روايات

رواية سمال الحب الفصل الثلاثون 30 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل الثلاثون 30 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت الثلاثون

رواية سمال الحب الجزء الثلاثون

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة الثلاثون

#سمال_الحب
#وقبل_أن_تبصر_عيناكِ ج٢ _ الفصل ( ٧٣ ) :
#مريم_محمد_غريب
_ خرجت منك ! _ “١”
عندما استيقظت، كانت في السرير الوثير الذي كان عليه أكبر عامل أغراها لتنام، لا تصدق أن القلق و الخوف انفكّا عنها خلال تلك الفترة …
و لكن كم من الوقت مضى و هي نائمة !؟
“كاميليا” !!!!
هدر صوت عقلها منتشلًا إيّاها من رقدتها في لحظة، فتشت بعينيها في الغرفة كلها، لا أثر للصغيرة !
أين هي ؟؟؟!!!!
قفزت “ليلة” من مكانها راكضة خارج الغرفة، لم يتسنى لها التوّجه إلى مكانٍ بعيد، إذ تناهى إلى سمعها صوت الصغيرة بالجوار.. تحديدًا بالطرف المقابل للردهة الطويلة
إنه جناح “حسن” الخاص …
كزت على اسنانها بغضب و اندفعت إلى هناك و عيناها تطلقان شزرًا، كان المشهد كالتالي ؛
الصغيرة “كاميليا” التي كانت منذ ساعاتٍ قليلة تكنّ العداء الصريح لـ”حسن” الآن تضحك و تكركر، هناك أسفل قدمه، حيث افترش لها حفنة من الألعاب الجديدة، حتمًا أنه بعث في طلبها خصيصًا لأجلها
أما هو فقد ارتاد دور المهرج مرتديًا قناع إحدى الشخصيات الكرتوتية المُحببة لدى الأطفال، هكذا تمكن بسهولة من كسب قلب الصغيرة و سرقة ضحكاتها !!!
-حسن !
جمد ندائها الحانق الأجواء المرحة لثوانٍ، نظر لها “حسن” في الحال، و حانت من الطفلة إلتفاتة نحوها، ثم إلتهت من جديد في الألعاب، بينما يمضي “حسن” صوبها منتزعًا القناع عن وجهه و ذلك الوشاح أيضًا من حول عنقه
ألقى بهم جانبًا ليقف الآن قبالتها على وجهه كل علائم الفتور و الراحة …
-ليلة ! أخيرًا صحيتي.. و الله كنت قلقان عليكي لدرجة حطيت ودني عند نفسك عشان أعرف صاحية و لا ميتة !!
و ضحك مقهقهًا بسماجة، ربما قصد استفزاها قليلًا، لكنه عدل عن هذا معاودًا حديثه بجديةٍ :
-بقالك ١٤ ساعة نايمة. الغروب قدامه ساعة بالظبط حضرتك ..
عبست “ليلة” بذهولٍ، و تلقائيًا وجّهت ناظريها ناحية الشرقة المفتوحة، فإذا بالشمس تلقي بأشعتها من الغرب بالفعل …
-البنت صحيت من بدري و انتي ماحستيش بيها خالص. انا جيت على صوت عياطها و خدتها فطرتها و نزلت انا و هي كمان لفينا بالغربية و جبت لها شوية لعب و حاجات حلوة
نظرت له الآن بنظراتٍ جاحظة عنيفة و قالت منفعلة :
-أخدتها و عملت إيه !؟؟؟
إنت إزاي تتنقل بيها خطوة منغير إذني ؟ ثم أنا اصلًا مش قولتلك ماتحاولش تلمسها ؟ قلت كده و لا لأ !!!؟؟؟؟
بهدوءٍ متناهٍ رد عليها :
-إهدي شوية.. انتي شوفتيني خطفتها. و لا عملت فيها حاجة.. ما هي زي الفل قدامك و بتضحك و بتلعب. بذمتك انتي عمرك شوفتيها مبسوطة و فرحانة أكتر من دلوقتي ؟ قولي الحقيقة !!
لم يحتاج الأمر للتفكير مرتين أو حتى مرة، فبالطبع قضت الصغيرة أوقاتًا جميلة ملؤها الضحك و السعادة برفقة أبيها، أبيها الحقيقي الذي يحبها أكثر من الجميع و الذي تحبه هي أيضًا، كلتيهما تحبانه …
-أنا مابهزرش يا حسن ! .. غمغمت “ليلة” بقتامةٍ فجأة
و اقتربت منه خطوة و قالت دون أن تجفل مرة :
-تاني مرة اتصرفت تصرف زي ده من ورا ضهري. أقسم بالله بروحك.. أنا مابهزرش !!
و التكرار كما يعرف يفيد التوكيد، و أيقن بأنها لا تهدده عبثًا و أنها تعني ما تقول، تلك المجنونة سليلة عائلة المعاتيه …
ابتسم “حسن” لها ببرودٍ و قال :
-ماتبقيش Aggressive كده أمال. أنا مقصدتش حاجة وحشة. إللي يشوفك كده يقول انك و لا تعرفيني كويس !
رشقته بنظرة عدائية صرف و هي تتذكر تلك القبلة التي سرقها منها عنوةً، و تمتمت بسخرية مريرة :
-انا فعلًا طلعت ماعرفكش كويس !!
تنهد بعمق و أراد أن حقًا يكمل النقاش، لأنه كان مشتاقًا لها و لا يجد أيّ كلل أو ملل، لكن الظهور المفاجئ للشخصية التي إنضمت إليهم حديثًا استرعت اهتمامه أكثر، فهتف ناظرًا لنقطةٍ ما وراء ظهرها …
-ماما أمينة ! ايه إللي قوّمك من السرير يا حبيبتي ..
و تجاوزها “حسن” ماشيًا تجاه باب الغرفة، استدارت “ليلة” من فورها، لترى تلك السيدة ذات الملامح الهرِمة، تجلس فوق كرسي متحرك و بيّد أنها جاءت بنفسها دون مساعدة
رأت “حسن” ينحني بجزعه واضعًا يديه فوق كتفيها متمتمًا لها بلطفٍ :
-عاوزة حاجة يا حبيبتي ؟ ليه قمتي من سريرك. الدكتور مشدد عليكي اليومين دول راحة تامة
ابتسمت الأخيرة بنعومةٍ و رفعت يدها تربت على لحيته الخفيفة دون أن تتكلم، ثم أمرته بعينيها أن يتنحى قليلًا، امتثل لأمرها فورًا و انتصب واقفًا إلى جوارها دون حراكٍ
في هذه الاثناء تذكرتها “ليلة”.. لم تراها أبدًا لكنها سمعت عنها الكثير
إنها تكون جدته، جدة “حسن” لأمه، ارتبكت حين رأتها تضير لها بكفها لتقترب منها …
ابتلعت ريقها بتوتر طفيف، لا تعلم لماذا أحست حيالها بهذا الشعور المهيب، لكنها وجدت نفسها تطيعها و تمشي نحوها بخطى حثيثة
مرة أخرى جثت على ركبتيها إمتثالًا لأمر السيدة العجوز، كانت كالمنومة مغنطيسيًا بفعل تلك الشرارات الخفيّة التي تنبعث من عينيّ هذه الأخيرة، رغم الهالة النبيلة المحيطة بها، لكنها أيضًا.. كانت مخيفة بشكل لا يخطئه الحدس أو القلب
شهقت “ليلة” بخفوتٍ حين بسطت الجدة فوق بطنها يدها المزيّنة بالمجوهرات الثمينة و طلاء الأظافر ذي الحمرة الفاقعة، ارتابت أكثر و هي تراها تغمض عينيها لبعض للحظاتٍ، ثم تفتحهما ثانيةً مشتبكة بناظريها الشاخصين …
-توم ! .. نطقت العجوز بأولى كلماتها بصوتٍ جاف و خشن
ظنّت “ليلة” لوهلة بأنها تقصد اسمًا، أو شخصٌ ما، لكن ما لبثت العجوز أن أردفت بجدية مخيفة :
-إنتي حامل في توم.. ولد و بنت !!
ثم سحبت يدها فجأة و رفعت رأسها بوقارٍ دون أن يرف لها جفن عن النظر في عينيها المذهولتين …
_______________
كان على شفير الانهيار، داخليًا
كان ممزق، خارجيًا
وجهه و دموعه الحبيسة تروي ألف حكاية و حكاية، بينما يستمع لادلاءات ابن عمه و أخيه …
علي : ماسبناش مكان إلا و دورنا فيه عن الاتنين يا رزق
مصطفى : لا كاميليا و لا ليلة ليهم أثر. ربنا وحده إللي يعلم فين أراضيهم
علي : بس على الأقل مطمنين إنهم لسا عايشين
مصطفى : مش عاوزين نخدع نفسنا. حتى ده احتمال ضعيف بردو
علي بانفعال : ما تخليك متفائل شوية. ياما اسكت يا مصطفى مش نقصاك
مصطفى بحدة : انا مش متعود على المجاملة و التزويق يا سي علي. لازم نحط كل الاحتمالات قصاد عنينا
ضاق “رزق” ذرعًا بعراكهما اللفظي و صاح مستديرًا عن النافذة المطلـّة على الحي :
-بـــــــــــــــس.. مش عايز اسمع و لا كلمة. اسكتوا انتوا الاتنين.. انا بس إللي بتكلم دلوقت سامعين !!!؟؟؟؟
وقفا أمامه كالاصنام، لكنه لم يهدأ بل العكس، تفاقم أجيج صدره و هو يستجوب كليهما :
-إزاي خالت عليكوا كدبة رضوان السويفي ؟؟؟؟
كان التعب بادٍ على حركات جسمه و صوته، فهو لا يزال جريحًا و مصابًا، يتوجب عليه الراحة، لكن من أين تأتي الراحة الآن.. لا سبيل لها حتى لو أراد …
أكد “علي” أقواله السالفة :
-مش عنده يا رزق. ليلة و كاميليا مش عنده. احنا بنفسنا و معانا فاروق الديب روحنا لحده و فتشنا كل الأماكن إللي تبعه.. و بعدين عمايله دي حلاوة روح. الراجل ده احنا دمرناه و ماعادش له حد. و بعد إللي حصل معاك محدش من الكبار هايمد له إيده مهما حصل. كلهم في صفنا لو هما فعلا عنده كان وصلنا خبر. اي خبر حتى لو كان خبر وحش. بس السكوت ده له معنى واحد. ليلة و كاميليا لسا عايشين.. صدقني
اهتاجت أنفاسه و هو يجادله بعصبية يائسة :
-لما هما عايشين. طيب فين ؟ هما فيــــــــن يا علي !!!!!؟؟؟؟؟
هز الأخير رأسه خائبًا :
-و الله ماعرف يابن عمي. انا مش ساكت. قربت افحت تحت طوب الأرض عشان أدور عليهم ..
يتدخل “مصطفى” مُلطفًا بدوره :
-ماتقلقش يا رزق. ماتقلقش ياخويا. هانلاقيهم
انتفض جسد “رزق” بعنفٍ للحظة و تصلّبت أوصاله، شعرا صاحبيه بالقلق عليه لوهلةٍ، لكنه بدا أنه يستجمع نفسه المحطّمة …
سحب نفسًا عميقًا و زفره على مهلٍ، ثم رج رأسه مرتين و خطى ناحية أخيه وئيدًا، كانا يتوازيان طولًا تقريبًا، و ما أكبر الشبه بينهما الآن، كأنهما إنعكاس لبعضهما الآخر
فتح “رزق” فاهه قائلًا بصوت سمعه أخيه جيدًا :
-أنا عايزهم يا مصطفى.. عايز بنتي. عايز مراتي.. عايشين. حتى لو جثث… عايزهم !
تعهّد له الأخير :
-اوعدك لو تحت سابع أرض. هاجبهم لك.. عايشين.. أو ميتين !!
اومأ له “رزق” بصمتٍ، ثم رفع كفه الأيمن و أمام أنظار الأثنين، خلع خاتم السيادة الذي سلّمه له أبيه، و الذي يسلّمه هو بدوره الآن لأخيه قائلًا :
-لحد ما تلاقيهم.. حتى بعد كده. الخاتم ده مابقاش يلزمني ..
-رزق !!! .. كانت صيحة “علي” المحتجة تجلجل بالمكان
فلم يلتفت له، و أضاف بتصميمٍ :
-انا كده كده ماشي. حتى لو ماخدتوش مني يا مصطفى.. المكان ده عمره ما كان ليا. و لا هايكون !
كان اغراء، رغم مشاعر الأخوة الوليدة، لم يستطع “مصطفى” مقاومته، مقاومة الشيء الذي تاق له طوال عمره
مد يده متلقّفًا الخاتم من أخيه بلا ترددٍ و منحه ابتسامةٍ صافية و هو يكرر وعده إليه :
-هالاقيهم يا رزق.. هالاقيهم !
_______________
تبقّى شيء واحد فقط
بعد أن أبرّ بالوعد الذي سبق و وعده لأبيه، بل وعد نفسه من قبله، بأنه سيأتي اليوم الذي سيخرج فيه من هذا المستنقع
ها قد أتى
لكنه سيظل معلقًا لو لم يفعل ذلك قبل رحيله، ليفعلهو ينهي الأمر برمته، ليفعله و يذهب بلا رجعة …
حمل “رزق” رسالة أمه، لم يلمسها منذ تسلّمها من أبيه، حملها و نزل بها إلى ذلك المكان، السرداب الذي فاضت روحها فيه و ولدت شقيقته أيضًا به
لم يطئه أبدًا، و طالما خشى أن يدخله، لكنه قسر نفسه بكل ما أوتي من قوة و دفع الباب الصدئ، ثم ولج وسط روائح الرطوبة و العفن …
ألقى نظرة شمولية، كان المكان منتهى الفوضى، و الأتربة تغطي كل شيء، شقّ طريقه نحو السرير المتآكل ذي الشراشف الصفراء و قد كانت بيضاء فيما مضى
جلس على طرفه غير عابئًا بكومة الأتربة التي قد تتلف ثيابه كلها، ارتعش جسمه حين تذكر من جديد بأنه يجلس تمامًا في الركن الذي ماتت فيه أمه
احساس غريب و مخيف تملّكه بأنها حاضرة في هذه اللحظة، بأنها بجواره الآن و هو يفتح الظرف المصفّر و يسحب من داخله الورقة المطوية
رسالتها… فتحها هي الأخرى و بدأ قراءة من السطر الأول !

يتبع ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *