روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الثالث والأربعون
رواية أترصد عشقك الجزء الثالث والأربعون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة الثالثة والأربعون

رسالة شكر لكل من أحببناهم فجرحونا
وكل من احببناهم فذبحونا
وكل من احببناهم فقتلونا
وكل من تعاملنا معهم بروحنا البريئة، ليلوثها بدمائهم النجسة
وكل من احببناهم بصدق، فخذلونا
ولكل من شعرنا معهم بالحب، صفعونا بمرارة القسوة
لنصل الى كتلة من البرود متحرك
لنفقد براقة الشغف
وحلاوة الحب
وجمال الحياه.
الصدمة ما زالت تصرخ بهلع فى صدور الجميع، وأولهم معتصم الذى شعر بأن عكازه انكسر للمرة الثانية، الضجيج يملأ عقله والخوف كمرض عضال يقتات جسده بشراسة، حتى أنه نفسه لم يجد القدرة على الوقوف ومواجهة ما يخشاه للمرة الثانية..
يتذكر المرة الأولي حينما تحطمت على ذلك القذر معاذ واختفى كالزيبق و نفوذ والده وعائلته غطت على نفوذه هو شخصيا، فإن أحد أهم الرجال السياسيين فى البلد بالطبع أهم من رجل أعمال حر
الألقاب محفوظة لكل منهم، ابتسم بسخرية والعجز كأسواط تجلد جسده
والقلب العليل يحاول الوصول الى حالة التشفي
نكس رأسه، ونكسة الرأس للرجل تحكي وجعًا
وقهرًا وغضبًا
بداخله نيران مستعرة فى روحه، وغضبًا لا يستطيع أن يشفي غليله ليبقى معلقَا، بين شقي رحي أبوته الممزقة، ورجولته المشروخة!!!
لم يشفي غليله بعد من الذى ذبح ابنته، وابنه تدخل فى الأمر وأخبره أن الأمور داخل نطاق سيطرته، فالأبن لم يسمح لأبيه أن يلطخ يده بدماء قذرة هو صمت حينما وجد وهج جديد يأسر عينيها
رضي
صمت رغم شعوره بالقلق، الرجل كان يقلقه، بل يثير رعبه … ملامحه الرجولية وكلامه المعسول، بل نظرات التحدي التي كان يتبادلها معه حينما أعرب بوقاحة لأول مرة أن يتخذ صغيرته كصديقة!!
لكن ما انجلي فى عيني الأجنبي، كان مرعبًا، يري الأشتهاء فى عينيه وهذا ما أثار جنونه ليطرده شر طردة من منزله… لكن أحكم حصاره على صغيرته
وبقي صامتًا، نزقًا يراقب ما ينجلي فى نفس شادية التي تتفتح براعمها الأنثوية
برغم غضبه وسخطه، لكن كان هناك خيط رفيع غير مرئي من الثقة
هو رجل وأعطي كلمة عهد لرجل،
لكنه ببساطة أعاد تسليمها إلى المقصلة، عذاب الحب والضعف الذي يحتاج المرء
تلك المرة لم يري انجذاب أو عاطفة لأمرأة انجذبت لا إراديًا، لرجل معسول الكلام، وسيم الملامح … بل أنثي عثرت أخيرا على رجلها !!!
وما زال فعل للرجل الذى أعطاه قرة عينه الأولي، لقد خذله مرة أخري … وعادت الشائعات مرة اخري تلوك فى أفواه الجميع، والأحمق .. الغبي.. المتهور العنيد عرض زواجه بكل صفاقة أمامه .. كأسلوب لوي ذراع كما أستخدمه الوسيم الأشقر للزواج من قرته الثانية!!!
وهو الذى توعد اليه حينما رأي التحدي المشتعل فى عينيه
يخبره أرفض.. لتطيلك فضيحة، وقبل التحدث بكلمة جاءته الفاجعة بسقوط ابنته بين ذراعي أخيها الذى حملها على وجه السرعة فى سيارته حينما لم فشل محاولاته لإيقاظها!!!
انتبه على حركة متوترة من حوله ليستفيق من ذكريات ساعة مرت، وهو ينظر الى الجميع بنظرة مبهمة قبل أن يتجمع الجماهير حول الطبيب الذى خرج من الغرفة!
لم يستطيع النهوض، قلبه أبي وجسده تخشب
يخشي أن يستلم رداء كفن روحها مرة أخري، شعر بماهر الذى اقترب منه وعلى وجهه ملامح صارمة، ليسأله بنبرة متحشرجة

 

 

-طمني مالها.. الدكتور
اجلي ماهر حلقه وهو يخبره بما يخشاه بقوة
-للأسف جالها انهيار عصبي
فغر الأب شفتيه لينسحب الدماء من وجهه ويده التي يستند بها على عكازه سقطت ارضا ليصدر صوتا مدويا والأب يتمتم بقهر
-انهيار!! تاني يا ماهر
وضع الأب يده علي قلبه يمسده، ويزحف الطمأنينة التي غادرته فورًا، ليسارع ماهر بان يستنده وهو يتمتم بقلق
– ارجوك اهدي يا بابا، هي هتبقي كويسة
لا يعلم أكان يطمئن بها نفسه، أم يطمئن بها لوالده المفجوع على قلب ابنته، تشدد الأب بأنامله على منكبي ماهر والأب فى حالة هذيان خاصة به
-ازاااي، انا ما صدقت رجعت فاقت لحياتها.. ايه سبب النكسة، مفيش غيره
نطق اخر كلماته بحدة وعينيه بلا وعي ترتفع ليذبحه بسهام طاعنة، ذلك الجاحد الذي أتى مع عائلته ولحقوا بهم… توجه سريعًا نحوه ليمسكه من تلابيب قميصه ودفعه للحائط
الأمر لم يكن أن معتصم يملك من القوة والبأس الشديد ليدفع حائط بشري.. لكن لم يكن يعلم أن الهوان فى جسد الآخر أصابه
لم يشعر بجريمته الشنعاء سوي الان، لم يدرك فداحة ما قام به سوي وهو يراها من قمة عليائها المرتفعة سقطت .. سقطت ولم ترحمه لتسحب روحه معه وتدفنه معها
رفع سرمد عيناه بتيه شديد وهو يترك جسده لمن يطالب بالثأر منه
صرخ معتصم هادرًا فى وجهه وعينيه تحكيان وجع أب ملكوم على قلب ابنته
-عملت فيها ايه
وهو سابح فى ملكوت آخر، ومضات سريعة للشهر المنصرم كيف قضاه بين وحوش تركها تتغذي عليه بحماقة منه، لمعت عيناه لذكري قريبة بعيدة فى آن واحد حينما انفجرت فى وجهه تخبره
” كيف تلمس امرأة غريبة عنك بكل أريحية هكذا دون أن يصيبك شعور بالقرف لما فعلته، تتمنى لو أن يدك قطعت، وجسدك يحترق علّك تنسي ما اقترفته”
رباااااه ما فعله!!!!، لقد قام بقتلها بنفس السكين الذى ذبحت منه المرة السابقة!!، بعينين غادر بهما السخرية والتحدي قال بنبرة ميته لوالدها
– لقد دمرنا أنفسنا
كان يتحدث بلغة بلدة، وهذا زاد ثورة الأب الذى فى فورة جنونه صفعه بغضب على وجنته… وهو استقبل الصفعة برحابة صدر على روحه الجريحة، ورجولته الممزقة
ليعود معتصم يجذبه من قميصه ليصرخ فى وجهه
– انطق وخليك راجل لراجل وقولي عملت فيها ايه
اختلجت عضلة فى فكه وذكري بعيدة اقتحمت دهاليز ظلامه لصوتها المعذب
“عايزة أروح لماما، عايزة أقولها تسامحني اني بقيت وحشة.. مش ذنبي، والله مش ذنبي .. هما اللي خلوني أبقي كدا”
تقهقرت دوافعه وبقي معري أمام الجميع، لتندلع ابتسامة مريرة على شفتيه وهو يغمغم
– لقد ذبحتها، وذبحت روحي
هم الأب بإفراغ جميع شحناته ليضربه مرة أخرى على وجنته والصفعات تبرئ ذنبه في حق ابنته، حق رجل وثق به .. فما الفارق بينه وبين ذلك المعتدي الخسيس مدعي الرجولة!!
وهو من ظن أن عرقه الغربي من ستأخذ الدفة ليراقبها كيف كانت تتصرف معه، كيف تتفاعل واستجابة جسدها الذى قيده له، أشعل نيران لتلتهمه هى فى النهاية!!
نداء بعيد بصوت غيداء جعله يرفع رأسه وهو ينظر الى حضنه الدافئ اندفعت بثورة لكي تخلص جسدها مع من ذبح ابنته، ليتها تركته وقتلها
لو علمت والدته التي تدافع بشراسة عنه ما فعله بها، لتركته ممزق بين أسنانهم الحادة!!
لكنه وجد نفسه مغمور فى حضنها الدافئ، ليرفع يداه المرتجفتان الي عينيه اللتان انتهاكها، انتهكت ما كان سيكون له على طيب خاطر، باندفاع غبي وتهور منه لم يستطيع تهذيبه، لطاما كان فخورا برجولته المرتفعة لعنان السماء
اتي الحقير وهو يذبحه بأفظع الصفات عن أنثاه، لا يعلم إن كان الرجل حي يرزق أم قتله فى فورة جنونه قبل أن يندفع لاسترداد كرامته
كيف تغاضى عن رسائلها؟ .. عن ترددها، ونفورها منه
لم يكن نفور شخصي منه، بل كان من جميع الرجال، وهو الذي توقع أنه متعلق به شخصيا وافتخر بسحقه..
لقد دافع عنها وعرض حياته للخطر وقدم حياته قربانا لها، لانها استحقت أن يدفع بعمره لها!! ماذا فعل؟
ماذا اقترف؟
أي بشاعة هو قام بها؟
دافع عن شرفه أمامه، ومزق شرفه أمامها شر تمزيق
ود لو يديه بترت
وروحه صعدت لبارئها، كما هتفت
لكن ما نفع الندم، بعد التهور؟
شعرت غيداء بارتجاف جسد بكرها لترفع رأسها وهي تحتضن وجنتيه لتشهق من برودة وجهه.. رفعت يديها سريعا تتحس يديه وذراعيه ثم عنقه ليصدمها الصقيع المتجمد لتهتف بلوعة
– سرمد
العبرات فى عينيه تجمعت ليشيح وجهه عنها بخجل عما اقترفه ليهمس
-انا اسف أمي
اتسعت عينا غيداء بصدمة، لفظ أمي لا يقولها سوي لأمر حلل ويعينها تمامًا، شهقة مؤلمة انفلتت من شفتيها قبل أن تحكمها جيدا وهي تقول برجفة أم على وشك سماع أفظع تصورات عقلها
– ماذا فعلت لها؟
رمش بأهدابه عدة مرات وعينيه تحاول نسيان صورتها المنتهكة، لقد كانت كالجثة الهامدة وهو يلمس كل انش منها بيده.. كان يمحو ذكريات خسيس قديم ووضع بصمته الخاصة، لتظل تلعنه عليها طوال حياتها… اغمض جفنيه وهو يلعن ويأمر الصور التي تستمر فى العرض أمام عقله الغائب وقتها عن الوعي… ليهمس بهذي
– لا أعلم، لا أتذكر أي شئ
امسكت ذراعه بقوة واندفعت بعيدا عن الجموع وهو ترك نفسه لها، ليراها تدفعه الى مكان منعزل لتقول بجدية
– ما الذي تعاطيته؟، هل تشرب أي من تلك المهلوسات؟
وصمته أرعبها، لتأتي تخيلات أثارت اشمئزازها، لترفع يدها تحتضن وجنته لتهمس بقلق أمومي
– ماذا حدث بني؟، أين كنت طوال الشهر؟
تنفس سرمد باختناق وهو يرفع رأسه للسقف ليصيبه الضوء القوي ببعض العمي، ليخفض رأسه وهو يغمغم بنبرة محترقة
-كنت أحترق.. لقد مت فى اليوم ألف مرة وأنا عاجز على التصرف
شحوب وجهه، ونظرات عينيه التي تحكي عن ألم أبرع هو فى توجيهه لمن لا تستحقه قرأته أمه، التي هي من تستطيع قراءة روحه … تخبطات يديه، وارتعاش جسده … وتلك البرودة فى جسده كله خاطئ
التفت سرمد الى الحائط ليكلمه بكل غل، وهو ينفذ اخر كلماتها عن قطع اليد.. ويتمنى الآن لو قطعت يده قبل أن يتجرأ عليها.. انفجر يصرخ بأغلاله التي قيدته
– ظننت أنني سأستطيع أن أواجه نفسي وجنوني، لكن لم أستطيع .. أنا لا أعرف ما الذي قمت به
لقد قتلتها بيدي العاريتين، نظر الى يديه بعدم تصديق، لقد قتل امرأة قلبه دق لأول مرة لها
ذنوبه الكثيرة ما عادت تشفع عندها، أصبح ملوث مليء بالذنوب والخطايا
واقترف جريمته العظمي بها، وحلم عروسته بفستانها الأبيض حوله لحرب دماء
رائحتها معلقة فى أنفه، ليهمس بعذاب
– لقد خذلتها
وضعت غيداء يدها على قلبها تربته بوجع، ووجع ابنها والفتاة جعلها تبكي بصمت، تستقبل صدمات تخبطات ابنها والضحية الوحيدة هي الفتاة التي أرادتها كنة لأبنها، طالما حلمت بأبنه حلوة المعشر وتبر بوالديها، وما رأته فى الفتاة ومدى تعلقها الشديد بوالدها وسماعها من ابنها عن حزنها الشديد لخسارة والدته فى فترة حرجة فى عمرها
وهي التي أقسمت أنها ستطبطب جراحها، وتجعلها تشبع بالأمومة التي حرمت منها
وأين الأحلام من سطر الواقع؟!!!
مجرد تراهات، وأحلام يقظة!!
انتبه سرمد على صيحة غسان المذعورة التي تلقي الخبر من سامر وهو يخبره باختصار شديد عن صمت سرمد الشديد، لتتسع عيناه ذهولا وهو يراقب تبدل حالة صديقه لأسوأ مما توقعه
– أخي
اخفض سرمد عينيه ارضا وهو يشيح وجهه بخجل واحتقار عنهما، ليأتي سامر وهو ينادي بإسمه عدة مرات.. قبل أن ينتبه له وهو يرفع يده ليمسك بساعديه ليسأله
– ما اخبارها؟
ببضع عبارات مال سامر برأسه وهو يغمغم
-ستكون بخير أخي
حدق سرمد نحوه بعدم تصديق ليهز سامر رأسه وكل الفاظ المساواة غادرت طرف لسانه، ليقول غسان بجنون وهو واقفًا عاجزًا يرى ملامح الموت التي ترتسم على وجه صديق عمره
– ماذا حدث؟
مسحت غيداء دموعها سريعًا وقلبها يخبرها بإن ابنها كسرها، كسرها عميقًا.. و التهور والانفعال هما جنايته.. غمغمت لغسان بصلابة
-غسان ارجوك تحدث معه
أومأ غسان بتفهم ليقرر أن يأخذه بعيدًا عن المشفى، لكن قدمي سرمد أبت أن تتحرك.. استدار غسان إليه وهو يسأله بقلق يكاد ينهش روحه
– ماذا حدث يا صديق؟
ازدرد سرمد لعابه، وطعم صدئ مرير غص حلقه ليغمغم بتيه
-لا استطيع تذكر ما قمت به، لقد فقت من جنوني لينتابني جنون اخر وانا اذبحها بكل خسة مني ودناءة
تعامل غسان الموقف بهدوء شديد وتروي، لن يأخذ كلام هذي على محمل الجد.. ربما يكون حقيقي.. لكن ليست الحقيقة الكاملة!!
قال غسان بهدوء وهو يحفز جسده المتصلب علي التحرك
-اهدأ .. ستكون الأمور علي ما يرام
لكن رفض سرمد وعدم تزعزعه من مكانه، جعل غسان يقول بحدة طفيفة
-هيا لنعد للمنزل، لن يسمح أحد من عائلتها للجلوس معها
أدرك سرمد مدى صحته في الحديث، لو فاقت وأخبرت للجميع جرمته سيقيمون له حد القصاص، وأمه هي التي ستسلمهم لهم عن طيب خاطر
اندفع جسد انثوي نحوهما لتهم جيهان بالركل والضرب وهي في حالة اندفاع وجنون شديدين، إلا إن ذراعي وسيم اطبقتا على خصرها لتمد بجسدها وهي ترفع ذراعها تهم بهشم وجهه وهي تنفجر بجنون
-قسما بالله يا سرمد لو عرفت بس انك السبب في الموضوع، هتشوف مني وش عمر ما حد شافه بجانب بابا وماهر، هاكلك بسناني واخليك تندم علي اليوم اللي فكرت تقرب منها فيه
هاجت شياطينها لتموج أنفاسها وهي تحدق به بخيبة أمل انطلقت كسهام الي قلبه العليل، انبثقت الدموع من عيني جيهان وهي تهمس باضطراب
– قولي كسرتها ليه، تبعد عنها كل الايام دي ليه؟ .. دي لسة الصبح كانت حاسة الدنيا طايرة بيها وهي بتقولي انك كلمتها
انفجرت تبكي وترثي على حال شقيقتها، ليغمض سرمد جفنيه باسي ودمعة واحدة خائنة
كانت لحظة خاشعة
وأمر جلل، بحياته ما ذرف دمعة لأجل امرأة!!
-جيهان
قالها وسيم وهو يحاول دحض مقاومتها، واعلان استسلامها.. ظلت تحارب الهواء قبل أن تشهق ببكاء
-كسر فرحتى وفرحتها، حسبي الله ونعم الوكيل فيك
نظر وسيم بإسي نحو الرجل الذي تبدو حالته تغيرت مائة وثمانون درجة بعد اعلانه المتحدي للزواج الذي قوبل بسقوط العروس فاقدة للوعي
بعض العقول ستتخذها أن العروس لم تتحمل خبر الفرحة لتسقط
والأخرى ستعيد النبش في الدفاتر القديمة، أن المرأة ما زالت مخلصة لخطيبها الأول حتى بعد خطبتها بإبن عمه!!
هز رأسه بيأس، ينفض عنه أغبرة تشتت من تركيزه، لف ذراعه حول خيرها وسمح لها بالبكاء فى صدره، انهارت الورقة الخريفية تحكي عن حياتها ومعانتها مع الرياح العاصفة.. حتى انتهت قصتها بدعسة حذاء حطمتها!!
ربت علي ظهرها وهو يغمغم بنبرة هادئة، وقلبه يستشعر حلاوة الحلال معها
ليس مرعوب أو خائف أن يكتشفها أحد
علاقة فى النور، وهالة من البهجة انتابته لم يكن ليتوقعها وهو يعقد قرانه عليها
أن يداه وعناقه وقبلته لن يكون إثمًا

 

 

-اهدي يا حبيبتي
زادت جيهان من حدة بكائها، وقهرتها عليها تزداد أضعافًا .. هي الشخص التي من المفترض أن يلومونها، لم يكن غيرها التي شجعتها على المجازفة في الحب.. الأمور ما زالت مبهمة
لكن كما استشعر الأب بوجود شئ خاطئ دون أن يعلم أنها قابلته في الصباح.. فهي متأكدة انها فقدت الوعي بسببه
لقد كانت ذابلة طوال الشهر، لكن كانت حية .. تتنفس وتؤدي عملها.. لكن ساعات فقط واختفت وظنت أن الوقت قد سرقهما وسوف استقبلها فى الخطبة
لكن لم تأتي، رأت عائلته فقط وهو لم يأتي!!!
غمغم وسيم بدفء تلك المرة وماله يتقطع عليها
– أهدي
رفعت عيناها المنتفختين من البكاء لتزم شفتيها لفترة قبل أن تهمس بقلق
-انا خايفة عليها، خايفة ترجع لنفس حالتها زمان
هز وسيم رأسه برفض تام وهو يتذكر الحالة منذ سنوات التي اختفى بها خطيبها الأول معاذ. كالزيبق قبيل الزفاف، لتعاني من بعدها حالة من الصدمة الشديدة التي على أثرها غيرت من طباع شادية
وجعلتها أكثر حساسية، وهشاشة!!
لكن يقين داخلي يخبره
-هتبقى أقوى، صدقيني .. انا عارف شادية، هترجع تقوم من تانى
مسحت دموعها المنهمرة وهي تغمغم بحشرجة
-انا السبب، انا اللي شجعتها.. قولتلها تغامر بقلبها من تاني عشان تحب وتتحب، انا اللي شجعته يقرب.. عشان كنت شايفة فيه حاجة حلوة ما بينهم
زفر وسيم وهو يقترب يحتضن كلتا وجنتيها بيده ليقول بصوت أجش
– جيهان
اضطرب عيناها لثواني قبل أن تتقابل عيناه، ابتسم وسيم وهو يداعب وجنتيها بإبهاميه ليهمس باطمئنان
– اهدي يا حبيبتي، هتبقي كويسة لما تفوق
هزت رأسها بأسف قبل أن تقول بعذاب
-انا تعبتلها بجد يا وسيم، هي متستاهلش كل ده
عادت البكاء مرة آخري، لكن تلك المرة هي عاجزة، مكبلة الأطراف
مقيدة الروح
متخاذلة للهزيمة التي سحقتها
عاجزة عن التفكير، وتقديم المساعدة لشقيقتها، هادنها وسيم وهو يشدد من معانتقته ليربت على ظهرها هامسا بدفء لذيذ
-ابكي دلوقتي، لكن مش عايزك تبكي تاني.. جيهان انتي عكاز البيت يعني من غيرك هينهار البيت
اسبلت اهدابها وهي ترفع رأسها متمسكة بحلته الزرقاء الداكنة، وبدي بهيئته الآن
أكثر بوهمية عن صورة الرجل الجذاب الذي يتوعدها بنظراته حين عقد القران
فغرت شفتيها بذهول وهي تتفاجئ انها تعانقه وتتشبث به
وهو يبادلها عناقا واجتياحًا، أسبلت أهدابها بحياء هامسة
-وسيم
احتضن وسيم كلتا وجنتيها بكفيه لتقشعر وجلاً ورهبة
على حافة الإدراك، ومغبة السقوط
زرقة عينيه الداكنة قشعرت أطراف بدنها لتتسع عيناها وهو يقول بنبرة حميمية بدت تسمعها منه لأول مرة
– انا واثق فيكي يا حبيبتي
ذعرت وشعرت أنها فى حلم يقظة لتدفعه بعيدًا عنه، لكن يدها تسمرت على ضلعه الخافق بجنون، تقرأ انفعالات جسده من لمسة يد عارضة
تقسم تلك المرة انها عارضة، لتنخفض لا اراديا بصدره قبل أن تلسع يداها وهي تنزعهما لتهمس باضطراب
– وسيم
سب وسيم ببذاءة علي مشاعره المنفلتة، جسده اللعين لا يهدأ .. ولا يبرد، وتلك المرة يصدقها، يصدق وقع تلك الأنامل على جسده.. بريئة!!
لماذا ينفعل؟!!
جذب خصلات شعره بجنون وهو يطمئنها
– ابوكي مش هيكون فايق للشغل، دورك انتي تحلي مكانه.. الشركة لو جاب فيها المدير بتقع، وسيبي الباقي علي اخوكي
أسدلت أهدابها بيأس شديد، وعاتق عمل كهذا ومسؤولية آلاف من الموظفين، وأولهم والدها الذي دخل فى نوبة انفعال وغضب لن تجعله حكيمًا فى عمله فى تلك الفترة العصبية، غمغمت بقلق
– بس انا لسه بدرب، وخايفة أغلط
شدد من عضدها وهو يقول بثقة
– مش هتغلطي، انا واثق انك مش هتسمحي لنفسك انك تغلطي
نظرت اليه بامتنان، مستشعرة صدق كلماته المحفزة، بل ثقته الدائمة به.. بلا وعي سمحت لدموعها تهبط على وجنتيها لتهمس
– مش عارفة من غيرك هعمل ايه
ابتسم وسيم وهو يحك مؤخرة رأسه بإضطراب، ويتقاتل كي لا يقبلها
بدت أمامه شهية للغاية، صغيرة، متوسلة الحماية
جيهان التي يعرفها حق المعرفة، قبل أن يقوم بتغيرها إلى نسخة أنثوية منه، جامحة .. عابثة، اقترب منها وود طبع تلك الذكري معه وتخليدها
همس بخشونة وهو يزيل دموعها بأنامله
-امسحي دموعك يا بنت السويسري، عايزة يقولوا بعد كتب كتابنا اني غصبتك عليا
انفجرت ضاحكة بمرارة وهي تهز راسها بيأس، لتتنهد على حال انتهت هذا الصباح .. بل المفاجأة التي أعدها لها وفاجئتها وفاجأت الحضور سوى عائلته وشقيقتها وشقيقها ليضعان والدهما أمام الأمر الواقع، زفرت وهي تقول ببؤس
– والله كنت محضرة خطط كتير بس للأسف جيه الفقري وفقرها علينا
ضم رأسها إلى صدره لتتنهد جيهان بزفرة حارقة وقلبها يؤلمها على شقيقتها، لولا تدخلها ما سمحت لجرح آخر ينتفح ولم يبرأ جرحها بعد!!
– بكرا كل حاجة هتتعدل متقلقيش
-مش عارفة من غيرك هعمل ايه
قالها وسيم مطمئن جوارحها المؤنبة، ليهمس
– انا طول عمري جنبك
شدد من معانقة جسده، لاجئة للإطمئنان
وهو ما ردها يومًا مخذولة!!
****
العالم مليء بالأوغاد
حتى نحن .. فى لحظة متهورة من حياتنا نصبح مثلهم.
صدق من قال لن أستمر فى جعل حياتي مليئة بالصراعات.. فالحياة فترة قصيرة، نقتطف منها كل أحلامنا.. مشاعرنا.. قبل أن تتوفنا المنية!!
بقت آسيا على صفيح ساخن متقد، والرسالة كانت القشة التي قصمت ظهرها
بحياتها لم تري جنونا، كمثل الذي انتابها.. توقعت أن محتوي الرسالة خدعة، أو كذبة منهم
لكن كيف يتوه قلبها على توقيع اسمه المميز لخطها، المدة التي يتعمدها فى حرف الألف ثم ألف صغيرة توضع كبصمة خاصة لاسمه وباقي حروف اسمها مضمومة حول الألف ..
شهر مر.. وما قاله العجوز الخرف نفذه، انتقلت لمنزل آخر .. بيت ضخم من المرجح أنه يعود لخليفة المالكي، منزل فى السابق يعود لأبيها قبل أن يمتلكه لؤي، هذا ما سمعته من العجوز قبل مغادرتها دون رجعة وتفكير.. رغم بكاء وجد وحزنها لكنها أخبرتها أنها ستستطيع زيارتها
تلك الصغيرة الماكرة الناعمة، استطاعت أن تأسر قلبها وتستسلم لنظرة عينيها الحزينتين ولا تعلم كيف أخبرتها أن لا تحزن
هي من لا تكترث بأحد سوي نفسها، اهتمت بأمر الفتاة التي من المفترض أن تصبح غريمتها…
أفاقت من ذكرياتها على صوت الرسالة لتقرأها مارية شقيقتها بصوت مرتفع
تعيد نبش الماضي، بكلامه هو
بلسانه .. تتخيله هو من يتفوه بتلك الكلمات وليست شقيقتها
” آسيا .. ابنتي الصغيرة، أكتب الرسالة وأنا أعلم أنني سأكون في ذلك الوقت مجرد ذكرى في قلوب أحبتي، غادرت البلد مضطرًا، خائفًا ومذعورًا.. غادرت لأنني كنت جبان أخشى فقدان من حياتي، ومنصبي وعائلتي.. تصرفت بأنانية لأتزوج بأمك .. وكان هذا أكبر تحدي لي لأكسر بكلام عائلتي.. عشت معكم وأنا سعيد .. مسؤول عن نفسي ولكم، أشعر بالحرية لأكون سيد قراري.. لكن طلبوا مني العودة … زوجتي رفضت ووقفت ممزق بينكما .. احترت ماذا أختار قبل أن اخبرها انني يجب أن أمهد لعائلتي لتقبلكم، وطالبت زوجتي بالصبر، لكنها خشت فقداني فقررت الرحيل”
عادت الدموع تتخذ طريق كلا منهما، الأولي بحزن على فراق والد لم تستشعر وجوده لصغر سنها، والثانية لضياع حياتها فى ركب من الجنون والسخط.. تركت الغضب والحقد يقود طريقها
والنهايــة!!
ماذا كسبت؟
خسرت نفسها.. ثم خسرت كل شئ
ما عادت هي آسيا… وما عاد المستقبل يغفر للماضي بذنوبه
ووقف الحاضر صامتًا.. حزينًا.. منتظر عفو المستقبل
استرسلت مارية وهي تمسح الدموع من عينيها لتهمس بصوت متحشرج
“عذاب عشته وأنتم بعيدون عني، حتى اخباركم من أصدقائي قررت والدتكم بكل غضب أن تقطع كافة التواصل ولو من بعيد، لا أعلم لماذا غادرت وغامرت ان تترك المنزل.. حتى المال رفضته بكبرياء ممزق، لقد قتلتني والدتك بعد أن ذبحت انوثتها ما ان سمعت عن طلب والدي للزواج من ابنة عمي، توقعت بعد مدة ستسحب المال من أجلكم أنتم فقط، لتعيشوا بهناء.. لكن كلما تواصلت مع البنك قالوا ان المال لم يمسه أحد مطلقًا، أنا أخطأت فى حقكم، ووالدي أخطأ في حقي، فطلبي عندك هو ألا ترفضي يد تقدم المساعدة.. جعلت لؤي وصي عليك.. هو الوحيد الذي ائتمنه عليك من بعدي.. رجاء صغيرتي إن كان هناك حب لوالدك، واخلصتي لذكراه، كوني معه.. لا ترفضيه ولا تنبذيه، اتركي الماضي .. لقد رحلت أنا ووالدي أستشعر به تغيرا سيكون عظيما فى المستقبل، ربما لا يريد اظهاره .. لكن لا أريدك أن تعيشي بمفردك، أدرك كافة المسؤولية التي من الممكن أن تقع عليك وانتِ صرتي من فتاة مدللة إليها الي فتاة تكدح للعمل، الذنب ذنبي .. والخطأ خطأي
انا استسلمت لمصيري وخنوعي وضعفي وقلة حيلتي، لم احارب كفاية لكم… لم أكن فارسك يا صغيرة كما ينبغي، اعذريني وسامحي والدك الذي استقبل خبر مغادرتك انتي وطفلتي مارية رحيلكم المفاجئ وخروجكم عن حدود أرضي”
انفجرت آسيا فى البكاء الحار، وعذاب قلبها يؤلم صدرها
تشعر بالخيانة، كل المقربين لها خانوها
حتى والدتها، أرادت معاقبة والدها
ما ذنبها هي بحروبهم؟ لما أدخلوها عنوة؟!
انتبهت علي انغمار جسدها في عناق شقيقتها التي ربتت على ظهرها قائلة
-مش كفاية كده يا آسيا

 

 

جزت اسيا علي اسنانها بسخط وعينيها تلمعان بقهر لتصيح بعدائية
-كنت بلومهم دايما .. بس دلوقتي زاد سخطي ليه هو
زفرت مارية بيأس وهي تتقبل دفعها لتبعد عنها وهي تسمعها تقول بتعب
-انا تعبت
غمغمت مارية بلوم
– قولتلك اطلعي منها، ابعدي عنهم بس انتي رفضتي
رفعت اسيا عيناها نحو مارية، بقدر ما هو مؤلم كلامها .. لكنها محقة!! انتبهت الي صوت شقيقتها التي تحدثت بحماس
– تعالي نرجع امريكا تاني، كملي شغلك وحياتك لو مش قادرة تعيشي هنا
هزت اسيا رأسها بإستحسان بعد صمت مطبق لمدة دقيقة لتقول
-انا مكاني مش هنا يا مارية، انا مكاني هناك.. اتربيت هناك وعيشت هناك، وحياتي هناك بس كل ده رميته ورا ضهري علشانه
تعثرت انفاسها وتحشرج صوتها لذلك البعيد الجاحد، من يتفنن فى البعد والهجر
وهي ما عادت تتحمل هذا منه، منذ صفعته الأخيرة وكل الكلام الذي بينهما بني له ألف سد وسد
لم تحاول هي باختراقه… وهو منعزلا صامتًا.. كالجبل لم ينكسر
قالت مارية بلوم
-ليه مقولتليش اللي حصل كل ده
انفجرت اسيا فى الضحك، وصدي ضحكاتها يرن الغرفة التي بلعتها الصمت
الضحك تحول لهيستريا وآسيا تنقل مقلتيها الزرقاوين بلمعة مخيفة لتواجه شقيقتها لتقول بسخرية مقيتة
-عايزاني اقولك ان اختك اللي كل مرة بتيجي تقطع فيكي عشان حبيتي واحد غلط وسلمتيه نفسك، أختك نفسها بغباء عملت كدا وخدعها
رغم قساوة كلمات آسيا، نكست مارية والماضي الأسود الخاص بها بنضال لا ينسى
ماهر بكل جهده يتناساه، لكن كيف ويوجد شمس صلة وصل بينهما، هي حتى الآن تخشى أن تحمل بطفل يشغلها عن شمس، شمس تحتاجها تلك الفترة
تحتاج اعادة صلة العلاقة بين أم وطفلتها، حتي تكبر وتختار بينهما، ولو أن كفة نضال هي المرجحة .. لكن الأيام دواليك!!
زفرت آسيا بحنق وهي ترى تعابير الألم المرتسمة على وجه شقيقتها، عضت على طرف شفتها السفلى وهي تغمغم بحدة
-انا اسفه على اللي قولته زمان، مبقاش لينا غير بعض
رفعت مارية حاجبيها حتي كادت تلتصق على منابت شعرها لتلوي مارية شفتيها بيأس قائلة
-انتي اختي في النهاية، مضطرة استحمل جنانك
زفرت آسيا بعجز وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها الثائرة كملامح وجهها، ليصيب وجه مارية الذهول وهي تهمس اسمها
-آسيا
رفعت آسيا حاجبا شريرًا، وهي تقطعها عن مخططاتها الشريرة التي تلقها فى بئر سحيق بسبب الهركليز الجاحد، لتهتف مارية بذهول وهي تري تقلبات شقيقتها من الجنون للوداعة!!
-اوعي تكوني حامل منه
شهقت اسيا بصدمة لتتراجع خطواتها بذهول وهي تضع يدها على بطنها المسطحة الخالية من بذرة عشقه فى رحمها!!
انفجرت في الضحك المرير لتهز كتفيها بملل، وأمومتها تأن بوجع لتقول
-لو علي الموضوع ده، تأكدي مية في المية اني مش حامل، كان بيرفض
اتسعت عينا مارية عن محجريهما، وهي تنظر الى جسد شقيقتها الأنثوي.. لقد كانت تجعل نصف رجال فى العمل يتصارعون كالديوك البرية من أجلها، غمغمت مارية باستنكار
-بيرفضك!!
مسدت آسيا على مواضع مفاتنها التي تنحر الرجال، بإستثناءه لتقول بتهكم
-تخيلي
لم تمنع مارية تتسائل بقلق
-اعصابه باردة للدرجة دي ولا…
قاطعتها آسيا بخشونة، ورفضت مجرد تلميح واحد يهين رجولة زوجها
-راجل متقلقيش، بس هو بيحب يعاقبني
هزت مارية رأسها بإستنكار شديد، لا تصدق أن زوجها بارد الأعصاب أمامها!!
قالت مارية رغم الفضول في عينيها
-مش هدخل في التفاصيل
لوت اسيا شفتيها بحنق، وهي تتحسر علي أنوثتها التي يدفنها ذلك الجلمود
بارد المشاعر
مهلك أعصابها
ومحطم فؤادها، قلبها العليل ما زال يرغب به
وحده من يطرب أنوثتها، وحده من يراها آسيا .. دون أي تفاصيل إضافية
غمغمت بحرقة وهي تدفن وجهها بين يديها
-ولو دخلتي، مش هتفرق
أجلت مارية حلقها لتسألها بيأس
-هتعملي ايه طيب بعد الرسالة دي
رفعت اسيا رأسها بتيه شديد، يوضح تخبطها طول الشهر المنصرم قبل أن تقول بجمود
-بعد ما اتأكدت فعلا ان الكلام ده صح بالتواريخ، وسألت البنك اللي كان بيحط فيه الفلوس مفيش غير حل واحد
تحفزت مارية وهي تري التصميم والعزم في عينيها لتقول
-وهي ؟
غمغمت بجفاء
-مواجهة أخيرة
تلك المواجهة تخصها هي، تخص حياتها القادمة
مع مستقبلها المظلم، همست مارية بجزع
-خايفة عليكي
ربتت اسيا علي ظهرها بمودة، قبل أن تشعر برائحة عطره الرجولي تأسر المكان ليزكم خياشيمها
-متقلقيش هكون كويسة
اضطربت ملامح مارية جزعا حينما رأت رجل ضخم واقفا امام الباب، ليثير داخلها هلع وكأنها أمام شخصية هرقل بضخامة جسده وميج الأنثى المغوية
تمتمت بارتباك وهي تدقق النظر نحوهما، وبالأخص تجاه شقيقتها التي تحفز جسدها وهي تتطلع الى زوجها بغضب
-كلميني
اومأت آسيا بتفهم، لتفر مارية هاربة وهي تدعو السلامة من أجلها….
ابتسم لؤي بمكر وهو لا يصدق أن النساء تشعر من ضخامة جسده إلاها
تلك الكتلة الشيطانية المتحركة
المرأة المغناجة، بدلال جسد اكتسب مكامنه الأنثوية تستطيع نحر أي رجل
وعقل داهية يودي بها الى التهلكة
ولسان يستحق البتر أيضًا!!
رفعت آسيا رأسها بأنفه، لتقول بجفاء ودون تردد
-طلقني
رفع حاجبيه للحظة قبل أن يخفض عيناه ويتلكئان على جسدها، يرى بعض الأماكن قد ازدادت أنوثة مهلكة له بسبب فرط الطعام، يعذرها لانها فى فورة صدمتها ..وتوقع طلبها… مال رأسه ليقول بسخرية لاذعة
-انتي عارفة لو كنتِ حامل كنت ادتلك عذر
احتدت عيناها شراسة وهي تري عينيه النهمة لجسدها، هبطت نظراتها الي منامتها الأنثوية التي ضاقت عليها قليلاً
حسنا تحتاج لـ حمية غذائية سريعة لإستعادة جسدها الطبيعي، ورسالته التي أخبرتها انه استمع الى محادثتها مع شقيقتها
فليستمع
وليفخر أنها دافعت عن رجولته، وكبرياء شرقيته العفنة.. جزت على أسنانها وهي تقول بحنق
-ايه البجاحة اللي انت فيها دي
تلك المرة ضاقت لؤي عينيه بتوعد شديد ليقترب منها قائلا بشراسة
-ده انتي اللي بجحة، ومش هامك حد.. عايزة ايه تاني .. مش كل اللي نفسك فيه اتنفذ
انفجرت آسيا تصرخ في وجهه، وقد ضاق بها الأرض ذرعا للومه .. وجفاءه الغير مبريين لها، ولا يراعي حتى مدى حساسية الأمر لها
-انت جاي تحاسبني على ردة فعلي، مش انت جررتني عنديهم بدون ما تمهد حتى.. خلتني اواجه اكتر ناس اذتني وعايز مني اصبر
لمعت الزرقة الداكنة بشيطنة، قبل أن تنكس برأسها وهي تسأله بوجوم
-انا فين من كل ده .. انا رقم كام في حساباتك
وقبل أن يتسنى له الرد، أجابته بمرارة
-صفر يا لؤي .. صفر
رفعت رأسها إليه تريه نصل الخذلان الذي دكه فى صدرها، لتهمس
– طلقني
وضع لؤي يديه في جيب بنطاله، ليسارع بإرخاء عقدة ربطة عنقه وهو يغمغم بضيق
-روحي نامي، انا جاي من الشغل تعبان
اندفعت نحوه وهي تدفعه بكل قوتها، لتصرخ بمطالبة كرامتها الممزقة
-بقولك طلقني
ثم رفعت عيناها تواجه صخرتي عينيه لتهمس بمكر
– و إلا هطلع على السفارة وهما اللي يطلقوني منك
ابتسم لؤي بقسوة ليمد يده ويحتضن خصرها، بما يسمى عناق الموت
يشل أطراف جسدها، ويسحق عظام ظهرها لتتأوه بوهن وهي ترفع ذراعيها تحاول الفك من قبضته، ليميل برأسه وهو يهمس بنبرة متوعدة

 

 

– خلي رجلك تعتب باب السفارة، واعرفي انه مش هيطلعلك نهار
تقهقرت جيوشها الضارية متراجعة بتخاذل، لتستسلم لثواني ووهن لتستريح برأسها علي صدره وهي تضم قبضة يدها لتضربه بوهن على صدره الصلب
– مش بتهدد يا لؤي … متخلنيش اتجنن واقلبها عليك وعلى الكل
زفر لؤي بيأس ليحرر حصار خيرها قبل أن يقبض علي رأسها ويتحكم به وهو يضم جانبي وجهها ليسألها بصراحة
-انتي عايزه مني ايه تاني .. انا زهقت
تريد عائلة
تريد أطفالا منه، تنجب العديد من الأطفال
تريد حياة جديدة
تريد استرجاع طفولتها
تود عودة أبيها من الموت
تود تعويض النقص له ولعائلتها التي ستكونها معه
لولا انه أصابها بداء العشق، لتركته ولمن تلتفت خلفها
ستستمر في حياتها، الزواج من رجل وانجاب العديد من الأطفال
لكنها تريد حبه
هو الرجل الوحيد الذي سيظل يعشقها حتى لو انطفأت أنوثتها المتوهجة
سيحبها حتى لو اكتسب جسدها بعض الوزن
سيظل ينظر لها بتلك الطريقة التي تجري الكهرباء فى عروقها حينما ينال منها قبلة ليخلفه بعده رفع رايات البيضاء
عادت تلكمه فى صدره وهي تجيبه بحرقة
– انت هتستعبط، بقولك طلقني
ضم لؤي جسدها بتملك جعل اسيا تأن بطلب وذراعيها ترتفعان لتلف حول عنقه وهو يغمغم بخشونة
-مش ده اللي انتي عايزاه يا آسيا
تأوهت بوهن شديد لتشعر بالأرض التي تميد بها، لولا جسده الذي عمل كدعامة وسارع من رفع ساقيها لتحتضن خصره وسار بها نحو غرفتهما
دفنت وجهها في عنقه، توزع العديد من القبلات لتفاحة آدم الخاصة به، وعرقه النابض.. ليقبض لؤي علي خصرها بقوة ويقرصها
تأوهت بألم حقيقي حينما زاد من وجع قرصاته، لتترك مواضع ضعفه جانبه وهي تهمس بهوان
-دلوقتي آسيا، دلوقتي عارف آسيا عايزة ايه ومش عايزة ايه
هم بوضعها علي الفراش، لكن اسيا ألقت بكامل ثقلها عليه ليختل وزنه لثواني وهو يميل بها، صاح بحدة حينما وقع على الفراش وهي تعتليه
– آسيا
رفعت آسيا رأسها وخصلات شعرها البرية، تحكيان عن قصة امرأة لم تخلق بعد للانحناء
وهذا ما يعززه لها.. قبل أن تأتي هي وتطعن رجولته.. فماذا تنتظر منه؟؟
تصقيف مشجع أم قبلة؟!!…وهو يعاقبها بهجره في الفراش ويعلم كم هذا موجع لكلاهما!!
تمتمت آسيا بضعف وهي تدعم ذراعيها كي لا تسقط على صدره
-انا مش عايزة أأذيك، انا بقيت اخاف علي نفسي
انفجرت فى البكاء وهي تداري عينيها عنه، ليستقيم لؤي ملهوفا وهو يضمها بقوة إلى ذراعيه
نحو ملاذها الآمن، ومسكنها المفضل
صاح لؤي بصرامة وهو يربت علي خصلات شعرها قبل أن يدفن نفسه في خصلات شعرها السوداء مقبلا اياه
– مش هسمحلك تأذي نفسك
رفعت اسيا رأسها تحكي عن وجعها الأخير، وجع أمها وما جرمته في حقهما من حياة التسول والاب يعوض حرمانه وضميره ببعض أموال تعيلهما حتى إنهاء خلافاته… غمغمت بضعف خاص بهما
لغة تذكره بالأيام الخوالي، حينما تتحدث عن وجعها بوالدها وقراره بتركه لهما
-لؤي
خبئ وجهها في صدره وهو يشدد من طوق الحماية ليربت على ظهرها هامسًا
– هيعدي، كله هيعدي
****
وقفت وجد تنظر إلي الشقة بعد تغير الأرضيات البلاطية التي جار عليها الزمن إلى أرضيات بورسلين لامعة … رغم تفضيلها للأرض خشبية حيث يمنحها الدفئ لكن هذا ما فضله عاصي، فقررت هي أن لا تكترث للأرضيات ولا الحوائط، وستصب كامل اهتمامها فى صومعتها لمنشئها الخاص بتصميم الثياب فى احدي غرف المنزل الفسيح!!
تورد طفيف يغزو وجنتيها وهي تتخيل كل أثاث تختاره معه لمنزل أحلامهم، لتلتفت نحو عمتها جميلة لتسألها ببعض التوجس
-ها ايه رأيك
همت بنطق “مماة” كحال لسانها الذي اعتادت قوله من الصغر، إلا أنها اطبقت شفتيها بصمت، جعل جميلة ترفع عيناها نحوها لتهمس ببعض الخيبة
-برضو لسه حساها تقيلة على لسانك
دمعت عيناها وهي تكبت وجعها، وقلة حيلتها .. تعامل معاملة أقل من وضيعة وكله بسبب التي غادرت المنزل.. عمها يقاطعها حتي الآن
ووسيم يحاول تلطيف الأجواء وكذلك وجد تشاركه ببعض الحيطة والحذر، لكن كما يقولون .. لا حياة لمن تنادي!!
غمغمت وجد بأسف
-اسفه .. بس صدقيني صعب
هزت جميلة رأسها وهي تنحر مشاعرها السلبية، لتنظر من صورة ايجابية تلك المرة
صغيرتها جلبتها اليوم لتري شقة زواجها المستقبلي، لا تنكر أن العقار قديم ويدل على عراقة أصله، تعلم بعض من المعارف فى المنطقة وهذا يطمئنها قليلاً لتهمس بهدوء
-براحتك يا وجد
ابتسمت وجد وهي تتنقل نحو الشقة الفسيحة بحرية، وابتسامة عاشقة تزين ثغرها لتسألها بحماس
-قوليلي رأيك في الشقة
هزت جميلة رأسها باستحسان لتنظر الي الأرضية اللامعة ببعض الاستحسان لتقول
-مش بطالة، المهم ان كل pieces اللي طلبتها ميبقاش فيها خدشة لما تتنقل
اومأت وجد برأسها، وهي تعلم شحنة الأنتيكات التي طلبتها ستكون باهظة الثمن، وربما تدخل فى وصلة شجار مع عنيد الرأس، لتغمغم ببعض القلق
-متقلقيش
صدر صوت ضجيج من علي مقدمة باب المنزل، أرهفت جميلة بإذنيها للاستماع الي المتحدث وما ان علمت هويته هزت رأسها بيأس .. وعرض المهرج على وشك البدأ ..
ثلاثة
اثنان
شهقت تحية بتصنع واصوات اساور الذهب يصدر ضجيج مزعج كصوتها
-يارب يا ساتر، مش تقول يا ابني فيه حد هنا
اتسعت عينا جميلة بجحوظ وهي تري الرجل الذي بصحبتها، توجست في نفسها خيفة من هيئة الرجل المرعبة ليصدر صوته الأجش وهو يربت علي كرشه الضخم
-ماخدتش بالي يا ست توحة
تعمدت تحية النظر من اسفل عينيها الي هيئة المرأة العجوز المتصابية، لتراها ترتدي تنورة قصيرة وسترة ملائمة من نفس لون التنورة، لتمتعض شفتيها بحنق موجهه لمحدثها
-قولي التشطيبات وصلت لحد فين
القي الرجل نظرة متفحصة تجاه الشقة ليربت علي كرشه ليقول بابتسامة متكلفة
-متقلقيش يا ست الكل، تلات شهور بالضبط وهتلاقي الشقة دي شمعة منورة
هزت تحية رأسها باستحسان، وما ان استمعت الي المدة التي قالها صاحت بسخط
-تلات شهور مين ده يا وااد، اوماال مدياك فلوس ليه؟!! .. مش عشان تخلص
اسبل الرجل جفنيه قبل أن يقول بغمغمة نزقة
-يا ستنا الصنايعية زي ما انتي شايفة، الصناعية يوم اه وعشرة لأ
هزت تحية رأسها تجاه وجد التي اقتربت منهما بتؤدة لتري اتساع عينا الرجل من هيئة المرأة الشابة التي اقبلت عليهما، اخفض ناظريه وهو يعلم ان توحة ان رأت انه يتعدي على أهل بيتها لن ترحمه ولا حفيدها، وقد تاب توبة نصوحة بعد أعوام من الفساد والعربدة!!
سألت تحية بحدة والشرر يقدح من عينيها
-مش بيفطروا ويتغدوا ويتعشوا
هز الرجل رأسه برضا وقد توجس خيفة مما تقوله
-مضبوط
لوت تحية شفتيها بيأس لتقول بنبرة آمرة
-الغي الفطار والعشا، مش جيباكم عشان تبعزقوا فلوسي هدر
اتسعت عينا الرجل بجحوظ قبل أن يصيح بنزق، غمغمت جميلة بحنق وقد قررت مشاركتهم فى الحديث
-قولنا نتفق مع شركة تصميم رفضتي
تخصرت تحية وهي تلتفت بتبجح تجاه المرأة قائلة
-ومالهم الصنايعية يا عنيا، طب الشركات دي نصابة ومبتعملش حاجة ..اما التانين اضمنهم برقبتي من ايام المعلم وشغلهم زي النار من وقتها
ربت الرجل بكف يده علي صدره قائلا
-الله يكرمك يا ست يا كريمة
نظرت اليه توحة من اسفل عينيها لتغمغم بسخط
-الشاي هيبقي علي حسابكم
فغر الرجل شفتيه بجحوظ، ليهم بالاعتراض إلا أن تحية أخرسته قائلة
-كلمة كمان، وهقولك ملكمش غدا
لقد اكتفي الرجل من ديكتاتوريتها ليصيح بسخط
-كدا محدش هيجي ويشتغل
ابتسمت تحية بتشفي وقالت
-والله وفرت وابقي وفرت فلوسي اللي بتلهفها كل يوم
غمغم الرجل بعدم رضا، لتقترب منه تحية هامسة
– شاور عقلك يا اما نشوف حد غيرك
ظل الرجل يرغي ويزبد حتي ضاق به الأرض زرعًا، اقتربت جميلة منها وهي تهمس بجفاء
– علي فكرا باين اووي الحركة الفاشلة اللي عملتيها عشان تجوزي وجد لحفيدك
-متفتكريش اني هسكت علي اللي بتعمليه
التفت تحية تنظر اليها من بين عينيها وهي تري وجد تبتعد عنهما لمكالمة هاتفية، همست بجفاف
-بقك ده .. هوا، اعلي ما في خيلك أركبيه، هو انتي فاكراني عندي صحة عشان اجري وراكي واقولك جوزي البنت
اتسعت عينا جميلة من تبجح المرأة، لتقول بحدة
-يعني بتعترفي انك عملتي
صدر نحنحة خشنة على الباب المفتوح، ليلقي عاصي السلام للجميع
-مساء الخير
ابتسمت وجد بشغف وهي تقترب منه تتبادل معه اطراف الحديث، ليقترب عاصي بتحفظ تجاه عمتها وهو يسألها
-يارب يكون التجديدات نالت اعجاب حضرتك
زمت جميلة شفتيها بيأس، قبل ان تقول بتأفف
-مش بطالة، بس الصالون ده هعمله علي مزاجي.. كفاية سبتكم وعملوا باقي الاوض مع الهمج اللي زي دول
التقط الرجل نبي الاستحقار من شفتيها ليقترب منها قائلا بنبرة شرسة
-همج مين يا عنيا!!
وعلي حين غرة أخرج المدية من جيب بنطاله، لتشهق جميلة ووجد بذعر فى وقت واحد والرجل يصرخ هادرًا فى وجهها
– جرا ايه يا ولية، لولا انتي ست كبيرة وضيفة ست الكل دي كنت عملت التمام معاكي
توقف عاصي امامه وقد احتدت عينيه شراسة ليهدر فى وجهه
-صبحي
تراجع المدعو صبحي وهو يدخل المدية في جيبه وقال بصوت وديع
– وخاطر الاستاذ ده كمان
انفجر عاصي يصيح بعنف فى وجهه، وملامح الرعب التي رآها علي وجه امرأته تثير به الحمائية والغضب
-اطلع برا
غمغم صبحي بتوسل
-يا استاذ
جذبه عاصي من تلابيب قميصه ليهمس بنبرة مميتة
-بقولك برااااااا
ركض صبحي خارج المنزل بخطوات متعثرة، وليس في حاجة ليعلم انه سيصبح حديث الحي بأكمله ولن يجد عمل حلال يسترزق منه!!
حاولت جميلة المحافظة علي تعابير وجهها الاستقراطية، لكن الخوف الساكن في عينيها فضحها، لتهمس بارتجاف وهي تضم جسد وجد بحمائية
-ايه اللي انتي جيباهم دول

 

 

زمت تحية بامتعاض شديد تجاه الثور الهائج صبحي، وقد خذلها تماما في مهمته الجديدة!!
الحق يقال انها ما ان علمت من بواب العمارة الخاصة بها بقدوم العروس الجديدة مع امرأة كبيرة في العمر، ارتدت عبائتها الثمينة ومجوهراتها وطلبت الأحمق صبحي ليؤدي تمثيلية سخيفة مقابلها أن ستتوسط له للعمل مع احدي المقاولين المضمونين!!
قالت ببرود وهي تنظر الي عيني عاصي الغاضبتين
-قالي انه تاب توبة نصوحة وقولتله تعالي يسترزق
غمغمت جميلة بارتجاف وهي تشدد من عناق وجد لتسحبها خارج المنزل قائلة بعنف
-انا مستحيل افضل دقيقة هنا
نظرت اليه ما تحية ببرود شديد، رفعت رأسها لتقابل عيني عاصي المعاتبتين لتقول بتهكم
-روح راضي السنيورة هي وعمتها
ابتسم عاصي بيأس شديد قبل ان يتقدم منها وهو يميل طابعا قبلة علي رأسها ليهمس
-مالك يا توحة بس
غمغمت تحية بحنق
-بربيها
همس عاصي بنبرة معاتبة
-افرض دلوقتي كان شارب حاجة وايده طالت حد فيهم، هتتصرفي ازاي
هزت تحية رأسها بيأس لتقول بثقة
-مش هيقدر طول ما انا موجودة، وبعدين انا قولتله هي مصلحة تكسب منها قرشين في الحلال.. وانت عارف انا طول ما في ايدي حل بساعد
هم عاصي بالرد عليها، لكن صوت وجد قاطعهما لتهمس بيأس
-مشيت للأسف
القت تحية نظرة خاصة لكلاهما، لتتيح لهما بعض الوقت الخاص وهي تقول
-عاصي يقولك بقي الموضوع، هلحق ارجع الحتة عشان تعبت من الوقفة
رفرفت وجد باهدابها وهي تري تحية تخرج من باب المنزل، لتقول بتعجل وهي تبحث عن حقيبتها
-طيب انا هجيب شنطتي وهمشي
اهتدت وجد اخيرا لحقيبتها لتسارع بحملها وما ان استدرات علي عقبيها تراجعت خطوة واحدة حينما رأته امامها لا يفصل بينهما سوي بضعة انشات
رجفة عنيفة مرت علي اطراف جسدها حينما لف ذراعه حول خصرها لترتطم بعضلات جسده، شهقة منفلتة خرجت منها لتهمس باضطراب
– عاصي
لف ذراعه الاخر حول خصرها ليحتضنها بتملك شديد منه لم تعتاده وجد التي تورد وجنتيها وألجم لسانها حينما همس بشوق فضحته عيناه
– وحشتيني
فغرت وجد شفتيها بصدمة قبل أن ترفع عيناها لتري باب المنزل مفتوح، تحركت تنوي الفكاك من حصاره لتهمس باضطراب
-يا مجنون الباب مفتوح
مال عاصي واضعا جبينه علي خاصتها، ليزفر بحرارة محاولا كبح انفاسه الثائرة وجنون قلبه .. والجام مشاعره المنفلتة ليقول بهمس خافت
-خلتيي اتجن علي ايدك يا بنت المالكي
كهرباء سرت من أسفلها حتي شلت جميع أطرافها، لينفرج شفتيها بلهاث حار وعينها تتسعان بوجل لتهمس
– انا!!
لكن القلق يطرق ابوابها، وهي بين الحين والاخر تخشي أني يقتحم احدهما باب المنزل… شهقت بذهول حينما مال يطبع قبلة عميقة علي خدها الأيسر لتنصهر بين يديه وهي تهمس بضعف
– عاصي
ابتسم عاصي بأسي وهو يسيطر علي مشاعره قبل أن تنفلت ويحدث ما لا يحمد عقابه
فالشيطان كما يقولون .. شاطر
وهي مستسلمة بوداعة بين ذراعيه، فكبت احباطه وآنين حاجته بقبلة علي الخد.. ليهمس بخشونة
-بقولك وحشتيني، ايه انتي مش بتحسي
اتبعها بقرصة خفيفة على ذراعها، لتتأوه وجد بتوجع .. هم عاصي بالزهور لكن تحية من حيث لا يدري
واقفة له بالمرصاد
ليعلو صوتها الجهوري منادية اسمه
-عااااصي
رمق عاصي وجد بعتب لتنكس وجد رأسها بخجل، ليحك عاصي مؤخرة رأسه قائلا بصوت مرتفع
-جايلك يا ست الكل
ثم فر خارجًا من المنزل لتضع وجد اناملها علي موضع قبلته وأثرها ما زال مخدرًا
اغمضت جفنيها بابتسامة ناعمة، وشعور بالفراشات تداعب معدتها لتناجي بتوسل
-احفظهولي ياربي، ومشوفش منه شر أبدًا
****
فى المشفى،،
جرح غائر.. لم يبرأ
استعادة كوابيسها الماضية، التي ظنت أنها دفنتها فى قاع ذكريات مطموسة.. لتصدم أنها ما زالت حية قريبة من أنفاسها!!
نكست شادية رأسها أرضًا، والصفعة التي تلقتها منه، كسرتها..
لكن منذ متي الملكة ينكسر تاج كبريائها وعنفوانها أمام هزيمتها في المعركة!!
ترفع رأسها بأنفه وحاجتها لتلمس شئ صلب وقوي، بعيدة عن كافة ذكرياتها به .. صعبة!!
كيف يكون الحامي وبطلها المغوار.. من يقولها بدم بارد!!
لما قرر أن يمارس طقوس مهشمة لأنوثتها، ماذا استفاد من إعادة الذكريات؟
هل أرداها عذراء؟ .. عذراء الجسد والروح؟!
اتسعت عيناها بجحوظ مخيف، لتنكس رأسها مرة آخري والدموع قد عرفت طريقها للخروج
ألم تخبره مرارًا ؟ أكانت فى حاجة صريحة لقولها؟
غضب عميق متعاظم يتدفق في شرايين جسدها، لتتبدل ملامحها للقسوة ..
ومن أعلي قمة للحب تمكن قلبها من عشق كل ذرة منه… إلي سفح الغضب والجنون!!
ومضات ذكرياتها القديمة وهي معراة الروح والجسد.. تتخالط مع ذكريات حية قريبة، نابضة بألم
تأوهت بوهن .. ومكوثها لأسبوع في المشفى كان على قرارها… الكثير من زيارات فريال ونجوى ووالدها الذي أصبح شبه ملتصق به
حتى أنه أخذ غرفة مجاورة لها كي لا يتركها في بداية وجودها هنا، قبل أن يطلب ماهر منه الرجوع للمنزل.. ورغم رفضه إلا أنه وافق علي مضض لكونه يمتلك بلوة آخرى عقدت قرانها مع وسيم الحي!!
أفاقت من شرودها علي ربتة حانية على ظهرها لتبتسم شادية بضعف، والسواد أسفل عينيها يكشف عن كذبها لمحاولتها الحثيثية للمقاومة والوقوف على أرض صلبة!!
علي الأقل هذا ما تحاول فعله، والطبيبة النفسية تمتلك صبر طويل وانتظار لإخراج ما في جعبتها!!
التفت إلى والدها الذي بلغه الكبر والهوان، لتشفق على الفور وهي تتسع ابتسامتها بحبور شديد لتميل طابعة قبلة على رأسه هامسة
-انا كويسة يا حبيبي
ونظرة التردد والشك، نحرتها عميقا
خصوصا لمعة الحزن في عينيه، وقيود الذنب التي يلفها حول عنقه، جعلها تغمغم باطمئنان
– انا والله بقيت كويسة، متقلقش عليا
والأب فى حالة عجز، مكبل الأطراف .. ليرفع يده الخشنة يمرر بها على وجهها الشاحب.. لقد خذلها مرة آخري
هذا ذنب لن يغتفر فى حقها، ولن تغفره ثريا على حق تفريطه في بنتيه
تحشرج صوت الأب والدموع تغالبت عليه ليقول
-مش عايز اخسرك من تاني
اتسعت عينا شادية وهي تري انكسار والدها .. تمسكت بساعديه بقوة وهي تهز راسها بنفي … لتقول بابتسامة حلوة جاهدت فى ظهورها
-ربنا يديك الصحة يا حبيبي، بعدين انا هكون جنبك لحد لما تزهق مني
ضم رأسها إلى صدره ليميل طابعا قبلة على رأسها، لتتنهد شادية وهي تضم جسدها داخل حضن أبيها وابتسامة ناعمة تحتل ثغرها..
مهما خذلها العالم
فلن تخذلها عائلتها أبدًا
قاعدة ثابتة، تعلمتها من أمها .. والأمر حقيقي
لقد خذلها رجل فى المرة الأولي، حينما كان اهتمامه يصب فى اقتناص الفتيات عديمات الخبرة إلى فخ الزواج
والثاني…..!!
حريق هائل يتشعب كل ركن فى جسدها، وقلبها يئن بحرقة ووجع شديدين
سمعت غمغمة والدها المحترقة
-انا عارف انك مش هتتكلمي غير وقت ما تعوزي، بس قوليلي يا شادية هو خذلك؟
لقد خذلني
صاحت بها بضياع شديد أسرتها في نفسها، ولم تبدها له.. رفعت عيناها إليه وهي تهمس بجمود
-بابا ارجوك ملوش داعي نعيد اللي فات، انا كويسة
وهذا أكبر كذبة علي ما قالته، لو يعلم مقدار جرحه لها، يقسم أنه لن يطلع عليه نهار سوي وهو يقتص منه!! رغم محاولات عائلته الحثيثة للإطمئنان عليها.. وللحق يقال والديه أكثر إحترامًا منه.. سألها بنبرة ذات مغزى
-لسه بتحامي عليه ؟
سؤاله أخذها علي حين غرة، لكنها لم تهتم به أكثر من اهتمامها به هو
تخشى فقدان عكازها الوحيد فى الحياة، غمغمت باضطراب
-انا
وصله اجابتها دون الحاجة لقولها، لا يعلم ما فعله الأحمق .. لكن يبدو أنه أذاها
بل وتخشى عليه منه!!!
اندفعت جيهان تقتحم الغرفة وهي تقترب منهما قائلة بمرح
-ايه يا ست شادية، الدكتور قالوا صحتها زي البومب وبتتدلع ومش عايزة تمشي من المستشفى
ابتسمت شادية بوهن وساقيها بلغهما الوهن لتعود جالسة على الفراش وهي تتمعن فى ملامح شقيقتها المتحفزة برغم ابتسامتها الواسعة الكبيرة، والتي تفضح متى زيفها؟!
اعتصر قلبها آلما لحال عائلتها الصغيرة، ومدي إصرارها على الوقوف مرة أخرى جعلها تغمغم بصوت خفيض
-قوليلي كتبتوا الكتاب
انفجرت جيهان ضاحكة وهي تتذكر وسيم الذي كان يردد خلف المأذون بتعجل، متمسكا بيد والدها وعينيه تحكي عن عذاب رجل .. وصل إلى باب جنة محبوبته وقد طاله الشوق
اقتربت من والدها لتطبع قبلة على وجنته، وذكريات الأسبوع مر كلمح البصر، مع انشغالها صباحا فى الشركة .. ووسيم الذي اكتفي فقط بمبادلة الرسائل يوميًا، وقد انتقل من منزله المقابل لهما لمنزل عائلته
وحينما سألته لما كل ذلك الاحتياط، أجابها الوقح
-أخاف أجي أوضتك من الشباك وأنا عارف أنك بقيتي حلالي
توردت وجنتيها من الخجل، لتعض على طرف شفتها السفلى، وجرأته بلغت منتهاها حتى يخبرها صراحة !!!
هزت رأسها محاولة نفض أغبرة الرومانسية عنها، لتقول بشقاوة
-علي اخر لحظة، والله كنت حاسة ان الجوازة مش هتكمل على خير .. كنت مستنية بابا ياخدني ويقوله معنديش بنات الجواز
زم معتصم شفتيه بحزم شديد ليقول
-بنت
انفجرت جيهان ضاحكة بضحكة رنانة، جلبت ابتسامة واهنة لشفتي شادية التي تشعر بأن ابتسامتها أصبحت مكلفة وباهتة.
رفعت جيهان حاجبيها بشقاوة، ورغم الغصة المؤلمة في حلقها لصمت شادية عن إخبارها بما جرى .. يزيد من خوف الجميع، وتكتفي أنهما لم يتفقان معًا وانتهي الأمر!!
اندفعت جيهان تطبع قبلة على خد والدها لتقول
-والنبي يا عصوم انت، ما يجي معاك الا الإجبار
ابتسم معتصم ببهوت ومحاولات ابنته الحثيثة لدحض الغضب والقلق قد آتي بثماره، لينتبه على صوت جيهان التي قالت بصلابة

 

 

– يلا يا سيد الكل كفاينا قاعدة في المستشفي، الشغل بيناديك وانا مش عارفة حاجة فى الشركة
هم الأب بالرفض وملامح وجهه قد أظهرت ما ينوي قوله لكن جيهان قاطعته بصرامة
-متحاولش هتيجي معايا البيت عشان تفهمني
انتبهت شادية من شرودها على ثياب جيهان العملية!!
هل هذه سترتها؟! .. وبنطالها الواسع العملي؟!!
اتسعت عينا شادية بجحوظ لتنظر الى جيهان التي لعبت بخصلات شعرها مغمغة ببرود
-ايوا بتاعك على فكرا، واخدت كام طقم من عندك
فغرت شادية شفتيها بذهول وهي تري بلوزتها الخضراء التي لم ترتديها بعد، وسترتها المفضلة .. تجهمت ملامح وجهها وهي تدمدم بسخط
– انتي
قاطعتها جيهان بلا مبالاة وبغمزة عين مشاكسة
-مستنية هدومي توصل، فجيت ليكي يا حبيبة قلبي عارفاكي مش هتكسري بخاطري
زفرت شادية بيأس وهي تلعن فكرة بقائها في المشفى، متأكدة حين عودتها ستكون قد قضت علي نصف خزانتها، اقتربت جيهان منها وهي تطبع قبلة على خدها لتهمس
-لو احتجتي اي حاجة اتصلي بيا
هزت شادية رأسها بإيماءة خفيفة، ليتبع الأب بقبلة دافئة على الجبين أثلجت صدرها ليهمس
-خلي بالك من نفسك
كبحت الدموع من الانهيار وهمست بتحشرج
-حاضر
……
وقف سرمد أمام الغرفة الخاصة بها مترددًا
إن سألتموه عن سرمد السابق وسرمد الحالي
في السابق لا يتردد أبدًا، لا يفكر في ما يقتحم نفسه به إلا بعد أن يدرك فداحة أمره
وفداحته هي…!!
خسرها وما فعله فى لحظة جنونه، ضم قبضة يده بقوة حتى أبيضت سلاميات يديه وصرخة صوتها المعذب “كلكم شبه بعض”
ترددت الجملة فى أرجاء جسده بوقع مخيف علي قلبه، يشعر بانسلاخ روحه عن جسده كلما ترددت العبارة مرارًا !!
نكس رأسه وتهدل كتفيه وصوت خبيث يسأله
هل تريد أن تقضي على المتبقي منها يا مغفل؟
ماذا ستفعل حينما كنت تتقلب علي صفيح ساخن وذلك الجرذ يتفوه بأقذر العبارات عنها، متغزلا فى مفاتنها بوحشية
بل ويخبرك بكل غرور.. أنه سبقك إليها!!
جدران شيدت بينه وبينها بعد أن كان ظن أنه وصل لحجرتها فى القلعة الحصينة، جاءه جنود مجندة ذو بأس شديد جروه إلى منفى بعيد عنها!!
يراقبها تذبل يوم عن اليوم الذي يليه، ويصله أخبارها من ممرضة تعتني بها، وقد اكتسب تعاطفها حينما رأته مجنون عليها!!
هل أصبح مجنون بها؟!! … رفع رأسه والإجابة تصله صريحة دون أدني تفكير وتردد..
هو مجنون لأدق تفاصيلها التي هي تغفل عنها، كاميرته عملته أن ينظر إلى الناس بزاوية مختلفة… وهو كان مصدق لزواياه
ما اخطأ يومًا في الحكم على أحد… سواها هي!!
تلك اللعنة الخاصة به.
اندفع لا إراديا داخل الغرفة وجسده ينتفض برهبة لقدسية مكان يطئه، كسارق يخشى أن يعثر عليه أصحاب المنزل كي لا يزج به إلى السجن!!
ألقي نظرة سريعة نحو الفراش ليراه خاليا، مرتبًا لم يمسه أحد منذ فترة.. ارتفع عيناه لا إراديا نحو صوت ساخر مشبع بالمرارة
– جيت عشان تعتذر ولا جيت تتطمن أني لسة عايشة
رفع عيناه ليحدق بظهرها المتصلب ووجهها مقابل النافذة الزجاجية، وقفتها تنبئه أنها كانت فى انتظاره!!
انتظار مواجهة آخري
معركة نهائية بينهما، تكون الفيصل!!
نسيم الليل يلفح هواءه فى وجهها .. ينثر عبق سحره فى جنح الليل
حيث هو ملجئ للعاشقين!!
غمغم بخشونة، ولسانه لا يجد عذرًا واحدا لما قام به
-شادياااه
استدرات شادية على عقبيها وهي تصرخ في وجهه بصرامة
-اخرسس
رفع وجهه وقد اخذه صراخها علي حين غرة، نبرتها المشبعة بالقسوة .. تفرس ملامح وجهها التي قدت من حجر، ولهيب أنفاسها الذي يصله ليداعب صفحات وجهه لتقترب إليه بعنفوان أنثي لم تعلم معنى الكسر مطلقا لتتفنن في حرقه حيًا
-واحد زيك ماشي ورا كل ست وجرب ستات أشكال وأنواع، عايز فى الأخر تتجوز واحدة محدش لمسها، طلعت قذر
بصقت آخر كلمة وهي تنظر اليه مشمئزة من ملامح وجهه الوسيمة، غضب الكرامة .. ونيران الأنثى بداخلها تتفنن في جلده كما جلدها دون رحمة!!
كم مرة استنجدت به .. وتوسلته، اقتربت منه وهي تجذب ياقة قميصه لتهدر فى وجهه
-حرقك موضوع انك مكنتش أول راجل بالنسبالي، جسمي كان أهم من مشاعري وقلبي مش كدا!!
صمت وهو يضم يديه بجانب جسده، لا يملك جرأة على لمسها .. ولا امساك يدها، كما تفنن به سابقًا
هل لو أخبرها ذلك اليوم انه كان يعاملها كزوجة، ويشهد الله على كل كلمة تخرج من شفتيه، ستصدقه؟
تراجع خطوة حينما دفعته بكل يأس منها لتصرخ بغضب جم
-رد عليااا كان جسمي مهم، عشان يرضي خيالاتك القذرة .. بس اول ما عرفت ان غيرك لمسها، اتجننت
عض سرمد على نواجذه، وهو يزفر بحدة .. ليضغط على يديه بعنف وداخله يموج بالغضب والحزن لتتسع عيناه بجحوظ حينما ذبحته بكلماتها
-انت ومعاذ واحد، جنس قذر وللأسف انت مش راجل
ران الصمت بينهما ليحدق بها بعينين مستعرة كالجحيم، جعل شادية تنظر بتشفي
لنيرانها الهائجة التي ما زالت تشتعل بعظمة وجنون، دون سبيل للنجاة!!
فليحترق بنيرانه كما أحرقها بكلمات لسانه
تتذكر حينما قال له ذات مرة ” سأقولها لمرة واحدة، وأحفظيها لأنني أكررها لك، عاطفتي محرقة وغضبي انتقام أهوج .. ستؤلمك كثيرًا عزيزتي”
صدق في كلامه، عاطفته وخشونته وتفننه بتدليلها أشعل أنوثتها التي اندثرت، وانتقامه كان وقود غضبه، ليخسر نفسه ويخسرها هي !!
مرارة كالعلقم تكاد تقضي عليها، وهي تدير بوجهها للجهة الأخيرة، متفننة بتعذيبه وإخراج اسوأ ما بها له .. ولتحرقه .. لن تنظر إلى وجهه
ستستخدم نفس الكأس الذي تجرعت منه، لتقسو بكلماتها وهي تنطق باحتقار
-ايوا مش راجل، انت مسخ .. عديم الرجولة والإنسانية.. مفيش أي ذرة رجولة جواك، لو حد مكانك وراجل كان ببساطة قرر يسبني .. بهدوء وبدون شوشرة لو كان موضوع العذرية يهمه في الست اللي ناوي يتجوزها
أطبقهما الصمت، والجسدان اللذان في كل مرة لم يعترفا بالبعد
انسلخ كل منهما في جهة مخالفة، وزفير أنفاسه الساخنة تصلها بوضوح، اغرورقت عيناها بالدموع لتزيح دموعها بعنف استدارت علي عقبيها لتقف مواجهة له والغشاوة تعمي عينيها
-بس انت عملت ايه، بكل بجاحة وأحقية انت أصلا متملكهاش جيت تقضي عليا .. حطمت ثباتي الأخير
جميع أسلحتها على وشك النفاذ، وهي ما عادت تستطيع الوقوف على أرض صلبة بل تشعر بأن الأرض تكاد تميد بها.. لتشعر بحركة خفيفة منه
ابتعدت كالملسوعة تحذره من مغبة الأقتراب واللمس، لترفع عيناها تلك المرة تنظر الى عينيه التي تلونت بلون الدماء وبقت هوته السحيقة مدمرة
رعشة مرت على أطراف جسدها، وهي تسقط على الفراش بهون شديد .. لتهمس بصوت جامد
-بس تعرف .. كنت فى الأول بقول خليك تحترق مع خيالاتك الخصبة اللي عرف معاذ ينميها، بس عشان أقطع كل حاجة بيك نهائيا هقولك حاجة واحدة
رفعت عيناها مرة اخرى اليه، تخترق هوته السحيقة لترى بها خرابًا . ابتسمت بشماتة والقلب يدعس بقسوة في سبيل الكرامة
تري الشحوب الذي يتدفق فى كل عضلة من جسده، لتقول بخواء
– تخيل أن ليك أخت اكتشفت ان خطيبها في مقام جوزها قبل الفرح بكام يوم جرها الي بيت الزوجية وخدرها عشان يملك حاجة كانت هتبقي ليه لو صبر، عذرية أنا مش فاهمة انتوا ازاي بتهتموا بيها للدرجة دي، وتحكموا الست الشريفة من غيرها بيها
اختنقت انفاسه ليسقط على ركبتيه أرضًا، لتشيح شادية رأسها بلا مبالاة وداخلها يهمس
تجلدي
تجلدي
ما بقي القليل، جاءك يستمع إلى حكمه الأخير
وسترسليه إلى المقصلة!!
انتبهت على صوته المرتجف يهمس خافت
-شاديااه
لمعت عيناها بقسوة، وهي لا تصدق بجاحته في نطق اسمها بأريحية شديدة، وكأنه ليس من قتلها؟؟
حاول سرمد التقاط أنفاسه، وقبضات خانقة تعتصر صدره تمنعه عن التنفس جعله يجاهد باخراج صوته ليقول
-لا يوجد شئ أستطيع أن أعبرلك له عن مدى ندمي لما اقترفته، لكن يشهد الله أنني عاملتك كزوجة لي.. جزء مني يعاملك كزوجة
صرخت بسخط شديد، وتمرد لتهب من على الفراش وهي تقترب منه لتكسر رجولته وتجعله ذليلا وهي تحدق به من علياء لتهدر
– زوجة!! انت صدقت نفسك بدبلة خطوبة حتي بابا أجبر عليها
رفع رأسه نحوها وهي تتابع بإطلاق رصاصاتها الطائشة في صدره
– معاذ باللي عمله كان جوزي شرعا، كل الناس كانت عارفة اني بقيت مراته، الفرح بس كان مجرد مظهر .. انت بأي أحقية تجردني وتهيني بالشكل ده
استقام بضعف وقد علم اجابتها، هم بشد رجاله والمغادرة، كي لا ينتهي الأمر بها فاقدة للوعي
يراها تستهلك كل طاقتها الصراخ في وجهه، وإحراق جسده بكلماتها الحية .. دون الحاجة لأي مادة حادة لقتله !!
صاحت شادية بنبرة قاسية عليه
– اتمني تعيش في عذاب قد اللي عيشتهوني، تكون عاجز ومتكتف وقليل الحيلة زي ما خلتني أعيش التجربة دي معاك
رجف عينيه لقسوة كلماتها، ليجلي حلقه بقسوة وهو يبتلع الحنظل فى سبيل فقط شفاء غليلها، ليهمس بصوت خاوي
-هل هذا فى سبيل مسامحتك لي؟
رفعت حاجبيها بذهول، وما زال يفاجئها ببرودة أعصابه
هل ما زال جاحدًا ويتمنى مسامحتها؟!
انطلقت ضحكات متواصلة من شفتيها وكلما ارتفع صخب ضحكاتها يئن قلبها بتمزق علي حالها.
حدق سرمد بها بتيه شديد، والتخبطات بحياته كانت أشد وعرة من تخبطاته معها!!
تحولت ملامحها الضاحكة لأخري شيطانية، لتبصق كل حرف من جوفها في وجهه
– فلتحترق فى الجحيم، لا أكترث بك ولن تحصل على مسامحتي أبدًا .. لتعيش في صراع مع الذنب إن كان هذا سيشفي بعض غليلي منك، ولن أتشفي كاملا إلا أن أراك ذليلا مكسورًا
ران بينهما الصمت قبل ان تتسع عينا شادية وهي تتفاجأ انها عادت تحدثه بلغتهما الخاصة، منذ متي توقفت بالتحدث بالإنجليزية؟؟!!
أشاحت بوجهها علي الفور لتتوجه نحو النافذة الزجاجية، تريد الشعور بنسائم الليل علّه يهدأ من احتراقها المتعاظم!!
سألها بهمس خافت، وقد خسر امرأة مثلها في حياته ليعض أنامله بندم
-هل أمنية أخرى تودين اضافتها؟
تنفست شادية بإرهاق، لتغمض جفناها وهي تتمتع بالنسيم لتقول بجفاء
-متظهرش تاني في حياتي
سألتني حبيبتي ذات مرة
ما أكثر شئ يجرح العاشقون
فأخبرتها أن يعودا غرباء كما كانوا قبلاً
لتعيد سؤالها وماذا بعد؟
فأجبتها ببساطة يمضى كلا منهما في حال سبيله!!
لتهمس بإحباط .. ألن تتلقيا دروبهم يومًا؟
أخذت بيدها وقلت: سيكونا غرباء رغم عن أنوفهم، حتى وإن عاد الحين يتغلف أوتار قلوبهم.
غادر سرمد الغرفة وهيئته تحكي لأعين الجميع عن هزيمة عاشق ذبحته حبيبته بإنفصال
لكن ما لن يعلمه سواهما.. أنها أستخدمت أداة طعنه كما تفنن هو به سابقًا!!
ربما لقاءات الليل تحتفظ بقدسية الأسرار، لكن زوج من العيون التي اختبأت خلف احدي الأبواب قبل أن تعود تنظر الى باب غرفة شادية بعجز شديد… لقد وصلت ككل يوم في ميعادها .. تدفع بعض الأموال للممرضة ثم تدخل الغرفة لتقرأ بعض الأيات ليطمئن نفس شادية وتنام قريرة العين.. انفجرت تبكي بمرارة ولوعة قلبها ممزق بين امرأة اعتبرتها ابنة لها وشخص ظنت أنها ربته رجلاً!!
****

 

 

فى منزل النجم ،،
ظلت غيداء تجوب الصالة ذهابا وإيابا وقد جذب هذا انتباه زوجها الذي قرر قطع مكالمته، وهم بسؤالها عن حالة الغضب المتشبع في عينيها .. هم بسؤالها لكن ما جذب انتباه صوت المفاتيح ليعلن عن عودة ابن لم يعد يعلمه الآن
اندفعت غيداء بكل حدة وهي ترفع يدها وبدون تردد صفعته بقوة على خده، مما جعل سرمد تجحظ عيناه لتهمس غيداء بخيبة أمل
-ظننت أنني أنشأت رجلا، لتصدمني بعد كل تلك السنوات عمري الذي ضاع هدرًا في تربيتك انت وشقيقك
فغر سرمد شفتيها صامتًا، واستقبل صفعتها برحابة صدر .. لا يعلم كيف علمت، لكنه توقع شئ كهذا منها!!
لكن لم يتوقع أن تصفعه، بحياتها لم تمد يدها عليه أوشقيقه، تاركة أمور الرجال مع والدهما الذي اتسعت عيناه بصدمة، ليسأله عما اقترفه
ووحدها هي من ستفشي بسر صغير، وجرم كبير له.. غمغم بنبرة متحشرجة
-أمي
انضم سامر الذي استيقظ من نومه مفزوعًا ليري حالة التوتر تجلف عائلته، دعك عينيه لكي يطرد النعاس ووالدته تصيح بنبرة قاطعة وقسوة
-إياك أن تنطق كلمة امي على لسانك، هل هكذا تعامل الأمانات؟ هل هذه كانت وصيتي عليك لها؟
ليس مستعد لخسارتها هي الآن، من بين كل تشتته ليس مستعد… توجه الأب وهو يحاول أن يزيح جسد غيداء عن ولدها الذي همس بضعف
– أمي
نداء الأمومة يستجيب له رغم جرائمه،، أشاحت بوجهها للجهة الأخرى لتقول بجفاء
-انسي كلمة أمي، أنا غاضبة عليك .. غادر
اهتزت عيني سرمد وهو يرى والدته، تقسو عليه بعقابها.. همس بتحشرج وتهدلت كتفاه بألم من مرارة النبذ
-سأغادر أمي
هم بالتحرك إلا أن خبطات عنيفة على باب المنزل، جذب انتباه سامر الذي تحرك من فوره تجاه الباب الذي على وشك السقوط ليفتحه لتتسع عيناه بجحوظ وهو يري الشرطة أمام منزله
صاح سامر ببرودة أعصاب وعينيه تحدقان نحو الضابط الشرطي بجمود
-شو في؟

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك رد