روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية البارت الثاني والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية الجزء الثاني والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الثانية والثلاثون

أوقف رامز سيارته أمام منزل زوجته السابقة فخرجت داليا من السيارة وأرادت أن تأخذ معها إسلامًا ولكن تشبث الأخير بوالده وقال:
-“أنا مش بحب أقعد مع تيتا فوقية ولا خالو محسن وعايز أفضل مع بابا”.
اتسعت عينا داليا عندما سمعت هذا الكلام الذي جعلها تدرك جيدا مدى الترابط الذي تمكن رامز من توطيده مع ابنه.
برمت داليا شفتيها قائلة بتهكم وهي ترمي رامزًا بنظرات حادة:
-“أنا كان لازم أعرف أنك مش هتستسلم وأنك هتعمل المستحيل عشان تقدر توصل لإسلام بس أنا مش قادرة أفهم أنت إزاي عملت كده وأنا أصلا سديت في وشك كل الطرق اللي ممكن تخليك تشوف ابني؟!”
ابتسم رامز واحتضن ابنه وهو يجيب بتفاخر:
-“مشكلتك يا داليا أنك مفكرة نفسك أذكى مني وأن قدراتي محدودة ودي غلطة كبيرة منك لأن أنا قدرت أوصل لإسلام ونجحت في أني أخليه يحبني ويتعلق بيا وكل ده وأنتِ نايمة في العسل ومش دريانة بنفسك”.
كورت داليا قبضتها اليمني كعلامة تدل على غضبها من رؤية ابنها وهو يتشبث بوالده بهذه الطريقة رافضا تركه تحت أي ظرف.
تنهدت داليا مستسلمة للأمر الواقع بقولها:
-“طالما إسلام عايز يفضل جنبك الفترة دي فخلاص خليه معاك اليومين دول لحد ما نقعد ونشوف حل للموضوع ده”.
توجهت داليا نحو منزلها وقبل أن تطرق الباب التفتت وألقت نظرة أخيرة على رامز الذي انطلق بسيارته وهو يحتضن طفله بشدة ولم تغفل عن تلك الابتسامة الشامتة التي رأتها على وجهه.

 

ضربت داليا الحائط المجاور للباب بكل قوتها بعدما استفزها رامز بتلك الابتسامة وله كل الحق في ذلك فهو قد حصل على محبة طفلها بسبب إهمالها له وعدم الاهتمام بأي شيء سوى إرضاء عزام حتى لا يمل منها ويلقي بها.
وصل رامز إلى منزله واتسعت عينا إلهام بعدما رأته يحمل على كتفه طفلًا صغيرًا أدركت من خلال ملامحه أنه يكون حفيدها الذي لم تره منذ أربع سنوات.
تساءلت إلهام وهي تربت على شعر الصغير الذي ابتسم لها:
-“ده يبقى ابنك يا رامز؟ مش كده برضه؟”
أومأ رامز بإيجاب فهبطت دموع الفرح من عيني إلهام التي انتشلت منه الطفل واحتضنته بقوة قائلة:
-“يا حبيبي يا ابني، وأخيرا شوفتك يا ضنايا بعد ما أمك الحرباية حرمتنا منك!!”
أشار لها رامز بالصمت وعدم التفوه بأي كلمات مسيئة في حق داليا مراعاة لمشاعر إسلام الذي على الرغم من تفضيله الذهاب مع والده إلا أنه لا يزال يحب والدته ولن يعجبه أن يتحدث أحد عنها بالسوء.
حمل رامز ابنه وتوجه به نحو غرفته ووضعه على السرير ثم سحب الغطاء وقبل رأسه قائلا بلطف:
-“تصبح على خير يا حبيبي”.
قبل الصغير وجنة والده هامسا:
-“وأنت من أهله يا بابا”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

انفرجت شفتا مراد بعدما سمع كلام ثريا التي حضرت لزيارته في محبسه وأخبرته بمنتهى الصراحة أنها هي من دبرت له هذه القضية.
تصنع مراد البؤس والبراءة وهو يقول:
-“طيب ليه عملتِ كده معايا يا ثريا، هو أنا كنت أذيتك في حاجة عشان تدبري ليا مصيبة زي دي؟!”
ضحكت ثريا قائلة بتهكم:
-“اعملي بقى فيها برئ وطيب وأنك يا عيني واحد محترم ومظلوم!!”
برقت عينا ثريا بلهيب الانتقام واستطردت بشراسة:
-“هو أنت مفكرني مغفلة ولا نايمة على وداني؟! أنا عارفة كل البلاوي اللي أنت عملتها عشان تسرقني وتخلص مني وأنك كنت بتحطلي في أكلي وشربي حبوب هلوسة لأنك كنت عايزني أتجنن ووقتها أنت كنت هتعرف تاخد شقايا وتعبي وتهرب بيه مع السينيورة بتاعتك”.
ابتلع مراد ريقه وألجمته الصدمة بعدما تبين له أن ثريا قد كشفت جميع ألاعيبه وهذا يعني أنها لن تشفق عليه حتى لو ذرف أمامها دما بدلا من الدموع.
حملت ثريا حقيبتها ورمقت مرادًا بازدراء هاتفة بتشفي:
-“أنت كان لازم تدفع تمن اللعب معايا وزي ما أنت عارف القانون هنا مش هيرحمك وخصوصا أن التهمة ثابتة عليك ومفيش أي وسيلة قدامك تقدر تستخدمها عشان تهرب من المصير اللي تستحقه وأهو أكون جيبت حق الغلبانة اللي أنت استغلتها وعيشت معاها من غير جواز”.
غادرت ثريا وهي تتذكر الرسائل التي وصلتها بخصوص زواج مراد من كريستين والتي كان من ضمنها أوراق تثبت خداع زوجها لفتاة تدعى سمية وأنه عاش معها بدون زواج بعدما رمى عليها يمين الطلاق أثناء فترة عقد القران دون أن يخبرها بهذا الأمر.
ابتسمت بعدما أكد لها المحامي أن زوجها سينال أخيرا عقوبة قاسية ستكون جزاءً عادلا لجميع الأمور الفظيعة التي اقترفها في حقها وحق غيرها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

ابتسم رامز بفرحة بعدما تلقى اتصالا من جميلة التي أخبرته أن ابنتها قد قبلت الزواج به ولكنهم لن يقوموا باتخاذ أي خطوة رسمية إلا بعدما يعود محمد من القاهرة.
أخبر رامز إلهام بهذه الأخبار السارة فابتسمت الأخيرة قائلة بسعادة:
-“ألف مبروك يا حبيبي، ربنا يجعلها جوازة الهنا والسعد عليك إن شاء الله”.
احتضن رامز والدته قائلا:
-“الله يبارك فيكِ، ادعيلي على طول أن ربنا يوفقني ويتمم الموضوع ده على خير”.
ربتت إلهام على وجنته بحنو وقالت:
-“أنا بدعيلك على طول أن ربنا يصلح حالك ولو فيه خير من جوازتك أنت وسمية فكل حاجة هتتم بشكل كويس ومن غير ما يحصل أي مشكلة”.
دلف رامز إلى غرفته واتصل بسمية التي تجاهلت اتصاله عدة مرات ولكنها أجابت في النهاية بعدما رأت أنه لم يستسلم:
-“أيوة يا رامز، بتتصل بيا ليه دلوقتي؟”
ضيق رامز ما بين حاجبيه قائلا باستغراب:
-“مالك يا سمية فيه إيه، إحنا خلاص بقينا مخطوبين والمفروض أتصل بيكِ عشان أطمن عليكِ”.
صححت له سمية كلامه بقولها:
-“لا إحنا مش مخطوبين، إحنا لسة هنتخطب ولحد ما نتخطب مش عايزاك تكلمني خالص”.
في هذه الأثناء دلف إسلام إلى الغرفة وأخذ يشاكس والده فسمعت سمية صوته وسألت رامز باستغراب:
-“هو أنت أختك رجعت من السفر ولا إيه وبعدين أنت مقولتليش قبل كده أنها عندها أولاد!!”
حمحم رامز وأشار إلى ابنه بالسكوت ثم أجاب بهدوء:

 

-“ده يبقى صوت إسلام ابني”.
اعتدلت سمية في جلستها وهتفت بدهشة:
-“هو مش ابنك كان مع طليقتك وهي حرمتك منه وأنت مكنتش عارف تشوفه؟!”
أومأ رامز ووضح لها الأمر بقوله:
-”أيوة، أمه فعلا حرمتني منه بس أنا فضلت أعافر لحد ما قدرت أخده معايا الفترة دي بعد ما جوزها طلقها”.
استكمل رامز بنبرة جادة:
-“سيبك دلوقتي من الموضوع ده وسيبيني أقولك على الموضوع اللي اتصلت بيكِ عشانه”.
سكتت سمية فتحدث رامز وزف لها البشرى السعيدة التي كانت تنتظرها وهي إلقاء القبض على مراد بتهمة الإتجار في المخدرات.
تملكت السعادة من سمية وسألته بفضول:
-“طيب إزاي حصل كده وأصلا مراد ملهوش في الحاجات دي ولا يعرف سكتها؟!”
ضحك رامز وقال:
-“أكيد مراته ليها يد في الموضوع لأن زي ما أنا قولتلك هي مستحيل تسكت بعد اللي هو عمله معاها وسواء كان برئ ولا لا فهو أصلا يستاهل اللي جراله لأن هو أذاكِ وجه الوقت اللي لازم يتعاقب فيه حتى لو كان سبب سجنه تهمة تانية هو ملهوش دخل فيها”.
أتت لسمية رسالة تخبرها أن أخاها يحاول الاتصال بها فقالت:
-“طيب يا رامز أنا هقفل معاك دلوقتي لأن محمد بيتصل بيا”.
أنهت سمية المكالمة مع رامز واتصلت بأخيها الذي ردَّ عليها بنبرة أظهرت لها مدى حنقه منها:

 

-“وأخيرا يا أستاذة سمية موبايلك مبقاش مشغول!!”
شعرت سمية ببعض الحرج؛ لأنها تعرف جيدا مدى ذكاء شقيقها وأنه يمكنه أن يحلل ببراعة كل الأحداث التي تدور حوله وهذا يعني أنه استنتج من عدم تمكنه من التواصل معها بسبب انشغالها بمكالمة أخرى أنها كانت تتحدث مع رامز.
هتف محمد بنبرة حازمة لا تقبل النقاش:
-“أول ما أرجع إن شاء الله هقعد أتكلم معاكِ في حاجات كتير لأن فيه شوية نقاط لازم تتحط على الحروف ولازم الأستاذ بتاعك يعرف حدوده كويس أوي وأنتِ يا أستاذة من هنا لحد ما أرجع لو عرفت أنك قابلتيه تاني في الكافيه اللي أنتِ قابلتيه فيه كذا مرة قبل كده هيكون ليا معاكِ تصرف تاني”.
أومأت سمية قائلة بطاعة:
-“حاضر يا محمد اللي تشوفه، أنا أصلا لسة قايلاله من شوية أني مش هكلمه نهائي ولا هعبره لحد ما أنت ترجع وكل حاجة تكون رسمي”.
رفع محمد حاجبيه وهتف بحدة:
-“يعني كنتِ بتكلميه فعلا لما أنا حاولت أتصل بيكِ؟!”
ضربت سمية جبهتها لأنه بسبب زلة لسانها قد أكدت لشقيقها أنها كانت تتحدث مع رامز وقامت بتغيير مجرى الحديث حتى تخرج من المأزق الذي أوقعت نفسها به قائلة:
-“أنا كنت عايزة أتكلم معاك بخصوص شمس، هو أنتم اتخانقتوا ولا إيه؟! أصل هي اتصلت بيا وسألتني أنت هترجع إمتى وبيني وبينك كان واضح من صوتها أنها بتعيط”.

 

ارتبك محمد بعدما جلبت أخته سيرة شمس وأظهر بعض الحدة في صوته حتى يخفي توتره:
-“طيب وأنتِ إيه اللي خلاكِ تفكري أننا متخانقين؟! وبعدين هي ممكن تكون كانت بتعيط بسبب موضوع تاني خالص”.
ابتسمت سمية بشدة؛ لأنها تمكنت من إلهاء أخيها عن أمر رامز كما أنها نجحت في إصابته بالتوتر وزادت من هذا الأمر بقولها:
-“أنا استنتجت أنكم متخانقين وأنها كانت بتعيط بسببك لأن لو الأمور بينكم تمام ومفيش مشاكل كانت هتتصل بيك أنت وهتسألك عن ميعاد رجوعك لكن هي اتصلت بيا أنا وده معناه أن فيه خلاف بينكم”.
ضرب محمد بيده على سطح الطاولة هامسا بضيق:
-“متشغليش نفسك أنتِ بالموضوع ده والتزمي بالكلام اللي قولتلك عليه وإياك أعرف أنك قابلتِ رامز”.
أنهى محمد المكالمة على الفور حتى لا تسترسل سمية في سؤاله عن سبب الخلاف فهو يعلم جيدا مدى فضولها وأنها لن تتركه وشأنه إلا عندما يخبرها بما تريد معرفته.
زفرت سمية بحنق فهي كانت على وشك إخباره بأمر إلقاء القبض على مراد حتى تبرر له سبب اتصال رامز بها ولكنه لم يعطها فرصة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
قررت حبيبة أن تخرج من عزلتها التي استمرت لعدة أيام فهي لن تقضي وقتها في البكاء والعويل بل ستنهض ببسالة وتأخذ ثأرها من المجرم الذي قتل أخاها ولن تكترث لرابط الزواج الذي يجمعها بهذا القاتل.
حملت حبيبة هاتفها وخرجت من المنزل حتى تلتقي بوسام وتعرف منه كيف سيوقع بمهاب ولماذا لم يستخدم التسجيل الذي حصل عليه كوسيلة للتخلص من غريمه.
-“أتمنى تكوني اتحسنتِ دلوقتي وجاهزة أنك تتكلمي وتسمعي اللي هقوله”.
قالها وسام وهو يجلس أمام حبيبة التي ردت عليه ببرود:
-“أنت معاك دلوقتي تسجيل يودي عزام ومهاب في ستين داهية، ممكن أفهم أنت ليه لحد دلوقتي سايبهم ومش قبضت عليهم؟!”

 

أجاب وسام بهدوء محاولا قدر الإمكان أن يكون مراعيا للحالة النفسية السيئة التي تعاني منها بعدما علمت بحقيقة مهاب:
-“عزام كان سكران وهو بيتكلم وده شيء كان واضح جدا ده غير أن مفيش إذن من النيابة بالتسجيل ودي كلها أمور ممكن يستغلها محامي عزام عشان يخرجه منها وبالتالي إحنا عايزين دليل أقوى عشان ميبقاش فيه أي ثغرة قدامه هو ومهاب”.
تنهدت حبيبة وتحدثت بضيق وهي تنظر إلى هاتفها الذي يصدر رنينا بالنغمة التي خصصتها لرقم مهاب:
-“مهاب بيحاول يتصل بيا بقاله كام يوم بس أنا مطنشاه ده غير أنه جالي البيت أربع مرات وفضل في كل مرة يرن الجرس أكتر من ساعة بس أنا مفتحتش الباب واتفقت مع جارتي أنها تقوله أني مش موجودة في الشقة”.
نظر وسام إلى هاتفها قائلا بجدية:
-“ردي عليه يا حبيبة وحاولي تبرري له غيابك بأي طريقة لأن هو مش لازم يحس أنك كشفتيه وده حفاظا على سلامتك لأنه مهووس بيكِ ولو حس أنك هتضيعي منه ساعتها هيتصرف تصرفات مش محسوبة وممكن يكون فيها أذى ليكِ”.
زفرت حبيبة بألم وتمالكت أعصابها وهي ترد على مهاب بنبرة حاولت أن تجعلها هادئة قدر الإمكان حتى لا يشعر بتغيير في معاملتها معه:
-“أيوة يا مهاب، عامل إيه؟”

 

هتف مهاب بلهفة ممزوجة بالغضب الذي يشعر به بسبب عدم تمكنه من التواصل معها طوال الأيام الماضية:
-“أنتِ كنتِ فين يا حبيبة، جارتك قالتلي أنك سافرتِ ولما سألتها عن مكان سفرك وسببه قالتلي أنها متعرفش أي حاجة”.
ابتلعت حبيبة ريقها ونظرت إلى وسام تستمد منه الدعم فأشار لها بالحديث ومد لها يده بورقة كتب بها الكلام الذي يتوجب عليها قوله فأخذت تقرأه وهي تضم قبضة يدها بغضب لأنها مضطرة لإظهار الحب للشخص الذي قتل أخاها:
-“معلش يا حبيبي، أنا عارفة قد إيه أنت بتقلق عليا بس أنا اختفيت غصب عني لأني سافرت الشرقية عشان أعزي واحدة صاحبتي في وفاة أمها واضطريت أقعد معاها لأنها كانت منهارة خالص ومش مستوعبة الصدمة”.
أخرج مهاب غضبه منها وهو يقول:
-“طيب وهي صاحبتك دي منين بالظبط يعني أنا أصلا كنت أقدر أجيلك الزقازيق في ثانية وبعدين هو أنتِ مكنتيش تعرفي تتصلي بيا وتعرفيني بدل ما أفضل قلقان عليكِ وعمال أكلم نفسي وأفكر إن كان جرالك حاجة”.
أرادت حبيبة أن تصرخ في وجهه وتسبه بكل ما تعرفه من شتائم ولكنها تمالكت أعصابها وهمست بهدوء:
-“صاحبتي من فاقوس وهي بعيدة أوي عن الزقازيق وبعدين المنطقة اللي أنا كنت فيها مكانش فيها تغطية كويسة وعشان كده أنا معرفتش أتصل بيك”.
هز مهاب رأسه قائلا باقتضاب:
-“تمام يا حبيبة، هنبقى نكمل كلامنا لما نتقابل بكرة لأنك لسة راجعة من سفر وأكيد أنتِ زمانك عايزة ترتاحي دلوقتي”.
أنهت حبيبة الاتصال وألقت الورقة في وجه وسام صارخة باستنكار لما جعلها تتفوه به:
-“هو أنت الدنيا ضاقت بيك أوي ومش لقيت غير كلمة حبيبي تخليني أقولها للحيوان ده؟!”
أزاح وسام الورقة عن وجهه قائلا بحنق:
-“يعني كنتِ عايزاني أعمل إيه؟! ما هو ده اللي لازم يتقاله عشان يعدي الموضوع من غير ما يشك في أي حاجة من ناحيتك”.

 

أطرقت حبيبة رأسها وتساءلت بجدية:
-“سيبك من الكلام ده وقولي أنت ناوي تعمل إيه بالظبط مع مهاب؟”
أخبرها وسام في شيء من الاقتضاب بأمر حسام الذي وضع جهاز تسجيل في مكتب مهاب وأنه ينتظر معرفة موعد شحنتي المخدرات والأسلحة التي ينتظرها كل من مهاب وعزام.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ظهرت علامات الفرح على وجه نادين عندما سمعت من سمية أنها وافقت أخيرا على رامز:
-“برافو عليكِ يا سمية، الحمد لله أنك وافقتِ وإن شاء الله رامز يعوضك عن كل اللي فات”.
رأت نادين زوجها الذي حضر وجلس أمامها بمجرد سماعه لاسم رامز فارتبكت قليلا ولكنها استطاعت أن تحافظ على هدوء ملامحها وهي تتابع:
-“اعملي حسابك يا سمية أنا هخليكِ تنزلي معايا وأنا بشتري الفستان اللي هحضر بيه خطوبتك لأن أنتِ ذوقك حلو جدا في الفساتين”.
ابتسمت سمية وقالت:
-“ماشي يا حبيبتي، إن شاء الله لما محمد يرجع ونحدد ميعاد الخطوبة هبقى أجي معاكِ وأنتِ بتشتري الفستان وأهو بالمرة أختارلك حاجة تناسب البلونة بتاعتك”.
انفرجت شفتا نادين بذهول وهي تهتف بغضب مصطنع:
-“بلونة إيه يا باردة يا رخمة، ده أنا لسة في الشهر التاني ومش باين عليا أصلا أني حامل”.
مر بعض الوقت استمرت به نادين في الثرثرة مع سمية ثم اضطرت لإنهاء المكالمة حتى تقوم بإعداد الطعام.
نهضت نادين وكادت تذهب إلى المطبخ ولكن أوقفها صوت آدم الصارم عندما هتف:
-“اقعدي يا نادين، أنا عايز أتكلم معاكِ في موضوع”.

 

حاولت نادين أن تتهرب من الحديث؛ لأنها تدرك جيدا أنه سيتحدث معها بخصوص رامز وهي لا تريد أن يكون ابن خالتها محور حديث بينها وبين زوجها:
-“طيب أنا هروح دلوقتي أعمل الغدا وبعدين هنبقى نقعد ونتكلم”.
قضى آدم على محاولتها بالهروب قائلا بحزم:
-“سيبك من الغدا دلوقتي لأن أنا طلبت أكل من برة وهيوصل كمان شوية”.
جلست نادين وهي تفرك أصابعها بارتباك وانتظرت منه أن يبادر بالحديث وبالفعل تولى آدم مهمة البدء بالكلام هاتفا:
-“أنا ملاحظ أنك فرحانة أوي بموضوع خطوبة سمية لابن خالتك واللي أنا لحد دلوقتي مش مستوعب أن محمد وافق على المهزلة دي!!”
رفعت نادين حاجبيها وهتفت بتعجب:
-“وأنت إيه اللي مزعلك في الموضوع ومخليك شايفه مهزلة؟!”
حاول آدم أن يجد مبررا منطقيا لحالة الغضب التي يعيشها بعدما علم بأمر موافقة محمد على طلب رامز ولكنه لم يجد فهو لا يمكنه أن يقول أنه يشعر بالغيظ بسبب الخطبة التي كانت تجمع في الماضي بين رامز ونادين لأنه في جميع الأحوال ابن خالتها وسيظل هناك صلة قرابة تجمع بينهما حتى لو أبى هذا الأمر.
تحدثت نادين بعدما طال صمت زوجها:
-“بص يا آدم، فيه نقطة مهمة أنت لازم تفهمها كويس أوي وهي أن رامز يبقى ابن خالتي وبس وأنا معنديش مشكلة في فكرة أنه يتجوز سمية بل على العكس أنا فرحانة جدا عشانهم لأني شايفة فعلا أنهم مناسبين جدا لبعض”.
همس آدم بتهكم:
-“غريبة أوي أنك تبقي فرحانة بحاجة زي دي!!”

 

ابتلعت نادين مرارة الحزن الذي شعرت به بعدما سمعته يقول هذه الجملة القصيرة وهتفت بابتسامة مصطنعة:
-“وأنت ليه مستغرب أني فرحانة؟! رامز خرج من حياتي في اليوم اللي سابني فيه عشان داليا وأنا مع الوقت حمدت ربنا أن جوازتي منه اتفركشت قبل ما تتم”.
-“وإيه اللي مخليكِ فرحانة دلوقتي بموضوع فركشة جوازتك من رامز رغم أنك كنتِ بتحبيه؟!”
سألها آدم فنهضت وجلست بجواره وأمسكت كفه الأيسر وشبكته بين أصابعها وابتسمت وهي ترد بلطف:
-“لأني لو كنت اتجوزته مكانش وقتها هيبقى عندي زوج طيب وكويس وحليوة زيك”.
وكان هذا الجواب الغير متوقع كفيل بجعل آدم يلتزم الصمت غير قادر على مواصلة الحديث.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
تم عرض لميس على النيابة التي قامت بحبسها أربعة أيام على ذمة التحقيقات، ثم قام وكيل النيابة بعد ذلك بإخلاء سبيلها بعدما تمكن محامي رامي من تقديم نسخة مزورة من عقد زواج عرفي يجمع بينها وبين رامي.
خرجت لميس من غرفة وكيل النيابة وهي تشعر بالضياع بعدما خسرت شرفها وسمعتها وأصبحت سيرتها كالعلكة تُحاك على ألسنة الجميع.
دلفت لميس إلى أحد الحمامات العامة وهي تبكي بشدة متذكرة الأيام الفظيعة التي قضتها في الحبس والتي تعد بالنسبة لها أسوأ أيام حياتها خاصة بعدما تبرأت منها والدتها وهددها شقيقها بالقتل إذا فكرت في العودة إلى المنزل أو حتى جعلته يرى وجهها.
لم يتبقَ لها أي شيء حتى تتمسك بهذه الحياة، فهي قد فرطت في شرفها بمحض إرادتها ومنحت نفسها بلا مقابل لشاب وقعت في حبه ووعدها بالزواج كما أنها كانت تجلس منذ بضعة أيام داخل زنزانة قبيحة ذاقت بها كافة أنواع الذل والإهانة بعدما أخبر العسكري زميلاتها بالسبب الذي جعل الشرطة تقبض عليها.
أمسكت بشفرة صغيرة تمكنت من شرائها بعدما خرجت من مبنى النيابة وقطعت رسغها وأخذت تنظر إلى الدماء التي تقطر منها قبل أن تغمض عينيها تزامنا مع خروج روحها وهي تتنهد بحسرة فقد عاشت مذنبة وماتت كافرة قبل أن تكفر عن خطيئتها.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *