدي :
– اه قده !
إحتدت عيون يمنى ثم إستدارت برأسها إلى طاولة الطعام وأخذت سكينا صغيرا كان قريبا منها ثم أسرعت إليها وأمسكتها ثانية تحت صرخات الجميع الفزعة ومحاولاتهم للتفريق بينهم …
إنزعج محمد من ضحكات الجميع التي تعالت عند إنتهاء خالد من سرد تلك الأحداث التي يذكرها جيدا رغم صغر سنه حينها ، فرمقه محمد بنظرة حانقة ثم قال محاولا تغيير الموضوع وهو يخاطب أحمد :
– سيبك من الموضوع ده وقولي يا أحمد ، هو انت لسه مش ناوي تحدد ميعاد الفرح بتاع ابنك ؟
هز أحمد كتفيه مجيبا بعدم إهتمام :
– مش عارف ، ياسين هو الي هيقرر مش أنا .
تدخل عبد الرحمن قائلا :
– هنعمل فرح ياسين وعائشة ورسلان وبدور مع بعض .
– بس بدور لسه مش موافقة .
قالها أكرم بتذمر وإعتراض بادٍ في ملامحه وكأنه قد تذكر غيرته على إبنته للتو .. وما زاد تذمره تعقيب عبد الرحمان بثقة :
– هتوافق متقلقش !
همّ أكرم بالردّ إلا أن رنين الجرس بطريقة مزعجة منعه عن ذلك .. إبتسم خالد بسخرية وتمتم :
– وصلوا !
…
– هناء اتعرضت للإغتصا’ب ؟!
نطق بها عامر بصدمة بعد إستماعه لحديث المدعوة نادية والتي إتصلت به عن طريق هاتف هناء لإخباره بما حل بإبنة أخته .. أومأت نادية وهي تردف بنبرة حزينة :
– ايوة ، أنا مش عارفة التفاصيل كويس بس شفت الولد الي اسمه وائل وهو داخل بيها ولاني عارفة انه مش كويس خفت عليها وحاولت ادخل وانقذها منه .. بس ملحقتش وكان هو اخد الي هو عايزه .
تسمر عامر في مكانه وفقد القدرة على النطق تحت تأثير الصدمة التي لم تكن هينة أبدا ، لكن نادية إسترسلت في كلامها غير منتبهة لحالته تلك :
– كان مخدرها ساعتها ، ولما أنا جيت هو هرب وأنا أخدتها وكشفت عليها ولقيتها فعلا مبقتش بكر .. ولما فاقت وقولتلها سيبتها شوية مع نفسها بس رجعت ولقيتها نطت من البكلونة فجبتها هنا للمستشفى بسرعة .
إزدادت دقات قلبه تسارعا خوفا من أن يحصل شيء ما لإبنة أخته فهتف عامر بإندفاع :
– طب .. طب هي كويسة دلوقتي ؟
أومأت نادية برأسها قائلة :
– ايوة ، الدكتورة بتقول ان دماغها متضررتش اوي .. بس هي لسه مفاقتش لحد دلوقتي .
هز عامر رأسه بتفهم وهو ينظر إلى الفراغ بشرود .. أخرج هاتفه الذي كان يرن بإستمرار بسبب شقيقته وإبنتها اللتان لا تكفان عن الإتصال به ، فقد خرج بسرعة عندما إتصلت به تلك المرأة وأخبرته أن هناء بالمستشفى مما أثار القلق في نفسيهما خاصة وأنه لم يتوقف ليجيب على أي من أسئلتهما .
تنهد بهمّ وأغلق هاتفه ثم جلس مكانه بشرود في الحالة التي وصلت إليها إبنة أخته بسبب ذلك الوغد الذي يدعى وائل ، والذي يجهل إلى الآن سبب العداوة بين والده وزوج أخته المتوفى .. كان الندم طاغيا على مشاعره في البداية ، فهو قد أعطاها كامل الثقة متأكدا بأنها ستلغي فكرة الإنتقام من تفكيرها لكن يبدو أنها لم تكن تنوي ذلك .
لا يدري كم من الوقت مضى وهو شارد في أفكاره ولومه لنفسه عندما سمع نحنحة بجواره فإلتفت إلى صاحبها ليجد الطبيبة تحاول لفت إنتباهه منذ وقت قصير .. وقف سريعا وتساءل بلهفة :
– فاقت ؟
أومأت برأسها وهي تردف بهدوء :
– ايوة فاقت وهي كويسة ، ممكن تشوفها لو عايز بس …
لم ينتظر إنهاءها لكلامها وإندفع إلى الغرفة التي ترقد بها هناء فوجدها مستلقية على السرير وتنظر إلى السقف بشرود .. وقف مكانه وهو لا يعلم مالذي يفترض به فعله ، هل يأخذها في أحضانه ويواسيها أم يعاتبها على مخالفتها لكلامه وعنادها الذي أوصلها إلى ما هي عليه الآن ؟
أخذ نفسا عميقا ثم إقترب منها مقررا أنه سيعاقبها فيما بعد .. أمسك بكفها لتنتبه إليه أخيرا لكنها تفاجأت به يحتضنها بصمت ثم إبتعد عنها بعد ثوان متسائلا بلهفة :
– انتِ كويسة ؟
إنتظر منها إجابة تطمئنه لكنها كانت تطالعه بنظرات غريبة ، قبل أن تنطق بما جعل عينيه تتسعان بدهشة :
– انت مين ؟
يتبع …
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أسرار عائلتي)
سبحان الله وبحمده