روايات

رواية خسوف الفصل الأول 1 بقلم آية العربي

رواية خسوف الفصل الأول 1 بقلم آية العربي

رواية خسوف البارت الأول

رواية خسوف الجزء الأول

رواية خسوف الحلقة الأولى

ليتَ الطريقُ الى قلبكِ سهلُ الوصال
كل طريقُكِ بالحطامِ والصعاب يثور
اخطى بلا درعٍ ودون جواد واتعثر كل خطوة وينزف يسارى واكمل طريقي بعزمُ الرجال
سأصل اليكِ يا روح الفؤاد وامحى ظنونكِ وانزع خسوفكِ ليشعُّ نوركِ وسطَ الجِبال
&&&&&&&&
فى احدى محافظات مصر
تحديداً فى مدينة المنصورة عاصمة الدقهلية ذو السمعة الطيبة والمعروفة بجمال صباياها وعنادهن .
منزل مكون من ثلاث طوابق الطابق الارضي تم تأجيره كمخزن والثانى عبارة عن شقتين مقابلين لبعضهما .. تم تأجير الشقة الاولى لاسرة متوسطة الحال والشقة الثانية خالية .
اما الدور الثالث فهو خاص ببطلنا كاملاً حيث تم فتح الشقتين سوياً ليعطيا مساحة واسعة .
يصعد الدرج بارهاق بعد يوم عملٍ شاق حيث ان المطعم الخاص به وبشريكه يتلقى طلبات متعددة ويتوافد عليه الزبائن من البلاد المجاورة نظراً لجودة الطعام ومذاقه الجيد والممتع الذى يجمع بين اصالة الطعم السورى والمصري سوياً .
اخرج المفتاح من جيبه وقبل ان يمرره داخل فتحة المقبض طرق الباب بشكل هادئ ثم فتحه ودلف يتحمحم ..
وجد ضوء خافتاً يأتى من غرفة المعيشة فأيقن انها تجلس امام التلفاز كعادتها .
اتجه للمطبخ يضع تلك الاكياس التى احضرها معه ولكنه استمع الى صوت متحشرج ومكتوم يبدو انها تبكى بصمت .
تعجب وضيق عيناه وتسحب بحذر حيث الغرفة ينظر بها .
وجدها متكورة على نفسها على الاريكة تضم قدماها بحماية وتضع رأسها بينهما شعرها المشتعل متناثراً حولها بحماية كأنه شلالات من الجحيم فى مشهد جعله يتنهد بقوة ساحباً انفاسه العاشقة سراً الى رئتيه …. تبكى هي متحشرجة بعمق .
انقبض داخله لأجلها ومن هيأتها المهلكة التى لا ارادياً تهز خلاياه … تقدم ببطء يتناول جهاز التحكم ثم قام بأغلاق التلفاز مما جعل جسدها يهتز فقد علمت بوجوده معها ولكنها ظلت على وضعها .
اقترب منها بترقب وقلق ثم جلس على الاريكة المجاورة لها وتحدث بهدوء وترقب _ قمر ! … مش كفاية بقى دموع !؟
توقفت عن البكاء والتنهيد ولكنها لم تتزحزح وظلت كما هي تستمع فقط فتابع هو بصوت هادئ حنون _ طيب انتى جعانة ! … النهاردة كان عندنا طلبية كبة مبرومة من اللى انتى بتحبيها وجبتلك معايا وكمان جبتلك بقلاوة .
ظلت كما هى لا تعطى اي رد فعل فتنهد يطالعها بقلق ثم تجرأ ومد يده ببطء وحذر يتلمس ذراعها مردفاً بخفوت _ قمر !.
ترقبت لمسته للحظات قبل ان تنتفض فجأة صارخة بقوة وعيون جاحظة وهى تقف مبتعدة وتشير له بسبابتها محذرة _ ابعد ايدك دى عنى متلمسنيش .
ظلت يده معلقة فى الهواء لثوانى ثم سحبها يغمض عينه ويهدأ من روحه المستنزفة ثم تنهد بقوة ووقف يطالعها بعيون مترقبة وصمت .
نظرت له بقهر من جموده وبروده معها وتابعت حديثها الغاضب مردفة _ متحاولش تحسسنى ان جوازنا حقيقي لانى بقرف … بقرف من كل حاجة هنا … الوضع ده انا مجبورة عليه وعمرى ما هتقبله … ولا عمرى هسمحلك تتمادى معايا …
تابعت بقوة وتمرد لترد من كرامتها المهدورة _ انت كنت من شهرين بالنسبالي عمي بدر صاحب بابا اللى بحترمه وبحبه … بس بعد ما وافقت ومضيت على العقد الباطل ده وانت بالنسبالي انسان استغلالي بكرهه …. ولا يمكن هتقبل وجودك فى حياتى … واوعى تفكر انى ممكن اتهاون فى كدة او هيجي يوم واتقبلك كزوج ليا … لا يمكن .
فارت الدماء فى عروقه التى برزت بقوة آثر غضبه من حديثها وتطلع عليها بعيون ضيقة تحول لونها من شدة الغضب والألم يردف بقوة ليرد من كرامته المهدورة بنبرة معذبة ولهجة مصرية اتقنها جيداً _ اسمعى كويس يا بنت الناس … مش انا الراجل اللى يستغل اى واحدة علشان رغباته … ولا انا المراهق اللى يفرح بعقد جواز كان اساسه غلطة … انتى كنتى بالنسبالي بنت الراجل الوحيد اللى وقف جنبي وساعدنى فى غربتى … الراجل اللى فضل ورايا لحد ما وقفت على رجلي … علشان كدة وافقت على طلبه علشان انقذ سمعته اللى انتى مفكرتيش فيها .
كل اللى عملته وبعمله ده لانى بحاول اكون متفهم معك … بس من بعد كلامك ده حتى لو روحى فيكي مافيش بيني وبينك غير الورقة اللى عليها امضتنا واللى انتى بتقولي عليها عقد باطل … ووعد منى وقت ما تعرفي ان الطريق اللى كنتى ماشية فيه غلط وتبدأى تفكرى بعقلك ساعتها انا هحررك من العقد الباطل ده .
تركها واتجه مسرعاً لغرفته التى ما ان دلفها حتى اغلق بابها بقوة جعلها تنتفض مكانها ثم القت بجسدها على الاريكة تجهش فى نوبة بكاء جديدة .
اما هو فظل يجوب فى الغرفة بغضب من حديثها الذى استفزه واستفز رجولته … يعلم ان زواجهما كان بالاجبار لكليهما … يعلم انها ليست تلك الفتاة الهينة … يعلم انها مراهقة وهو بالنسبة لها مسن بالرغم من مظهره الجذاب وملامحه الوسيمة وعمره الذى لم يتعدى الثامنة والثلاثون الا ان احلامها مختلفة … نعم يتفهم ذلك ولكن كلماتها كانت قاسية على قلبه الذى يكن لها مشاعر مدفونة احتاج هو لقوة جبرية حتى يستطيع كتمها والاحتفاظ بها داخل صميم قلبه …
منذ تلك الحادثة وهو فاقدٍ لشغفه فى الحياة … منذ ذلك اليوم وحياته باتت دون هدف … وحده صديقه ياسر والد قمر هو الذى دعمه وظل خلفه الا ان تخطى صدمته وتعافى .
بعدها بدأ يرى امامه تلك الفتاة الجميلة التى تمر احياناً على المطعم … جميلة هى وعفوية ومدللة … هل يمكن لعفويتها وشغفها ان يضيئا عتمة قلبه ! .
عنف نفسه دوماً ونعت حاله بالخائن والخسيس فقد لمشاعره التى تراوده فى الخفاء من اجل ابنة صديقه … كيف له ان يفكر فى فتاة تصغره بأعوام عدة !
كيف له ان يخون ثقة صديقه له بعد ان امنه على ماله وعرضه !
فى كل مرة تزور فيها المطعم كان يحاول جاهداً الابتعاد عن عيناها ولكنها تتعمده هو .
تسأل عنه وتهتم لامره هو دون غيره … هل يمكن ان تكن له مشاعر ! .
او ان هذا تفسيره المحبب الذى يريده ويريد تصديقه ؟!.
حتى انه ذات يوم كاد ان ينهى شراكته مع صديقه فقط من اجل ان يريح ضميره وعندما اعترض ياسر بشده وسأله عن اسبابه لم يجد سبباً مقنعاً يخبره به لذلك تراجع .
وبعدها قرر دفن مشاعره واكمال حياته كما اعتاد تاركاً امره وامانيه للقدر يحققها او لا تتحقق كيفما يشاء .
جلس على مؤخرة الفراش يهز قدمه بتوتر ويفكر بعمق فى ما آلت اليه الامور .
ماذا يفعل معها وكيف ستمضي ايامهما سوياً بعد هذا الحديث العنيف ! … هل انتهى حظه من السعادة منذ زمن ؟ هل دفنَ مع من دفنوا تحت انقاض الحرب والدمار ؟
عند هذه النقطة والتمعت عينه بالدموع فور تذكره لأهله الذين طالتهم يد الخسة والندالة وهدمت منازلهم فوق رؤوسهم … اغمض عينه بقوة و ألم وتنفس ساحباً شهيقاً قوياً يزفره بثقل ثم قام واخرج ملابس من خزانته ودلف الى المرحاض الخاص بالغرفة ليغتسل .
خرج بعد دقائق يرتدى بيجامته الحريرية المرتبة ثم قام بفرد سجادة الصلاة وادى ركعات قيام الليل وبعدها وقف يشعر بالجوع فمعدته تصدر اصواتاً ملحوظة وهذا بسبب عدم تناوله الطعام منذ الصباح … لقد كان يريد ان يأكل معها او على الأقل يأكل عندما تأكل ولكنها خالفت ظنونه … شهرين وهو يحاول التودد اليها … شهرين وهو يسعى للتحدث اليها بعقلانية ولكنها متمردة …
ابتلع لعابه وقد قرر الذهاب لتناول وجبة خفيفة قبل النوم .
خطى للخارج بحذر واتجه للمطبخ ولكن قبل دخوله سمع صوت احدهم يتلاعب بالاكياس الذى احضرها فعلم انها هى ومن غيرها … ابتسم بحب وحنو على تلك المشاغبة التى تأكل ف الخفاء …. قرر العودة لغرفته قبل ان تلاحظ وجوده وتتراجع عن ما تفعله او تشعر بالحرج وهو لا يرغب بذلك
عاد يضغط على معدته وسكب لنفسه كوبَ ماءٍ من هذا الابريق الموضوع على الكومود وتمدد بعدها على الفراش يتنهد ويغمض عيناه مستسلماً للنوم .
بينما هى تقف امام الاكياس بتردد ثم امالت برأسها قليلاً تنظر للخارج وعندما لم تجد اي صوت بدأت بتناول الطعام الذى احضره فهى جائعة حقاً .
بعدها تناولت من الحلو الذى اعده هو بيده مستمتعة بطعمه واثناء ذلك اتتها رسالة على الهاتف الذى اهتز دون اصدار صوت جعلتها تتوقف على تناول الطعام وتخرج هاتفها بحذر من جيب المأزر الشتوى الذى كانت ترتديه تتطلع عليه بترقب ثم ما لبست ان ابتسمت بسعادة وهى تحتضن الهاتف السري وتكمل تناول الحلوة مردفة بتمرد وغضب من ذلك البدر البارد _ اطمن يا خالد … انا مش هكون ملك حد تانى … انت وبس اللى فاهمنى وبتحبنى بجد … مش هسامحهم على اللى عملوه معايا .
&&&&&&&&
رواية خُسُوف بقلم آية العربي
حقوق النشر محفوظة
&&&&&&&&&
فى اليوم التالي
استيقظ بدر بتكاسل يشعر بدوار فى رأسه … قام من فراشه متجهاً كعادته الى المرحاض
بعد نصف ساعة انتهى من روتينه اليومى وتأدية فرضه … خرج مرتدياً ملابس عمله وخطى بحذر وترقب .
تفاجأ بها تقف امامه تفرك يدها وتطالعه بحيرة … وللمرة المليون ينبض يساره بقوة لرؤيتها .
ابتلع لعابه فى خفوت وتحمحم مردفاً بصوت رجولي _ خير ! … عايزة تقولي حاجة ؟
بللت شفاهها بتوتر واردفت بترقب _ انا كنت عايزة اخرج .
تنبهت حواسه بتركيز ونظر لها نظرة متفحصة مردفاً _ ليه ؟
زادت من فرك اصابعها بقوة واردفت بتلعثم _ احم .. انا .. انااا كنت … كنت محتاجة حاجات بنات يعنى وكدة .
طالعها بصمت لثوانى ثم دثر يده فى جيب مأزره وتناول منه دفتراً صغيراً وقلم مدهما اليها و هو يردف بثبات _ اتفضلي اكتبي كل اللى انتى محتجاه وانا هجبهولك … بس خروج ممنوع .
احمر وجهها غضباً ونظرت له بحدة لفشل مخططها … توقفت عن ضم ذراعيها واردفت وهى تلقى بالدفتر والقلم ارضاً من بين يده بغضب وتمرد _ مش عايزة منك حاجة ..
قالتها والتفتت تغادر الى غرفتها … اما هو فظل يتتبع طيفها الى ان اختفتت … انحنى يلتقط دفتره وقلمه ويضعهما فى جيبه مجدداً بينما داخله منكمش ومكدوم من افعالها الغير محتملة … دائماً تقابل هدوءه بالحدة والغضب ولكنه صبور معها لاقصى درجة .
تنهد ثم فتح باب الشقة وخرج ثم اغلقه مجدداً من الخارج واتجه الى عمله .
اما هى فتناولت هاتفها بقهر وغضب وقامت بارسال رسالة عبر تطبيق الواتساب محتواها ( انا أسفة يا خالد … مش هعرف اخرج من السجن ده النهاردة … البنى ادم ده وبابا اتفقوا عليا خلاص … بس متقلقش انا مش هستسلم ) .
اغلقت الهاتف ووقفت تقضم اظافرها وتفكر فى خطة تستطيع بها الخروج من هذا السجن واللجوء الى حصنها الآمن كما تعتقد .
&&&&&&&&
على الجهة الآخرى يقف المدعو خالد وسط اصدقاؤه يشتم الفاظاً بذيئة بسبب عدم مجيئها الذى كان ينتظره ويتوعد له .
اردف احدهم بتشفى _ ايييه يا برنس … مش هتيجي صح ! … يعنى جوزها علم عليك وهتسيبه كدة من غير ما تربيه زى ما قولت ! … هههههه شكلك ااااد كدة .
غضب وجه هذا الخالد واردف بغل _ انا مش هتكلم تانى … انت هتشوف بنفسك ايه اللى خالد الوزير هيعمله …. طول ماهى زى الخاتم فى صباعى ومصدقة انى بحبها يبقى هعمل اللى انا عايزه وناوي عليه .
نظروا الى بعضهم بترقب ثم اردف آخر _ ما تسيبك من الحوار ده يا خالد وكفاية عليك اللى حصلك … واضح انك خايف من الجدع ده .
غضب خالد بشدة وهو يتذكر ذلك اليوم ثم اردف بحنق وهو يتطلع عليهم _ انا لو خايف مش كنت بعدت … اصبروا وهتشوفوا هى بنفسها هتعمل علشانى ايه ؟
نظروا لبعضهم يبتسمون بخبث وينتظرون وعد صديقهم بتحقيق تسلية جديدة اليهم
&&&&&&
وصل بدر الى محل عمله .
دلف الى المطبخ الخاص بالمطعم يردف بلهجته السورية بشرود _ سلام عليكم اخى ياسر ..
نظر له ياسر بترقب ورد السلام مردفاً بتساؤل _ وعليكم السلام يا بدر … مالك يا غالي وشك مقلوب ليه ؟
اتجه بدر يخلع جاكيته ويرتدى مريلة الطبخ الخاصة به ثم اردف وهو يطالع شريكه ياسر _ مافي شي يا اخي ياسر … الامور تمام لا تعتل هم .
ترقبه ياسر بتعمن … فهو على علم كامل بأبنته وافعالها … تسائل مجدداً بترقب _ حد مزعلك !
اغمض بدر عينه ثم عاد بنظره اليه واردف مترقباً_ بيكفي هيك يا اخى … بدك تنسى وتسامح… هاي بتضلها بنتك .
نظر له ياسر بغموض ثم التفت يكمل ما يفعله من تقطيع خضروات واردف بنبرة تحذيرية ويد صلبة تسحق حبات الخصار تحتها _ بدر ! … متفتحش معايا الموضوع ده دلوقتى … انا عمرى ما هنسى اللى عملته فيا بعد ما اديتها الامان كله وحريتها وفضلتها على اخوها وكذبته وصدقتها هى .
تنهد متوقفاً عن التقطيع يتطلع الى بدر ويكمل بقهر _ قولت معلش يا ياسر اتحرمت من امها ولازم انت تعوضها الحب والحنان … بس هى عملت ايه ! … كسرتلي ظهرى يا بدر … وقعتنى ومش قادر اقوم تانى … صدقنى يا بدر انا عارف بنتى … لو كلمتها او نسيت اللى عملته كدة بسهولة مش هتتعلم …. انا عارف انى جيت عليك جدااا … بس انا عمرى ما هطمن ولا هآمن عليها غير معاك يا بدر وف بيتك … نادر مش ناوى ع الخير … ولا انا بقى عندى حيل احميها بعد اللى حصل … واوعى تفكر انى استغليتك … ابدااا … يعلم ربنا انت مكانتك عندى ازااي … من وقت ما جيت واشتغلت معايا وانا بعتبرك اخويا الصغير … وانى عمري ماكنت هديلك بنتى وحتة من روحى الا لأنى واثق فيك وعارف انك عاقل وواعي ومش هتشوفها زى ما كل الناس شيفاها دلوقتى ..
زفر يتابع بألم واشتياق _ قمر غالية عندى اوى يا بدر … قمر دى حتة من روحى … علشان كدة اديتهالك … ووقت ما هى ترجع لصوابها … انا مش هجبرك على العقد ده ..
انسحب قلبه من تلك الجملة الاخيرة … هو يعلم ان نهاية هذا الامر هو الانفصال ولكنه يحتاج اليها … يريدها بقلبها وعقلها وكيانها … الألم منها ك كي الجرح ليلتئم ام الألم فى بعدها كالنزيف حتى الموت … لن يتحمل بعدها عنه بعدما اصبحت قريبة جداً منه .
نظر لصديقه بصمت ثم بدأ يشرع فى تحضير الاطعمة دون اضافة حرف بينما انشغل ياسر ايضاً فى امور المطعم وكلٍ منهما عقله يدور حول اسمٍ واحد فقط ( قمر ) .
&&&&&&&
عند خالد الوزير الذى ابتعد عن اصدقاؤه واتجه الى سيارته استقلها وقادها بغضب وبسرعة عالية ثم توقف فجأة محدثاً صفيراً عالياً يعيد كلاماتهم فى رأسه .
تناول هاتفه بحدة وارسل رسالة الى قمر عبر الواتساب محتواها ( عايز اكلمك صوت يا قمر ) .
اتاهُ الرد بعد ثوانى بالقبول .
رن هاتفها وهى تجلس فى غرفتها … اجابت بلهفة مردفة _ خالد … وحشتنى اوى .
اجابها الآخر بضجر وصوت خالى من المشاعر _ وانتى كمان يا قمر … بس انا بجد زهقت … لازم تلاقي حل … بقالي شهرين مشوفتكيش من وقت اللى حصل … انا ذنبي ايه اتحرم منك يا قمر ! … بتعملي معايا كدة ليه وانتِ عارف انى ماليش اي ذنب ف اللي حصل ! .
دق قلبها من حديثه الكاذب واردفت بنبرة حنونة _ طيب اهدى يا خالد علشان خاطرى …. اهدى وانا هلاقي حل فى اسرع وقت .
ضجر وانقبضت ملامحه ثم اردف بغضب مكتوم _ اهدى ازاي بس … اهدى ازااااي .
قالها وهو يتحسس جبينه المكدوم من أثر اللكمة القوية التى تركت أثراً فوق حاجبه والتى لم تكن سوا من بدر .
بينما على الجهة الآخرى قمر تفكر وتفكر ثم اردفت بترقب _ طب ايه رأيك لو تيجي لي ؟
انتفض كمن لدغه عقرب واردف بتلعثم _ اجيلك ! … اجيلك فين ؟
اردفت قمر بترقب _ تيجي لي هنا ! … تحاول تكسر الباب … بدر معظم الوقت ف المطعم ومش بيرجع غير بليل … وانا هبلغك بالوقت اللى الجيران ميبقوش هنا فيه … وانت تيجي تكسر الباب وانا هاجى معاك وهطلق منه ونتجوز .
دب القلق والزعر فى قلب هذا الجبان واردف متلعثماً _ لا لا … مينفعش اجيلك خالص … انا لو شوفت بدر ده ممكن اقتله ووقتها هتحرم منك للابد ..
شرد قليلاً ثم اردف بخبث _ بصي … انتى تعملي اضراب عن الاكل … يعنى يومين كدة ولا حاجة وهو اكيد لما يلاقيكي كدة هيضطر يخرجك … بس انتى صممى … وانا هتابعك دايماً بالموبايل … ومجرد ما تخرجى من عندك وتعرفي تفلتى منه …. هكون مستنيكي يا قمرى … وبعدها علطول هاخدك ونطلع ع المأذون ونكتب كتابنا .
شردت تفكر بابتسامة وامل وخيال بالاحلام والوعود الكاذبة التى يغرقها بها منذ زمن .. اردفت بتوتر ظهر حينما تذكرت _ نكتب كتابنا ازاى بس يا خالد … انت ناسي انى يعتبر متجوزة !
ضحك بخبث وتابع _ قولتلك ده جواز باطل … انتى مضيتي عليه غصب عنك … وانا هخلصك منه … بس انتى اسمعى كلامى … انا بحبك يا قمر .
تنهدت وشردت قليلاً ثم اردفت بقلق _ وانا كمان يا خالد .
&&&&&&&&
فى منزل ياسر الفوى
انتهى نادر من روتينه والآن يستعد للذهاب لعمله .
تقف مى زوجته تتابعه وهو يرتدى حذاؤه مردفة بترقب وغنج _ بقولك يا ندورة … هو انا مينفعش اروح اشوف اختك ! .
توقف عن ربط حذاؤه ونظر لها بضيق وتعجب مردفاً باستنكار _ اختى ! … اشمعنى يا مي … وايه اللى فكرك دلوقتى ب البنى أدمة دي ؟.
تحمحمت وتابعت بخبث _ ازاي بقى يا نادر دى اختك بردو …. هتتخلى عنها انت كمان زى باباك ؟! … وبعدين معلش اعتبرها عيلة وغلطت .
وقف نادر على حاله واردف بغضب وغل _ لااا مش عيلة … ومتفتحيش سيرة الموضوع ده تانى معايا يا مي … انا كان ليا اخت وماتت زى ما امى ماتت والموضوع خلص على كدة … انتى فاهمة .
اومأت بصمت وتفهم كاذب وتناول هو مفاتيحه وهاتفه وغادر مسرعاً بينما هى اغلقت الباب ووقفت خلفه تردف مبتسمة بتشفي _ سبحان الله … الدنيا دوارة فعلا … شوفتى بقى يا قمر ان انت اللى طلعتى مش تمام واللى قولتيه عنى اتقال عليكي … ربك بالمرصاد .
&&&&&&&&&&&&
فى منزل بدر .
اتجهت قمر الى غرفة المعيشة … جلست والتقطت جهاز التحكم عن بعد ثم قامت بتشغيل شاشة ال T.V وبحثت عن قناة معينة لتتابع عليها الفيلم الأجنبي الذى تنتظره .
بدأ الفيلم وظهر المرح على ملامحها وهى تتابعه بدقة … قررت الذهاب للمطبخ واحضار طبق تسالي ولكنها توقفت فى منتصف الطريق تتذكر الخطة التى عليها تنفيذها وهى عدم تناولها اي طعام منذ تلك اللحظة .
عادت ادراجها وجلست تتأفأف وتفكر … منذ ذلك اليوم الذى وقعت فيه على عقد الزواج هذا عنوة عنها بعدما ضغط عليها والدها واتت معه الى ذلك المنزل ظنت انه سيكمل عقابها كما طلب منه والدها …. ظنت انها ستعانى هنا بسبب غلطة ارتكبتها لم تكن مقصودة كان الهدف الاساسى منها هو .
ظنت انها سنتهى حياتها بسبب المعاناة التى ستتلقاها هنا على يده … فهى رأت الغضب فى عينه عندما نظرت اليه فى تلك اللحظة التى اكتشف فيها امرها .
ولكنها تفاجئت به يعاملها بهدوء تماماً … احياناً يكون حنون جدااا معها خصوصاً عندما تبكى … يلبي جميع طلباتها وهى التى ظنت ان حكم الاعدام قد صدر على حياتها …. يعلم ما تحب وما تكره ويفعل دائما ما تحبه …. جهز لها جميع وسائل الراحة والتسلية فقد لكى لا تشعر بالضجر او الحزن بمفردها …
نعم هو خالف توقعاتها تماماً … ولكنها تظل حبيسة … هى اعتادت على التمرد والطاعة من قبل الغير … اما هو فشخصيته مختلفة تماماً … هو هادئ بخوف … حنون بقسوة … مطيع بصرامة … مندفع بعقلانية …
هى حقاً تخشاه … هيأته وطلته و نظرة عيناه تطمئنها وترعبها فى نفس اللحظة .
تنهدت بقوة وعادت بذاكرتها اللى الزمن منذ ٤ اعوام … عندما بدأت تذهب الى والدها فى عمله وكانت تراه هناك .
كانت تحب جدااا النظر اليه وهو يطهو والى مهارته فى العمل … كانت تعشق لغته السورية وتحب سماعها من فمه دائما .
كان الوضع هذا جديد وغريب وممتع بالنسبة لها .
تذهب للمطعم فقد لتتابعه بسعادة وهو يعد لها الاطباق السورية التى احبتها كثيراً والتى كانت تطلبها منه دون غيره وكان هو يستقبل طلباتها بسعادة بالغة ..
ليتها ظلت هناك … لم تكن تتوقع ابدااا ان بعد ٤ اعوام ستكون زوجته … اصبحت زوجة من كانت تناديه عمى !! … تغيرت معاملته لها تماماً … حتى لغته السورية لم يعد يتحدث بها امامها يبدو انه يتعمد فعل ذلك معها ليحجب عنها الشئ التى تستمتع بسماعه منه .
سحبت شقيهاً طويلاً تنشط به رئتيها واكملت متابعة الفيلم بشرود ولكنها نوت اكمال مخططها والاضراب عن الطعام مثلما اخبرها هذا الجبان الذى تظن انها تحبه .
&&&&&&&&&&&
انتها بدر وياسر من طهى الطعام وجلسا يستريحان ويتركان بقية الامور للمساعدين .
اردف ياسر بترقب _ ما تيجي تنغدى سوا يا بدر … انت ماكلتش من الصبح .
تنهد بدر الذى يشعر بالجوع حقاً ومر على عقله صورتها وتسائل … هل تناولت طعامها اليوم ؟
اعاد عليه ياسر السؤال مجدداً فأردف بدر بهدوء _ تمام أخى … متل ما بدك ..
جلسا سوياً يتناولان الطعام ويدردشان فى امور المطعم ووضع خطة ديكور جديدة .
انتهى بدر من طعامه واردف وهو يتطلع لساعته _ بدك تعذرنى اخى ياسر … عندى موعد في الجيم … رح ضبط الفورما .
ضحك ياسر واردف ممازحاً _ اكتر من كدة ! …. انت داخل حرب ولا ايه يا ابنى … الناس بدأت تشتكى منك .
ضحك بدر واستعرض عضلاته يردف ممازحاً _ هاي شقفة عضلة يا اخى مانا شى .
اتسعت عين ياسر واردف بتعجب _ كل دى شقفة ؟! … اتكل على الله .
اومأ بدر ضاحكاً وبالفعل ابدل ملابسه واتجه للصالة الرياضية كعادته فهو مهتم جداا بلياقته البدنية وبالرياضة عامةً .
&&&&&&&&&&
مساءاً عاد بدر الى شقته .
فتح الباب بعد ان طرقه ودلف بترقب وعيناه تبحث عنها … وجد اضاءة خافتة آتية من غرفة المعيشة فتيقن انها هناك .
دلف الى المطبخ يبحث فى محتوى الطعام كعادته ليتأكد انها أكلت ولكنه وجد الاطعمة كما هى حتى ان التسالي التى تحبها والتى ابتاعها لها خصيصاً تبدو كما هى .
تعجب من الامر فهذه المرة الاولي التى لم تتناول فيها تلك المكسرات التى تعشقها .
تنهد بعمق واتجه بترقب وخطوات متمهلة الى غرفة المعيشة تسبقه عيناه الى هناك .
رآها منكمشة على الاريكة وقد سقطت فى ثبات عميق … يبدو انها نامت امام التلفاز .
تثبت مكانه يطالعها … تعالت وتيرة انفاسه وزادت ضربات قلبه العاشق … كانت جميلة … عهدها مرحة شغوفة مدللة … نعم لم تعد كذلك ولكن ملامحها تضخ بالعناد والتمرد … يعلم ان خطؤها صعب غفرانه … عيناه لم تنسى ذلك المشهد الذى ادمى قلبه … ولكنه يأتى عندها ويقف … معها فقط يحاول التحكم جاهداً فى غضبه منها ..
اتجه بعد تأملها الى التلفاز واغلقه ثم تسحب ببطء اليها بعدما التقط غطاءاً صوفياً .
افرده عليها ببطء وهدوء … تململت فى نومها وتحركت يداها الى يده تتمسك بها وتحتضنها محتفظة بها داخل صدرها في حركة مفاجئة ولا واعية منها .
توقف قلبه للحظات إثر فعلتها وتجمد جسده … حتى النفس يخشى اخراجه … ظل ثابتاً يطالعها ويطالع يدها الصغيرة المحتفظة بيده .
زفر بقوة بعدما حبس انفاسه …. بعد دقائق حاول سحب يده بهدوء حتى لا تستيقظ ونجح فى ذلك ويرجع الفضل لنومها العميق .
اعتدل لثوانى يطالعها ثم التفت عائداً الى غرفته … دلف يجلس على طرف الفراش يفكر بشرود ..
لماذا هي … لماذا ليست غيرها … هناك الكثيرات غيرها … لما هى التى دخلت هذا الجزء الايسر وتمكنت منه كاملاً واعادته للحياة بعدما تم تدميره !!! .
صغيرة هي جدااا عليه … ابنه صديقه الوحيد وصاحب الفضل الكبير عليه …
عقله يعنفه وقلبه يؤلمه وحالته مشتتة ..
تنهد بعمق ثم قام يخرج ملابس بيتيه واتجه للمرحاض ثم خرج بعد دقائق ووقف يؤدى فرضه ثم تمدد لينام وقد راقت له فكرة سيفعلها غداً .
&&&&&&&&&&
عادر ياسر الى منزله مع ابنه نادر .
صعد نادر شقته فى الطابق الثالث بينما دلف ياسر شقته واغلق خلفه … سيطرت عليه وحدته نظر من حوله للمنزل الذى كان يشع بالبهجة والفرح منذ اشهر قليلة .
كانت تسكنه فتاة مدللة متمردة شغوفة تجعل من كل قطعة اساس حياة … كان اكثر الناس سعادة بها … ملئت الجزء الناقص من قلبه بعد موت زوجته وحبيبته .
ولكن بفعلتها تلك حطمت قلبه كاملاً … احنت ظهره وسط اعداؤه الشامتين … خالفت توقعه وجعلته نادماً على دلاله وحريته التى اعطاها لها .
هربت دمعة من عينه … نعم اشتاق اليها كثيراً … نعم يتمنى رؤية وجهها الذى يعشقه … هى قطعة من روحه … ولكن عليه معاقبتها … عليه التحلى بالصبر والقسوة .
تنهد ودلف المرحاض يغتسل ثم اتجه الى غرفته يتمدد لينام بعدها متمنياً تغيير الاحوال كيفما يشاء الله بكل خير ..
&&&&&&&&&&&
عودة بالزمن ل ١٠ اعوام
فى سوريا الغالية
يقف بدر يطالع شقيقه الصغير بغضب والآخر يخفض رأسه بخجل .
اردف بدر بصلابة _ ولااا يا ازعر ( … حاج تحوص متل الصوص ( بطل لف ودوران ) .
اردف عزام بخوف وانكسار _ اخى بدر والله ما كان بدى … مشان الله لا تزعل منى اخى .
انحنى بدر منه واردف بنبرة تهديدية صارمة _ اسمعنى منيح … اذا شفت مرة تانية هاي الحريقة بإيدك ما حدا بيفلتك منى .
اومأ عزام بخوف مردفاً _ ايييه اخى … آخر مرة اخى ايدي بزنارك (ابوس ايدك ) .
اوقفه بدر ونظر له بقوة ثم اردف بجدية _ اسمعنى عزام … بيكفي حال البلد … ما بدى ينحرق قلبي عليك انت التانى … خليك رجال وابعد عن هالقرف اللى عم يدمر الشباب .
اومأ عزام مردفاً بطاعة _ تكرم عيونك اخى … ما بقى ادخن هالمخروبة تانى … بوعدك .
اردفت فتاة من خلفه بنبرة استعطافية _ خلاص بقى بدر … عزام ما بقى يعيدا .
التفت بدر ينظر لزوجته مردفاً بجدية _ ما تدخلي بيناتنا ريحانة … بدى افهمه ان الوضع ما بيتحمل … والله تعب قلبي
اومأت بتفهم واردفت وهى تربت على كتفه بحنو _ ايه بعرف حبيبي … بس هديلي حالك شوي … تعا لاعملك كاسة شاي بالنعناع تروقك شوي .
هدأ قليلاً وانصرف عزام واتجه بدر بالفعل مع زوجته يجلس شارداً وهى تعد له الشاي .
لاحظت شروده فتسائلت بترقب _ شو فيك بدر … فيه جديد بموضوع مصِر ؟
هز بدر رأسه يردف بقلق _ عم يقول المسئول عن السفرة انى لازم اسافر اضبط حالي واشوف الوضع كيف وبعدين بجى اخودكن .
شردت ريحانة قليلاً ثم اردفت _ ايه لكان يا بدر شو ناطر ؟
نظر لها بتعجب مردفاً باستنكار _كيف يعنى ! … بدك سافر بدونكن ؟! … اتركن هون وسط الحرب يا ريحانة ؟ … لاااا ما بيصير … يا بنسافر كلنا يا بلا .
اقتربت منه تتمسك بكفيه بين يديها مردفة بتحفيز _ اسمعنى بدر … هلا سوريا بتمر بأزمة وحرب … بدنا نخاطر لنسلم … وضعك حساس هون … واذا ضلينا هون اكثر بيكون خطر علينا حبيبي … بعرف ان قلبك محروق على اللى راحوا … وبعرف انك ابضاي (شجاع ) بس لازم تعمل شى … منشان عزام ومرت عمى فوقية ومشان امي واختى يا بدر …
تنهد بعمق واغمض عينه بألم … يخشى القادم … فمعظم الأماكن المحيطة تدمرت بسبب القذائف الغادرة … اصدقاؤه واقاربه طالهم الدمار والموت … امام عينه ودع احبابه .
كأي انسان يريد ان ينجى بعائلته الى بر الامان … حتى انه لا يفكر بحياته ولا يحسب لها حسبان فقط ما يسعى اليه هو الامان لعائلته … فكيف له ان يسافر ويتركهم حتى لو كان من اجلهم ! .
اخرجته ريحانة من افكاره وصراعاته مردفة بتساؤل _ قولي بدر … اديش بدك وقت لتعاود لهون ! … يعنى بتقدر تضبط الوضع في اد ايش ؟
نظر لها بعمق ثم اردف _ ما بعرف ريحانة … انا تواصلت مع اللى بعرفهن هُنيك … الوضع مانه سهل بس بدى اعافر … وهناك بمصر الطهاه السوريين مطلوبين متل ما انتِ بتعرفي .
اردفت ريحانة بأمل داعمة _لكان توكل على الله ابن عمى … استودعنا عند الله وسافر … وردلنا بأسرع وقت .
اومأ بشرود ورأسه يدور بقوة فى كل الاحتمالات الواردة .
&&&&&&&
عودة للحاضر
استيقظ بدر فجراً ينتفض بقوة مردفاً _ لاااااااا .
اعتدل جالسا على الفراش … عاد اليه نفس الكابوس … منذ اشهر عدة وهو لم يراوده … تذكر الغوالي على قلبه .
بكت عيناه بقهر وقلبٍ ممزق على شقيقه الصغير ووالدته وزوجته واهلها .
عائلته بأكلمها ضاعت تحت انقاض الحرب … ليته لم يتركم ومات معهم … ليته عاش نفس اللحظة المرعبة التى عاشوها حين ضربتهم القذائف الغادرة .
اما فى الخارج فقد استيقظت قمر منتفظة ايضاً على صرخته التى سمعتها جيداً .
دب الرعب في قلبها وتجمدت لثوانى قبل ان تستوعب ما حدث … كانت تريد الذهاب اليه والتاكد ان كان هناك خطبٍ ما ولكنها قررت تجاهل الامر والذهاب الى غرفتها .
وبالفعل قامت من مكانها ولم تلاحظ حتى الغطاء الذى فرده هو عليها بل اتجهت الى غرفتها واغلقت الباب وكان شيئا لم يكن برغم انقباض قلبها لاجله .
اما بدر فقام من مكانه بعدما تناول رشفة ماء واتجه للمرحاض ثم توضأ وقد قرر النزول لتأدية صلاة الفجر حاضر فى المسجد الذى يقع فى نفس الشارع .
&&&&&&&&&
فى فيلا الوزير .
يدلف خالد بخطى متعثرة الى الداخل بعدما قضا الليل كاملاً فى احدى النوادى الليلة مع اصدقاء السوء كعادته .
اغلق الباب وكاد ان يصعد لولا نداء والده الصارم حينما اردف _ خااالد .
توقف خالد مكانه والتفت يطالع والده بنظرات واهية بينما تقدم منه شريف واردف باشمئزاز _انت سكران .
اومأ خالد باستفزاز مردفاً _ لأخرى .
وبدون مقدمات قام شريف بصفعه بقوة ادت الى سقوطه ارضاً وصدمته يردف بصراخ وتهديد _ وفرحان اوووى ! … ياريتنى ماكنت خلفت واحد زيك … عيل غيرك كان زمانه شايل الشركة عنى … انما انت واحد ز*** و و**** … انا قرفت منك ومن افعالك انت وامك .
خرجت سناء زوجته على صوته تنظر لابنها بصدمة … اسرعت اليه توقفه ثم اردفت بغضب معنفة زوجها _انت اتجننت يا شريف ! …. ازاي تمد ايدك على ابنى ؟.
اردف شريف بنبرة ساخرة _ هه ايوة يا هانم … دافعى عنه اصله نغة … شحط زيه لما يرجع الفجر سكران بدل ما يبقى نايم دلوقتى علشان يقوم بدرى يشوف الشركة ومصلحته … عايزانى اتصرف ازاي وانا شايف ابنى الحيلة راجعلي بشكله ده … اتصرف ازاي وهو من شهرين كان عاملي فضيحة ولولا انى لميت الموضوع كان زمان سمعتى على كل لسان … وكل ده منك انتى … انتى اللى دلعتيه … ياما قولت واتكلمت وانتى كنتى دايما تصديني وتقوليلي ملكش دعوة به … و ادى النتيجة يا ست هانم … الولد اللى حيلتى باظ .
اردفت سناء باستنكار _ ايوة ايوة … هات اللوم عليا كمان … ارمى الذنب من عليك يا شريف بيه … كنت فين انت وهو بيخرج ويسكر من زمان ! … ها ؟ … يا اما مسافر لصفقات يا اما فى شركتك مشغول … واحنا آخر همك يا شريف بيه … متجبش اللوم عليا لان انت السبب .
نظر لها شريف باستياء واردف _ هي دى الشماعة اللى هتعلقي عليها اخطائك مش كدة ؟ … تمام يا سناء هانم … من هنا ورايح انا عيني على ابنك وعليكي انتى كمان …. وهستنى غلطة جديدة .
ثم نظر لابنه بغضب وتابع _ سامع يا خالد بيه ! … عيني عليك … ومستنيلك غلطة .
قال جملته وتركه واتجه لغرفته بينما ربتت سناء على كتف خالد الذى افاق من شدة الصفعة واردفت _ معلش يا حبيبي …. اطلع انت اوضتك غير واغسل وانا هخلى محسنة تعملك الاكل .
نزع يد والدته وصعد غرفته بغضب وحقد على الجميع واولهم بدر الذى تسبب له فى تلك الفوضى … فمنذ ذلك اليوم ووالده يعامله هكذا .
&&&&&&&&
عاد بدر من صلاة الفجر ودلف شقته … اخذته قدماه الى غرفة المعيشة ليطمئن على مهلكة قلبه ولكنه وجد الاريكة خالية الا من ذلك الغطاء الملقى بشكل فوضوى .
تنهد وخرج ينظر لغرفتها بترقب ثم اتجه لغرفته واغلقها وتمدد على فراشه يستدعى النوم الذى هرب من عيناه بعد ذلك الكابوس المزعج .
فى العاشرة صباحاً
استيقظت قمر بتكاسل … فتحت عيناها ونظرت حولها ثم مدت يدها فى جيبها لتخرج الهاتف فلم تجده .
اتسعت عيناها بزعر واردفت _ يانهار مش فايت الموبايل فين ؟.
فكرت قليلاً قبل ان تركض للخارج دون سابق انذار لتبحث عنه فى غرفة المعيشة .
وصلت الى الاريكة التى تمددت عليها امس وبحث فى ثناياها بقلق وترقب ولكنها تنفست الصعداء عندما وجدته فى ركنها .
اخفته مجدداً فى جيبها وكادت ان تعود ولكنها انتفضت عندما وجدت بدر يقف خلفها يتابعها بصمت .
تلعثمت وزاغت نظراتها ولكنه اردف بهدوء _ يالا علشان تفطرى .
تعجبت من جملته … هل رآها واكتشف امر الهاتف ام لا !!! .
تحمحمت واردفت _ افطر ! … مش جعانة .
مرت من جانبه قاصدة غرفتها ولكنه اوقفها قائلاً _ هتفطرى يا قمر … انا جهزت الفطار .
التفتت تطالعه بحدة واردفت بغضب _ هو ايه اللى هتفطرى يا قمر ! … غصب يعنى ؟ … مش هفطر ولا هيجمعنى بيك اي شئ هنا … ومن هنا ورايح مش هاكل اي حاجة لحد ما توافق على خروجى من هنا … يا اما هموت بقى ووقتها هخرج بردو بس على نقالة .
نظر لها مطولاً بهدوء خارجي عكس داخله المحترق بالنيران مشتعلة … لا يمكنه تحمل اي مكروه يصيبها … لما هى عنيدة هكذا ولما تتعمد ايذاء قلبه .
خطى للخارج متجاهلاً اياها تماماً مما جعلها تستشيط غضباً اكثر وتصرخ من خلفه .
دلف غرفته يحضر هاتفه ثم قام بالاتصال على ياسر الذى اجاب متسائلاً _ ايوة يا بدر .
اردف بدر بترقب _ بدك تعذرنى اخى ياسر … اليوم ما بقدر اجي ع المطعم … حاسس حالي مو ضابط .
تعجب ياسر وخشى ان يكون هناك مكروهاً اصاب ابنته وبدر يخفي عنه … تسائل بقلق _ فيه ايه يا بدر … حصل حاجة عندك ؟
اردف بدر مسرعاً _ لا لا اخى … مافي شى هون … كله تمام … بس بدى ارتاح اليوم .
اومأ ياسر مردفاً بتفهم _ طبعا يا بدر حقك … انت الفترة الاخيرة تعبت جدااا هنا … ارتاح النهاردة بس بكرة لازم ترجع ع المطعم .
اوما بدر مردفاً _ اكيد ان شالله .
اغلق معه وتنهد بعمق بينما فى الخارج اتجهت قمر لغرفتها وتصفحت هاتفها لترى ما ان راسلها ذلك المدعو خالد ام لا .
لم تجد منه اي رسائل فتأفأفت بضجر وارسلت له عبر الواتساب رسالة محتواها ( خالد … انت كويس ! … لما تشوف رسالتى ابقى طمنى ) .
اغلقت الهاتف ووضعته فى جيبها مجدداً ثم اتجهت للخارج … وجدت بدر يجلس على طاولة الطعام يتناول فطوره بهدوء .
نظرت له بغيظ ثم مرت واثناء ذلك اردف هو باستفزاز _ اذا غيرتى رأيك تعالي … فيه هنا برك تحفة .
ابتلعت لعابها فهى جائعة بشدة ولكنها لن تستسلم تلك المرة … عليها ان تخرج بأي وسيلة .
اتجهت لعنده تنظر له بغضب ثم قامت بصب كوب ماء وارتشفته امامه ثم وضعت الكوب بحدة وهى تطالعه وعادت تكمل طريقها الى غرفة المعيشة لتتابع التلفاز .
اما هو فتناول وجبة بسيطة ووقف يضع الاطباق فى مكانها ثم قرر الذهاب اليها مرغماً .
دلف الغرفة متجاهلاً اياها كما فعلت هي … تناول فى طريقه جهاز التحكم الموضوع على الطاولة .
جلس على احدى الارائك ينظر للتلفاز والى الفيلم الاجنبي الذى تتابعه باهتمام … قرر مشاكستها وضغط على جهاز التحكم مغيراً القناة بأخرى رياضية .
انتبهت له ونظرت له بحدة مردفة بفظاظة _ ايه قلة الذوق دي .
تنهد بضيق ولكنه تجاهلها وقرر متابعة المباراة او هكذا ادعى مما جعلها تستشيط غضباً وتردف وهى تمد يدها اليه بتمرد _ هات الريموت .
تجاهلها تماماً وصب كامل تركيزه على المباراة … تقدمت منه حتى وقفت فاصل بينه وبين التلفاز ووقفت تطالعه بغضب .
تنهد ورفع نظره اليها يطالعها بنظرة عميقة وترتها واضاعت حدتها … تحمحمت واردفت مجدداً بهدوء وهى تمد يدها _ هات الريموت عايزة اتفرج ع الفيلم .
مد يده بجهاز التحكم يناولها اياه ولكن قبل تناولها له احكم قبضته عليه فجعل اخذها له مستحيلاً .
نظر لها بتحدى واردف _ هتاكلي ؟! .
نظرت له بعمق قليلاً ونغزها قلبها ولكنها طالعته بغضب مجدداً ثم نفضت يدها بحدة مردفة وهى تغادر الغرفة _ مش واكلة ومش عايزاه اشبع بيه .
دلفت غرفتها واغلقت الباب ثم اخرجت هاتفها وجلست تتصفحه بغضب وتوعد .
اما هو فتنهد مستغفراً وقد قرر متابعة التلفاز والضغط قليلاً عليها حتى يحصل على نتيجة .
انتهت المباراة المعادة ونظر بدر فى ساعة يده وجدها الواحدة مساءاً .
وقف يغلق التلفاز ثم اتجه للمطبخ ليعد وجبة شهية من احدى وجباته وقد اختار وصفة شهية ذو رائحة فواحة فقط ليجاكرها .
اخرج المكونات من الثلاجة وبدأ يحضر ويقطع بكل مهارة وحرفية .
اما هى فظلت حبيسة غرفتها تنتظر رسالة من حبيبها …. معدتها تصدر اصواتاً عالية دليل على جوعها الشديد .
وضعت كفيها على معدتها تضغط عليها مردفة بتأفأف _ اعمل ايه دلوقتى ؟ … انا لو فضلت كدة هيغم عليا .
وصلتها رائحة الطعام الشهية … تعجبت ووقفت لا ارادياً تتبع الرائحة حتى وصلت الى المطبخ وعلمت صانعها ..
كان يواليها ظهره يصب اهتمامه كاملاً باعداد الطعام … اما هى فوقفت تتابعه بتعجب واعجاب … دائما كانت تفعل هذا عندما تذهب الى المطعم … كانت تعشق طريقته فى الطهى وتعد رؤيتها له من اجمل اوقاتها .
نظرت لظهره … طوله فارع وجسده رياضي … شعره غزير ناعم … نعم هو وسيم جداااا ومظهره يوقع قلب اي فتاة من تلك الفتيات زميلاتها فى الجامعة … فهذه كانت مواصفات رجل احلامهن .
ولكنها مختلفة … هى احبت ذلك الشاب الذى اظهر لها الحب والاهتمام … الشاب الذى يناسبها سناً … نعم ملامحه هادئة وجسده ضئيل ولكنّ قناعتها ان الشكل يأتى فى المرحلة الاخيرة …. هى اختارت ما تحتاجه … اختارت من اغرقها بكلام الحب والوعود … سلكت طريق المكر والخداع ويا ليتها انتبهت لذلك المطب الذى اوقعها بل وقفت واكملت سيراً في ذلك الطريق كأن شيئاً لم يكن ..
التفت بدر يحضر شيئاً ما فتفاجأ بها تطالعه بعمق … اردف بلغة سورية متناسياً تماماً الوعد الذى قطعته على حاله _ لشو عم تطلعي ! .
ابتسمت فجأة للحظات قبل ان تخفي ابتسامتها مردفة بعناد وتمرد _ على فكرة انا فاهمة انك بتحاول تخليني أكل وبتعمل مجهود واضح بس احب اقولك انى مش هاكل اي حاجة هنا … يا اما تخرجنى يا اما هفضل كدة لحد ما اموت .
برغم غضبه منها واشتعال نيرانه الا انه تظاهر بالبرود مردفاً _ اللى بياكل على درسه بينفع نفسه .
نظرت له بحنق ثم نظرت الى القدر الموضوع على النار ثم التفتت وعادت ادراجها مغلقة خلفها الباب بقوة .
اما هو فتنهد مستغفراً ثم قام باطفاء النار على الطعام بعدما تعكر صفوه .
مساءاً كانت تشعر بالخمول والدوران … رن هاتفها بوصول رسالة … اسرعت بتصفحها فوجدتها من خالد محتواها ( حبيبتى انا بخير … طمنيني عملتى ايه ! … هتعرفي تخرجي ! ) .
ارسلت رداً محتواه ( خالد قلقتنى عليك … كنت فين من امبارح ؟ … انا بحاول يا خالد ومن امبارح مأكلتش اي حاجة … بس هو مش سائل يا خالد ولا همه … شكلي كدة هيغم عليا وقتها بقى هخرج من هنا على المستشفي ) .
رد الأخر برسالة مندهشاً ومتجاهلاً لحالتها (فكرة هايلة يا حبيبتى … وقتها ابعتيلي العنوان وانا هاجى اخدك من هناك ومن غير ما يحس ) .
تعجبت من رسالته قليلاً … لما لا يشعر بالقلق تجاهها ! … ارسلت رداً مختصراً ( تمام ) .
اغلقت الهاتف وتمددت على الفراش تفكر … جسدها مرهق وعقلها لا يعمل بشكل صحيح .
دقات على باب غرفتها جعلتها تنتبه … تنهدت ووقفت متجهة للباب … فتحته واردفت بحدة _ خير ؟
اردف بنظرة حادة وترقب _ عايزة تخرجي ! … البسي يالا .
اتسعت عيناها واردفت بفرحة ظاهرة _ بجد ! … هتخرجنى من هنا ؟
عصف قلبه بمجرد سعادتها وكاد ان يبتسم ولكنه ادعى الصلابة مردفاً _ البسي يالا .
تركها وغادر واغلقت هى الباب تقفز راقصة بسعادة …
اسرعت الى هاتفها ترسل رسالة الى خالد محتواها ( خالد بدر وافق يخرجنى … انا هلبس وانزل واول ما اعرف هنروح على فين هبعتلك رسالة فوراً ) .
اغلقت وقامت باخراج ملابس مناسبة ارتدتها سريعاً ووضعت فى حقيبتها بعد المستلزمات الهامة وقبل ان تخرج اتاها الرد (تمام يا حبيبتى هستناكى
) .
ابتسمت بسعادة فأخيراً سيتحقق حلمها وستحصل على حريتها التى سلبها منها والدها وهذا البدر وهذا العقد الباطل .
خرجت من غرفتها وجدته يتطلع لملابسها بانزعاج مردفاً بنبرة اخافتها _ ادخلى غيري هدومك واعدلي حجابك ودارى شعرك .
طبعها المتمرد كاد ان يعترض ولكنها تعلم بأن حينها لن ترى الخارج لذلك عادت لغرفتها بصمت وقامت بتغيير ملابسها بأخرى محتشمة
خرجت بعد دقائق تطالعه بحدة فبادلها ببرود ثم اتجه ناحية الباب وهى خلفه بسعادة ولكن قبل ان يفتحه مد يده يردف بثبات _ هاتى الموبايل .

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية خسوف)

اترك رد