روايات

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل السادس والستون 66 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل السادس والستون 66 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 البارت السادس والستون

رواية جعفر البلطجي 3 الجزء السادس والستون

رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة السادسة والستون

أحبابنا ماذا صنعتم بنا،
قد ذاب شوقي وانتهى ما بنا،
في كل يوم نرتجي وصلكم،
والقلب يشكو منكم ما جنى.
_ياسين التُهامي.
_______________________
أذ’ية الأقرباء للمرء تؤ’لم بشكل مضاعف لأن الجر’ح يأتي مِن مَن كان يفترض بهم أن يكونوا السند والداعم، حينما يتسبب الأقارب في الأ’لم، يواجه الشخص تحد’يًا نفسيًا عميقًا، حيث يختلط الأ’لم بالدهشة، قد تأتي الأ’ذية بشكل كلمات جا’رحة أو تجاهل متعمد، أو حتى بخيا’نة ثقة، ما يزيد الأ’لم هو أن الشخص يتوقع دائمًا منهم التفهم والحنان، لكن الواقع يكون قا’سيًا، ورغم هذا، يمكن للمرء أن يتعلم مِن هذه التجارب كيفية حماية نفسُه والحفاظ على صحته النفسية..
<“طـ.ـعنة القريب، كانت بألف طـ.ـعنة مِن عد’و.”>
الطـ.ـعنة الغاد’رة مِن قريبٍ ليست هينة،
صلة قرابة بالد’م تلوثت بالغد’ر، وطـ.ـعنة السـ.ـيف الحا’مي كانت غا’درة مِن مالكه..
أخرج “يعقـوب” هاتفه مِن جيب بِنطاله بأيدي مرتجفة بعد أن قرر الاستعانة بغوثه، فهو وحده القادر الآن على التصرف معها بالشكل الصحيح والمطلوب، بينما كان “ضياء” يقيـ.ـد حركتها بذراعيه وهي تُحاول الفرار مِنْهُ وتئـ.ـن بصوتٍ خشـ.ـن، نظر إليه “يعقـوب” وقال بنبرةٍ حا’زمة:
_أوعى تفلـ.ـتها يا “ضياء” مهما حصل، أوعى تفلـ.ـتها.
أنهى حديثه وهو ينظر إلى شاشة هاتفه بعد أن طلب رفيقه ليضعه على أُذُنه منتظرًا تلقي الجواب وهو يختلس النظر إليها يراها تُطالعه بنظراتٍ حا’قدة وصوت أنفاسها عالي تئـ.ـن بخشو’نة وتُحاول التمـ.ـلص مِن أخيها الذي حاول مـ.ـنعها مِن التحرك، بينما تحدث “يعقـوب” بنبرةٍ متلهفة بعد أن جاءه الجواب مِن رفيقه قائلًا:
_أيوه يا “رمـزي”، “رمـزي” أنا محتاجك دلوقتي حالًا، أتصرف وتعالى بسرعة “زُبيـدة” مش كويسة، بتعمل حاجات غريبة وعايزة تمو’تني، بسرعة أوعى تتأخر بالله عليك.
أنهى حديثه وأغلق المكالمة ونظر إلى “زُبيـدة” التي كانت تر’اقبه بنظراتها المخـ.ـيفة ليسمع “ضياء” الذي أقترح عليها قائلًا:
_إيه رأيك نكـ.ـتفها، حالتها دي هتسو’ء بعد شوية أنا خا’يف تعمل حاجة وتأ’ذي نفسها وتأ’ذينا معاها.
نظر “يعقـوب” إلى “زُبيـدة” نظرةٍ مطولة كانت تحمل الكثير في ثناياها، ليست نظرةٍ عابرة، ولا تحمل عتابًا مخفيًا، ولا هي بكا’رهة، بل كانت نظرةٍ عاشقة، برغم ما تلقاه قلبه مِنها مِن أ’ذى لم يتركها ويرحل، لم ييأ’س معها ولم يشعُر يومًا بالملل تجاهها، بل تمسّك بها ور’فض التخلـ.ـي عنها برغم ما مرّوا بهِ معًا، فهو رآها عاشقة، مخلصة لزوجها وراضية بما قسمه الله لها، وهو كان يراها برغم ما قدَّمه إليها حياته التي بدونها يفقـ.ـد نفسُه وهويته..
نظرته لها كانت حانية، تأبى إيذ’اءها حتى وإن تلقت رو’حه العذ’اب على يَديها، حاول أن يُحافظ عليها وعلى قلبها الهـ.ـش ورو’حها التي كانت كقطعة بلورٍ لا’معة يأبى سقو’طها وتهشـ.ـمها، وعلى الرغم مِن أن نظرتها كانت متو’عدة ومـ.ـخيفة ولكنه لم يهتـ.ـز، ظلّ ثابتًا بمكانه كُلّ ما قدّمهُ إليها هي بسمةٌ هادئة حنونة وبعدها ر’فض اقتراح “ضياء” ر’فضًا قا’طعًا بقوله الصا’رم:
_لا مش هنر’بطها، ولا هعمل أي حاجة ممكن تأ’ذيها، حتى لو فـ.ـلتت ود’مرت المكان، ولو كانت فيها أذ’ى ليا فأنا موافق تكون أ’ذيتي على إيديها، بس أنا مش هعمل حاجة عارف إنها هتأ’ذيها عشان أ’حمي نفسي، عايزني أ’حمي نفسي مِنها أزاي يا “ضياء” وهي الأمان كُلّه ليا.
في بادئ الأمر كان صا’رمًا في قوله بعد أن أقترح “ضياء” عليه تلك الفكرة، وبعدها بدأت نبرته تليـ.ـن ببطءٍ حينما ذكرها في حديثه بر’فضه التام لفعلٍ شيءٍ يعلم هو أنَّهُ سيؤذ’يها هي، ابْتَـ.ـلَعَ غُصَّته بتروٍ وأخرج زفيرة هادئة وألتزم الصمت بعدها منتظرًا مجيء رفيقه الذي أخبره بقدومه..
بعد مرور القليل مِن الوقت،
عادت “زُبيـدة” تئـ.ـن بخشو’نة وهي تنظر إلى “يعقـوب” وتُحاول الإفلا’ت مِن قبـ.ـضة أخيها الذي شـ.ـدد عليها حتى لا تقترب مِن “يعقـوب” الذي كان يقف على مسافة وجيزة مِنها، نظر إليها نظرةٍ هادئة ثمّ أقترب مِنها بعد أن ألتقط حجاب رأسها الأسو’د الذي لا يليق سوى بها هي في نظره..
وقف أمامها، لم يهتـ.ـز، ولم يتو’تر تحت هذه النظرة التي لا تفا’رقه، وضع حجاب رأسها فوق خصلا’تها السو’دا’ء الناعمة ور’مى أحد طرفيها إلى الخلف وثبَّته جيدًا على رأسها وعاد خطوتين إلى الخلف، لحظات وتلقوا صوت أقدام تصعد درجات السُلّم المجاورة للشقة ثمّ ظهوره أمامهم واقفًا على عتبة الشقة مُـ.ـلقيًا تحية السلام بقوله الهادئ:
_السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ردا عليه السلام ثمّ أكمل “يعقـوب” قوله الهادئ يدعوه إلى الولوج:
_تعالى يا “رمـزي” البيت بيتك يا صاحبي.
وَلَجَ “رمـزي” بالفعل بخطى هادئة بقدمه اليُمنى مستعينًا بالله واقترب مِنهم بخطى هادئة ليجاور “يعقـوب” قائلًا بنبرةٍ هادئة بعد أن لمح نظرات “زُبيـدة” بطرف عينه:
_خير إن شاء الله طلبتني مستعجل ليه.
نظر إليه “يعقـوب” وجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_مفيش غيرك هيساعدني دلوقتي، “زُبيـدة” كانت كويسة وزي الفُل قُرب صلاة العشا، دخلت نامت وصحيت مِن شوية حالفة تقتـ.ـلني، حاولت أخُدها بالحنية قولت يمكن اللِ سمعته مأ’ثر على نفسيتها بس لقيتها أتحو’لت عليَّا مرَّة واحدة ور’فعت السـ.ـكينة وحالفة تقتـ.ـلني حاولت أصُـ.ـدها مقدرتش عليها لولا “ضياء” جه فالوقت المناسب لحـ.ـقني مِنها.
نظر “رمـزي” إلى “زُبيـدة” التي أصبحت نظراتها تُركز عليه في هذه اللحظة نظرةٍ ذات معنى دون أن يتحدث للحظات قليلة حتى كسـ.ـرت هي هذا الصمت بقولها المتـ.ـهكم:
_مالك يا شيخ “رمـزي”، خا’يف تقرّب، ولا تكونش بتفكر هترقيني أزاي وأنا بحالة دي … معقولة خا’يف تتغـ.ـز.؟
أشار “رمـزي” بصمتٍ إلى “ضياء” كي يتركها وعاد ينظر لها نظرةٍ واثقة وأبتسم بسمةٌ خفيفة هُنَيهة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_لا أنا مش خا’يف خالص، بالعكس.
أبتسمت بسمةٌ جانبية ساخرة ثمّ تحدثت بكلماتٍ لا’ذعة متشـ.ـفية قائلة:
_طب ما ترقيني، ولا خا’يف تقرّب مِن واحدة ملبو’سة، متخا’فش هما مش هيأ’ذوك عارف ليه؟ عشان أنتَ ابن سا’حر، أبوك كان أكبر سا’حر فالبلد والناس كُلّ يوم كانت عندُه، وأنتَ يا مسكين أتاخدت فالر’جلين وخدك فتـ.ـح بيك مقبـ.ـرة فرعو’نية عشان يطّلع التما’ثيل والآ’ثار اللِ جواها ولحظك الو’حش أتمـ.ـسيت وقتها.
كانت بسمتُها مرتسمة فوق شفتيها وكأنها سعيدة بما مرّ بهِ في صغره ونبرتها متشـ.ـفية، بينما كان هو ينظر لها نظرةٍ هادئة وبسمةٌ خفيفة للغاية تُزين ثَغْره وكأنه لم يتأ’ثر بحديثها ولذلك جاوبها بنبرةٍ هادئة:
_مبسوطة فيا مش كدا.؟
أومأت برأسها تؤكد على حديثه وهي تبتسم بأتساعٍ حتى ظهرت أسنانها البيـ.ـضاء المتراصة، تحدث مجددًا وهو ينظر لها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_حقك، بس أنا بقيت كويس ومِن وقتها آه الناس مبقتش سيباني عشان أنا فيا حاجة لله وأقدر أطّلع اللِ تحت الأر’ض بس كان ربنا كبير ومرضاش إنِ أتحط فطريق سكته شما’ل وحر’ام، فعشان كدا وهبني بالنعمة دي، عشان ييجي اليوم دا وأبقى أنا واقف قصادك كدا.
وكأنها تعمـ.ـدت تجا’هل حديثه ذاك وأصبحت تنعـ.ـته بقولها المتـ.ـشفي:
_هتفضل ابن السا’حر صاحب فتح أكبر مقبـ.ـرة فرعو’نية فالسمان، حقيقة ومش هتقدر تنـ.ـكرها يا شيخ، أنتَ ابن سا’حر.
أنهت حديثها وضحكت ضحكة مكتو’مة وهي تنظر إليه متـ.ـشفية بهِ، كان “يعقـوب” يقف متصـ.ـلب الجسـ.ـد مصد’ومًا مِمَّ يراه ويسمعه ويجاوره “ضياء” الذي كان لا يقل شيئًا عنهُ، بينما أخرج “رمـزي” زفيرة هادئة واقترب مِنها بخطى هادئة وهو يقول:
_لا حول ولا قوة إلا بالله، صلِّ عالنبي بس يا سـ.ـت الكُل وتعالي نتفاهم بهدوء.
وحينما أصبح أمامها مباشرةً أمسك بطرف وشاحه الر’مادي ووضع يَده بحركةٍ سريعة على رأسها لتصر’خ هي ويسـ.ـقط جسـ.ـدها على الأريكة خلفها ليبدأ هو برُقيتها وجسـ.ـدها ينتفـ.ـض وكأن صا’عقة قد ضـ.ـربتها، بدأ يتلو أولى آيات سورة البقرة بصوته الخشوع العذب يُتابعها بعيناه، يرى جسـ.ـدها يشـ.ـتد عوده وقدميها تهتـ.ـزان للحظات حتى أستكانت ليُنهي قراءة آيات الله ويُكمل بقوله الحازم:
_أعوذ بكلمات الله التامات مِن كُلّ شيطانٍ وهامة، مِن كُلّ شيطانٍ وهامة، بسم الله أرقيكِ، مِن سحـ.ـر سا’حر، ومِن كيـ.ـد حا’قد، ومِن همس شيطا’نٍ ما’رق، الله أكبر عليه، الله أكبر عليه، الله أكبر عليه..
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا.
أنهى رُقيته إليها وضـ.ـرب على جبهتها برفقٍ بسبابته لتستفيق هي وتعود إلى و’عيها مِن جديد، أبعد يَده عنها وهو يستغفر ربه ويلتفت بجسـ.ـده ينظر إلى رفيقه مطمئنًا إياه بقوله الهادئ:
_حمدلله على سلامتها يا “يعقـوب”، بقت زي الفُل مفهاش حاجة.
رفعت “زُبيـدة” رأسها تنظر حولها بو’هنٍ وهي تقول بنبرةٍ متـ.ـعبة:
_إيه اللِ حصل، أنا فين.؟
أقترب مِنها “يعقـوب” بخطى هادئة يدعم ثقـ.ـل جسـ.ـدها بعد أن أعتدلت في جلستها وهي تُمسك برأسها ليضمها إلى د’فء أحضانه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_حمدلله على سلامتك يا “زُبيـدة”، حمدلله على سلامتك يا حبيبتي.
أبتعد عنها ينظر إلى وجهها المر’هق لتُبادله نظراته بأخرى وا’هنة ليبتسم لها بسمةٌ هادئة تعكس ما يشعُر بهِ مِن الداخل ثمّ استقام في وقفته وألتفت ينظر إلى “ضياء” مشيرًا إليه نحوها قائلًا:
_خُدها على جوّه يا “ضياء” وخليك جنبها لحد ما أجيلك.
لبى “ضياء” قول زوج شقيقته واقترب مِن “زُبيـدة” التي نهضت تقف على قدميها ليحاوطها بذراعيه يدعم ثقـ.ـل جسـ.ـدها ممسِّدًا على طول ذراعها بحنوٍ وتحرك بها نحو الداخل، تابعهما “رمـزي” بنظراته الهادئة ثمّ ألتفت إلى رفيقه الذي جلس فوق الأريكة مر’هق الجسـ.ـد، جاوره في جلسته ومدّ كفه الأيسر ممسِّدًا على رُ’كبته دون أن يتحدث فهو يعلم أن رفيقه ليس بأفضل حال الآن..
و’قع بصره على السـ.ـكين التي كانت مُلقـ.ـاه بإهما’لٍ على سطح الأر’ضية ويعلوها بقـ.ـعة صغيرة مِن د’ماء رفيقه، أخرج زفيرة عميقة واستغفر ربه ثمّ نظر في إتجاه محدد يرى رؤيته، يرى “رانيـا” وهي تقوم بعمل السحـ.ـر لشقيقتها بمنتهى القسو’ة وهي تبتسم برضا وسعادة، والآن قد عَلِمَ السبب الرئيسي لعدم إنجا’ب تلك المسكينة حتى هذه اللحظة..
نظر إلى “يعقـوب” مجددًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_”يعقـوب”، أنا عُمري ما رقيت حد وقولتله مين اللِ آذ’يك، بس عندك أنتَ ومقدرش أسكُت يا صاحبي.
نظر إليه “يعقـوب” بعد أن جذ’ب انتباهه حديث رفيقه الذي كان كلهـ.ـيب النا’ر لهُ، ترقب سماع الفاعل مِنْهُ دون أن يتحدث بينما أخذ “رمـزي” نفسًا عميقًا وأخرجه بهدوءٍ وجاوبه بنبرةٍ هادئة بقوله:
_”رانيـا” أختها.
_إيه ..!!
كان صوت أ’نثى، صوتها النا’عم هو الذي رن صد’اه أرجاء الغرفة، ألتفت “رمـزي” ينظر إليها ومعهُ “يعقـوب” الذي كان مصد’ومًا لا يُصدق ما تسمعه أُذُنيه، وبجانبها كان يقف “ضياء” الذي كان مذهولًا لا يُصدق أن شقيقته الكبرى هي مَن قامت بإيذا’ء شقيقته الصغرى وبتلك الطريقة البشـ.ـعة التي لن تخطـ.ـر على بال أحدهم..
كانت “زُبيـدة” تنظر إلى “رمـزي” مجحظة العينين والعَبرات تلتمع بداخلها والصدمة هي عنوانًا صريحًا على صفحة وجهها، تر’اخى جسـ.ـدها ليميـ.ـل جهة اليسار تستند على لوح خشـ.ـبي، كانت الصدمة حليفتها بكُلّ تأكيد فهي حتى هذه اللحظة لا تُصدق ما سَمِعَتهُ قبل لحظات وكأن أحدهم قد ضر’ب رأسها بعـ.ـصاه حد’يدية..
نهض “يعقـوب” واقفًا على قدميه في هذه اللحظة وهو ينظر لها دون أن يتحدث يرى صدمتها ويسمع صوت إنكسا’ر قلبها الذي دوى صوته في أُذُنيها كأصوات طبول الحفل العالية، لوهلة لم تشعُر بنفسها سوى وهي في أحضان حبيبها الذي فصـ.ـل المسافة التي كانت بينهما يواسيها ويُشـ.ـدد مِن عناقها لها مغمض العينين بعد أن فشـ.ـل هذه المرة في مؤازرتها..
بكت “زُبيـدة” بحُـ.ـرقة وهي بداخل أحضانه، بكت وكأنها طفلةٌ صغيرة فقـ.ـدت والدها في الحر’ب، تلقت ضر’بةٌ مو’جعة فوق رأسها لن تنساها بسهولة، مسَّد على ظهرها بحنوٍ يواسيها وهو يُجاهـ.ـد نفسُه حتى لا تسـ.ـقط عَبراته ويُعلن هز’يمته مبكرًا ويسمح لها بالفوز عليه وهو صاحبها..
_هي يا “يعقـوب”، هي بتاعت أعما’ل، ليه كدا، ليه كدا يا “رانيـا” أنا عملتلك إيه عشان تأذ’يني كدا، أنا عملت إيه يا “يعقـوب” قولي غـ.ـلطت فإيه معاها دا أنا كُنت بأ’منلها على كُلّ حاجة ليه تغد’ر كدا وتطـ.ـعني فضهري، كفاية إنِ بشوفها بتبـ.ـعد ولادها عنّي وتقولهم أوعوا تقربوا مِنها وبكتـ.ـم جوايا، أنا أستحـ.ـملت مِنها كتير أوي بس مش قاد’رة أستحمـ.ـل أذ’يتها ليا أكتر مِن كدا ..!!
بكلماتها جعلت عَبراته تسـ.ـقط على صفحة وجهه بعد أن فشـ.ـل في التحـ.ـكم بنفسه، كلماتها مو’جعة بشكلٍ لا يُمكن وصفه، ونبرتها كانت كنبرة قطة صغيرة تعر’ضت لقسو’ة البشر وتعاملهم معها حتى أصبحت اليوم هشـ.ـة كالر’يشة الناعمة التي تطيـ.ـر في الهواء، كان صوت بكاءها عالٍ وكأنها تُريد أن تُخرج نفسها مِن دائرة سو’د’اء لا نها’ية ولا مخرج إليها..
أبعدها “يعقـوب” عنهُ برفقٍ يحاوط وجهها بكفيه الد’افئين ينظر إلى معالم وجهها الرقيقة النا’عمة التي كانت تعتاد على الضحك والدلال، اليوم أصبحت حز’ينة ومكسو’رة وكأن جميع البشر أتحـ.ـدوا ضـ.ـدها للغد’ر بها، نظر في عينيها الكلاسيكية الباكية قليلًا ثمّ ر’فع إبهاميه يُز’يل عَبراتها بحنوٍ وكسـ.ـر حِدَّ’ة هذه الأجواء قا’طعًا لها وعدًا صادقًا لن يتها’ون بهِ أبدًا قائلًا:
_يمين بالله العلي العظيم، المرة دي ما هعديهالها، قدامهم يمين هتحاسب عليه قدام وجه كريم ما هعديهالها، جنا’ن أهلها يوصل للأعما’ل يبقى عليا وعلى أعد’ائي واللِ هيد’افع عنها ويحا’ميلها هاخده معاها شريك ومحدش هيقدر يفتـ.ـح بُوق أهله معايا، إن ما فضـ.ـحتها النهاردة مبقاش “يعقـوب الهواري”، وعهد الله حقك ما هيبات الليلة دي برَّه، هتشوفي يا “زُبيـدة”.
أنهى حديثه وألتفت يميـ.ـل بجسـ.ـده نحو الطاولة يخـ.ـطف هاتفه مِن فوقها يطرق إبهاميه بخفة على شاشة الهاتف هُنَيهة ثمّ وضعه على أُذُنه وأنتظر جواب الطرف الآخر، تحت تر’قب الجميع وأنتظار معرفة ما سيفعله “يعقـوب” الآن، لحظة وتحدث بنبرةٍ حا’دة قائلًا:
_أنتَ فين يا “سلمان” دلوقتي؟ فالبيت؟ طب كويس أنا جايلك دلوقتي خلّي الجماعة عندك يعرفوا إنِ جاي، لا مفيش حاجة بيني وبين “زُبيـدة” ما أنتَ أكتر واحد عارف، بعدين لمَ أجي هتعرف كُلّ حاجة.
أنهى حديثه وأغلق المكالمة ثمّ نظر إلى “زُبيـدة” وقال بنبرةٍ حاز’مة:
_أدخلي أجهزي عشان نروح بيت أبوكِ، يمين بالله ما هخليها تبات فيه النهاردة خر’اب بخر’اب بقى مش هتفرق معايا.
د’ق قلب “زُبيـدة” بشكلٍ أسرع بعد أن غمره الخو’ف، إن رأت تحوُّ’ل زوجها هكذا تعلم أنَّهُ لن يصمت حتى يفعل ما تقوله إليه نفسُه، تركتهم وولجت إلى الغرفة مغلقةً الباب خلفها، بينما ألتفت “يعقـوب” ينظر إلى “رمـزي” و “ضياء” الذي كان مصد’ومًا لا يُصدق ما سمعه حتى الآن ليُبادل الآخر نظراته دون أن يتحدث:
_أختك الكبيرة القدوة يا “ضياء” عاملة عمـ.ـل لأختك الصغيرة، شوفت عقلها الكبير اللِ كُلكم بتحلفوا بيه وصلنا لأيه دلوقتي.؟
وكأن “يعقـوب” يلومه خفيةً على كُلّ مرَّة د’افع فيها عنها ووقف أمامهم، بينما بقيّ “ضياء” مكانه يُحاول استيعاب ما حدث وكيف كانت ستُد’مّر حياة شقيقته الصغرى، فهو أكثرهم علمًا بأن “زُبيـدة” لا تُحبّ “يعقـوب” فحسب، بل تعشقه بطريقةً أخرى لا يستطيع العقل إدراكها، ولذلك هو حتى الآن يُحاول إنكا’ر ما رآه فإن ثَبُتَ ذلك فسيقـ.ـتل “رانيـا” لا شـ.ـك في ذلك..
_عن إذنكم يا رجا’لة هدخل أغيّر وأرجعلكم البيت بيتكم.
تركهم ووَلَجَ هو الآخر إلى غرفته مغلقًا الباب خلفه، جلس “رمـزي” فوق الأريكة مستغفرًا ربه منتظرًا معرفة ما سيفعله رفيقه، بينما جلس “ضياء” فوق المقعد المجاور لهُ شارد الذهن يُفكر فيما رآه قبل قليل وتذكّره لمعاملة “رانيـا” لهُ هو وتلك المسكينة فدومًا يشعُر نحوها بعدم تقبلها إليهما وكأنهما ليسا أشقاءها..
أقترب “يعقـوب” مِن “زُبيـدة” التي كانت تقف أمام الخزانة المفتوحة تُخرج مِنها ملابس أخرى لها، وقف خلفها ومدّ ذراعه الأيمن نحو الخزانة ينتقي كنزة جديدة لتلمح هي آثا’ر الد’ماء على ذراعه لتجذ’ب ذراعه بحركة سريعة تفـ.ـحص الجر’ح الذي خلَّدته عليه، ألتفتت تنظر إليه بعد أن ترقرق الدمع في مُقلتيها، بينما عنهُ هو فقد أبتسم لها بسمةٌ هادئة حتى لا يجعلها تشعُر بالذ’نب وقال بنبرةٍ هادئة:
_مفيش حاجة دا جر’ح بسيط، كام يوم ويلـ.ـم عادي.
اضطـ.ـربت نبرة صوتها وهي تنظر إلى جر’حه قائلة:
_أنا عملت كدا فيك؟ طب أزاي وأنا كُنت بخا’ف عليك مِن أقل حاجة.؟
أمسك ذراعها بكفه المعا’فى وأدارها نحوه لينظر إلى عينيها قائلًا بنبرةٍ حنونة:
_يا حبيبتي صدقيني دا كان غصـ.ـب عنك مش بإرادتك، أنتِ كُنتِ واحدة تانية خالص يا “زُبيـدة” وأنتِ مش واخدة بالك، والحمدلله إنُه جر’ح بسيط مفيش خو’ف مِنُه مسألة وقت وهيـلم.
رفعت عينيها تنظر إليه بأعينٍ مبللة بالدموع ثمّ لم تنتظر وضمته دون أن تتحدث وكأنها تعتذر إليه عمَّ فعلته، حاوطته بذراعيها وتركت عَبراتها تسـ.ـقط على صفحة وجهها، بينما رفع هو ذراعه المعا’فى يمسح على خصلاتها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_جر’ح إيدي مش هييجي حاجة جنب جر’ح قلبك يا “زُبيـدة”.
رفعت رأسها إليه وهي تنظر بعينيها الباكية إليه دون أن تتحدث، بادلها نظرتها لثوانٍ ثمّ اقترب مِنها يُلثم جـ.ـفنها الأيسر بحنوٍ ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_دموعك دول غاليين أوي على قلبي يا “زُبيـدة”، مبحبش أشوفهم عشان بيو’جعوني أنا قبل ما يو’جعوكِ أنتِ.
رفع كفه المعا’فى يُزيل عَبراتها عن صفحة وجهها برفقٍ لتُحاول هي تما’لُك نفسها قائلة:
_تعالى أنا هد’اويهولك.
أمسكت بكفه وأجبـ.ـرته على الخضو’ع لها حتى تستطيع مداو’اة جر’حه، وهو لم يُما’نع أو يُبدي بإعتر’اضه سار معها ثمّ جلس على طرف الفراش وجاورته هي بعد أن أخذت عُلبة الاسعافات الأولية، أخرجت المطهـ.ـر وقطعة قطن لتبدأ بإ’زالة الد’ماء التي كانت تُغطي الجر’ح برفقٍ حتى لا تؤ’لمه..
كلما أنقبـ‘ـضت عضلا’ت ذراعه تنتظر لثوانٍ معدودة حتى يهدأ الحر’ق وتعود لمسح الد’ماء، وبعد أن أنهت تنظيـ.ـفه بدأت بتطهيـ.ـر الجر’ح بحذ’رٍ شـ.ـديد، ومع أول لمـ.ـسة مِن قطعة القطن على جر’حه تأ’لم هو وأنكمـ.ـشت معالم وجهه، نظرت إليه وآ’لمها قلبها عليه ولذلك قالت:
_حقك عليا يا “يعقـوب” مكانش قصدي، بس لازم الجر’ح يحر’قك شوية.
هزّ رأسه يمينًا ويسارًا وقال بنبرةٍ متأ’لمة:
_السـ.ـكينة كانت حا’مية أوي.
ابْتَـ.ـلَعَت غُصَّتها وجاوبته بنبرةٍ هادئة للغا’ية حامدةً ربها:
_الحمدلله إنِ متعمقتش أوي، كُنت زمانِ قطـ.ـعالك عر’ق.
نظر إليها ليراها تكا’فح رغبتها كي لا تبكِ، انحنى قليلًا نحوها يُلثم جبينها بحنوٍ ثمّ أبتعد عنها قليلًا ينظر لها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_يا قمورة بقول دموعك غالية على قلبي ومبحبش أشوفها تقومي تفتـ.ـحيها عياط كدا، إيه يعني جر’ح صغير زي دا فداكِ يا حبيبتي مليون جر’ح مش جر’ح واحد.
نظرت إليه بعينيها الباكية لتراه يبتسم لها وكأنه يُخبرها أن الأمور أصبحت بخيرٍ الآن، أ’زال عَبراتها بإبهامه عن صفحة وجهها ثمّ أحب أضافة القليل مِن المرح حتى تهدأ حِدَّ’ة تلك الأجواء المشحو’نة ولذلك قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_بس قوليلي بقى إيه الشطارة دي، عـ.ـقمتي الجر’ح وهتلفيه بشا’ش، تكونيش دكتورة ومخبية عليا.
انحنى قليلًا نحوها وهو يهمس لها قائلًا مبتسم الوجه:
_قوليلي وأنا مش هقول لحد، الشهادة اللِ مخبياها مِني فين يا “زُبيـدة” عشان حاسس إنك هتشاركيني فمهنتي بعد شوية وهتتشرطي عليا كتير.
وأخيرًا شـ.ـقت الأبتسامة الواسعة ثَغْرها بعد أن أستطاع ممازحتها بأسلوبه الخاص، بينما أتسعت بسمتهُ على ثَغْره ومنحها قبّلة حنونة على خَدِّها قائلًا:
_حمدلله على سلامة “زُبيـدة” حبيبتي.
نظرت إليه بوجهٍ مبتسم ثمّ عادت تُكمل ما تفعله لتبدأ بلف الشاش الأبيـ.ـض حول جر’حه برفقٍ تحت نظراته التي كانت تتابعها ليمازحها بقوله:
_اللهم صلِّ عالنبي، إيد تتلف فحرير وربنا المعبود، دا أنا لمَ كُنْت بلفه على إيد المر’يض كان بيفرّج عليا المستشفى باللِ فيها، إنما دلوقتي مش حاسس بحاجة إيه السر بقى.؟
نظرت لهُ بطرف عينها نظرةٍ ذات معنى مبتسمة الوجه وجاوبته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_إيد الستا’ت خفيفة وحنينة، فتلاقيها بتكسب دايمًا.
_يا سلام، أنا أقتنعت خلاص.
ضحكت بخفةٍ بعد أن كانت تغر’ق قبل قليل في بحور آلا’مها، أستطاع أن يُصـ.ـلح القليل بداخلها حتى وإن لم يكُن بالشكل المطلوب، ولكنه على الأقل حاول وباتت محاولته ناجحة، حاول أن يُخرجها مِن هذا الحصا’ر حتى تستطيع أن تواجه تلك الحر’باء المدعوة شقيقتها كي تأخذ بحقها كما تُحب وترضى.
___________________________
<“أصبح الطريق يأخذ مسارًا آخر.”>
بعد أن كان كُلّ شيءٍ يسير بشكلٍ طبيعي معها، أصبح الأمر يأخذ مسارًا آخر بعد مرور شهر آخر عليها، كانت “عَليَّا” تقف في المطبخ تقوم بإعداد الطعام لـ “زايـد” الذي أخبرها بقدومه بعد نصف ساعة، كانت شاردة الذهن وهي تقوم بتقطـ.ـيع البصل، لا تنتـ.ـبه لِمَ تفعله، فقد بدأت تشرد كثيرًا رغمًا عنها دون سبب واضح وصريح، تأ’وهت فجأة بعد أن جُرِ’حَ إصبعها مِن السـ.ـكين لتتركها وهي تتفحـ.ـص يَدها..
وَلَجَ “يـوسف” لها سريعًا بعد أن أستمع إلى صوتها ليقف بجوارها يتفـ.ـحص يَدها ليراها جُرِ’حَت، نظر لها وقال معاتبًا إياها:
_ليه كدا يا “عَليَّا” مش تخلّي بالك شوية.
نظرت إليه “عَليَّا” والعَبرات تلتمع في مٌقلتيها لتجاوبه بنبرةٍ مضطـ.ـربة قائلة:
_غصـ.ـب عنّي يا “يـوسف”، سرحت غصـ.ـب عنّي ومنتبهتش، بس السـ.ـكينة كانت با’ردة معرفش أمتى بقت حا’مية بالشكل دا، معقولة “زايـد” عملها ومعرفنيش.؟
نظر إليها نظرةٍ تملؤها الشـ.ـك وسألها بنبرةٍ هادئة مترقبًا ردها:
_”زايـد” عملها ومقالكيش.؟
جاوبته هي غا’فلةً عن نظرته ومعالم وجهه التي أصبحت لا تُنذ’ر بالخير قائلة:
_أكيد عملها ومعرفنيش، كانت با’ردة مِن قيمة يومين وقولتله يعملها عشان بتعذ’بني فالتقطـ.ـيع، يمكن عملها ونسي يقولي.
ولكن “يـوسف” لم يقتنع بما قالته عنهُ، فهو يعلم أنَّهُ تعمد فعل ذلك بها، حتى الآن لا يعلم ما هي غاياته في إيذ’اءها بتلك الطريقة ولكن ما يعمله جيدًا أنَّهُ لن يسمح إليه بإيذ’اءها أكثر مِن ذلك، نظر لها وقال بنبرةٍ هادئة:
_تعالي معايا أعقمـ.ـهولك عشان كدا غـ.ـلط.
نظرت إليه ور’فضت التحرك مِن مكانها قائلة:
_بس الأكل أنا لسه مخلصتهوش وهو جاي جعان.
جاوبها “يـوسف” بنبرةٍ حازمة لا تقبل النقاش:
_يجيب أكل مِن برَّه، أنتِ بقالك يومين مش كويسة وبتسرحي كتير وأديكِ جر’حتي نفسك بسبب سرحانك، لازم ترتاحي يا حبيبتي شوية ومتضغـ.ـطيش على نفسك كتير، أتحركِ يلا.
تحركت بالفعل معهُ باستسلا’مٍ تام بعد أن شَعَرت بأن ثمة شيئًا غير عادي يحدث معها، أجلسها فوق الأريكة وأخذ هو عُلبة الاسعافات الأولية وجاورها في جلستها، أخرج قطعة مِن القطن وبدأ بتنظـ.ـيف جر’حها برفقٍ وهو يسألها عن صحة الجـ.ـنين قائلًا:
_روحتي للدكتورة.؟
_أيوه روحت إمبارح.
رفع بصره ينظر إليها وسألها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_وقالتلك إيه.؟
أبتسمت بسمةٌ هادئة وجاوبته قائلة:
_كُلّ حاجة كويسة، صحته كويسة ونبـ.ـضه منتظم.
_وأنتِ.؟
سألها عن صحتها مترقبًا سماع الرد مِنها، بينما كانت تتوقع هذا السؤال مِنْهُ ولذلك جاوبته بنبرةٍ هادئة حذ’رة:
_مش أوي، قالتلي جسـ.ـمي محتاج كالسيوم وفيتامينات أكتر، قالتلي أركز عالفاكهة واللبن، وأدتني كام دوا عشان يساعدوا مع النظام الغذائي.
_والمحروس مش واخد باله مِنك ليه ولا فالح يتأمر عليكِ وبس ..!!
خرجت نبرته حا’دة رغمًا عنه بعد أن أشعـ.ـلت كلماتها غيـ.ـظه، بينما نظرت هي إليه متفاجئة بتحوُّ’ل أخيها المفاجئ تجاه زوجها ولذلك جاوبته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_لا يا “يـوسف” متقولش عليه كدا بالعكس، هو بيهتم بيا وأي حاجة بطلبها بيجيبها، تلاقيه بس الفترة دي مشغول فالشغل كتير فعشان كدا بيتشتت شوية، بعدين أنتَ ليه يا حبيبي بتتعـ.ـصب لمَ تجيب سيرته أو تشوفه، هو ضا’يقك فحاجة بدون علمي.؟
أخرج زفيرة عميقة وأزداد ضـ.ـيقه أكثر بعد أن رآها تُدا’فع عنه وتخـ.ـلق لهُ أعذارًا تافهة في منظوره وبعد أن عَلِمَ بحُبّها الشـ.ـديد إليه وتعـ.ـلُقها بهِ فلن تصدق أي كلمة يقولها هو ضـ.ـده، نظر لها ليرى الخو’ف والقلـ.ـق على صفحة وجهها وعينيها ليقول بنبرةٍ هادئة يُنكـ.ـر قولها مرغمًا:
_لا يا حبيبتي خالص، أنا بس أضا’يقت عشان حسيت إنُه مش بيهتم بيكِ ولا بالطفل اللِ جو’اكِ، حسيت إنُه معد’وم المسؤولية.
أبتسمت هي إليه بسمةٌ هادئة وحنونة ثمّ رفعت كفها الأيمن تحاوط شطر وجهه تزامنًا مع قولها الحنون:
_لا يا حبيبي الموضوع مش كدا خالص، “زايـد” طيب وبيحبني وأنا بحبه أوي، ودايمًا بيدوّر على راحتي وسعادتي وأي حاجة بطلبها مِنُه دوغري بيجيبها، جرّب بس تقعد معاه وتكلمه، هتشوفه بنظرة تانية خالص وهتعرف إنُه شخص كويس ومش زي ما أنتَ شايفُه.
نظر إليها نظرةٍ ذات معنى هُنَيهة دون أن يتحدث يُفكر ماذا فعل بها حتى تُصبح غا’فلةً عن أخطا’ءه التي ير’تكبها دومًا، زفر بخفةٍ وقال بنبرةٍ هادئة بعد أن عَلِمَ أن الأمر لن ينتهي عند هذه النقطة ولذلك قال بنبرةٍ هادئة:
_حاضر يا “عَليَّا”، زي ما أنتِ عايزة أنا مبحبش أر’فضلك طلب.
أبتسمت هي فرحةً بعد أن وافق على حديثها لتقترب مِنْهُ تضع رأسها فوق كتفه تشكره على تفهمه لها قائلة:
_حبيبي يا “يـوسف”، ربنا يباركلي فيك.
نظر لها بطرف عينه وأبتسم بسمةٌ هادئة تعكس مشاعره تجاه هذا المدعو “زايـد”، لحظة وأبتعدت هي عنهُ تنظر إليه ليقول هو مشيرًا تجاه جر’ح يَدها:
_أكمل تنضـ.ـيف الجر’ح ولا أمشي.
نظرت هي إلى كف يَدها الذي كان مجرو’حًا قليلًا ثمّ نظرت إليه وابتسمت قائلة:
_كمل أكيد، مش هيجيلك قلـ.ـب تسيبه كدا ولا إيه.؟
مازحته في نهاية حديثها ليبتسم هو ويُكمل تضـ.ـميمه قائلًا:
_أكيد مش هيجيلي قلـ.ـب أسيبه كدا.
وبعد مرور القليل مِن الوقت،
أنهى تضـ.ـميمه بلف قطعة الشاش حوله برفقٍ تحت نظراتها التي كانت تتابعه لتسمعه يقول بعد أن رفع بصره نحوها ينظر إليها:
_ألف سلامة على كفك الرقيق يا جميل، إن شاء الله اللِ بيتمنولك الأ’ذىٰ وأنتِ لا.
أبتسمت إليه بعد أن أنهى مهـ.ـمته وشكرته قائلة:
_تسلم إيدك يا حبيبي، كويس إنك معايا.
نظر إليها وأبتسم بسمةٌ حنونة لها وجاوبها قائلًا:
_حبيبتي، أنا معاكي فكُلّ وقت تحتاجيني فيه.
ترك عُلبة الاسعافات جانبًا ونهض متجهًا إلى المرحاض كي يغسل يَديه، بينما نظرت هي إلى الشاش الأبيـ.ـض الذي كان يضم كفها قليلًا، لا’مسته أناملها برفقٍ وعادت تشرد مجددًا رغمًا عنها، لحظات وعاد “يـوسف” إليها ليراها شاردة الذهن مِن جديد، أخرج زفيرة عميقة بعد أن رأى تلك الحالة التي تُلازمها منذ بضع أيامٍ والتي بادت تُشعره بالقـ.ـلق تجاهها، اقترب مِنها وبيَده صحنًا مِن الفاكهة ليجاورها في جلستها قائلًا:
_”عَليَّا” أنا بدأت أخا’ف عليكِ، سرحانك بقى مقـ.ـلقني أوي.
نظرت إليه بعد أن جذ’بها نبرة صوته الهادئة وأبتسمت بسمةٌ خفيفة حتى لا تُقلـ.ـقه أكثر مِن ذلك وقالت:
_يمكن بس نقـ.ـص فيتامين مُعيَّن، متقلـ.ـقش أول ما ابدأ أخُد الدوا هكون كويسة.
قرّب صحن الفاكهة نحوها وقال بلهجةٍ آ’مرة:
_طيب بعد إذنك ممكن تاكلي بقى، أنا مش هتها’ون فصحتك أو صحة الطفل دا مهما حصل، يلا.
نظرت إلى الصحن الذي كان مليئًا بالفاكهة المختلفة لتُخرج زفيرة هادئة ثمّ تَمُد يَدها تأخذ ثمرة تفاح تتناولها تحت نظراته التي كانت تتابعها، يعلم أن الأمر ليس كما كان مِن قبل ولذلك يجب أن يُتابع شقيقته بشكلٍ مستمر حتى لا تغفل لحظة عن ناظريه.
__________________________
<“قرارٌ مصيري، ولحظة ترقب.”>
في منزلها الهادئ كانت تجلس فوق المقعد تنظر إلى أولادها الذين أجتمعوا بناءًا على طلبها لهم، كانت تنظر في وجوههم وهي تُحاول ترتيب ما توّد قوله داخل رأسها قبل أن تقوله لهم، فحتى هذه اللحظة هي لا تعلم كيف ستقول ذلك إليهم، نظر “نادر” إلى “بشيـر” الذي همس إليه بقوله:
_أرا’هنك إنها هتفا’تحنا فسيرة الجواز ومش مِن أي حد لا، مِن الباشا “عمـاد الْمُحَمَّدي”.
_وأنتَ إيه اللِ مخليك واثق أوي كدا.؟
سأله “نادر” متعجبًا وهو ينظر إليه ليُبادله “بشيـر” نظرته ثمّ جاوبه قائلًا:
_هتشوف، أنا عارف كويس أوي هي مجمعانا كدا ليه.
جاء صوت “أكرم” الهادئ وهو يسأل والدته قائلًا:
_خير يا ماما، مجمعانا ليه كدا.؟
ضغـ.ـطت “هناء” على كفيها بتو’ترٍ شـ.ـديد وهي لا تعلم كيف تتحدث وتُخبرهم بهذا الأمر، فرغمًا عنها تحركت مشاعرها تجاه “عمـاد” ويومًا بعد يوم أصبحت مشاعرها تصحو مجددًا وتنجذب إليه، تحدث “بشيـر” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لها مبتسم الوجه قائلًا:
_ أتكلمي يا سـ.ـت الكُلّ مِن غير ما تخا’في، قولي اللِ عايزة تقوليه بالطريقة اللِ تريحك.
أخذت نفسًا عميقًا وزفرته بهدوءٍ وقالت بنبرةٍ هادئة متو’ترة:
_بصراحة يعني في حاجة عايزة أقولكم عليها وخا’يفة يعني تشوفوا إنِ أنا’نية.
جاوبها “نادر” بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
_يا حبيبتي قولي كُلّ اللِ عندك ومتخ’افيش إحنا هنفهمك، وبعدين مينفعش تقولي كدا أنتِ ياما أستحـ.ـملتي وشيـ.ـلتي شـ.ـيلة تقيـ.ـلة وأتبهـ.ـدلتي، فأكيد مش بعد كُلّ دا هنشوفك أنا’نية.
وافقته “بيلا” القول بقولها الهادئ:
_”نادر” بيتكلم صح، قولي كُلّ حاجة حتى لو نفسك فحاجة وإحنا مش هنر’فضلك طلب نهائي اللِ هتطلبيه هنوافق عليه بدون نقاش، أهم حاجة سعادتك وبس.
أصبحت الأمور مُيَّسرة الآن بشكلٍ لا يوصف لها، شَعَرت بالراحة بعد أن أستمعت إلى حديثهم الذي طمئن قلبها وجعلها هادئة ولو قليلًا، ولذلك تحدثت بنبرةٍ هادئة ممزوجة بالخجـ.ـل قائلة:
_بصراحة يعني، الموضوع اللِ عايزة أكلمكم فيه حسا’س شوية ومش عارفة أزاي هقوله، بصراحة يعني، في حد صارحني بمشاعره ناحيتي..
تبدلت تقاسيم وجوههم إلى الليو’نة قليلًا، تبادلوا النظرات الخفية بينهم سريعًا ثم نظروا إليها بعد أن أكملت هي قولها:
_وبصراحة مكد’بش عليكم أنا أتفاجئت وأتو’ترت، وأتكسـ.ـفت أنا مش عارفة مِن ساعتها أفكر، متو’ترة ومكسو’فة، عارفة إن العُمر عدى عالكلام دا وعلى الحركات دي بس أنا مقدرتش أرد عليه على طول، قعدت خدت وقت مع نفسي وفكرت كتير أوي مش بس فنفسي وفيكم أنتوا كمان، صحيح في اللِ متجوز واللِ داخل عالجواز واللِ لسه، بس برضوا أنتوا عندي أهم.
أنهت حديثها وأنتظرت تلقي الرد على حديثها ورؤية ردود لا تُخـ.ـيب ظنها، نظروا جميعهم إلى بعضهم البعض قليلًا يُفكرون في حديثها بهدوءٍ بعد أن عرضت عليهم هذا الأمر، نظر “نادر” إلى أخيه مذهولًا والذي كان بدوره يبتسم بعد أن صدق قوله، لم يستغرق الأمر مِنهم كثيرًا فكان أول المتحدثين “أكرم” الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_أنا مقدرش أحـ.ـكم على حياتك أو أقولك آه أو لا، مش همشيكِ على د’ماغي أو أكون أنا’ني معاكِ، لو أنتِ محتاجة را’جل فحياتك أنا مش هما’نع بالعكس أنا أول المُرحبين بالفكرة على الأقل تبقى فعـ.ـصمة ر’اجل ومش لوحدك، وطالما هو فتح الموضوع معاكِ يبقى هو محتاج لوجودك فحياته، بس عايز أعرف هو مين، حد نعرفه ولا مِن برَّه.؟
جاوبته “هناء” بنبرةٍ هادئة خجو’لة وهي تنظر أرضًا:
_نعرفه، مِن طرف “يـوسف”.
تعجبوا جميعًا عدى هذا الما’كر ذو البشرة السمر’اء الذي كان يعلم كُلّ شيء، جاء السؤال هذه المرة مِن “بيلا” التي قالت بتعجبٍ:
_مِن طرف “يـوسف” جوزي؟ دا مين دا يا ماما ..!!
أصبح الأمر صـ.ـعبًا عليها حين حانت هذه اللحظة التي يجب أن تقول فيها عنه، ضغـ.ـطت على يَديها بتو’ترٍ شـ.ـديد حين ألتقت النظرات جميعها بها لترى نظرة “بشيـر” الخـ.ـبيثة التي كانت تلتقي بنظراتها المتو’ترة لتعلم أنَّهُ عَلِمَ بهِ، ابْتَـ.ـلَعَت غُصَّتها بتو’ترٍ وقبل أن تجاوبهم جاء القول مِن صاحب البشرة السمر’اء الذي رفع عنها الحر’ج:
_العريس يا جماعة يبقى الحج “عمـاد” عمّ “يـوسف”.
أصبحت الصدمة حليفتهم جميعًا حينما أخبرهم “بشيـر” بصاحب الفكرة الذي قرر أن يبحث عن أخرى تكون معهُ في كُلّ المواقف وكُلّ الأوقات الصـ.ـعبة التي تَمُر بها العائلة، أراد أ’نثى تقدر وجوده وتكون معهُ دومًا، أول مَن رحب بالفكرة كانت “بيلا” التي ضحكت بفرحة ونهضت تعانقها بسعادة تُبدي بموافقتها قائلة:
_بقى دي فيها سؤال يا “هنون”، أنا أول واحدة موافقة على الموضوع دا، عمو “عمـاد” طيب أوي وواثقة إنُه بيحبك ومش هيأ’ذيكِ ولا يجر’ح مشاعرك، يا بخته بيكِ أنتوا الاتنين تنفعوا لبعض.
سَعَدت “هناء” حينما تلقت ردة فعل أبنتها التي خا’لفت توقعاتها ورحبت بالفكرة بصد’رٍ رحب، نهض “بشيـر” واقفًا يقترب مِنها بخطى هادئة يضمها مع شقيقته قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_أنا مبسوطلك أوي يا “هنون” بجد، أنتِ طيبة وتستاهلي كُلّ خير وأنا واثق إنُه هيخليكِ مبسوطة أينعم متعاملتش معاه بشكل مباشر بس واثق إنُه شخص كويس وطيب.
ضمته “هناء” إلى أحضانها دون أن تتحدث، يكفي فقط سعادتها البادية على تقاسيم وجهها وعينيها الدامعة، أبتعدا عنها لتشارك “كايلا” و “نادر” في تلك اللحظة السعيدة بعد أن أبدوا بموافقتهم على هذا الأمر، وآخرهم كان “أكرم” الذي أقترب مِنها معانقًا إياها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أنا مقدرش أقولك لا، اللِ يهمني سعادتك وبس ولو سعادتك معاه أنا هكون راضي، مُبارك مقدمًا يا سـ.ـت الكُلّ.
سـ.ـقطت عَبراتها على صفحة وجهها بعد أن فشـ.ـلت في كبـ.ـحها أكثر مِن ذلك بقولها السعيد:
_يا عُمري أنتَ، أنا كُنت واثقة مِن الرد دا وعشان كدا أنا مكُنتش قلقا’نة مِن ردك.
أبتسم “أكرم” ورَبّت على ظهرها برفقٍ قائلًا:
_أنتِ شوفتي مُـ.ـر كتير أوي مع أبويا، ووجود الر’اجل دا أنا واثق إنُه هيعوضك عن كُلّ حاجة و’حشة شوفتيها قبل كدا، ربنا يتمملك على خير وأشوفك دايمًا مبسوطة والضحكة متفا’رقش وشك.
لحظات وأبتعد عنها ينظر لها بوجهٍ مبتسم ليمازحها بقوله:
_عيشت وشوفت اليوم اللِ ييجي عريس يتكلم معايا فيه عشان يتجوزك يا “هناء”.
ضحكت “هناء” وهي ترفع كفيها تُزيل عَبراتها عن صفحة وجهها بعد أن مازحها ولدها ليأتي القول مِن “بشيـر” الذي قال ممازحًا إياهم:
_جوزوها بقى عشان أحصلها أنا كمان وأخطب المجنو’نة اللِ قلبي أتعلـ.ـق بيها دي، أينعم فصـ.ـلتني مِن الشغل الأولاني بس قلبي مقدرش يعمل Log out مِن مصـ.ـيدة حُبّها.
ضحكوا جميعًا بعد أن مازحهم هو بقوله ليأتي القول مِن “بيلا” التي قالت بوجهٍ مبتسم والسعادة تظهر في عينيها:
_نجوز “هناء” الأول وبعدين نخطبلك ونجوز “كايلا” و “جـاد” لبعض وبعدين نشوف “نادر” إذا كان في واحدة مِن ورانا كدا ولا كدا خا’طفة قلبه.
ضحك “نادر” ونفى قولها بقوله الضاحك:
_لا لا أنا فالسليم مفيش أي أ’نثى فحياتي.
أنكـ.ـر “بشيـر” قوله ذاك حين رآه يُنكـ.ـر قول شقيقته:
_كدا’ب، في واحدة وبينكـ.ـر..
قطـ.ـع “نادر” حديثه وهو يضع كفه على فم أخيه وهو يقول بنبرةٍ حا’دة:
_محصلش، كان في زمان بس دلوقتي مفيش.
أبعد “بشيـر” كف أخيه عنه وهو يقول بنبرةٍ حا’زمة وكأنه يتحـ.ـداه:
_يمين بالله بيكد’ب، في واحدة بس مش عايز يعتر’ف، شكله خا’يف يتد’بس.
جاوبته “بيلا” قبل أن يُنكـ.ـر مجددًا بوجهٍ مبتسم قائلة:
_أعتر’ف عادي يا “نادر”، أنا كُنت زيك زمان وأول ما “يـوسف” ظهر وحصل تواصل بينا أنا بصراحة غيّرت رأيي وعرف يغيّر تفكيري ناحية الجواز وأديني معاه أهو، المهم إنك تختار صح، لو أخترت صح صدقني هتعيش الباقي مع الشخص دا فنعيم.
رد عليها “أكرم” ساخرًا بقوله بعد أن نظر إليها:
_لا وأنتِ أختيارك صح أوي يعني.
جاوبه “بشيـر” هذه المرة بقوله التحذ’يري:
_لا إياك و “يـوسف” دا مسجل خطـ.ـر أوعى تلعب معاه بالنا’ر.
تبادلوا الضحكات بينهم ليصدح رنين هاتف “بيلا” بأتصالٍ هاتفي، أخذته مِن حقيبتها ونظرت إلى المتصل لتقول بوجهٍ مبتسم:
_دا “يـوسف”.
_دا بييجي عالريحة زي القطط الجعانة.
نظر “نادر” إلى “أكرم” بعد أن سَخِرَ مِن الآخر، بينما تركتهم “بيلا” وذهبت إلى إحدى الغرف مغلقةً الباب خلفها وهي تُجيبه بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه قائلة:
_أيوه يا “يـوسف”.
جاءها صوته الهادئ حينما قال بنبرةٍ رخيمة:
_لقيتك وحشتيني قولت أكلمك، عارف إنك عند مامتك دلوقتي ومش هتيجي دلوقتي.
أبتسمت “بيلا” بسمةً هادئة وقالت:
_شكلك فالبيت.
أخرج زفيرة عميقة وجاوبها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_لسه داخل دلوقتي، طمنيني على اللِ عندك إيه الأخبار أتمنى التجميعة اللِ عندك دي تكون خير.
أتسعت البسمةُ على ثَغْرها وأ’لقت نظرةٌ عابرة على الباب ومِن ثمّ اقتربت مِن الفراش وجلست على طرفه قائلة بنبرةٍ غمرتها السعادة:
_عندي ليك حتت خبر يا “يـوسف” بمليون جنيه.
أبتسم “يـوسف” وأصبحت نظرته غامضة حين تلقى هذا القول السعيد مِنها ليقول بنبرةٍ هادئة:
_كدا أنا محتاج أعرف إيه الخبر دا اللِ مخليكي مبسوطة بالشكل.
أتاه صوتها السعيد تجيبه بنبرةٍ حما’سية مغمورة بالفرحة:
_الظاهر كدا إن عمو “عمـاد” و’قع فمـ.ـصيدة الحُبّ، ماما كلمتنا فالموضوع وقالتلنا إنُه فاتحها فالموضوع وعايز يتجوزها.
تفاجئ “يـوسف” بشـ.ـدة حين تلقى هذه الخبرية التي ستقلب الموازين وتجعلها تأخذ منحنى آخر، كانت مفاجئة بالنسبةِ إليه ولذلك تشتتت أفكاره وأصا’بته حالة مِن الذهول والدهشة، أتاه صوتها مجددًا حينما قالت ضاحكة:
_شوفت معرفتش تتكلم أزاي عشان الموضوع مُفاجئ، بس بصراحة أنا مبسوطالهم هما الاتنين، كُلّ واحد فيهم مرّ بتجربة مش سهلة عليه بس في النهاية عدّو مِنها وأهم قدامهم فرصة تانية.
كان الأمر بالنسبةِ إلى “يـوسف” مفاجئًا ولكنه برغم ذلك شَعَر بالفرحة لأجل عمّه، فهو كان يُريد سعادته برغم ما مرّ بهِ، كانت أيامه عصـ.ـيبة كثـ.ـقل الصـ.ـخرة التي تعتر’ض طريقه وتأبى التنحي جانبًا، أرتسمت البسمةُ الواسعة على ثَغْره وعانقت الفرحة قلبه المتها’لك ليأتي صوته الممزوج بالفرحة يُعبر عن سعادته بهِ قائلًا:
_أنا مبسوط أوي واللهِ، أتفاجئت آه بس دي كانت أحلى مفاجأة، أنا واللهِ ما أعرف أي حاجة وهو مفاتحنيش فالموضوع بس واثق إنُه هيكلمني فيه أول ما يتكلم مع “عامـر” و “محمـود”، يا ربّ تكمل على خير هما فعلًا شبه بعض ومش هتمنالهم غير كُلّ الخير، المهم تكون خالتي مقتنعة وعايزة كدا متكونش مجبو’رة.
جاوبته “بيلا” بوجهٍ مبتسم وعينيها تحتضنان أنحاء الغرفة قائلة:
_لا متقلقـ‘ـش مِن ناحية ماما فهي راضية ومبسوطة كمان، لو تشوف شكلها وهي بتحكي يا “يـوسف” كانت مكسو’فة أوي ووشها فالأ’رض، الظاهر إن عمو “عمـاد” لِيه طُرُقه الخاصة.
ضحك “يـوسف” على الجهة الأخرى وجاوبها بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ ضاحكة بقوله:
_لا عمّي “عمـاد” تلاقيه كان صريح زيادة عن اللزوم، وهو بصراحة حقه اللِ أتلسـ.ـع مِن الشوربة ينفُـ.ـخ فالزبادي، أتعلم الرا’جل خلاص، وعلى فكرة الصراحة حلوة وإلا مكُناش مع بعض دلوقتي.
وكأنه تعمـ.ـد إ’لقاء هذه الكلمات لها حتى لا تنسى كيف كان مِن قبل وماذا أصبح عليه الحال، أبتسمت هي وجاوبته بنبرةٍ هادئة بعد أن تذكّرت الماضي قائلة:
_أيوه كُنْت صريح أوي لحد دلوقتي، سـ.ـعيت ونولت مقابل سـ.ـعيك بقى.
_ولو كُنْتِ فآخر بلاد المسـ.ـلمين كُنْت هجيبك برضوا، أصل نهايتها معروفة يعني وأنا مبفر’طش فحقِ لو على ر’قبتي … المهم دلوقتي هترجعِ أمتى عشان أنا لسه راجع وجعان وعايز ألحق أنام بدري عشان أروح المصنع بُكرة وأنا فايق عشان الليلة دي محتاجة د’ماغ متكلفة.
جاوبته هي بوجهٍ مبتسم قائلة بنبرةٍ هادئة:
_هاجي دلوقتي، هشوفهم هيستقروا على إيه وهاجي على طول.
أنهت في النهاية المكالمة معهُ وأخرجت زفيرة قوية وهي تنظر في أنحاء الغرفة تُفكر في والدتها التي ستنول سعادتها الحقيقية إن أصبح هذا الأمر حقيقيًا، ستكون سعيدة وبشـ.ـدة لأجلها بلا شـ.ـك.
__________________________
<“طـ.ـعنة غا’درة في الظهر، ودفع الثمـ.ـن كان غاليًا.”>
في وقتٍ متأخر مِن هذا اليوم،
كان “يعقـوب” يسير بخطى مثـ.ـقلة متجهًا إلى منزل عائلتها وهو لا ينتوي إلا على الشـ.ـر بعد أن تجرع مِنْهُ القسو’ة والحقـ.ـد، كانت تسير بجانبه، تقبـ.ـض على كفه بكفها الدا’فئ، والآخر قبـ.ـضت بهِ على ذراعه وكأنها تخشى هذه المواجهة، بل هي بالفعل تخشى هذه المو’اجهة فهي ليست مستعدة للوقوف أمامها ورؤيتها تعتر’ف بجر’يمتها الشنعا’ء تلك في حقها..
وفي الخلفية كان “رمـزي” يسير بخطى هادئة خلفهما بعد أن أصّر “يعقـوب” على مجيئه حتى يكون سلا’حًا ضـ.ـدها، وبجانبه يسير “ضياء” الذي حتى هذه اللحظة يتمنى أن يكون كُلّ ذلك حُلمًا أسو’د وسيستيقظ مِنْهُ قريبًا فحتى الآن هو لا يُصدق أنها هي مَن فعلت ذلك وحر’متها مِن حُلمًا بسيطًا كهذا، بعد قليل مِن الوقت وصلوا إلى منزل العائلة ووقف “يعقـوب” أمام الباب الحد’يدي الأسو’د يطرق عليه بقو’ة..
أعاد الكرّة ودام الصمت قليلًا قبل أن يكـ.ـسره صوت مِفْـ.ـصَل الباب الحد’يدي مِن الداخل، فُتِحَ الباب وظهر “سلمان” أمامهم في الصورة، كانت النظرات المتبادلة بينهم مختلفة ومشاعرها مضطـ.ـربة، بين الجهـ.ـل المُسيطـ.ـر على “سلمان”، والو’عيد المتمـ.ـلّك مِن “يعقـوب”، والأ’لم المُلازم لقلب تلك الرقيقة التي طُـ.ـعِنَتْ غد’رًا، والصمت القا’تل المُسيطـ.ـر على “ضياء”، وأخيرًا هدوء “رمـزي”، مشاعر مضطـ.ـربة اجتمعت في نقطة واحدة بعد أن حان وقت المو’اجهة..
في ساحة المنزل الكبير، كانوا جميعهم مجتمعين في غرفة المعيشة والصمت أقو’ى مِن أي ردة فعلٍ ستُصدر، صمت “يعقـوب” منذ أن وَلَجَ إليهم كان كشـ.ـرارة صغيرة تستعد للانفجا’ر، كانت نظرته موجّهة بعين الإعتبار إلى “رانيـا”، برغم سعـ.ـيه في الابتعاد عنها والتقرُب أكثر إلى “زُبيـدة” لم تصمت هي، لاح أمام عينيه صورتها في آخر مقابلة جمعت بينهما قبل أسبوعين، وعاد صوتها يرن في أُذُنيه كالطبول الرنانة، لم ينسىٰ ما حدث وما قيل..
قبل أسبوعين مضوا،
كان “يعقـوب” عائدًا مِن المشفى بعد أن أجرى زيارة ودودة مع المدير وأخبره برغبته في العودة إلى عمله مِن جديد، كانت جلسة مُيَّسرة الحال، تمنىٰ ونالَ ما تمناه، كان عائدًا لإسعادها، كانت تنتظر هذه اللحظة ولكن ظهورها أمامه د’مّر كُلّ شيءٍ في غمضة عين، قطـ.ـعت خط سيره بوقوفها أمامه مباشرةً في جوف الليل وبوقتٍ متأخر مِن الليل، تجمـ.ـد جسـ.ـده فجأة في مكانه بعد أن كان سيصطد’م بها، إنشًا واحدًا كان فا’صلًا بينهما وكأنها تعمـ.ـدت فعل ذلك..
وبرؤية وجهها عاد بحركةٍ سريعة خطوتين إلى الخلف وجحظت عينيه قليلًا متفاجئًا برؤيتها أمامه، بينما كانت هي تقف أمامه تنظر إليه بحنينٍ، عاد قلبها يد’ق شوقًا إليه، عادت النير’ان تحر’ق رو’حها تلهفًا لهُ، لم يختفي عن خاطرها لحظة واحدة بل كانت تراه دومًا أمامها وفي كُلّ مرَّة يصحو شوقها إليه، وحينما رأى هو هذه النظرة ألتزم الصمت وأتخذ الصر’امة أمامها سلا’حًا لهُ، تقدَّمت خطوة نحوه وكسـ.ـرت حِدَّ’ة هذا الصمت بنبرة صوتها التي تعمدت أن تجعلها ناعمة:
_مالك كـ.ـشيت كدا ليه أول ما شوفتني، مكُنتش عامل حسابك إنك هتشوفني مرَّة تانية ولا إيه.؟
لم يُجيب، لم يهتـ.ـز، لم يتأ’ثر، بل أشمئـ.ـز مِنها وشَعَر نحوها بالقر’ف، وهذا كان كفيلًا لطعـ.ـن أيُ أ’نثى غيرها، ولكنها لم تأبى كانت أمامها الطرق الكثيرة لجذ’به إليها حتى وإن قا’ومها، أبتسمت بسمةٌ ناعمة وقالت:
_على فكرة بقى أنا كُنْت عاملة حساب إنِ هشوفك تاني، هنروح مِن بعض فين يا حبيبي الحارة عبارة عن أوضة وصالة يعني مش هنتو’ه عن بعض كتير، المهم حبيت أشوفك عشان وحشتني رغم إنك قا’سي عليا بس مش مشـ.ـكلة، بس ميمنعش إنِ أشيـ.ـل مِنك، لمَ تبقى عارف إنِ بحبك ومقد’رش أعيش مِن غيرك وتعمل نفسك مش واخد بالك وتروح تاخد أختي دا أسميه إيه.؟
كما توقع بالفعل، كان يعلم أنها لن تصمت إلا بكا’رثة تقـ.ـع فوق رؤوسهم كزخات المطر المتسا’قط في فصل الشتاء، رأى بها الوقا’حة والجر’أة، كانت جر’يئة بشكلٍ أخجـ.ـله وجعله يشفق على “سلمان” الذي حتى هذه اللحظة لا يعلم وجهها الحقيقي، حاولت أن تتدلل عليه، أن تؤ’ثر عليه، أن تجذ’به نحوها بأيا طريقة، ولكن كان يراها بصورة يخجـ.ـل المرء عن وصفها..
كان يعلم شيئًا واحدًا فقط، إن حاولت جذ’به بحركاتها الر’خيصة تلك، أو الضحك بغنـ.ـج، أو التقرُب مِنْهُ، أو التدلل عليه، فلن تأتي شيئًا بجانب حبيبة قلبه والرو’ح التي تكون أحضانها بمثابة وطنًا لهُ، جميعهن لن يستطعن جعله يرى سواها، بعد أن صمتٍ أستمر بينهما قليلًا كـ.ـسره بقوله الذي أصبح كالطـ.ـعنات التي تطـ.ـعن كبر’ياءها وأنو’ثتها بنبرته المشمئـ.ـزة، ونظرته القا’تلة:
_أنا مش شايف قدامي دلوقتي غير واحدة ر’خيصة أتعملها قيمة مِن ر’اجل حبها وأتجوزها وفكرها بتحبه، أنا مش صعبان عليا غير “سلمان”، آه واللهِ تخيلي، فاكر مراته الخضـ.ـرة الشـ.ـريفة وهي فالأصل واحدة متسواش فسوق الحر’يم بتعريفة، الحركات اللِ عملتيها دي دلوقتي محسستنيش غير بحاجة واحدة بس، القر’ف، وأنا بصراحة مبحبش الر’خيص، بالعكس، أنا بتاع الغالي، الغالي أوي اللِ أسعاله عشان أخده، أنتِ أبعد مِن إنِ أبُصلك أساسًا، لو فاكرة إنك كدا هتحلوي فعيني فأحب أقولك دا عند أمّك، اللِ مز’غللة عيني مكيفاني ومكفياني، مخلياني ماشي مش شايف غيرها، أنا عيني مبتخو’نش حبيب وقلبي مبيحبش مرتين، يعني على بلا’طة عشان مهلـ.ـكش نفسي مع واحدة زيك أنا مطروف العين، عيني مطروفة بواحدة أسمها “غالية” لو تعرفيها يعني.
حديثه قا’سيًا وبشـ.ـدة، يعلم جيدًا كيف يقف أمام أمثالها ويُخبره بتأ’ثير سحـ.ـر أميرته عليه، أتخذ القسو’ة منهجًا أمامها وأبى أن يخو’ن حبيبًا ظن بهِ الخير والأما’ن، هو ليس مَن يخو’نوا العهد وإن كانت أعنا’قهم ثمنًا لهذا، ر’ماها بنظرةٍ مشمئـ.ـزة ثمّ تركها ورحل إلى شقته حيث تنتظره “زُبيـدة”، تاركًا إياها تقف متجمـ.ـدة في مكانها لا تُصدق ما سمعته مِنْهُ، شَعَرت أنها تحلُم، فرده خالف توقعاتها بالكامل وجعلها لا تستطيع قول حرفٍ واحد..
كانت تشعُر برو’حها تحتر’ق، وبقلها ينزُ’ف، وبالأ’لم الذي سكن صد’رها، كُلّ ما كان يُسمع صفير في أُذُنيها، كُلّ شيء بدأت تفقـ.ـد شعوره، و’عيها لمَن حولها، وللأصوات التي بدأت تتلاشىٰ مِن حولها، تنظر في الأفق، إلى الفراغ الذي خلّده في إثره، وهي لا تقدر على قول حرفٍ واحد، بينما وَلَجَ هو إلى شقته ليراها تقف أمامه تنتظره وهي مبتسمة الوجه، أغلق الباب خلفه واقترب مِنها بخطى هادئة، وقف أمامها وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_مستنياني عالباب المرة دي يعني، أول مرَّة.
جاوبته بنبرةٍ هادئة وهي تأخذ مِنْهُ أغراضه قائلة:
_المرة دي مستنياك عشان واثقة إنك هتيجي وجايب معاك أخبار حلوة لـ “زوزو” حبيبتك.
أتسعت بسمتهُ على ثَغْره ليُجيبها بنبرةٍ هادئة:
_أنا فعلًا جاي وجايبلك أخبار حلوة معايا هتبسطك على الآخر.
ترقبت هي قوله بقولها الحما’سي:
_قول بسرعة يلا أنا قعدة على نا’ر مِن الصبح.
أقترب مِنها خطوة واحدة وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_روحت أتفقت معاهم على كُلّ حاجة وهما مكد’بوش خبر، خدت الإذن ومرتبي زاد ومِن بُكرة أول عمـ.ـلية هبدأها.
أصا’بتها السعادة المفر’طة فجأةً، ضحكت وهللت وكأن تلك هي ليلة العيد بالنسبةِ إليها، كان ردها سريعًا حينما ضمته إلى د’فء أحضانها وهي تقول بنبرةٍ سعيدة:
_مُبارك يا حبيبي، كدا ١٠٠ فالـ ١٠٠ “يعقـوب” حبيبي رجعلي تاني.
حاوطها بذراعيه وهو يبتسم بعد أن رأى فرحتها بعودته إلى عمله مجددًا، كان يعلم أنها ستكون بهذه الفرحة، فمَن غيرها يسعد إليه هكذا غيرها، وفي تلك اللحظة تأكد أن أختياره كان صحيحًا مائة بالمائة، فهي وكفى.
عودة إلى الوقت الحالي.
بسمةٌ جانبية مليئة بالشـ.ـر كانت كفيلة بأن تجعلها في صر’اعٍ مع نفسها، هي تعلم جيدًا هذه النظرة وتلك البسمة، تعلمه جيدًا، لم تنسىٰ هذه اللحظة، لم تنسىٰ و’عيده لها، ولكنها لم تعلم حتى هذه اللحظة بالكار’ثة الكبرى التي تنتظرها، تلك اللحظة التي ستقـ.ـلب حياتها بالكامل وتصـ.ـيبها بالتعا’سة مدى الحياة، جـ.ـف حلـ.ـقها وترا’خت أعصا’ب جسـ.ـدها واصا’بها الخو’ف الشـ.ـديد..
بينما كان هو ينظر إليها وهو يبتسم، فهو يعلم أنَّهُ أستطاع إصا’بة هدفه بمنتهى السهولة دون أن يبذل مجهو’دًا، كُلّ ما كان يحتاج إليه هي نظرته التي كانت كفيلة بجعلها تتمنىٰ أن تنشـ.ـق الأرض وتبتـ.ـلعها، ولكن المو’اجهة الأصـ.ـعب في هذه اللحظة كانت مواجهة “زُبيـدة” و “رانيـا”، نظرتها كانت تبوح عن أ’لمٍ ساكنٍ في أعما’ق قلبها، ونز’يفًا لا تعلم كيف تُوقفه..
أر’خت قبـ.ـضة يَدها مِن يَده برفقٍ، مِمَّ جعله ينظر إليها دون أن يتحدث، ليرى في عينيها دموعًا حـ.ـبيسة تأبى الخروج، كسـ.ـجينٍ حُـ.ـكِمَ عليه ظُلـ.ـمًا ولا يستطيع إيجاد طريقة ليخرج بها، كانت عينيها تواجه عينان مذ’نبتان في حقها، وكأنها تُعاتبها في حديثٍ صامت، هر’بت “رانيـا” بعينيها بعيدًا وهي تشعُر بالخو’ف الشـ.ـديد مِمَّ هو مُقبلٌ عليها، فنظرة شقيقتها أنذ’رتها بالخـ.ـطر..
حالة مِن السكون التام خيّمت على المكان وكأنها هفو’اتٌ مِن ريا’حٍ لا تُنذ’ر بالخير، قا’ومت “زُبيـدة” رغبتها بكُلّ ما تمـ.ـلُك كي لا تبكِ وقالت بنبرةٍ مذ’بذبة:
_أنتِ يا “رانيـا”، أنتِ بتطـ.ـعنيني كدا، بعد كُلّ دا.؟
تسارعت نبـ.ـضات قلبها وتثا’قلت أنفاسها وأصا’بها الخو’ف الشـ.ـديد بعد أن سَمِعَت قول شقيقتها، ظنّت أن “يعقـوب” قد أخبرها بآخر مقابلة كانت بينهما ولذلك قررت أن تد’افع عن نفسها قبل أن تسو’ء الأمور بينهما، نظرت لها ترى نظرات الاتها’م مصو’بةٌ نحوها ولذلك هزّت رأسها تنفي قولها وقالت بنبرةٍ مند’فعة تنفي قولها مشيرةً تجاه “يعقـوب”:
_متصدقيهوش يا “زُبيـدة” دا كد’اب، هو اللِ كان بيحاول يقرّب مِني وكان بيقولي كمان إنُه مبيحبكيش، كان بيقـ.ـطع عليا الطريق وأنا مروّحة مِن عندك ويقولي أنا بحبك وإنُه مجبو’ر يفضل معاكِ، كُلّ اللِ قالهولك كد’ب.
صدمة جديدة أخرى تُلقـ.ـى فوق رأس “زُبيـدة” التي أصبحت لا تفهم شيئًا حتى هذه اللحظة، ومعها لم يقل “سلمان” عنها شيئًا، ألتفتت “زُبيـدة” برأسها تنظر إلى “يعقـوب” تنتظر ردًا مِنْهُ على ما قالته شقيقتها، فهي أتهـ.ـمته إتها’مًا فا’حشًا لا يُمكن الصمت عنهُ، ووجَبَ الآن أن يُنكـ.ـر هذه التُهَـ.ـم المنسو’بة إليه، تلاقت الأعين ونطـ.ـقت بما عجـ.ـزت الألسنة عن قوله، هي أنتظرت إنكا’ره وعيناه لم تتأخر عن تقديم المُراد.
______________________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *