روايات

رواية في حي الزمالك الفصل الثامن و العشرون 28 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك الفصل الثامن و العشرون 28 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك البارت الثامن و العشرون

رواية في حي الزمالك الجزء الثامن و العشرون

رواية في حي الزمالك الحلقة الثامنة و العشرون

حَجَّرَ القَمَرُ 🤎🦋✨

‘بقى هو ده اللي أنتي مشغولة بيه يا أفنان هانم؟!!’

نظرت أفنان إلى رسالة رحيم ببلاهة، لم تفهم ما الذي يتحدث عنه، هي غاضبة منه والآن هو من يعاتبها؟!

فتحت أفنان الرسالة لترى ما الذي يتحدث عنه رحيم، لتجد أنه كان ردًا على الحالة التي قامت بنشرها والتي ظهرت فيها عبارة ‘قرينا الفاتحة’
وبعض الزينة واسم نوح لكن الصورة لم تتسع لإظهار اسم ميرال كذلك.

‘أنت بتقول أيه أنت؟’

‘معقول العروسة فاضية ترد عليا بنفسها ولا حد هو اللي بيكتبلك؟’

كانت السخرية تفوح من حديث رحيم، حدقت أفنان في الشاشة لثوانٍ وقد استوعب عقلها أخيرًا ما يحدث، رحيم يظن أنها العروس؛ ذلك المُغفل ظن أنها ستتزوج نوح بالرغم من أنه يعرف تمامًا مدي استياء أفنان منه وأنه لا تعتبره سوى أخ؛ أخًا أخرق، تنهيدة غادرت فم أفنان قبل أن تُرسل له الآتي:

‘عروسة أيه وجاموسة أيه اديني فرصة أشرحلك يا بني آدم أنت؟’

‘أنتي شايفة أن الموضوع محتاج شرح؟’

‘رحيم هعملك بلوك.’

‘اتفضلي قوليلي هتقوليه أيه مُبرر يعني؟’

‘مبدأيًا اسمها هتبرري ازاي، وبعدين يا مُغفل أنتَ أنا فعلًا مشغولة بقراية الفاتحة النهاردة.’

‘وبتقوليلي عادي بكل سهولة كده؟’

‘في أيه هو أنت كنت كاتب عليا؟ وبعدين أصلًا دي قراية فاتحة أختي ميرال!!’

‘أنتي بجد شايفه أن الموضوع ينفع تكدبي فيه؟’

‘أكدب في أيه يا ابني! أنا مش بكدب.’

‘واسم نوح اللي مكتوب ده ايه؟ ولا أنا اتعميت؟!’

‘لا إله إلا الله، ما طبيعي اسمه يبقى مكتوب عشان هو العريس، أختي هتتقري فتحتها على نوح النهاردة.’

‘خلاص خلصت خناق وأقتنعت؟ خليك بقى في البت الصايعة اللي أنت متصور معاها دي.’

أرسلت أفنان الرسالة ليقرآها رحيم في نفس الثانية، أخذ بعض الوقت لإستيعاب عما تتحدث هي لكن قبل أن يجد ردًا على حديثها سبقته أفنان وقامت بحظر رقمه على تطبيق ‘واتس أب’ ، لم تمر سوى دقيقة واحدة قبل أن تجد أفنان رحيم يهاتفها، تسارعت نبضات قلبها ولم تدري ماذا تفعل؟ هل تُجيبه في الخفاء داخل الشرفة أم تتجاهله؟ حتى وإن أجابت فإن نوح قد يصل في أي لحظة؛ استغرقت بضع ثوانٍ قبل أن تقرر الرد على مكالمته وتوبيخه، لكن لماذا ستفعل من الأساس؟ فما فعله لا يخصها بتاتًا.

“أفنان Did you really block me ‘هل حقًا قمتِ بحظري’ ؟!”

سأل رحيم بنبرة مستنكرة لكن أفنان لم تهتم كثيرًا بما قاله فلقد ذابت بالفعل بسبب نبرته صوته وتلك الكلمات الإنجليزية التي تنساب من بين شفتيه، ساد الصكت لبرهة قبل أن تُيجبه أفنان بإنفعال وهي تضع يدها أمام فمها كي تُخفض من صوتها قليلًا وهي تُردف:

“اه عملتلك بلوك مش عاجبك ولا أيه؟”

“لا مش عاجبني، ممكن أعرف ليه بقى؟” تحدث رحيم بهدوءه المعتاد ولكنه زفر بضيق في نهاية حديثه، لكن أفنان تحدثت إليه بإنفعال نسبي وهي تسأله بإستنكار:

“أنت هتستهبل يالا؟ نازل تحقيق معايا في حوار نوح وأنت عامل كارثة أكبر.”

“كارثة أيه اللي عملتها؟ أنا مش فاهم حاجة خالص.”

“بص خلاص فكك يا رحيم أنا كده كده مليش دعوة أصلًا، ربنا يوفقك في حياتك يلا غور بقى.”

“أفنان! لو سمحتي فهميني أيه اللي حصل؟ على فكرة عيب أوي أفضل اسألك بأدب كده وأطلب منك تفسير وأنتي تردي عليا بالإسلوب ده.”

نبس رحيم بنبرة مستاءة لم تسمعها أفنان من قبل، عضت على شفتيها لشعورها بالذنب فهي دومًا ما تتحدث إلى رحيم بالإسلوب ذاته وبنفس النبرة الساخرة وكان يتقبل هو ذلك لكنها لم تدري لما لم يفعل الآن؟ لم تُعلق أفنان على ما قاله لأنه لا يوجد رد من الأساس، تنهد هو بصوتًا مسموع قبل أن يقول:

“أنا أسف لو كنت أنفعلت.. عمتًا لو مش عايزة تتكلمي براحتك أنا مش هجبرك على حاجة أكيد.”

“متتأسفش أنا اللي زودتها شوية، عمتًا أنا كنت هعلق على حاجة كده وبعدين أدركت أنها حاجة متخصنيش من الأساس، معلش يا رحيم أنا لازم أقفل عشان نوح جيه.”

تفوهت أفنان بصدق وهدوء غير مُعتاد منها لكن سرعان ما تحولت نبرتها إلى نبرة متوترة حينما لمحت سيارة نوح تقترب لتقف أسفل منزلهم، أنهت المكالمة سريعًا مع رحيم والذي بالرغم من أنه أصبح على درايه تامة أن نوح سيقوم بخطبة شقيقتها إلا أنه أصابه الغيظ حينما قالت ‘لازم أقفل عشان نوح جيه’.

أطلقت أفنان زغرودة عالية ليرفع نوح رأسه نحو الشرفة ويمنحها ابتسامة واسعة قبل أن تفعل مريم المثل وتُزغرد هي ايضًا كي يعلم الجيران وأهل المنطقة أن هناك احتفالًا عندهم، غادرت أفنان الشرفة لتجد والدها في وجهها مباشرة ينظر نحوها نظره هادئة لكنها بدت غير مُريحة بالنسبة إليها.

“كنتي بتكلمي مين؟”

“أنا.. كنت.. طيب ممكن نأجل كلام في الموضوع ده بعد قراية الفاتحة عشان هما خلاص عالسلم؟”

“ماشي يا أفنان، ياريت متتهربيش بس.”

أومئت أفنان وهي تشعر بأن قلبها على وشك أن يتوقف، ستعترف لوالدها الليلة بأمر رحيم وستُخبره بالتفاصيل كاملة لكن لتنهي أولًا زيارة نوح وأسرته وأحتفال اليوم، قام والدها بفتح الباب ليبدأ سيل من الترحيب والمباركة ينهمر على الجميع، كان نوح يخطف بعض النظرات نحو أفنان التي كانت ترتدي تنورة طويلة باللون الأسود وكنزة باللون الأسود كذلك مع وشاح رأس باللون الوردي الزاهي، لقد بدت جميلة في نظره؛ لاحظت مريم ما يحدث فنكزت نوح في كتفة بخفه لينتبه لنفسه ويحمحم ثم يسأل:

“أومال فين العروسة؟”

“طب مش تستنى لما نخلص اتفاقات ونقرأ الفاتحة؟”

“ما أحنا هنتفق يعمو مش عايز حضرتك تقلق خالص.”

“خلاص قومي يا رانيا هاتي العروسة تسلم على عريسها.”

أومئت والدة أفنان بسعادة قبل أن تتجه نحو الحجرة لتُحضر ميرال بينما بقيت صديقتيها بالداخل لحين الإنتهاء من الإتفاقيات التي ستتم، كانت يد ميرال باردة ترتجف من شدة التوتر وهي تحترق شوقًا لرؤية تعابير وجه نوح حينما يراها في ذلك الثوب وبالفعل بمجرد أن وقعت عيناه عليها لمعت عيناه البُني واتسعت ابتسامته وهو يُلقي عليها التحية.

“أنا بقول نخليه كتب كتاب على طول.”

أردف نوح ممزاحًا ليضحك الجميع عدا أفنان التي أكتفت بإبتسامة مُصطنعة وهي تنظر نحو نوح بعدم إرتياح، بينما ابتسمت ميرال بخجل شديد وهي تتحاشى النظر إلى نوح الذي تحول فجاءة من ابن خالتها وبمثابة أخًا لها إلى حبيب وزوج مستقبلي.

بعد مرور بضع دقائق طلب والد أفنان من الثلاثة فتيات أن يذهبن إلى حجرة أفنان وشقيقتها كي يتسنى للكبار الإتفاق ووضع الشروط، كان نوح مُطيعًا في كل ما قيل وفي الوقت ذاته لم يطلب والد ميرال العديد من الطلبات فهو لم يكن شخصًا يهتم كثيرًا بالماديات لكن أكثر ما يهمه هو سعادة وراحة ابنته في النهاية، فما الإستفادة من منزلًا فخم وأثاث راقي داخل بيت هش خالي من الحب والتفاهم؟!

“رانيا نادي عالبنات من فضلك عشان نقرأ الفاتحة.”

“معلش يا عمو ممكن استأذنك لما نخلص قراية الفاتحة أخد طنط وأفنان وميرال عشان ننزل نجيب الشبكة النهاردة بالمرة.”

“تمام يا حبيبي زي ما تحبوا لو ميرال معندهاش مشكلة وأنت تعرف صايغ كويس يبقى خير البر عاجله.”

انتهت مراسم الإحتفال سريعًا وقد توجه الجميع لمحل صائغ في منطقة قريبة منهم لشراء الذهب لكن والد ميرال وصديقتيها لم يرافقهم، كانت ميرال تشعر بالحيرة اثناء أختيارها لخاتم الزواج بل وسائر الحُلي فهي شخصية مترددة بشكل عام وقد ازداد ترددها أضعافًا مضاعفة في هذا الموقف، في النهاية ابتاع لها نوح خاتم الزواج ‘دبلة’ ومحبس وسلسلة رفيعة.

“معلش يا ميمي كان نفسي أجبلك أكتر من كده بس أنتي عارفة الظروف.”

“متقولش كده أنا مبسوطة أوي بالحاجات اللي جبتها وكفاية أنها منك، وبعدين أنا أصلًا مش بحب الدهب أوي.”

“ما أنا عارف.” علق نوح بثقة لتنظر نحوه أفنان وقد ارتسمت ابتسامة جانبية على شفتيها، ففي الغالب نوح لم تكن عنده تلك المعلومة لكنه قال ذلك كي لا يبدو سيئًا أمام ميرال.

“كان نفسي نخرج سوا النهاردة بس الوقت يعتبر اتأخر بس هعدي عليكي بكرة إن شاء الله عشان نقضي اليوم سوا.”

“تمام بس نستأذن بابا الأول.”

“أكيد طبعًا.”

عادت أفنان أخيرًا إلى المنزل بعد أن قام نوح بإيصالهم، لقد كان يومًا طويل وشاق، لم يتذكر والد أفنان في ذلك اليوم أن يسألها عن مُكالمتها المُريبة بل وتصرفاتها المُريبة بشكل عام في الآونة الأخيرة.

مرت ثلاثة أيام من الهدوء التام، نوح لا ينفك يتحدث إلى ميرال حينما تكون في المنزل وقد أخذها في موعد مرة واحدة، كانت أفنان منشغلة بالجامعة ولحُسن حظها أنها لم ترى نوح في تلك الأيام، لم تتحدث إلى رحيم منذ أن أخبرته أن يُنهي المكالمة لم يُحزنها الأمر كثيرًا بسبب الجامعة فهي تلتهم وقتها وصحتها؛ كان ذلك حتى يوم الخميس حيث أُرسلت رسالة على المجموعة الخاصة بالتدريب:

“مساء الخير يا شباب، الشهادات جاهزة ممكن تشرفوا في أي وقت تستلموها.”

قرأت أفنان الرسالة التي أرسلها رحيم وشعرت بغصه في حلقها، إنها تفتقده كثيرًا لكن في الوقت ذاته لا تود رؤيته ومؤكد إن كانت ستذهب إلى الشركة بنسبة تسعة وتسعون بالمئة ستراه هناك، كما إنه إن كان متفرغًا لكتابة تلك الرسالة فلما لم يُرسل لها ولو كلمة ‘مرحبًا’.

أما عن رحيم فقد أرسل الرسالة ثم أغلق هاتفه ليرى في شاشته إنعكاس الفضولي الذي كان ينظر نحو هاتفه، يبتسم رحيم بسخرية وهو يُردف:

“تحب تكتب أنت مكاني طيب؟ أو أوقولك اتفضل الموبايل خالص لو مثير أوي بالنسبالك.”

“كرفتلها أنت صح؟ جدع.”

“أنا مش عارف معنى الكلمة بس حاسس أني عملت اللي أنت تقصده ده، هي آخر مرة أتكلمنا كانت طريقتها غريبة ومفهمتش منها حاجة وهي محاوتش تفسر فقفشنا.”

“طب كويس، الحاجات دي بتعمل suspense ‘تشويق’ كده بين المرتبطين.”

“أحنا مش مرتبطين!” تمتم رحيم بصوت منخفض نسبيًا وهو يحك ذقنه التي قد ازدادت طولًا مؤخرًا وأصبحت بحاجة إلى التهذيب، ساد الصمت لبعض الوقت قبل أن يقطعه أنس وهو يسأل رحيم الآتي:

“مفيش أخبار عن أروى؟”

“لا، بس إن شاء الله هتتحسن متقلقش المستشفى دي كويسة جدًا والدكاترة المسئولين عن حالتها كانوا صحابي.”

“طيب ممكن أعرف ليه بيدوك أنت ال updates ‘التحديثات/المقصود هنا آخر الأخبار’ ؟”

“عشان لو حصل حاجة أنت هتنهار أو هتندفع بزيادة وفي الحالتين مش هتعرف تتصرف لكن أنا هتصرف بحكمة أكتر.”

أجابه رحيم بسلاسة وهدوءه المُعتاد ليلتفت إليه أنس بقلق وهو يسأل بتردد خشية سماع الإجابة:

“هو في حاجة وحشة هتحصل؟”

“هندعي أنه لا، لكن أنت عارف كل شيء وارد.”

“الهدوء بتاعك في موضوع زي ده مش في محله.”

“الهدوء هو الحل الأنسب لكل المواقف وكل الأوقات يا أنس، المهم أونكل فريد عرف اللي حصل؟”

“مش دريان بحاجة، هو واعي لنفسه أصلًا لما هيركز مع أروى؟ من يوم الحادثة وهو راميها في المستشفى وعمره ما فكر يزورها.. ما علينا، غير الموضوع بقى.”

تمتم أنس بضيق قبل أن يتمدد على الاريكة بتملل لينظر نحوه رحيم بآسى ثم يرسم ابتسامة صغيرة على فمه وهو يسأله الآتي:

“حاضر.. صحيح أنت شوفت الصورة اللي أتعملي Tag ‘إشارة’ فيها؟”

“شوفت، أنا مش عارف أنت ليه وافقت تقعد معاها لا ومش قاعدة بس دي خدتك حضن مطارات يا ابني.” علق أنس ساخرًا لينظر نحوه نوح وهو يضيق عيناه بعدم فهم ليزفر أنس بضيق قبل أن يُردف:

“حضن كأنك وحشتها أوي يعني.”

“مش يمكن أكون وحشتها فعلًا؟”

تفوه رحيم ليرمقه أنس بحده وهو يستقيم من نومته على الأريكة ويقترب من الجالس على السرير بينما يضع كلتا يديه على كتفه وهو ينظر إلى داخل عيناه مُردفًا:

“رحيم.. أبوس أيدك فوق وركز معايا! اللي حصل زمان ده مينفعش يتكرر تاني! وبعدين مش أنت دلوقتي عندك قطة جديدة.”

“قطة؟ مامي مش بتسمح نربي قطط عشان مش بتحبهم بس عندي puppies ‘جراء’.” صفع أنس نفسه وهو يلعن أسفل أنفاسه اليوم الذي قرر فيه أن يُرافق فتى لا يستطيع فهم جملة واحدة كاملة باللغة العربية.

“أنا بتكلم عن أفنان، مش أنت مُعجب بيها وعاشق ولهان والحب ولع في الدرة وكده.”

“مُعجب بيها اه، عاشق؟ مش شايف أنه لسه شوية على الكلمة دي؟ وبعدين أفنان حاجة و.. ناتالي حاجة تانية خالص.” نبس رحيم بهدوء وقلق من ردة فعل أنس الذي نظر نحوه بضيق قبل أن يُردف بنبرة حادة:

“حتى لو مش معجب بأفنان، نحط أفنان على جنب بس ناتالي لا يا رحيم لا، بس صاحبة ناتالي اه عشان جامدة بصراحة.”

كان يتحدث أنس بجدية وحزم لكن سرعان ما تحولت نبرته إلى المُزاح ليقلب رحيم عيناه بتملل قبل أن يُعلق ساخرًا:

“يا ابني هو أنت كنت مسافر عشان أروى ولا عشان تصيع مع أي بنت تقابلها؟!”

“أكيد عشان أروى، بس بصراحة بنات أوروبا وحشوني.”

“كنت فكراك بتحب الملامح العربية زيي.”

“اه ما أنا بحبها برضوا، بحب الأتنين وبحب أي تاء مربوطة، وبعدين ثواني ملامح عربية أيه اللي أنت بتحبها دي؟ أومال ناتالي دي أيه إن شاء الله؟ وليان؟ وكارلا؟ و…”

“بس خلاص!!! كده هنخلص السجل كله، وبعدين أنت بتتكلم في حاجات قديمة.”

“ناتالي حاجات قديمة؟”

“بقولك أيه يا أنس روح شوفلك حاجة تعملها وسيبني في حالي دلوقتي… ثواني كده! أنا عرفت أفنان متضايقة ليه.”

“ليه يا عم المفتش كونان؟”

“أكيد شافت صورتي مع ناتالي واتضايقت وكانت هتتخانق معايا بس لقت أن ملهاش دخل أصلًا بالموضوع فسكتت.”

“ما شاء الله عليك بتكتشف الغامض والمثير، لا ثواني الغامض بس عشان المثير قاعد قدامك.”

“أنت فعلًا مثير، بس للشفقة.” علق رحيم بسخرية ليقذفه أنس بُعلبة المناديل الورقية، تأتي الخادمة لتُخبرهم أن موعد الغداء قد حان فيطلب منها رحيم أن يتناولا الغداء وحدهما في حجرة المعيشة.

“أنا مش عارف غداء أيه ده اللي الساعة 2 الضهر!”

“أنس كُل وأنت ساكت، على أساس بيفرق معاك مواعيد أوي ما أنت كده كده بتفضل تاكل!”

“بصلي بقى اللقمة اللي بتطفحهالي! وبعدين ما أنا ياما أويتك في بيتي وأكلتك وشربتك على حسابي يا ناكر الجميل!”

“بعيدًا عن العبث اللي أنت بتقوله ده، عايز اسألك سؤال وتجاوب عليا بجد.”

“استر يارب، اطربني.”

“أنس عمرك فكرت تتجوز؟” سأل رحيم سؤال غير متوقع تمامًا ليسعل أنس بقوة نتيجة ابتلاعه الطعام بطريقة خاطئة، يمنحه رحيم كوب الماء بينما ارتسمت على ثغره ابتسامة جانبيه فلقد توقع ردة فعل صديقه تلك.

“لا طبعًا! وأنت فكرت يا سي رحيم؟”

“اه.”

“كداب، أنت رافض تتجوز.”

“أنا رافض طريقة الجواز اللي مامي عايزاني اتجوزها، رافض العروسات اللي مامي بتجبهم لكن فكرة الجواز والإستقرار مش مرفوضة بالنسبالي.”

فسر رحيم بجدية لينظر نحوه أنس بإنتباه لكنه ينفجر ضاحكًا حينما يقول رحيم كلمة ‘عروسات’ لينظر نحوه رحيم بضيق فيحمحم أنس ثم يُردف:

“بغض النظر عن عروسات دي، بس أنا بصراحة عمري ما فكرت في حوار الجواز ده خالص.”

“مش كنت هتتجوز مونيكا؟” سأله رحيم بسخرية ليبتسم أنس ثم ينبس بالآتي:

“يعم كنت بصيع عليك، أنا بصراحة إنسان مهمل ومتهور ومش بحسبها مقدرش أتجوز واحدة وأربطها بيا وأنا أساسًا مش مستقر.”

“عندك حق، لكن أنا شايف أنك محتاج يبقى عندك بيت وواحدة تهتم بيك، أنت مفتقر للحنان يا أنس.”

“أيه يعم رحيم الذُل ده؟ وبعدين أيه نبرة الصعبنه دي محسسني أني بعرج قدامك.”

قهقه رحيم على حديث أنس قبل أن ينتقل بالحديث إلى موضوعًا آخر وهو يقول:

“بقولك أيه، عرفت آخر الأخبار؟”

“خير إن شاء الله.”

“عارف الدكتور اللي اسمه نوح، اللي محدش طايقه ده، معرفش بصراحة ال HR ‘موظفو الموارد البشرية’ قبلوه ازاي.”

“اه الواد الكِلح ده! مش ده اللي بيخرج مع القطة بتاعتك؟ ماله؟”

“بالضبط كده، نوح ده يبقى ابن خالة أفنان وهو على طول بحسه بيحاول ي Flirt ‘يغازلها’ وعلى طول متضايق من تعاملي معاها.”

“ما هو باين أوي أنه بيرسم عليها، مش محتاجة ذكاء.”

“فعلًا، I totally agree with you ‘اتفق معك تمامًا’ ، لكن نوح ده عمل حاجة غريبة جدًا، راح خطب أخت أفنان.”

سرد رحيم ما حدث بينما كان أنس يرتشف من كوب المياه الموضوع أمامه، يسعل أنس بقوة قبل أن يسأل بإستنكار:

“أفندم؟! أيه العك ده؟”

“مش عارف! أنا الأول اتعصبت جدًا عشان كنت فاكر أنه بيخطبها هي ولكن طلع بيخطب أختها!”

“الحوار ملغبط خالص، بقولك أيه ما تطلع نفسك من أفنان وحوارتها دي.. أنا عارف أنها مبهرة بالنسبالك عشان مختلفة عن كل البنات اللي اتعاملت معاهم لكن الإبهار ده شوية وهيخلص فمدخلش نفسك في دوشة.”

“تفتكر؟” سأله رحيم وهو يُريح ظهره على الأريكة بينما يُعيد خصلات شعره السوداء نحو الخلف بينما يُفكر، هل حقًا مشاعره تجاه أفنان هي مجرد إنبهار وفضول؟ أي أنه لو استمر في التحدث إليها فإنه سيُصاب بالملل وتصبح علاقتهم فاترة؟! لم يجد إجابة عن أسئلته لكنه قرر أن يُقابلها مجددًا على أي حال فإن حياته هادئة وساكنه للغاية دون صخبها.

في صباح يوم الثلاثاء استيقظت أفنان على صوت والدها العالي نسبيًا وهو يتحدث في الهاتف، فهمت من مجرى الحديث أنه يتحدث إلى عمتها والتي بالطبع غاضبة بسبب إخفاءهم لأمر قدوم نوح لطلب ميرال للزواج، وبكل تأكيد جدتها ايضًا غاضبة كذلك لأنهم يظنون أن على أسرة أفنان أن تُشاركهم في كل شيء لأنهم فعلوا المثل، لكن ما لم يستطيعوا فهمه هو أنهم يحبون الثرثرة ومشاركة العالم كله أخبارهم وذلك يخصهم وحدهم وألا ينتظروا من أسرة أفنان فعل المِثل.

“صدقيني الموضوع جيه فجاءة أنا لاقيت الولد جاي ومعاه مامته وأخته وعايزين يقرأو الفاتحة، المفروض أطردهم يعني؟ وبعدين أنا كنت قايل للحاجة… هو أنا هاخد الإذن منك يعني؟ تمام سلام.”

غادرت أفنان حجرتها بهدوء وهي تقف خلف والدها الجالس على الأريكة وهو يتنهد بحنق، رفعت أفنان رأسها لتنظر نحو ساعة الحائط لتجد أن الساعة السابعة صباحًا، هل هناك شخصًا عاقل يُعاتب أحدهم في السابعة صباحًا!!!

“صباح الخير يا بابا.”

“صباح الخير يا حبيبتي، ممكن تجبيلي علبة الدواء بتاعتي من جوا وكوباية ماية من فضلك.”

“من عنيا يا حبيبي، أنت تعبان ولا أيه؟”

سألت أفنان وهي تهرول نحو الحجرة ثم تعود سريعًا لتمنح والدها دوائه وهي تسب من داخلها عمتها وجدتها وأي شخص يؤثر على صحة والدها! كان الحزن باديًا على وجه والدها والتعب كذلك، أقتربت منه أفنان لتعانقه عناق دافئ وهي تُردف:

“معلش يا بابا، أنا عارفة أن كل الناس بتضغط عليك بس صدقني مفيش حاجة مستاهلة أنك تزعل عشانها وتسيبها تأثر على صحتك.”

“حاضر يا حبيبتي، أنا كويس متقلقيش.. يلا قومي شوفي وراكي أيه عشان متتأخريش على الكلية.”

أومئت أفنان وطبعت قبلة على رأس والدها قبل أن تتجه لتُبدل ثيابها، ترتدي أول ثوب يقع في يدها دون أن تهتم كثيرًا لتناسق الألوان فلن ترى أحدًا اليوم سواء زملاء الجامعة والذين يأتون بنفس هيئتها تلك فلقد أتلفت الكيمياء آخر خلايا عقلهم، وصلت أفنان الجامعة متأخرة خمسة دقائق لم تُتعب نفسها وتركض ففي الغالب نوح لن يسمح لها بالدخول، اتجهت نحو المعمل بخطوات هادئة تمامًا لينظر نحوها بطرف عيناه وقبل أن يتفوه بحرفًا واحد تقاطعه هي:

“خلاص يا دكتور من غير ما تتعب نفسك أنا خارجة تاني.”

“لا أتفضلي يا دكتورة، النهاردة استثناء عشان المترو كان عطلان.”

دلفت أفنان نحو الداخل بإنبهار شديد، نوح يتعامل اليون بلطف وهدوء شديد على غير المعتاد! مؤكد أن هناك شيئًا خاطئ في الأمر، لم تشغل أفنان بالها كثيرًا واتجهت للجلوس في أول مقعدًا فارغ تجده أمامها، أنهت أفنان يومها في الثالثة عصرًا وأثناء سيرها جهه باب الجامعة أوقفها صوت نوح وهو يُردف:

“لو مش وراكي حاجة تاني تعالي أوصلك للبيت.”

“لا شكرًا وفر البنزين ده لخطيبتك هي أولى بيه.”

قالت أفنان بنبرة ساخرة وهي تُغادر سريعًا قبل أن يُلح نوح عليها، كانت الشوارع مزدحمة لذا قررت أفنان أن تسير من شارع مختصر حتى تصل إلى مكان ‘الميكروباصات’ التي تمر بالقرب من منزلها.

“لا بس روعة ال Technicolor ‘كانت موضة يتم فيها ارتداء ثياب بألوان مختلفة سويًا’.”

تمتمت أحدهم بصوت رجولي بالقرب من أفنان لتلتفت وهي تنوي ركل أيًا كان ذلك الشخص لكن قبل أن تفعل أدركت أنه لا أحد يضع كلمات إنجليزية في كل كلمة يتفوه بها سواه هو… رحيم!

ذلك الأحمق يسخر من عدم تناسق ألوان ثوبها، لقد اختار أكثر يوم تبدو غير مُرتبة فيه ليظهر لها مجددًا.

“بسم الله الرحمن الرحيم! أنت طلعت منين يا عم أنت؟”

“مبتسأليش فقولت اسأل أنا.”

“محسسني أننا مهاجرين، أحنا لسه مهزقين بعض في التليفون من كام يوم.”

“في الواقع أنتي اللي هزقتيني.”

“صح، أنت كده كده معندكش ال Option ‘خيار’ ده.”

“اه عشان أنا مؤدب ومش بتكلم مع البنات بإسلوب tough ‘شديد/عنيف’.”

“ما علينا أيه اللي جابك برضوا؟ وأيه اللي موقفك في الشارع كده فين عربيتك؟”

“ما أنا قررت النهاردة أني أتخلى عن العربية وأتمشى معاكي.”

“ءأيه ده هتروح مواصلات زيي؟!”

“مواصلات أيه بس! لا طبعًا ال Driver ‘السائق’ هيجي ياخدني بالعربية لما نخلص تمشية.”

“أنا قولت برضوا، ما علينا ها أرغي.”

“تعالى نتمشى طيب بس في شارع برا بدل ما نتسرق.”

“قصدك بدل ما تتثبت زي المرة اللي فاتت.”

“صحيح يا أفنان أنا ملاحظ أن ال Self defines ‘الدفاع عن النفس’ عندك كويس جدًا، أنتِ أتعلمتي فين؟”

“أقولك ومتضحكش عليا؟”

“على حسب.”

“لا ما هو هتضحك هكسرلك صف سنانك! المهم بص يا سيدي وأنا صغيرة أنا وميرال بابا جيه في فترة وكانت ظروفنا المادية كويسة فبابا قرر يشتركلنا في نادي وسأل كل واحدة فينا عايزة تدرب أيه وكده، ميرال اختارت بالية وأنا اختارت كاراتيه.”

“عدوانية من وأنتي طفلة؟ Impressive ‘مثير للدهشة’.”

“اه يا روش، وبعدها بفترة وقفنا التدريبات وكده، وبعدين لما كبرت شوية في ثانوي تقريبًا كنت بتعرض لمعاكسة كتير أوي ورخامة وكده فقررت أحوش من مصروفي وانزل أتعلم Boxing، بس كده هي دي الحكاية.”

“أنا حقيقي منبهر وفخور بيكي، بغض النظر أني كنت هضرب يعني قبل كده بس شيء لطيف أنك يكون عندك القدرة على الدفاع عن نفسك؛ يعني مش مستنية حد يدافع عنك، بس صدقيني طول ما أنا جنبك مش هسمح لأي حد يقولك كلمة ولا حتى يبصلك بصة مش حلوة، همحيه من على وش الأرض.”

“يا عم بقى ده أنت كنت متثبت.”

“أنتي بتشكي في قدرتي على حمايتك؟”

“أيه ده أنت قفشت ولا أيه؟ أنا بهزر.”

“لا مش بتهزري، أظن في فرق بين أن يكون في حرامي ماسك pocketknife ‘مطواة’ وموقفني في مكان فاضي في حتة معرفهاش وبين أني أكون معاكي وواحد يفكر يعاكسك، للدرجة دي شايفاني ضعيف؟”

“أنا مش قصدي والله أنا كنت بهزر بجد، وعارفة أنك هتدافع عني قصاد أي حد عشان أنت عملت كده أكتر من مرة فعلًا.”

“خلاص سامحتك عشان أنا قلبي كبير.”

“اه طبعًا ويساع من الحبايب ألف مش كده؟”

“قصدك أيه؟”

“مقصديش.”

“صحيح أنتي قولتيلي أن أختك هتتخطب لنوح ده.”

“اه، عملنا قراية فاتحة كده وجبنا الشبكة.”

“يعني كده اتخطبت ولا أيه مش فاهم؟”

“لا كده اتفقنا عالتفاصيل ولسه هنعمل حفلة خطوبة بقى.”

“طب وأنتي مش هتعزميني على ال Engagement party ‘حفل الخطوبة’ دي؟! ده حتى عيب يعني.”

“أنت عبيط يا رحيم ولا أيه؟!! أعزمك فين!! وبعدين Engagement party محسسني أننا هنعملها في الهيلتون، ده أحنا هنعملها في صالة بيتنا!!”

“يعني مش هتعزميني؟”

“لا يا رحيم لا، قال أعزمك قال! أحنا فين هنا؟ في لندن!”

“شكرًا أوي على ذوقك، هي أمتى أصلًا؟”

“كمان أسبوعين إن شاء الله.”

“طب أنتي هتيجي تستلمي الشهادة أمتى؟

“مش هعرف اجي خالص الاسبوعين دول عشان هبقى مشغولة في الكلية ومع ميرال وماما، ما تستجدع معايا وتجبهالي أنت بما أنك رايح جاي عالكلية.”

“لا تعالي خديها انتي؟”

“ليه السماجة طيب؟”

“عايز اشوفك تاني، أظن أن دي حجة مناسبة عشان نتقابل.”

“أيه ده؟ أيه ده؟ مين قال أني بتحجج عشان نتقابل!”

“مش أنتي، أنا.”

“اه أصل مفيش حاجة بينا تخليني أتحجج عشان أقابلك، أنت اللي كل شوية تنطلي زي الفرقع لوز كده.”

“أنتي شايفة كده يعني؟”

“اه.”

“تمام.” قال رحيم وهو يبتسم ابتسامة جانبيه ثم يُخفض رأسه قليلًا وهو يسير إلى جانبها قبل أن تقطع هي الصمت الذي ساد لدقيقة تقريبًا وهي تسأله الآتي:

“إلا قولي يا رحيم، أيه الصورة الجميلة اللي أنت متصورها دي؟”

“صورة أيه؟”

“متستعبطش! الصورة بتاعت الإنستجرام.”

“اه مالها؟”

“مش أنت قولت أن أنت مش بتحب عرايس باربي؟ رايح تحضن واحدة شقراء ليه؟”

“هو مش أنتي لسه قايلة مفيش حاجة بينا بتسأليني ليه؟”

“فضول.”

“طيب هي عمتًا هي مش شقراء هي Brunette ‘شخص ذو شعر داكن’ وصابغة شعرها.”

برر رحيم بنبرة مُستفزة لتنظر نحوه أفنان بغيظ قبل أن تسأل مُستنكرة:

“ده مبرر يعني يعني عشان تحضنها؟”

“أنتي عايزة أيه؟” سأل رحيم بمراوغة لتلتفت نحوه أفنان وتصيح في وجهه بحنق سائلة:

“عايزة أعرف مين دي؟ وبتحضنها ليه؟ ازاي أصلًا تحضنها!!”

“أنا مش فاهم فين المشكلة؟”

“المشكلة أنه حرام وعيب يا رحيم.”

“أفنان I told you i was in london ‘لقد أخبرتكِ أنني كنت في لندن’!”

“الحرام حرام يا رحيم سواء هنا أو في كوالالمبور، بلاش استعباط.”قالت أفنان بحده ولكنها صمتت لبرهة من الوقت وهي تستوعب ما تفوهت به قبل أن تُضيف:

“أنا أصلًا مينفعش ابقى معاك دلوقتي ولا المفروض أكلمك أساسًا.. أنا ماشية.”

نبست أفنان بنبرة تفوح بالندم قبل أن تُقرر بحزم أنها سترحل، تُمسك بحقيبتها وتسبق رحيم بعدة خطوات تاركة إياه خلفها واقفًا في صدمة وعدم فهم، لحق بها رحيم لفترة لكنها كانت تسير بخطوات واسعة لذا توقف رحيم عن ملاحقتها بيأس، في ذلك اليوم قررت أفنان أنها ستتوقف عن محادثة رحيم وأنها سترفض مقابلته، لن تستطيع تحمل شعورها الدائم بالندم أنها تُخفي أمر رحيم عن والديها وبشكل خالص والدها.

في يوم الجمعة، لا تدري أفنان كيف مر أكثر من أسبوعين بهذه السرعة منذ أن كانت برفقة رحيم، الآن هي تجلس في حفل خطبة ميرال داخل شقتهم الصغيرة نسبيًا، ترتدي ميرال فستان باللون السماوي بينما ترتدي أفنان فستان باللون الوردي الزاهي لكنه لم يكن ‘منفوشًا’ كي تبدو ميرال مميزة وقد كانت بالفعل، فلقد كانت أجمل عروس قد رأتها أفنان يومًا.

كان أكثر ما يُميز ميرال في ذلك اليوم هي تلك الإبتسامة الواسعة الصافية الناجمة عن سعادة حقيقة حتى وإن كان في باطنها زيف من جهه نوح إلا أنه بدا سعيدًا هو ايضًا، كانت عبارة “Got engaged” تُزيين المكان بالإضاءة الساطعة خاصتها مع المصابيح التي اتخذت شكل شموع.

“أيه القمر ده؟ هو اللون مخليكي باهتة شوية بس الفستان حلو.”

“ربنا يخليكي يا ريماس شكرًا، أهلًا بيك نورتنا.”

“بنورك.” علق الواقف بجانب ريماس والذي من المفترض أن يكون زوجها المستقبلي وهو ينظر نحو أفنان بنظرات لم تُريحها لكنها تجاهلت الأمر.

“أفنان تعالي عشان تطلعي أنتي ورانيا الشبكة.”

“حاضر يا بابا جايه.”

“هي دي بس الشبكة؟” علقت ريماس بمزيج من السخرية والإستعلاء فور رؤيتها لميرال وهي تَمد يدها بخاتم الخطبة وإلى جانبها يد نوح، تتخلل جملتها تلك إلى أذت أفنان لتنظر الأخيرة نحوها بإستياء قبل أن تقترب منها وتدعس على ثوبها بقوة حتى كادت أن تسقط الآخرى قبل أن تُعلق أفنان بإصطناع:

“أسفة يا ريماس مشوفتكيش.”

“شوفتي لما أختك سمعت كلامي ربنا كرمها وفرحت ازاي؟ عقبال ما تسمعي كلامي أنت كمان.”

تفوهت جدتها لتبتسم أفنان ابتسامة مصطنعة قبل أن تقول لجدتها:

“إن شاء الله يا تيته.”

“ماما بصي زي ما اتفقنا نص ساعة كده ولا حاجة وهنتحرك نكمل سهرتنا في كافية برا.”

“قولتي لريماس وخطيبها؟.”

“كله عارف يا ماما متقلقيش بس إن شاء الله محدش هيجوا معانا مش ناقصة وجع دماغ.”

بعد ساعة ونصف تقريبًا كانوا جميعهم يجلسون داخل أحدى المقاهي والتي تطل على نهر النيل، كان المكان مُغلق وقد قاموا بحجزه بالكامل، جلست أفنان تثرثر مع أصدقائها هي وميرال وبعض أفراد العائلة ولكن قطع حديثها صوت رنين هاتفها.

“أفي Hello, where are you ‘مرحبًا أين أنتِ’؟”

سأل رحيم الذي اتصل من رقمًا مجهول بالنسبة لأفنان لتُصعق الأخيرة لكن سرعان ما تذكرت أنها قد حظرت رقم هاتفه، أخذت تنظر حولها بقلق وهي تدعو ألا يكون صوته ظاهر من الهاتف.

“معلش يا جماعة بعد إذنكوا ثواني.” استأذنت بأدب من الجالسين أمامها نظرًا لأن المكالمة قطعت حديثهم.

“عايز ايه؟”

“ممكن تطلعي برا المكان اللي انتي قاعدة فيه؟”

طلب رحيم لتقلب أفنان عيناها بتملل وهي تتجه نحو الخارج ثم تُردف:

“طلعت برا خلاص.”

“يا نهار ابيض!!! انت ايه اللي جابك هنا انت اتجننت؟”

صاحت أفنان بأعين متسعة وهي تنظر بصدمة نحو رحيم الذي ظهر من اللامكان وهو يرتدي بذلة رسمية سوداء اللون مع قميص أسود اللون كذلك، أقتربت أفنان بضع خطوات نحوه وقبل أن تنبس ببنت شفة سبقها رحيم قائلًا:

“مقدرتش امنع نفسي من أني أجي، كان لازم أشوفك..”

“رحيم انت لازم تمشي بسرعة ممكن اي حد يشوفنا.”

“أنتي عارفة أنك أجمل حاجة شافتها عيني؟ طب عارفة أن شكلك النهاردة كأنك هربانة من قصص الأميرات بالفستان ده؟”

نطق رحيم وهو ينظر إلى داخل أعين أفان ثم تنتقل عينه لينظر نحو ثوبها المُبهر بالنسبة إليه بالرغم من بساطته، نظرت نحوه بثغرًا مفتوح ثم أخذت تعبث في أصابعها بتوتر وهي تتمتم:

“شكرا.. انا مش عارفة المفروض ارد اقول ايه بصراحة..”

“شكرًا أيه وبتاع أيه؟ بس عارفة يا أفي ال Outfit ‘الطقم/الملابس’ ناقصها حاجة.”

“حاجة ايه ان شاء الله؟” سألته أفنان بحنق بينما تلتفت حولها كل ثانية، يسود الصمت لثوانٍ بينما يعبث رحيم في الجيب الداخلي لبذلته الرسمية قبل أن يُخرج عُلبة باللون الأزرق الداكن ويفتحها ليظهر منها سلسال من الفضة يحوي حجرًا كريمًا باللون الأبيض وله إنعكاس بسيط يميل إلى اللون الأزرق الزاهي، وقد كان ذلك الحجر يُطلق عليه اسم حجر القمر، أخذ الحجر شكل بيضاوي بينما كا مُحاط بإطار من معدن الزركون الأبيض.

“ده.” تمتم رحيم وهو يُخرج السلسال من العُلبة الفخمة ويمنحه لأفنان، لترتسم على ثغرها ابتسامة واسعة قبل أن تسأله ببلاهة:

“ده.. عشاني؟”

“معمول عشانك اه، اتفضلي إلبسيها عشان مش هينفع ألبسهالك أنا.”

أمتدت يد أفنان المُرتجفة لتُمسك بالسلسال بأعين لامعة ونبضات قلب متسارعة قبل أن تنبس بالآتي:

“بس.. ده شكله غالي أوي يا رحيم مقدرش أقبل هدية زي دي..”

“لا متهزريش يا أفي، أنا جيت كل ده عشان في الآخر تقوليلي أن مش هينفع تاخديها؟ طب بصي لو مش عايزه تلسبيها دلوقتي حطيها في العلبة بتاعتها وألبسيها بعدين.”

“أنا مش عارفة أقولك أيه بجد.. ده حلو أوي حقيقي ربنا يخليك يا رحيم.”

“أيه ده؟ أنتي بتتكسفي؟ Omg you look like a tomato ‘إلهي تُشبهين ثمرة الطماطم/ دلالة على أحمرار وجهها نتيجة شعورها بالخجل’.”

تفوه رحيم بتلقائية شديدة وهو يبتسم ابتسامة واسعة جعلت من عيناه الخضراء تنغلق نسبيًا فتظهر تلك التجاعيد البسيطة أسفل عينيه، تُبادله أفنان الإبتسام عدا أنا خاصتها كانت خجولة للغاية بينما تحاشت النظر إلى عيناه مباشرةً لكن فجاءة اختفت ابتسامته، أقترب منها قليلًا وهو يُردف بجديه وهدوء:

“أفنان هقولك حاجة بس Please don’t panic ‘من فضلك لا تهلعِ’.”

“في أيه؟”

“هو.. Someone is watching us ‘أحدهم يراقبنا’.”

ألتفتت أفنان على الفور بفزع لتجد ريماس تقف على مسافة بعيدة نسبيًا تراقب أفنان بأعين ثاقبة وقد لمعت أسنانها بإبتسامة خبيثة.. تُصعق الأخيرة وتتفوه بنبرة أقرب إلى الهمس قائلة:

“وي أر إن ديب ديب شيت!!!”

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (في حي الزمالك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *