روايات

رواية ثري العشق والقسوة الفصل العشرون 20 بقلم آية العربي

رواية ثري العشق والقسوة الفصل العشرون 20 بقلم آية العربي

رواية ثري العشق والقسوة البارت العشرون

رواية ثري العشق والقسوة الجزء العشرون

رواية ثري العشق والقسوة الحلقة العشرون

كنّا متناسقين كالخشب وقماشٍ مُخرمٍ .
كالمطرِ ورائحةِ التراب
كالقهوة ومساءٍ معتم
أصابتنا عينٌ وفككت جِسرنا .
❈-❈-❈
تقف عند مرآة الزينة في اليخت تستعد لمغادرته والعودة إلى مصر ، انتهت من تبديل ثيابها وها هي تمشط خصلاتها على شكل كعكة رتيبة .
دلف صقر الذي كان يجهز الطائرة للإقلاع ، خطى باتجاهها ليراها وعانقها وهو ينظر لها عبر المرآة قائلاً بتنهيدة حارة وتوتر أصبح يلازمه مؤخراً :
– هل إنتهت جميلتي ؟
ابتسمت له عبر المرآة وتحدث وهي تناوله تلك القلادة التي كانت تنوي ارتدائها والتي كانت تابعة لوالدته قائلة بنعومة وحب :
– ممكن تلبسني دي .
نظر للقلادة في يدها ثم أبعد يده من حول خصرها ليأخذها منها ويبتعد قليلاً مردفاً بحب :
– على الرحبِ والسعة .
لف يده حول رقبتها وألبسها إياها بهدوء ونعومة وأصابعه تلامس رقبتها ببطء متعمداً إثارتها مما جعلها ترتعش لتتوغله جموح رغبته بها وينحني يطبع قبلة متمهلة عند موضع أصابعه وبالقرب من قفل القلادة لتصبح مشاعره كحال هذا السلسال متداخلة في بعضها يغلقها قفل عشقها .
مالت برقبتها عليه تردف بنبرة متحشرجة مختلطة بعدة مشاعر جميعها تندرج تحت قائمة السعادة :
– صقر ، كدة هنتأخر على الطيارة .
زفر بقوة وفتح عينيه بعد أن أغلقهما عقله ثم اعتدل ينظر لها في المرآة بعمق وحب لتبادله نظراته ويدها تتلاعب بهذا الحجر الكريم الذي يتوسط صدرها ثم أردفت كي تشتت انتباهه :
– القلادة دي خاصة بوالدتك صح ؟
ابتسم عليها وعلى تغييرها للحديث ثم أومأ قائلاً :
– أجل ، كانت لها ، والآن هي لكِ ، تستحقيها ناردين ، تستحقي كل ما هو رائعاً ومميزاً ونادراً .
التفتت لتقابله ثم رفعت كفيها تعانق وجهه بحنو قائلة بلغته :
– ولهذا أنت معي ، أنت رائعاً ومميزاً ونادراً .
تعمق في عينيها أكثر وتاه بهما ليبحر بسفينة قلقه وماضيه مجدداً ولمحت ذلك لتتساءل بترقب وهي تنزل بكفيها إلى صدره :
– لمَ أهديتني إياها ؟ ، هل تلك وصية والدتك أم فعلت ذلك بنفسك ؟
تحدث بصدق جديد عليه :
– كانت أمي أكثر الناس قرباً لقلبي ، كانت هي النور لحياتي ، بعد موتها حل الظلام ، إلى أن رأيتكِ فكانت عيناكِ كالمصابيح التي اخترقت هذا الجزء الأيسر لتعيد له الحياة بعد أن كان يضخ الدماء لجسدي فقط ، لذا فأنتِ أحق الناس بها .
حديثه يبعث في نفسها الطمأنينة و الخوف في آنٍ واحد ، خصوصاً مع هذه النظرة من عينيه ، لذا تساءلت وعينيها تعمل بدقة على التقاط أي شبهة ويداها ترتكز على صدره :
– صقر ، أشعر أن خالك ذاك كان يعاملك بسوء ، هل آذاك ؟ .
عند ذكر ميشيل هُدمت كل سعادته وفهم سريعاً ما تنوي استدراجه إليه لذا تحولت نظرة عشقه إلى نظرته المعهودة بالجمود وتحدث وهو يسحبها للخارج :
– قلتِ أننا سنتأخر ومعكِ حق ، هيا بنا الآن وسنتحدث لاحقاً .
تعجبت ولكن تحركت معه للأعلى حيث الطائرة وصعدا سوياً على متنها وبدأ صقر يهيئها للإقلاع بعد أن وضع بها أغراضهما وأتما أمورهما من قبل .
❈-❈-❈
في القاهرة .
غادرت مايا جامعتها مع عمر كالعادة وأوصلها ثم توجه ليرى السيدة لبنى ويطمئن عليها ثم عاد إلى الڤيلا .
كانت آسيا تنتظره بعد أن نوت التحدث معه ، رأته يقف مع الحارس يتحدث فتناولت هاتفها لتحادثه .
أجابها مترقباً :
– نعم يا آسيا هانم .
تحدثت بهدوء وهى تراه:
– عايزة اتكلم معاك يا عمر ، استناني عند البي سين لو سمحت .
أغلقت وتحركت لتقابله ، وبالفعل بعد دقيقتين كانا يجلسان متقابلان وينتظر عمر حديثها .
كانت ترتب الكلام الذي نوت قوله ، فلأول مرة ستستعمل أسلوباً خبيثاً ولكن لتفعلها لأجل صغيرتها ربما استشفت حقيقة مشاعره .
تساءلت بتفحص لملامحه :
– عمر هو إنت تعرف شاب إسمه أمير ؟ ، هو مع مايا في الجامعة .
في لمح البصر تبدلت ملامحه من الهدوء إلى الانتباه والتوتر حينما تساءل بقلبٍ ينبض بصخب :
– مالو يا هانم ؟ ، اتعرضلها ولا إيه ؟
فاجأها اندفاعه لتقول بتروي :
– لاء أبداً أنا قلت أسألك علشان اطمن بس .
توترت جلسته ونظراته وعاد يتساءل :
– طيب حضرتك عرفتي أمير ده منين ؟ ، هي مايا حكتلك عنه !
كان ينتظر إجابتها بقلبٍ عنيف وعقلٍ مشتت وصراع فكري حاد ، وهي تجلس وتلاحظ كل هذا ، لذا تحدثت بنبرة هادئة يشوبها الخبث :
– لا أبداً أنا سمعتها صدفة وهي بتتكلم في الموبايل مع صاحبتها عنه ، تقريباً أنقذها وفتح لها باب الحمام ! .
انتابه الضيق ليومئ ويردف بغيرة تنهش عروقه يفكر هل يمكن أن تتعلق وتحب هذا الأبله ؟ ، تحدث بحنق يجاهد ليخفيه أمامها :
– مش بالضبط يا هانم ، أنا كنت هناك وأكيد هي مسألة وقت وهوصلها بس أنا شاكك أنه عمل كدة عن قصد ، وعلى العموم أنا هعرف حصل إيه يومها .
ادعت ورسمت على ملامحها القلق لتردف مترقبة :
– معقول يا عمر ؟ ، قصدك إن الولد ده ممكن يكون هو اللي قفل عليها باب الحمام ؟ .
زفر يهدئ من ثورة غيرته وتحدث ليطمئنها :
– متقلقيش يا آسيا هانم ، لو في نيته أي حركة كدة ولا كدةأنا مش هسمحله ، اطمني وأنا هتكلم مع مايا .
زفرت مطولاً وقد أصبحت شبه متأكدة من شكوكها لذا تحدثت بمكر :
– ياريت يا عمر ترجع الملحق تاني ، مايا كانت بتتكلم معاك وأنا كنت مطمنة لوجودك هنا ، حاول لو سمحت وفكر ، مايا محتاجة لدعمنا خصوصاً بعد جواز ناردين ، أنا بخاف عليها جداً ومش عايزاها تتوجع ، خايفة لقلبها يتعلق بحد ويخذلها .
نغزه قلبه وأصبحت أفكاره تتسارع لتستعيد ترتيبها بشكلٍ آخر ، ربما عليه أن يكن شجاعاً ويجابه مخاوفه ويعترف بحبه ، هل عليه ذلك حقاً أم سيندم على هذا القرار ،
تحدث وهو يقف ويستعد للمغادرة :
– متقلقيش على مايا يا آسيا هانم ، مايا مع الوقت بتكبر وأفكارها بتنضج ودي حاجة تطمنك ، وأكيد حضرتك ملاحظة ده ، وعامةً أنا ممكن أرجع الملحق تاني لو ده هيريحك .
هل حقاً فعلتها لتريحها أيها العمر أم فعلتها من أجلك ، أنت أصبحت في وضع لا تحسد عليه ، لتحدد أهدافك يا رجل وإلا أرحل ولا تعود أبداً .
تحدث بذلك لنفسه بينما آسيا ابتسمت مستبشرة وهي تقول :
– ياريت يا عمر ، هبقى مرتاحة جداً بوجودك معانا هنا بشكل دائم ، إنت بقيت مننا فعلاً وأنا اعتبرتك إبني .
انتابته راحة وسعادة غريبة فجأة ونظر لعينيها نظرة مشككة لتؤكد لها بنظرتها وابتسامتها الحانية صدق قولها لذا شعر بالبرد والسلام يغلف قلبه المنهك ، الآن يمكنه التنفس بالقليل من الراحة .
❈-❈-❈
مساءاً في عيادة دكتورة النساء والتوليد .
تتمدد زينب على سرير الفحص ويجاورها سامح واقفاً ومتمسكاً بكفها بحنو بينما تعاينها الطبيبة حيث تضع على بطنها جهاز السونار وتنظر لشاشة العرض التي تظهر جنيناً صغيراً أشبه بحبة الفول السوداني قائلة بنبرة ودودة :
– الجنين زي الفل والوضع تمام يا مدام زينب ، الأمور كلها تمام الحمد لله .
تحدث سامح متسائلاً وهو يدقق النظر في تلك الشاشة :
– هو فين الجنين يا دكتورة ! .
ابتسمت عليه زينب كما فعلت الطبيبة وهي تشير بيدها على تلك البقعة قائلة :
– هو ده يا أستاذ سامح ، بس طبعاً لسة مش مكتمل ولا هيظهر دلوقتي .
تحدثت زينب بتعجب :
– معقول يا سامح مش شايفه ؟ ، نسيت أيام ما كنت لسة حامل في ريما ؟ ، هو زيها كدة .
ابتسم وعاد ينظر للشاشة قائلاً باستنكار :
– لاء ريما كانت ظاهرة عن كدة ، واضح إن ده هيطلع حجمه صغير .
وقفت الطبيبة بعد أن انتهت من الفحص ثم ناولت زينب منديلاً ورقياً وهي تردف بتروي :
– الجنين عمره 7 أسابيع يا أستاذ سامح وحجمه طبيعي متقلقش ، وأكيد ريما كانت زيه بس إنت اللي نسيت .
ساعد زينب في القيام واتجها يجلسان خلف مكتب الطبيبة وهي تدون في الروشتة بعض المقويات والفيتامينات قائلة وعينيها منكبة على ما تدونه :
– أهم حاجة يا مدام زينب الراحة ثم الراحة ثم الراحة ، إنتِ في الشهور الأولى وزي ما إنتوا عارفين دي أهم شهور الحمل وأصعبهم .
تحدث سامح بحب وحنو :
– أيوة يا دكتورة أكدي عليها لو سمحتِ علشان تاخد بالها من نفسها ، لإنها بتستنى لما أنزل شغلي وتقلب البيت فوق وتحت .
رفعت الطبيبة انظارها تطالع زينب قائلة بعتاب :
– لاء يا مدام زينب لازم تكوني حذرة ، مش معنى إن الوضع طبيعي وكل حاجة تمام يبقى نستهين بالأمر ، حاولي تقللي مجهود الفترة دي ، وأشوفك بعد شهر إن شاء الله .
تناول سامح منها روشتة الفيتامينات ووقف هو وزينب يردف بهدوء وامتنان :
– شكراً يا دكتورة .
تحدثت الطبيبة ببشاشة :
– على إيه أنا معملتش غير واجبي ، ولو فيه أي استفسار كلميني على الواتس .
أومأت زينب تردف بابتسامة ناعمة :
– إن شاء الله ، عن إذنك .
غادرت مع زوجها حتى وصلا للخارج واستقلا سيارتهما ثم كاد يقود ولكن رن هاتفه برقم والدته .
أجاب بترقب :
– سلام عليكم يا حجّة عفاف .
تحدثت عفاف بحنو :
– وعليكم السلام يا سامح ، طمنى عملتوا إيه والدكتورة قالت إيه ؟
تحدث وهو ينظر لزينب بحب :
– كله تمام يا حجّة الحمد لله ، إحنا جايين دلوقتي .
زفرت بارتياح ثم تحدثت :
– طيب يا حبيبي أنا أخدت ريما وروحت لنهى ، متقلقش أنا واخدة بالي منها كويس .
تعجب وتساءل بقلق :
– طيب مقولتيش ليه يا حجّة ؟ ، نهى كويسة !.
تحدثت عفاف بنبرة حنونة :
– كويسة يا حبيبي متقلقش ، أنا قلت ريما تقعد مع أولاد عمتها شوية لإنها كانت زهقانة .
أومأت ونظر لزينب التي ابتسمت له ثم تحدث إلى والدته بنبرة بارة قائلاً :
– تمام يا حجّة سلمي عليها ، ولا أقولك هنعدي عليكوا نروح سوا .
زفرت عفاف قائلة :
– طيب يابني هستناك .
أغلق معها ونظر إلى زينب متسائلاً بنبرة ماكرة يملؤها الحب :
– طب بما إننا لوحدنا بقى إيه رأيك لو نروح نتعشى سوا في مطعم السمك اللي روحنا أول جوازنا قبل ما نروح لنهى ، فكراه ؟
انفرجت أساريرها قائلة بسعادة :
– طبعاً فاكراه وهو ده يتنسي .
ابتسم لها وتحدث :
– تمام يالا بينا ، وأهو يبقى هدية النونو الجديد .
مدت يدها تربت على يده قائلة بحب وحنو :
– ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك أبداً .
تمسك بكفها يرفعه لفمه ويلثمه بحب قائلاً بنبرة متبادلة :
– ويخليكي ليا يا حبيبتي .
❈-❈-❈
في مطار القاهرة .
يخرج صقر ونارة بعد رحلة دامت لساعات .
كان الصمت هو رفيقها حيث قرر صقر الهروب بادعائه النوم ليهرب من الحديث معها ، فمنذ أن سألته عن ميشيل وقد تبدلت ملامحه فعلم أنها ستسأل لذا قرر الهروب في النوم إلى أن نامت هي بالفعل لذا فتح عينه وظل ينظر لها بصمت وشرود .
ها هما يتمسكان في يدِ بعضهما ليقابلهما رجله الذي ينتظرهما بيسارته لينقلهما إلى الڤيلا .
استقلا السيارة وغادرا عائدين إلى منزلهما وأثناء العودة كانت شاردة ، مؤكد هناك ما يخفيه عنها وكلما حاولت أن تعلم تهرب ، لذا فهى متوترة .
تحدث بترقب كي يشتت تركيزها عمّا تفكر فيه حيث كانت تنظر من النافذة المجاورة :
– هل أشتقتِ لمصر جميلتي ؟
لفت نظرها إليه تبتسم ثم أومأت وعادت تنظر للنافذة فعاد يتحدث مدعياً الشرود :
– تعلمين ، أنا مثلكِ أحب هذه البلد ، هنا يوجد شيئاً مميزاً بها لم أجده في إيطاليا ، هنا الأجواء دافئة والبشر على طبيعتهم ، لا داعي للتجمل أو التصنع ، كما أنهم مترابطون سوياً وهذا يجعل من إنفكاكهم شبه مستحيلاً ، أجد نفسي محظوظاً بجنسيتها .
استطاع أن يحصل على انتباهها لتعاود النظر إليه حتى كادت أن تسأل عن الماضي ولكنها تراجعت تردف بهدوء وتأني :
– نعم هي كذلك ، جميلة حتى في حزنها ، صادقة حتى في غضبها ، حنونة حتى وإن قست .
– مثلكِ تماماً .
قالها بصدق ، فبرغم أنه لم يرى غضبها ولا قسوتها بعد ولكنه أصبح يعلمها جيداً لذا قال هذا .
ابتسمت له فبادلها وسحبها بيده لتتوسط صدره وبالفعل استراحت برأسها على قلبه تتنفس بعمق والقليل من الراحة .
وصلا بعد وقتٍ وترجلا فالتفتت له قائلة بحماس بعد أن رأت ڤيلتها وكم كانت تشتاق لوالدتها وشقيقتها :
– صقر أنا هروح أشوف ماما ومايا وحشوني جداً .
كادت تتحرك للخارج ولكنه أوقفها بيده قائلاً وهو يسحبها إليه :
– لا داعي لذهابكِ ، لتأتيا هما إليكِ .
تعجبت منه ثم اعترضت قائلة برتابة :
– هما لا تعلمان موعد وصولنا ، ثم أنني أتطوق لرؤيتهما ، سأعود سريعاً لن أتأخر عليك .
يبدو أن التملك سيطر عليه لدرجة أنه يمنعها من الذهاب إلى لعائلتها ، إذا ذهبت لن يكن هادئاً أبداً ، سيُعمِل عقله في كل الاتجاهات ، إن رآها أحدهم ونظر لها سيجن ، خصوصاً هذا المدعو عمر ، ها هو يعود لعهده بعد وصولهما إلى هنا .
ظل متمسكاً بيدها رافضاً تحركها وعينيه نظرتهما صارمة لتتفاجأ بجديته التى تحاول تفسير أسبابها ثم قالت بتروى :
– طيب تعالى معايا ؟
سحبها معه إلى الداخل وسط ذهولها قائلاً بثبات ونبرة لا تقبل نقاشاً :
– هما من ستأتيان أفضل .
بالفعل دلف وأغلق الباب ووقفت هي تطالعه بتعجب لتحاول التحلي بالهدوء ولتفسر الأمر على أنه تعلق أو قلق وأكده لها بقوله بعدما أدرك تساؤلاتها :
– لقد أتينا للتوِ من سفرٍ طويل ، لذا دعينا نستريح أولاً وأنعم بكِ وتنعمين بي ثم نهاتفهما لتأتيا ونستقبلهما في منزلنا سوياً ، أعتقد هذا أفضل .
زفرت تومئ برغم عدم اقتناعها وبرغم إشتياقها ثم سحبها معه للأعلى ودلفا غرفتهما ليلتفت لها فجأة ويلتهم شفتيها بتملك وانفراد ، تفاجأت من غزوه عليها لتحاول مبادلته ولكنه يفوقها سرعةً وقوة آلمتها .
سحبها معه إلى فراشهما ليعبر لها عن اشتياقه الغير مبرر فهما كانا سوياً طوال الوقت ولكن ليكن كل شئ متاحاً له ، ومن لديه حق الرفض ، لربما تلك طريقته في التعبير عن خوفه وقلقه منذ أن وطأت قدميهما مصر .
بعد وقتٍ يتمدد على الفراش ويتحويها ويتلاعب بأصابعها بين يديه بتسلية وكمال يتوغله كلما كان معها في لقاءٍ روحي .
أما هي مرهقة وناعسة تتوسط صدره وعلى وشك النوم ليبتسم عليها قائلاً بترقب :
– كنتِ تودين الذهاب لعائلتكِ ، أراكِ متعبة وبحاجة للنوم .
تحدثت بخمول وعتاب قائلة :
– كنتُ بخير قبل قليل ، وإلى الآن لا أعلم سبب رفضك ، أنا لا أريد منك إلا الحب الذي تغمرني به ، الحب صقر لا القسوة .
حسناً يبدو أنه كان قاسياً معها ولكن حقاً ينتابه شعوراً بالتملك حينما خطى أرض مصر ، فهناك على اليخت لم يكن لها سواه ، كان ملجأها الوحيد من البشر ، أمّا هنا فيوجد عائلتها وأصدقائها وهو لا يريد ذلك ، ليكن موطنها الأول والأخير هو ، لا يتقبل فكرة لجوئها لغيره ، يخشى عليها من أي دعم محيط فتركض مبتعدة عنه وقت الحقيقة ، ليكن هو جنتها ونارها في آنٍ واحد كما هي جنته وناره ،، لقد بدأ يصل إلى منطقة محظورة وتملك مؤذي ، ولكن أحياناً السجن يكن أكثر آماناً من الخارج وهذه قناعاته ونسيَ أن من معه فراشةً حرة تأبى القيود .
مال يقبل رأسها قائلاً بنبرة باتت حنونة :
– حقاً لا ولن أتعمد إيذائكِ أبداً ، فقط إشتياقي إليكِ يدفعني لذلك ، حسناً أعتذر منكِ .
تنفست مطولاً لتقول وهى على وشك النوم :
– حسناً لا بأس .
غابت بعدها لتنام ويجلس هو يفكر ويده ما زالت تتلاعب بأصابعها لثواني .
رن هاتفه الخاص فتناوله من فوق الكومود بحذر قبل أن يتسبب في قلقها ليجيب بصوتٍ هامس قائلاً :
– ماذا هناك ؟
تحدث ماركو ببرود قائلاً :
– حان وقت العمل ، هيا يكفيك عسلاً إلى هذا الحد ، ميشيل في أشدّ حالات غضبه ويبحث عنك منذ أيام في البر والبحر ، ال Founder تحدث إليه عن صفقة جديدة مهمة ستدخل مصر ، و….
أغلق صقر الهاتف قبل أن يكمل ماركو حديثه لينظر لتلك النائمة بتفحص وريبة وعندما لاحظ انتظام أنفاسها هدأ قليلاً وحاول التملل ونجح وعينه عليها ثم اتجه لغرفة الملابس يحضر مفتاح مكتبه من خزنته ويرتدي سروالاً ويغادر الغرفة لينزل إلى الأسفل ويدخل مكتبه ويغلق عليه .
بينما في الأعلى فتحت نارة عينيها بتعجب ، لقد استمعت إلى تلك المكالمة بعد أنبهها رنين هاتفه ، واعتبرتها مكالمة عمل عادية إلى أن أغلق وشعرت بنظراته تتفحصها ، وهذا أثار ريبتها ، عن أي صفقة جديدة يتحدثان ؟ .
زفرت بضيق لربما تكن مخطأة ثم وقفت تترجل متجهة للحمام بعد أن رحل النوم عن عقلها .
❈-❈-❈
يجلس خلف مكتبه يتحدث مع ماركو بعدما أعاد الإتصال به قائلاً بحدة وتعنيف :
– احفظ لسانك هذا وإلا قصصته لك ، ولا تتحدث إلا عندما أخبرك بالتحدث .
غضب ماركو وتحدث بنبرة مماثلة بعدما أدرك وجود زوجته بجواره :
– وما أدرانى أن زوجتك تجاورك ، هذا خطؤك فلا تلومني .
تنفس مطولاً ليهدأ ثم تحدث متسائلاً بضيق :
– هل نفذت ما أخبرتك به ؟ .
تحدث ماركو بتباهي :
– لا تقلق ، الآن ميشيل في قبضتنا ، ولكني سآتي إليك قريباً ، هو يريدني في مصر لتبقى عيني عليك .
التوى فمه بابتسامة ساخرة وتحدث بثقة :
– أهلا بك في بلدك الثاني ،، سأكون في انتظارك .
تحدث ماركو بثبات :
– حسناً والآن أغلق معي وتحدث معه ، فهو على وشك الإنفجار .
أغلق معه ووضع الهاتف على مكتبه ليبدأ بفتح حاسوبه وليتفحص موقع التواصل الخاص بهم .
وجد بالفعل إتصالات عدة من ميشيل ثم تبعه إتصالاً منه ليفتح ويجيب ببرود :
– أولم يخبروك بأنني كُنت في شهرِ العسل ، لمَ لا تهدأ ؟
تحدث ميشيل بنبرة جعلها هادئة حتى لا يثير غضبه :
– مجالنا بعيداً عن حياة الترف ، وأنت تعلم هذا جيداً ، ومع ذلك أدخلتها عالمنا ، لذا لا تتوقع أن تعيش معها بسلام .
تحدث بجمود وثقة وهو ينظر داخل عينه عبر الشاشة :
– سأعيش كما يحلو لي ، أما هي فمرة أخرى لا تذكرها على لسانك هذا ، يكفي ما كنت تنوي فعله ، فلم ولن أغفره .
احتدت النظرات بينهما ليكمل ميشيل متغاضياً عن أسلوبه حتى لا ينقلب الأمر عليه قائلاً :
– دعك من كل هذا واترك الخلافات الشخصية في الزاوية والأن انتبه جيداً لما سأقوله ، هناك شحنة أسلحة في طريقها إليك ،، وتعد تلك شحنة هامة من الشحنات التى تموّل سنوياً ، لذا سأرسل لك ماركو ، الحلفاء لا يريدون خطأً فكن حذراً ، سأرسل لك الآن التقارير وأنت ادرس الأمر جيداً .
شعر بقبضة تلتف حول عنقه ، قبضة قوية لأول مرة يشعر بها كأن أحدهم يريد خنقه ، لذا وجد نفسه يردف بتوتر داخلي تغلفه القسوة :
– من الآن وصاعدا لا تملي علي أوامراً ولا تخبرني عن صفقات ، سأرى ما هو مناسباً لي وسأفعله .
صعق ميشيل من رده لذا تحدث بعيون ونبرة يملؤها الجحيم :
– سأعتبر ما قلته مزحة وإلا فستكون أنت جسر جهنم لأحبابك ، وهذا ليس كلامي بل كلام رؤساءنا ، أفهمت أم تريد التجربة ؟ ، أنا أجاهد لحمايتك من براثنهم أيها الغبي .
أغلق صقر المكالمة المرئية ولم ينتظر المزيد من التهديدات الواضحة ، ثوانى وقد أرسل ميشيل التقارير الخاصة بتلك الشحنة كي يتفحصها ولأول مرة ينتابه شعوراً بالنفور .
لأول مرة يجد صوتاً داخلياً يخبره أنه سيئاً ، صوتاً لطالما أخرسه ليأتي الآن بعد أن تحرر من قبضته وينطلق داخله محدثاً فوضى جديدة عليه ، حقاً أصبح صقر يخاف بعد أن كان الخوف هو من يخشاه ، ولكن أتى تهديد ميشيل واضحاً وصريحاً ليعاود كتم صرخات ضميره ويسحق خوفه ، لن يخاطر بها ، ليس الآن ، ليفكر جيداً .
في الأعلى انتهت نارة من حمامها لتقف أمام مرآتها تفكر ، آخذها شكها لنقطة تخشاها ، تخشى تحوله بعد أن آلفها بجانبه ، لا تستطيع تفسير تحوله المفاجئ هذا خصوصاً عندما رفض ذهابها لرؤية والدتها وشقيقتها وهو يعلم جيداً أنها تشتاق إليهما .
انتهت وزفرت ثم قررت النزول لتراه فهي تعلم أنه في مكتبه الآن ، تحركت ونزلت لتتجه خلف الدرج حتى أصبحت أمام غرفة مكتبه .
طرقت بابها ثم حاولت لف مقبض الباب لتفتحه ولكنها وجدته موصداً من الداخل لتتعجب وتنادي :
– صقر ؟
فُتح الباب بعد ثوانى وظهر هو ينظر لها مبتسماً ولكن لأول مرة ترى في عينيه تلك النظرة ، نظرة خوفٍ وحيرة يسعى لسحقها .
تحرك للخارج ليغلق باب مكتبه ويردف بابتسامة لم تصل لعينه :
– ألم تنامي ؟
أجابته بما يتمنى سماعه قائلة بمراوغة نجحت فيها نسبةً لتوتره :
– محستش بيك جنبي فقلقت ، خلصت شغلك ؟
تحرك يقف أمامها وبدأت أصابعه تتحسس ملامحها قائلاً بحب :
– أجل انتهيت ،، هل نطلب طعاماً أم نذهب لتناوله سوياً في الخارج .
تحدثت بهدوء :
– تمام نطلب أحسن ، ماليش مزاج للخروج .
وهذا ما أراده تماماً لذلك قال :
– أؤيدكِ جداً ، أي الطعام تفضلين ؟
فكرت قليلاً وكذلك هو يفكر ويديه تحاوطها بتملك ، ليته ينتشلها ويبتعد عن كوكب الأرض ومن فيه ، ليته قادراً على العودة بالزمن للوراء ليأخذها طفلةً صغيرة ويبتعدا عن العالم كله ، لمَ الحياة ليست عادلة ، لمَ لا يستطيع تحقيق بعض أحلامه بعدما ظن أن لا شيئاً يقف في طريقه .
انتشلته من شروده قائلة بحماس :
– نطلب بيتزا ؟
ابتسم يردف وهو يلتقط هاتفه :
– حسناً ،، كما تشائين ، ولنخبر عائلتكِ بالانضمام إلينا .
لمح السعادة ترتسم على وجهها قائلة بحب :
– تمام يا حبيبي .
❈-❈-❈
مساءاً استيقظت مايا بعد قيلولة دامت لساعتين منذ أن أتت من الجامعة ، تحركت إلى حمامها لتغسل وجهها كي تستفيق وتبدأ في إنجاز مهامها .
خرجت وقررت النزول للأسفل كي تعد لنفسها فنجان قهوة محلاه ، اتجهت إلى المطبخ ووقفت تعدها ولكنها تفاجئت بإضاءة آتية من الملحق الذي تقابله نافذة فوق المقود الذي تقف أمامه .
تفاجئت من تلك الإضاءة فالملحق مغلقاً منذ أن تركه عمر ، ولكن اتسعت عينيها بذهول وهي تراه يقف في نافذته ينظر حوله ويحتسي كوباً من الشاي .
شهقت تردف بصوتٍ هامس وصل لقلبه :
– عمر !
لا يعلم كيف شعر بندائها لذا رفع عينه ينظر للأمام فرآها تنظر له بعيون متسعة وفاهٍ مفرغ .
ابتسم لها ثم رفع يده يلوح لها فأغمضت عينيها وفتحتهما عدة مرات للتأكد وعندما تأكدت أغلقت الموقد على القهوة وأسرعت تركض للخارج متجهة إليه كي تسأله لمَ هو هنا .
وصلت إليه حيث وقفت تستند على النافذة وقالت بحماس وتعجب :
– عمر إنت رجعت هنا ؟ .
ضحك عليها ثم تحدث ساخراً :
– لاء لسة هناك .
احتقن وجهها وقالت بحنق :
– عمر متهزرش بقى ، قول بجد إيه اللي حصل ؟
نظر لعينيها وتحدث مترقباً :
– أبداً ، آسيا هانم طلبت مني أكون معاكوا هنا وأنا أقتنعت ، ولا إنتِ مش حابة كدة ؟
تحدثت بسعادة وصدق :
– لا أنا مبسوطة طبعاً ، بس اتفاجئت ، طب فين كيتي ؟
لف وجههُ ينادي قطته من الداخل حيث كانت تحتسي اللبن ولكن أسرعت تلبي نداؤه وتصعد إلى النافذة لترحب بها مايا بسعادة وهي تتحسس فراؤها ثم نظرت لعمر قائلة :
– متمشيش تاني يا عمر ، خليك معانا علطول ، أنا ببقى مطمنة وإنت هنا .
تنفس بعمق وسعادة ثم تحدث برتابة :
– ربنا يسهل يا مايا ، بس خلينا نرجع نتكلم زي الأول ، لو حاجة أو حد ضايقك في الكلية تعالي احكيلي ، اتفقنا ؟
أومأت له ثم عادت تنشغل مع قطتها ولكن قاطعها نداء آسيا عليها لذا أسرعت تجيب بعلو :
– أنا برا يا مامي واقفة مع عمر .
خرجت آسيا تطالعها ، دارت بينهما النظرات ذات المغزى ، يبدو أن صغيرتها تشكرها على تواجد عمر هنا مجدداً .
وصلت آسيا إليهما وتحدثت بحماس وسعادة :
– نارو جت يا مايا ، صقر كلمني دلوقتي وقال نروح نتعشى معاهم .
صرخت وهي تقفز كالأطفال مردفة :
– ناااارو ، جت إمتى ؟
أردفت آسيا بحنو :
– من شوية ، يالا اطلعي غيري هدومك علشان نروح لهم .
أومأت والتفتت تنظر لعمر وتلوح بيدها مردفة بنبرة تغمرها السعادة بعد أن تلقت مفاجئتين سارتين :
– باباي يا عمر ، لما نرجع نبقى نتكلم ، أوعى تنام .
قالتها محذرة ثم ركضت للداخل ليومئ لها بشرود وعقله يسأله ماذا أحب في تلك المشاغبة بينما قلبه يعنفه مردداً أنها تمتلك قلب طفلة وصبية وإمرأة معاً .
❈-❈-❈
بعد ساعة
تجلس نارة بين والدتها ومايا بحماس وهما تعانقانها ثم قالت آسيا :
– ليه مقولتوش أنكوا جايين ، كنت استنيتكوا .
تحدثت نارة بحنو ورتابة قائلة :
– حبينا نخليها مفاجأة يا ماما .
ابتسمت لها آسيا قائلة بنبرة فرحة خصوصاً بعد رؤيتها لوجه إبنتها المشرق :
– أحلى مفاجأة ، متتخيليش أنتِ كنتِ وحشاني إزاي يا نارو ، خصوصاً إني حتى مش عارفه أكلمك ، بس كنت مطمنة لإنك مع صقر .
كان يجلس أمامهن يتابع ما يحدث بصمت بينما قالت مايا بحماس طفولي :
– يالا احكولي رحلتكوا كانت إزاي ،، ورحتوا فين في اليونان .
نظرت لها نارة ثم قالت مترقبة رد فعلها :
– جزيرة زاكنتثوس .
شهقت مايا قائلة بصراخ :
– لاااا خياااانة ، ماليش دعوة يا مامي أنا عايزة أروح أقضي الصيف هناك .
تحدثت آسيا معترضة :
– لا يا حبيبتى إن شاء الله تروحيها مع جوزك ، أنما لوحدك لاء طبعاً .
زفرت بحنق ثم نظرت لصقر قائلة بمرح لم يعتاده :
– صقر إنت متأكد إن ملكش أخ صغير ؟
ضحكوا عليها بينما هو تحدث بثبات وهدوء :
– من الأفضل وجودي منفرداً في تلك العائلة .
نظرت مايا لشقيقتها قائلة بمزاح :
– مغرور أوي .
أومأت لها نارة تبتسم بينما وقف صقر يردف بالمصرية :
– عن إذنكم ثواني .
تحدثت آسيا بإيماءة :
– اتفضل خد راحتك .
تحرك للأعلى وتركهن يتحدثن سوياً لتخبرهن نارة عن سعادتها في تلك الرحلة وقوة حب صقر لها لتحلق مايا بخيالها مع من أحبته ولا يبالي متمنية أن تعيش معه ما عاشته شقيقتها مع زوجها .
عاد صقر يحمل بين يديه علبتين ثم مد يده يناولهما قائلاً برتابة :
– دي حاجة بسيطة يارب تعجبكم .
تناولتا منه العلبتين لتفتح مايا علبتها أولاً ثم تشهق منبهرة بتلك القلادة اللامعة التى تراها بينما آسيا كانت هديتها عبارة عن ساعة حريمي سويسرية فاخرة .
شكرته آسيا بامتنان وكذلك مايا وأكملتا جلستهما مع نارة ثم تناولوا جميعاً العشاء الذي وصل بعدها وغادرتا عائدتان إلى منزلهما بعدما قضيتا وقتاً ممتعاً مع نارة وصقر .
❈-❈-❈
ليلاً تتمدد نارة مستندة على الفراش قليلاً وتنظر للأمام بشرود وتلك المرة هو من يسكن حضنها لذا تحدثت متسائلة بحب :
– صقر ؟ ،، إمتى جبت الهدايا دي ؟ ،، إحنا كنا طول الوقت سوا .
تحدث وهو يعانقها بذراعيه وساقيه ويدفن رأسه في عنقها قائلاً بخمول وسُكر نسبةً لرائحتها :
– أحضرهم شخصاً تابعاً لي ،، هذا الذي أوصلنا إلى مطار أثينا ، هل أعجبوكي ؟
تحدثت بحب وامتنان :
– جداً ،، شكراً يا صقر .
قبل عنقها بنعومة قائلاً بهمس وعيناه في طريقها للنوم :
– شكراً على وجودكِ معي .
نام بعدها وتبعته هي تعانقه بحماية وتحتويه تلك المرة لتبدو كأمه له وكم أحب هذا الشعور منها ، شعوراً يفتقده منذ سنوات عدة .
❈-❈-❈
في إيطاليا .
يجلس ميشيل خلف مكتبه يتحدث مع هذا الرجل الذي أخيراً استطاع إقناعه بالعمل لحسابه قائلاً :
– الآن أصبح أمامك ، مؤكداً سيكون هناك لعبةً جديدةً .
ها هو ينتظر أي حدثٍ جلل يقوم به صقر ليستطيع السيطرة عليه مجدداً ، فهو منذ أن فشلت خطته في التخلص من نارة يسعى لاستعمال طريقة أكثر خبثاً دون إثارة غضب صقر وعدوانه ، لذا جاهد خلال فترة غياب صقر ليجند أحد رجال صقر لصالحه ونجح في ذلك .
تابع حديثه عبر الهاتف لهذا الذي قبل بتلك المهمة التي تعد انتحارية بعدما أدرك أن النهاية في كلا الأمرين مشابهة :
– أريد منك دليلاً مرئياً ومسموعاً ، لا أريد صوراً ، أفهمت ؟ ،، أرسله لي ثم أتلف الهاتف تماماً وامحي ما سجلته من ذاكرتك .
تحدث الرجل بجمود قائلاً :
– حسناً سيد ميشيل ، سأفعل ، ولكن عند تصفيتي سترسل المبلغ المتفق عليه إلى عائلتي .
ابتسم ميشيل بخبث يردف مؤكداً :
– سأرسله دون تصفيتك ، لا تكن متشائماً ، لن يعلم صقر بك ، ثق بي .
شرد الآخر قليلاً يعاود التفكير في الأمر ولكن عرض ميشيل لا يرفض لذا تحدث مؤكداً :
– حسناً سيد ميشيل ، كما تريد .
❈-❈-❈
صباحاً استعد صقر للذهاب إلى شركته ليرى أعماله الأخرى المتراكمة بعد أن تناولا فطورهما واحتسيا قهوتهما سوياً .
يقف يهندم حاله فوقفت نارة أيضاً تتجه إليه قائلة بترقب :
– صقر ، كنت عايزة أخرج اشتري حاجات مع خديچة وأسلم عليها ، إيه رأيك ؟
عاد تملكه يتملكه قائلاً وهو يعقد ربطة عنقه أمام المرآة :
– لتأتي هي لكِ ، أرى أن لا داعي لذهابكِ معها جميلتى ،، يمكنكِ طلب ما تريدنه من خلال التسوق عبر الإنترنت .
شعرت بالضيق وظهر ذلك في صوتها عندما قالت بهدوء نسبي :
– مش شايف إنك بقيت غريب شوية من وقت ما جينا ؟ ،، مش معقول هفضل جوة البيت يا صقر ، فيه إيه ؟
لف نظره إليها قائلاً ببرود وهو يبتسم :
– أنتِ ظالمة ، أولم أقل لكِ أمس لنخرج سوياً وأنتِ من رفضتي ؟ .
استفزها بروده لتجيب بضيق :
– صقر أنا مش طفلة متضحكش عليا لو سمحت .
زفر يتقدم منها ثم توقف أمامها قائلاً وعينه تجول على ملامحها :
– حسناً دعينا نتفق على أمراً ، أنا لا أحب خروجكِ بدوني ، لنخرج سوياً عند عودتي ، لكِ مطلق الحرية داخل هذا المنزل ، وتستطعين إستضافة صديقتكِ وقتما تشائين ولكن تفهمي قلقي عليكِ .
صُدمت من حديثه وظهر ذلك في عينيها لتبتعد عنه قائلة باستفهام وذهول تبادله لغته :
– كيف هذا ؟ ،، أتريد تقييدي ؟ ،، لامعذرةً فلن أقبل بهذا الأمر أبداً .
تحولت نظرته الباردة إلى معاكسة من عصيانها وتحدث بنبرة صارمة :
– لا تعانديني جميلتي ، قلت لكِ مطلق الحرية داخل هذا المنزل ،، وتستطعين الخروج معي أينما تشائين ، ليس هناك مجالاً للنقاش ، لننهي الأمر هنا .
التفت ليغادر فأوقفته قائلة وهي تشبك ذراعيها أمام صدرها :
– أنا لا أعاندك صقر ، ولا أتطوق لعصيانك ، فقط أريد أن أفهم كي لا يتملكني الشك ، أراك تتحول لشخصٍ أنا لا أود أن أراه أبداً .
التفت إليها يطالعها بصمت لثواني ، صمت وخوف منه عليها ، نعم هو يلاحظ تحوله اللا إرادياً معها منذ أن عادا ، يجاهد ليحافظ على سعادتهما دون دخول التملك والخوف بينهما .
زفر مطولاً ، صوتاً داخله يحثه على بث الطمأنينة فيها ومحاولة إرضائها ولكنه اعتاد سحق ضميره لذلك التفت يغادر مندفعاً للخارج وتركها تقف تطالعه بحزن وصدمة .
نزل واتجه للخارج يستقل سيارته التي كانت تصطف أمام الباب وقاد حتى وصل إلى الحرس الذين يتبادلون أماكنهم عند البوابة ، تحدث مع أحدهم قائلاً بنبرة مخيفة :
– احرص على أن لا تغادر سيدتُك المنزل ، امنعها دون النظر إليها .
أومأ له الحارس فتحرك يغادر إلى شركته .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ .
تجلس في شرفتها تقرأ كتاباً لتحاول تشتيت عقلها عن التفكير في ما حدث ، وليتها تستطيع .
فعقلها يعمل في كل الاتجاهات ، وقد أدركت أنه متملك غيور يعاني من عدم الثقة ، ربما يستطيع إغراقها حباً وحناناً عندما يشعر أنه كل محيطها ، ربما إن أعطته إحساساً بثقتها الكاملة فيه وسلمته زمام أمورها حصلت على حبه ودلاله ، ولكن هي ليست خاضعة ، لها حقوق وعليها واجبات وتلك هي الحياة الزوجية الطبيعية التى تريدها ، لمَ الخوف فهي تعلم جيداً أنه رجلها الأول والأخير ولن تحب سواه ، عليه أن يثق بنفسه أولاً ثم بها ، عليه أن يطمئن وعليها أن تجد معه حلاً وسطياً لذلك ، ربما يعاني من ماضٍ قاسٍ ، ربما كانت أزمة الثقة تلك من حدث جلل في حياته ، ليته يتحدث ويشاركها ما بداخله دون خوف ، هي لن تتركه .
اهتز هاتفها معلناً عن وصول رسالةٍ ما .
زفرت مطولاً بعد تفكير عميق لتترك كتابها الذي لم تركز فيه وتتناول هاتفها لترى المرسل .
رسالة من رقمٍ غير معروف كُتب محتواها بالإيطالية
( هل تعلمين عمل زوجكِ الخفي أم أنه يخفي عنكِ )

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *