روايات

رواية مقامر المحبة الفصل الخامس 5 بقلم روزان مصطفى

رواية مقامر المحبة الفصل الخامس 5 بقلم روزان مصطفى

رواية مقامر المحبة البارت الخامس

رواية مقامر المحبة الجزء الخامس

رواية مقامر المحبة الحلقة الخامسة

_ بِعنوان: سنة حُلوة ياجميل
المكان: معرض سيارات إياس خطاب / المنطِقة٩٠
التوقيت: مُنتصف الليل
وقف إياس واضِعًا يديه في خصرُه وهو يلتقِط أنفاسُه بـِ صعوبة، كـ غريق تعلق لـِ توه بـِ قشة النجاة
وغالي كان يضُم رُكبتيه لـِ صدرُه واضِعًا رأسه فوقهُما وهو ينظُر لـِ جُثة الفتاة الهامِدة أمامُه دون أن ينطُق.
أما مهد فـ كان الوحيد الذي يتحرك ذهابًا وإيابًا أمامهُم، وهو يرتجِف ويقول: مردتوش عليا!! هنروح المكان اللي مكتوب في التذكرة الغريبة دي؟
نظر إياس لـِ الطفل الساكِن المُمدد بـِ جانِب والِدته أرضًا وقال وهو عاقِدًا حاجبيه: دي وصية والدِتُه، لازم نروح
غالي بـِ هدوء لا يتناسب على الموقف وعيناهُ لازالت عالِقة على الجُثة: طب والطفل؟
إلتقطهُ إياس مِن الأرض وهو يقول: هوديه عند والدتي لغاية ما البوليس يوصل، وبعدها هشوف هيحصل إيه
الشُرطة دائِمًا ما تتأخر في الوصول، لكنهُم في النهاية ها هُم هُنا، يقفون في مُنتصف المعرض وأخرين مِن المشفى يحملون الجُـ|ثة، والشُرطي يدون الأقوال والأخر يجلس على كُرسي إياس وهو ينظُر لكاميرا المُراقبة ويرى كُل ما حدث
كُل الأشياء لـِ صالِحهُم حتى الأن! حتى أغلق الشُرطي المُذكِرة في يدهُ وقال: والطفل لازم يـ..

 

قاطعهُ إياس قائِلًا بـِ جدية: والدِتُه كانِت قالتلي على عنوان قرايبها وطلبت مني أوديه ليهُم بـِ نفسي، فـ إسمحلي يافندم أعمل دا كـ تنفيذ لـِ وصية ميـ|ت
نظر الشُرطي للطفل تارة ولـِ إياس تارة حتى غُلِب على أمرُه وقال: تمام، ولو أهلها رفضوا إستقبالُه سلمُه في القِسم عشان نعمله إجراءات دخول الميتم.
إنصرف الشُرطي وهو يُأكِد على إياس ضرورة حضوره نهاية الإسبوع هو وأصدقاؤه حتى يُغلق ملف القضية بـِ أكمله بعد أن يتم نشر فِرق بحث عن الأماكن التي ذهبت بها السيارة مِن خِلال رصد تحرُكاتِها مِن الردارات.
وحمل إياس الطِفل بـِ إرهاق وصعد بِه إلى بنايتهُم، خلفه مهد وغالي
صعد على الدرج وكانت كادي في ذات الوقت تجلس على رُكبتيها أمام باب شقتها هي ووالِدتها، تُطعِم قِطة صغيرة كانت جائِعة
إنتفضت عِندما رأت إياس يحمِل طِفلًا ويصعد بهدوء دخولًا إلى شقة والِدتهُ
قامت وهي تُزيل الغُبار الوهمي عن رُكبتيها وتنظُر بـِ ذهول وشيئًا ما كـ شوكة تُداعِب قلبها!
نظر لها إياس نظرة ذات معنى ولم يعقب، لقد كان في حالة يُرثى لها! هل سـ يُجادِلها الأن ويُعلِمُها أنه يجب عليها أن تكون نائِمة الأن!
دخل الشقة وخلفه صديقيه وأغلق الباب، بينما كادي رمشت عِدة مرات وأخيرًا دخلت شقتها وهي تُغلِق الباب هي الأخرى وتستند عليه بـِ ظهرها وهي تلتقُط أنفاسها
خرجت والِدتها مِن دورة المياه وهي تنظُر إليها عاقِدة حاجبيها وقالت: أكلتِ القُطة خلاص؟ عملتِ اللي في دماغك ومليتِ إيدِك بـِ المرض! روحي إغسليها بقى كويس وخُشي نامي

 

لمعت عينا كادي وهي تقول لـِ والِدتها: ماما هو إياس متجوز ومخلِف؟
جففت والِدتها وجهها بـِ المِنشفة وهي تقول بـ إستغراب: إياس مين؟ إبن عمك!
أومأت كادي فـ قالت والِدتها: لا روفيدة مجابتليش سيرة عن كِدا، إيه اللي جاب السؤال دا في دماغِك يعني؟
كادي وهي تزدرد لُعابها: شوفته داخِل شقة طنط روفيدة وهو شايل بيبي.
شردت والِدتها قليلًا ثُم قالت: تؤ! مش عارفة بس طالما متجوز روفيدة معرفتناش على مراتُه ليه؟ اللي أعرفُه أنه خاطِب وإتشاكِل مع خطيبتُه.. لكن روفيدة مقالتليش إنه إتجوز قبل كدا مثلًا
شعرت كادي بـِ بُهتان وخيبة أمل لـِ تقول والِدتها: يلا إدخُلي نامي وراكِ مدرسة الصُبح، طنط روفيدة هتتكلم مع الإدارة وكتر ألف خيرها هتدفعلِك المصاريف، اليونيفورم على السرير.
دخلت كادي غُرفتها وجلست على الفِراش مُتربِعة، تنظُر للملابس بـِ شرود وهي تقول: يارب ما يكون إبنُه يارب بجد!
• داخِل شقة روفيدة
وقفت وهي تحمل الطِفل وتقول بـِ صدمة: إزاي تورط نفسك في حاجة زي دي؟ هو إحنا نعرف قرايبها دول كويسين ولا وحشين يا إياس؟
إياس بـِ نفاذ صبر: يا ماما بقولك الراجل رجعلي العربية بـِ المنظر دا، إتدبست يعني مش بمزاجي!
نظرت روفيدة لـِ غالي الذي يجلِس شارِدًا وصامِتًا فـ قالت له: وإنت يا غالي، وّلِدت السِت إزاي؟
نظر غالي وهو عاقِد حاجبيه لـ إياس وقال: الزن على الودان يعمِل المُعجِزات.
ضحكت روفيدة بـِ خِفة وهي تربُت على الطِفل بحنان ثُم قالت: محتاجة بامبرز من الصيدلية، والولد شكلُه جعان
هصحي أم محمد عشان ترضعُه هي لسه والدة، وإنتوا يلا قوموا خدوا شاور كِدا في حمامين في الشقة، إغسلوا نفسكُم من الد|م والقر|ف دا!

 

قام إياس من الأريكة وهو يخلع قميصه ويُلقيه أرضًا بـِ إرهاق، للمرة الأولى يفعل ذلِك فـ قد إعتادت روفيدة تعليمه وتربيته على النظافة والنظام لكنها باتت تتساهل معه مؤخرًا نظرًا للمسؤوليات على عاتِقُه
تبعه مهد وغالي للغُرفة، وأغلق مهد الباب ثُم جلس على الفِراش بـِ جانِب غالي
كان إياس يقِف أمام خِزانة ملابسُه وهو يقول: لازم نروح بُكرة، لازم نروح قبل نهاية الإسبوع عشان ميودوش الواد للميتم.
مهد: نروح فين؟ إنت ليه محكيتش للحكومة على حوار التذكرة والسيرك القديم!
ضغط إياس على أسنانُه وهو يقول: مش عاوز أخاطِر بـِ حاجة كاتبين من ضمن تعليمات التذكرة إننا منجبش سيرة لحد!
غالي بـِ إرهاق: أنا هنام معاك إنهاردة
إياس نظر له بـِ قر|ف ثُم قال: متبقاش بأف في كلامك، إسمها هبات معاك..
ضحك مهد بـِ خفة ثُم عاد لـِ يعقِد حاجبيه عِندما رأى أن إياس ينظُر له نظرة ذات معنى
تحمموا وبدلوا ملابسهُم ثُم جلس إياس على فِراشُه وهو يضع معصم يده على عينُه في مُحاولة للنوم
مهد النائِم على الأريكة في غُرفة إياس: بس بعيدًا عن الحوارات اللي حصلت كُلها، خدت بالك بنت عمك كانت عمالة تبُصلك إزاي.
إياس بـِ نُعاس: طفلة مستغربة إن ليها قرايب فـ عمالة تتأملهُم
غالي النائِم بـِ جانِب إياس: طفلة إيه، دي كانت جميلة أوي إنهاردة، ولبسها و..
توقف غالي عن الحديث عندما أنزل إياس ذِراعُه عن يده وقال بحزم: دي بنت عمي يعني من حريم بيتي تُعتبر، محدش يجيب سيرتها قُدامي ولو شوفتوها محدش يرفع عينُه ويتأملها! متفقين؟

 

تثائب غالي وهو يقول: تمام يا أيس.
دقت روفيدة باب الغُرفة لتقول: البيبي نام، ناموا بدري عشان تصحوا الصُبح بدري للجـ|زارة
إياس بـِ نُعاس: حاضر إن شاء الله هنـ.. ثواني معلش؟ جزا|رة إيه!!
روفيدة من خلف الباب المُغلق: هنشتري بُكرة عِجل عشان هتد|بحوه إنتوا، إنت ناسي إن عندنا مولود جديد
إياس بـِ نفاذ صبر من تِلك اللـ|عنة التي حلت عليه: يعني إيه طفل جديد، إبن خالتي يعني ولا إيه دا مش إبن المنطقة ٩٠ عشان ند|بحلُه!
روفيدة من خلف الباب المُغلق: طالما إتولد هِنا يبقى إبن المنطِقة ٩٠.
قام إياس مِن الفِراش وخرج من الغُرفة، وقف أمام والِدتُه وأغلق الباب وهو يقول بـِ همس: بـِ النسبة للناس اللي هُما أهل المنطقة، لما يعرفوا إن في طفل إتولد وهُما ميعرفوش عنُه حاجة هنقولهُم إيه وإتولد هنا إزاي وفين أمُه؟
والِدتُه بـِ هدوء: محدش ليه يسأل عن حجات زي كِدا لـِ مُجرد الفضول! إحنا مش مقصرين معاهُم في حاجة من ناحية الخدمات في المنطِقة والعيشة المُريحة فـ خلاص، وأكيد في منهُم شافوا الحكومة والإسعاف خارجين من المعرض بِتاعك
إياس بـِ غضب: وأكيد هيفتكروا إن الواد إبني وأنا مخبي عليهم
روفيدة في مُحاولة لإقناعُه: متقلقش هنوضح دا بُكرة، يلا إدخُل إرتاح شوية عشان الصُبح ورانا حاجات كتير.
إنتهت الليلة على ذلِك الحد، لكن إياس لم يستطِع أن يغفو مُجمُعًا أحداث تِلك الليلة المشؤومة في عقلُه، إيجار السيارة مِن معرضُه، ثُم إصرار المُستأجِر على إرجاعها لهُ تحديدًا قبل إنتهاء الميعاد

 

ثُم السيدة المُقدسة التي جمعت بـِ ملابسها المُبهرجة الأديان وكأنها تستهزِأ بِهُم! نهايةً إلى الطِفل الذي سـ يُعطِل مصالِحهُ الشخصية ويُحيد عقله عن الإهتمام بـِ عملِه لإنهُ سـ يضطر أن يبحث عن أقاربُه والشُرطة كذلِك لن تنفك تستدعيه لـِ الإدلاء بـِ أقوالُه!
في الصباح، إقتحمت چيهان غُرفة إبنتها كادي وهي تقوم بـِ فتح النافِذة لـِ تتسرب أشعِة الشمس داخِل الغُرفة
تململت كادي وهي تضع الغِطاء فوق رأسها بـِ ضيق فـ قالت چيهان: لا وحياة أمك مفيهاش تكمِلة للنوم، دا أول يوم لازم تبقِ جاهزة ونشيطة، يلا عشان السِت روفيدة كلمِت المُدير وصِتُه عليكِ ودفعتلِك المصاريف كمان
إعتدلت كادي في فِراشِها وهي ترتدي ثوب قصير للنوم باللون الأسود وقالت: وأنا هروح لوحدي ولا إيه؟ محدش هيوصلني؟
چيهان وهي تُلملم أغراض كادي المُبعثرة أرضًا قالت: أيوة هتروحي لوحدِك المدرسة على بُعد شارعين مِن هِنا متخافيش.. قومي إغسلي وشِك وإفطري، عملتلك ساندوتش تاخديه معاكِ عشان الجبنة تكفي لـِ ساندوتش بُكرة.
قامت كادي وشعرها ينسدل على كتفيها ونظرت مِن النافِذة، لـِ تجِد حيـ|وان ” العِجل ” مُكبل من قدمُه بـِ حبلٍا قوي.. فـ قالت بـِ دهشة: هو عيد الأضحى جه ولا إيه؟
چيهان: لا دا إبن عمِك إياس شوفته الصُبح جايبُه هو وصحابُه وربطوه هِنا، غالِبًا هيد|بحوه ويوزعوه على الغلابة أصل هُما بيحبوا يعملوا الخير كتير
تحمست كادي وهي تقول: الله عايزة أقعُد أتفرج وأبقى أروح المدرسة بُكرة.

 

چيهان بـِ حزم: يلا يا بت إلبسي بلاش مرقعة، وبعد ما تخلصي لِبس فوتِ على طنط روفيدة هي قالتلي خلي كادي تجيلي.
إرتدت كادي ملابِسها وحقيبة المدرسة التي أحضرتها لها روفيدة مع الملابِس، ثُم خرجت مِن الشقة بعد أن ودعت والِدتها.. ووقفت بـِ إحراج أمام شقة روفيدة، إنتظرت قليلًا ثُم طرقت الباب بـِ هدوء
مرت دقيقة حتى فتحت لها روفيدة وهي تقول بـِ إبتسامة مُرحِبة: يا أهلًا يا أهلًا، تعالي يا كادي.
إبتسمت كادي بـِ خجل وهي تُحاول فك عُقدة حِذاؤها فـ قالت لها روفيدة: لا إدخُلي بيه كِدا كِدا السِت اللي بتساعدني في تنظيف البيت جاية إنهاردة، إيه الجمال والشياكة دي! لبس المدرسة هياكُل منِك حِتة.
ظهرت حُمرة الخجل على وچنتيها وهي تقول: تسلمي يا طنط
دخلت الشقة وأغلقت روفيدة خلفها الباب وهي تخلع حِجابُها وقالت: إياس وصحابُه باتوا هِنا إمبارح وأنا روحت نمت في الشقة التانية عشان مزعجهُمش وعشان ميصحِش، وفطروا ونزلوا.. بس حضرتلك إنتِ الفطار قولت جايز چيهان مكانش عندها وقت، إقعُدي إفطري وإشربي اللبن عشان أفهِمك كام حاجة عن مدرستك الجديدة عشان متتخضيش
أثار حديث روفيدة فضول كادي، جلست على مِقعد المطبخ المُرتفِع وهي تنظُر إلى أطباق الجُبن والمربى وحتى الخُبز الساخِن..

 

قبل أن تُكمِل روفيدة حديثها، صاح الطفل الصغير باكيًا مِن شِدة الجوع، فـ تذكرت كادي ليلة أمس وأن إياس صعد للشقة حاملًا إياه
فتحت روفيدة باب شقتها وهي تتحدث في الهاتِف، أنهت المُكالمة ثُم دخلت الشقة مرة أخرى وهي تُغلِق الباب، دخلت للغُرفة حامِلة الطِفل مُحاوِلة تهدِئتُه.. وجلست أمام كادي مرة أخرى وهي تُشير بعينيها للصحون وتقول: كُلي قبل ما الخُبز يبرد.
بدأت كادي في تناول طعام الفطور وقالت مُتسائِلة: هو دا حفيدك يا طنط؟ يعني إبن عمو إياس!
روفيدة بـِ ضحكة خفيفة: لا لسه إياس ربنا يكرمه بجواز وخلفة عن قريب، دا إبن واحدة ولدِتُه في معرض إياس إمبارح وما|تت بعد ولادتُه، فـ أنا باخُد بالي منُه لغاية ما إياس يوديه لأهل أمه أو أهل أبوه
شعور بـِ الإرتياح غمر رئتي كادي وهي تبتسم وتأكُل بـِ شهية، ثُم قالت بـِ فضول: حاجات إيه يا طنط اللي أعرفها عن مدرستي؟
روفيدة بـِ هدوء: حاولي لو إتخا|نقتِ مع حد هِناك، عشان دا مش هيسببلك الرفد فقط، دا هينفيكِ من المنطقة، هو بـِ شكل عام كُلهُم بيخافوا من القوانين دي فـ هتلاقيهُم يا كويسين معاكِ يا مبيتعاملوش معاكِ، فـ خليكِ إنتِ كمان في حالك حاولي متنكُشيش فيهُم.
كادي وهي تأكُل: لا متخافيش ياطنط أنا أصلًا بجد مبحبش المشاكِل.

 

قامت كادي من المِقعد وهي تقول: هروح دلوقتي عشان متأخرش، بس هعرف فصلي فين إزاي؟
في ذات الوقت طرق باب الشقة فـ قامت روفيدة لـِ ترى من الطارِق قبل أن ترُد على تساؤل كادي
كانت السيدة ” أم مُحمد ” التي تُرضِع الكفل قد حضؤت بعد أن هاتفتها روفيدة، أعطتها الطِفل بين ذراعيها ودخلت الأولى لـِ الغُرفة حتى تُرضِعُه، بعدها تقدمت روفيدة إلى كادي ووقفت أمامها وهي تُخرِج مِن جيب رِدائها نقود وتُعطيها لـِ كادي قائِلة: خلي دول معاكِ عشان لو جوعتِ هِناك أو إحتاجتِ أي شيء، وفصلك هتعرفيه من المُدير أنا كلمتُه وهيكون في إستقبالِك
كادي بـِ رفض لأخذ النقود: لا يا طنط مش هقدر أخدهُم شُكرًا..
روفيدة بـِ حزم: هتكسفي إيدي؟ مش أنا في مقام خالتو برضو! خُدي دا مصروفك خليه معاكِ.. يلا خلصي دروسك وإرجعي هنتغدا لحمة إنهاردة من الد|بيحة
كادي بـِ إبتسامة: حاضر، سلام
خرجت مِن الشقة خروجًا للمنطِقة، كانت الأجواء في غاية البرودة! وكإن كُل يوم فصل مُختلِف.. سارت خطوتين لـِ تجِد إياس واقِفًا بِـ جانِب مهد وغالي.. وكان يُمسِك بـِ يدهُ سكـ|ين.. مهد وغالي أسقطوا العِجل أرضًا وحاولوا تثبيتُه، بينما قام إياس بـِ الذ|بح وهو يذكُر الله.. كان يرتدي قميص باللون الأبيض قد تلطخ سلفًا بـِ دِ|ماء العِجل.. هلل صِغار وأطفال المنطِقة وهُم يركضون تجاهُه ويلوثون يدهُم بِـ الد|ماء.. ثُم ركضوا تجاه حائِط غبريال في محاولة منهُم لنقش يدهُم عليه
أوقفهُم صوت إياس الحازِم وهو يقول: لا!! إبعدوا عن الحائِط دا تمامًا

 

أخفض غالي ومهد رأسيهُما وكأنهُم تذكروا شيئًا ما مُغزي، أما كادي داهمها الوقت وسر|قها وهي تقِف تتأمل إياس، لا تستطيع أن تُحيد بـِ عينيها عنهُ! لاحظ إياس نظراتها فـ حرك أنفُه لـِ الأعلى حتى يُشتت شرودها، بـِ الفِعل أفاقت وبدأت أخيرًا في التحرُك نحو طريق المدرسة.. بينما هي تسير لاحظت فتاة تسير بـِ بُطء وتُدندن بـِ موسيقى ناعِمة، وخُصلات شعرها تطاير حولها.. والأهم مِن كُل ذلِك أنها كانت ترتدي ذات ملابس المدرسة التي ترتديها كادي! لِذا فقد ركضت الأخيرة في محاولة لـِ اللحاق بـِ الفتاة وهي تقول: بسس بسس، إستني
توقفت الفتاة وهي تنظُر بـِ حذر، وتوقفت عن الدندنة حتى وصلت لها كادي وهي تلتقِط أنفاسها وتضحك وتقول: سريعة أوي إنتِ، عوزاكِ تاخديني معاكِ المدرسة أنا لاحِظت إنك نفس لبسي.. عشان بس أول يوم ليا و..
قاطعتها الفتاة بـِ هدوء ونعومة: تعالي ورايا.
رفعت كادي حاجبيها وقالت: شكلك كيوت بس إنتِ غريبة، إسمها إمشي جنبي.. يلا ما علينا.. أنا كادي.. وإنتِ؟
نظرت لها الفتاة نظرة جانبية وكأنها حزينة، ثم ضمت شفتيها وقالت بـِ ذات الهدوء: لاڤندر.
• داخِل معرض السيارات
كان إياس يضع طاوِلة خشبية فوقها الأكياس البلاستيكية المُعبئة بـِ اللحم الطازِج ويُمسك بـِ يدهُ قلم أسود وهو يكتُب على الأكياس، نظر لـِ مهد وقال: إسمها إيه البنوتة اللي بتحبها؟
رفع مهد إصبعهُ في الهواء وكأنهُ يكتبهُ وقال: لاڤندر، لاڤ+نُدر.. يعني حُب نادِر
غالي وهو جالِس على المِقعد قال: هو أي هري وخلاص؟ لاڤندر دا نوع من أنواع الورد
مهد: ششش أنا أترجِم الإسم بـِ الطريقة اللي تعجبني.
إياس بـِ صوت مُرتفِع: وصيييف!
حضر وصيف ركضًا مِن القهوة حتى وقف أمام إياس قائلًا: أوامرك يا إياس باشا.

 

إياس بـِ إرهاق: خُد الترابيزة بـِ الأكياس ووزعهُم حسب الأسامي وأرقام الشُقق، وخُد نصيبك اللي مكتوب عليه إسمك.
وصيف بـِ سعادة مُهلِلًا: ربنا يخلي شباب الخُن لـِ المنطِقة، ربنا يديم عزكُم.
وخرج حامِلًا الطاوِلة بـِ رِفقة شخص أخر، جلس إياس أمام مِقعد غالي وجلس مهد خلف المكتب.. رن هاتِف غالي فـ أشار بـِ يدهُ لـِ أصدقاؤه قائِلًا: إستنوا عشان أبويا بـِ يتصِل، أكيد عشان مروحتش المُستشفى إنهاردة.
رد غالي قائِلًا: صباح الخير يا بابا
والِدهُ بـِ غضب كـ المُعتاد: صباح الزفت! دا جزائي عشان وثقت فيك وسلِمتك الحالة! المريضة اللي في عُهدِتك هِربِت يا دكتور يا مُحترم يا مُلتزِم!
وضع غالي على الفور يده على جيب بِنطالُه يتحسس قِلادة الفتاة وقال مُتسِعًا العينين: فيان!
والِدُه: واحدة داخلة بـِ حالِة صر|ع ومش طبيعية، ومتكتِفة عشان متأذيش حد، بـِ تفُك قيودها ليه؟ إنت المسؤول قُدامي في ظرف ٢٤ ساعة تجبهالي هِنا مفهوم!
لم يُعطِه فِرصة لـِ الرد أو التبرير! أغلق المُكالمة في وجهِه تارِكًا علامات الصدمة على وجهه المشدوه، لاحظ إياس ذلِك فـ قال مُستفسِرًا: إيه اللي حصل!
بلل غالي شفتيه وقال: في مريضة، هربت من عندنا و..
إياس مُضيقًا عينيه: و؟

 

إزدرد غالي لُعابه ثُم أخرج القِلادة من جيب بِنطالُه وضعها فوق سطح المكتب، نظر لها إياس ومهد ثُم أعادوا نظرهُم إلى غالي الذي قال: بُص هفهِمك، اللي حصل إن إمبارح.. .
• في طريق المدرسة
كانت كادي تسير بـِ جانِب لاڤندر وهي تقول بـِ تفاخُر: وبس يا ستي، يعني أنا بِنت عمُه أه بس هو مبيطقنيش ولا بيطيق أمي ولا أبويا بسبب خلافات أبويا مع عمي.
لاڤندر بـِ ذات النبرة الحزينة : إنتِ محظوظة جِدًا، وهتتعاملي مُعاملة خاصة بـِ سبب صِلة القرابة دي
كادي بـِ ضحكة: محظوظة إيه بقولك مبيطقنيش، يعني لو ظروفنا كانت أحسن والعيلة بتحب بِعض كُنت هبقى محظوظة أكتر لإن دائِمًا البِنت لـِ إبن عمها.
قالتها كادي ثُم ضحكت كـ أنها مُزحة طريفة، لكن لاڤندر لم تضحك بل قالت بـِ نبرتها الباهِتة: الكلام دا مش في المنطِقة ٩٠، من قوانين المنطِقة ٩٠ إن ممنوع جواز القرايب.
توقفت كادي عن السير وإبتسامتها تختفِ تدريچيًا، وحواچبها تنكمِش بـِ صدمة وهي تنظُر لـِ لاڤندر التي توقفت هي الأخرى ونظرت لها قائِلة: إنتِ كُنت متعشِمة فيه؟ كان لازم يعرفوكم قوانين المنطِقة.
نغزة داعبت قلب كادي وهي تسير بـِ جانِب لاڤندر صامُتة، حزينة.. الأن أصبحوا كلتاهُما حزينتين.. يسيرون في الطريق شاردتين كـ نجمتين تاهوا عن القمر.. لكن شرود كادي كان الأكثر حُزنًا، ما ذلِك القانون الظالِم الذي يسلُب القلب حياتُه، والمرء مشاعِرُه! وما عقوبة من يُخالِف ذلِك القانون.؟

 

قالت لاڤندر وكأنها تقرأ أفكارها: النفي.
أفاقت كادي مِن شرودها وهي تنظُر لها، بادلتها لاڤندر النظرات وقالت: عقوبة الإتنين اللي يحبوا بعض النفي من المنطِقة ٩٠، ودفع كُل مليم إستفادوا بيه من خدمات المنطِقة.. يعني من الأخر هتعيشي زي العروسة من غير روح، أو زي العِجل اللي كانوا رابطينُه.. أكل ومرعى وبس.
حل الليل على المنطِقة، اليوم الأول لـِ كادي في المدرسة كان عاديًا لإنها لم تستطع التركيز في الدِراسة أو مع الأشخاص مِن حولها، وحتى لاڤندر نست تمامًا أن تأخُذ رقم هاتِفها لـِ تُصبِح رفيقتها في السير يوميًا للمدرسة، الطعام لم تضعهُ في فمها.. وضعت أمامها چيهان للمرة الثالِثة الصحن من الفلين وهي تقول: أخر نِداء، لو مأكلتيهوش المرة دي هحُطه للقُطة، لحمة ورُز وطبيخ وأدي علبة عصير وشوكولاتة وزعوها على حِس العيل.
كانت كادي تضُم رُكبتيها لـِ صدرها وقالت بـِ حُزن: بـِ الهنا والشِفا على القُطة
جلست والِدتها على الفِراش أمامها وقالت: في حاجة حصلِت في المدرسة ضايقتِك؟
رفعت كادي رأسها ونظرت لـِ والِدتها وقالت: لا خالِص، أنا بس شكلي أخدت برد من الجو بتاع الصُبح.
چيهان وهي تلمِس ذِراع إبنتها: جسمِك طبيعي أهو، مع ذلِك خُدي چاكيت بُكرة معاكِ.. هروح أساعِد طنطك روفيدة عشان إياس إبن عمك مشي هو وصُحابه
قالت كادي بـِ فضول: مشي راح فين؟

 

چيهان بـِ إرهاق: معرفش إتغدوا وركبوا عربية واحدة ومشيوا، تقريبًا وراهُم مشوار.
نظرت كادي لـِ ساعة يدها الخاصة بـِ والِدها: ومرجعوش لـِ حد دلوقتي؟
چيهان: لا، يلا كُلي عاوزة ارجع ألاقيكِ خلصتِ طبقِك.
المكان: منطِقّة كيوبيد
التوقيت: مُنتصف الليل
صوت عواء الثعالِب أثار رجفتهُم وهُم يترچلون من السيارة، رفضت روفيدة أن يأخذوا الطِفل معهُم حتى يذهبوا ويتأكدوا من معيشة عائِلتُه هل سـ تُناسبه أم لا.
كانت مساحة واسِعة.. مزرعة مهجورة أمامها طاحونة قديمة مكسورة، وفزاعة طيور مُهترِئة في مُنتصف المزرعة.
ثُم شارِع طويل، هُنالِك أضواء زرقاء وحمراء تُضيء من خيمة هُناك، قديمة مُمتلِئة بـِ الأترِبة.. لونها أحمر وأبيض..
بعد أن تفحصوا المكان حولهُم بـِ عناية بـِ عينيهُم قال مهد: يا حلاوة، منطِقة مهجورة بانِت البشاير.
نظر إياس في الدعوة وقال: السيرك الروماني القديم، أكيد الخيمة دي هي السيرك
مهد: خيمة إيه يا معلم صباح الفُل، دي قديمة وواضِح مفيهاش حد.
غالي بهدوء: مش هنخسر حاجة لو روحنا ودخلنا، جايز ألاقيها جوة.
قال تِلك الجُملة وهو يُمسِك بـِ القلادة بين يديه.
إياس نظر له وقال: هو دا اللي همك بس؟ يلا يا جماعة نتحرك عشان ندخُل ونخلص.
صوت صفير الهواء مع عواء الثعالِب كان مُريب، وملابِس فزاعة الطيور المُهترِئة تتحرك يمينًا ويسارًا، وخشب الطاحونة يُصدِر صوت أزيز مُريب

 

تجاهلوا كُل ذلِك وساروا سويًا بـِ جانِب بعضهُم البعض حتى وصلوا للخيمة..
وقفوا في الداخِل وهُم يسعلون مِن كثرة الأترِبة
كان هُناك خُفاش في علوية الخيمة فر بعيدًا للخارِج عِندما سمع صوتهُم
مرت دقائِق.. حتى إنفتح من الأرض باب صغير خشبي.. وخرج منهُ رجل، يرتدي بدلة الساحِر السوداء، ويُنفِض قُبعتُه مِن الأترِبة، شعره مُشعث.. أشار بيده لـِ الثُلاثي فـ شعروا بـِ الخوف
قال إياس بـِ حزم: تعالى ننزل ورا الراجِل دا عشان نشوف أخرتها
مهد بـِ خوف: ننزل فين! ما نودي الواد ملجأ وخلاص، الراجل طالع يتهوى وداخِل
إياس بـِ حزم: يلا يا مهد!
إقتربوا ثلاثتهُم للباب الصغير في الأرض، وفي داخِلُه سُلم خشبي.. نزل إياس بـِ حذر حتى وقف على قدميه في الأسفل، كانت هُناك رائِحة كـ رائِحة الدُمى
نظر أمامُه لـ يجِد فتاة ترتدي تنورة قصيرة، وقميص قصير.. وشعرها بـِ اللون الأزرق
تأملها إياس قبل أن تقول: هفتِشك، إرفع إيدك
رفع إياس يده بـِ طاعة وتعمدت تِلك الفتاة إثارتُه لكنه لم يتأثر، حتى نظرت له مرة أخرى وقالت: نظيف.
جاء إياس ليتجاوزها ويُزيح الستار خلفها فـ أوقفته بـِ إصبعها في صدرُه وقالت: مش لما نشوف صُحابك! لسه بدري عشان تزيح السِتار.. وريني الدعوة!

 

كانت هُناك فتاتين يُفتشون مهد وغالي، والفتاة أمام إياس تنظُر للتذكرة، إقتربت هي منِ الساحِر الذي قتح لهُم الباب وقالت له شيء في أذنِه
فـ إبتسم إبتسامة واسِعة وهو يُخرج قُبعتُه ويبحث داخِلها عن شيء، رفع إصبعه بـِ معنى وجدتُها وهو يبتسم بـِ طريقة مُريبة
أخرج صندوق صغير وأعطاهُ للفتاة، التي إقتربت من إياس وهي تفتح الصندوق وأخرجت قِلادة
وضعتها حول عُنقه وهي تقول: عشان مينفعش تدخُل مِن غيرها.
قرأ إياس القِلادة ” إياس ١٩٩٦”
ومهد وغالي كذلِك إرتدوا ذات القِلادة بـِ أسماؤهُم وتواريخ ميلادهُم.
أزاحت الفتاة السِتار
لـِ يدخُلوا ثلاثتهُم مكان بـِ رائِحة الحلوى والڤانيليا، لكنه مُظلِم
مرت دقيقة في ذلِك الصمت والظلام حتى قطع ذلِك الصمت صوت قداحة تشتـ|عِل
بدأت أضواء هامُسة تعلوا تدريچيًا في الغناء
كانت طاوِلة تتوسطها كعكة طبقتين من الڤانيليا البيضاء، وشخص واحِد فقط يجلِس أمام الكعكة وجههُ مُمتليء بـ أحمر الشِفاة.. وخلفه أربع مُهرِجون، وفتيات في غاية الجمال لكن ملابِسهُم فا|ضِحة.. ورجُل يرتدي فوق عينُه قِناع أسود يُخفي عينيه فقط
والرجُل الجالِس أمام الكعكة كان يرتچِف رُعبًا
بدأوا في الغِناء لهُ أغنية العيد ميلاد
لكنها حتمًا، حتمًا سـ تجعلك تهاب أي يوم قد يُصادِف يوم ميلادك

 

كانوا يُغنوا قائِلين:
سنة حلوة يا جميل
من الليلة إنت قتـ|يل
سنة حلوة سنة حلوة
سنة حلوة يا جميل
ود|مك إنهاردة هيسيل..
هييييييه
يلا، طفي أخر شمعة
لم يُحرِك الرجل الجالِس شفتيه بل كان يرتجِف ويبكِ،
سار الرجُل الذي يرتدي حول عينيه قِناع خطوتين وصوت حِذاؤه يقطع السكون
ثُم في حركة مُفاجِئة أمسك بـِ رأس الرجِل الجالِس وغرزها في قالب الحلوى
بدأ قالِب الحلوى الأبيض أن ينسدل عليه خيوط حمراء
لقد كانت.. دِ|ماء! لقد كان هُنالِك سكـ|ين مغروز بـِ جانِب الشمعة داخِل قالِب الحلوة
إرتجف إياس من وهو يتنفس بـِ سُرعة، وجسده يهبِط ويرتفِع، كذلِك تشبث مهد وغالي بـِ بعضهُمامن هول ما رأوا!
سحب المُقنع رأس الرجُل والسكـ|ين مغروز في مُنتصفهُ
وبدأوا في تقطـ|يع قالِب الحلوى المُلوث بـِ الد|ماء!

 

إقترب الساحر وهو يلتقِط كأس الخـ|مر ويضعهُ بـِ القُرب من جر|ح القتـ|يل
قطرت الد|ماء داخِل الكأس فـ قام الساحِر بـ تحية الجميع بـِ الكأس ثُم إرتشفهُ
مِن شِدة وهول المنظر سعل غالي وهو يتمالك ذاتُه حتى لا يستفرغ
وهُنا عم الصمت مُجددًا وتوقفت أصوات الضحك والحديث..
فقط صوت الد|ماء تقطُر على الطاوِلة
وفجأة!

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مقامر المحبة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *