روايات

رواية أولاد الجبالي الفصل الاول 1 بقلم شيماء سعيد

رواية أولاد الجبالي الفصل الاول 1 بقلم شيماء سعيد

رواية أولاد الجبالي البارت الاول

رواية أولاد الجبالي الجزء الاول

رواية أولاد الجبالي
رواية أولاد الجبالي

رواية أولاد الجبالي الحلقة الاولى

حينما تجتمع السلطة مع المال وترافقهم القسوة والجبروت فحينها يظن الإنسان أنه أمتلك الدنيا بأكملها وأنه مخلدا فيها ، وأنه أعلى الخلق ومن حقه أن يهلك كل من يقف أمامه وشعاره دائما البقاء للأقوى .
متناسيا أنه هناك إله عادل يملك الدنيا والآخرة ، وأنه له بالمرصاد وسيأخذه أخذ عزيز مقتدر .
……
تعالوا معى لننطلق بخيالنا لنتخيل قصر هذا الظالم ، اللواء المتقاعد منصور الجبالى ويقبع هذا القصر فى أحد مراكز محافظة سوهاج ، قلب الصعيد .
وقد أحيط هذا القصر الشامخ بالسياج الشائكة يتخللها قطع الزجاج الحادة حتى يصعب على أحدا تسلقها ، بجانب عدة من أفراد الأمن الذين اختارهم منصور بعناية لحمايته من أى دخيل
ولا ننسى أيضا تلك الكلاب الشرسة التى تحيط بالمكان لتفتك اى أحدا يقترب منها وتثير الرعب فى النفوس .
………..
من هو يا ترى منصور الجبالى ؟
اللواء منصور رجل قد بلغ الستين من العمر ، فاره الطول عريض المنكبين ، ذو بطن ممتلئة ، و وجه متصلب ،كل من يراه يهيبه.
لديه مصنع للسلاح ،وايضا منجم للذهب وهذا ما جعل له ثروة هائلة جعلته يطيح بكل من يعارضه حتى لو كان أحد ابنائه ، فلا عزيز لديه .
لذلك أصابه جنون العظمة لما يملكه بمفرده ، مستندا أيضا على مركزه الاجتماعى السابق ولكنه تقاعد مبكرا بسبب حادثة تعرض لها .
منصور لديه زوجته زهيرة تصغره بخمس سنوات ،وهى على عكسه تماما ، سيدة حنونة معطاءة جوادة بالخير .
لذا تجدها على خلاف معه طوال عشرتهما ولكنها تحملت وصبرت من أجل ابنائها كحال معظم سيدات مصر.
وهى لديها ثلاثة من الأبناء ( الأكبر براء يبلغ من العمر سبع وعشرون عاما ، يصغره أخيه الأوسط باسم وعمره أربع وعشرون عاما ، أما بانة فهى الصغرى وتبلغ إحدى وعشرون عاما ).
براء وهو سيادة النقيب ذو قلب مرهف حساس ولكنه فى ذات الوقت جاد فى عمله ويحترمه زملائه وقادته .
وهو رغم مركزه ، وقع فى حب فتاة ( قمر ) من أسرة متوسطة الحال ووالدها يعمل سائق قطار .
أعجب بها فى بادىء الأمر لجمالها الظاهر ، حيث كانت تتميز ببشرة بيضاء نقيه وعيون واسعة بلون السماء أما شعرها فهو باللون الأحمر القاتم وتتعمد إظاهر خصلاته الأمامية من الحجاب .
‌أما باسم فكان إنسان بشوش الوجه مرح وهو طبيب حديث التخرج ، ولديه عيادة خاصة .
‌وأخيرا بانة فتاة مرحة ، تحب الرسم وهى فى السنة الأخيرة من كلية الفنون الجميلة.
‌وتمتعت بانة بجمال هادىء وجذاب .
‌ويقطن معهم فى القصر ابنة عمتهم ( زاد ) تبلغ من العمر خمسة وعشرون عاما وأنهت دراستها فى كلية الدراسات الإسلامية.
‌خمرية اللون ، وعيون سوداء لامعة ،ليست بالطويلة ، تلتزم بحجابها الشرعى أمام أبناء خالها منصور الجبالى .
‌وهى بمثابة شقيقة لهم بعد أن تولت تربيتها زوجة خالها بعد وفاة والدتها أثناء ولادتها .
‌وزواج والدها بعد وفاة الأم فى محافظة أخرى وتناسها وكأنها ليست ابنته .
تقدم لزاد الكثير من الشباب ولكنها كانت ترفض دائما بحجة أنها لا تريد الزواج مطلقا ، وليس عيبا فيمن يتقدمون لها ، ولكن كان فى قلبها سرا دفين .
فهى تعشق ذلك اللوح الخشبي ( براء ) الذى لم يراها ابدا كحبيبة بل يراها اختا له من الصغر ..
ولكنها أدمنت عشقه منذ الصغر وكانت تعتقد أنه يبادلها نفس المشاعر لأهتمامه بها وحرصه عليها .
فتمنته زوج لها وكانت تدعى الله عز وجل فى كل سجدة أن يجعله من نصيبها .
ولكنه كان يهتم بها مثل أخته لا أكثر .
ولكن هناك من كان يحبها حبا جما وتقدم إليه عدة مرات ولكنه للأسف قوبل بالرفض منها ، وهو زميل براء ( المقدم صلاح ) .
فتحدث صلاح إلى براء ليقنعها هو بأمره .
تودد صلاح إلى براء بقوله …ايه يا اخينا انت !!
مش عارف واصل إكده ، تچبلى سكة مع بنت عمتك ، وتخليها توافق على الچواز منى .
يا اخى حس بيه شوية .
عشان حتى أدعيلك ربنا يسهلك الحال مع قمر .
تنهد براء تنهيدة عاشق متيم قائلا بخفوت ….اه واه من قمر يا صاحبى
خلاص هتچننى بحبها ومش جادر أبعد عنيها .
صلاح …طيب يا سيادة المقدم ما تتجدملها عشان تطفى نار الشوق دى .
فضحك براء ضحكة ألم ليتحدث بحزن …أتجدملها !
وتفتكر حضرتك أن سيادة اللواء منصور الجبالى وصاحب السيادة هيرضى أتچوز بنت سواق قطر .
ده انت بتحلم يا سيادة المقدم صلاح.
ومش بس انا عاد كمان اللى بحلم لحالى ، ده كمان سيادة الدكتور باسم بيحلم هو كمان .
صلاح مندهشا …ليه ، حوصل إيه ؟
يكونش هو كمان حب واحدة مش من نفس مستواكم ؟
براء ساخرا …..ده حب أختها حضرتك كمان .
صلاح متعجبا….بجد !
ايه العيلة دى ، سحرلكلو ولا ايه ؟
تنهد براء مسترسلا …هما فعلا سحرلونا بجمالهم اللى مش طبيعى .
صلاح بعدم إقتناع …بس يا براء الچمال مش كل حاجة صدجنى يا صاحبى .
وطبعا منكرش إنه أول شىء بيلفت النظر ، بس المهم هو ايه ورا الچمال ده ؟
شخصية تجدر صوح تشيل أسمك وتفتح بيت وتكون متطمن لوچدها فى حياتك وتشاركك الحلوة والمرة وتكون سند ليك وعون ولا مجرد جشرة وأول مشكلة تقابلكم هتلاقيها تنهار ومتجدرش تكمل معاك ..
نكز براء صلاح فى كتفه قائلا بضحك ..لا انت مش سيادة المقدم انت كمان حكيم زمانك يا بوص.
بس جولى ”
وانت بجا لجيت الصفات الحلوة دى كلها اللى عتتكلم عينيها فى زاد ؟
رغم إن هى چمالها هادى مش مميز بس فعلا من صغرها جدعة وطيبة .
وبتمنى فعلا قمر تكون زيها فى أخلاقها وتربيتها .
صلاح بتنهيدة حارة …هى فعلا ست البنات وانا شايفها بعيونى ملكة جمال العالم كله.
وبتمنى توافق وتريح جلبى اللى ليل نهار بيهمس بأسمها .
إندهش براء بقوله …للدرجاتى ، ده انت شكلك واقع جوى جوى .
صلاح بعشق ….جوى جوى والله .
فوعده براء بقوله …خلاص عشان خاطرك ، انا عليا أتكلم تانى معاها، وأحاول أقنعها .
بس على فكرة عشان متزعلش منيها، هى مش بترفضك عشان عيب فيك لا سمح الله ، لكن هى بچد بترفض كل العرسان اللى بيتجدمولها ومعرفش ليه عاد ، وانا محرج أتكلم معاها فى الموضوع ده وسيبها براحتها .
بس عشان خاطرك هكلمها واشوف وربنا يسهل لو فيه نصيب هترضى ، ولو رفضت يا سيادة المقدم ، شوف حالك انت ، البنتة كتير جوى .
فانقبض قلب صلاح قائلا بحزن ….لا مقدرش أعيش من غيرها يا براء ، تجدر انت تبعد عن قمر ؟
فتنهد براء بحرارة مرددا بحب …لا .
بس مش عارف أوصلها كيف ؟
صلاح ….لو بتحبها صوح ، حارب عشانها ، وحاول مرة واتنين وتلاتة مع أهلك لغاية متوصلها ..
براء ..انت مش متصور بابا صعب جد ايه ؟
،ده انا اهو بجيت طول بعرض وسيادة المقدم ، لكن باجى جدامه وأضعف يا صلاح .
ثم تابع بإنكسار “”
تصور انى بخاف منيه لغاية دلوكيتى ، وبتچنب الكلام معاه على جد ما أجدر .
صلاح متعجبا …ياااه للدرچاتى !
براء بغصة مريرة…. ايه يا خوى وصاحبى واكتر من إكده كمان .
انا اتربيت على صوته العالى وتوبيخه ليا فى الريحة والچاية ، ولو عملت اى غلط بسيط بيقوم بيه اى طفل عادى فى السن ده .
ثم توقف براء للحظة ودمعت عيناه ليقول …كان بيضربنى بالكرباج كأنى مچرم مش طفل صغير مهيعرفش عاد يفرق بين الصح والغلط .
وكانت أمى يا عينى عليها عتبكى وتحاول تحوش عنى ، فمكنش چزائها هى كمان غير الضرب .
تأثر صلاح بحديثه وربت على كتفه بحنو قائلا ….معلش ، فيه فعلا للأسف أبهات قاسية إكده فى التعامل مع ولدها ، وبتفتكر إن القسوة دى هى اللى هتخليهم رچالة وقد المسئولية .
تنهد براء بألم …ده اسمه تخلف عقلي يا صلاح ، لأن التربية بالحب هى الأساس لكن الضرب القاسى ده مش بيولد غير الكره .
أومىء صلاح برأسه …ايه والله عنديك حق .
بس وبعدين إكده هتعمل ايه مع قمر ، هتستسلم .
عشان أبوك وعمايله دى .
براء بإنكسار …..لا طبعا ، هحاول ولو كان فيه موتى ،كده كده انا ميت باللنسباله من زمان .
ثم جاءه اتصاله من قمر ، فانفرجت ملامحه بعد أن كانت منقبضة وسرت رعشة خفيفة فى جسده وزين ثغره بابتسامة مشرقة ، فتبدل حاله تماما .
فداعبه صلاح مرددا ..بدال شكلك إنشكح كده ، تبجا هى اللى بترن عليك .
رد عليها يلا متكسفش عاد ، وعجبالى لما أسمع صوت زاد .
وانا هجوم أشوف شغلى .
يلا سلام .
فودعه براء بنظرة حانية ثم قام هو بالأتصال على قمر بعد أن صمت رنين الهاتف ، فهى تقوم فقط بالرنين وهو من يقوم بالأتصال حينما يكون مستعد للحديث معها وغير منشغل أو عندما لا يكون أحدا بجانبه ..
براء بلهفة…..قمر وحشتينى بچد جوى جوى يا قمرى .
قمر بدلال …لا متجولش أتوحشتك ، لو وحشتك صوح بچد مكنتش جدرت يومين بحالهم مش نشوف بعض .
انا زعلانة منيك جوى .
نفى براء ذلك بقوله ….لا يا قمرى ، غصب عنى والله .
بس خلاص مش جادر على بعدك اكتر من كده .
انا هزوغ حالا من المركز ، واجيلك فى مكانا .
يلا أسبجينى عاد وانا چى حالا .
فرحت قمر وقالت ….فوريرة ، بس متتأخرش عليه .
لتسرع قمر فى إرتداء ملابسها ، وكانت عبارة عن عباءة ضيقة تحدد جسدها ، ثم وضعت الحجاب بطريقة عشوائية على شعرها ليظهر نصف شعرها منه ، ثم لونت وجهها ببعض المساحيق ، واخيرا نثرت عطرها المميز على جسدها .
لتنظر بعد ذلك بغرور لنفسها فى المرآة مرددة…يا أرض هدى ما عليكى جدى.
ايوه انا اللى مدوبة رچالة سوهاج كلاتهم ، حتى المقدم ابن الچبالى چبته على ملا وشه .
والعز والهنا اللى هو فيه ده هيكون ليا لوحدى .
وبينما هى كذلك .
ولجت اختها إليها فى الغرفة ( ملك ) فنظرت لها بإستياء لما وجدته عليها من كبر وغرور وملابس تكاد أن تتمزق من فرط الضيق عليها .
طالعتها ملك بعتاب ثم أردفت ….قمر وبعدين معاكى عاد !
مش جولنا نوسع خلجتنا شوية ونخفف الأحمر والأبيض ده .
يا حبيبتى أنتِ مش محتاچة تعملى إكده ،انتِ قمر لحالك .
فطالعتها قمر بغضب ونهرتها بقولها …وانا بجولك ملكيش فيه ، خليكى أنتِ بالشوال اللى طالعة داخلة بيه ده والطرحة اللى وكله وشك بيها ومدارية چمالك بيها يا شيخة ملك .
حركت ملك رأسها بنفور مرددة ….مفيش فايدة ، ربنا يهديكى يا قمر .
وعلى فين العزم بقى إن شاء الله هتجابليه بردك!
قمر بتأكيد …ايوه _عندك مانع حضرتك .
ملك ….طيب مفكرتيش آخرة الموضوع ده ايه ؟
ولا هو لعب عيال وخروج وكلام وخلاص .
قمر بثقة …آخره هنا وچواز وفلوس طبعا يا بنتى .
ملك بسخرية …تفتكرى ابن منصور الجبالى ، يچوز بنت سواق القطر ، لا أنتِ بتحلمى !!
طالعتها قمر بنظرة تحدى مردفة …..بكرة تشوفى عاد .
قمر بنت سواق القطر كيف هتعمل مع ابن الجبالى .
هو انا زيك عاد مسالمة وضعيفة.
لع يا بنت هريدى ، انا جادرة جوى جوى كمان .
وخليكى أنتِ هتموتى على ولد الجبالى الصغير الدكتور باسم .
وهو برده رايدك ، بس مش جادر يتحدت وياكى ,لإنك هتصديه ديما بوشك العكر ده .
ولا حتى انتِ جادرة تعترفى بينك وبين نفسك انك عحبيبه يا بت بوى.
أشاحت ملك بوجهها عن قمر التى استطاعت أن تخرج ما تكتمه هى .
نعم إنه تحبه كثيرا ، لكنها لا تستطيع أن تفعل مثل اختها ، لإنها تعلم أنه من استعجل الحلال بالحرام عوقب بحرمانه .
وايضا أنه حبا حكم عليه بالأعدام قبل أن يبدء ، فكيف لإبن الحسب والنسب أن يتزوج بفتاة مثلها .
لذا عليها أن تقتل هذا الحب قبل أن يقضى عليها .
قمر بشماته ….داريتى وشك عنى يعنى يا خيتى !
ولا هتحلى لنفسك الحب وهتحرميه عليا .
تجمعت الدموع فى عين ملك لتواجهها بنبرة صارمة …لا معحرمش الحب يا قمر ، بس لما يچى لغاية الباب ويطلب يدك ، مش هتدارى معاه فى الطريق كيف اللى عامل عمله ولا سارج سريجة .
فضحكت قمر ضحكة مدوية ولمعت عينيها بالشر مرددة …لع لزمن أدوبه جبلها عشان يچى راكع .
لكن المحروس بتاعك بلى عتمليه ده ، هيطفش منيكى .
ويلف على غيرك .
ثم ضحكت مرة أخرى بسخرية ….هو لسه هيلف .
ده لف ولا كمان ، وكل يوم اسمع عنيه حِيكاوه چديدة مع بنت شكل .
فاعتصر قلب ملك ، لأن هذا أعظم شأنا من حسبه ونسبه ، فهى تريد زوجا صالحا ، يغض بصره عن الجميع سواها .
لها هى وحدها فتكون أميرته ويكون هو ملكها .
ملك بغصة مريرة…….الله يصلح حاله وحالنا يا قمر ، ملوش عازة الحديت ده ، هو ميهمنيش فى حاچة .
طالعتها قمر بغيظ ثم غادرت غاضبة .
فتنهدت ملك ثم أردفت …الله يهدى جلبك يا بت ابوى .
وصلت قمر فى المكان المحدد للقاء ، فوجدته ينتظرها وعلامات القلق على وجهه بعد أن تأخرت عليه على غير عادتها .
طالعته بحب زائف وتملكها الغرور عندما وجدت عينيه تلمع عند رؤيتها ، ووجدت عينيه تدور على منحيات جسدها ، فتعمدت التغنج حتى وصلت إليه .
فكتمت ضحكاتها عندما رأت وجهه الذى تلون بالحمرة بعد أن تأكدت أنها ألهبت جسده وعقله وقلبه بها .
طالعها براء بلهفة وحدث نفسه ..اه يا جلبى ، يخربيت چمالك .
اعمل ايه انا دلوك ، دى صاروخ ارض چو يا ناس .
وكيف أتعامل معاها وانا ومش خابر حتى ميتى هعرف اتچوزها ؟
ثم عاتبها عتاب المحب المشتاق بقوله … أول مرة عتتأخرى عليا يا قمر
وانا جاعد إهنه مستنيكى على نار يا بنت الناس .
وورايا شغل عاد كتير جوى .
ولو چه المأمور فچأة وملجنيش هتبجى ليلة مجندلة .
ابتسمت قمر وتدللت بقولها …لا بعد الشر عليك يا جلب قمر .
ومعلش معدتش أكررها واصل .
بس عجبال ما عرفت أنزل من البيت بأى حچة .
ثم بدلت تعابير وجهها إلى العبوس قائلة بحزن …مش خابرة لميتى هنتجابل إكده فى السر يا براء ؟
ميتى هنعلن حبنا للناس كلاتها ؟
ميتى همشى چمبك وانا رافعة راسى وأجول انا مرت سيادة الظابط ؟
ولا أنا يعنى مش جد المجام ؟
ثم نكست رإسها بإنكسار مردفة …
ايوه عارفة ، انا ايه يعنى غير بنت سواق القطر.
شعر براء بغصة تجتاح عنقه لحزنها فنفى سريعا بقوله …لا والله ، أنتِ مجامك فوج راسى يا قمر ،وانتِ خابرة ده زين .
وخابره كمان إنى عحبك أنتِ دونا عن بنات الكفر كلاتهم .
مهما كانوا ، وانى مهيمنيش أنتِ بت مين .
المهم أنتِ قمر ست البنات كلاتها .
رفعت قمر رأسها لترى فى عينيه الصدق فسئلته .. …طيب ، تجدر تجولى ميتى أن كنت عتحبينى صوح ، هتيچى وتطلب يدى من ابوى ؟
فنكس رأسه براء بخزى قائلا …معلش يا قمر ، اصبرى عليا شوية .
افكر كيف بس أفاتح ابوى فى الموضوع ؟
لكن اللى عايزك تعرفيه زين ، انك فى يوم هتكونى مرتى على سنة الله ورسوله ،مهما حوصل .
فابتسمت قمر بعد أن تأكدت من حبه وحرصه عليها .
…….
وفى ذلك القصر الذى أشبه بمملكة حربية ، وفى إحدى الغرف الشاهقة يقبع ذلك الجبار المنصورى على فراشه .
حيث ينام فى تلك الغرفة بمفرده ، بعد أن اعتزلته زوجته منذ فترة طويلة لسوء خلقه وغلظته فى التعامل معها .
بل الأشد من ذلك أنها أصبحت تكرهه بشدة بسبب خيانته المستمرة لها على مسمع منها دون إكتراث لمشاعرها .
فهو لم يترك خادمة تعمل لديه فى القصر إلا ويجلبها إلى فراشه كل ليلة دون خجل أو خوف من الله عز وجل رغم عمره .
لذا ودت زهيرة كثيرا أن لو تركت له العالم كله وهربت منه ولكن ما يبقيها هو ابنائها والخوف عليهم من بطشه وجبروته .
ولهذا تتحمل وتصبر حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا .
…….
وفى أحد لياليه الماجنة ”
أمسك هذا الجبار بهاتفه ليهاتف مشرفة القصر ( حفيظة ).
منصور بلهجة آمرة …أنتِ يا بهيمة يلى أسمك حفيظة ، فين البت الچديدة ، اللى اشتغلت عندينا من يومين إكده .
مش جولتلك أبعتيها عندى الليلة .
فارتبكت حفيظة وارتجف جسدها ، فهى لا تستطيع أن ترفض له طلب .
فقالت بصوت مهزوز متلعثم ….حاضر يا منصور بيه ، هبعتها حالا .
لتقوم بالنداء على ناهد فتاة مازالت فى ربيع العمر ، وجهها برىء ، لا تعلم شىء قط عن خبث ذلك الظالم ووأفعاله ، وقد بعثها والدها للعمل من أجل أن تكفيه المال لفقره ومرضه .
حفيظة بلهجة آمرة قاسية …..أنتِ يا بت يا ناهد ، تعالى إهنه عايزاكى .
فجاءت ناهد على وجه السرعة ووقفت أمامها قائلة بصوت ضعيف خافت خوفا …نعمين يا ست حفيظة .
حفيظة بوجه قاسى خالى من الملامح …نعم الله عليكى يا بت .
البيه عايز فنجان جهوة ،اعمليه وأطلعى ليه حداه فوق .
سرى الخوف فى جسد ناهد واصفر وجهها واردفت…أنا أطلعه للبيه بذات نفسى ، لا يا ست حفيظة أخاف والله .
انا ععمله حاضر ، بس شوفى غيره هيطلعه .
سايج عليكى النبى يا ست حفيظة …
فزفرت حفيظة بغضب ..أنتِ هبلة يا بت ولا ايه ؟
كيف ده يعنى ؟
ده البيه طلبك بنفسه يا بت ، ثم غمزتها مرددة …ده جايل ابعتيلى البت ناهد الجمر دى بالجهوة ، عشان تفتح نفسى وانا بشربها من ايديها الحلوين .
انتفضت ناهد أكثر وتلعثمت مرددة … لا بالله عليكى ، انا هخاف منيه جوى جوى .
أبعتى حد تانى غيرى.
فنهرتها حفيظة بغلظة …بجولك ايه يا بت أنتِ.
أنتِ هنا جاية خدامة ،تعرفى كيف خدامة ؟
يعنى تحطى خشمك چوا بوجك .
وتسمعى اللى بجولك عليه من غير ولا كلمة عاد .
ولو مش عايزة ، تمشى تغورى دلوك من وشى على بيتكم .
وملكيش شغل إهنه ، أنتِ فاهمه ؟
فذعرت ناهد من طريقة حديثها وخشيت أن تطردها بالفعل .
فقالت بخوف…لا يا ست حفيظة ، ربنا يخليكى .
انا مصدقت ألاقى لجمة عيش إهنه ، انا غلبانة جوى جوى والله .
وحاضر هسمع الكلام ، وهروح أعمل الجهوة واطلعها للبيه الكبير .
فابتسمت حفيظة بإنتصار مرددة بنفور …ماكان من الأول .
لازم شغل الهبل ده ؟
يلا انجرى اعملى اللى جولتلك عليه .
ثم حدثت نفسها وعينها تلمع بالشر …عشان تخدى نصيبك أنتِ كمان من البيه ، وانا أستنفع من وراكى .
لتذهب مسرعة ناهد إلى عمل فنجان القهوة .
ثم خطت خطواتها نحو الدرج ومع كل صعود لدرجة منه كانت تتزايد دقات قلبها خوفا .
وعند صعودها طالعها أحد الخدم ( محفوظ ) وهو شاب متزوج من أحد الخادمات أيضا التى كانت تعمل لديهم فى القصر .
نظر لها محفوظ بإنكسار واشتعلت النار فى قلبه وغلت الدماء فى عروقه ، وود أن يتقدم إليها ليثنيها عن ذلك .
وكاد أن يناديها ( نااااااهد ).
ولكنه توقف حين وجد حفيظة أمامه ، تطالعه بتحذير مردفة بأمر ….عتجف عنديك تعمل إيه يا طور ؟
هم يلا شوف شغلك وعاود على دارك .
ثم تابعت بسخرية …عشان زمان مرتك مستنياك .
وأبجا سلملى عليها البت المضروبة دى ، تصور وحشنى لسانها الطويل .
زفر محفوظ بغضب ثم حدث نفسه …منك لله ، منك لله .
ثم غادر تاركا القصر ،يتجرع أنين الظلم والأنكسار .
فأى مصير ستلقاه تلك المسكينة ؟
وما سيحدث ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أولاد الجبالي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *