روايات

رواية عروس رغما عنها 2 الفصل الخامس عشر 15 بقلم سولييه نصار

رواية عروس رغما عنها 2 الفصل الخامس عشر 15 بقلم سولييه نصار

رواية عروس رغما عنها 2 البارت الخامس عشر

رواية عروس رغما عنها 2 الجزء الخامس عشر

رواية عروس رغما عنها 2 الحلقة الخامسة عشر

الفصل الخامس عشر(الموت هو الحل)
بهتت مهرا وهي تنظر إلي حياة التي بدت مصرة للغاية …
-انا جاية اطلب منك تسامحيني …ومش هستسلم …مش مهم اقعد قد ايه قدام باب بيتك ..مش مهم قد ايه اترجاكي …مش مهم كام مرة هتطرديني المهم اني مش هتحرك هنا من قبل ما تسامحيني …
نظرت ليلي إلي تلك الفتاة الجميلة بذهول ويبدو أنها عرفتها جيدا …هي حياة التي أخبرتها مهرا عنها ..
ابتلعت مهرا ريقها وهي لا تعرف ماذا تقول ….احتشدت الدموع في عينيها وهي تنظر إلي احمد وحياة وهي عاجزة تماما عن التحدث …لا تعرف ما شعورها الان …ولكن بالطبع هي لا تكره حياة مثل السابق…سعادتها مع ادم ..انستها كل شىء …انستها الغدر وانستها الخيانة ..
-اتفضلي جوا .
هكذا قالتها مهرا ببساطة. ..فهي لا تريد اي دراما أمام الجيران …
ولجت حياة وهي تمسك كف احمد …كان كفها يرتعش وعينيها ملبدة بدموع مهددة بالسقوط …
وقفت حياة في منتصف الصالة للمنزل الصغير الهادئ…لن تنكر الأمر لقد ذُهلت …ذهُلت وهي تري مهرا تعيش حياة ليست حياتها ابدا …ولكن يبدو أنها سعيدة جدا …لما لا فالحب يصنع المعجزات …نظرت هي الي مهرا وايقنت أن مهرا تغيرت كثيرا ..كانت ترتدي إسدال واسع …ارتدته سريعا قبل أن تفتح لحياة …خمارها الكبير كان يغطي نصف جسدها …بدت مختلفة

 

ولكن جميلة … راضية وعاشقة !!وحياة كانت سعيدة جدا لأجلها وكأن سعادة مهرا جعلتها تشعر بالكثير من الراحة …أزالت ولو بعض من تأنيب الضمير…تنهدت مهرا وقالت بصوت جاهدت لجعله ثابتا وهي تمسح دموعها التي تحررت خلسه :
-اتفضلي اتكلمي …أنا سامعاكي…
انسابت دموع حياة ثم مسحتها بسرعة …هذا صعب ولكنها ستفعله من أجل مهرا ومن أجل أن ترتاح …هي تريد أن تزيل هذا الذنب عن قلبها وستفعل اي شئ كي نزيله …أغمضت عينيها ثم فتحتها مجددا وهي تقول:
-انا بتعذب…بتعذب يا مهرا …أنا فعلا بموت ….مش قادرة اسامح نفسي علي اللي عملته …بحاول كتير ابقي سعيدة بس حاجة معكرة عليا سعادتي دايما…أنا مش قادرة انسي اللي عملته فيكي …مش قادرة يا مهرا …
اغمضت حياة عينيها وهي تشهق وتبكي بينما اخذت ليلي تنظر الي حياة بفضول …تلك الفتاة دمرت مهرا كليا ولكن يبدو انها حقا نادمة …هي تعاني بطريقة صعبة …تألم قلب ليلي عليها ونظرت الي مهرا لتجد وجهها.خالي من المشاعر …لولا ان ليلي تعرف ان الغفران شئ صعب للغاية ويكاد يكون مستحيل لطلبت من مهرا ان تسامحها ولكن وضعها مع الذي يفترض ان يكون جدها جعلها تدرك ان الغفران ليس بالشئ السهل …ان تغفر لأحد اساء لك…احد دمر حياتك بأكملها ..هذا الأمر ليس بسيط …هي أيضا لم تستطع ان تغفر لجدها …لذلك لا يمكنها الآن أن تذهب وتطلب من مهرا ان تغفر لتلك الفتاة ..مهما كانت منهارة …اقتربت ليلي من مهرا وامسكت ذراعها هامسة:
-مهرا انتِ كويسة ؟!

 

هزت مهرا رأسها وهي ما زالت تنظر الي حياة …ما زال قلبها يؤلمها ولكن من ناحية اخري ما فعلته حياة جعلها تتعرف علي حب حياتها وتدرك انها ابدا لم تحب مروان…وان حبها الحقيقي..كان ادم ادم فقط !!
ارتبكت حياة وهي تري مهرا صامتة لا تتكلم ولم تعطيها أي رد …ارتجف قلب حياة داخل صدرها وهي تفكر ان معقول مهرا لن تسامحها …هل ستظل تتعذب طوال حياتها…انفجرت الدموع من عينيها اكثر وهي تنظر إليها بتوسل ثم قالت بصوت مختنق من كثرة البكاء ؛
-مهرا قولي حاجة …مهرا قولي أنك سامحتيني. …أنا والله بموت…مش هتصدقيني لو قولتلك اني مش عارفة اعيش يا مهرا…فعلا مش عارفة اعيش …ومش عارفة افرح …كل أما اجي افرح افتكر اللي عملته فيكي…بحس اني مستحقش أي سعادة…بفكر اني مستحقش الا الموت …الموت وبس …بشوف ان السعادة كتيرة علي واحدة زيي …واحدة حقيرة دمرت حياة صاحبتها عشان كانت غيرانة منها …انتِ كان عندك حق …أنا كنت انسانة بشعة حاولت أعمل المستحيل عشان اخليكي شبهي…بس انتِ طول عمرك احسن مني ..انتِ احسن مني بكتير يا مهرا …عشان كده …عشان كده …
اختنق صوته وهي تضع كفها علي قلبها الذي يعتصر من الا.لم وتكمل:
-عشان كده خليكي احسن مني وسامحيني…سامحيني ابوس ايديكي وخليني ارتاح….خليني اعرف اعيش حياتي …فيه حمل كبير علي صدري …حمل بيخنقني …ذنب مش قادرة اعيش بيه وده ذنبك يا مهرا…ذنب اللي عملته فيكي واللي هفضل شايلاه لحد ما تسامحيني …

 

أحرقت الدموع عيني مهرا …شعرت وكان قلبها سيخرج من مكانه بسبب الألم …
-مهرا ردي ..قولي حاجة …أي حاجة ابوس ايديكي…
كان أحمد ينظر الي انهيار حياة ومهرا التي تغلق عينيها بألم وقد عرف ان مهرا لن تغفر …ولن تجني حياة الا التقليل من نفسها …
-يالا يا حياة نمشي ..
همس احمد لحياة ولكنها لم تستمع اليه…كانت تريد الغفران بأي طريقة …تريد أن ترتاح ..لذلك اقتربت من مهرا وامسكت كفها…نظرت إليها مهرا بصدمة ..كانت حياة ما زالت تبكي بقوة وتقول:
-انا مستعد ابوس ايديكي عشان تسامحيني …وابوس رجليكي كمان ..بس سامحيني وارحميني من العذاب ده …
وبالفعل شدت حياة كف مهرا لكي تقبله الا ان مهرا ابعدت كفها بسرعة وقالت:
-مسمحاكي …خلاص مسمحاكي ..
-آه …
قالتها حياة براحة وهي تجلس علي الأرض وتقول ببكاء وهي تضع كلها علي قلبها:
-شكرا …شكرا يا مهرا …شكرا .
شدتها مهرا من علي الأرض وربتت علي كفها وهي تعطيها ابتسامة مشفقة وتقول:
-خلاص انسي كل اللي حصل وعيشي حياتك يا حياة ..
ابتلعت حياة ريقها وقالت بصوت مبحوح:
-ممكن طلب تاني …ممكن تسامحي مروان ؟!

 

تنهدت مهرا وهي تشيح بوجهها لتكمل حياة:
-مروان والله كمان بيتعذب يا مهرا …ده خسر ابوه وبقا منهار …وحاليا قافل علي نفسه ورافض يقابل حد …سامحيه عشان يحس بالراحة شوية ..انتِ قلبك ابيض …
اطرقت ليلي برأسها وهي تتذكر رؤيته في المقبرة بالأمس وهو يبكي بعنف …وعرفت السبب ..والده مات …كم بدا منهار في تلك اللحظة …بدا ضعيف ومثير للشفقة وكم اوجعها قلبها عليه !
……
في المساء …
خرج من الحمام وهو عاري الجذع بينما يرتدي بنطال ازرق ..اتجه الي المرآة وهو يجفف شعره بمنشفة بيضاء …أسند المنشفة علي جنب ثم بدأ بتمشيط شعره المبلل …
انتفض قليلا وزوجته تعانقه من الخلف ….ابتسم ادم وقال:
-انا مش قولت متتحركيش من السرير ؟!
نفخت مهرا بضيق وهي تواجهه وتقول :
-مليت يا آدم …مش معقول انت مانعني ما اتحرك خالص …ايه يا حبيبي انا حامل مش.تعبانة وبعدين احنا لسه في الاول …
أسند ادم المشط ثم حملها برفق لتقول متأففة:
-انت عنيد …

 

لمعت عينيه الزرقاء وقال:
-ايوة عنيد عشان كده بطلي تناقشيني واعملي اللي انا عايزه من سكات يا حبيبتي…قضي شهور حملك علي خير وبعدين اعملي اللي أنتِ عايزاه !
ثم وضعها علي الفراش برقة وجلس بحوارها وهو يضمها إليها ثم يقبل رأسها …اغمضت عينيها وقالت:
-محدش قالك قبل كده أنك اوفر …
-ايوة مرام دايما بتقولها …هي مبتحبش اللي بيبين مشاعره بالمبالغة دي …بس مش هتصدقي أنا قد ايه فرحان يا مهرا …فرحان اووي …متحمس اني هعيش المشاعر اللي اتحرمت منها …
ابتعدت مهرا ونظرت إليه وقد ظهر العشق في عسل عينيها ليبتسم ادم بحزن ويقول:
-رغم اني حاولت ابين من صغري اني قوي بس كنت محتاج بابا اووي يا مهرا …محتاج احس بسعادة أي طفل وهو ماسك ايدين ابوه…بس للأسف لما مات بابا فيه حاجة جوايا اتكسرت ومتصلحتش شوية الا لما عرفت أنك حامل …أنا ناوي بإذن الله افرح ابني..ناوي اسعده …العب معاه…مش هخليه ابدا محتاج أي حاجة …هعمل المستحيل عشان افرحه…
ابتسمت هي له وعينيها لامعه بالدموع وقالت:
-طيب لو بنت …
ابتسم بسعادة أكبر وعينيه تلمع بقوة وقال :
-ياريت دوول المؤنسات الغاليات…لو جاتلي بنت هعاملها زي الاميرة …هكون صاحبها وقدوتها …هلاعبها وهنخرج سوا ونتكلم …وهنسيبك انتِ في البيت ..

 

قال جملته الأخيرة ممازحا لتضربه علي كتفه بينما تمسح الدموع التي انسابت من عينيها…امسك هو كفها وقبله ثم قال :
-مهما تجيبي بنت او ولد اعرفي اني هفرح اووي …هكون اسعد انسان في العالم …الطفل اللي هيجي ده هيربط بيننا اكتر يا مهرا …هيكون احلي رابط بيننا …
قبل رأسها واكمل:
-عشان كده مش عايزك تتعبي نفسك …عايزك ترتاحي وتبعدي عن العصبية والمشاكل مفهوم …
ابتسمت وهي تهز رأسها قائلة:
-امرك يا فندم …اللي عايزه هيحصل …
قبل رأسها مجددا وقال:
-حبيبتي انتِ بحب لما تسمعي الكلام .
مرر اصابعه علي وجهها وقال:
-بس أنا حاسس أنك فرحانة زيادة عن اللزوم النهاردة …خير مهرا اللي مخليكي سعيدة بالشكل ده …
اتسعت عينيها بدهشة وقالت:
-ده انت بتفهمني كويس علي كده ..
هز رأسه بفخر وقال:
-اكيد يا حبيبتي لو أنا مقدرتش افهمك مين هيقدر ..ها يالا يا حبيبتي قوليلي حصل ايه مخليكي فرحانة بالشكل ده ؟!
تنهدت وهي تضم نفسها إليه وتقول :
-حياة جاتلي النهاردة ..

 

-وحصل ايه ؟!
قالها وهو يربت علي كتفها …فقط يتمني الا تكون ضايقتها …ففي آخر مرة رأتها مهرا قد انهارت تماما وهذا اودع الرعب في قلب آدم ان تكون مهرا قد انفعلت عليها اليوم …ولكن يبدو من هيئة مهرا ان هذا لم يحدث ابدا …
تنفست مهرا براحة وردت:
-سامحتها يا ادم …كده ببساطة…هي طلبت مني اسامح وانا سامحتها …
ابعدها عنه قليلا ومرر اصابعه علي وجهها برقة وقال:
-ومرتاحة يا حبيبتي لقرارك ده ؟!
هزت مهرا رأسها وهي تقول بصدق:
-بصراحة كده ايوة يا ادم …مرتاحة ومرتاحة جدا كمان…كفاية اني هقدر اعيش حياتي من غير ما اكون بكره حد ..أنا عايزة قلبي يكون فيه حب …حب وبس ..حب ليك يا آدم …حب لابننا وللعيلة…مش عايزة أي كره يلوث قلبي …عشان كده سامحتها …وعشان كمان ..
تنهدت واكملت :
-عشان كمان صعبت عليا اووي وهي بتترجاني اسامحها …كان باين عليها انها بتعاني اووي وانا مكنتش أكيد هزود عليها عشان كده قررت اسامح …قررت اشيل من قلبي كل حقد حاساه من ناحية حياة او مروان …
قبل ادم رأسها وقال:
-لو ده مريحك ماشي يا حبيبتي …علي فكرة انتِ شجاعة اووي أنك قدرتي تسامحي …فيه ناس مبتقدرش ابدا…معندهاش القدرة انها تنسي الاذي ..
فهمت مهرا انه يتحدث عن نفسه فقالت :

 

-بس لازم نحاول يا ادم …عشان نخلص من أي مشاعر سلبية جوانا لازم نسامح مش كده؟!
-وجهة نظر كويسة…
كان يتهرب من الموضوع وهي فهمت ..لذلك غيرت هي دفة الموضوع وقالت:
-صحيح حياة عزمتني علي فرحها ..قالت احتمال تعمله بعد تلات اسابيع وقالتلي لو اقدر هاجي..
-وهتروحي
قالها متسائلا لترد بالإيجاب :
-بصراحة ايوة هروح وقولت اخد ليلي معايا المسكينة مطحونة في المذاكرة ارفه عنها شوية ..
-وانا هاجي معاكم ..
قالها ادم لترد وهي تقبله علي وجنته …قربها هو منه وقال:
-ما تسيبك من حياة وليلي دلوقتي …تعالي هنا انتِ وحشتيني
-وانت كمان يا دومي ..
قالتها مهرا وهي تضحك بقوة بينما هو يقبل عنقها ..ويسطحها علي الفراش
……….
في اليوم التالي …
كانت ترتجف بقوة وهي تمسك كف علي …كانا بصالة الزيارة …استطاع علي الحصول علي الاذن لكي تزور والدها …لن تنسي هذا ابدا له …نظرت إليه لتجده ينظر إليها بعمق …ارتجفت شفتيها وهي تقول بنبرة مختنقة بسبب الدموع المسجونة في عينيها :

 

-انا خايفة ….خايفة اووي يا علي …خايفة ميتقبلش وجودي …خايفة يقولي كلام صعب مقدرش اتقبله…
انسابت دموعها وشهقت بنعومة ليمد هو كفه ويمسح دموعها برقة قائلا:
-ششش اهدي يا حبيبتي…اهدي شوية كل حاجة هتكون بخير…أنا حاسس أنه هيتقبلك وهيكون عرف أنه غلط في حقك جامد …وبعدين انا معاكي متخافيش من حاجة .
شدت علي كفه وقال :
-ايوة خليك معايا …خليك معايا يا علي أنا خايفة اووي …خائفة يرفضني ويطردني …خليك جمبي…
ابتسم وقال:
-انا جمبك علطول يا حبيبتي …
فجأة بدأ المساجين بالتوافد ليدق هي قلبها بعنف وهي تفرك كفيها …تجمدت كليا وهي تراه …لم تكن حالته سيئة بالمرة وهذا ما صدمها وما ان راها حتي تجمد هو الاخر ..لقد اخبروه ان لديه زيارة …ولكن السجان لم يخبره من …مما جعله يشعر بالذهول …ولكنه عرف الآن لماذا اخفي السجان الأمر …كانت ميار تنظر إليه وعينيها متشبعة بالدموع …نهضت ودموعها تنساب …تنتظر أي اشارة لتقترب وأخيرا وجدت الاشارة وهي ابتسامة حانية ارتسمت علي شفتيه لتندفع إليه وتعانقه وهي تبكي
..ضمها والدها إليه والدموع تحرق عينيه
-بنتي ..بنتي …

 

قالها عثمان وهي يبكي …ايامه في السجن جعلته يدرك انه أخطأ حقا بحق ابنته…وجوده بمفرده جعله يدرك انه ترك نفسه فريسة لعلياء …هي من تلاعبت به وجعلته يكره ابنته ..عندما فكر وجد ان كل المشاكل بدأت من كلمة خبيثة من علياء التي اتهمت ابنته انها عديمة الشرف…وكم ندم علي ما فعله….كم اراد ان يري ميار ويعتذر منها ولكن لم تكن لديه الجراءة ليفعل …ولكن ميار اتت ..اتت إليه …
ابتعدت ميار عنه وهي تمسك كفه وتقبله يلهفة قائلة:
-وحشتني …وحشتني اووي …سامحني يا بابا ..سامحني سامحني …
ابعد عثمان كفه وجذبها ليضمها مجددا قائلا:
-لا يا بنتي …أنا اللي مفروض اطلب تسامحيني …سامحيني يا ميار ..سامحيني اني مكنتش اب كويس ليكي ..بس وعد يا بنتي …اخرج من هنا واعوضك عن كل اللي شوفتيه مني..أنا طلقت علياء وانا في السجن …أنا طردت الافعي من حياتنا…وهرجع ابوكي بتاع زمان ابوكي اللي بيحبك.
…………

 

-انا وحيد….تعبان ومنهار يا دكتور …حاسس ان الحياة مبتحبنيش واني لو مت ده هيبقي احسن ليا .
قالها مروان والدموع في عينيه كان متسطح علي الكرسي الناعم …يشعر بالاختناق …الكلام يخرجه بصعوبة …كان الطبيب ينظر إليه وهو ينتظره أن ينهي كلامه …رغما عنه شعر بالشفقة عليه …فمروان قد تغير …تغير كثيرا …وجهه فقد بريقه وأصبح كالشخص الميت …تحيط الهالات السوداء بعينيه كأنه لم ينم لسنوات …الحقيقة هو كان ينوي التواصل معه ولكنه صُدم أمس وهو يتصل به ليطلب موعد ضروري وهو لم يتأخر …كان مرتعب أن يفعل شيئا بنفسه !
-مروان أنا حاسس بيك …كلنا فقدنا ناس في حياتنا ..كلنا بنعاني بطريقة ما ..بس مش لازم نفقد الأمل يا مروان…لازم نبقي اقوي من كده …
انسابت الدموع من عيني مروان وبدأ يبكي بعن.ف …كان منهار ….قلبه يؤلمه ويشعر أن العالم كله أدار ظهره له …
-اهدي يا مروان …
قالها الطبيب وهو ينهض ثم مد له محرمة وجلس بجواره …وضع مروان كفه علي قلبه وقال:
-انا بموت يا دكتور …حاسس ان مفيش حاجة عشان اعيش عشانها …حاسس الموت هو الحل الوحيد الي بيحصلي يا دكتور …
-متقولش كده …استغفر ربك .

 

وضع مروان كفه علي رأسه وقال بصوت يتقطع من البكاء :
-انا ..انا بموت عندي افكار كتير وحشة …افكار سيئة …بفكر دايما في الانتحا.ر بس خوفي من ربنا مانعني …الافكار محصراني مش قادر اسيطر عليها …أنا خايف شيطاني يتغلب عليا وانتحر…دايما بيوسوسلي اني انتحر وان ده الاحسن ليا علي الاقل هبقي مع اهلي اللي بيحبوني..بس برضه الخوف مانعني كل أما التفكير ده يسيطر عليا أتوضي واصلي …اقرب من ربنا اكتر …بس خايف ..خايف في مرة اعملها…خايف انتحر …مش خوفا من الموت ….أنا اتمني اموت بس مش عايز اغضب ربنا …كفاية اني عصيته كتير مش عايزه يغضب عليا …مش عايز ……
امسك الطبيب كتفه وشد عليها في حركة مواساه ليتنهد مروان ويقول:
-انا حاسس ان الألم اللي جوايا مش هيخف والافكار دي مش هتسيبني في حالي …حاسس اني ..
توقف وهو يشهق من البكاء…كانت حالته تسوء ..هو ينهار …وهكذا يمكن فعليا ان يؤذي نفسه …
-اهدي يا مروان ..اهدي…
قالها الطبيب بنبرة لطيفة وهو يجعل مروان يسترخي مجددا علي المقعد المريح الناعم …
-دكتور أنا …أنا ..
-خلاص اهدي…اهدي خالص …غمض عينيك وصفي مخك…ابعد أي افكار سلبية عن دماغك وفكر بطريقة ايجابية اكتر …فكر في حاجة انت بتحبها ..حاجة بتفرحك…حاجة بتنسيك أي وحش قابلته في حياتك ..
اغمض مروان عينيه وهو يستمع لكلام طبيبه وهو يفكر ويبحث عما يسعده…وما يسعده كان بسيط … والديه وليلي …الثلاثة يدخلون السرور لقلبه المحطم…والثلاثة ليسوا في حياته …انسابت دموعه وهو مغمض عينيه بينما اكمل الطبيب :
-تفتكر يا مروان لو اذيت نفسك اهلك هيبقوا مرتاحين …
هز مروان رأسه وهو لا يستطيع التحكم في شهقاته وقال:
-انا بحاول ابعد الافكار دي بحاول اقاومها بس ..
-افضل قاومها. ..لازم تقاومها يا ابني …انت هتبقي كويس …متخليش الشيطان يضحك عليك يا مروان …متبقاش لوحدك ابدا عشان الافكار دي متسيطرش عليك ….

 

فتح مروان عينيه التي اصبحت حمراء من كثرة البكاء …قلبه كان يعتصر من الأ.لم …يشعر بالإختناق …كيف لا يكون وحيد …هو بالاساس وحيد …ليس لديه اي احد يهتم بشأنه…هو وحيد بعد موت والده …هو المنبوذ …الملعون من قبل تلك الحياة…لا أحد معه …لا أحد بجواره …
اهتزت نبرة مروان وقالت:
-بس أنا وحيد يا دكتور…أنا مليش أي حد خالص …
هز الطبيب رأسه وقال:
-ازاي ملكش حد …دي حياة كلمتني مخصوص عشانك وكانت قلقانة عليك يا مروان …انت ليك ناس بتحبك بس أنت اللي قافل علي نفسك بالشكل ده …رافض ان أي حد يقرب منك …عايز تعيش في الحزن وخلاص..
هز مروان رأسه وقال:
-حياة هتتجوز احمد …وبيني وبينه مشاكل …مينفعش اكون في حياتها عشان ابوظها…هي اتعذبت كتير متستاهلش ده مني …أنا مش هد.مر حياتها بسبب انانيتي ..لا أنا هبعد …هبعد عن الكل يا دكتور …هو ده الحل الوحيد عشان اقدر اعيش …الحل اني ابعد وابدأ من جديد !
-هتروح فين ؟!
سأله الطبيب بحيرة ليرد هو :
-هسافر فرنسا !!

 

……..
بعد اسبوع ..
في النادي….
كان مروان يجلس علي الطاولة وهو ينظر إلي الأرض بشرود…لقد اتصلت به حياة وطلبت أن تراه ضروري…لذلك اتي وهذا افضل لكي يخبرها أيضا بقراره …لقد قرر وانتهي الأمر …قرر أن يغادر تلك البلاد للابد …قرر أن يترك كل شىء خلفه ويذهب …سيبدأ من جديد في مكان جديد وينسي كل شىء …هو لن يستطيع أن يعيش هنا وذكريات الحنين لوالديه تخنقه…لن يستطيع العيش بينما مشاعره لامرأة لن تكون له ابدا تقت.له …هو سيموت هنا …لكي يعيش أن يبتعد …ورغم أن هذا القرار حطم قلبه ولكن بعد حديثه مع طبيبه النفسي فكر في هذا ولم يستطع اخراج الفكرة من عقله …

ولجت حياة وهي تمسك كف احمد الي النادي …كانت تنظر إلي احمد بتردد ثم قالت:
-تفتكر هيتضايق لو قولناله علي الخبر؟!يعني أبوه لسه ميت من شهر تقريبا مش هيكون حلو أننا نعمل فرحنا بعد اسبوعين ونقوله أننا كتبنا الكتاب ..هيحس بالضيق صح ؟!
حاوط احمد كتفها وقال:
-لا ..مظنش يا حبيبتي …بالعكس الخبر ده ممكن يفرحه…
-يارب يا احمد أنا بجد متضايقة عليه اووي …حاولت كتير اتواصل معاه بس هو كان قافل علي نفسه بس الحمدلله الدكتور طمني أنه راحله من اسبوع واتكلم معاه …وحاسه اني ارتحت اووي يا احمد …الدكتور اكيد ساعده …أنا كنت خائفة يأ.ذي نفسه ..
-لا مروان اقوي من كده …هو بس كان مصدوم …الوقت هيقدر يصلح كل الضر.ر اللي في قلبه ..
تنهدت حياة وقالت بإبتسامة بسيطة:
-اتمني ده يا حبيبي ..
……
-ازيك يا مارو ..
قالها احمد بإبتسامة لينتشل مروان من شروده لينظر إليه مروان ويبتسم ابتسامة لم تصل لعينيه …ما زالت نظرات عينيه منكسرة …نهض مروان وهو يمد كفه ليصافح احمد ثم حياة …جلسا الثلاثة علي الطاولة في النادي بينما ابتسمت حياة وهي تقول:
-الحمدلله انك رضيت اخيرا تقابلنا يا استاذ مروان …أنا فقدت الامل فيك …
ابتسم مروان بإحراج وقال:
-معلش يا حياة ..اختفيت عشان أضبط اموري …وأشوف أنا هعمل ايه ؟!
-ويا تري قررت هتعمل ايه ؟!
سألته حياة بترقب ليرد مروان :
-قررت اسافر فرنسا …بابا ليه شركة هناك هديرها واعيش هناك ومش هرجع مصر تاني …
بهتت حياة وقالت:
-متهزرش يا مروان …

 

-انا مبهزرش يا حياة …أنا مقدرش اقعد هنا اكتر من كده…صدقيني ده.مش كويس عشاني …الذكريات مش سايباني في حالة وحاسس نفسي لو قعدت هنا اخري هيكون الانتحار او ادخل مصحة …
-مروان الهروب مش حل ..
قالتها حياة بشفقة ليبتلع مروان ريقه ويقول:
-صدقيني في حالتي أنا هو الحل الوحيد ..الحل الوحيد لو عايز فعلا اعيش …كل يوم في البيت بفتكر ايامي مع بابا …انتِ مش هتحسي بيا يا حياة …أنا مبقاش ليا حد …
سالت.دمعة من عيني حياة ليقول هو :
-حياة أنا مش عايز ازعلك ولا احزنك بس سيبيني براحتي …صدقيني فكرت كتير وده الحل الاسلم ليا…يمكن ربنا يهديني وارجع..يمكن …
مسحت حياة دموعها وهزت رأسها وهي تتمتم :
-ربنا يهديك يا مروان …
ابتسم وقال:
-ها كنتي عايزاني ليه ؟!
نظرت حياة الي احمد ليقرر احمد ان يتكلم ويقول:
-بصراحة كده يا مروان احنا كتبنا الكتاب .
اتسعت عيني مروان بسعادة وقال:
-بجد..ألف مبروك يا احمد …فرحتلكم والله بس فجأة كده ومحدش قالي …
-انا كنت بحاول اتواصل معاك يا استاذ مروان بس حضرتك مكنتش بترد علي تليفوناتي …ولما كنت بروحلك بيتك مكنتش بلاقيك…
ابتسم مروان بإحراج وكرر اسفه :
-اسف يا حياة …الايام اللي فاتت كنت تايه اووي ..
-عارفة.
قالتها حياة وهي تتنهد بحزن ثم اكملت:
-انا برضه خسرت اهلي يا مروان …حاسة بيك …وحاسة باللي بتعيشه حاليا …بس الحياة غصبا عني وعنك بتستمر…مش هنقدر نوقفها ..
وافقها مروان قائلا:
-عندك حق عشان كده أنا هبعد يا حياة ..هبعد عشان الحياة تستمر عشان اقدر اتابع حياتي بشكل طبيعي ..المهم دلوقتي امتي الفرح ؟!
فركت حياة كفيها بتوتر وقالت:
-بعد اسبوعين ..هتحضره يا مروان ؟!
وقع هو في مأزق لقد اراد ان يسافر بعد يومين ولكنه كان عاجز عن رفض طلبها وكسر خاطرها ….لذلك قرر تأجيل سفره قليلا وابتسم قائلا:
-اكيد هحضره يا حياة .
………..

 

-بطلي جنان ..بطلي جنان يا ليل !
صرخت بها نيرمين وهي تهز ابنتها بعنف …من أول ما اخبرتها ليل برغبتها ان تقتل مرام وهي فقدت عقلها تماما ..ظنت نيرمين في البداية ان ابنتها تهذي او تتكلم في لحظة انفعال او غضب ولكن هي كررت طلبها مرة اخري …تلك الفتاة تريدهما ان يذهبا للسجن…لا يمكن أن تقترب من انس مرة اخري فهو قد دمرها من قبل …ولو لمست شعرة من مرام سوف يقتلها علي الاكيد …ابنتها الغبية يجب أن تدرك هذا الأمر…
بكت ليل وصرخت:
-بحبه يا ماما بحبه…ولو مقدرتش اخده هموت …همو ت والله اتصرفي ابوس ايديكي اتصرفي ..
تراجعت نيرمين وهي تنظر الي ابنتها المنهارة ثم رفعت كلها لتصفعها علي وجنتها وتصرخ بها:
-انتِ أكيد مجنونة…عايزاني العب مع أنس تاني …اقتل مراته عشان وقتها مش هيتردد لحظة ويقتلني أنا وانتِ يا غبية …لا لا ..مستحيل …مستحيل العب مع أنس تاني كفاية اللي حصلي بسببه …
صرخت ليل بألم عندما شدت والدتها شعرها وقالت بغيظ:
-اسمعيني يا بت انتِ كمان تنسيه ..فاهمة ولا لا …تنسي حاجة اسمها انس خالص …أنا مش عايزة مشاكل معاه …خلاص وجهي طاقتك لحد تاني …العبي علي حد تاني…حد يكون غني لحد ما تتجوزيه ونخلص …لكن انس شيليه من بالك ..فاهمة ولا لا !
ثم دفعتها بعنف ..
مسحت ليل دموعها وقالت:
-لا يا ماما مش هنسي انس…انس لو مكانش ليا مش هيبقي لغيري…أنا مقدرش اقتله…بس هقتل مرام !!
……
بعد اسبوعين
-دي امضتي يا استاذ عمران …أنا بسلمك كامل المسؤولية بتاعة الشركة…من يوم ورايح انت ليك كافة الصلاحيات عشان تتخذ أي قرار صالح للشركة..أنا بثق فيك جدا وعايز تدير الشركة زي ما أنا و…

 

اختنق صوته وظهرته بنبرته الانهيا.ر واكمل:
-وبابا الله يرحمه كان بيديرها …
امسك عمران كفه وقال بتوسل:
-يا بني خليك ودير شركتك …خليك هنا في بلدك…
هز رأسه بتصميم وقال:
-ياريت اقدر ..ياريت …بس صدقني مقدرش لازم ابعد عشان ارتاح …وزي ما قولتلك يا استاذ عمار أنا بثق في حضرتك وواثق انك حضرتك هتديرها كويس زي ما أنا بعمل واكتر كمان …
هو عمران رأسه وقال:
-امتي مسافر يا ابني؟!
-بكرة بإذن الله …كنت حابب اسافر قبل اسبوعين بس حياة صممت احضر فرحها الأول …هحضر الفرح وبعدين اسافر ..
هز عمران رأسه وقال :
-توصل بالسلامة يا بني …ابقي اتواصل معايا دايما…ويارب تغير رايك وتبقي هنا ..
-مظنش ..
قالها بحزن ثم عانق عمران وقال :
– اشوف وشك بخير. ..
ثم انسحب خارجا من المكتب والشركة بأكملها!
……..

 

بعد ساعة ونصف من التجول بلا هدف وصل الي قصره….زفاف حياة بعد ساعتين تقريبا يتحدث قاعات الزفاف ..لهذا هو لديه متسع من الوقت ليجهز حقيبته كي يغادر غدا باكرا …صعد لغرفته بتعب لكي يجهز حقيبته ويسافر …وضع ملابسه كلها في حقيبة كبيرة …فجأة توقف وهو يمسك صورة تجمع كلا من والده ووالدته …سالت دموعه وهو يضم الصورة لصدره ثم يقبلها برقة ويقول:
-وحشتوني …بس حاسس انكم هتبقوا معايا دايما!
وضع الصورة بالحقيبة …ثم فتح جارور الطاولة الصغيرة بجوار فراشه ليتجمد وهو يري صورتها قابعة في مكانها …الايام التي سبقت مو.ت والده كان دوما يتأمل صورتها تلك وهو يبتسم بذوبان …رغم اداركه انها من المستحيل ان تكون له ولكن حمل تلك المشاعر بقلبه جعلته سعيد …هو سعيد بقدر ما يتألم…ابتسم ابتسامة حزينة وهو يمرر اصابعه علي ملامحها الطفولية الجميلة ثم وضع الصورة بجوار صورة عائلته….هم الثلاثة يمثلون الحياة بالنسبة إليه ولكن للأسف هم ليسوا بحياته!!..اهله توفيا …تركاه بمفرده والفتاة التي يحبها مستحيل ان يحصل عليها …الأفضل له ان ينسي الأمر .. وما سيساعده هو ابتعاده عن هنا …لو ابتعد عن هذا المكان سوف ينسي بكل تأكيد كل شئ….وجوده في بيئة جديدة سوف يشفي قلبه …تنهد مروان وهو يغلق حقيبته ويجلس علي الفراش …نظر الي ساعته ليجد ان تبقت ساعة ونصف علي زفاف حياة …تسطح علي الفراش ونظر الي السقف والدموع تحرق عينيه…كم يشتاق لأهله…انه يشتاق اليهم…والدته…والده …كم يرغب بالذهاب اليهما…لا يريد ان يكون وحيد ولكن ليس بيده شئ….لا يمتلك أي خيارات الآن …الخيار الوحيد الذي يمتلكه انه يقاوم ..يقاوم حتي يُشفي ..ولكن الجروح بقلبه شديده …لن تُشفي بتلك السهولة …انسابت الدموع من عينيه وهو يغمضهما…لحظة …لحظتين …ثلاثة وغاص مروان في النوم بسبب الانهاك من كثرة التفكير …
……
كان يقف بمفرده في مكان غريب ينظر حوله ويشعر بقلبه يقصف داخل صدره…فجأة لمعت عينيه وهو يراها والدته الحبيبة …ركض نحوها ثم عانقها بحب وهو يبكي …
-حبيبي مروان ..
قالتها وهي تضمه إليها ابعدته عنها ثم قبلت رأسه وعانقت وجهه وهي تقول:
-حبيبي أنا فخورة بيك ..فخورة اووي …
-انتِ وحشتيني اووي يا ماما …أنا مش قادر اكمل…حاسس بخنقه ..حاسس ان الحياة مبتحبنيش .. …عايز اموت …أنا مليش حد هنا …خديني معاكي …ابوس ايديكي خديني من هنا يا ماما …أنا عايز ابقي معاكي…أنا مش بخير
هزت رأسها بالنفي وقالت:
-كل حاجة هتكون بخير يا مروان ..خليك قوي
اغمض عينيه ودموعه تنساب ثم فتحها مرة اخري ليجد والدته قد اختفت ..
-ماما ..
صاح هو بخوف …
-ماما انتِ فين …انتِ فين

 

….
-ماما…
صرخ بها مروان وهو ينهض من نومه …ثم اخذ يتنفس بقوة وهو يدرك انه كابوس !!
مرر اصابعه علي وجنته يمسح دموعه ..ثم نظر الي ساعته لينهض كالملسوع …لقد تأخر علي حياة …
ركض الي الحمام ليأخذ دوشا سريعا …
……
خرج مروان من الحمام وهو يجفف شعره جيدا ثم سحب الحلة الرمادية الخاصة به وارتداها …مشط شعره وهذب ذقنه قليلا ..ثم امسك زجاجة العطر وبدأ يرش علي نفسه…..انتهي بإرتداء ساعته غالية الثمن ثم غادر بسرعة وهو يمسك هاتفه ومفاتيح سيارته..
خرج من قصره واتجه الي سيارته ثم استقلها وقاد بسرعة ….لو فوت حفل الزفاف سوف تقتله حياة بكل تأكيد …فكر بتسلية وابتسامة صغيرة تحتل شفتيه
في احدي قاعات الزفاف …
كانت الأغاني الشعبية تضج هناك بينما والدة أحمد ترقص مع ابنها العريس وهي سعيدة كثيرا لسعادته …..كانت حياة تجلس علي مقعد العروس وهي تضحك بسعادة ومرح .. فجأة لمعت عينيها بقوة واحتشدت بعض دموع السعادة في عينيها وهي تري مهرا وادم وليلي معا قد اتيا …نهضت عندما اقتربت منها مهرا وقالت بصوت باكي وكادت ان تعانقها :
-افتكرت أنك مش هتيجي …
ابتسمت مهرا بإيجاز وصافحتها بدل ان تعانقها ..وتفهمت حياة الأمر جيدا…لن تعود مهرا صديقتها كالسابق …
-انا وعدت هاجي واهو جيت ..
-مبروك ..
كان هذا صوت ادم القوي نظرت إليه حياة وأومأت له بأدب ثم نظرت الي ليلي ..تلك الفتاة التي سلبت عقل مروان كليا …ابتسمت ليلي الاخري وقالت:
-مبروك يا عروسة ..
-الله يبارك فيكي يا حبيبتي عقبالك ..
-ايوة كده ادعي بضمير …الواحد عايز يتجوز ويهرب من الطب اللي قصف عمره …
وكالعادة ليلي بددت التوتر اذ ارتفعت ضحكات الجميع …
-ايه ده أنس ومرام هنا ؟!

 

قالتها ليلي بدهشة ثم ذهبت بإتجاههم ..قالت حياة وهي تشرح الوضع:
-احمد كان المحامي بتاع أنس خلصله كان حاجة كده وهو بصراحة كمان ساعد احمد كتير وعشان كده احمد اللي عزمه ..
هز ادم رأسه وهو يسحب مهرا ويتجهان الي أنس ومرام في الطاولة التي يجلسان عليها …
….
اقترب احمد من حياة لاهثا وهو يضحك فقالت له بإبتسامة:
-ماما شكلها مبسوطة اووي ..
ضحك وهو يهز راسه ثم قال:
-هو مروان لسه مجاش؟!
هزت راسها بالنفي ولكن رأسها تجمدت وهو يلج الي القاعة…يرتدي حله رمادية بينما ذقنه النامية تم تهذيبها قليلا …توقف مكانه وعينيه تقع عليها …كان لا يصدق انها موجودة هنا …ابتلع ريقه وهو ما زال يتأملها بصدمة بينما دقات قلبه تتسارع كأنه في سباق سريع …
كانت ليلي تضحك وهي تتحدث مع مرام ومهرا فجأة شعرت بشعور غريب…نظرت تجاه القاعة لتتلاشي ابتسامتها وهي تراه …ظلا للحظات يحدقان ببعضهما الي ان صوت ادم أر.عبها وهو يقول:
-ايه اللي جاب ده هنا ؟!…
نظر مروان الناحية الاخري الي حياة واتجه إليها …فهو آخر شئ يريده الآن ان يتصادم مع ادم …
-مروان اتأخرت
قالتها حياة بعتاب ليبتسم مروان ويقول:
-اسف يا حياة كنت بجهز نفسي عشان السفر بكرة وسر.قني الوقت …
-برضه مش ناوي تغير رأيك..
سألته بحزن ليهز رأسه ثم ينظر الي احمد ويصافحه قائلا:
-خلي بالك منها ..
ابتسم له وهو يضم حياة إليه :
-دي في عيوني ..
هز مروان رأسه ثم اتجه الي طاولة فارغة تماما وهو يجلس وحيد ..كالعادة …علي الرغم من ان حواليه الكثير الا انه كان وحيدا للغاية …امسك كأس العصير وهو يشربه بهدوء بينما شعر بالدموع تحرق عينيه…عينيه التي لم يستطيع السيطرة عليها وهي تنظر إليها …نظر إليها بالفعل وقلبه يقصف في صدره ليجدها تنظر إليه …بعينيها الجميلتين …توترت واحمر وجهها عندما امسكها لتنظر هي من الناحية الاخري ..بقا هو ينظر إليها وهو يفكر انها المرة الأخيرة …المرة الأخيرة التي سوف يراها…المرة الأخيرة التي سوف تدخل السرور لقلبه فيها…فهو بعد اليوم سوف يبتعد …يبتعد للأبد !!!
توتر مروان وادم يمسكه يحدق بليلي واشتعلت عينيه من الغضب …اشاح مروان بوجهه وهو يشعر بالقلق بينما امسك ادم ذراع ليلي وقال بغضب :

 

-هو اللي اسمه مروان ده بيبصلك ليه ؟!
-م..معرفش يا ابيه ..هو اللي بيبص مش انا !
قالتها ليلي بتلعثم !!!
نظر ادم الي مروان بغضب وهو يبعد ليلي ويجعلها بعيدا عن مرمي نظر مروان !!
………
بعد ساعتين تقريبا
كان قد تنتهي الحفل وخرج العروسين …
وقفا احمد وحياة وهم يتكلمان مع أنس بالقرب من السيارة التي سوف تقلهم الي الفندق …
-متقلقش يا احمد شهر العسل خلاص بقا عليا وانا حجزتلك في الفندق بتاعي اللي في الاسكندرية …
ابتسم احمد وهو يشكره بينما اقترب مروان لكي يودع حياة قبل ان يغادر للأبد ولكنه احتار وهو ينظر الي تلك الفتاة الغريبة التي تقف بعيدا وتنظر الي احدهما بح-قد …تتبع مسار نظراتها ليجدها تنظر الي شقيقة ليلي …
……
تنفست ليل بغضب وهي تري مرام تقف بجوار أنس تمسك كفه …كان من المفترض ان تكون هي مكانها…كان من المفترض ان تكون هي زوجة أنس لا مرام …هذا مكانها …مكانها …هي من تعشقه …هي ..هي التي تعشقه اكتر من أي شئ
فحبه لم يكن قرارها بل هو لعنة اصيبت بها ما ان وقعت عينيها عليه …وان كنت تعملت شيئا وهي واقعة في غرامه فإنها تعلمت الا تستلم …سيكون لها في النهاية او الثمن سيكون حياة مرام ..سيكون حياة حبيبته مرام .. !
اخرجت السلاح الذي اشترته منذ اسبوعين ثم وجهته الي مرام وقالت بحقد:
-لو مكنتش ليا مش هتكون لغيري …هحر.ق قلبك زي ما حر.قت قلبي ..انت رفضتني وكسرت قلبي…وانا هقتل مراتك واكسر قلبك …

 

ثم هيأت سلاحها لتطلق النار …
-حاسبي!!!!
صرخ مروان فجأة وهو يدفع مرام ناحية أنس فيقعان سويا علي الأرض لتصيب الرصاصة بطنه!!
دار العالم بمروان ليسقط ارضا وهي يضع كفه علي بطنه الذي ينفجر بالد.ماء …شعر انه انفصل عن العالم …لا يسمع أي اصوات …يري الناس من حواليه تصرخ ولا يميز الصوت كأنه اصيب بالصمم …ورغم الأ.لم …رغم العذاب…الا ان هذا الشعور كان رائع …شعور الموت …هو ليس خائفا الآن بل يشعر بسكون رهيب …يشعر ان أخيرا الحياة اسدت له خدمة هائلة …فهو سوف يذهب الي والديه دون ان يغضب الله …
لقد أدرك بعد صراع أن الحياة لا تحب أمثاله …لهذا بدا له الموت رغم ألمه رائع للغاية ….الموت يحبه …الموت راحة…هو لن يرتاح الا عن طريق تلك الطريقة…لهذا لم يتمسك بالحياة بل اغمض عينيه بهدوء بينما آخر شئ رآه…صورة ليلي وهي تنظر الي وتبكي …صورة حبيبته!

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عروس رغما عنها 2)

اترك رد