روايات

رواية جبر السلسبيل 2 الفصل الرابع عشر 14 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل 2 الفصل الرابع عشر 14 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل 2 البارت الرابع عشر

رواية جبر السلسبيل 2 الجزء الرابع عشر

جبر السلسبيل 2
جبر السلسبيل 2

رواية جبر السلسبيل 2 الحلقة الرابعة عشر

داخل غرفة الاجتماعات انقضي وقت طويل كان الجميع منهمكين بالعمل بكل ما يملكون من تركيز، لكنهم لم يستطيعوا الوصول لإحترافية “عبد الجبار” التي ادهشتهم و أبهارتهم في آنٍ واحد فتمكنه في مجال إدارة الأعمال فاق الحدود..
كل منهم يحاول إظهار أفضل ما عنده حتى ينال إعجابه، خاصةً “سلسبيل”، عرضت تصميمتها التي قامت برسمهم بدقة و إتقان شديد، و مع مرور الوقت بدأت تشعر بالإرهاق، و الجوع معًا، فمسدت على بروز بطنها بكف يدها بمنتهي الرفق، أطلقت آهه خافتة لم تصل لسمع أحدًا سواه فتفهم على الفور ما تشعر به رغم أنه لم ينظر لها و لو لمرة واحدة..
بينما هي استغلت انشغاله بفحص الملفات المقدمة له، و ظلت تتأمل كل أنش فيه بملامح جامدة عكس الإشتياق و اللهفة اللتان يملئان قلبها المُتيم به، تحفر بداخلها ملامحه و قسمات وجهه الوسيم بأعين يتطاير منها الفرحة الغامرة بوجوده هنا معاها،لتداهمها ذكرى يوم طلاقها منه، و حديثه معاها أثناء طريقهم نحو منزلها في الإسكندرية..
.. فلاش باااااااااااك..
“اسمعي حديتي و أفهميه زين يا سلسبيل”..
نظرت له باهتمام تنتظر سماع باقي حديثه بنفاذ صبر..
أخذ “عبد الجبار” نفس عميق زفره على مهلٍ مغمغمًا..
“أني طلقتك مش عشان قولتيلي يا أنا يا أم بناتك لع، أنا خابر زين إنك قولتي أكده و صممتي على الطلاق من خوفك عليا من تهديد خضرا اللي قالتلك هتقتلني لو فضلتي على ذمتي”..
رباه!!!
أنه على علم بكل شيء حدث بينها و بين ضرتها! ، كيف علم، من أخبره، و لما طلقها إذن؟!، دارت هذه الأسئلة برأسها لكنها لم تستطع النطق بحرف واحد، بقت تطلع له بأعين جاحظة، منذهلة..
تنحنحت كمحاولة منها لإيجاد صوتها الذي خرج مرتعش و هي تقول مستفسرة..
” أنت عرفت كل ده إزاي؟ و لما عرفت طلقتني أنا ليه و سبت على ذمتك اللي عايزة تقتلك؟!”..
أجابها “عبد الجبار” بملامح حزينة يملؤها الأسف الشديد..

 

 

 

“عرفت من بتي فاطمة.. شافت أمها و هي بتحط منوم ليكم في الوكل.. عملت أنها كلت و نامت زي أختها و أمي بس هي كانت صاحية و سمعت كل حديتها وياكِ و قالتلي على كل اللي حُصل بعد ما وعدتها مأذيش أمها “..
صمت لبرهةً يلتقط أنفاسه و نظر لها بعينيه التي تذوب بتفاصيلها مكملاً بصوته الأجش ..
” و سبت اللي عايزة تطلقني على ذمتي لخاطر بناتي، وطلقتك أنتي يا سلسبيل عشان ده الصُح اللي كان لازم أعمله من الأول.. أنتي ضحية لينا كلنا.. أبوكي، أمي، أخوي الله يرحمه و يسامحه، خضرا، و إني كمان صممت اتچوزك و أني خابر إنك مبتحبنيش و مچبورة على چوازك مني”..
“و مين بس قالك إني مبحبكش؟! “.. أردفت بها و هي ترفع يدها و تضم وجهه بين كفيها الصغيران، و أصابعها تتحسس لحيته بشغف مكملة بعشق..
” ده أنا اعترفلك إنك كنت حلم بالنسبالي، و أمنيتي اللي مكنتش أتوقع أنها تتحقق.. أنا مش بس بحبك.. أنا بعشقك يا عبد الجبار “..
ختمت حديثها و مالت برأسها على صدره بعدما توقت عنقه بذراعيها..
“عشقك ليا ده وهم و هيجي عليكي الوقت و توفقي منه، و وقتها هتكرهيني و تكرهي اليوم اللي شوفتيني فيه، و أني الموت أهون عندي من نظرة كرهه ألمحها في عيونك يا بت جلبي، عشان أكده بحرم روحي منك دلوقتي قبل ما يچي الوقت اللي تحرميني أنتي فيه منك للأبد، لأني واثق إنك لما تفكري في حديتي ده زين هتلاقي عندي حق، وقتها هتحترميني و مش هتقطعي الوصل بنتنا، لكن لو لقيتي قلبك و عقلك متعلقين بيا كيف ما أني متعلق بيكي، و رايداني أردك على ذمتي مرة تانية لازم تكون بأرادك الكاملة ، من غير ضغط و إچبار من أي مخلوق يا سلسبيل”..
ابتعدت عنه و تطلعت له بأعين دامعة، و بهمس عاتبته قائلة..
” بعد كل اللي عشناه سوا، بتشكك في حبي ليك يا عبد الجبار؟!”..
حرك رأسه لها بالنفي سريعًا، و جذبها من خصرها داخل حضنه بلهفة..
” أني واثق من حبي ليكي.. لكن اللي جواكي من ناحيتي مجرد احتياج و بس مش حب، و أنا وفرتلك كل سُبل الحماية و الأمان اللي أنتي محتاجهم، لما تتعودي عليهم هتقدري ساعتها تعرفي إحساسك من چهتي أيه بالظبط، و أي إن كان قرارك أني هحترمه و هقدر يا سلسبيل “..
.. نهاية الفلاش باااااااااااك..
فاقت من تلك الذكرى على صوته ينادي عليها بقلق حين لمح العبرات تترقرق بعينيها الفاتنة التي تسحره بجمالها..
” سلسبيل أنتي زينة؟! “..
” اه كويسة.. كملوا شغل”.. قالتها بأقتضاب و هي تنظر لملف موضوع أمامها، فرحتها الغامرة بحضوره التي تدين ملامحها أصبحت ممزوجة بالغضب و الغيظ أخفي فرحتها هذه حين تذكرت رفضه القاطع بردها على ذمته بعد علمه بأنها حامل منه لا يريد أن يكون بينهما رابط يجبرهما على العودة لبعضهما، يريدها كما قال بكامل إرادتها، حتى وصل به الأمر يطلب منها تقولها له صريحة، تخبره بكل ما تملك من جرئة أنها تريده زوجًا لها و هذا لا و لن تسمح لها كرامتها و لا كبريائها بفعله..
كل هذا تحت نظرات “جابر” الذي يتابعها بصمتٍ، و إبتسامة دافئة..
لا يريد أي شيء أخر غير أن يراها قوية، و تحيا حياة سعيدة حتى لو كانت سعادتها هذه مع غيره، منذ اللحظة التي أخبرته فيها بحملها و هو أيقن أنهما لن يتقابلان على طريق الحب أبدًا، و رغم هذا تعهد بحمايتها و دعمها لأنها ستظل صغيرته “سلسبيل”..

 

 

 

“خلينا ناخد ساعة راحة، و نعاود للشغل مرة تانية”..
قالها “عبد الجبار” و هو يرفع رأسه أخيرًا و ينظر تجاه معذبته التي ابتعدت مسرعة بعينيها عنه و مثلت إنشغالها بالأوراق أمامها..
نهض جميع الحضور من بينهم “جابر” الذي تحدث بعملية و هو يتنقل بين “سلسبيل ” و” عبد الجبار “قائلاً..
“مدام الشغل مطول كده يبقي نطلب غدا.. تحبوا تاكلوا حاجة معينة ؟ “..
” عايزة بيتزا ميكس جبن يا جابر لو سمحت”..
قالتها “سلسبيل” بصوتها الهامس الرقيق، و هي تعتدل على مقعدها بوضع أكثر راحة، و رمقة “عبد الجبار” بنظرة خاطفة مكملة بابتسامة مصطنعة..
” و وصل مستر عبد الجبار لمكتبه الجديد اللي صممت كل ديكوره بنفسي”..
ذادت ابتسامتها اتساع، و تطلعت له بنظرة بدت باردة و تابعت بثقة..
“تصميمه مش هيعجبك.. بس هو عاجبني أنا و ده المهم”..
كتم “جابر” ابتسامته على طريقتها التي تثير جنون ذلك العاشق الملتزم بالصمت ، لم يتفوه بكلمة واحدة، أكتفي بالنظر للعاملين المرافقين لهم نظرة يخبرهم بها أن يتركوهم بمفردهم، و بالفعل بدأ الجميع يغادرون المكان واحد تلو الأخر..
“طيب يلا بينا يا عبد الجبار أوصلك لمكتبك و بعدها هطلب الأكل.. أطلب لك بيتزا أنت كمان و لا تقضيها سندوتشات زيي؟ “.. قالها” جابر” الذي نهض من مكانه و سار تجاه الباب..
“أطلب أي وكل مش هيفرق”..
نطق بها “عبد الجبار” و هو ينهض أيضًا، سار خلفه بخطوات هادئة أثارت الريبة بقلب تلك الجالسة جعل قلبها ينتفض أكثر بين ضلوعها خاصةً حين وجدته يغلق الباب عليهما بعدما خرج”جابر” مباشرةً..
” و ده إسمه أيه ده إن شاء الله يا مستر؟!”.
قالتها بثبات تُحسد عليه عكس انصهارها و ذوبان عظامها..
“أني طلقت خضرا يا سلسبيل”..
قالها بغصة مريرة يملؤها الوجع، جملته هذه هزت كيانها كله، و أصابتها بصدمة للحظات قليلة، رسمت بعدها الجمود على محياها و هي تقول بلامبالاة..
” طلاقك لأبلة خضرا ميخصنيش.. دي حياتك و أنت حر فيها”..
قطع المسافة بينه و بينها في خطوتان فقط، حتى توقف أمامها مباشرةً المسافة بينهما لا تُذكر لكنهما لا يتلامسان..
“اتوحشتك قوي قوي يا حبة القلب”..
قالها و هو يرمقها بنظراته التي يشتعل بها نيران شوقه إليها..
أنهارت كل قوتها المزيفة بلمح البصر، توردت وجنتيها بحمرة الخجل، و نظرت له نظره يملؤها الحب مرددة بتنهيدة كالمغيبة..
“و أنت؟!”..

 

 

 

لم تُكمل حديثها، و كأنها أستعادة وعيها سريعًا..
“وأنت لا.. موحشتنيش خالص يا عبد الجبار “..
رفع حاجبيه معًا و تطلع لها بابتسامة عابثة، و من ثم رفع أكمام قميصه عن معصميه، و فتح أول أزراره ليظهر بداية صدره العريض أمام عينيها المُتيمة به، حينها تردد بقلبها سؤال واحد فقط..
كيف حال الدفء على صدره؟!..
شهقت بصوتٍ خفيض حين جثي فجأة على ركبتيه أرضًا أمامها، و جذبها بمقعدها عليه حاصرها بجسده، شعرت بمدى ضئلتها بين ذراعيه الضخمه،
لم يعطيها الفرصة حتى للاعتراض و مد يده حاوط بطنها الصغيرة بكفيه يتحسس حركة طفله بلهفة شديدة..
“من حجي أطمن على ولدي اللي في بطنك”..
قالها بابتسامة لعوب و هو يتفرس ملامحها بافتنان لا يخلو من الإشتياق..
تنحنحت “سلسبيل” كمحاولة منها لإيجاد صوتها، و رفعت يدها دفعته بكتفه تبعده عنها بعنف لكنه كالصخر لم يتزحزح من مكانه و لو أنش واحد، بل ألتصق بها أكثر..
” و أنت مين قالك إن اللي في بطني ولد أصلًا؟!”..
تطلع لها بفرحة غامرة حقيقية و هو يقول بتساءل..
“بنت؟ حامل في بنت يا سلسبيل؟”..
رمقته بنظرة يتطاير منها الشرر و صاحت في وجهه بغضب قائلة..
“و لا بنت”..
نظر لها بحاجب مرفوع، و مال بوجهه على وجهها حتى تلامست أنفهما مغمغمًا بحرارة..
” يعني لا واد و لا بت!! أمال حامل في أيه عاد؟”..
خطف قبلة من أرنبة أنفها مكملاً ..

 

 

 

” نوع الكائن اللي عمال يخبط شمال و يمين و بيچري تحت يدي ده أيه؟!”..
“ملكش فيه.. لما أولد إن شاء الله أكيد هتعرف وقتها اللي بيجري ده نوعه أيه “.. أردفت بها و هي تكافح بضراوة لتتخلص من حصاره هذا..
كانت عينيه مثبته على شفتيها، و هم بغمرها بقبلة جامحة،
ضيقت عينيها و قد تفهمت ما يدور بذهنه، فضحكت بصوتها كله و هي تقول..
“أنت فاكر إني كنت رافضة أرجعلك بسبب أبلة خضرا ، و دلوقتي ممكن نرجع عشان طلاقتها؟!.. اللي بتفكر فيه ده مستحيل يحصل لأن أنت كنت على حق في كل كلمة قولتها ليا، و أنا اللي غلطانه.. شعوري نحيتك كان مجرد احتياج للحماية فعلاً..مش حب و لا عشق زي ما خيالي المريض صورلي”..
نظرت داخل عينيه بعمق و تابعت بقسوة نابعة من جروحها التي مازالت تنزف..
” يعني أنا مبحبكش ياريت تفهم ده كويس، و بما إني اتعلمت احمي نفسي بنفسي و الفضل في ده يرجع ليك الحقيقة فأنا بعترفلك أني مديونة ليك بالشكر لأنك صممت على انفصلنا يا عبد الجبار، و أنت كنت قولتلي إنك هتحترم قراري”..
كلماتها أصابته بمقتل، شعرت بتصلب جسده حولها، أيقنت الآن أنها خسرته للأبد من نظرته لها المملؤه بالحسرة و الوجع،طعنته في قلبه بسكينٍ بارد، أبتعد عنها ببطء و انتصب واقفًا بطوله المُهيب وتحدث بصلابة قائلاً ..
” و أني عند كلامي.. قرارك هنفذه و مش هردك لعصمتي و من انهاردة اللي بنا هيكون اللي في بطنك سواء بنت أو ولد، و الشغل و بس يا سلسبيل هانم”..
………………………………… سبحان الله وبحمده……
بالخارج..
وقف “جابر” مستند بكفيه على مكتب” صفا” يتأملها بشغف،تلك الفتاة المخلوقة، وصية والدته التي أكتشف أنها يتيمة الأبوين و أن زوج والدته يكون صديق والدها الذي لم ييُرزق بأطفال فتخذها ابنة له بعد وفاة والدها و والدتها في حادث أليم نجت هي منه بمعجزة إلهية،
ابتلعت لعابها بصعوبة من نظراته الجديدة كليًا عليها، يتطلع لها بابتسامة دافئة لا تخلو من الإعجاب مردفًا..
” أطلب لي بيتزا معاكِ “..
” بيتزا!!.. بس أنت قولت قبل كده إنك مبتحبهاش؟”..
همست بها “صفا” بستحياء متجنبة النظر له، ليميل هو برأسه قليلاً عليها، فنظرت له بأعين متسعة على أخرها من تغيره المفاجئ معاها، ليزيد هو من دهشتها حين قال..
“أصلي المرادي واثق إني هحبها زي ما هي بتحبني و أكتر كمان”..
رمشت بأهدابها مرات متتالية مدمدمة ببلاهة..
“هي مين دي اللي بتحبك؟!”..

 

 

 

نظر لها نظرة مصطنع البراءة و هو يجيبها..
“البيتزا يا صفا.. هيكون أنتي مثلاً اللي بتحبيني؟! و مش بس كده ده أنا كمان هطلب ايديها للجواز انهاردة..بس تفتكري هي هتوافق على طلبي ده؟ “..
تجمعت الدموع بعينيها جاهدت للسيطرة عليهم تمنعهم من الهبوط، و تحدثت بابتسامة متألمة قائلة..
“لو عليها هي أكيد هتوافق على طلبك يا جابر بس معتقدتش إن أنت اللي هتوافق عليها لو عرفت أن؟! “..
صمتت لوهلة، و اعتدلت بمقعدها أظهرت إحدي قدميها، رفعت ثوبها بضعة أنشات لتظهر أمام عينيه طرف صناعي ترتديه بقدمها اليمني..
“رجلها مبتورة”..
“بس أنا عارف يا صفا.. عرفت عنك كل حاجة و بتمني توافقي على طلبي”..
هنا انهمرت عبراتها على وجنتيها بغزارة، و حركت رأسها بالنفي مرددة بأسف..
“أنا سمعت الكلام ده قبل كده من خطيبي الأولاني، و في الأخر سبني قبل الفرح بأسبوع.. و أنا معنديش إستعداد يحصل فيا كده تاني يا جابر”..
مسحت دموعها بعنف، و نهضت من مكانها مكملة بأسف قبل أن تسير من أمامه بخطي شبة راكضة..
“طلبك مرفوض”..
…………………………… سبحان الله العظيم……….
” خضرا”..
بعد أن تأخر” عبد الجبار ” للعودة إلى المنزل عدة ساعات طويلة، كانت تظن أنه لن يتردد في ردها كل هذا الوقت، لكن من الواضح أنه لن يتراجع عن يمينه، هداها تفكيرها إلى لملمت ما تبقى من كرامتها،قررت أن تعود للصعيد، بدأت تجمع ثيابها و ثياب ابنتيها..
” أنتي بتعملي أيه يا أماي ؟! “..
قالتها “فاطمة” بتساءل و هي تتنقل بنظرها لحقائب الثياب الكثيرة من حوالها..
“هنمشي من أهنة يا فاطمة.. خلاص لحد أكده.. أبوكي طلقني و مبقاش رايداني”..
بكت “فاطمة” و هي تقول..
“لا يا أماي أحب على يدك خلينا أهنة في دار أبوي و هو هيعاود.. مش هيعوق علينا هو واعدني أنه هيسامحك و مهيأذكيش واصل”..

 

 

 

نظرت لها “خضرا” بلهفة، و تحدثت مستفسرة..
“وعدك أمتي و وعدك ليه؟! “..
ظهر الخوف على ملامح الصغيرة، لتطمئنها” خضرا” و تربت على ظهرها بحنو قائلة..
” في أيه يا بتي.. في حاچة مخبيها عليا؟ “..
حركت” فاطمة” رأسها بالإيجاب، و تحدثت بصوتٍ مرتجف قائلة..
” أني شوفتك يا أماي.. شوفتك و أنتي بتحطي حاچة في الوكل لچدتي و خيتي وبعد ما أكلوا ناموا طوالي..عملت حالي نمت أني كمان و سمعت حديتك عن قتل أبوي اللي قولتيه لسلسبيل.. خوفت تعملي أكده في أبوي فقولتله لأچل ما يدافع عن نفسه و لما قولتله أكده قالي أمك عمرها ما هتعمل فيا أكده و طمني و وعدني أنه مش هيأذيكي و لا هيهملك تأذيه”..
أجهشت ” خضرا ” في نوبة بكاء مرير، تذرف دموع الندم، نادمة على ما أوصلت نفسها إليه، كانت حياتها مثالية قبل أن تُشجع زوجها على الزواج من امراءة غيرها، من المفترض كانت رفضت الفكرة من بادئ الأمر و أغلقت باب تلك الرياح القوية التي هدمت حياتها، بموافقتها على فكرة الزواج من الأساس شجعت زوجها على أتفاقه مع الطبيب ليتمكن من أقناعها أكثر..
“هنمشي يا أماي؟!”..
أطبقت “خضرا” جفنيها بعنف، و بتنهيدة متألمة قالت..
“أيوه يا فاطمة.. هنمشي! “..
قطعت حديثها و شهقت بذعر حين استمعت لصوت رجل يتحدث بفحيح كفحيح الأفاعي قائلاً..
“هتمشي يا خضرا بس هتمشي من الدنيا كلها يا وش الخراب”..
استدارت على الفور تنظر تجاه مصدر الصوت، لتجحظ عينيها بصدمة حين وجدت “حسان” يدلف داخل الغرفة ممسك بيده أبنتها” حياة” كاتم فمها بكف يده، و يده الأخرى واضعًا سلاحه الناري على رأسها..

 

 

 

انقطعت أنفاسها، و كاد أن يتوقف قلبها المرتعد من شدة الخوف، و هرولت بإخفاء ابنتها “فاطمة” خلف ظهرها، و تطلعت له بأعين زائغة مرددة بذهول..
“حسام!!.. أنت دخلت أهنه كيف؟!”..
“وه نسيتي إياك إني كنت حارس البيت أهنه و خابر زين كل شبر فيه قبل ما أطرد منه بسببك و اتشرد بالشوارع ملقيش شغل واصل بعد ما الكل خد صف الكبير و رفضوا يشغلوني عندهم، هملني و مقتلنيش عشان خابر أني هموت بالحيا من الجوع و قلة الفلوس”..
قالها” حسان”بغضب عارم، و حقد دفين ظاهر على قسماته المتوحشة..
بينما” فاطمة” استغلت اختفائها خلف والدتها، و أخرجت هاتفها من جيب مامتها، و طلبت رقم والدها الذي أجابها في الحال..
” فاطمة.. في حاچة يا بتي؟! “..
أتاه همسها الباكي تقول بصوتٍ مكتوم..
” إلحقنا يا بوي هيموتنا”..
برغم أن جملتها كانت غير واضحة، إلا أنه انتفض من مكانه فجأة و ركض بكل ما يملك من سرعة حين وصل لسمعه صوت “خضرا” تقول ببكاء و توسل..
“همل حياة يا حسان.. البنتة ملهاش صالح.. أقتلني أني و همل بناتي أحب على چزمتك…”..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية جبر السلسبيل 2)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *