روايات

رواية وجلا الليل الفصل الثالث عشر 13 بقلم زكية محمد

رواية وجلا الليل الفصل الثالث عشر 13 بقلم زكية محمد

رواية وجلا الليل البارت الثالث عشر

رواية وجلا الليل الجزء الثالث عشر

وجلا الليل
وجلا الليل

رواية وجلا الليل الحلقة الثالثة عشر

حاوط خصرها الممتلئ قبل أن يحتضن جسدها الأرض، لتصيبه الدهشة حينما شعر بسائل لزج يعانق يده، رفع كفه لتصيبه صاعقة رعدية اهتزت أضلعه على إثرها، حملها بسرعة ودلف بها ممددًا إياها على الفراش، ثم كشف بحذر عن موضع ذلك الجرح ليضيق ما بين حاجبيه عندما وجد ذلك الجرح، والذي لم يكن غائرًا وهذا ما جعل وتيرة أنفاسه تهدأ قليلًا، فكر في أن يستدعي شقيقه، ولكن فكرة أن يراها جعلته يرمى بها عرض الحائط، سيداويه بنفسه هذا ما قرره بداخله .
غاب لبضع دقائق عنده بعد أن جلب بعض الحاجيات الطبية، والتي بحاجة لها بعد أن شرح له ما عليه فعله، جلس بجوارها وشرع في مهمته، والتي أتمها بدقة وعناية وهو يتابع تغير تعابير وجهها ما بين الضيق والألم، زفر بتعب وهو يتساءل كيف تمت إصابتها على ذلك النحو ؟
رفرفت مقلتيها وفتحت أبوابها الموصدة بإعياء واضح، نهضت بحذر وبدأت تتضح لها الصورة جيدًا، وضعت يدها على جانبها تتحسسه برفق، وقد داهمها سؤال واحد وهو من فعل ذلك ؟
لم تكن بحاجة لإجابة إذ يقبع الرد في صوته حينما وصلها وهو يحملل رذاذ الغضب والغيظ :- مقولتيش ليه إنك متعورة ؟ ولا هو عِند وخلاص !
أخذت نفسًا عميقًا تملئ رئتها بالهواء، فتشعر بالألم على الفور فعادت تتنفس ببطء، وهتفت بخفوت :- مش مستاهلة چرح صغير .
رفع حاجبه باستهجان وردد بسخرية :- چرح صغير ! طيب يا أم چرح صغير أتعورتي كيف ؟
زاغت مقلتيها متخذة جولة سريعة تستكشف نواحي الغرفة، ورددت بنصف الحقيقة وتوتر :- وقعت وأنا ماشية فخبطت في الأرض وكان في حتة حديدة چات في چنبي .
طالعها بذهول قائلًا :- كل دة وبتقولي چرح صغير ! الحمد لله أنها چات على قد إكدة إبقي خدي بالك المرة الچاية .
هزت رأسها ببساطة وأردفت :- إن شاء الله، بس مين اللي عمل إكدة ؟
قالتها وهي تشير نحو جرحها المغطى برباط طبي، ليردف هو بتوضيح :- أنا چبت اللي أحتاچه من خالد وقالي أعمل إيه وعملت اللازم .
قفز اللون الأحمر يحتل الصدارة على سطح وجنتيها، اللتان توهجتا بجمرتين مشتعلتين من رؤيته لها، عبس وجهها فجأة وهي تتذكر امتلاء زوايا بطنها، فبالتأكيد سينفر منها فهي ليست جميلة القد، ليسحره خصرها المنحوت كما تقرأ وتشاهد، زفرت بحزن على حالها لتقوس حاجبيها بأسى، وهي على وشك البكاء لا تعلم ما هو مصيرها معه، ولا تعلم إلى أي مرسى سيرسو عشقها الذي تكنه له ؟
اه من حبه الذي بمثابة معصية، تود الغفران والعزوف عنها، إلا أنها مستمرة على فعلتها، فكيف تطلب التوبة وهي على أعتاب الخطيئة ؟
راقب هو انفعالاتها الجمة والتي تتوالى خلف بعضها، مانعة إياه من أن يحظى بأدنى ثوان ليحلل أي منها، كم هي غريبة الأنثى وصعبة القراءة، من يظن أن التعامل معهن سهلًا، فليواري رأيه تحت الثرى، فهي أصعب من المعادلة الرياضية، وأصعب من أن تعبر المانش بذراع واحد كما فعلها عبد اللطيف أبو هيف، هز رأسه بقلة حيلة وأردف بحيرة :- مالك ؟ زعلتي وفرحتي وخچلتي وبكيتِ في واحد !
اتسعت عيناها بذعر من كلمته الأخيرة، كيف لها أن تبكِ أمامه ؟ مررت أصابعها على وجهها لتتحقق من صدق حديثه، لتجد أناملها غرقت في عبراتها التي سقطت ولم تشعر بها، جففتها سريعًا وتابعت بتوضيح زائف لا أساس له من الصحة، وكم ودت لو تفيض بأبحر حبها فيغرق معها بدلًا من أن تجدف بمفردها :- مفيش حاچة دة بس الچرح واچعني هبابة . بقلم زكية محمد
نهض من مكانه بقلق ظاهر وردد :- بيوچعك كيف ؟ طيب وريني لا يكون عملت حاچة غلط ولا حاچة .
تراجعت للخلف بسرعة حتى ارتطم ظهرها بحافة السرير قائلة بسرعة :- لاه بقيت زينة دلوك .
أردف بغيظ مكبوت :- بقولك إيه يا بت سالم چلع كتير مرايدش .
قال ذلك ثم كبلها بسهولة، وأخذ يتفحص الجرح مجددًا وسط انصهارها كمعدن الحديد عندما يتعرض لمستوى معين من الحرارة، كانت أصابعه بمثابة جمر يكوي جلدها أينما لامس موضع الألم يتفقده، وضعت يدها المرتعشة على كفه الكبير قائلة بتلعثم :- بزيادة أنا، أنا زينة .
ابتسم بمكر ثعلب يغمره الدهاء، فهو فهيم جدًا لخجلها الظاهر للعيان، فأردف بمزاح :- زينة ولا شمس أرسيلك على بر .
نهضت مسرعة ولم تأبه لألمها بقدر رغبتها في الابتعاد عن حدوده، حتى لا تتعرض لشن الغارات الجوية التي تقذف مدن قلبها دون رحمة، بينما زمجر هو باعتراض قائلًا :- أقعدي رايحة وين چرحك لسة ما طابش .
تعرقت كفوف يدها من فرط التوتر ورددت بتيه :- هروح ..هروح الحمام أغير خلقاتي .
أردف بموافقة وعدم اكتراث لما يتفوه به :- طيب تعالي أما أساعدك عشان العوارة ( الجرح) ما تلحقهوش الميا .
وكأنه صفعها بقوة بل لو فعل ذلك لكان أهون بكثير مما يهرتل، كادت أن تخرج مقلتاها من موضعها، وتجلطت الدماء بعروقها، صرخت بهلع قائلة :- تساعد مين ؟ أنا هساعد حالي .
ضحك بخبث وردد بصرامة مصطنعة :- قدامي ومرايدش أسمع ولا كلمة .
أردفت بتلجلج عندما رأت الإصرار بعينيه :- طيب، طيب هنادي مرت عمي تساعدني .
مط شفتيه بلوم قائلًا بنفاذ صبر :- يا مثبت العقل والدين يارب، دة أنا لو بحايل چنا مش هتعمل إكدة .
هزت رأسها بعنف شديد قائلة :- لاه لاه أنت قليل الحيا .
جحظت مقلتيه بصدمة قائلًا :- عيدي اللي قولتيه دة تاني إكدة .
أخذت تتراجع للخلف وقد سرت بداخلها رعشة قوية، عندما وجدت تقاطيع وجهه تحولت لشيء آخر شبيه بالبركان حينما يثور، فيصهر ويقضي على ما بوجهه، تقدم نحوها بخطوات دبت الهلع بأضلعها، فما كان منها سوى أن تتراجع حتى أطلقت صرخة حينما شعرت بأنها ستسقط لتعرقلها في المقعد، أوصدت مقلتيها بعنف تنتظر ارتطامها العنيف بالأرض، إلا أنها لم تسقط بسبب قبضتيه اللتان طوقت خصرها، فتحت عينيها وهي تطالعه بقلب يضخ بشدة حتى كاد أن ينفجر، وهو يصرخ بالرحمة والتمهل فما عاد بمقدوره أن يتحمل، تاهت في دروب مقلتيه القريبة منها والتي تعمقت بداخلها، ضاعت في طرقها لتأسرها كما فعل عشقه مع قلبها، ماذا تريد أيها المعشوق أكثر من ذلك ؟ فبات هواك مهيمن على قلاع فؤادي، وعيناك التي تشبه المغناطيس تجذبني للقاع، رافضة أن تطلق سراحي، فمهلًا علي لقد أوشكت قواي على أن تنهار .
إن كان هو مغناطيس يجذبها، فهي دوامة تسحبه دون هوادة، ماذا حدث له أسينبض من جديد ؟ أم أنه ينبض منذ زمن بعيد، ولكنه لا يدري بهذه الحقيقة ؟
لم تشعر بعدها بشيء إذ سارت معه كالمنومة مغناطيسيًا، لتمر بعد الدقائق وهي تخرج بملابس نظيفة، أخذ بيدها لتجلس على الفراش ليجلب فرشاة الشعر، ويجلس خلفها ويبدأ في تمشيط خصلات شعرها، فهو يعلم أنها ستتألم إن مدت ذراعها للأعلى فستشدد معه الجلد وسيتعبها الجرح، مازالت خصلاتها كما هي في السابق، إلا أنها ازدادت طولًا، ابتسم بحنين لتأخذه الذكرى حينما كان يفعل ذلك عند إصابتها برأسها، تعجب هو لصمتها الطويل فهتف بهدوء :- شمس ! ساكتة ليه ؟
هتفت بشرود :- هو أنت إيه رأيك في التُخان ؟
قطب جبينه بتعجب قائلًا :- من حيث إيه يعني ؟
ضغطت على شفتيها بحرج وكيف تخبره هل يكن لها بعض الحب بشكل مباشر ؟ أردفت بتوتر :- يعني أنت أنت …. ولا بلاش خلاص مفيش حاچة متشغلش بالك .
فهم ما ترمي إليه فأردف بتلاعب :- التُخان دول كدة شبه الكورة اللي بتتفطفط على الأرض .
توسعت عيناها على اخرهما، وتصلب جسدها فها هو أخبرها برأيه، شعرت بغصة مريرة بحلقها ورغبة قوية في البكاء، فنهضت لتغيب ترثي حالها بمفردها كما تفعل، ولكن يده حالت دون ذلك، فبلحظة وجدت نفسها تقبع على قدميه فتوهجت وجنتيها بحرج، بينما أردف هو بمكر :- بس حلوين قوي قوي .
قال ذلك ثم أقترب ينهل من رحيقها، الذي بات يدمنه من أول رشفة له، وطالب بالمزيد طمعًا لينال أكبر حصة من ذلك الرحيق، ليغرق معها وتصبح زوجته بالفعل .
★★★★★★★★★★★★★★★★★★★
تسير بالطرقة أثناء عودتها من عند والدتها، والتي كانت تساعدها بأعمال المنزل، لاحظت والدة زوجها تجلس بإرهاق ويبدو عليها التعب، تقدمت نحوها على عجل قائلة بحذر خشية أن ترفض وجودها وتقوم بإهانتها هي الأخرى :-
مالك يا عمة أنتِ زينة ؟
لم ترد عليها في بادئ الأمر، مما جعل فؤادها يخفق لما هو قادم، لتصيبها الدهشة عندما سمعتها تقول بخفوت :- مفيش حاچة يا بتي مصدعة شوية .
أردفت مسرعة :- هروح أعملك كوباية شاي تعدل راسك .
– وأعملي واحدة تانية معاكِ .
كان ذلك صوت نورا التي هتفت بتلك الجملة، وهي تجلس بجوار زوجة عمها وهي تنظر لها بسخط، كورت الأخرى يديها وكم تود لو تلكمها بها لكمة تطيح بها إياها من الوجود، لم يعرف قلبها الكره إلا معها تمقتها بكثرة وتغار أيضًا بأضعاف، لم ترد أن تحدث جلبة ومشاكل فيكفي ما هي فيه، إذ هزت رأسها بموافقة وأردفت بغيظ مكبوت :- حاضر
توجهت للمطبخ ثم عادت بعد دقائق وهي تحمل كوبان من الشاي، ويرافقهم آخر من الماء وضعتهم على الطاولة الصغيرة أمامها وما إن همت لتغادر هتفت نورا بصرامة :- أنا قولتلك أمشي أذنتلك بإكدة ! خليكي واقفة لحد ما أخلص عشان تاخديهم چوة .
كتمت غيظها بصعوبة وقد فاض بها الكيل من تصرفاتها المهينة في حقها، بينما نظرت أمينة لها باستنكار ولطريقة حديثها تلك التي تثير الغضب،
سكبت تلك الماكرة بعض الشاي على الأرضية فشهقت بتصنع قائلة :- وه الشاي اتدلق روحي هاتي حاچة نضفي بيها قبل ما توسخ باقي المكان .
تدخلت أمينة قائلة بلطف وحسن نية :- وه تنضف كيف يا نورا ؟ خلي حد تاني ينضف بدالها .
أردفت بازدراء :- ليه هي چديدة عليها ؟ ما هي شغلانتها ولا أنا قولت حاچة غير إكدة .
رددت بضيق :- دي مرت خالد يا نورا وفي مقام بتي .
طالعت زوجة عمها بكمد مكتوم، كيف لها أن تجعلها تجلس معهم وتتساوى بهم ؟ تدافع عنها بكل سخاء منها، أخذت تغلي كإناء أشعل عليه صاحبه وتركه لساعات، خرج صوتها لينهي ذلك الجدال القائم :- مفيش مشكلة هنضفه عادي .
توجهت للداخل وعادت بعد لحظات، ومعها أدوات التنظيف ثم جلست أرضًا وأخذت تنظف الأرضية بهدوء، بينما كانت نورا تتابعها بتشفي وهي تنظر لها بتعالي، ولم تستطع كبح جماح حقدها إذ فجأة نهضت وضغطت بحذائها على يد تلك المسكينة، التي صرخت بألم وهي تحاول نزع كف يدها من تحت قدمها فهتفت بدموع :- يدي يا نورا حرام عليكي
لم تتحرك قيد أنملة وإنما هتفت بغل :- عشان بس تعرفي انتي إهنة مش أكتر من خدامة وأوعاكي تنسي نفسك وتفكري حالك هانم وست بيت، اللعبة دي مسَّخت قوي وقريب قوي هيطلقك ويتچوز اللي تليق بيه وبمقامه .
نهضت أمينة بفزع وجذبت نورا قائلة بحدة :- وه أنتِ بتهببي إيه هتكسريلها يدها .
رددت بكره :- خليها تغور واصل خلينا نخلص منها، دي ضحكت على ولدك ولافت عليه كيف الحية .
أردفت بحدة :- ملكيش صالح بيها يا نورا هما أحرار ويا بعضهم .
أخذت تتطلع لها باحتدام عارم، ثم غادرت المكان بسرعة، بينما ضمت كفها برفق وهي تشعر بأنه تهشم، وانفجرت باكية بمرار وهي توبخ نفسها بأنها تستحق كل ذلك، فلو سمعت كلام والدتها منذ البداية لما لاقت ذلك المرار الذي تتجرعه يوميًا سواء على أيديهم أو يديه .
علي الجانب الآخر كان يقف خلف الجدار وقلبه يعتصر ألمًا لما شاهده منذ قليل، فها قد رأى بعينيه كل شئ فهي تعاني الويلات على يدها وليس العكس،
ضرب رأسه بيده بغضب وهو يتذكر كم مرة كان يقوم بضربها لأجل إرضاءها، ظنا منه أنها على حق ولكن ما رآه اليوم يعكس كل شئ إنها تتعرض للإهانة وتستقبل ذلك بالصمت و ذرف الدموع فقط دون أن تشكو بينما الأخرى تستخدم ذلك لصالحها وأنها هي المظلومة وبجدارة .
لم يعرف كيف يتصرف في الموقف ذاته فهو أبى أن يخرج في لحظة الموقف، فراقب والدته التي تقدمت منها وأخذت تتفحص يدها، لتخبرها بأنها على ما يرام وتفر للأعلى، وقف جامدا وهو يصارع ذاته التي كانت على وشك الدلوف و إنقاذ تلك المسكينة التي لا تستحق ذلك، فواحدة أخرى كانت على الأقل دفعتها بكل قوتها لتتخلص من الألم، وإنما تحملته دون أن تتطاول عليها لا باللفظ ولا باليد
فاق من شروده على اختفاءها عن بصره، فدلف يتحدث مع والدته ولم يخبرها عما رآه، وبعد ذلك نهض يصعد لها وهو يشعر بتضخم قلبه في موضعه، دلف للداخل فوجدها بوجهه فأسرع يقول :- انتي زينة ؟ يدك وچعاكي أشيعلك الدكتورة .
هزت رأسها بنفي قائلة بخفوت :- أنا زينة مش رايدة حاچة .
هم بأن يمسك يدها قائلاً :- طيب هاتي يدك وريهاني أشوفها . إلا أنها ضمتها لصدرها قائلة بخفوت :- لاه قولتلك زينة .
دلفت لغرفتهما ببطئ وهي تتساءل من أين له بمعرفة ما جرى ليدها، ثم حاولت نزع ثيابها لتغتسل ولكنها لم تستطع فحاولت باليد الأخرى .
ولج للغرفة فوجدها تصارع بيدها السليمة في نزع ثيابها وسط همهماتها الساخطة وانفعالها الزائد .
اقترب منها بهدوء قائلاً :- خليني أساعدك .
انتفضت بفزع أثر ولوجه المفاجئ الذي لم تنتبه له فلم ترد عليه وإنما توجهت للمرحاض لتكمل ما تفعله فكان الأسرع حينما قيدها بذراعيه قائلاً بحنو :- خليني أساعدك متبقاش راسك ناشفة .
هتفت بحدة ووجع :- هملني لحالي ملكش صالح بيا .
أردف بحنان و عبث :- وه كيف ماليش صالح مش مرتي إياك!
نظرت له بقهر وهتفت بألم :- طلقني يا خالد مش انت قولت هطلقني يلا طلقني مستني إيه؟!
شعر بنغزة قوية عندما تفوهت بتلك الكلمات وكم هو نادم لتفوهه بها في وقت سابق .
لم يجد سوى أن يحتويها عندما دفن وجهها في صدره و حاوطها بذراعيه قائلاً بهدوء وحنان :- لاه مش هطلقك يا وچد ومش هتهمليني واصل .
انفجرت باكية وهي تقول :- حرام عليك هملني لحالي أنا تعبت وفاض بيا .
أردف بندم وهو يمسد على خصلات شعرها :- حقك علي يا وچد متزعليش أنا خابر زين كيف هچيبلك حقك .
رفعت رأسها صوبه أردفت بصدمة :- انت…انت وعيت للي حصل ؟
هز رأسه قائلاً بضيق :- أيوة وعيت للي حصل وأنا محقوقلك أمسحيها فيا أنا المرة دي .
أردفت بمرار :- بس انت مصدقتنيش كنت بتصدقها هي وتلطش فيا أنا من غير ما توعى على الحقيقة أمي كان عنديها حق لما قالتلي أنكم مش من توبنا يا ريتني اسمعت كلامها مكانش چرالي اللي چرالي .
أردف بروية :- وه حديت إيه دة اللي بتقوليه دة عاد !
أردفت بوجع :- قبل ما يكون دة كلام أمك وإهانتها ليا كان كلامك انت اللي سميت بيه بدني .
أردف بتوتر :- دة قبل ما أعرفك زين اعذريني كنت فاكرك مزقوقة علي وإن في حد قالك تعملي إكدة وكمان …….
صمت قليلاً ثم أردف بحرج و خذي :- وقتها كنت رايد بت عمي فمكنتش واعي لحاچة تاني .
ابتعدت عنه ونظرت له بعينيها الرمادية التي تحول لونها إلى الأحمر وهتفت بعتاب :- يعني انت بطلت تحبها ! أهي چارك أهة هتعوز إيه أكتر من إكدة ؟
زفر بضيق وهتف بهدوء :- وچد هي خلاص طلعت من حساباتي دلوَّك دي بت عمي مش أكتر ولا أقل .
نظرت له و أردفت بأمل :- يعني انت مهتحبهاش دلوك؟
هتف بتأكيد :- أيوة مبحبهاش هي كيف أختي وبس أصل سمعت بنصيحة واحدة قالتلي” حبني أنا متحبهاش هي ” .
أردفت بغيرة واضحة وحدة :- واحدة تاني ! مين دي يا خالد هو أنا مش هخلص إياك اخلص من واحدة تطلعلي التانية ! دة إيه الغُلب دة يا ربي .
ضحك بخفة قائلًا :- يا هبلة بطلي چنان وإهدي هبابة .
دفعته بغضب وهمت بالمغادرة إلا أنه احتجزها بين ذراعيه والجدار من خلفها وأردف بعبث :- طيب مش تعرفي مين الواحدة دي ؟
هزت رأسها برفض قائلة بتذمر :- لاه معاوزاش اعرف حاچة بعد وهملني لحالي .
اقترب منها وهمس إلى جوار أذنها مما أسرى قشعريرة بداخلها فور قربه المهلك لها :- الواحدة دي اسمها وچد .
اتسعت عيناها بصدمة وهي تطالعه وكأنه تسأله بنظراتها هل هو جاد فيما يقول أم يعبث معها .
أومأ برأسه وقد قرأ ما يوجد بعينيها قائلاً بصدق :- أيوة أنا بتكلم صوح انتي من أول يوم چيتي فيه إهنة وفي حاچة چواتي إتشدتلك كنت بعاند نفسي وبنكر كل إحساس بحسه چارك ومعاكي كنت بقسى عليكي عشان ما أظهرش شوقي ولهفتي ليكي كان غروري مانعني عن حچات كتير بصيتلك من زاوية غلط ولما وعيتلك صوح ندمت على كل حاچة قولتهالك وعملتها أنا محقوقلك قوي يا وچد حقك علي . بقلم زكية محمد
هتفت بتيه :- وه وه الحديت دة كله ليا أنا!
ابتسم بحنو قائلاً :- أيوة ليكي انتي يا مخبولة هو في حد إهنة غيرنا !
هزت رأسها بنفي وهي تبتسم بخفوت وكأنها تعيش في حلم و ستصحو على ذلك الواقع المرير وهتفت :- أنا مش مصدقة حالي .
أردف بخبث:- تعالي وأنا أخليكي تصدقي .
وما هم أن يقترب أوقفته بيدها، وقد اعتقدت أنها مجرد حيلة للإيقاع بها كي ينال مبتغاه منها، ومن ثم يعرض عنها ويعاملها كما السابق، لا هي ليست لعبة بيده ليستغلها إلى هذا الحد، أردفت بحدة :- لاه بعد عني اللي في دماغك دة مش هيتم، أنا مش واحدة چايبها من الشارع ترضي مزاچك وبعدين ترميها .
نتأت عيناه بذهول من تفكيرها الاخرق، أهذا ما تظنه في قربه منها ؟ لا تعلم إنه يشعر بأنه تم محاسبته ودلف جنان عدن، نعم هذا ما يشعره جوارها وهي تأتي بكل بلاهة وترمي له بتلك الكلمات !
جذبها بقوة قائلًا بغيظ وهو يضغط بإصبعه على رأسها :- شيلي الهلاوس دي من دماغك، أنا عمري ما فكرت فيكِ بالطريقة دي .
لوت شدقيها بامتعاض قائلة بتهكم :- أنت هتقولي يا فلاتي يا أبو عين زايغة يا بتاع البنتة !
رمته بكلماتها التي بمثابة رصاص اخترق صدره، لم مصرة على أن توصله لحافة الكمد ؟
شعرت بفداحة ما نطقته، فور رؤيته لتحول عينيه التي تحمل شرارات من الغضب، أي مصيبة تلك التي زجت نفسها بها طواعية ؟
ردد بهدوء ما قبل العاصفة :- أيوة وايه تاني يا حرمي المصون ؟
اصطكت أسنانها بتوتر وأردفت بتلعثم وبلاهة :- لاه، لاه مش أنت … أنت دكتور مال وهدومك إكدة .
ابتسم بمكر وانتصار قائلًا بخبث :- أيوة إكدة چيبي ورا، وبما إني بتاع بنات فأنا هوريكِ زين بتاع البنتة دة هيعمل إيه .
ما إن فهمت الحديث المبطن الذي مرره، حاولت الهرب إلا أنه حاصرها بذراعيه قائلًا :- هتروحي مني وين ؟ أنتِ خلاص بقيتي تحت يدي .
أردفت بحزن يجثو فوق صدرها كجبال الهيمالايا :- بس أنت مبتحبنيش يا خالد، أنت بتحبها هي نورا .
رمقها بصدمة لتكمل حديثها الذي أحدث شق بضلعه الأيمن :- في الليلة إياها كنت مفكرني هي وأنا كيف الهبلة صدقت حديتك أتاري كان لواحدة تاني .
طالعها كالمذنب وبخزي من افعاله، ابتعدت هي برفق قائلة بحذر :- خالد أنا رايدة وقت أبعد فيه، رايدة ألملم چرحي منك اللي لسة لحد دلوك ما طابش، صدقني مهما قولت دلوك مهصدقش ولا كلمة منك، مش يمكن تكون شارب المدعوك دة تاني !
اعتصر عينيه بعنف وردد بحدة :- أنا مبتنيلش بشرب، هي مرة وكانت غلطة ومهتتكررش واصل، وإن كان على الوقت خدي الوقت اللي أنتِ ريداه، مش خالد اللي يفرض روحه على واحدة .
قال ذلك ثم انصرف وأعاصير الاحتداد تلاحقه من حديثها، والذي كان بمثابة دلو قام بغسل عينيه لتتضح له مجريات الأمور، والتي كان أعمى البصر فيها، هي محقة تريد أن تشعر بأن قربه منها نابع عن الحب الذي لم يقدمه لها يومًا، لذا قرر أن يمنحها ذلك الحب الذي تتوق له، وأن يطلق لقلبه العنان في إظهار ذلك العشق الذي بدأ ينمو في حدائق فؤاده المنيعة، والتي بالفعل لم تنجح أنثى في اختراق جدرانها، عدا هي دلفت وزرعت نبتة حبها لتكبر يومًا بعد يوم، لتمد جزورها بعدها وتصبح متينة صعب بترها .
★★★★★★★★★★★★★
في منتصف الليل في سفح الجبل، حيث تعمل أيادي خبيثة على العبث وتضليل عقول شباب فتغيبهم، وتسحب طاقتهم وتلقي بهم في دائرة الخطر .
أثناء عملية التبادل اقتحمت الشرطة المكان، وتبادل الطرفان إطلاق النار، فأمست السماء المظلمة تنير بالأعيرة النارية ، كر وفر، أجساد تسقط ألقت حتفها، وأخرى تصارع الموت، وقد كان ما كان ……..

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وجلا الليل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *