روايات

رواية جاريتي 3 الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 البارت الثاني والأربعون

رواية جاريتي 3 الجزء الثاني والأربعون

رواية جاريتي 3 الحلقة الثانية والأربعون

‎حين وصل الجميع الى القصر اول شئ قام به ايمن هو التوجه الى الحج راضي و الابتعاد به الى مكان هادئ نسبيا و قال له
‎- ها فكرت و اخدت قرارك و لا لسه ؟
‎ليبتسم الحج راضي و هو يتذكر زياره ايمن له منذ اكثر من اسبوعين الذى طلب فيها منه ان ينتقل معه الى بلدته حتى يكون قريب منه و من عائلته … فهو بحاجه له كما الحج راضي بحاجته و ايضا حتى يكون قريب من الفتاتان اللتان تعلقتا به بشده و ترك له فرصه للتفكير و ترتيب ظروفه رغم انه لن يترك له مجال للرفض سيفعل اى شئ ليأخذه معه فهم جميعا متفقين على هذا و طلب منه اخباره بقراره الاخير يوم العرس
‎- ايوه يا ابنى فكرت … بس عندي سؤال
‎- اكيد طبعا يا عم راضي ؟
‎قالها ايمن سريعا ليبتسم الحج راضي ابتسامه صغيره و هو يقول
‎- انا هنا عندي المحل بتاعى .. و بيتي اللى فى ريحه الحبايب و كل الذكريات … صحيح انا تعلقت بيك و ببناتك لكن كمان هنا كل الماضى اللى مفضليش غيره أزاي بس عايزنى اسيب كل ده و اجى اعيش عاله عليك و على اسرتك
‎كان ايمن يتفهم منطق الحج راضي فليس سهلا ابدا ان يترك كل شئ هنا و يرحل .. و ليس سهلا عليه ان يترك الذكرى التى بقت له من زوجته الراحلة و اولاده و لكنه بحاجه له و لن يستطيع تركه هنا بمفرده ايضا … و كلماته الأخيرة المت قلب ايمن بشده الذى قال سريعا
‎- ايه بس اللي حضرتك بتقوله ده فى اب يقول لابنه كده … حضرتك انا بعتبرك والدى … و بناتي خلاص مصدقين انك جدهم … حضرتك بقيت جزء من عيلتى … و عيلتى متكملش الا بيك و انا مش هقدر ارجع البيت وابعد عنك بصراحه و لا البنات هتقبل و كمان ملك .. ومينفعش ابدا تقول انك هتكون عاله عليا
‎- يبقا انت بقا تشوفلى شغل انا لا يمكن اشيلك حملي
‎كاد ايمن ان يتكلم ليقول الحج راضي سريعا
‎- مش هقبل اى اعتراض منك لو مصر انى اجى معاك
‎- يعنى حضرتك وافقت خلاص
‎قالها ايمن سريعا و بسعادة ليضحك الحج راضي بصوت عالى و هو يهز راسه بنعم و ربت على كتف ايمن و قال
‎- ايوه يا ابنى انت عوضتنى عن ولادي اللي راحوا ربنا يبارك فى عمرك و بناتك انت بعتبرهم أحفادي …. و مراتك كمان بنتى اللى مخلفتهاش … بس زى ما اتفقنا هتشوفلى شغل
‎ليهز ايمن راسه بنعم سريعا و على وجهه ابتسامه سعادة كبيره … ليكمل الحج راضي قائلا
‎- يلا بقا علشان نلحق الفرح الحلو ده
‎و عادا سوياً الى الاحتفال الكبير بالعرس الأسطوري

**************************

‎فى جناح سفيان ومهيرة بعد ان حملها و صعد بها اليه تاركاً خلفه الجميع … و دون ان ينتبه ان الجميع فعل مثله بالفعل … الا من لم يكن زفافهم اليوم ظلوا جالسون فى حديقه القصر
‎كان اسر يجلس امام خديجه ممسك بيديها بقوه و كأنه يخشى ان تكون سربا يختفى لو غفل لحظه عنها و على وجهه ابتسامه بلهاء مع نظره هيام و حب … و كانت هى تحاول كتم ضحكاتها على هيئته تلك لكنها لا تستطيع فتفلت منها احيانا
‎- خلاص بقيتى على اسمى … خلاص بقيتى حرم اسر زين الجاسم … و خلاص حبيبتي بقينا لبعض .. جمعنا ضى عنيكى ببعض
‎لتضحك بصوت عالى و هى تقول
‎- انا مكنتش اتخيل يوم كتب كتابي يبقا كده ابدا يا منير قصدي يا اسر … انت بجد مختلف .. مختلف فى كل حاجه حبك و رومناسيتك و هزارك … كل حاجه فيك مختلفة
‎ليتنهد بهيااام و قال بصوت هادئ
‎- قولى كمان عايز اسمعك عايز اصدق انه بقا من حقى خلاص اقعد معاكى براحتى … وانى احبك براحتى و انى اعبر عن كل الحاجات اللى كنت مخبيها جوه قلبي براحتي
‎كانت تستمع اليه بسعادة كبيره كم يشعرها بأهميتها و انها شيء غالى و مهم كم يجعلها تشعر ان الدنيا لا شئ بدونها و ان حياته تفقد الكثير من معانيها اذا غابت عنها و انه يصبح لا شيء اذا ابتعدت انه انها تكمله ليس هو من يكملها فقط كانت تخشى فرق السن و لكنها الان لا تتذكره من الاساس انه قادر على جعلها تنسى انها اكبر منه بأكثر من عامين لانها دائما تشعر باحتوائه لها و رجاحه عقله .. رغم تلك الحركات المرحة التى تجعلها دائما سعيدة معه
‎انتبهت من افكارها على احساسها بملمس شفتيه على ظهر يديها فى قبله طويله بها الكثير من الاحترام و قبله اخرى على باطن يديها بها الكثير من الحب لتبتسم بسعادة حين رفع عينيه ينظر الى خاصتها و قال
‎- وعد منى يا ديجه من النهارده اكون مارد المصباح … احقق كل اللي بتمنيه … وحبك فى قلبي يزيد و لا عمره يقل …. اوعدك اكون ليكي الراجل اللي بجد السند و الامان و اللى يكون ديما ليكى مش عليكى اوعدك عمرى ما فيوم اظلمك و لا اكون بقصد سبب دموعك …. بس
‎كانت تستمع اليه و الدموع تتجمع فى عينيها انه يلخص كل ما تريد ان تشعر به فى جمل بسيطة حتى قال (( بس )) نظرت اليه باستفهام مع تقطيبه حاجب بسيطة … ليكمل هو بابتسامه حنون
‎- بس انا كمان محتاج حب و اهتمام و حنان .. محتاج الاقى الحضن الكبير اللى اقدر ارمى فيه كل همومى .. و تعبى و اشحن طاقتي علشان اقدر اكمل .. انا لوحدي مش هقدر امشى السفينة صحيح انا الربان لكن كمان محتاج البحار المخلص و الامين و المحب و الحنون … فهمانى يا ديجه فهمانى
‎هزت راسها بنعم و هى تنظر الان اليه بشكل جديد … اسر الزوج الذى سيكون بعد و قت قليل كل حياتها زوجها و حبيبها و والد اولادها … وضعت يدها الاخرى فوق يديه المحتضنة احدى يديها و قالت
‎- طول عمرى نفسى احس بقيمه نفسى فى حياه حد … نفسى احس ان ليا دور و انى مش مجرد عاله و لا هم تقيل على حد و لا وصيه واجبه النفاذ و انت عملت ده و حسستنى بقيمتى و أهميتي و انا اوعدك قدام الاحساس اللي بحسه و انا معاك مستعده افرشلك عمرى كله تحت رجلك … و اضحى علشانك بعمرى … اوعدك تلاقى فى حضنى الامان و الراحة و الحب الكبير و ابقا ديما ليك مش عليك
‎كان يستمع اليها بسعادة كبيره و حب اكبر يزيد و لا ينتهى … ثم انحنى يقبل يديها و اقترب يقبل اعلى راسها بحب
*****************************
‎و عند محمد و زينه الذين كانا يجلسان على مقربه من اسر و خديجه … يمسك بيديها و ينظر الى عينيها و على و جهه ابتسامه واسعه خاصه مع تلك الابتسامة الخجولة التي ترتسم على محياها … اقترب منها بهدوء شديد وقبل وجنتها القريبة منه لتنتفض بخجل كبير مصاحبه لنظره ضيق لتتسع ابتسامته وهو يقول
‎- ايه حقى و حلالى ده انا نفسى فيها من زمان من يوم قلبى ما دق بحبك و اتحفر فيه اسمك و اترسم جواه صورتك
‎صمت قليلا ثم اكمل
‎- و بعدين انا كان نفسى فى اكتر من كده بس الصبر بقا
‎- انت قليل الادب على فكره و كده مينفعش .. و هنادي اخويا
‎قالتها بتوتر و خجل شديد ليضحك بصوت عالي و هو يقول
‎- يا بنتى اخوكى قاعد ما اختى و مش بعيد يكون بيعمل اكتر من كده
‎رفعت زينه حاجبيها بأندهاش ليلوى فمه كالاطفال و هو يقول بعد ان حك جانب راسه
‎- حكايه غريبه حكايه الجواز دى اللى هو يعنى الواحد يركبه عفاريت الدنيا لو حد عاكس اخته و ممكن يموته فيها و لما تتجوز يبقا عارف جوزها بيعمل معاها ايه و عادى جدا و مش همه … موقف صعب اللى هو لا قادر اتكلم ومضايق انك ساكت حاجه لا تحتمل
‎لتضحك زينه بصوت عالى ليبتسم هو الاخر على اثر ضحكتها التى تجعل قلبه يتقافز كالأطفال من السعادة فصوتها يعزف على اوتار قلبه اعظم الحان الحب و الحياه
‎شعر انه يريد الاقتراب منها اكثر فوقف عن الكرسى الذى يجلس عليه و جثى امامها يحتضن كلتا يديها بين كفيه و ينظر الى عينيها بحب و قال
‎- خلاص يا زينه حلمى اتحقق خلاص بقيت معايا و ليا خلاص بقا من حقى عيوني تحضنك و ايدى تلمسك و اقول لكل الدنيا دى حبيبتي و كل دنيتى … خلاص بقا من احقى اقولك كل الكلام اللي جوه قلبي … خلاص بقا من حقي اتخيل معاكي حياتي الجاية … و احلم بولادي منك
‎قربت و جهها من و جهه و داعبت ارنبه انفه بخاصتها و هى تقول بابتسامة
‎- اه بقا من حقك و مش هتنازل عن اى حق من دول … يارب بس افضل فى عيونك كده و افضل مميزه و ميجيش اليوم اللى تقول فيه ايه العيلة دى اللي ارتبط بيها .. و انى كنت محتاج واحده تانية تليق بمكانتي
‎قاطعها قائلا
‎- انتِ هبله يا حبيبتى … ممكن حضرتك تقوليلى ايه عيبك علشان اقول كده … المفروض انا اللى اخاف و انا اللى افكر كده .. انا اكبر منك ب12 سنه يا زينه ده عمر تانى .. انتِ لسه صغيره و فرصك كبيره … ممكن يجى عليكى الوقت و تقولى ليه متجوزتش واحد اصغر شويه … نكون قريبين فى السن من بعض
‎لتضع يديها على فمه تسكت سيل كلماته و هى تنظر الى عمق عينيه بهدوء شديد و صمت ليرى ما بعينيها من حب كبير له حب صادق و حقيقى حب لا ينافسه خوف او قلق و لم تقل سوا
‎- انا بحبك يا محمد
‎ليضمها الى صدره بسعادة كبيره و حب و هو يهمس بجانب اذنها بصوت هامس
‎- وانتِ نبض قلب محمد اللى لو بطل يحبه و يدق علشانك اموت
‎لتضمه هى الاخرى بقوه و كأنها تطمئنه انها ستظل تحبه طوال حياتها و ان لا يخاف فهى دائما معه و له
**********************************
‎كان سفيان يقف عند الباب يستند اليه بظهره ينظر اليها و كأنه يراها لاول مره … ان مهيرة التي تقف امامه الان تختلف تماما عن مهيره التي وقع اسير عينيها الخائفة .. و تختلف ايضا عن مهيرة التي كانت ترى نفسها لا تستحق الحب و الاهتمام و ايضا تختلف عن مهيره التى تنظر الى نفسها نظره دونيه و تختلف ايضا عن مهيره الواثقه التي كانت تقف بجوار الجميع خلال الفتره الماضية … من تقف امامه اكثر جمالا اكثر انوثه اكثر ثقه … مهيره التي كانت تشعر بالحرج من عرج قدميها وقفت امام الجميع تتمايل بحركات اقل ما يقال عنها مذهله جعلت قلبه يتقافز مع خطواتها التى تضرب الارض برشاقة .. جعلت عينيه حائره بين خصرها المتمايل بدلال و بين يديها التي كانت تعزف انغام الأغنية بمهاره و عيونها التى تحكى الكلمات بعشق … و خطوات قدميها الثابتة على الارض
‎اخذ نفس عميق يحاول تماك اعصابه و تهدئه ضربات قلبه داخل صدره … و كانت هى تقف امامه تنظر ارضا بخجل لا تعلم ما هذا الذى فعلته و كيف طاوعت الفتيات على ذلك الفعل و كيف نسيت العالم و الناس و كل من حولهم و وضعت كل تركيزها عليه هو فقط … و ظلت ثابته النظر الى عينيه التى كانت تجعلها مع كل حركه تزيد اعجابه و لمعه عينه يزداد لديها الثقة و القوه و تنفصل عن العالم و لا ترى احد غيره
‎اقترب منها و هو يقول بمشاغبة
‎- بتعرفي ترقصى يا مهيره
‎لتهز راسها بنعم و بخجل شديد … ليقول من جديد
‎- و كمان بتعرفى تفاجئيني
‎لتهز راسها من جديد بنعم و الخجل يزداد و يتصاعد واصبح وجهها كحبه طماطم و من داخلها تتمنى لو تتلاشى الان او تبتلعها الارض … اقترب منها اكثر و اكثر حتى اصبح امامها مباشره و قال بشر مصطنع
‎- قدام الناس يا مهيره … بتقرصي قدام الناس
‎لترفع عيونها تنظر اليه بخوف و بدأت الدموع تتجمع فى عيونها ليقول سريعا
‎- المفروض ترقصيلى لوحدى … و مش هتنازل عن رقصه ليا لوحدي و حالا
‎قال الأخيرة بأمر غير قابل للنقاش و تركها على وقفتها و ذهب باتجاه الأريكة ابعد تلك الطاولة الموجودة امامها و امسك بعض الوسادات و وضعها ارضا و خلع جاكيت البدله و حذائه و رابطه عنقه و جلس على تلك الوسائد بعد ادار تلك الأغنية الشعبية المعروفة ب (( بنت الجيران )) و ظل ينظر اليها بتحدي ان لا تقوم بما قاله
‎و كانت هى تقف مكانها لا تعلم ماذا عليها ان تفعل خاصه مع جلسته تلك التي ذكرتها بالمسلسلات القديمة و تخيله شهريار يجلس عرشه يشاهد محظيته المميزة ترقص له .. نظرت حولها بحيره انه يصر على ما قاله و لن يتراجع ابدا فهى من اوقعت نفسها فى ذلك الموقف … و لكن انه سفيان الذى يستحق العالم اجمع يستحق ان تحضر العالم اجمع اسفل قدميه و اولهم هى لتحارب شياطين خوفها للمرة الثانية … خلعت حذائها و لحقت به حجابها التى حاوطت به خصرها و بدأت فى التمايل بدلال و انوثه يقدرها ذلك الجالس امامها و بشده … كانت مع كل حركه منها تلمع عينيه بعشق خالص لها و كانت تلك النظره بعينه تجعلها تشعر و كأنها الاثني الوحيدة على الارض و تزيد من ثقتها بنفسها و تجعلها تتمايل اكثر حتى تثيره اكثر
‎كان قلبه الذى لم يتوقف عن حبها يوما الان يشعر به سوف سيتوقف من كثره نبضاته ليقف سريعا يخطفها الى عالمه الاثر الذى لم يدخله غيرها و لن يدخله
****************************
‎قرر زين ان يعيش ليله كليله زفافه من جديد خاصه حين رأى فرح القديمة تعود اليه من جديد اليوم .. كان يتذكر قبل يومان حين وقفت امامه كالطفل الصغير المذنب امام والدته و قالت بخجل
‎- انا اسفه يا زين… اسفه على تفكيري الغلط اسفه انى زعلتك منى … كمان انا اعتذرت لآسر .. و هو مش زعلان منى و مش عايزاك انت كمان تكون زعلان منى .. انا ام نفسها ولادها يكونوا احسن الناس و طالما هما كده هيكونوا مبسوطين انا كمان هكون مبسوطة
‎ليشفق على حالها من ذلك الموقف فاقترب منها و حاوط كتفيها و قال بهدوء
‎- خلاص يا فرح … كتب كتاب ولادنا كمان يومين .. ادعلهم من قلبك ان ربنا يوفقهم و لما يحتاجوا نصيحه ننصحهم بالصح مهما كان ضد اللى احنى عايزينه انا فاهم و مقدر احساسك لكن الحب ملوش حسابات و مقايس الحب هو انك تحب حبيبك على بعضه بعيوبه و مميزاته
‎لتهز راسها بنعم بطاعة و وداعه ليضمها الى صدره و كأنه يضم ابنته .. عاد من افكاره و هو ينظر اليها و يبتسم ابتسامه مشاغبة لاحظتها هى لترفع حاجبها باستفهام ليقول هو
‎- مكنتش اعرف انك بتعرفي ترقصي حلو كده .. طيب ليه حرماني من الحاجات الحلوه دى و لا انتِ بقا عايزانى اتجوز عليكى
‎لتضرب كتفه بقوه و هى تقول
‎- انت و لا تقدر اصلا .. و بلاش تقول كلام انت مش قده
‎تأوه من شده الضربه ثم ضحك بصوت عالى
‎- وحشتنى فرح المجنونه و الله .. فاكره اول مره قابلتك فيها على باب الشركة
‎لتضحك بصوت عالي و هى تقول
‎- اه فاكره عملت عليك اسد و قلبت على طول قطه
‎ليضحك بصوت عالي و هو يقول
‎- و لا فاكره مصطفى ابو حجر اللي كان فى الاسانسير
‎لتضحك هى الاخرى بصوت عالي و هى تتذكر ذلك الوقف … كان ينظر اليها بحب كبير و ذكرياته معها من اول يوم وقعت عينيه عليها حتى تزوجها و مع انجابهم لأولادهم حبهم الكبير الذى يزيد مع الايام لا يقل و اليوم تجدد من جديد و هو يراها تتمايل كفراشه فى وسط حديقة زهور غايه فى الروعة و الجمال جعلت قلبه يقفز داخل صدره و كأنه شاب صغير يقع فى الغرام لاول مره لذلك قرر الذهاب الى نفس المكان الذى اخذها اليه فى شهر العسل و هى شعرت بذلك حين لاحظت ذلك الطريق لتنظر اليه بسعادة كيره و هى تتذكر كم كان بارد ثلجى و كيف اصبح دافئ مشتعل محب كم عاشت معه سعادة و افراح كثيره لن تنسى ان زهره حبها و شبابها و سعادتها تفتحت على يديه
‎وصلا اخيرا امام الشاليه ليترجل من السيارة و وتوجه الى بابها فتحه و انحنى ليحملها بين يديه و هو يهمس بجانب اذنها
‎- لسه زى ما انتِ خفيفة زى ريشه
‎لتبتسم بسعاده وهى تداعب و جنته بأطراف اصابعها قالت
‎- و انت لسه زي ما انت طول عمرك بطلى القوى
‎دلف بها الى الشاليه و مباشره الى غرفه النوم ليغرقا سويا فى بحور الحب و يسافرا الى سماء الحب الوردية
****************************
‎كان يجلس امامها فى الجناح المخصص لهم داخل القصر صامت تماما يتأملها بحب و كأنه يراها لاول مره انه يعشقها حد النخاع .. من اول يوم وقعت عينيه عليها فى مكتب الاستاذ خالد …. لا يمر عليه يوم لا يتذكر فيه كم كانت رقيقه و هادئة … و قريبه الى القلب من اول لحظه فرضت نفسها على قلبه و شوقه وحبه لها زاد و تعمق من يوم مرضها و خوفه من فقدانها و تلك الازمه التى حدثت للفتيات و كم كان يحتاج وجودها لتوجهه و تنصحه بماذا يفعل و ايضا احتياج الفتيات اليها … اقترب منها يضمها بين يديه بقوه و هو يتذكر ما كانت تقوم به من حركات راقصه و كيف كانت تتمايل بدلال.. و كم كانت خطواتها رشيقه و كانها تخطوا فوق قلبه و كم كان سعيد بها و هو يراها متألقة و بصحه جيده
‎وكانت هى تنظر اليه بابتسامة خجول فبعد كل تلك السنوات لم تتمايل ولو مره واحده بعد عرسهم
‎- وحشتينى اووى يا ملك .. وحشتنى ضحكتك و حشنى وجودك فى حياتى … لما كنتى تعبانة كنت حاسس زي الغريق اللي لا شايف شط امان يعوم ليه و لا اشايه يتعلق بيها و لا امل ان حد ينفذه كنت ضايع و وحيد رغم وقوف الكل جنبي و مساعدتهم ليا بس انتِ مش موجوده … كنت خايف زي طفل تاه من امه و حس قد ايه الدنيا كبيره عليه
‎كانت تستمع الى كلماته و الدموع تتجمع فى عينيها … و قلبها يؤلمها من اجله بشده … رفعت يديها تمسح تلك الدمعة التى سالت من عينيه ليقبل يديها بحب قبله طويله و كأنه يريد ان تمسح عنه ذاكرته و كل تلك الايام المؤلمة
‎- بجد اللى قدر يقويني وقتها و يصبرني هو عم راضي … مأساته و صبره عليها حكمته و وقفته جنبنا فى انقاذ حياتك و حياه بناتي مش عارف انا من غيره كنت هعمل ايه ربنا بعته لينا فى وقت كنت خلاص حاسس انى هيأس و هفقد الامل
‎ابتسمت ابتسامه صغيره رغم تلك الدموع التى تغرق و جهها ثم اقتربت منه تقبل راسه بحب و قالت و انفاسها تلفح بشرته
‎- اسفه على كل الوجع اللى عشته لوحدك … اسفه انى وجعتك .. و اسفه انى كنت سبب لعذابك
‎ليضع يديه على فمها يوقف سيل كلماتها وابتسم بسعاده كبيره وقال
‎- سيبينا بقا من كل الوجع ده .. كله عدى و فات .. وربنا يباركلى فى عمرك … و يحفظلنا البنات
‎ثم وقف على قدميه واوقها امامه و هو يقول
‎- بس ايه الجمال و الحلاوة دي كلها مكنتش اعرف ان الجميل بيعرف يرقص كده و يعمل مفاجئات حلوه كده
‎لتتلون وجنتيها بحمره الخجل و قالت
‎- بس بقا يا ايمن .. متكسفنيش
‎- اكسفك ايه بس يا غزال انت يا عسل .. اقسم بالله انتِ فى عيني اصغر من بناتك و احلى منهم
‎لتضحك بخجل لم يفارقها يوما و هذا اكثر ما يثيره و يجعل قلبه دائما مشتعل بحبها … لم يستطع الصبر اكثر من ذلك فهو يريد تعويض كل ما فاته معها و تجديد الحب بينهم و هى كانت تشتاق اليه اضعاف شوقه و حبها له يساوى حبه لها و يزيد
‎وصلا الى البيت بعد ان اصرت لمى على الذهاب مع ورد و ياسمين وهو لم يعترض كثيرا فى الحقيقة فهو يريد ان يكون معها بمفرده …. وقف امام الباب رافضا ان يدخل الى الشقة دون ان يحملها كما حملها يوم عرسهم … فاليوم هي عروسه كأبنتها و هو سيكون عريس كولده … اليوم سيعيد ذكرى ذلك اليوم الذى جمعه القدره فيه بمن يعشق و يحب خاصه و صورتها و هي تتمايل اليوم كزهره بريه … كفرس جامح لا احد يروضه غيره … فلقد اشعلت فى جسده كل انواع النيران التى عرفها الحب و لم يعرفها … حين دلف بها الى غرفه النوم لم يسمح لقدميها ان تلمس الارض بل جعلها تقف فوق قدميه و اخرج هاتفه من جيب الجاكيت و بضغطه بسيطة علا صوت نغمات هادئة رومانسية بدء بالتمايل عليها و هى بين ذراعيه تتمايل معه بدلال انثوى يزيد من اشتعال جسده الذى لم يعد يحتمل اكثر من ذلك فسار بها ببطيء حتى وصل حافه السرير فأجلسها عليه و بدء فى خلع ملابسه … الجاكت ورابطه العنق و لحقهم بالقميص … ثم حذائه و بنطاله امام نظراتها الزاهلة وايضا المبتسمة بمشاغبة
‎كادت ان تتحرك حتى تبدل ملابسها ليشير لها بالتوقف و هو يقول
‎- خليكى مكانك … انتِ انهارده عملتي اللي عليكي و زياده دلوقتى ده دوري انا
‎قطبت جبينها بحيره من كلماته لكنه لم يمنحها الكثير من الوقت لمحاوله فهم مقصده … مد يده و بدء فى نزع حجابها ثم جثى على ركبته و امسك قدمها الصغيرة و خلع عنها حذائها و وقف يمد يده لها لتضع يدها فى حضن يديه ليقبلها بحب و احترام و اقترب منها ليخطف شفتيها فى قبله قويه و عميقه متطلبه بادلتها معه بشغف لم يتوقف يوما و لم ينتهى بل يزيد كل يوم عن سابقه
‎ابتعد عنها لحاجتهم للهواء و اسند جبينه على خاصتها و قال بصوت هامس
‎- مبروك جواز ولادنا يا جودي …. مبروك عمر عشته معاكي بسعادة و مشبعتش منك ولا هشبع عمرى كله
‎لتحاوط وجهه بيديها و هى تقول
‎- مبروك عليك يا حذيفة جواز ولادك و انت لسه شباب كده و يتخاف عليك من البنات الصغيرة و على فكره بقا انا بغير
‎ليرفع حاجبيه بأندهاش وهو يقول
‎- انا عمرى ما حبيت غيرك و لا عيني شافت غيرك و لا قلبي فى يوم دق لغيرك و يوم ما افتكرته دق كان دق بس علشان كانت شبهك فيها من شكلك و من ملامحك لكن ما طلعتش روحها من روحك و لا قلبها زى قلبك انا لو عشت عمرين فوق عمرى عمرى ما هحب حد غيرك و لا قلبي هيدق لغيرك على فكره
‎لتضمه بقوه غير قادره على الرد على تلك الكلمات التى خطفت انفاسها و دقات قلبها و خطفت روحها العاشقة لتذوب فى حنايا جسده و تتغلل فيه و يصبحا جسد واحدا و كان هو غارق فى عبير جسدها المسكر و يديه تتسلل لتفتح سحاب فستانها لتستسلم له بكل ما فيها فهى عاشقه له و لكل لمسه منه على جسدها و هو قد وقع اسير الى حبها و عشقها و غرق فى عسلها الى مالا نهاية
*****************************************
‎فى جناح آدم و جورى الذى خصصه لهم سفيان داخل القصر…. و فى غرفه نومهم كانت تقف بفستانها الذى يجعلها تشبه الاميرات تنظر ارضا بخجل ليقترب منها وهو يقول
‎- مبروك عليا الورد الجورى … مبروك عليا وجودك فى حياتى … و اخيرا يا جورى .. و اخيرا
‎ابتسمت بخجل و سعادة فكلماته رقيقه … تسعدها حقا خاصه مع كل ما حدث اليوم … زوقه فى اختيار فستانها فلو كان الاختيار لها مؤكد لن تختار غيره …. ايضا نظره عينيه لها طوال اليوم كلماته لوالدها جعلها تشعر بكل السعادة الموجودة فى الدنيا فهي مهما تخيلت و تصورت لم تتصور يوم زفافها اروع مما حدث
‎اخرجها من افكارها على لمسه يديه ليديها الذى امسكها بحنان و جذبها برفق ليسير معها حتى وصل الى السرير اجلسها فوقه و جلس بجانبها ينظر اليها بسعادة و ابتسامه كبيره …. مد يده يداعب وجنتها برفق و هو يقول
‎- خلاص بقا من حقى المسك و اشعر بوجودك جنبى … خلاص بقا من حقي اقول كل اللى انا عايزه و اعمل اللى انا عايزه
‎قال الأخيرة بمشاغبه و غمزه شقاوة … لتنظر اليه هي الاخرى بمشاغبة و شقاوة و اقتربت منه بدلال أنثوى اثار كل مشاعره و احاسيسه وقالت بالقرب من اذنه
‎- اااه يا آدم بقا من حقنا نحس ببعض بقا من حقنا نحب بعض بقا من حقنا نقول لبعض اى حاجه و نعمل اى حاجه
‎كانت ابتسامته تتسع مع كل كلمه تقولها … وحين انتهت من قول كلماتها وقفت سريعا … ودلفت الى الحمام بعد ان اخذت ثيابها الموجودة على طرف السرير
‎ابتسم بسعادة و قبل ان يتحرك من مكانه خرجت مره اخرى و قالت
‎- يلا نصلى الاول
‎ليهز راسه بنعم و وقف امامها و بدء فى الصلاة و هى خلفه يرفف قلبها من سعادة تلك اللحظة التى تستمع الى صوته يقرأه القرآن و يأمها فى الصلاة لهو حلم تمنته كثيرا و ها هو يتحقق
‎حين انتهوا اقتربت منه تضمه بقوه ابتسم هو بسعادة لتلك الحركة ثم وقفت سريعا و عادت الى الحمام من جديد .. وقف هو الاخر ليبدل ملابسه و ارتدى بنطال بجامته الحرير فقط … واخفض اضاءه الغرفة و جلس على السرير ينتظر خروجها … وحين سمع صوت فتح الباب اعتدل ينظر الى تلك الحورية التى تطل عليه فى ثوب رغم انه شبه محتشم الا انه على جسدها الابيض الناعم مثال لكل الاغراء الموجود فى العالم و جمعت أنوثه العالم كله فى تلك النظرة و هذه الوقفة … خاصه مع ذراعيها المكشوفتان … وساقها التى تطل من ذلك الثوب بأغراء مهلك لم يتحمله فوقف سريعا … واحتضنها لم تستطع الابتعاد فهو تحرك كالفهد بخفه و سرعه
‎- انا كنت ناوى ابقا هادى و وديع و مسالم لكن دلوقتى بعترف انا مش قد الجمال ده كله … بحبك يا جورى … بحبك يا وردتي
‎و اقترب لأول مره يقطف تلك الفراولة الناضجة فوق شفاهها و كم كانت تنتفض بين يديه بخجل و كانت تستقبل فقط قبلته التى تغزو كل كيانها بمشاعر تختبرها لاول مره معه وكم كان هو يشعر بسعادة كبيره وهو يختبر ذلك الاحساس معها لأول مره و شعوره بخجلها و استجابتها الخجول و البطيئه ايضا
‎ابتعد عنها لحاجتهم الى الهواء ولكنه لم يبتعد عنها ….بل اراح راسها على صدره لتلتقط انفاسها و هو ايضا
‎ظل يداعب خصلات شعرها بحنان ثم انحنى قليلا و وضع يده اسفل ركبتيها وحملها سريعا و توجه بها الى السرير فخبئت وجهها فى صدره العضلي وحين وضعها على السرير برفق وجدها مغمضة العينين بخجل و وجنتيها شديده الحمرة فحبيبته خجله بشده وبريئة بشده وهو عليه تعليمها العشق خطوه خطوه و كم هو سعيد بذلك
*****************************
‎كان عمر يقف مكانه لا يعلم ماذا عليه ان يفعل هو ليس خجلا كغر صغير لكنه يحب مريم بقوه و يشعر ان قلبه سيتضخم من كثره سعادته بوجودها فى بيته
‎و كانت هى تقف مكانها تنظر الى بيتها عشها الصغير معه … و هى لا تصدق انها اخيرا اصبحت له … و اخيرا تحقق الحلم … واجتمعا تحدت الصعوبات و المشاكل و بالأخير اصبح لها و اصبحت له
‎اخذت نفس عميق براحه فى نفس اللحظة التى اقترب فيها عمر منها و ضمها من الخلف و همس بجانب اذنها
‎- انهارده عندي شعور ان ربنا قبل توبتى …. و غفرلى ذنبى القديم انهارده حسيت ان الدنيا فتحت كل ابوابها ليا وكفائتنى بأجمل هديه
‎صمت لثوانى و على وجه ابتسامه واسعه لم ترتسم الا لها و بها … و كانت هى تستمع له بسعادة كبيره و شعور كبير من داخلها بالراحة …. اكمل بنفس الهمس
‎- مريم انتِ باب التوبه و السعادة … انتِ الجنه اللى ربنا سمحلى اعيش فيها على الارض …. صحيح انا اكبر منك يمكن باكتر من عشر سنين … و انك كنتى تستحقى حد اصغر منى و احسن منى و جسمه مش ناقص منه حاجه … بس انا مقدرتش اشوف سعادتى فى عنيكى و ابعد عنها مقدرتش اشوف الحب و الامان و الاحتواء و النور و اسيبه و امشى …. قولى عليا انانى قولى عليا مجنون بس حقيقى مقدرتش … مريم انتِ ليا حياه
‎تجمعت الدموع فى عينيها من اثر كلماتها و احساسها بألم قلبه وخوفه من خسارتها و ضياع النور من حياته … و تشبيها بكل ما هو سبب للحياه جعلها تشعر بسعاده كبيره و اهميتها فى حياته فلو كان يفكر انه هو الأناني فهى ايضا ترى نفسها انانيه لسعادتها بأحساسه تجاهها
‎التفتت اليه ليتأكد شعورها ان عينيه دامعتين … و المثير انها ايضا دامعه العينين حاوطت و جنتيه بكفيها و بدأت فى تمرير اصبعها عليها برفق و قالت
‎- لو انا ليك حياه فأنت كل الدنيا انت كمان سبب ساعتى و فرحتى وجودك فى حياتي مهم أووى يا عمر انا مقدرش استغنى عنك و لا ابعد عنك حياتي هيبقا ناقصها كتير من غيرك … انا بحبك يا عمر و الحب لا بيفرق معاه سن و لا شكل و لون و لا اى حاجه انت فى عيني اكمل الناس
‎وضع يده فوق يديها و امسكها جيدا ثم قبلها بحب و تقديس و قال بأبتسامه
‎- هتتوضى و لا متوضيه
‎- متوضيه و بصراحه عايزه اصلى بالفستان
‎ثم بدأت بدوارن حول نفسها بسعادة و هى تمسك بالفستان بسعادة و كأنها طفله صغيره سعيدة بثوب العيد و كان صوت ضحكاته العاليه هى الموسيقى التى يعذفها و يجعل قلبها قبل جسدها يتمايل بسعادة عليها **********************************************
‎كانت تقف فى صاله منزلها الجديد ببيت السيد عادل رحمه الله حيث كان قد بنى لكل شاب منهم شقه فيه حتى يكونوا سويا فى بيت واحد و يظل البيت مفتوح و طلب منهم ترك شقه خديجه رحمها الله لمريم و شقه مريم رحمها الله لخديجه
‎كان يقف خلفها يتأمل وقفتها الخجله بفستانها الذى يجعل بهاء جسدها يظهر له مما يشعل نار الحب و الشوق بداخله و تجعله يتخلى عن محمود الهادئ و الوقور و بتلبسه روح شاب مشاغب اقترب منها بهدوء شديد و مد يده يداعب خصرها بحركة صغيره جعلتها تنتفض بخوف و خجل و ايضا من اثر تلك الحركة التي جعلتها تضحك بصوت عالي ليلاعب حاجبه بشقاوة و هو يقول
‎- بتغيري يا بطه … بتغير يا نادو
‎كانت تنظر اليه باندهاش هل هذا هو الدكتور محمود الذى يجعل كل من يراه يشعر بالرهبه .. هل هذا هو الدكتور محمود الذى يهابه كل طلبه الجامعة
‎اقترب منها خطوتان و هو يرفع حاجبيه باستفهام مصاحب لكلماته
‎- بتفكري فى ايه يا ندوش .. انا و بفكر اكل البطة اللى قدامى دى أزاي لكن انتِ بقا بتفكري فى ايه ها
‎كانت نظرات الاندهاش تزداد حتى اصبحت مصدومة … وايضا هى تموت خجلا و الدليل و جنتيها التان يكادان يشتعلان من حمره الخجل … ليكمل هو بمشاغبة اكبر
‎- اه يا قليله الادب بتفكري تكليني ازاى بردوا .. انتِ شقيه و خلبوصايه
‎الان هى تفتح فمها كالبلهاء لا تفهم من ذلك الواقف امامها حقا … ليضحك هو بصوت عالي و قال من بين ضحكاته
‎- يا بنتى اقفلي بوقك ده بدل ما دبانه طايره كده تدخل فيه
‎لتغلق فمها سريعا لكن الصدمة المرتسمة على ملامحها جعلته يعود للضحك من جديد بصوت عالى و رغم إرادتها ارتسمت على شفاهها ابتسامه كبيره و اعجاب شديد ظهر فى عينيها بتلك الضحكة التي خطفت روحها لان قلبها معه بالأساس
‎صمت فجأة و نظر اليها بجديده و قال
‎- يلا يا هانم اتفضلى اتوضى بسرعه مش عايز لكاعه
‎لتعود النظرات المصدومة من جديد بسب ذلك التحول الكبير و حاول هو كتم ضحكاته بشق الانفس ثم قال بأمر
‎- يلا يا حلوه استعجلى
‎لتتحرك سريعا ببعض الخوف ثم توقفت مكانها و نظرت اليه و قالت بصوت ضعيف
‎- انا اصلا متوضيه
‎ليبتسم بسعادة و اقترب منها و ضمها بحنان و قبل اعلى راسها و قال بصوت حانى
‎- انا دلوقتى اللى محتاج اجدد وضوئى … استنينى هنا علشان بعد ما نصلى عايزك فى موضوع مهم و فى غايه الخطورة
‎هزت راسها بنعم بكل طاعه و هدوء ليبتسم على رقتها و خجلها و ايضا جهلها لما يريده منها

************************************
‎كان يقف امامها ينظر اليها بعدم تصديق … اليوم بالنسبة له هو يوم المعجزات الكبيرة اصبحت له و حلاله … و الان هى فى بيته بثوبها الابيض الملائكى فهى الان فى عينيه ينقصها الجناحان و تصبح ملاك حقيقيه
‎و كانت هى تنظر اليه بسعادة كبيره فعشق الطفولة و الشباب و حلمها الصغير اصبح الان حقيقه بين يديها تستطيع لمسه و الاحساس به مشاركته كل شئ و اى شئ و دون اراده منها ارتفعت يديها لتلمس وجنتيه ليبتسم ابتسامه صغيره لتقول هى
‎- انت معايا هنا حقيقي … يعنى خلاص بقا من حقي المسك و اقرب منك اترمى فى حضنك لما ابقا خافيه او تعبانة و من حقي اضمك لما تبقا مضايق و تخرج كل همك من قلبك و انت فى حضني خلاص يا أواب بقينا لبعض و مع بعض
‎هز راسه بنعم و هو يقبل يديها التى كانت تلامس وجهه و بدء فى طبعه قبله على اطراف اناملها بعشق كبير
‎- خايف اقولك خلاص بقيا لبعض يطلع كل ده سراب … خايف اسيب ايدك تختفى … خايف انك تندمي
‎لتقطب جبينها بضيق من كلماته التى اكملها للأخر دون توقف و كأنه يريد اخراج كل تلك السموم الموجوده داخل قلبه و التى لا تجعله يشعر بسعادة كامله
‎- انتِ بنت طبيعية جميله و مميزه … ناجحة و من عيله كبيره … الف واحد احسن منى يتمنى بس انك تبصى له بنظره عطف مش حب …. انتِ نجمه عالية و غاليه أزاي تكوني من نصيب المعاق اللى هو انا … ازاى جمالك يكون من نصيب الملامح دى الاعمى يشوف الفرق الكبير اللي بيني و بينك يا فجر عمرى و شمسه انتِ تستحقي كل حاجه حلوه و كامله ليه تاخدى ال
‎لم تدعه يكمل كلماته التى كانت تنحر عنقها من احساسها بألم قلبه و روحه التى تتعذب الان وضعت يدها على فمه تسكت سيل كلماته الجارحة ليس لها بل له هو و هذا ما لن تقبله ابدا ابدا
‎- هو لو حصل ليا حدثه و وشى اتشوه … و بقيت مشلولة هتتخلى عنى هتسبنى و دور على واحده تانيه سليمه
‎ليكون الدور عليه لإسكات كلماتها التى جعلت قلبه يتمزق من كثره الالم لمجرد التخيل و قال سريعا
‎- بعيد الشر عنك افديكى بعمرى و روحي .. انتِ دنيتى كلها يا فجر بداية عمرى معاكي و نهايته كمان معاكى قلبى مدقش غير بأسمك وعمره ما هيدق غير ليكى و لو انتِ مكنتيش فيه فى يوم هيبطل يدق و هيموت دنيتى انتِ و حياتى انتِ و كل سعاتى انتِ
‎- و انت كل دنيتى صاحبى و مرشدى و حب عمرى … انت الى عيونى فتحت عليه و انت الدنيا اللى انا عايزه اعيشها و مش عايزه حاجه تانية منها غيرك امن بحبى ليكى و خليك واثق انى ليك انت و بس ربنا خلقنى علشان اكون ليك انت و بس
‎انحنى يقبل يديها بحب و احترام و احساس بانها كل شئ فى الحياه هى رمز للحب و الاخلاص و التضحية هى ملاكه و فجره …. شعاع الضوء الذى ينير عتمه روحه قبل جبينها بحب ثم قال
‎- يلا نصلى … نفسى اصلى بيكى
‎لتهز راسها بنعم و ها هو ثانى حلم لها يتحقق ان تصلى خلفه كما رأت والدها كثيرا يصلى بوالدتها
************************************
‎فى صباح اليوم التالي ذهب اليها كعاده اكتسبها مؤخرا يذهب اليها كل اسبوعان يجلس معها و يتحدث معها فى كل شيء حبسه داخل صدره
‎كانت تنظر اليه بصمت رغم انها لا تفهم سبب زيارته المتكررة لها الا انها ترتاح لحديثه هو لا يتحدث معها عن ما حدث هو يحكى لها قصص لأناس لا تعرفهم و لكنها تشعر بتلك النار التى تشتعل بداخله تحرق احشائه و قلبه نار يريد ان يخرجها بكل الضعف الموجود بداخله امامها و لا تفهم سبب ذلك رغم ضيقها منه فهو حين يأتي سراج يرفض الحضور اليها يخبرها انه يغير … و انه يشعر بالضيق الشديد لكن هى ليس بيدها شئ لتوقفه عن المجيء … انتبهت من افكارها على صوته و هو يقول
‎- ساعه ما شفتك يا نور افتكرته و افتكرت كل اللي حصله اتظلم كتير و اتعذب كتير جدا … اللى شافه محدش يقدر يستحمله او يمكن فى فالدنيا اسوء من اللى هو مر بيه .. لكن وقتها كان صعب جدا عليا اخسر صديق عمرى بالقانون و انا رمز للقانون .. علشان كده قررت انى اقف جنبك … قررت ادافع عنك بكل طاقتي بس طبعا بما يسمح بيه منصبي كمان
‎صمت لتوانى يتأمل جلستها التى لم تتغير منذ حضوره خاصه راسها المستريحة على كف يديها … وقف على قدميه و توجه الى النافذة المغلقة وقف خلفها ينظر الى الحديقة الخارجية و اكمل
‎- اخته كان متقدم لها شاب صايع و ابن راجل بلطجى لما رفضه قرر ينتقم منه … حطله كميه كبيره من المخدرات فى اوضته و بلغ البوليس و فعلا اتسجن و محدش قدر يخرجه منها لا المحامى الكبير و لا التحريات و لا اى حاجه … و اتحكم عليه … و ياريت الحكاية خلصت على كده لا ده الواد الصايع راحله السجن علشان يبلغه انه اتجوز اخته بعد ما اغتصبها … وانها بقت فى بيت امه خدامه و انه الاسبوع الجاى فرحه على بنت تانيه من الحته بردوا …. مقدرش يتحمل كل ده انتحر
‎اغمض عينيه بالم لعده ثواني ثم فتحها بعد ان اخذ نفس عميق ثم التفت اليها ليجدها تبكى بصمت فأقترب منها سريعا و جلس امامها لتقول هى من بين دموعها
‎- ليه الدنيا وحشه كده و ظالمه و مؤلمه ليه ديما القوى قادر يكسر الضعيف ليه مش مسموح لينا نعيش الحياه بسلام و بهدوء ليه الظلم اتخلق وليه الشيطان موجود ليه الاختبارات كلها صعبه كده ليه ؟
‎تجمعت الدموع فى عينيه من ذكرى صديقه الذى لم يستطع مساعده و من كلماتها التى تصف بها معانتها و معاناه صديقه و المه هو الشخصي … ليضع يديه فوق كفها المستريح على قدمها و قال
‎- علشان ندخل الجنة يا نور .. لازم الاختبارات تكون صعبه علسان نستحق الجنة
‎ربت على يديها من جديد و وقف على قدميه ليغادر الغرفة وقبل ان يفتح الباب سمع صوتها يهمس بأسمة
‎- أدهم
‎نظر اليها باندهاش لتقول هى سريعا
‎- صاحبك مش زعلان منك … هو عارف انك كنت متكتف و مش فى ايدك حاجه تعملها … بلاش تحبس نفسك جوه دايره الذنب .. انت معملتش حاجه غلط علشان تعيش مظلوم … جنتك على الارض موجوده بس انت ركز
‎ظهرت الحيره على ملامحه و شعور داخلى بالصدمة من كلماتها و عقله يخيل له انها ترى الارواح لكنها اكملت كلماتها قائله
‎- انا لو مكانه مش هحس انك غلطت فى حقي … الغلط انك كنت تسيبه لوحده و متحاولش تساعده لكن انت حاولت انك مقدرتش ده النصيب و هو نصيبه و قدره كده
‎ظل واقف فى مكانه يفكر فى كلماتها و كانها طاقه نور فتحت داخل روحه تنير عتمه قلبه الذى يتألم منذ ما حدث مع صديقه .. ثم ابتسم ابتسامه صغيره و فتح الباب و كاد ان يغادر حين اصطدم بجسد أنثوى صغير و عيون فيروزية خطفت قلبه الذى كان قد اعتكف عمرا الان بدء يضرب داخل صدره بقوه و كأنه يود لو يخرج من تجويف جسده و يذهب الى تلك الرقيقة القصيرة ينعم بدفيء يديها و حنان قلبها
‎ابتسم ابتسامه صغيره و قال بأدب
‎- انا اسف جدا .. اسف
‎ابتسمت هى الاخرى ابتسامه صغيره بخجل و قالت
‎- حصل خير
‎اذا كان يظن انه سقط صريع عينيها فهو الان اسير رقه صوتها و خجلها ابتعد خطوتان لتدلف الى الغرفة و كان هو يتابعها و هي تتحدث مع نور و تعطيها الدواء و تداعب خصلات شعرها و كأنها طفله صغيره ابتسامتها و اه من تلك الابتسامة و مع تفعله بقلبه الذى كان قد هرم و شاخ و الان عاد الى الحياه من جديد و بقوه
‎اخذ نفس عميق محمل بعطرها و تحرك خطوه واحده ليستمع لصوت نور يحدثها باسمها الذى لا يليق الا بها (( دكتوره فيروز )) صاحبه العين الفيروزية … رفع راسه الى السماء بدعاء صامت و غادر و هو قد اتخذ قراره انه سوف ينفذ وصيه نور سوف يعود الى الحياه سوف يتصدق على روح صديقه سوف يدعوا له بالرحمة و المغفرة سوف يحاول تخليص اخته من يد ذلك البلطجي سوف يحب فيروز و يحارب العالم من اجلها و اولهم نفسه

‎بعد مرور ثلاثة ايام …. كان صفى يقف امام النافذة فى غرفته بالكلية عقله سارح فى كل ما يحدث يحاول تحليل الموقف و ربط الاحداث حتى يستطيع الوصول الى ما تفكر به فتون حتى يستطيع ايقافها عند حدها فى الوقت المناسب
‎فهى منذ ما حدث اخر زياره له لم يحدث منها شيء جديد فنسيم لم تخبره انها قابلتها او ضايقتها بأي شكل و ايضا والدته لم تخبره بأي شيء غريب قد قامت به بل هي هادئة تماما و مسالمه تماما …. ترى ما هي خطتها الجديد ؟
‎و ايضا هو قلق على اخيه فأمه قد اخبرته انه ليس بصحه جيده و لا احد يعلم السبب
‎نفخ بضيق فهو لن يستطيع الذهاب اليهم هذا الاسبوع ايضا و لكنه يريد ان يطمئن على اخيه بنفسه ان يراه بعينه ان يذهب معه الى الطبيب يعلم ما بأخيه من عله
‎كان اسر يجلس على سريره يتحدث الى خديجه عبر احدى تطبيقات الرسائل و ابتسامته لا تفارق و جهه حتى انتبه لوقوف صديقه الذى طال أمام النافذة فأقترب منه و وضع يديه فوق كتفه لينظر صفى له سريعا ليقطب اسر حاجبيه باندهاش قائلا
‎- ايه يا ابنى فى ايه ؟ مضايق اووى كده ليه ؟ مش خطيبتك و الحجه بخير ؟
‎هز صفى راسه بنعم و قال
‎- عتمان هو اللى تعبان شويه
‎- خير ماله ؟
‎قالها اسر بأستفهام ليأخذ صفى نفس عميق ثم قال
‎- معرفش يا اسر بيجولوا انه صحته مش تمام و ضعيف كده و رچله مش شيلاه انى خايف عليه جوى جوى
‎ليربت اسر على كتف صديقه بمواساة فلقد شعر هو الاخر بالقلق و لا يعلم سبب ذلك الشعور
‎فهو قد قابل عتمان مره واحده فقط لكنه يعرفه جيدا من كلمات صفى عنه فهو الاخ الذى اصبح فى مكانه الوالد و اصبح السند و الحماية هو الكبير الذى يضم الجميع تحت جناحه و هو من يدعم صفى بقوه و مؤكد صفى يشعر بالخوف عليه و خاصه وهو لا يستطيع الذهاب و الاطمئنان عليه
‎- طيب ما تقول للقائد يمكن يسمحلك بأجازه
‎قال اسر تلك الكلمات كمحاوله منه بأن يهدىء من قلق صفى و ضيقه و ايضا ان يجعله يشعر ببعض الامل و الذى نظر اليه بشك وهو يقول
‎- تفتكر ممكن يوافج
‎هز اسر راسه بنعم ليقول صفى بهدوء
‎- هسأله بكره ان شاء الله
‎ليربت اسر على كتفه من جديد فهو ليس بيده شىء … لا يستطيع انتزاع الخوف من قلب صديقه و لا يستطيع منعه من الشعور بالضيق و ايضا لا يستطيع مساعدته فى الذهاب الى اخيه للاطمئنان عليه
‎ولكنه سيظل بجانبه دائما
•••••••••••••••••••••••••
‎كانت تدور فى غرفتها تشعر بالم قوى فى قلبها وتشعر ان شيء سيء سيحدث خوف كبير يسكن قلبها وروحها تشتاق لسماع لو خبر عنه فأخر مره اتصل بها صباحا قبل نزوله الى عمله حين اخبرها انه كلف بتأمين احدى اماكن دور العبادة ومن وقتها وهى تشعر بالخوف
•••••••••••••••••••••••••••
‎استيقظ ادم على صوت هاتفه فأجاب سريعا حتى لا تستيقظ جورى فلقد غفوا متأخرين ليله امس بعد سفرهم الى احدى الشواطئ المميزة و بعد سهره لطيفه كان قد اعدها لها كمفاجئة
‎انتبه بكامل تركيزه حين وصله صوت راجح و هو يقول بمرح و بصوته المائع الان كما يفعل دائما حين يمازح ادم
‎- كده يا سى ادم تسيبني و تروح تتجوز هو انا يا اخويا قصرت معاك فى ايه ؟ ده انا ديما تحت رجلك يا سى السيد
‎ليضحك ادم بصوت عالى بعد ان دلف الى الشرفة و اغلق الباب خلفه ثم قال
‎- يا بت ده انتِ اللى فى القلب هو حد بيريحني غيرك يا حته من قلب سى ادم
‎ليصله صوت راجح من جديد و هو يقول بدلال يثير الغثيان
‎- بجد يا سيدى يعنى انا هفضل حبيبتك الاولى و الأخيرة
‎ليعود ادم يضحك من جديد حين قال راجح بمرح
‎- ايوه يا عم ناس عايشه و بتتمتع بشهر العسل و ناس مهروسه فى الشغل و مطحونه تأمين
‎- معلش يا بطل بقا يوم ليك و يوم عليك و ان شاء الله نجاملك كده يوم فرحك و نشيل عنك الشغل
‎اخذ راجح نفس طويل وهو يقول
‎- عايز اتجوز بقا يا ادم … لقد هرما من اجل تلك اللحظة و البت هرمت معايا و الله يعنى كده كتير الصراحة
‎ليضحك ادم على كلمات صديقه المرحة فراجح هو الشخص الوحيد القادر على اخراج الجانب المرح من ادم بشكل كبير فهو لديه القدره على انتزاع الضحكة من قلبه من كثره حديثه المرح
‎- بس قولي يا ادم و اصدقنى القول الجواز حلو فعلا و لا مقلب بشربه بس بمزاج
‎ليضحك ادم من جديد و هو يقول
‎- المهم انه بمزاج يا راجح بس اللى اقدر اقوله و انا بأصدقك القول الجواز حلوووو اووووى يا صاحبى
‎ليزوم راجح كأسد خبيث ثم قال
‎- جوزونى بقا بدل ما افضحكوا
‎ليعود ادم ليضحك بصوت عالي ليكمل راجح بدرامه
‎- روح يا صاحبي روح سيبك من صاحبك البائس و روح انت من الاحرار يا على
‎لم يستطع ادم ان لا يضحك من جديد ليقول راجح مره اخرى
‎- ربنا يفرح قلبك يا صاحبي … هقفل انا بقا علشان هنتحرك للتأمين دعواتك يا ادوم
‎- ربنا معاك يا صاحبى قدها وقدود سايب رجاله ورايا
‎قالها ادم سريعا و بصدق ليقول راجح قبل ان يغلق الهاتف
‎- لا اله الا الله يا صاحبى هتوحشنى
‎و اغلق الهاتف ليظل ادم واقف فى مكانه ينظر الى ذلك المشهد البديع البحر الواسع و السماء الصافيه مع اول ضوء للنهار فكم كان المشهد يستحق التأمل و ايضا جعله يهدء ذلك القلق الذى اقتحم قلبه فجأة و دون سبب
••••••••••••••••••••••
‎كان يجلس داخل ورشته يتابع العمال بعقل شارد فى كل ما هو حبيس قلبه … الذى لم و لن يغادر قلبه ابدا … فهو لن يكون سببا فى حزن اخيه يوما و لو مات هو بسبب ذلك الحزن و الالم …. فراجح ليس اخيه فقط هو و لده الذى لم ينجبه ولن ينجبه يوما
‎اغمض عينيه قليلا يحاول ان يتجاهل ذلك الالم القوى بقلبه و الذى اصبح ملازم له خلال تلك الفترة
‎انتبه من افكاره على صوت هاتفه
‎ابتسم ابتسامه واسعه حين شاهد اسمه ينير الشاشة فأجاب سريعا
‎- راجح طمني عليك ؟
‎اجابه راجح سريعا
‎- ازيك يا بلال انا كويس يا حبيبى بس حبيت اكلمك علشان انا هقفل تليفوني علشان خارج فى مهمه تأمين و مش عايزك تقلق عليا
‎ظل بلال صامت ليكمل راجح كلماته
‎- خلى بالك من نفسك يا اخويا و ابويا يا صاحب الفضل … مش هوصيك على موده يا بلال و انا غايب
‎- متقلقش يا ابنى فى ايه ؟ خلى بالك من نفسك و ارجع بالسلامه و متقلقش الناس شغاله فى الشقه
‎قالها بلال مقاطعا سيل كلماته التى تؤلم قلبه رغم انها اصبحت عاده راجح مع كل مره يخرج من البيت
‎- ربنا يباركلى فى عمرك انا هقفل بقا …. سلام يا بلال لا اله الا الله يا اخويا هتوحشنى
‎قالها راجح واغلق الهاتف سريعا … ظل بلال على وقفته و الهاتف فوق اذنه يشعر بألم حاد و قوى داخل قلبه و خوف لا تفسير له لكنه ذكر الله فى قلبه حتى يهدء و ظل طوال الوقت يدعوا الله ان يعيد له اخيه سالماً
‎و لأول مره منذ سنوات طويله يحول محطه التلفاز عن قناه القرآن و احضر احدى قنوات الاخبار و ظلت عينيه متعلقة بها بلا سبب
•••••••••••••••••••••
‎كان يقف مع زملائه امام احدى دور العبادة الموجودة فى احدى الاماكن الهامه و الذى سيقوم ضيف البلد بزيارتها يراقبون كل شىء يقومون بتفتيش كل من اراد الدخول الى ذلك المكان و كان الجميع على اهبه الاستعداد و كان راجح يمرح مع الجميع و يرسم الابتسامة على وجوه الجميع فتلك هى عادته و تلك هى طبيعة شخصيته
‎كان يقف بجانب الباب الإلكتروني الذى يمر منه الراغبين فى دخول الى دار العبادة حين اقترب شخص و اراد المرور و لكن ليس من ذلك الباب فأوقفه راجح قائلا
‎- من هنا يا استاذ
‎نظر له ذلك الشاب نظره قويه و هو يقول
‎- مش لازم يعنى
‎ليعتدل راجح فى مواجهته و قال
‎- هو ايه اللى مش لازم … مفيش دخول الا لما تتفتش و تمر من الباب ده
‎ظل ذلك الشاب ينظر الى راجح بشر مستتر و تحرك خطوه ليقف امام الباب الإلكتروني و قال
‎- شكلك مسلم
‎لينظر اليه راجح بأندهاش ساخر و هو يقول
‎- وهو المسلم له شكل و المسيحي له شكل كلنا واحد يا استاذ
‎قطب الشاب جبينه بشر و قال من بين اسنانه
‎- مسلم و واقف تحمى شويه كفره
‎انتبه راجح لكلمات ذلك الشاب و شعر انه غير سوى …. به شىء مريب ملابسه و هيئته و كلماته التى تدل على تفكير خاطئ و افكار مغلوطه فقال و هو يشير الى زملائه دون ان يلاحظ ذلك الواقف امامه
‎- محدش هنا كافر كل الناس هنا موحده بالله و مش انت و لا انا و لا اى حد له الحق يكفر حد دى دار عباده واللى فيها بيعبدوا ربنا
‎اقترب اثنان من العساكر و ايضا قائد مجموعه راجح جميعهم من خلف ذلك الشاب حتى يستطيعوا السيطرة عليه دون خسائر لكنه كان قد وصل غضبه من كلمات راجح لاشده و فى لحظه خاطفه و دون ان يترك فرصه للتفكير ضغط ذلك الذر فكان صوت الانفجار يدوى فى كل مكان اسوار تتحطم و نوافذ تتهشم و سيارت كثيره يعلو صوت انذارها و النار تشتعل فيها من كل مكان و دماء منتشرة على الطريق و فوق الجدران و اشلاء كثيره مبعثره لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه و لم يسمحوا لذلك الشاب ان يقتل الابرياء العذل داخل ذلك المكان فكانت النتيجة موت اثنان من العساكر و ملازم و رائد و ايضا خسائر ماديه كبيره و بعض المارة بالشارع فقط القدر و عمرهم الذى كان موعد انتهائه جعلهم متواجدين فى ذلك المكان الان …. مشهد يدمى القلب و يبكى العين فكم يتكرر ذلك المشهد كثيرا بسبب عقول ضاله و نفوس مريضه يقومون بأشياء ما انزل الله بها من سلطان يقتلون باسم الدين و الدين برىء منهم يحاربون تحت رايه الاسلام و الاسلام فى حل منهم … دم المؤمن على المؤمن حرام …. قتل النفس بغير حق حرام
‎و رسولنا الكريم قال (( من آذى ذميا فأنا خصمه و من كنت خصمه خصمته يوم القيامه )) (( من آذى ذميا فقد آذانى و من آذانى فقد أذى الله )) فاين انتم من اخلاق حبيبنا و اين اسلامكم من اسلام محمد ابن عبد الله (( صل الله عليه و سلم ))
•••••••••••••••••••••
‎انقلبت الاحوال و تحولت كل الاخبار تتحدث عن ذلك الانفجار الذى حدث و عدد الضحايا و تصوير المشهد لكل المتابعين
‎حين استمع الى ذلك الخبر شعر ان قلبه يتمزق و روحه تغادر صدره فهناك الم حد بين ضلوعه و كأنه خروج الروح من الجسد ظل ينظر الى الشاشة الكبيرة و يستمع الى الاخبار التى تصف المشهد و ذلك التسجيل الصوتي الاخير للرائد هاشم العسوى الذى كان يبلغ عن وجود مشتبه به و انه جارى التعامل معه ولكنهم بحاجه الى الدعم لشكهم فى وجود متفجرات و لم يمر ثوان على ذلك التسجيل و دوى صوت الانفجارات فى كل مكان و كل الاخبار تؤكد ان جميع من كان فى محيط ذلك المكان قد تحولوا الى مجرد اشلاء منثورة فى كل مكان
‎تهالك على الكرسي قلبه يخبره ان اخيه قد نال الشهادة و عقله يحاول الرفض و عدم التصديق الم قلبه و روحه يخبره انه قد فقد ابنه الذى انشئه على يديه و انه سوف يزفه الى الجنة و حور العين قبل ان يتزوج من ملكت قلبه و روحه اخرج هاتفه يتصل به فى محاوله بأسه ان يصل اليه ان تحدث المعجزة و يستمع الى صوته لكن لا رد فالهاتف مغلق … و مأن ابواب الرحمة جميعا اغلقت فى وجهه فجلس ارضا بتهالك يبكى خبر اكيد يشعر به بكامل كيانه فأحبه اصبح عريس فى الجنه
‎التف حوله جميع من يعمل فى الورشة يحاولون مواساته يحاول بث الامل فيه ان يكون بخير و لكنه يعلم بقلب اب انه قد فقد ولده الى الابد
•••••••••••••••••••••
‎كان يجلس فى مطعم الفندق يتناول الطعام مع جوري حين لفت نظره ذلك الخبر الذى يراه على التلفاز اقترب من الشاشة ينظر اليها بعيون حمراء و قلق يتصاعد داخله حد الخوف بل الرعب اخرج هاتفه يتصل به لكن الهاتف مغلق فتصل سريعا بأحد زملائهم يسأله عنه فكانت الإجابة التي جعلت ذلك العنيد القوى يبكى و تهتز يديه ليسقط الهاتف من يديه ارضا متهشما كقلبه الذى ينزف دما على صديقه الوحيد اخيه التى لم تنجبه امه يبكى ابتسامه قد اختفت عن وجه الارض الى الابد
‎عن رجل ندر وجوده تلك الايام الصديق و السند …. لتقترب منه جورى سريعا تجثوا بجانبه ارضا و هى تقول بخوف
‎- فى ايه يا ادم ؟
‎نظر اليها من بين دموعه و عينه شديده الحمرة و قال بصوت متألم كطائر مذبوح
‎- راجح استشهد
‎لتشهق بصوت عالي و هى تضع يديها فوق فمها تبكى رجل قابلته مره واحده لكنه جعلها تفتح عيونها على حقيقه زوجها و حقيقه تفكيرها على شخص كان السبب الرئيسي فى ابتسامه زوجها الدائمة رجل حقيقى قوى رحل بسبب الخسة و الدناءة و افكار خاطئة و شعارات كاذبه
‎وقف ادم سريعا و هو يقول
‎- احنى لازم نمشى
‎هزت راسها بنعم و توجه هو مباشره الى احد مسؤلى الفندق و طلب منه حجز تذاكر الطائره سريعا
•••••••••••••••••••
‎وصل ادم امام ورشه بلال بعد ان طلب من جورى الذهاب الى القصر ….. ينظر الى التجمع الذى امامها بصدمه و كأنه كان يتمنى ان يجد عكس ما يراه الان كان يود لو يجد احد يكذب له ما عرفه
‎ان يجد بلال يقف امامه يبتسم و يخبره انها احدى مزحات راجح لكن للاسف ان الامر حقيقي واقع لا يستطيع تصديقه و لا يريد
‎كاد ان يدلف الى الورشة حين وضعت يد على كتفه التفت سريعا بأمل كاذب ليجده والده يقف امامه و يبدوا على ملامحه الحزن الشديد
‎فتح ذراعيه لولده ليرتمي بين احضانه يبكى بقهر و الم صوت بكائه العالى الذى لم يستمع اليه سفيان من قبل جعل الدموع تتجمع فى عينيه فما سمعه و علمه عما حدث لراجح ليس بهين و لا يتحمله اى انسان بداخل جسده قلبه ينبض
‎ظل ادم داخل احضان والده لعده ثوان اخرى ثم ابتعد عنه يحاول اخذ بعض الانفاس المتسارعة حتى يهدء ثم سار بخطوات غير ثابته يخترق الجموع الواقفه امام الورشة و خلفه سفيان حتى وصل الى بلال الذى يجلس ارضا ينظر الى شاشه التلفاز بصدمه و عدم تصديق اقترب ادم منه و جثى على ركبتيه امامه و قال و الدموع تسيل فوق وجنتيه
‎- البقاء لله يا بلال
‎نظر بلال له بصمت تام و هو يهز راسه بلا دون اى تعابير ليشعر ادم ان بلال غارق فى الصدمة و لا يريد تصديق ما حدث ليقترب منه اكثر و قال ما يصعب على نفسه
‎- وحد الله يا بلال راجح شهيد يعنى حى عند ربنا و فى مكان احسن كتير
‎- انت عايز تقولى ان ابن عمرى راح … الزهرة اللى سقيتها بعمرى و بشبابى و بقلبى راح طيب ليه ليه
‎قالها بلال بألم اب فقد كل ما له فى الحياه فراجح كان كل شىء فى حياه بلال لقد ضحى من اجله بكل شىء
‎- وحد الله يا بلال حرام كده
‎اغمض بلال عينيه و اهو يأخذ نفس طويل و مؤلم و قال بصوت عالى
‎- انا لله و انا اليه راجعون ….. انا لله و انا اليه راجعون الصبر من عندك يارب …. يااااااارب …. اللهم مالا اعتراض …. اللهم مالا اعتراض الصبر يارب اللهم اجرنى فى مصيبتى اللهم اجرنى فى مصيبتى
‎كان الجميع يبكى على ذلك الشاب الذى مات بسبب الغدر و الخيانة و الشعارات الكاذبة و الدين الجديد الدين الذى يدعوا له تلك الجماعات التى لا تعلم الله و لا تفهم الدين خسر اخيه و كل ما تبقى له فى هذه الحياه
‎يبكون انهيار شخص كبلال على اخيه الوحيد و كل ما له من بعد موت والديه و كان سفيان يشعر به بقوه ان مجرد التخيل فقط ان يصيب ابنه شىء لهو مؤلم للقلب و يشعره انه سيموت من التخيل فقط فكيف شعور بلال الان و خاصه مع تلك الموتة الغير ادميه
••••••••••••••••••••••••
‎كانت تجلس بجانب والدها تشاهد الاخبار حين ظهر خبر عاجل بتفجير احدى دور العباده لتشعر ان قلبها سقط ارضا مع صرخة بأسمة
‎- راااااااااااااجح
‎و كما هى بملابس البيت و دون حجابها و الدموع تغرق وجهها ركضت خارج البيت متوجهه الى ورشه بلال وخلفها والدها لتجد الناس جميعا متجمعة هناك حين شاهدها الناس على تلك الحالة ابتعد الجميع لها حتى تدخل الى الورشة بشعور كبير بالشفقة على حالها
‎اول من رأها كان ادم الذى اخفض راسه ارضا و هو يشعر بالألم يتصاعد داخل قلبه فصديقه ترك حبيبته و رحل لم يحقق حلمه فى الزواج منها و العيش بنعيم بجانبها و تركها تتألم بسب غيابه
‎جلست امام بلال و قالت
‎- راجح فين ؟
‎لم ينظر اليها و لم يجيبها لتمسكه من مقدمه ملابسه و هى تقول بصوت عالي
‎- راجح فين بقولك ؟ رد عليا جوزي فين ؟
‎- انا لله و انا اليه راجعون
‎هذا ما قاله لتضرب صدره بقوه و هى تقول
‎- رد عليا راجح فين راجح مش ممكن يسيبنى و يمشى راجح بيحبنى لا يمكن يسيبنى و يمشى لايمكن قولى يا بلال قولي انه هو كويس قولى انه فى الطريق راجع على هنا قولى يا بلال قولى بالله عليك انه عايش
‎ليرفع عينيه ينظر اليها بدموع حبيسه تأبى النزول و قال
‎- راجح شهيد …. راجح بقا عريس فى الجنة
‎ثم خلع الجاكت الخاص به و وضعه فوق راسها يدارى به خصلات شعرها المنساب على وجهها فى نفس اللحظة التى حضر فيها بعض العساكر و الضباط ليزداد الم الجميع و بدأ صوت الشهقات من السيدات تعلو و التوحيد بالله ايضا من الرجال
‎و فى صباح اليوم التالي كانت الجنازة التي حضرها كل اهل الحى و اصدقاء راجح الكثر من الذين عملوا معه و من اهل الحى و اى شخص تعامل معه من قريب او من بعيد كان ادم يسير بجانب بلال الذى يسير على قدميه و لكن روحه معلقه بذلك النعش الذى لا يحمل سوا قطع صغيره فقط من جسد راجح كل ما تبقى منه بعد الانفجار و ليس بالكثير
‎كانت العساكر تحمل نعش راجح ويسير خلفه الجميع يوحد بالله بصوت عالي و منهم سفيان و كأنها مظاهره فى حب راجح رحمه الله و كانت مودة تسير بجانب والدتها التي تسندها مع احدى سيدات الحى كانت تبكى بلا صوت فصوتها قد ذهب من كثره البكاء و الحديث عن راجح حين انتهى الامر و اقترب الجميع من بلال و ادم لتقديم واجب العزاء لم يعد ادم فى حالته و بدء يشعر ان قدماه لم تعد تحملانه فسنده والده و رحلا بعد ان وقف امام مودة لدقيقه كامله لا يعلم ماذا يقول لكنه بالأخير جثى امامها فهي كانت تجلس ارضا امام شاهد قبر راجح و قال
‎- اوعدك اجيب حقه …. حقه هو و كل شهيد راح معاه حقهم دين فى رقبتي
‎رفعت راسها تنظر اليه بوجهها المتورم من كثره البكاء و ظلت صامته ليظن انها لن ترد عليه ابدا و كاد ان يتحرك حين قالت بصوت ضعيف
‎- كان بيحبك اوووى كان ديما بيقول ادم راجل وصاحب صاحبه و ديما فى ظهري وراجح راح …. راح يا ادم
‎ظل يستمع الى كلماتها و بداخله شيء يتغير شيء يتحول الى شيء لا يفهمه و لكن هو يعلم الان ما عليه فعلا و كان سفيان يضمه بقوه و قلبه يتلوى الما على تلك الفتاه الصغيرة التى تتعذب لفراق حبيبها
•••••••••••••••••••••
‎كان بلال ينظر الى مودة الصامتة رغم انهيارها عيونها الزائغة فى كل مكان و كأنها تبحث عن احد تضحك احيانا و تبكى احيانا تصرخ بأسم راجح تناديه و تنظر اجابته و رغم الم قلبه عليها الا انه لم يستطع الاقتراب منها فقلبه لا يحتمل كلماتها التي تمزقه حين بدأت تقول
‎- هو المفروض اسيبك هنا و امشى هو المفروض اسيب كل حاجه بينا هنا وامشى هو المفروض انى انساك … طيب ازاى ازاى يا راجح ازاى انسى عمرى كله ازاى دقه قلبي ليكي أزاي انسى الامان و الراحة و السعادة
‎كان بلال يستمع لكلماتها وقلبه الذى يشعر انه توقف عن ضخ الدم يؤلمه بشده لكنه غير قادر على مواساتها فكيف يواسيها و هو يحتاج من يواسيه كيف يطلب منها الصمت و هى تقول كل ما يريد قوله كيف يطلب منها صبر و هو يشعر برغبه قويه بالحاق بأخيه
‎الان يشعر برغبه قويه فى الرجوع الى البيت ان يدخل غرفه راجح عله يجده هناك … يجده فى رائحته المميزة التي تملئ الغرفة و ايضا بين ملابسه و كتبه بين اوراقه و صوره بين كل ما يتعلق به
‎تركها هناك هى و والديها هو لم يعد يحتمل البقاء اكثر فغادر و هو يجرجر اقدامه بتثاقل و كأنه يحمل جبل فوق راسه
‎حين وصل الى البيت وقف امام البيت لا يجروء على الدخول … لتنحدر تلك الدمعة من عينيه بألم وهو يدعوا لأخيه بالرحمة و المغفرة و الثبات عند السؤال و يدعوا الله له ان يدخله فسيح جناته و يحتسبه من الشهداء
‎دلف من الباب و مباشره لغرفه اخيه يأخذ كل ما يخصه بين ذراعيه يزرعهم داخل قلبه حتى يظل بداخله لا يغيب احتضن كل ملابسه و اغراضه و تمدد على سرير اخيه يحاول ان يجده و ظل يبكى بصمت حتى غفى بقلمى ساره مجدى
•••••••••••••••••••••
‎ظلت جالسه امام شاهد قبره تحدثه بكل ما يجول بخاطرها و اوقات كثيره تبكى و تتحدث حتى سقطت مغشى عليها و ها هو يمر يومان وهى هاربه من واقعها
‎وحين فاقت وجدت امها جالسه بجانبها ترتدى الاسود وتبكى اعتدلت و هى لا تتذكر شيء و كأن شيء لم يحدث و مأنها فقدت ذاكرتها وقالت بصوت ضعيف
‎- ايه الى حصل انتِ لابسه كده ليه يا ماما
‎لتضع والدتها يدها على فمها بصدمه من حال ابنتها و خاصه بعد كل ما حدث وهى تقول
‎- وحدى الله يا بنتى ومتعمليش فى نفسك كده … كلنا رايحين
‎لتنظر اليها مودة باستفهام وهى تقول
‎- كلنا رايحين فين … ايه الى حصل لابسه اسود ليه مين الى مات
‎لتبكى والدتها من جديد فى نفس اللحظة الذى دلف فيها والدها وهو يقول
‎- قومي يا موده بلال اخو راجح بره وعايزك
‎لتقطب جبينها وهى تغادر السرير وتخرج سريعا و هى تقول
‎- و بلال عايز منى ايه ؟
‎ليقول لها والدها سريعا فى محاوله لإيقافها
‎- استنى غيرى هدومك الاول والبسى اسود ماينفعش تطلعي كده
‎نظرت اليه باندهاش وقالت
‎— مش لمًا اعرف الاول مين الى مات ابقا البس اسود
‎ليشعر بالحيرة من حديثها و لكنه قال بألم
‎- راجح
‎ظلت واقفه مكانها تنظر اليه بعدم تصديق ثم ضحكت باستخفاف و تحركت لتقف امام بلال وهى تقول
‎- راجح فين ؟
‎اخفض راسه وهو يقول باندهاش
‎- البقاء لله يا موده
‎لتبتعد خطوتان للخلف وهى تهز راسها بلا وقالت بصوت ضعيف مكتوم
‎- انت بتقول ايه … البقاء لله فى مين … راجح ظلت راسه منخفضه بحزن هو يتفهم صدمتها و رغبتها فى انكار كل ما حدث و رغم تأكده من وجودها وقت الجنازة و ما قامت به و رؤيته بعينيه لألمها و نحيبها لظن انها لم تعرف بعد بالأمر وظلت هي تنظر الى راسه المنحنى لعده ثواني ثم قالت
‎- انت عايز تقول ان راجح سابنى ومات فعلا يعنى ده مكنش كابوس يعنى حقيقه …. يعنى انا مش هلاقيه داخل عليا دلوقتى و هو بيقول انا جيت يا مودتى … يعنى بعد خلاص ما بقيت مراته سابنى دى كلها ايام و نكون فى بيت واحد … انت بتقول اااايه
‎وقالت الأخيرة بصوت عالى ليرفع راسه ينظر اليها بحزن كبير وقال بأيمان اقوى رغم الم قلبه الذى يتمزق حزنا
‎- راجح مات شهيد يا موده …. بلاش تعذبيه بالصويت ادعيله ان ربنا يرحمه ويصبرنا
‎تهاوى جسدها ارضا وهى تبكى بقهر وحزن تتذكر يوم عقد قرانهم يوم ضمها لاول مره الى صدره وبكى يوم قال لها
‎- انتِ بقيتى كل ما املك يا موده … كل ما املك
‎حب السنوات حربهم مع والدها خطبتهم وعقد قرانهم ضحكهم سويا … احلامهم الكبيرة اغمضت عينيها وهى تبكى جثى بلال امامها ومد يده لها بظرف كبير و جده بين اغراضه و حين فتحه وجد بداخله مظروفان كتب على احدهم اسمه و الاخر كتب عليه اسم موده و حين فتح الظرف الخاص به كانت صدمته قويه لكنه لن يتحدث عنها الان اخذ نفس عميق ثم قال
‎- دى وصيه راجح لقيتها فى حاجته …. اقرى الى فيها وانا هجيلك بكره علشان نتكلم لانه سايب ليا انا كمان وصيه ولازم انتِ كمان تعرفى ايه اللى فيها
‎غادر سريعا وظلت هى على جلستها ارضا تبكى بصمت تبكى رحيله التى لم تتوقعه يوما تبكى جنه كانت تحلم ان تعيش فيها معه و بجواره …. تبكى حياه ظلت طوال عمرها تحلم بأن تعيشها …. تبكى الم قلبها على رحيله بتلك الطريقة راجح تلك الابتسامة الكبيرة التى تسير على قدمين … الذى لم يأذى احد فى حياته الذى عانا كثيرا حتى يجتمعا انتهى بهم الامر الان اصبح شهيد و هى اصبحت وحيده من جديد علا صوت بكائها من جديد و احساس الفقد و الخسارة يجعل المرارة تزداد بحلقها مراره اخر ذكرى له معها قبل يومان
‎كان يجلس معها فى بيت والدها ينظر اليها بابتسامة كبيره و مشاغبة قائلا
‎— خلاص يا مودتي اسبوعين ثلاثة و احدد مع ابوكى الفرح
‎ابتسمت بخجل و لكن السعادة كانت تملئ و جهها و قلبها و هي تقول بعدم تصديق
‎- بجد يا راجح خلاص هيجمعنا بيت هتكون ليا و هكون ليك اخيرا
‎ليقترب منها اكثر بعد ان نظر الى باب الغرفة و حاوط كتفيها بحنان
‎- خلاص يا قلب و روح راجح … تعرفي يا مودتى انا بحس انك شبه الجنة لازم اعمل حاجات كتير كويسة علشان اوصل ليكى زى ما لازم اعمل حاجات كتير صح علشان ادخل الجنة
‎اتسعت ابتسامتها بسعادة لتشبيهه لها بالجنة فكم هو حساس و كلماته رقيقه و مميزه
‎عادت من افكارها تنتحب بصوت عالى و هى تتذكر انها لم تعرف حتى الان كيف استشهد رفعت عيونها الى والدتها التى تقف جوار والدها تبكى بقهر على شاب من خير الشباب … شاب لن يعوض باهتمامه بكل من حوله … و ايضا ضحكته التى تزين و جهه طوال الوقت
‎- انا عايزه اعرف ايه اللى حصل ؟ هو … هو مات ازاى قوليلى تانى يا امى يمكن اصدق انه مات يمكن اقدر اصدق
‎قالتها بمرار و صوت متقطع …. لتقص عليها والدتها كل ما حدث لتعود للبكاء بصوت عالى و هى تنادى عليه قائله
‎- سبتنى ليه يا راجح ليه ده انا مودتك حبيبتك سيبتنى علشان تروح لحور العين دخلت جنه ربنا قبل ما تدخل جنتك اللى على الارض خلاص يا راجح عملت كل حاجه صح علشان تدخل الجنة طيب ليه مخدتنيش معاك ليه سيبتنى لوحدي ليه يا راجح ليه … ليييييييه حسبى الله و نعم الوكيل فى اللي كان السبب حسبى الله و نعم الوكيل الصبر يارب الصبر الصبر
‎رغم جحود قلبه و بروده الا انه لم يتمالك نفسه و لم يتوقف عن البكاء من وقت معرفته بالخبر و كلما تذكر مواقف راجح يبكى و ايضا يبكى حال ابنته التى تقف على حافه الانهيار مره اخرى تتشبث بملابس والدتها تبكى بقهر

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جاريتي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *