روايات

رواية عرف صعيدي الفصل السادس 6 بقلم تسنيم المرشدي

رواية عرف صعيدي الفصل السادس 6 بقلم تسنيم المرشدي

رواية عرف صعيدي البارت السادس

رواية عرف صعيدي الجزء السادس

رواية عرف صعيدي الحلقة السادسة

( ديكتاتورية ظالمة )

_ لم يكن هين على الجميع ما وقع على مسامعهم، تبادلا جميعهم النظرات في صدمة جلية قد أعتلت وجوهم، تشنجت عروق مصطفى و كور يديه بقوة كما كز على أسنانه بغضب شديد يحاول كظمه، أوصد عينيه لبضعة من الوقت في محاولة إستيعابه للأمر الذي أوقعه والده بين طياته دون إكتراث لمشاعره ورفضه التام لتلك المسألة

_ خفق قلب ورد رعباً كما رجف جسدها من هول المفاجأة، ظلت تردد الرفض داخلها لعلهم يشعرون بيها ولا يقبلون بتلك الزيجة لكن كيف فالرفض يكمن داخلها وبالتأكيد ليست بتلك الشجاعة التي ستواجههم برفض زيجتها من مصطفى..

 

 

 

 

_ أما عن السيدة نادرة فقط صعقتها كلمات خليل ولم ترفع عينيها من عليه متفاجئة بطلبه فلقد تيقنت بأنه قد نسي الأمر ما أن رأت حقيبة ورد، تريد أن يلهمها الله الصبر حتى يبرد قلبها قليلاً بعد أن أشعل خليل نيرانه بحديثه..

_ أختفت الابتسامة سريعاً من على محيا السيدة سنية فور سماعها بطلب خليل، تريد الفرار بإبنتها من تلك البلدة ولا تريد أن يربطها أي شئ فيها مرة أخري، لكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن فعلى ما يبدو أن للقدر رأي آخر..

_ حمحم ماهر وهو يهضم طلب خليل الذي فاجئه به كما فاجئ الجميع، إبتلع ريقه حينما شعر بجفاف حلقه وأجابه وهو يمرق أنظاره بين شقيقته وإبنتها:-

أنت فاجئتنا يا عمدة وبصراحة مش عارف أقولك إيه يعني على الأقل سيبنا نفكر وناخد رأي ورد

 

 

 

 

_ أسرع خليل بالرد عليه بنبرة لحوحة:-

تفكروا في إيه عاد وبعدين ورد أهيه جاعدة جدامنا..

_ وجه خليل بصره على ورد وتابع:-

ها يا ورد إيه رأيك يابتي؟

_ أخفضت ورد بصرها بحياء كما تحول لون وجنتيها إلى الحُمرة الشديدة كإحمرار حبات الكرز، شكرت ربها بأن لا يراها أحد على تلك الحالة، إبتلعت ريقها مراراً في محاولة منها أن تخرج الكلمات التي إنحشرت داخلها، تدخلت نادرة قبل أن تجيب ورد وأردفت بنظرات متوعدة إلى خليل:-

البنية مستحية يا خليل سيبها عليطى راحتها وتبجي تفكر على راحتها في بيتهم، متضغطش عليها

_ أكد ماهر على حديث نادرة قائلاً:-

ايوة ياريت يا عمدة، نروح القاهرة الأول ونفكر في الموضوع ونرد عليكم

 

 

 

 

”قاهرة إيه اللي عاد يا أستاذ ماهر أني رايد الجوازة تتم في أسرع وجت يعني الكتاب يتكتب بكرة بالكاتير جوي

_ أصدرت ورد شهقة خافتة لم يسمعها سواها، ما هذا الهراء؟ إنه يغلق جميع الأبواب عليها، يريد حجزها في السجن ذاته التي تود الفرار منه، لماذا يحرم عليها الإستمتاع بحريتها لطالما إنتظرتها منذ وقت طويل، كانت تعد الدقائق لينتهي اليوم حتى تقصر الأيام وتذهب حيث جائت والأن مطالبة بإطالة مدة الحبس وعدم الإفراج!!

_ فرت دمعة موجوعة من عينيها على تلك الحياة القاسية التي تعيشها، ألا تستحق بعض الحرية والعيش في سلام، لقد خاضت تجربتها الأولى وبائت بالفشل الذي أدى إلى وفاة شريكها قبل أن يبدأ حياتهم معاً، ليست مؤهلة بعد لزيجة أخرى وفي المنزل ذاته الذي عانت فيه ليالِ عديدة قد قضتها بمفردها وحيدة ليس معها رفيق سوي دموعها..

 

 

 

 

_ نهضت السيدة سنية حاسمة للأمر:-

أعذرن يا عمدة بس محتاچين وجت نفكروا فيه أنا وبتي، هي لساتها خارجة من علاجة سابجة وجروحها مداوتش

_ نهض خليل هو الآخر متكأ على عصاه وقال بثبات:-

يبجي تجعد إهنه باجي الساعات اللي فاضلة في العدة وعنديها النهار كلاته تفكر فيه وتصلي إستخارة كماني ونعرفوا قرارها صباح اليوم التاني إن شاءالله

_ كان جميعهم في حالة ذهول من قرارات خليل الحاسمة التي تدل على جدية حديثه ونيته في إتمام الزيجة، تبادلا ماهر وسنية النظرات حائرين لا يعلمون ما يمكنهم فعله أو قوله الأن، قطع عليهم خليل حبال أفكارهم بنبرته الغليظة:-

 

 

 

 

وشوفوا انتو رايدين تجعدوا وياها إهنه في السرايا يا ألف أهلاً وسهلاً المكان ينور إما بجا لو رايدين تكونوا على راحتكم أني مهامنعش ها إيه جولكم؟

_ تولت مهم الرد في تلك اللحظة السيدة سنية قائلة بقلة حيلة:-

هنجعدوا في دارنا يا عمدة على ما نشوف قرار ورد

_ قاطعها ماهر يذكرها بموعد سفرهم:-

والقطر والسفر مش قولنا هترجعوا معايا القاهرة أنتوا الاتنين؟

 

 

 

 

_ أجابه خليل بشموخ:-

يتأجل يا أستاذ ماهر النهاردة من بكرة مفيهش فرج وبعدين مش يمكن تاخد الست سنية معاك لحالها وورد تجعد في سرايا زوچها؟

_ حاول ماهر أن يوضح له وجهة نظره:-

أنا فاهم حضرتك بس الأولاد هناك ولو حصل نصيب مش هيعرفوا يجوا البلد لوحدهم

_ أماء خليل رأسه بتفهم وأردف محاولاً أن ييسر ما يصعبه الآخر:-

عربية مخصوص تروح تجيبهم لحد عنديك يا أستاذ ماهر مش عايزك تشيل حِمل لأيتها حاجة واصل كله محلول بإذن لله بس المهم ورد توافج لاول

_ وجه خليل بصره علىى ورد وواصل قائلاً بثقة عمياء:-

وهي هتوافج!

 

 

 

 

_ يكفي هراء إلى هذا الحد، لقد بلغ ذورة تحمله لم يعد لديه ذرة صبر لسماع سخافاتٍ أخرى وكأنه نكرة لا يراه أحد، رفع بصره على والده الذي يتوسلهم ويقنعهم على الموافقة ولا يكترث لرفض ولده الذي هو أحق أن يهتم لأمره لا لتلك الفتاة وعائلتها

_ نهض وألقى بحديثه سريعاً دون أن يواجه نظراتهم التي صُوبت نحوه:-

عن إذنكم يا چماعة ورايا شغل ضروري

_ خرج ولم يلتفت، غضبه يزداد والبركان الذي يتأجج داخله على وشك الإنفجار، أوقفه عسران حين لم يطمئن لرؤيته بتلك الحالة المثيرة للقلق وسأله باهتمام:-

حوصل حاجة يا باشمهندز وجهك كيف النار الجايدة فيه

_ أجابه بتجهم مختصراً حديثه:-

مفيهش حاچة

 

 

 

 

_ لحق به عسران وحاول أن يعلم بوجهته فهو على علم بجنونه حين يغضب، لن يهدأ قبل أن يسبب كارثة، وقف أمامه فأجبره على الوقوف وقال محاولاً تهدئته:-

تعالي أهدي لاول وإمشي بعديها

_ تأفف مصطفى بضجر بائن وصاح بهدوء محاولاً كبح غضبه داخله:-

هملني لحالي يا عسران الله لا يسيئك أني ميشافش جدامي

_ أعترض عسران أن يسمح له بالذهاب وهتف موضحاً:-

عشان إكده أني مش ههملك تمشي وأنت بحالتك ديي

_ تلك المرة لم ينجح في إخماد بركانه الثائر، سحب بندقية عسران من عليطى ذراعه بقوة وسرعة لم يستطيع عسران منعه وصوبها للأعلى ثم أطلق النيران خلف بعضهم إلى أن إنتهت الرصاصات بالكامل، ألقى بها أرضاً وهرول سريعاً مبتعداً عن المكان بعد أن تنحي عسران جانباً لألى يلقى مسرعة من خلف جنونه..

 

 

 

 

_ خرج خليل وكل من في السرايا في حالة رعب شديدة قد تملكتهم إثر إطلاق النيران، وزع خليل أنظاره على المكان وحين لم يري شيئاً مريباً سأل عسران بتجهم:-

إيه ضرب النار اللي سمعته ديه؟

_ سحب عسران شهيقاً يعدل من صفوه وأجابه:-

البندجية كانت معصلجة ومكتومة فضربت عيارين في الهوا يمكن تسلك

_ حرك خليل رأسه بعدم إعجاب لتصرفه الذي أرعب الجميع، أنتبه جميعهم لحديث ماهر:-

هنستأذن إحنا يا عمدة

 

 

 

 

_ رد عليه خليل بود:-

إذنك إمعاك يا أستاذ ماهر نورت السرايا والبلد كلاتها

_ إبتسم ماهر ممتناً لذوقه وأردف بنبرة ودودة:-

منورين بأهلها يا عمدة تسلم

_ توجه ماهر برفقة سنية نحو البوابة فلحقت بيهم ورد منادية بحنجرة متحشرجة بسبب بكائها:-

أما إستني ..

_ إستدارت سنية إليها وتفاجئت بحضنها الذي إخترق صدرها، ضمتها بأسى وربتت على ظهرها بحنو أمومي

‘ ط’مريداش الچوازة ديي يا أما رايدة أهمل البلد كلاتها وأمشي منيها متسبنيش إهنه أبوس يدك ياما خديني معاكي”

هتفت بهم ورد من بين بكائها الذي مزق قلب والدتها تأثراً بوضعها، ملست على رأسها بحنان وأردفت بثبات:-

 

 

 

 

 

 

الله في سماه ماحد يجدر يجبرك على حاجة يا جلب ونن عين أمك، أني موجودة وهجف في وش أي حد كان مين هو ولا أجبرك على جواز أو غيره، بس مجدرش أخدك دلوك عشان هيجولوا لسه العدة مخلصتش وهطلع أني اللي مهعرفش في الأصول، عاودي أوضتك لبكرة وأني من نجمة هكون عندك ونهملوا البلد ديي

_ هدأت ورد رويداً بعد أن صغت إلى الثقة التي تحدثت بيها والدتها، إطمئنت قليلاً وإبتعدت عنها لكي تعود إلى غرفتها مرة أخري، أوقفتها سنية قبل أن تبتعد عنها بقولها:-

إبجي صلي إستخارة يا ورد

_ رفعت ورد رأسها بإستغراب فاستشفت والدتها ما خلف تلك التطلعات على الرغم من عدم رؤيتها لعينيها وفسرت معني حديثها:-

ييجي عملنا كل اللي في يدينا جبل ما نهملوا البلد عشان منقوجلش ياريت اللي جرا ما كان

 

 

 

_ أماءت بطاعة ومن ثم عادت إلى السرايا وتفاجئت بأعين خليل ونادرة ترمقانها متعجبين من تصرفاتها، خجلت من ركضها خلف والدتها ولم تكترث لمشاعرهم بالتأكيد يظنون عدم قبولها لزيجتها من ولدهم، هي حتماً رافضة لكنها لا تود أن تظهر بصورة وقحة في أعينهم تريد أن ترفض بلطف دون أن تمس مشاعرهم بحزن..

_ حمحمت حين تحشرجت حنجرتها من فرط خجلها مما تسبب به وقالت:-

عن إذنكم هطلع اوضتي

_ فرت من أمامهم مسرعة فصاحت نادرة بعدم قبول لما حدث منذ دقائق:-

فهمني يا عمدة إيه اللي عملته ييه، بتحطنا جدام المدفع إياك بعملتك ديي، معتشوفش زعل ولدك وغضبه من وجت ما أتحدت مع الناس كانه ميفرجش عنديك؟ ديه ولدك يا عمدة وبجا الوحيد يعني ميستاهلش نزعله واصل ونغصبه على جوازة مش رايديها، بلاها عرج الجبلاوية يهب دلوك وتركب دماغك يا خليل بكفيانا زعل وحزن مش ديه حديتك؟ رايد تدخله وسطينا ليه عاد؟

_ أخذ خليل شهيقاً عميق وأخرجه بتمهل، طالع صفاء السماء وهو يستنشق الهواء العليل وأجابها بحكمة:-

ولدك رافض الجواز نفسيه يا نادرة مش رافض البت، واللي عيجوله ديه حجج فارغة عشان نتأثروا بحديته ونوافجه، بس لاه أني عارف مصلحته زين، البت كيف الجمر تجوله جوم وأني أجعد مكانك وأخلاجها زينة وصانت عيلة جوزها، هيلاجي أحسن من إكده فين؟

 

 

 

 

حركت رأسها برفض وعدم قبول وهتفت معترضة:-

أني مريدهاش، إتجفلت من نحيتها وجلبي مهيطمنش على مصطفي معاها، ديي خلت الواد يهُرب منيها يوم الدخلة كيف هتجدر تجنع مصطفى بيها وهو رافض البنتة كلاتهم؟

_ إستدار خليل وطالعها لبرهة ولم يأتي على عقله سوي شيئ واحد فأخرجه على لسانه بصوت عالٍ:-

غيرانة منيها يا ناردة ولا إيه ؟

_ شهقت نادرة بعدم إستعياب لحديثه الذي ألقاه في وجهها، قطبت جبينها وصاحت به مندفعة غير راضية بما صرح به:-

بتجول إيه يا راچل؟ غيرة إيه ديي اللي عتتحدث عنيها أني نادرة السيد الحفني بنت السيد الحفني من كبرات البلد وأعيانها أغير من حتة بت بوها كان عامل عند جوزي؟ مهياش غيرة يا خليل لو رايد مُسميات يعني ممكن نسموها مستعناش تبجي مرت ولدي، جربنا حظنا مع واحد وربنا أفتكره بعد يومين تنين من وجودها معاه فأني إكتفيت ومش حِمل حزن وجهرة تاني ومصطفى بالذات لازم له بت بنوت وأني كلامي خلص لحد إهنه

 

 

 

 

 

_ تركته وغادرت المكان عادت إلى غرفتها تتمنى أن يعيد النظر في تلك الزيجة التي ترفضها البتة بينما وقع خليل في حيرة من أمره، فحديثها قد أثر به لكن يصده من الجهة الأخرى لكي لا يدع له مجالاً في التسلل داخل عقله، رفع عصاه عن الأرض وتابع سيره إلى الخارج يريد أن ينفرد بنفسه قليلاً يرتب أفكاره من جديد..

***

_ في مكانٍ ما ، يسابق الزمن مع جواده، يشعر بالتحسن كلما فرض قوته على خيله وحمسه على الركوض بسرعة فائقة لا يستطيع أحداً لمحه إن مر بجانبه فقط يشعر بإصطدام الهواء الذي يؤكد مرور شيئ ما ..

_ أوقفه تدريجياً حين وصل إلى طوالة ( استطبل ) الخيل خاصته، هبط من أعلاه بشعور مختلف تماماً عن ذي قبل، فقط يشعر بالإرتياح الأن، أعاده مكانه وتفاجئ بوقوف ضيف أمامه، تشكلت بسمة عفوية على ثغره ما إن رآه وعاتبه مستاءً:-

بجيت بتركب الخيل لوحديك ولا بتسابجني كيف زمان وأني سكِت كاتير بس المرة ديي مش هتعدي من تحت يدي

 

 

 

 

_ غمز له مصطفى وقال ساخراً:-

إتوحشت الخسارة إياك؟

_ ضاق ضيف بعينيه عليه وأجابه بتعالي:-

هاه ديي كانت مرة

_ قهقه مصطفى عالياً وأردف متابعاً لحديث صديقه بتهكم:-

اللي كسبتها

_ لكمه الآخر بعنف في كتفه وعارضه بعدم تقبل لهزيمته:-

أباي عليك لا عارف أكسبك في ركوب الخيل ولا حتى في الحديت!

_ عاد مصطفيطى إلى حصانه بعد أن أحضر له طعامه وبدأ يطعمه بيده وباليد الأخرى يملس على ظهره بنعومه، إلتوى ثغره ببمسة متهكمه حينما تذكر زيجته من أرمله أخيه وقال:-

بارك لصاحبك عاد بكره كتب كتابه

 

 

 

 

_ قطب ضيف جبينه بإستغراب لما وقع على أذنه وردد بعدم إستعياب:-

انت وافجت ميتي؟ أني سايبك الفجرية وأنت رافض إيه اللي جد؟

_ أجابه مصطفى وكل ما مر به منذ ولوجه للسرايا يُعاد في مخيلته:-

خليل الجبلاوي صدر حكم نهائي مفيهش راجعة واصل

_ حرك مصطفي رأسه ورفع شفتاه السفليى للأعلى وواصل حديثه بنبرة محتقنة:-

ديكتاتورية الجبلاوية لساتها صامدة وباينها مكملة معانا كاتير

_ دني منه ضيف عله يستشف ما يوجد خلف هدوئه المُريب لكنه فشل كـ مراته العديدة الذي حاول بهم فهم ما يدور داخل عقله لكن في النهاية يفشل بجدارة، لم يطيل تلك المرة في التفكير وسأله مباشرةً:-

هدوئك ديه ميطامنش يا ولد الجبلاوي جولي وراه إيه؟

 

 

 

 

_ تقوس ثغر مصطفي وقد إنعكست ملامحه إلى الحدة وهو يفكر بما ينوي على فعله وأجابه:-

مجدرش أعصاه ولا في يدي أجف جصاده بس في يدي أندمه على ديكتاتوريته اللي مشاها عليا

_ أحاط ضيف بكتفه وغمز إليه بمرح يريد خوضه مع أفكاره المجنونة أو ربما القاسية وأردف بحماس اضافه لنبرته:-

ميتخافش عليك يا صاحبي بس شوجتني أعرف هتعمل ايه؟

_ ثبت مصطفى بصره عليطى الفراغ أمامه وردد دون تفكير زائد:-

هنشوف، هتشوفوا كلاتكم

_ وضع المزيد من الطعام لخاصته المحبب له ولم يكترث لحكم والده الذي صدر تنفيذه فلينال والده نصيب هو الآخر من ديكتاتوريته لكن ستكون مختلفة بعض الشيئ ..

 

 

 

 

***

خرج من داره يهرول لعله يلحق بيهم قبل أن يغادروا البلدة، تفاجئ بعودة زوجة عمه وشقيقها إلى منزلهم، على الرغم من تعجبه من وجودهم في تلك الأثناء هنا إلا أنه شعر بالراحة المفرطة لكونه لم يفوت توديعهم وخصيصاً توديعه الحار لحبيبته

_ أسرع نحوهم وتحدث بنبرة لاهثة بسبب ركضه:-

كويس إني لحجتكم قبل ما تمشوا، ورد فينها معاودتش وياكم ليه عاد ؟

_ نكست السيدة سنية رأسها بحزن جلي، لم تتمني أن يعودان بدونها ناهيك عن رجعوهم للبداية من جديد، لم تكن في الحسبان تلك الزيجة وممن؟ شقيق من عانت ورد لفراقه، أاه مكلومة خرجت من فاه السيدة سنية عفوياً تسببت في خفقان قلب طاهر برعب وأعاد سؤاله بلهفة وتوجس:-

ورد فين يا مرت عمي؟

 

 

 

_ أجابته بنبرة مرهقة ولازالت منكسة الرأس:-

في بيت العمدة مرايدش يخرجها جبل ما عدتها تنتهي بالكامل ويسمع ردها

_ عقد ما بين حاجبيه متعجباً وسألها بفضول:-

ردها على إيه عاد؟

_ شهيقاً وزفيراً فعل السيدة سنية قبل أن تجيبه قائلة:-

طالب يدها لمصطفى ولده

_ ربما لو غرزت به خنجراً حاد سيكون هين على أن يسمع ذلك، لقد أنتظر مرور الأيام بفروغ صبر لكي يتقدم للزواج منها فور إنتهائها من عدتها، والأن يصغي إلى من سيسرقها منه مرة أخرى ويحلق بيها في سماء بعيدة عن أحلامه الوردية لطالما رسم مواقف محببة لقلبه مع من خفق الفؤاد بإسمها، لن يفوت تلك المرة ويقف يشاهد ما يحدث في صمت مثلما فعل في المرة الماضية، أن كان الحظ حالفه مرة فلن يحالفه في الأخرى

”أني رايد أتجوزها يا مرت عمي أني أولي بيها من الغريب، أستنيت اللحظة اللي أتجدم لها فيها من زمان ومهسمحش لأي مخلوج كان إنه ياخدها مني تاني”

 

 

 

 

_ ألقي طاهر بحديثه دون تردد أو خوف فاندهشت سنية وكذلك ماهر الذي لم يعلق بل ترك الأمر لشقيقته فهي على دراية أفضل بمن سيناسب ورد ..

_ فغرت فاها بعدم تصديق ورددت متسائلة:-

أنت بتجول إيه يا طاهر؟

_ ثار طاهر وصاح هاتفاً:-

أني بحب ورد ورايدها في الحلال جوليلها إكده يا مرت عمي وهي أكيد هتوافج

_ وضعت السيدة سنية راحة يدها أعلى رأسها وأوصدت عينيها تتمني أن يكون كابوساً ليس إلا، كل ما يحدث وليس فقط طلب طاهر من الزواج بورد، رددت بنبرة تميل إلى العتاب:-

ليه إكده يا طاهر بتصعيبها علينا أني وبتي ليه عاد؟

 

 

 

 

_ رفعت رأسها للأعلى ناظرة إلى السماء وهتفت:-

كنا رايدين نهملوا البلد يا رب ليه إكده ليه؟

_ تركتهم وهمت بالدخول لمنزلها فلحق بها ماهر وأقترب منها ما إن أغلق الباب خلفه محاولاً مشاركتها العبئ الذي قد وقع على عاتقها فجاءة، إنتبهت هي لسؤاله:-

هتعملي إيه يا سنية هتقولي لورد علي طاهر؟

_ جابت الغرفة ذهاباً وجيئا وهي تشعر بشتات عقلها لا تدري أي منهم أصلح تختاره زوج لإبنتها، فطاهر من المستحيلات تسمح له بالوصول إليها فلن تلقي بوحيداها في نيران حمدان وعائلته اللواتي لسن في قلوبهن رحمة، أيضاً ترفض وبقوة مكوث ورد في السرايا فهي لا تريدها تعيد معانتها لطالما لم تتحسن هي بعد

_ رفعت بصرها حيث يقف أخاها وهتفت مقررة:-

أني لا هوافج على ديه ولا على ديه أني هروح أخدها بكرة من نجمة ونعادوا معاك يا خوي

 

 

 

_ أماء لها بقبول ومن ثم سحب هاتفه من جيب بنطاله وقام بالإتصال على زوجته ليخبرها ببقائه الليلة عند شقيقته حتى لا تنتظر عودته هباءً ..

***

”ولاد العمدة عاملين عجد يسلموا البت لبعضيهم، بس أني مهسكتش المرة ديي مش هضيعها من يدي المرة ديي إن شالله تطير فيها رجاب”

صاح بهم طاهر بصوت عالٍ عله يفرغ غضبه الذي تبدد داخله، لم يشعر بالأذن التي وقفت خصيصاً لسماع ما يصيح به مع نفسه، ولجت للغرفة ما إن أنهى جملته بأسلوب غير حضاري وسألته بفضول:-

معناته إيه حديتك ديه يا طاهر؟

_ هدر بها شزراً من عزم غضبه:-

أنتِ واجفة تتصنتي عليا يابت أنتِ؟

_ لوت شفتيها بتهكم لسذاجته وهاجمته مندفعة:-

صوتك جايب لأخر البلد يا طاهر هتصنت إيه عاد!

 

 

 

 

_ رمقها طاهر بنظرات مشتعلة ووجه بصره يميناً ويساراً إلى أن لمح تلك المزهرية الموضوعة أعلى الكومود، هرول نحوها وأمسكها ولم يتردد في إلقائها أرضاً بكل قوته إلى أن تحطمت إلى أشلاء لا يمكن إصلاحها ..

_ صرخ عالياً من فرط غضبه فلم يعد يستطيع كظم غيظه:-

خلصت من واحد طلع لي التاني، أني بس اللي هتجوزها أني اللي أولي بيها أني اللي بحبها مش هلال ولا حتى مصطفى!!

_ صعقت صباح فور إستشفافها للأمر، دنت منه تريد التأكد من حدسها التي إستنتجته من خلف حديثه وسألته بتردد:-

كيف يعني مصطفى هو كمان رايد يتجوزها؟

_ لم يعلق طاهر بل ثار على جميع ما يمكن تكسيره بالغرفة وحالته الهائجة كانت خير رد على سؤالها، إنسحبت من الغرفة بعدما إعتلتها صدمة جلية، هرولت لغرفتها ومازالت أسفل تأثير الصدمة، جلست على طرف الفراش بإهمال ورددت بعدم إستعياب:-

كله بيحبها، كله رايدها، الكل بيتسابج مين هيتجوزها لاول، هلال وطاهر وآخرهم مصطفى!! مصطفى اللي البلد كلاتها تتمني يرمي السلام عليها هيتجوزك يا ورد! عملالهم إيه يابت عمي عشان الكل يجري وراكي إكده

 

 

 

 

 

_ نهضت صباح من مكانها وكزت على أسنانها بحقد واضح وتوعدت لها من بين أسنانها المتلاحمة:-

وأني إيه؟ محدش بيجري ورايا ليه؟ مشبهش ولا مشبهش!!

_ لم تنتظر لأكثر وأسرعت نحو خزانتها، إلتقطت إحدي عبائاتها وإرتدتها سريعاً ومن ثم هاتفت أحدهم، لم تعطيه فرصة الرد بل أردفت أمرة فور إجابته:-

جابلني في المكان بتاعنا دلوك متتأخرش

_ أغلقت الهاتف قبل أن تستمتع لرده فهي ليست على إستعداد لسماع رفضه الأن، هي في أمس الحاجة إلى الحديث معه أو ربما جبره على الزواج منها ..

***

_ تلفت حوله يتأكد من خلو المكان ثم أزاح وشاحه عن وجهه وأقترب من تلك الشجرة التي تقف أسفلها وسألها بحدة:-

خير جيباني على مالا وشي ليه عاد ولا تكوني مفكرة إني فاضيلك يا بنت حمدان تجبيني وجت ما تحبي؟

 

 

 

_ ضاقت بعينيها عليه محتقرة أسلوبه الحاد معها وهدرت به شزراً:-

أنت بتتحدت معايا أكده ليه يكنش أني اللي رامية جتتي عليك؟

_ رمقها بطرف عينيه مشكلاً إبتسامة ساخرة على محياه وأردف بتهكم:-

لاه أني اللي بجري وراكي يا صباح، نهايته رايدة مني إيه؟

_ حمحمت الأخري وقد إرتخت ملامحها كما لانت نبرتها ومالت إلي الرجاء:-

هتاجي تطلب يدي من أبوي ميتي يا ضيف؟

_ قطب ضيف جبينه بإستغراب شديد وردد بعدم إستيعاب لحديثها البعيد كل البعد عن مخيلته:-

أطلب يدك ليه ناجصني يد إياك!

 

 

 

 

_ طالعته بأعين حدتين وإندفعت به:-

أني مبهزِرش يا ضيف العمر بيجري بيا وأنت معلجني في حبال دايبة ومخابراش أخرتها معاك إيه؟

_ إنفجر ضيف ضاحكاً، لم يستطيع السيطرة على أعصابه التي تلفت بالكامل من خلف مزاحها، تشنجت بطنه من خلف ضحكاته المستمرة دون توقف فأمسك بها وردد:-

مكنتش أعرف إن دمك خفيف يا بت يا صباح

_ كانت تتابع ضحكاته بريبة من أمره، لم تصل إلى سبب واضح لضحكاته التي أثارت غيظها، إنعكست تعابيرها للغضب ما أن تفوه كلماته السخيفة وصاحت به مندفعة:-

جولت أني مبهزِرش، هتجابل أبوي ميتي ؟

_ إحتدت تقاسيم ضيف بغضب إعتلاه، دني منها وقبض على ذراعها بقوة سبب لها الألم وهمس بقرب أذنها:-

وأنتِ فكراني هركب جرون على آخر الزمن وأجي اتجوزك!! أتجوز واحدة دايرة على رجالة البلد واحد واحد ترمي نفسها عليهم

 

 

 

_ شد ضيف على ذراعها بقوة مضاعفة فآنت هي بألم شديد وأضاف:-

أني يوم ما أجول يا جواز أتجوز واحدة متجدرش ترفع رمشها في عين أخوها بت ناس أهلها عرفوا يربوها زين مش ماشية على حل شعرها!!

_ صدمات متتالية وقعت على صباح من خلف حديثه الذي أخبرها بحقيقته التي سحقتها، دفعته بكل ما أوتيت من قوة بعيداً عنها ونهرته مستحقرة:-

آه يا جليل الأصل والنخوة وأني اللي فكرتك راچل طلعت كيف العيل الصغير اللي بيتسلى بلعبته وبعدها يرميها لما يزهج منيها

_ عاد إليها مرة أخري وملامحه لا تبشر بالخير وصاح من بين أسنانه المتلاحمة بغضب:-

لمي خشمك عاد بدل ما ألمه بمعرفتي، وآه كنت بتسلى بيكي

 

 

 

 

_ مال عليها وواصل حديثه هامساً:-

بس ديه مش ضعف مني أنتِ اللي كنتي سهلة

_ دفعها بعيداً عنه ثم أولاها ظهره وغادر دون أن يلتفت لصراخها:-

أني مش سهلة يا ضيف والله لتشوف اللي هعمله فيك، هندمك عليطى اليوم اللي فكرت تتسلى فيه ببنت حمدان المنشاوي هوريك عرج المنشاوية على حج

_ سقطت بإهمال وهي تصرخ عليه لعل نيران قلبها المتقدة تخمد، لكن كلماته تشعلها أكثر كلما تذكرتها، ضربت الأرض بيديها وأقتلعت منها التربة، رفعت يديها للأعلى وهي تطالع الرمال التي تتساقط من ثغر أناملها وهتفت متوعدة بغضب عارم:-

أنت اللي بدأت اللعب يا ضيف هنشوف إذا كنت هتتحمل اللي ناوية عليه ولا هتخر كيف الحريم

_ نهضت بعد أن جمعت شتات نفسها، ضبطت من حالتها غير المهندمة وطالعت المكان من حولها متوجسة خيفة من رؤية أحدهم لها، أزفرت أنفاسها براحة حينما لم تجد أناس على مقربة منها وأسرعت مبتعدة عن المكان لكنها أقسمت بأن تعود إليه مرة لكن ستكون مختلفة فهو من سيتوسلها ويطالبها أن ترأف به، لن تشعر برضاها الكامل حتى يأتيها راكعاً يطلب منها السماح ..

 

 

 

 

 

***

_ لم يهدأ لها بال قبل أن تضع بصمتها وتقف تتابع ما يحدث بتشفي، وصلت إلى السرايا وطرقت بابها في إنتظار ترحيب أحدهم لها، فتحت صفية الباب وشكلت بسمة ودودة على شفتيها مرحبة بها:-

إتفضلي يا صباح ثواني وأناديلك ورد تاجي لك

_ لحقت بها صباح قائلة قبل أن تبتعد عنها:-

لاه أني مريداش ورد أني رايدة الخالة نادرة

_ تعجبت صفية من طلبها لكنها لم تعلق ، دعتها للجلوس في غرفة الضيافة بينما ذهبت هي تنادي سيدتها، طرقت باب غرفتها وولجت للغرفة حين سمحت لها وقالت:-

صباح بت عم ورد ريداكي ياستي

_عقدت نادرة ما بين حاجبيها متعجبة من تلك الزيارة ورددت متسائلة:-

وديي رايدة إيه هي كمان

 

 

 

 

_ رفعت صفية كتفيها للأعلى ظاهرة عدم معرفتها:-

مخابراش يا ستي أني جولت لها أناديلك ورد جالت لاه رايدة الخالة نادرة

_ إلتوي ثغر نادرة للجانب مستنكرة كلمة خالة ورددت مستاءة:-

خالة! من ميتي ديه إن شاءلله

_ ثبتت بصرها على صفية وأضافت آمرة:-

روحي ضايفيها وأني هروح أشوفها رايدة إيه

_ حركت صفية رأسها بطاعة ومن ثم إنصرفت سريعاً بينما توجهت نادرة حيت تجلس ضيفتها، أسرعت صباح للداخل حين رأت هطول السيدة نادرة ووضعت هاتفها على أذنها مختلقة مكالمة ما:-

والله ياما الست نادرة ديي على نياتها جوي كفاية أنها وافجت تجوز ولدها الحيلة لجدم الشوم بت عمي، معرفاش كيف هتطمن على سي مصطفى معاها ده هلال يا حبة جلبي معمرش معاها يومين عل بعض، كيف ما تكون عملاهم عمل البت ديي مش معجولة محدش شايف ولا حاسس إنها بتجيب الفجر (الفقر) في المكان اللي بتحط رجليها فيه، على العموم ربنا يهني سعيد بسعيدة هنكونوا عايزين إيه غير إنهم يكونوا سعدا ديي مهما كان بت عمي بردك

 

 

 

 

_ صمتت صباح وكأن والدتها تخبرها بشيئ ما فتابعت هي تمثيلها بنبرة ملهوفه:-

لا لا مجدرش أجولها حاجة زي ديي ربنا حليم ستار يا أما وهي شكلها إتعدلت من وجت ما أتجوزت هلال أو الله أعلم يمكن مش لاجية الفرصة ورايدة تعاود مع خالها عشان ترجع للي كانت بتعمله

_ تأففت صباح بضجر وواصلت حديثها معاتبة شخصية والدتها المختلقة:-

بكفيانا حديت عنيها بجا ربنا يهديها، أني هبارك للست نادرة وهعاود طوالي مش هتأخر، سلام

_ أغلقت الهاتف وأعادت وضعه في حقيبتها وظهرت شبح إبتسامة على ثغرها لنجاح ما أتت لأجله

_ في الخارج، صدمة قد أعتلت نادرة مما صغت إليه ووقع على مسامعها، فهي لم تحبها يوماً وخصيصاً بعد وفاة مدللها الصغير، ولكن بعد ما سمعته بشحمتي أذنها ستفعل المستحيل من أجل عدم إتمام تلك الزيجة

 

 

 

 

_ أخذت نفساً عميق وولجت للداخل بشموخٍ وثبات، رحبت بها صباح بحفاوة شديدة كما بادلتها الأخرى ترحيب يليق بها وقالت:-

السرايا نورت يا صباح بطلتك البهية، مش بتاجي تطلي علينا ليه عاد؟

_ أخفضت صباح رأسها وأجابتها بإستيحاء زائف:-

أبوي بيرفض خروجي عمال على بطال من الدار أني حتى جاية على لسان أمي أبارك لسي مصطفى على جوازه من بت عمي لأنها تعبانة شوية ومجدراش تاجي بنفسيها

_ رفعت نادرة إحدى حاجبيها حينما ذكرتها صباح بالزواج وردت عليها بنبرة جامدة:-

فيكي الخير أنتِ وأمك يا صباح جوليلها الله يبارك فيكي يا ثريا عجبال ما نفرحوا بولادك

_ رسمت صباح بسمة ولازالت منكسة رأسها وأردفت بنبرة رقيقة لا تشبهها قط:-

يوصل يا خالة أني عوجت جوي ولازمن أعاود دارنا

أصل أبوي يبهدلني، عن إذنك

 

 

 

_ إبتسمت الأخرى ورددت بإعجاب شديد لحيائها وهي تربت على ذراعها:-

يسلم بوكي اللي رباكي زين، إذنك معاكي يا حبيبتي سلميلي على ثريا كاتير

_ أجابتها مختصرة:-

يوصل

_ إنصرفت صباح من السرايا بعد أن بخت سُمها وإستطاعت النجاح فيما فعلته، وقفت نادرة ترمق الطابق العلوي بغيظ شديد، ضربت طرابزين السُلم براحة يدها ورددت من بين أسنانها بغضب:-

على جثتي لو الجوازة ديي تمت يابنت صابر وسنية

***

في غرفة ورد، يقفن الفتاتان حول ورد يحاولن إقناعها على طريقتهم حيث قالت صفاء بنبرة عفوية:-

وافجي يا ورد ومتهمليش الدار

 

 

 

 

_ أضافت هويدا قائلة بحكمة ورزانة في نبرتها:-

أني مريداش أجولك وافجي كيف صفاء لأنها بت مخبولة في عجلها، بس أن جيتي للحج سي مصطفى ميترفضش واصل أني أعرفه من وجت طاويل جوي أني أكبره بسنة واحدة وقضيت طفولتي معاه وشبابه كله كان جصاد عيني عمري ما شوفته كيف شباب چيله كان متأني وجبل ما يخطي خطوة يكون حاسب لها تمام، وعلى طول خيلان ( مرسوم ) في نفسه إكده، عاجل كيف ما يكون عمره فوج الخمسين مش شاب لساته مكملش التلاتين، فكري زين يا ورد

_ أوصدت عينيها فاختفت زرقاوتاها خلف أهدابها ورددت بعدما أخذت شهيقاً وأخرجته رويداً:-

مخابراش كل حاجة جت فجاءة، مش متخيلة أتجوز أخو جوزي الله يرحمه، مش مستوعبة أصلاً إني بجول على هلال الله يرحمه، لساتي مخرجتش من صدمة موته أجوم أدخل في صدمة جوازة تانية؟!

 

 

 

 

_ إبتعدت عنهم ورد واستلقت على الفراش بحيرة شديدة واقعة في شباكها لا تعلم كيفية التحرر منها، إقتربت منها صفاء تتوسلها برجاء:-

أني دعيت ربنا إنك متبعديش عننا واصل وأهو اللي حوصل ديه كان الرد على دعايا يعني علامة أنك توافجي

_ إستنكرت هويدا هراء صفاء الذي تحاول به الضغط عليها وأردفت موجهة حديثها إلى ورد:-

سيبك من عجل الجلوص ديي أنتِ تصلي إستخارة وبكرة ربك يحلها من عنديه

_ وجهت هويدا بصرها على صفاء وأمرتها:-

وأنتِ جومي عشان نخلصوا اللي ورانا

_ كادت أن تعارضها لكن نظرات هويدا كفيلة لأن ترعب صفاء وترغمها على الخروج معها بدون نطق حرف زائد، نهضت ورد من مكانها ما أن خرجن الفتيات من الغرفة وتوضأت وشرعت في الصلاة تستخير ربها أن يلهمها الصواب في تلك المسألة عاجلاً ..

 

 

 

 

 

_ في اليوم التالي، رمشت ورد بأهدابها عدة مرات لكي تعتاد ضوء الشمس التي تغازل عينيها من خلف زجاج النافذة، تقوس ثغرها الوردي بإبتسامة عفوية، مطت ذراعيها في الهواء لترخي من تشنج عضلاتها، نهضت من مكانها بنشاط على غير عادتها في الأيام الماضية

_ لمحت طيفها في المرآة فتحركت تلقائياً نحوها ووقفت تطالع صورتها المنعسكة بتفحص، إنتبهت لراحة جوفها المريبة، إتسعت مقلتيها على آخرهم وتمتمت بذهول:-

أني مرتاحة!

_ يا تري الراحة دي شاملة إيه؟

عايزين الجوازة تكمل ولا لأ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عرف صعيدي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *